عرض مشاركة واحدة
  #56  
قديم 02-20-2008, 01:18 PM
 
رد: منة الرحمن في نصيحة الإخوان

(12)


ثانياً: في الاتباع ومناهج الاستدلال

قال تعالى:
}وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا{ [الحشر: من الآية7].

وقال:
}وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً
أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً{[الأحزاب:36].

وقال:
}النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ{
[الأحزاب: من الآية6].

وقال: }وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا{ [النور: من الآية54].

فحب رسول اللهe وتوقيره واتباعه من أعظم واجبات الدين
بعد التوحيد, بل لا يصح التوحيد أصلاً إلا باتباعه والإيمان
به ومحبته, ومحبته واجبة فوق محبة الأهل والمال والولد
والنفس,
"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"
رواه البخاري (15/1/75) الإيمان، ومسلم (44/2/20) الإيمان.

ويجب تقديم قول النبيe على قول كل أحد, وهديه على
هدي كل أحد,
قال ابن عباس رضي الله عنهما لعروة:
"يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء, أقول لكم قال رسول اللهe وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟!".

· واتباع السنة واجب في الأصول والفروع, وفي العقيدة والعمل, وفي الظاهر والباطن لعموم الأدلة وإجماع الأمة
, قال الشافعي: "أجمع العلماء على أن من استبانت له السنة
لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس" ومن فرق الدين
فجعل بعض مسائله يرجع فيها للسنة وبعضها لا يلزم, أو
زادت جرأته حتى قال عنها: تافهة, فقد ضل وخالف
الإجماع.

ومن مقتضى هذه الأدلة في طاعة الرسولe يجب تقديم
الحديث الصحيح على العقل إذا خالفه,
ونعني ب (تقديم النقل على العقل) تقديم النقل الصحيح
على العقل المخطئ, فالعقل يخطئ ويصيب, والشرع لا يأتي
بما يناقض العقول, ولكن بما لا تعلمه العقول, والعقل
الصريح يوافق النقل الصحيح.

· ويجب تقديم الحديث على الرأي, والقياس, والعرف, والمصلحة المرسلة, وأقوال العلماء, وإمام المذهب, وعمل بعض الأئمة.
وأهل السنة لا يختلفون في ذلك كأصل وإنما يقع خلافهم في
تطبيقه كثبوت الحديث صحة وضعفاً, وعمومه أو
خصوصه, وإطلاقه أو تقييده, لكن لا يقدم عند أحد منهم
قول أحد على قول النبيe وكلهم قال: "إن صح الحديث فهو مذهبي" أو نحوها.

· والتعصب المذهبي مذموم
لم يعرف عن القرون الثلاثة الأولى،
ونعني به: أن يتمسك بالمذهب بعد وضوح السنة في خلافه,
وأما التعلم من كتب المذاهب مع الالتزام بأصل الاتباع,
فعليه جرى عمل الأئمة والعلماء فالمذهب جائز وليس بلازم
وجوازه مشروط بعدم التعصب.

· والسنة وحي من عند الله
, قال تعالى: }وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ
مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً{
[النساء: من الآية113].

ولذا لا يجوز الاستغناء عنها بزعم الاكتفاء بالقرآن، بل من
علم القرآن وجد فيه السنة:
}وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا{
[الحشر: من الآية7
وهي تبين القرآن:
}وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ{
[النحل: من الآية44].
ويستحيل تعارض القرآن مع السنة الصحيحة كما لا
تتعارض السنة مع السنة بغير إمكان الجمع بتخصيص أو
تقييد أو نسخ أو غير ذلك.
والكتاب والسنة بمنزلة واحدة من جهة التشريع،
وإن كان القرآن يقدم تشريفاً وتعظيماً وفضلاً,
فهو كلام الله.
وتفسير القرآن
: بالقرآن, ثم بالسنة, ثم بأقوال الصحابةy, ثم بأقوال
التابعين, ثم بعد ذلك بما تحتمله اللغة العربية مع رد
التأويلات الكلامية, وبهذا يتحقق فهم الكتاب والسنة بفهم
أعلم الناس بالكتاب والسنة (السلف الصالح).

· ومصادر أدلة الأحكام: الكتاب والسنة والإجماع والقياس
, وهذه متفق عليها عند أهل السنة, وما سوى ذلك فمحل
اجتهاد بينهم, مثل: قول الصحابي, والمصالح المرسلة,
والاستصحاب وغيرها.

والبدع كلها مذمومة يجب حربها,
إذ هي سبب تفرق الأمة:
"وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
رواه مسلم (867/6/219) الجمعة.

وسواء كانت هذه البدع في العقيدة, كبدع الجهمية،
والمعتزلة, والخوارج, والشيعة, والمرجئة, والجبرية, والقدرية,
أو في العبادات: كالأذكار المبتدعة, والصلوات المبتدعة,
أو في المعاملات: كتأسيس القواعد المخالفة للسنة:
"ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل"
.رواه البخاري (2168/4/440) البيوع.

وسواء كانت بدعة حقيقية: وهي ما ليس له أصل في الدين,
أو إضافية: وهي ما له أصل في الدين,
والبدع كلها مذمومة الحقيقية منها والإضافية, فكل ذلك داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم:
"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد،
رواه البخاري (2697/5/355) الصلح، ومسلم (8/17)، وأبو داود (4606/3/118) السنة، وابن ماجه (14/1/22) المقدمة، وأحمد (6/73، 240، 270)، والطيالسي (1422)، وابن أبي عاصم في السنة (52، 53)، والبيهقي (10/119)، وفي الإرواء (88/1/89).


وإن كان بعضه أشد خطراً من بعض.

وما كان من خلاف بين أهل العلم في هذا الباب فكسائر
مسائل الخلاف يجب رد النزاع إلى الكتاب والسنة وإجماع
سلف الأمة.

__________________
كل خير في اتباع من سلف
وكل شر في ابتداع من خلف
رد مع اقتباس