عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-25-2015, 03:23 PM
 
مذكرات طفلة في الأربعين....!!!

مذكرات طفلة في الأربعين



في هذه الزاوية غير الضيقة من الحياة.. تستدعي طفولتها على الورق، تفتح صندوق ذكرياتها الذي يعلوه الغبار ويسكنه الألم، ما تَكتبه ليست ثرثرة، بل محاولة
شفاء قلب طفلة في الأربعين!

حينها أدركت من تكون!
تربَّت في بيت تملؤه القسوة، تفوح منه رائحة الغضب، تستيقظ على الصراخ والشتائم، تنام في خوف على أمل أن يكون الغد أقلَّ بؤسًا من الأمس.

أمنية.. طفلة تبلغ من العمر أربعة أعوام، لم تنعم قطُّ بطفولة حقيقية، نشأت في عائلة لم تكن غير مستقرَّة، ليس هذا فقط، بل تعاني من مشكلات حقيقية مع الذات، وعدم تقدير نعمة الذرية، الجميع في هذا المكان الذي يُطلق عليه "منزل"، يَصرُخ غاضبًا وهي لا تعلم لماذا؟ لذا كانت تعتقد أنه أمر يَفعله الكبار عادة، بل يُسمَح لهم بممارسة سلطتهم بكل عنْف، خاصة مع الصغار!

تعيش مع أمِّها وإخوتها في المنزل، أما الأب فكان يَمتلك منزلاً آخرَ، لذا هي تراه بين فترة وأخرى، لا تشعر بشيء تجاهه، كانت تُجبَر وإخوتها على الذهاب معه وسط تهديدات الأم له بإرجاعهم في الوقت المحدَّد، كانت تُحاول استيعاب سبب وجود هذا الرجل الذي يقالُ: "إنه والدها"، في منزل آخر مع امرأة أخرى وأطفال آخرين هم إخوتها أيضًا!

الأمر الذي ما زالت تَذكره أمنية أنها كانت تميِّز منزل والدها بأرضية البلاط المغطَّاة باللون الأبيض والأسود، الذي كانت تَكرهه بشدة، بمجرد أن تستيقظ وترى تلك الألوان تعلم أنها ليسَتْ في منزلهم الحقيقي فتَبدأ بالبكاء من شدَّة الخوف، كانت تستيقظ وتغلق عينيها بسرعة، وتبدأ بالدعاء أن ترى سجادة منزلهم الملوَّنة وتسمع صراخ أمِّها، بدل المكان الموحش الذي يعيش فيه والدها.

بدأت تسمع كلمةً تتردَّد باستمرار في منزلهم: طلاق، امرأة مطلَّقة، محاكم... وكانت والدتها دائمًا تردِّد عليهم: إن اضْطُررْتُم للذهاب للمحكَمة وخيَّروكم بيني وبين والدكم فقولوا: نريد العيش مع والدتنا، حفظت أمنية الدرس جيدًا، وكبرت وهي مستعدة لهذا اليوم، ولأن الجميع مِن حولها كان يعاني مشكلات مُشابهة؛ كانت تعتقد أن الطبيعي أن يكون لدى كل أسرة منزلان، وأن كلمة طلاق تعني رجلاً وامرأة متزوِّجَينِ، ويعيشان في منزلين!

حين دخلت المدرسة كانت تعاني من عدم وجود شخص كبير يهتمُّ بتعليمها، فاضطرَّت أن تَعتمِد على ذاتها في استيعاب دروسها دون مساعدة الأم لأنَّها أُميَّة، والأب لأنه غير موجود معهم.

في سنِّ التاسعة، في المرحلة الابتدائية، دخلت المُشرفة الإدارية الصفَّ الذي تدرس فيه أمنية، ولم يكن لديهم أي معلِّمة، الفوضى كانت تعم المكان، أمرت الطالبات بالهدوء لتستطيع التحدُّث لم يعرْنَها انتباهًا، فجأة صرخت بصوت عالٍ: بنات.. من منكنَّ والداها مطلَّقان؟
أمنية - لا شعوريًّا - وبكلِّ حماس، والابتسامة ترتسم على وجهها البريء، رفعت يدَها فوقُ لتراها المشرفة.

عمَّ الهدوء الفصل وكأن المكان تحوَّل إلى مشهد صامت، استدارت أمنية لترى زميلاتها وهي على يقين أنهنَّ متشابهات، رأت تلك النظرة في أعينهنَّ جميعًا، كانت المفاجأة أنها الوحيدة التي ترفع يدها في الفصل! وما زالت تلك النظرة تلاحقها في كل اتجاه في الفصل!

دهشة مُزجت بشفقة وحزن.
في ذلك اليوم، في تلك اللحظة التي توقَّف فيها الزمن، انحدرت دمعة ساخنة على وجنتَيْها، عرفت بطريقة غير مناسبة أنها مختلفة، أدركت أن الطلاق لا يعني أسرة، بل أفرادًا مشتَّتِين كبارًا وصغارًا، وأن الحياة الطبيعية لا يُفترض أن تكون كما تعيش هي، أدركت تلك الحقيقة التي لم تتهيَّأ لها يومًا، أمر مُؤسِف أن تَشعُر طفلة في سنِّها بكل هذا الألم والخوف في ذات الوقت، بل ليس من الإنصاف أن تُدرك هذه الحقيقة المؤلمة أمام أشخاص لا تقوى على التعبير عن ألمها أمامهم.

كبرت أمنية، ظلَّت طفولتها حبيسة في الداخل، اتَّخذت قرارًا - دون أن تَشعُر - أن تجنِّب نفسها خوض تجربة منزلين، مرَّت السنوات سريعًا، واليوم أصبحت: طفلة في الأربعين!

كم من عائلة ساعدت أبناءها على تخطِّي أزمة الطلاق؟ الطلاق يَحدُث، ومِن حقِّ الأزواج الاختيار، ولكن أليس من الواجب تهيئة الأبناء لهذا الظرف الصعب بشكل مناسب قبل خوضهم معترك الحياة؟! ولماذا على الأم والأب أن يُحوّلا المنزل إلى حلبة مصارعة بسبب الطلاق؟! لمَ لا نرى طلاقًا متحضِّرًا في مجتمعاتنا العربية؟! وهذا ما يَستدعي من الآباء الاهتمام المضاعَف بالأبناء، وتفهُّم احتياجاتهم أكثرَ خلال هذه المرحلة من حياتهم، ليت الآباء والأمهات يعون أنَّ الطلاق ليس فقط تشتُّتَ الأبناء وحرمانهم مِن أبسط حقوقهم: "الشعور بالأمان"، بل هو ألم بَشِع!

متى يعون أن ذلك الجرح مهما كبروا سيُرافقهم مدى الحياة؟!












م\ن






__________________
إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " !