الموضوع: بدون عنوان
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-05-2008, 05:00 AM
 
بدون عنوان

شاء حظه العاثر أن تتعطل سيارته قرب هذه القرية

وسط الصحراء , حمد الله كثيراً , لكن علامات التعجب لم تزل

بادية علي وجهه التعب ,والأسئلة تلح عليه ما هذه القرية العجيبة ؟

وكيف وجدت في هذا المكان الموحش ؟ ولكن الإجابات تعطلت هي

الأخرى وبات في حاجه ماسة لإصلاح سيارته والإجابة عن تساؤلاته .

حمل تعبه وأسئلته ودخل القرية , ولكن حيرته ازدادت جنوناً , فكانت

القرية خاوية علي عروشها , لا يجد سوي ضباب كثيف

يلف المكان , تحجب الرؤية عنه , نعيق البوم يزيد من

حالة الغموض , منازل متقنة البناء تدل علي ثراء فاحش ,رائحة

الموت تزكم الأنوف,الفئران تجري هنا وهناك تعبث بحرية

كأنها أصحاب الدار !! .

أخذ يجوب القرية وتناسي تعبه وإرهاقه , الحوانيت كلها مفتوحة

علي مصراعيها , كان في أمس الحاجة ليروي ظمأه , تسلل إلي

إحداها وأخذ كل ما يحتاجه بسهولة , بدء يضحك بصوت عال

عله يلفت الأنظار إليه , تحول ضحكه رويداً رويداً إلي صراخ , لكن دون

جدوى .

بدء في الجري بسرعة كبيرة يحاول الخروج من هذه القرية , ولكن

ضاعت كل المعالم ,اختفت المنازل والحوانيت , وتحولت إلي أشباه

بشر ينظرون إليه نظرات لا معني لها , خلت من معاني الحياة , حتى

هو لم يعد قادراً علي الصراخ , كأنما ابتلع لسانه , ضاعت منه مفردات

الكلام وكأنما عاد طفلاً صغيراً .

شعر بأنه يعرفهم وهم يعرفونه جيداً – هكذا خيل له من نظرات

الشفقة التي يرمقونه بها – أيعقل أن يكون قابلهم في حياة أخري !!

وما سر هذا التعاطف الصامت ؟ لماذا لا يمد أحدهم له بيد العون ؟

بدء يحبو ببطء شديد عندما تراءي له وميض من نور , تهللت أساريره ,

لكن سرعان ما اختفت تحت وابل من الإحباط واليأس , كانت مقابر !! .

ويا ل شدة الصدمة وجد اسمه مكتوباً علي شاهد إحداها , ومدون

عليه تاريخ الوفاة .. اليوم!!

انفتح القبر وابتلعته الرمال وهو يقاوم بشدة والجاذبية الأرضية

لا تأبه لتلك المقاومة , تجمع أهل القرية حول قبره يرمقونه بنظراتهم

الصامتة , ينثرون الورود ويتمتمون بكلمات الرثاء بدء اليأس يدب

في أوصاله , وكأنه ارتضي بالأمر الواقع وبدء ينطق الشهادتين , ولكن

طفلة صغيرة اندفعت من بين الجموع واقتربت منه وعلي فمها الصغير

ابتسامة , حار كثيراً في تفسير معناها , لكنه أغمض عينيه

وأخيراً شعر ببعض الراحة .