عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-23-2015, 01:38 AM
 
" سوارين "

في يوم عاصف .. ممطر .. بارد .. حزين
في ذلك المشفي .. وتحديداً في ذلك القسم المكتوب عليه قسم العمليات
بعد مرور ساعتين تقريباً
خرج الطبيب من تلك الغرفة .. التي توحي بأن الذي يدخل لن ....!
لن يخرج منها أبداً
اتي الي ذلك الهرم ... اقصد الطبيب ..
وقفت اليه وفي قلبي امل كبير ..
امل ان اخرج انا وابي من هذا المكان المقرف..
لاكني رايت علي وجه الطبيب الهرم ملامح توحي بأن كل شئ انتهئ..!!
أجل ..كزجاج تحطم بسبب رمي الأحجار عليه .. عبثاً. .!
كان يمشي بتلك الخطوات البطيئة الهادئة..!!
وكأنه مرغم بأن يأتي الي ..
اللعنة .. لما لايسرع في خطواته بما ان اقدامه طويلة..!!
كانت علي ملامحه اليائس والحزن..!!
وقد كان يمشي ببطئ ... الي ان نفذ صبري..
ركضت نحوه وسألته .. كنت متلهفة للاجابه..!!
قلت له " هل نجحت العملية ..!! "
كنت اتطلع الي امل كبير ..
لاكنه صدمني باجابته تلك ..!! فقد اوماء بلنفي قاصداً لا لم تنجح..!!
اتسعت عيناي واصبحت الدموع تذرف من عيناي ..
فتحت فمي بأقصى درجه ..
شعرت برعشه تجري في انحاء جسدي ..!!
شعور لا تصفه الحروف الثمانية والعشرون ان تعبره ..!!
وقفت عاجزة عن قول اي شئ ..
الي .. الي ان فقدت وعي .. وسقطت جثة هامدة لا حراك لها ..!!
#*#
في احدي غرف المشفي .. كنت مستلقية علي سرير ابيض..
جسدي سجين لتلك الاجهزة .. وكانت احدي ذراعاي مقيدة بذلك الانبوب..
وفوقه كيس مملوء بسائل لا اعرفه ..!!
وأخيراً استطعت فتح عيناي ..
كنت افتحها ببطئ .. خائفه ..
خائفه ما الذي سأره من دون ابي..
فتحت عيناي .. نهضت بقوة .. وكأن عقرب قد لسعني..!!
رايت تلك الممرضة .. كانت علامات الخوف بادية علي وجهها..!!
لا ادري اذا كانت خائف مني او علي..
نظرت اليها وسألتها " المعذرة يا انسة .. لكن لما انا هنا..!! "
قالت لي " لقد اغشي عليك .."
عندما قالت هذه الجملة .. تذكرت ان ابي هنا ..!!
نزعت ذلك الانبوب ونهضت من السرير .. وذهبت نحو الباب لكن استوقفني صوت الممرضة
نظرت اليها ......
كانت تريد ان تقول " توقفي وارجعي لمكانك .."
لاكنني خرجت قبل ان تنطق بتلك الكلمات ..
كنت اركض في ذلك الممر الطويل .. وانا مرتدية زي المريض..حافيه القدمين
الي ان صادفني ذلك الطبيب العجوز .. فصحت له بأعلي صوتي
" انتظر ايها الهر...م اقصد الطبيب ..."
كاد لساني اللعين ان يوقعني في ورطة..!!
توقف ذلك الطبيب ونظر الي .. كان مرتدي زي العماليات .. كانه يريد ان يرتكب نفس الخطاء ثانية..!!
قال لي " أخيرا استيقظت انسة سوارين .."
قلت له بدون اي مقدمات " ايها الطبيب .. ما الذي حدث لابي .. ارجوك قل انك كنت تمزح معي ..!! "
قال الطبيب وهو متعجب " مزحة ...!! "
قلت له وانا اتصنع الابتسام " اجل مزحة .. اعلم ان العجزة مزاحهم من العيار الثقيل مثلك انت تماماً ..!! "
بدء علي وجه الطبيب بعض الغضب .. اه ايها اللسان اللعين متي تكف عن ايقاعي في المشاكل
فقال الطبيب وكأن شيئا لم يكن " انا اسف انسة سوارين لكن .. والدك قد فارق الحياء "
شعرت بتلك الرعشة ثانية وبعدها اكمل الطبيب كلامه
" كان والدك مصاب بفيروس غريب ..ولهذا لم نستطع إنقاذ حياته.. يبدو انه كان يعلم بذلك فقد اعطاني هذه الورقة قبل ان ننجز العملية ..!! "
كنت في حالة صدمة لم اسمع من الطبيب سوي .. والدك قد فارق الحياة. .
كانت هذه الكلمات تتردد في ذهني مراراً وتكراراً. .
لكني استفقت من تلك الصدمة عندما كان الطبيب يردد اسمي
" هل انتي بخير يا انسة ..!! "
قلت له " هاه .. نعم .. ربما .. لا ادري .."
كان جوابي غبي .. بلطبع ماذا تتوقعون من ذكية مثلي ..بتأكيد لن اعترف بأني غبية ..مهما كانت الأسباب لان لدي كرامة مع ذاتي اكبر مما تتوقعون
عندما نطقت بجوابي الغير منطقي .. نظر الي الطبيب نظرة غريبة .. ثم وضع يده في جيبه واعطاني ورقه..!!
لكن قبل ان اخذها سالته " ما هذه الورقة ...! "
قال لي " انها الورقة التي اعطاني ايها والدك..!! "
قلت له وعلامات الاستفهام تتراقص فوق رأسي
" هل تقصد انها وصية...!! "
قال " اجل .."
بعد أن انهي حديثه وضع الورقة في يدي وذهب لغرفة العماليات. .
ولكن قبل ان يذهب قال لي " استمحيك عذرا .. ولكن علي الذهاب .. اذا اردتي الخروج فتوجهي نحو مكتبي وانتظريني هناك.. "
قلت " حسنا ... "
بعد هذا الحوار توجهت نحو مكتب الطبيب وانا شاردة الذهن ..بتأكيد كنت افكر كيف اعيش واحصل علي لقمة عيشي .. فأنا لازلت صغيرة ..حتي انني لم اكمل السنة العشرين من عمري..
وفي طريقي .. وجدت فتاة صغيرة تبدو في السادسة من عمرها ..
كانت تبكي بحرقة ذهبت اليها وقلت لها وانا امسح علي شعرها البني الناعم..
" لما تبكين يا صغيرتي .."
قالت لي وهي تفرك عينيها من شدة بكائها
" لقد ضعت ...!!"

الخاتمة
__________________
أنـا ظـل..
لكن كلما زاد الضوء ، أصبحت أكثر قتامـة
وكلما برز الضوء ، أُصبح أكثر قتـامة
أنـا ظـل ضوئـك

كاتبــة دولة أسبـرطة - رينيس