عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 01-05-2015, 11:37 PM
 

السلام عليكم
تكماة البراءة الاولى

افرغت غضبها بهذه التي تقول انها أسفة لحالها كل الاسف لكنها مجبرة ان تأكل لإنها تحتاج الى الطاقة لمواصلة العيش ،،
إن كانت بالفعل اسفة عليها أن تصمــت !
فهي لن تشعر احدا بالشفقة على حالها ،، هي قوية ، و صامدة و عليهم ان يفهموا هذا الأمر جيدا

لكنها لن تأكل شيئا ،، و هذا الامر يعود اليها ،، فلن تضرهم بشئ وهي تصوم الطعام و الشراب !

سمعـت صوت رافقها كثيرا هذه الايام : حبيبتي ليــن خلص لتاكلين ،، بس قوومي غسلي وجهج و توضي و تعالي نقره قرآن اني وياج ،، مو أحسن من هالبجي ؟!


ابتلعت ريقها بخفة ،، استقامت في وقفتها ببطئ و كانت على وشك السقوط لولا انها أمسكت بيد هذه المرأة الحنون الغير دارية عما فعلته هي بـ إبنها !
فلا احد يعلم غير اخاها و اخته !

ساعدتها ام عمر لكي تتحرك مغادرة المجلس النسائي المزدحم بالعديد من نساء الحي و نسـآء الاقارب اللاتي لا ينفكن عن النحيب و اللطم على الوجوه و كأن هذا الأمر سيعيده حيا يرزق
او كأنه اقرب لهم من اهله !
يال المظاهر !


نقلت نظراتها بتعب في المنزل الكبير وهي تشعر بالأسى حياله ، كل شئ مقلوب رأسا على عقب ،
لا شئ في مكانه .. و لا تعلم بالضبط كيف سيعود كل شئ كما كان ،، هذا إن عاد !

تقدمت بإتجاهها اخته ،، ملك ،، التي تنظر لها بشئ من الشفقة متناسية كل الخلافات بينهما ،
مدت يدها بالهاتف المحمول نحو والدتها وهي تقول بهدوء : ماما ،، عمر يريدج ؛


خطفت نظرة سريعة للهاتف الذي اصبح الآن بيد والدته ،، السيدة الطيبة ،، و سمعتها وهي تطلب من إبنتها ان تسـآعدها في الذهاب الى الحمام !



بانت نظرة الاستياء بعيني ملك ،، ثم اخفتها بسرعة رهيبة ،،
لكنها لم تفت لينـآ التي تحركت بمفردها قائلة بحدة مبالغ فيها : ما احتــآج مساعدة !


كانت على يقين بإنها كاذبة ؛
فـ هي لا تستطيع الوقوف بسبب قلة التغذية ،، بل لا تستطع التركيز بما حولها ؛
و هذا ما جعلها تثبت لـ ثواني في مكانها و هي تمد بيدها ناحية الجدار لتستند عليه لكنها لم تستطع ان تصله ،،
فإنزلقت يدها بسرعة و سقـطت ارضا من غير ان تشعر بأي شئ أخـر حولها ،، حتى الأصوات إختفت .. لا تحس بأي شئ !

يا الهي ،، أهكذا يكون الموت ؟!
انها تشعر بالبرودة ،، نعم اطرافها بـآردة ،، و جسدها خفيف
ماهذا ؟!
تشعر بشئ من السكينة التي فارقتها منذ ايآم ؛
ياله من شعور رائع !

لحظة ،، ماهذا الذي على وجهها ،، هل هو ماء ام دموع ؟!
انه بارد جدا !
بارد لدرجة جعلتها تنتفض و هي تفتح عينيها من جديد .. بدأ شعور الاحتراق يسيطر على مقلتيها بسبب قطرات الماء التي دخلت فيهما ؛

اغلقتها من جديد وهي تكشر بملامح وجهها بتيه ،، وصل مسامعها اصوات الجميع حولها تتداخل فيما بينها و شعرت بأكثر من زوجين من الأيادي تحاول رفعها عن الارض !
ها نحن ذا .. اذن هي حتى الآن على قيد الحياة
ما دامت تشعر بكل شي فـ هي لم تمت بعد ،، لم تذهب الى حيث يوجد والداها الأعزاء !

هي ليست بذلك الثقل ،، اذن لم لا يستطعن حملها ؟!
هل باتت سمينة الى هذه الدرجة ؟!
أم انهن لا يمتلكن القوة الكافية لحمل فتاة لا تستطع مساعدة نفسها قليلا ؛


لحظة .. ما هذا !
كيف رفعت فجأة بهذه الخفة ،، إذن لقد استمدوا القوة و نجحوا في حملها !
لا .. يبدو ان من حملها هو شخص واحد .. و كبيـر !!

فما تشعر به هو ذراعان قوية احداهما تحت ركبتيها و الاخرى خلف ظهرها !
تجمـد الشعور عندها و كانت على وشك الاغماء مرة اخرة عندما سمعت صوته الرجولي و هو يصرخ بإخته الصغرى : ميييس بســرعة فتحيلي باب الغرفة !!



اصابتها رعشة مستميتة وهي تقلص جسدها على قدر المستطاع ،، كيف أتى ؟!
ومن سمح له بالتجاوز لهذه الدرجة ؟!
من سمح له بحملها ؟!
الحقييييير ،، استغل الموقف !

فجأة شعرت بجسدها يهدأ على مفرش ناعم ،، تداخلت الاصوات من جديد و هي استسلمت لنفس اليدين التي بدأت هذه المرة تعديل وضعيتها على السرير
شعرت بـ قوة كهربائية تسري في شرايينها إثر ما سمعته من كلام حولها " خلـــص عمر يوم هاهية اطلع ،، هسة بلكت " عسى " نقعدها و ننطيها شوية مي و شكر " سكر "



عمـــر ؟!
بالتأكيـد إنه عمر ،، لكنها لم ترد ان تصدق ما تفكر به ،، وهاهي الآن عليها ان تتعايش مع الوضع ؛
وصل سمعها صوته البآرد وهو يقول بشدة : طبعا رح تتخربط اذا صارلها 3 ايام كلشي مماكله ولا شاربه ،، حتى علي هم احسن على الاقل حط له لقمه بحلكه " فمه "




لتقل والدته من جديد و لم يخفى عنها اوردة ولدها التي برزت في عنقه المتضرج بالإحمرار : كافي يوم لتصير عصبي ولتلومها ،، شتريدها تسوي ؟ اخوها و كتلوه قدام عينها شلون تريدها تاكل ، ياللا اطلـ ـ ـ...!



قاطعها بنفس الحدة و هو يتحرك بغرفة والدها نحو الثلاجة الصغيرة و كأنه على ثقة بإنه سيجد ظالته هنا : هسة " الآن " انطيها مغذي و اطلع !



والدته استنكرت وهي تنقل نظراتها لهذه الممدة على السرير بجانبها احدى عماتها التي قالت برفض : وانت تعرف تحط لها مغذي ؟ .. روح صيح " نادي " أبو عمار جوارينكم هوه مضمد " معاون طبيب " و يعرف !



زفر بغضب و قال من غير ان ينقل نظراته لها .. كان مشغول بتحضير المغذي : اني دارس 4 سنين طب و اعرف شدا اسوي !!




تغضن جبين العمة بإنزعاج حقيقي و تمتمت بكلام غير مسموع سوى لتلك الممدة بالقرب منها والتي مازالت جملته ترن في عقلها !

اذن حتى الان يهتم لإمرها هذا الـ " عمر " ..!
حتى انه يتابع ادق اخبارها ،، كم تكرهه .. !
ولـكن لحظة ...
ماذا تقصد والدته بقولها " اخوها " ،، يا الهي .. رحمتك ،، هل ذاكرتها تخبرها الحقيقة ام ماذا..؟!




بحركات سريعة استطاع عمر تحضير كل شئ بتمرس و مهارة بسيطة ،،
كان يشعر بقلبه يكاد ان ينفجر من شدة التوتر و الرعب عليها !
لم ينفك ان يقلق بعد ان سمع صرخة والدته في الهاتف مستنجدة به بعد ان رأتها تسقط امامها بكل ارهاق !

و بإعتباره اقرب صـديق لعلي ،، و اخ كبير لمصطفى " المرحوم " فكان معتادا على الدخول لهذا المنزل سابقا
فلم يجد صعوبة في الولوج مباشرة الى حديقة المنزل ثم الى المطبخ بعد ان صرخ لإعطاء النساء فرصة لفتح طريق لمروره !

نعم لقد اخفق !


كل مرة يقول إنه لن يبين لها ما يشعر ،، و هاهو الآن يشتعل نارا خوفا من فقدانها ،
لم يرها منذ الليلة المشؤمة .. ليلة إستشهاد والدها ،، و قد صدم الآن من مظهرها الذابل و هي مستلقية على الارض بلا حراك و والدته و امرأة اخرى تحاولان حملها !

عندما تقدم افسحتا له المجال حتى يبدأ بعمله المتوجب عليه ؛
لا يعلم مالذي عليه ان يفعل !
إنه مشوش .. مشوش جدا !


اكمل تحضيره للمغدي تساعده بذلك ميس التي تشعر بقلبها يكاد ينزلق من بين ظلوعها من هول الموقف ؛
صوت النساء و توافدهم الى الغرفة و انواع الصراخ و النحيب قد ذكرها بموقف لا ينسى ،، منذ سنين ثلاثة .. عندما فقدوا والدهم على يد القوات الأمريكية ،
هذه الامور اصبحت ملازمة لكل عائلة عراقية ،، فلم يسلم منها غني او فقير !


عمة لينا رفعت كم قميص ابنة اخيها المرحوم و مسكت ذراعها بقوة خفيفة تسمح لـ عمر ان يزرقها بالإبرة اولا ؛
الا انه قال بشئ من التوتر لم يلحظه احد : بله زحمة عليج ايـدج شوية !


إبعدت يدها و استقامت واقفه لتسمح له بالعمل الحر وهي غير راضية بتاتا عن الوضع ،، هذه العائلة تتصرف و كأن المنزل لهم ،، و كأنهم من باقي افراد العائلة !

و المشكلة الاكبر هو تعلق لينا الشبه خفي بـ والدة هذا المغرور ،، فهذا ما اتاح لهم فرصة السيطرة اكثر !

عندما ابتعدت تلك المرأة اخذ مكانها وهو يجلس بهدوء ،، اعطى الابرة لأخته و رفع ذراع لينـآ و احس برجفتها السريعة ،، اذن هي واعية لما يحدث ،، تبا .. سيواجه مشكلة حقيقية لو كانت حتى الآن تخاف زرق الابر !
بإهتمام ربط الشريط حول زندها ليضغط عليه مانعا تدفق الدم لذراعها و مبينا لـ اوردتها بشكل اوضح !

اخذ الابرة من يد اخته و انتبه لحركتها السريعة وهي تفتح عينيها و تحاول ان تسحب ذراعها منه بخوف واضح و وجهها يحمل كل معاني الالم والارهاق : وخـ ـ ـر .. مـ ـآ أريـ ـ ـد




نعم هذه لينا التي يعرف ،
عنيدة متكبرة ،، باردة واحيانا عصبية ..!
لكنها رغم كل شئ طفلة قلبه التي يعشق كل التفاصيل الخاصة بها
كره نفسه لإنه استنتج ردة فعلها مسبقا .. متى سينسى الامور المتعلقة بهذه الطفلة الانثى ؟!


أحكم قبضته على ذراعها و قال بصوت اكثر برودة عن ذي قبل : إششش .. متوجع ولا شي ،، بطلي سوالف الزعاطيط " الاطفال "



نمى الحقد في قلبها اكثر و لكنها ترجمته بدموع متألمه وهي تهمس بحدة و كره .. و لم تقف محاولاتها عن ابعاد يده : قلت ماااريييد وخـ ـ ـ!!



اسكتها بنظرة واحدة وهو يهمس بدون إهتمام : وراية شغل خليني اخلص و اروح يللا فضيني !



صدمتها جعلتها تهدئ و تستكين !
اغمضت عينيها بقوة وبانت التجاعيد فوق جفنيها الاحمرين ، كيف يتجرأ و يكلمها بهذه الطريقة ؟!
تبـآ له من رجــل ،، تبــآ له !!

تأوهت بدون شعور و مدت يدها الاخرى لتمسك بيده في محاولة فاشلة لإيقافه ؛
تسمرت نظراته لأجزاء من الثانية عليها ثم سيطر على نفسه و ابعد نظراته وهو يقول لإخته التي لم تبتعد عنهما و سمعت كل الحوار : وخري ايدها خليني اشتغل !


ميس نفذت ما طلب و لينا استسلمت لها بإرهاق من جديد ،، عندما اكمل عمله و قبل ان يقوم من على السرير قال لإخته بهدوء وهو يلاحظ الدموع التي ترسم خطوط متموجة على وجنات حبيبته المكسورة : هاهية ميس عوفيها !



كم تمنى لو ان بإمكانه الطبطبة عليها و مواساتها ،
ليته فقط يمسح هذه اللآلئ التي تحرق قلبه بنار تسعر !
لكنها هي من رفضت قربه ،، فهو اذن عليه ان يرفض حتى التفكير بتهوين مصائبها .. فـ لتفعل ما تشاء و لتصبر كما تشاء و لتواسي نفسها بنفسها !

كان على وشك الوقوف عندما سمع همستها الحارة وهي مغمضة عينيها حتى الآن ،، و خنقه صوتها المرتجف و كلمتها التي اصابته بالصميم : أكـرررهك !



هدأ صوته اكثر من المعتاد وهو يقف قائلا لـ والدته و كإنه لم يسمع شيئا وهو يفتح الرباط الذي حول زندها : يوم ساعة و نص و اجي اوخره !!



امه اقتربت منه وهي تنقل نظرها لتلك الباكية : صار ماما ،، عود اخلي اختك تخابرك " تتصل بك " تذكرك !



بانت نظرة سخرة عنيفة في عينيه النرجسيتين ،
و هل يحتاج الى من يذكره بشأنها ؟!
هذه الحبيبة العنيدة .. هه و كأنه ينقصه امرا اخر لتهديه هذه الكلمة !!

تبا لها و لقلبه و تبـآ لـ علي الذي لولاه ماكان ليعرفها !
بل تبا لبيتهم الذي يستأجرونه من والدها ،، فهو السبب الأول بقربه منها !

لكنها الآن قد اسدت له معروفا كبيرا ،، فـ من غير ان تدري ، أعطته الدافع الأكبر لينهيها من قلبه !
و لـ ترى وجهه الحقيقي .. من الآن ولاحقا
سينهي ليــن منه ولن تشغله هذه الفتاة من جديد حتى لو كان الإنشغال بينه و بين نفسه !
لن تهمه بعــد الآن !
ولن يحزن على فقدانها لـ والدها و اخيهآ في أقل من ستة أشهر و بأقسى الطرق !!
ليس بعد ما تفوهت به



.
.
.




نهَـآيةْ البرآءة الأولَـى

__________________

نفيت وأستوطن الأغراب في بلدي

ومزقوا كل أشيائي الحبيبات