عرض مشاركة واحدة
  #58  
قديم 08-10-2014, 01:21 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]






( الفصل الثامن )



ارتدت قلادتها لتكتمل بذلك زينتها , وقفت أمام انعكاسها برضا كامل , لقد ارتدت أجمل أثوابها ذلك الثوب الذي يعكس لون عيناها , ابتسمت حينما تذكر تشبيهه الدائم بها بأمواج البحر هي لا تعرف البحر فكيف تعرف أمواجه , تركت لمخيلتها رسم ذلك المكان الذي وعدها بأنه سيأخذها له , قطع أفكارها تلك الجلبة التي لا تشير إلا على أنه قد عاد .
خرجت مسرعة تسابق الريح غير أبهة بنداءات جدتها " إلى أين ؟ " هذا ما صرخت به الجدة على حفيدتها الساذجة , لكن تلك الحفيدة العنيده لم تلتفت بل صرخت بصوت يكاد يصل لأطراف القرية " لقد عاد " هنا ابتسمت الجدة و عادت لغرفتها فشوقها منذ شهرين سيختفي اليوم .
الدنيا لا تتسع لفرحتها شهرين لم تره , عدت الأيام لكي تراه لقد اشتاقت إليه , اشتاقت لحنانه , لصحبته , فهو الوحيد الذي يفهمها و يلبي رغباتها .
أمام بوابة القرية اجتمع الأهالي أطفال ينتظرون أبائهم و أمهات ينتظرون أبنائهم و بضع نساء ينتظرون أزواجهم , تأجج بهم الشوق , لحظات تفصل بينهم و بين الحقيقة إما عودة سالمة أو موت مشرف .
مالت بوجهها تراقب أعين المشتاقين لتقف عند عينيه , عينين حادتين تتأمل بعمق شديد كأنه يرى ما بعد الطبيعة هو يدرك ما يحدث و ما سيحدث , هو يعلم و هم جاهلون , جاهلون لما يعيشون هنا , لما يعيشون تحت التراب , لما لا يرون الشمس , أو يستمتعون بنسيم البحر ذلك النسيم الذي طالما أخبرها عنه , الخيال وحده لا يكفي , في كل مرة يخبرها عن الطبيعة يجدد لها الشوق لرأيتها أن ترى القمر , النجوم و أهم شيء البحر , الخيال ليس حل لأحلامها الصغيرة تريد أن تخرج تريد أن تتنفس أن تشتم رائحة الحرية , قطع أحلامها ذلك الضجيج , صراخ الأطفال و بكاء النساء تأملت بهدوء اللقاء و ابتسمت حين بدأ الرجال يصرخون .
هذا أخر ما تذكرته , لقد فقدت الحقيقة و أغرقت نفسي بالخيال , هربت من المواجهة و استسلمت لجنس أباد ما تبقى لديها من حياة .
ما حدث بعد ذلك جعلها تدرك الفرق بين جنسين أرادا السلام و لكن بمفهومين مختلفين , من هم الوحوش ؟ هل هي وحش لأنها أرادت أن ترى البحر أم هم الوحوش لأنهم قتلوا أبطالها .
سؤال يستغرق ألاف السنين للإجابة عليه
و لكن من سيعلم الإجابة ؟


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]