عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-28-2007, 03:03 PM
 
العلاج النبوي بالأدوية الطبيعية

العلاج النبوي بالأدوية الطبيعية :
هديه صلىالله عليه وسلم في علاج الحمى
ثبت فيالصحيحين عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الحمى أو شدةالحمى من فيح جهنم فأبر دوها بالماء وقد أشكل هذا الحديث على كثير من جهلة الأطباءورآه منافيا لدواء الحمى وعلاجها ونحن نبين يحول الله وقوته وجهه وفقهه فنقول خطابالنبي صلى الله عليه وسلم نوعان عام لأهل الأرض وخاص ببعضهم فالأول كعامة خطابهوالثاني كقوله لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستديروها ولكن شرقوا أو غربوافهدا ليس بخطاب لأهل المشرق ولا المغرب ولا العراق ولكن لأهل المدينة وما على سمتهاكالشام وغيرها وكذلك قوله ما بين المشرق والمغرب قبلة وإذا عرف هذا فخطابه في هذاالحديث خاص بأهل الحجاز وما والاهم إذ كان أكثر الحميات التي تعرض لهم من نوع الحمىاليومية العرضية الحادثة عن شدة حرارة الشمس وهذه ينفعها الماء البارد شرباواغتسالا فإن الحمى حرارة غريبة تشتعل بالقلب وتنبتث منه بتوسط الروح والدم فيالشرايين والعروق إلى جميع البدن فتشتعل فيه اشتعالا يضر بالإفعال الطبيعية وهيتنقسم إلى قسمين عرضية وهي الحادثة إما عن الورم أو الحركة أو إصابة حرارة الشمس أوالقيظ الشديد ونحو ذلك ومرضية وهي ثلاثة أنواع وهي لا تكون إلا في مادة أولى ثممنها يسخن جميع البدن فإن كان مبدأ تعلقها بالروح سميت حمى يوم لأنها في الغالبتزول في يوم ونهايتها ثلاثة أيام وإن كان مبدأ تعلقها بأخلاط سميت عفنية وهي أربعةأصناف صفراوية وسوداوية وبلغمية ودموية وإن كان مبدأ تعلقها بالأعضاء الصلبةالأصلية سميت حمى دق وتحت هذه الأنواع أصناف كثيرة وقد ينتفع البدن بالحمى انتفاعاعظيما لا يبلغه الدواء وكثيرا ما يكون حمى يوم وحمى العفن سببا لانضاج مواد غليظةلم تكن تنضج بدونها وسببا لتفتح سدد لم تكن نصل إلهيا الأدوية المفتحة وأما الرمدالحديث والمتقادم فإنها تبرىء أكثر أنواعه برءا عجيبا سريعا وتنفع من الفالجواللقوة والتشنج الامتلائي وكثيرا من الأمراض الحادثة عن الفضول الغليظة وقال ليبعض فضلاء الأطباء إن كثيرا من الأمراض نستبشر فيها بالحمى كما يستبشر المريضبالعافية فتكون الحمى فيه أنفع من شرب الدواء بكثير فإنها تنضج من الخلاط والموادالفاسدة ما يضر بالبدن فإذا انضجتها صادقها الدواء متهيئة للخروج بنضاجها فأخرجهافكانت سببا للشفاء وإذا عرف هذا فيجوز أن يكون مراد الحديث من أقسام الحمياتالعرضية فإنها تسكن على المكان بالانغماس في الماء البارد وسقى الماء الباردالمثلوج ولا يحتاج صاحبها مع ذلك إلا علاج آخر فإنها مجرج كيفية حارة متعلقة بالروحفيكفي في زوالها مجرد وصول كيفية باردة تكنها وتخمد لهبها من غير حاجة إلى استفراغمادة أو انتظار نضج ويجوز أن يراد به جميع أنواع الحميات وقد اعترف فاضل الأطباءجالينوس بأن الماء البارد ينفع فيها قال في المقالة العاشرة من كتاب حيلة البرء ولوأن رجلا شابا حسن اللحم خصب البدن في وقت القيظ وفي وقت منتهى الحمى وليس في أحشاءهورم استحم بماء بارد أو سبح فيه لا نتفع بذلك وقال ونحن نأمر بذلك بلا توقف وقالالرازي في كتابه الكبير إذا كانت القوة قوية والحمى حادة جدا والنضج بين ولا ورم فيالجوف ولا فتق ينفع الماء البارد شربا وإن كان العليل خصب البدن والزمان حار وكانمعتادا لاستعمال الماء البارد من خارج فليؤذن فيه

فصل فيهديه في العلاج بشرب العسل والحجامة والكي
في صحيح البخاري عنسعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشفاء في ثلاث شربة عسلوشرطة محجم وكية نار وأنا أنهي أمتي عن الكي قال أبو عبد الله المازري الأمراضالامتلائية إما أن تكون دموية أو صفراوية أو بلغمية أو سوداوية فإن كانت دمويةفشفاؤها إخراج الدم وإن كانت من الأقسام الثلاثة الباقية فشفاؤها بالإسهال الذييليق بكل خلط منها وكأنه صلى الله عليه وسلم نبه بالعسل على المسهلات وبالحجامة علىالفصد وقد قال بعض الناس إن الفصد يدخل في قوله شرطة محجم فإذا أعيا الدواء فآخرالطب الكي فذكره صلىالله عليه وسلم من الأدوية لأنه يستعمل عند غلبة الطباع لقويالأدوية وحيث لا ينفع الدواء المشروب وقوله أنا انهى أمتي عن الكي وفي الحديث الاخروما أحب أن أكتوي إشارة إلى أن يؤخر العلاج به حتى تدفع الضرورة إليه ولا يعجلالتداوي به لما فيه من استعجال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعف من ألم الكيانتهى كلامه وقال بعض الأطباء الأمراض المزاجية إما أن تكون بمادة أو بغير مادةوالمادية منها إما حارة أو باردة أو رطبة أو يابسة أو ما تركب منها وهذه الكيفياتالأربع منها كيفيتان فاعلتان وهما الحرارة والبرودة وكيفيتان منفعلتان وهما الرطوبةواليبوسة ويلزم من غلبة إحدى الكيفيتين الفاعلتين استصحاب كيفية منفعلة معها وكذلككان لكل واحد من الأخلاط الموجودة في البدن وسائر المركبات كيفيتان فاعلة ومنفعلةفحصل من ذلك أن أصل الأمراض المزاجية هي التابعة لأقوى كيفيات الأخلاط التي هيالحرارة والبرودة فجاء كلام النبوة في أصل معالجة الأمراض التي هي الحارة والباردةعلى طريق التمثيل فإن كان المرض حارا عالجناه بإخراج الدم بالفصد كان أو بالحجامهلأن في ذلك استفراغا للمادة وتبريدا للمزاج وإن كان باردا عالجناه بالتسخين وذلكموجود في العسل فإن كان يحتاج مع ذلك إلى استفراغ المادة الباردة فالعسل أيضا يفعلفي ذلك لما فيه من الإنضاج والتقطيع والتلطيف والجلاء والتليين فيحصل بذلك استفراغتلك المادة برفع وأمن من نكاية المسهلات القوية وأما الكي فلأن كل واحد من الأمراضالمادية إما أن يكون حادا فيكون سريع الإفضاء لأحد الطرفين فلا يحتاج إليه فيه وإماأن يكون مزمنا وأفضل علاجه بعد الاستفراغ الكي في الأعضاء التي يجوز فيها الكي لأنهلا يكون مزمنا إلا عن مادة باردة غليظة قد رسخت في العضو وأفسدت مزاجه وأحالت جميعما يتصل إليه إلى مشابهة جوهرها فيشتعل في ذلك العضو فيستخرج بالكي تلك المادة منذلك المكان الذي هي فيه بإفناء الجزء الناري الموجو بالكي لتلك المادة فتعلمنا بهذاالحديث الشريف أخذ معالجة الأمراض المادية جميعها كما استنبطنا معالجة الأمراضالساذجة من قوله صلى الله عليه وسلم إن شدة الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء فصلوأما الحجامة ففي سنن ابن ماجه من حديث جبارة بن المغلس وهو ضعيف عن كثير بن سليمقال سمعت أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مامررت ليلة أسرى بيبملإ إلا قالوا يا محمد مر أمتك بالحجامة وروى الترمذي في جامعه من حديث ابن عباسهذا الحديث وقال فيه عليك بالحجامة يا محمد وفي الصحيحين من حديث طاوس عن ابن عباسإن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أمره وفي الصحيحين أيضا عن حميدالطويل عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة فأمر له بصاعين منطعام وكلم مواليه فخفضوا عنه من ضريبته وقال خير ما تداويتم به الحجامة وفي جامعالترمذي عن عباد بن منصور قال سمعت عكرمة يقول كان لابن عباس غلمة ثلاثة حجامونفكان اثنان يغلان عليه وعلى أهله وواحد لحجمه وحجم أهله قال وقال ابن عباس قال نبيالله صلى الله عليه وسلم نعم العبد الحجام يذهب الدم ويجفف الصلب ويجلو عن البصروقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث عرج به ما مر على ملإ من الملائكة إلاقالوا عليك بالحجامة وقال إن خير ما يحتجمون فيه يوم سبع عشرة ويوم تسع عشرة ويومإحدى وعشرين وقال إن خير ما تداويتم به السعوط واللدود والحجامة والمشي وإن رسولالله صلى الله عليه وسلم لد فقال من لدني فكلهم أمسكوا فقال لا يبقى أحد في البيتإلا لد إلا العباس قال هذا حديث غريب ورواه ابن ماجة
هدية صلىالله عليه وسلم في الشرب
روىعبدالله بن المبارك والبيهقى وغيرهما عن النبى إذا شرب أحدكم فليمص الماء مصا ولايعب عبا فان الكياد من العب والكياد بضم الكاف وتخفيف الباء وهو وجع الكبد وقد علمبالتجربة أن ورود الماء جملة واحدة على الكبد يؤلمها ويضعف حرارتها وسبب ذلكالمضادة التي بين حرارتها وبين ما ورد عليها من كيفية المبرود وكميته ولو وردبالتدريج شيئا فشيئا لم يضادحرارتها ولم يضعفها وهذا مثاله صب الماء البارد علىالقدر وهى تفور لا يضرها صبه قليلا قليلا وقد روى الترمذى في جامعه عنه لا تشربوانفسا واحدا كشرب البعير ولكن اشربوا مثنى وثلاث وسموا إذا أنتم شربتم واحمدوا إذاانتم فرغتم وللتسمية في أول الطعام والشراب وحمد الله في آخره تأثير عجيب في نفعهواستمرائه ودفع مضرته قال الأمام أحمد إذا جمع الطعام أربعا فقد كمل إذا ذكر اسمالله في أوله وحمد الله في آخره وكثرت عليه الأيدي وكان من حل فصل وقد روى مسلم فيصحيحه من حديث جابر بن عبدالله قال سمعت رسول الله يقول غطوا الإناء وأوكوا السقاءفأن في السنة ليلة ينزل فيها الوباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء وسقاء ليس عليهوكاء إلا وقع فيه من ذلك الداء وهذا مما لا تناله علوم الأطباء ومعارفهم وقد عرفهمن عرفه من عقلاء الناس وبالتجربة قال الليث بن سعد أحد رواة الحديث الأعاجم عندنايتقون تلك الليلة في السنة في كانون الأول منها وصح عنه أنه أمر بتخمير الإناءولوأن يعرض عليه عودا وفي عرض العود عليه من الحكمة انه لا ينسى تخميره بل يعتادحتى بالعود وفيه انه ربما أراد الدبيب أن يسقط فيه فيمر على العود فيكون العود جسراله يمنعه من السقوط فيه وصح عنه أنه أمر عند ايكاء الإناء بذكر اسم الله فان ذكراسم الله عند تخمير الإناء يطرد عنه الشياطين وإبكاؤه يطرد عنه الهوام ولذلك أمربذكر اسم الله في هذين موضعين لهذين المعنيين وروى البخاري في صحيحه من حديث ابنعباس أن رسول الله نهى عن الشرب من في السقاء وفي هذا آداب عديدة منها أن ترددأنفاس الشارب فيه يكسبه زهومة ورائحة كريهة يعاف لأجلها ومنها أنه ربما غلب الداخلإلى جوفه من الماء فتضرر به ومنها انه ربما كان فيه حيوان لا يشعر به فيؤذيه ومنهاأن الماء ربما كان فيه قذاة أو غيرها لا يراها عند الشرب فتلج جوفه ومنها أن الشربكذلك يملا البطن من الهواء فيضيق عن أخذ حظه من الماء أو يزاحمه أو يؤذيه ولغير ذلكمن الحكم فان قيل فما تصنعون بما في جامع الترمذى أن رسول الله دعا باداوة يوم أحدفقال اختنث قم الاداوة ثم شرب منها من فمها قلنا نكتفى فيه بقول الترمذي هذا حديثليس إسناده بصحيح عبدالله ابن عمر العمرى يضعف من قبل حفظه ولا أدرى سمع من عيسى أولا انتهى يريد عيسى بن عبدالله الذي رواه عنه عن رجل من الأنصار فصل وفي سنن أبيداود من حديث أبي سعيد الخدري قال نهى رسول الله عن الشرب في ثلمة القدح وأن ينفخفي الشراب وهذه من الآداب التي يتم بها مصلحة الشارب فان الشرب من ثلمة القدح فيهعدة مفاسد أحدها أن ما يكون على وجه الماء من قذى أو غيره يجتمع إلى الثلمة بخلافالجانب الصحيح والثاني انه ربما شوش على الشارب ولم يتمكن من حسن الشرب من الثلمةالثالث أن الوسخ والزهومة تجتمع في الثلمة ولا يصل إليها الغسل كما يصل إلى الجانبالصحيح الرابع أن الثلمة محل العيب في القدح وهى اردأ مكان فيه فينبغي تجنبه وقصدالجانب الصحيح فإن الرديء من كل شئ لا خير فيه ورأى بعض السلف رجلا يشترى حاجةرديئة فقال لا تفعل أما علمت أن الله نزع البركة من كل رديء الخامس أنه ربما كان فيالثلمة شق أم تحديد يجرح فم الشارب ولغير هذه من المفاسد وآما النفخ في الشراب فانهيكسبه من فم النافخ رائحة كريهة يعاف لأجلها ولا سيما أن كان متغير الفم وبالجملةفأنفاس النافخ تخالطه ولهذا جمع رسول الله بين النهى عن التنفس في الإناء والنفخفيه في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال نهى رسولالله أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه فان قيل فما تصنعون بما في الصحيحين من حديثأنس أن رسول الله كان يتنفس في الإناء ثلاثا قيل نقابله بالقبول والتسليم ولامعارضة بينه وبين الأول فان معناه أنه كان يتنفس في شربه ثلاثا وذكر الإناء لأنهآلة الشرب وهذا كما جاء في الحديث الصحيح أن إبراهيم ابن رسول الله مات في الثدي أيفي مدة الرضاع فصل وكان يشرب اللبن خالصا تارة ومشوبا بالماء أخرى وفي شرب اللبنالحلو في تلك البلاد الحارة خالصا ومشوبا نفع عظيم في حفظ الصحة وترطيب البدن ورىالكبد ولا سيما اللبن الذي ترعى دوابه الشيح والقيصوم والخزامى وما أشبهها فانلبنها غذاء مع الأغذية وشراب مع الأشربة وداء مع الأدوية وفي جامع الترمذى عنه إذاأكل أحدكم طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه وإذا سقى لبنا فليقلاللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فانه ليس شئ يجزئ من الطعام والشراب ألا اللبن قالالترمذى هذا حديث حسن
فصل فيهديه صلى الله عليه وسلم في قطع العروق والكي
ثبت فيالصحيح من حديث جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى أبي ابن كعبطبيبا فقطع له عرقا وكواه عليه ولما رمى سعد بن معاذ في أكحله حسمه النبي صلى اللهعليه وسلم ثم ورمت فحسمه ثانيه والحسم هو الكي وفي طريق آخر أن النبي صلى الله عليهوسلم كوى سعد بن معاذ في أكحله بمشقص ثم حسمه سعد بن معاذ أو غيره من أصحابه وفيلفظ آخر أن رجلا من الأنصار رمى في أكحله بمشقص فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فكوىوقال أبو عبيد وقد اتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل نعت له الكي فقال اكووهأوأرضفوه قال أبو عبيدة الرضف الحجارة تسخن ثم تكمد بها وقال الفضل بن دكين حدثناسفيان عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كواه في أكحله وفي صحيحالبخاري من حديث أنس أنه كوى من ذات الجنب والنبي صلى الله عليه وسلم حي وفيالترمذي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة وقد تقدمالحديث المتفق عليه وفيه وما أحب أن أكتوى وفي لفظ آخر وأنا أنهى أمتي عن الكي وفيجامع الترمذي وغيره عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكي قالفابتلينا فاكتوينا فما أفلحنا ولا أبححنا وفي لفظ نهينا عن الكي وقال فما أفلحناولا أبحعنا قال الخطابي إنما كوى سعدا ليرفأ الدم من جرحه وخاف عليه أن ينزف فيهلكوالكي مستعمل في هذا الباب كما يكوى من تقطع يده أو رجله وأما النهي عن الكي فهو أنيكتوى طلبا للشفاء وكانوا يعتقدون أنه متى لم يكتو هلك فنهاهم عنه لأجل هذه النيةوقيل إنما نهى عنه عمران بن حصين خاصة لأنه كان به ناصور وكان موضعه خطرا فنهى عنكيه فيشبه أن يكون النهي متصرفا إلى الموضع المخوف منه والله تعالى أعلم وقال ابنقتيبة الكي جنسان كي الصحيح لئلا يعتل فهذا الذي قيل فيه لم يتوكل من اكتوى لأنهيريد أن يدفع القدر عن نفسه والثاني كي الجرح إذا نغل والعضو إذا قطع ففي هذاالشفاء وأما إذا كان الكي للتداوي الذي يجوز أن ينجح ويجوز أن لا ينجح فإنه إلىالكراهة أقرب انتهى وثبت في الصحيح من حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغيرحساب أنهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقد تضمنتأحاديث الكي أربعة أنواع أحدها فعله والثاني عدم محبته له والثالث الثناء على منتركه والرابع النهي عنه ولا تعارض بينها بحمد الله تعالى فإن فعله يدل على جوازهوعدم محبته له لا يدل على المنع منه وأما الثناء على تاركه فيدل على أن تركه أولىوأفضل وأما النهي عنه فعلى سبيل الأختيار والكراهة أو عن النوع الذي لا يحتاج إليهبل يفعل خوفا من حدوث الداء والله أعلم
حرف الشينشونيز هو الحبة السوداء وقد تقدم في حرف الحاء شبرم روى الترمذى وابن ماجة فيسننهما من حديث اسماء بنت عميس قالت قال رسول الله بماذا كنت تستمشين قالت بالشبرمقال حار يار الشبرم شجر صغير وكبير كقامة الرجل وارجح له قضبان حمر ملمعة ببياض وفيرؤوس قضبانه جمة من ورق وله نور صغار أصفر إلى البياض ويسقط ويخلفه مراود صغار فيهاحب صغير مثل البطم في قدره أحمر اللون ولها عروق عليها قشور حمر والمستعمل منه قشرعروقه ولبن قضبانه وهو حار يابس في الدرجة الرابعة ويسهل السوداء والكيموساتالغليظة والماء الأصفر والبلغم ومكرب مغث والاكثار منه يقتل وينبغى اذا استعمل انينقع في اللبن الحليب يوما وليلة ويغير عليه اللبن في اليوم مرتين او ثلاثا ويخرجويجفف في الظل ويخلط معه الورد والكثيراء ويشرب بماء العسل أو عصير العنب والشربةمنه ما بين اربع دوانق إلى دانقين على حسب القوة قال حنين اما لبن الشبرم فلا خيرفيه ولا ارى شربه البته فقد قتل به اطباء الطرقات كثيرا من الناس شعير روى ابن ماجةمن حديث عائشة قالت كان رسول الله إذا اخذ احدا من أهله الوعك امر بالحساء منالشعير فصنع ثم امرهم فحسوا منه ثم يقول انه ليرتو فؤاد الحزين ويسرو عن الفؤادالسقيم كما تسرو احداكن الوسخ بالماء عن وجهها ومعنى يرتوه يشده ويقويه ويسرو بكشفويزيل وقد تقدم ان هذا هو ماء الشعير المغلى وهو اكثر غذاء من سويقه وهو نافعللسعال وخشونة الحلق صالح لقمع حدة الفضول مدر للبول جلاء لما فى المعدة قاطع للعطشمطفىء للحرارة وفيه قوة يجلو بها ويلطف ويحلل وصفته أن يؤخذ من الشعير الجيدالمرضوض مقدار ومن الماء الصافى العذب خمسة أمثاله ويلقى في قدر نظيف ويطبخ بنارمعتدلة إلى ان يبقى منه خمساه ويصفى ويستعمل منه مقدار الحاجة محلا شوى قال اللهتعالى في ضيافة خليله ابراهيم عليه السلام لاضيافه فما لبث ان جاء بعجل حنيذوالحنيذ المشوى على الرضف وهى الحجارة المحماة وفي الترمذىعن أم سلمة رضى الله عنهاأنها قربت إلى رسول الله جبنا مشويا فأكل منه ثم قام الى الصلاة وما توضأ قالالترمذى حديث صحيح وفيه ايضا عن عبدالله بن الحرث قال اكلنا مع رسول الله وشواء فيالمسجد وفيه ايضا عن مغيرة بن شعبة قال ضفت مع رسول الله ذات ليلة فأمر بجنب فشوىثم اخذ الشفرة فجعل يجزلى بها منه قال فجاء بلاب يؤذن للصلاة فالقى الشفرة فقالماله تربت يداه انفع الشوى شوى الضأن الحولى ثم العجل اللطيف السمين وهو حار رطبإلى اليبوسة كثير التوليد للسوداء وهو من اغذية الأقوياء والأصحاء والمرتاضينوالمطبوخ أنفع وأخف على المعدة وأرطب منه ومن المطجن واردؤه المشوى في الشمسوالمشوى على الجمر خير من المشوى باللهيب وهو الحنيذ شحم وثبت في المسند عن أنس أنيهوديا أضاف رسول الله فقدم له خبز شعير وإهالة سنخة والاهالة الشحم المذاب والأليةوالسنخة المتغيرة وثبت في الصحيح عن عبدالله بن مغفل قال دلى جراب من شحم ويوم خيبرفالتزمته وقلت والله لا أعطى أحدا منه شيئا فالتفت فإذا رسل الله يضحك ولم يقل شيئاأجود الشحم ما كان من حيوان مكتمل وهو حار رطب وهو أقل رطوبة من السمن ولهذا لواذيب الشحم والسمن كان الشحم اسرع جمودا وهو ينفع من خشونه الحلق ويرخى ويعفن ويدفعضرره بالليمون المملوح والزنجبيل وشحم المعز أقبض الشحوم وشحم التيوس أشد تحليلاوينفع من قروح الأمعاء وشحم العنز أقوى في ذلك ويحتقن به للسحجوالزحير
فصل فيهديه صلى الله عليه وسلم في علاج حكة الجسم وما يولد القمل
جاء في الصحيحين منحديث قتادة عن أنس بن مالك قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بنعوف والزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهما في لبس الحرير لحكة كانت بهما وفيرواوية أن عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهما شكوا القملإلى النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة لهما فرخص لهما في قمص الحرير ورأيته عليهماهذا الحديث يتعلق به أمران أحدهما فقهى والآخر طبي فأما الفقهي فالذي استقرت عليهسنته صلى الله عليه وسلم أباحه الحرير للنساء مطلقا وتحريمه على الرجال إلا لحاجةأو مصلحة راجحة فالحاجة إما من شدة البرد ولا يجد غيره أو لا يجد ستره سواه ومنهاإلباسه للحرب والمرض والحكة وكثرة القمل كما دل عليه حديث أنس هذا الصحيح والجوازأصح الروايتين عن الإمام أحمد وأصح قول الشافعي إذ الأصل عدم التخصيص والرخصة إذاثبتت في حق بعض الأمة لمعنى تعدت إلى كل من وجد فيه ذلك المعنى إذ الحكم يعم بعمومسببه ومن منع منه قال أحاديث التحريم عامة وأحاديث الرخصة يحتمل اختصاصها بعبدالرحمن بن عوف والزبير ويحتمل تعديها إلى غيرهما وإذا احتمل الأمران كان الأخذبالعموم أولى ولهذا قال بعض الرواة في هذا الحديث فلا أدري أبلغت الرخصة من بعدهماأم لا والصحيح عموم الرخصة فإنه عرف خطاب الشرع في ذلك ما لم يصرح بالتخصيص وعدمإلحاق غير من رخص له أولا به كقوله لأبي بردة تجزيك ولن تجزي عن أحد بعدك وكقولهتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في نكاح من وهبت نفسها له خالصة لك من دون المؤمنينوتحريم الحرير إنما كان سدا للذريعة ولهذا أبيح للنساء وللحاجة والمصلحة الراجحةوهذه قاعدة ماحرم لسد الذرائع فإنه يباح عند الحاجة والمصلحة الراجحة كما حرم النظرسدا لذريعة الفعل وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة والمصلحة الراجحة وكما حرم التنفلبالصلاة في أوقات النهي سدا لذريعة المشابهة الصورية بعباد الشمس وأبيحت للمصلحةالراجحة وكما حرم ربا الفضل سدا لذريعة ربا النسيئة وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجةمن العرايا وقد أشبعنا الكلام فيما يحل ويحرم من لباس الحرير في كتاب التحبير لمايحل ويحرم من لباس الحرير فصل وأما الأمر الطبي فهو ان الحرير من الأدوية المتخذةمن الحيوان ولذلك يعد في الأدوية الحيوانية لأن مخرجه من الحيوان وهو كثير المنافعجليل الموقع ومن خاصيته تقوية القلب وتفريحه والنفع من كثير من أمراضه ومن غلبةالمرة السوداء والأدواء الحادثة عنها وهو مقو للبصر إذا اكتحل به والخام منه وهوالمستعمل في صناعة الطب حار يابس في الدرجة الأولى وقيل حار رطب فيها وقيل معتدل فيصناعة الطب وإذا اتخذ منه ملبوس كان معتدل الحرارة في مزاجه مسخنا للبدن وربما بردالبدن بتسمينه إياه
فصل فيهديه صلى الله عليه وسلم في تغذية المريض بألطف ما اعتاده منالأغذية
فيالصحيحين من حديث عروة عن عائشة أنها كانت إذا مات الميت من أهليها فاجتمع لذلكالنساء ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها أمرت ببرمة من تلبينه فطبخت ثم صنع ثريد فصبتالتلبينة عليها ثم قالت كلن منها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولالتلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن وفي السنن من حديث عائشة ايضا قالت قالرسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالبغيض النافع التلبين قالت وكان رسول اللهصلى الله عليه وسلم إذا اشتكى أحد من أهله لم تزل البرمنة على النار حتى ينتهي أحدطرفيه يعني يبرأ أو يموت وعنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قيل له إنفلانا وجع لا يطعم الطعام قال عليكم بالتلبينة فحسوه إياها ويقول والذي نفسي بيدهإنها تغسل بطن أحدكم كما تغسل إحداكن وجهها من الوسخ التلبين هو الحساء الرقيق الذيهو في قوام اللبن ومنه اشتق اسمه قال الهروي سميت تلبينة لشهها باللبن لبياضهاورقتها وهذا الغذاء هو النافع للعليل وهو الرقيق النضيج لا الغليظ النيء وإذا شئتأن تعرف فضل التلبينة فاعرف فضل ماء الشعير بل هي أفضل من ماء الشعير لهم فإنهاحساء متخذ من دقيق الشعير بنخالته والفرق بينها وبين ماء الشعير أنه يطبخ صحاحاوالتلبينة تطبخ منه مطحونا وهي أنفع منه لخروج خاصية الشعير بالطحن وقد تقدم أنللعادات تأثيرا في الانتقاع بالأدوية والأغذية وكانت عادة القوم أن يتخذوا ماءالشعير منه مطحونا لا صحاحا وهو أكثر تغذية وأقوى فعلا وأعظم جلاء وإنما اتخذهأطباء المدن منه صحاحل ليكون أرق وألطف فلا يثقل على طبيعة المريض وهذا بحسب طبائعأهل المدن ورخاوتها ويثقل ماء الشعير المطحون عليها والمقصود أن ماء الشعيرمطبوخاصحاحا ينفذ سريعا ويجلو جلاء ظاهرا ويغذى غذاء لطيفا وإذا شرب حارا كاناجلاؤه أقوى ونفوذه أسرع وإنماؤه للحرارة الغريزية أكثر وتلميسه لسطوح المعدة أوفقوقوله صلى الله عليه وسلم فيها مجمة لفؤاد المريض يروى بوجهين بفتح الميم والجيموبضم الميم وكسر الجيم والأول أشهر ومعناه أنها مريحة له أي تريحه وتسكنه منالإجمام وهو الراحة وقوله ويذهب ببعض الحزن هذا والله أعلم لأن الغم والحزن يبردانالمزاج ويضعفان الحرارة الغريزية لميل الروح الحامل لها إلى جهة القلب الذي هومنشؤها وهذا الحساء يقوي الحرارة الغريزية بزيادته في مادتها فتزيل أكثر ما عرض لهمن الغم والحزن وقد يقال وهو أقرب أنها تذهب ببعض الحزن بخاصية فيها من جنس خواصالأغذية المفرحة فإن من الأغذية ما يفرح بالخاصية والله أعلم وقد يقال إن قويالحزين تضعف باستيلاء اليبس على أعضائه وعلى معدته خاصة لتقليل الغذاء وهذا الحساءيرطبها ويقويها ويغذيها ويفعل مثل ذلك بفؤاد المريض لكن المريض كثيرا ما يجتمع فيمعدته خلط مراري ولمغمى او صديدي وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة ويسرره ويحدرهويميعه ويعدل كيفيته ويكسر سورته فيريحها ولا سيما لمن عادته الاغتذاء بخبز الشعيروهي عادة أهل المدينة إذ ذاك وكان هو غالب قوتهم وكانت الحنطة غزيرة عندهم واللهأعلم
فصل فيهديه صلى الله علهي وسلم في علاج الأورام والخراجات التي تبرأ بالبطوالبزل
يذكر عنعلي أنه قال دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل يعوده بظهره ورم فقالوايا رسول الله بهذه مدة قال بطوا عنه قال علي فما برحت حتى بطت والنبي صلى الله عليهوسلم شاهد ويذكر عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر طبيبا أن ببط بطنرجل أجوى البطن فقيل يا رسول الله هل ينفع الطب قال الذي أنزل الداء أنزل الشفاءفيما شاء الورم مادة في حجم العضو لفضل مادة غير طبيعية تنصب إليه وتوجد في اجناسالأمراض كلها والمواد التي يكون عنها من الأخلاط الأربعة والمائية والريح وإذااجتمع الورم سمى خراجا وكل ورم حار يؤول أمره إلى أحد ثلاثة أشياء إما تحلل وإماجمع مدة وإما استحالة إلى الصلابة فإن كانت القوة قوية استولت على مادة الورموحللته وهي أصلح الحالات التي يؤول حال الورم إليها وإن كانت دون ذلك أنضجت المادةوأحالتها مدة بيضاء وفتحت لها مكانا أسالتها منه وإن نقصت عن ذلك أحالت المادة مدةغير مستحكمة النضج وعجزت عن فتح مكان في العضو تدفعها منه فيخاف على العضو الفساديطول لبسها فيه فيحتاج حينئذ إلى إعانة الطبيب بالبط أو غيره لإخراج تلك المادةالرديئة المفسدة للعضو وفي البط فائدتان إحداهما إخراج المادة الرديئة المفسدةوالثانية منع اجتماع مادة أخرى إليها تقويها وأما قوله في الحديث الثاني إنه أمرطبيبا أن يبط بطن رجل أجوى البطن فالجوى يقال على معان منها الماء المنتن الذي يكونفي البطن يحدث عنه الاستسقاء وقد اختلف الأطباء في بزله لخروجوهذه المادة فمنعهطائفة منهم لخطره وبعد السلامة معه وجوزته طائفة أخرى وقالت لا علاج له سواه وهذاعندهم إنما هو في الاستسقاء الزقي فإنه كما تقدم ثلاث أنواع طبلى وهو الذي ينتفخمعه البطن بمادة ريحية إذا ضربت عليه سمع له صوت كصوت الطبل ولحمى وهو الذي يربومعه لحم جميع البدن مبادة بلغمية تفشو مع الدم في الأعضاء وهو أصعب من الأول وزقيوهو الذي يجتمع معه في البطن الأسفل مادة رديئة يسمع لها عند الحركة خضخضة كخضخضةالماء في الزق وهو أردأ أنواعه عند الأكثري من الأطباء وقالت طائفة أردأ أنواعهاللحمي لعموم الآفة به ومن جملة علاج الزقي إخراج ذلك الماء بالبزل ويكون ذلك بمزلةفصد العروقلإخراج الدم الفاسد لكنه خطر كما تقدم وإن ثبت هذا الحديث فهو دليل علىجواز بزلة والله أعلم
فصل فيهديه صلى الله عليه وسلم في علاج ذات الجنب
روىالترمذي في جامعه من حديث زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تداووا منذات الجنب بالقسط البحري والزيت ذات الجنب عند الأطباء نوعان حقيقي وغير حقيقيفالحقيقي ورم حار يعرض في نواحي الجنب في الغشاء المستبطن للإضلاع وغير الحقيقي ألميشبهه يعرض في نواحي الجنب عن رياح غليظة مؤذية تحتقن بين الصفاقات فتحدث وجعاقريبا من وجع ذات الجنب الحقيقي إلا أن الوجع في هذا القسم ممدود وفي الحقيقي ناخسقال صاحب القانون قد يعرض في الجنب والصفاقات والعضل التي في الصدر والأضلاعونواحيها أورام مؤذية جدا موجعة تسمى شوصة وبرساما وذات الجنب وقد تكون أيضا اوجاعافي هذه الأعضاء ليس من ورم ولكن من رياح غليظة فيظن أنها من هذه العلة ولا تكون قالواعلم أن كل وجع في الجنب قد يسمى ذات الجنب اشتقاقا من مكان الألم لأن معنى ذاتالجنب صاحبة الجنب والغرض به ههنا وجع الجنب فإذا عرض في الجنب ألم عن أي سبب كاننسب إليه وعليه حمل كلام بقراط في قوله إن أصحاب ذات الجنب ينتفعون بالحمام وقيلالمراد به كل من به وجع جنب أو وجع رئة من سوء مزاج أو من أخلاط غليظة أو لذاعة منغير ورم ولا حمى قال بعض الأطباء وأما معنى ذات الجنب في لغة اليونان فهو ورم الجنبالحار وكذلك ورم كل واحد من الأعضاء الباطنة وإنما سمى ذات الجنب ورم ذلك العضوإذاكان ورما حارا فقط ويلزم ذات الجنب الحقيقي خمسة أعراض وهي الحمى والسعال والوجعالناخس وضيق النفس والنبض المنشاري والعلاج الموجود في الحديث ليس هو لهذا القسملكن للقسم الثاني الكائن عن الريح الغليظة فإن القسط البحري وهو العود الهندي علىما جاء مفسرا في احاديث آخر صنف من القسط إذا دق دقا ناعما وخلط بالزيت المسخن ودلكبه مكان الريح المذكور أو لعق كان دواء موافقا لذلك نافعا له محللآ لمادته مذهبالها مقويا للأعضاء الباطنة مفتحا للسدد والعود المذكور في منافعه كذلك قال المسيحيالعود حار يابس قابض يحبس البطن ويقوي الأعضاء الباطنة ويطرد الريح ويفتح السددنافع من ذات الجنب ويذهب فضل الرطوبة والعود المذكور جيد للدماغ قال ويجوز أن ينفعالقسط من ذات الجنب الحقيقية ايضا إذا كان حدوثها عن مادة بلغمية لا سيما في وقتانحطاط العلة والله أعلم
فصل فيهديه صلى الله عليه وسلم في علاج الصداع والشقيقة
روى ابنماجه في سننه حديثا في صحته نظر هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صدع غلفرأسه بالحناء ويقول إنه نافع بإذن الله من الصداع والصداع ألم في بعض أجزاء الرأسأو في كله فما كان منه في أحد شقى الرأس لازما يسمى شقيقة وإن كان شاملا لجميعهلازما يسمى بيضة وخوذة تشبيها ببيضة السلاح التي تشتمل على الرأس كله وربما كان فيمؤخر الرأس أو في مقدمه وأنواعه كثيرة وأسبابه مختلفة وحقيقة الصداع سخونة الرأسواحتماؤه لما دار فيه من البخار الذي يطلب النفوذ من الرأس فلا يجد منفذا فيصدعهكما يصدع الوعاء إذا حمى ما فيه وطلب النفوذ فكل شيء رطب إذا حمى طلب مكانا أوسع منمكانه الذي كان فيه فإذا عرض هذا البخار في الرأس كله بحيث لا يمكنه التفشي والتحللوجال في الرأس سمى السدر والصداع يكون عن أسباب عديدة أحدها من غلبةواحدة منالطبائع الأربعة والخامس يكون من قروح تكون في المعدة فيألم الرأس لذلك الورمللاتصال من العصب المنحدر من الرأس بالمعدة والسادس من ريح غليظة تكون في المعدةفتصعد إلى الرأس فتصدعه والسابع يكون من ورم في عروق المعدة فيألم الرأس بألمالمعدة للاتصال الذي بينهما والثامن صداع يحصل من امتلاء المعدة من الطعام ثم ينحدرويبقى بعضه نيئا فيصدع الرأس ويثقله والتاسع يعرض بعد الجماع لتخلل الجسم فيصل إليهمن حر الهواء أكثر من قدره والعاشر صداع يحصل بعد القىء والاستفراغ إما لغلبة اليبسوإما لتصاعد الإبخرة من المعدة إليه والحادي عشر صداع يعرض عن شدة الحر وسخونةالهواء والثاني عشر ما يعرض من شدة البرد وتكاثف الأبخرة في الرأس وعدم تحللهاوالثالث عشر ما يحدث من السهر وحبس النوم والرابع عشر ما يحدث من ضغط الرأس وحملالشيء الثقيل عليه والخامس عشر ما يحدث من كثرة الكلام فتضعف قوة الدماغ لأجلهوالسادس عشر ما يحدث من كثرة الحركة والرياضة المفرطة والسابع عشر ما يحدث منالأعراض النفسانية كالهموم والغموم والأحزان والوسواس والأفكار الرديئة والثامن عشرما يحدث من شدة الجوع فإن الأبخرة لا تجد ما تعمل فيه فتكثر وتتصاعد إلى الدماغفتؤلمه والتاسع عشر ما يحدث من ورم في صفاق الدماغ ويجد صاحبه كأنه يضرب بالمطارقعلى رأسه والعشرون ما يحدث بسبب الحمى لاشتعال حرارتها فيه فيتألم واللهأعلم
فصل فيهديه صلى الله عليه وسلم في علاج المفؤود
روى أبوداود في سننه من حديث مجاهد عن سعد قال مرضت مرضا فأتاني رسول الله صلى لله عليهوسلم يعودني فوضع يده بين ثديي حتى وجدت بردها على فؤادي وقال لي إنك رجل مفؤود فأتالحرث بن كلدة من ثقيف فإنه رجل يتطبب فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة فليجاهنبنواهن ثم ليلدك بهن المفؤود الذي أصيب فؤاده فهو يشتكيه كالمبطون الذي يشتكي بطنهواللدود ما يسقاه الإنسان من أحد جانبي الفم وفي التمر خاصية عجيبة لهذا الداء ولاسيما تمر المدينة ولا سيما العجوة منه وفي كونها سبعا خاصية أخرى تدرك بالوحي وفيالصحيحين من حديث عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليهوسلم من تصبح بسبع تمرات من تمر العالية لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر وفي لفظ منأكل سبع تمرات مما بين لا بينها حين يصبح لم يضره سم حتى يمسي والتمر حار فيالثانية يابس في الأولى وقيل رطب فيها وقيل معتدل وهو غذاء فاضل حافظ للصحة لا سيمالمن اعتاد الغذاء به كأهل المدينة وغيرهم وهو من أفضل الأغذية في البلاد الباردةوالحارة التى حرارتها في الدرجة الثانية وهو لهم أنفع منه لأهل البلاد الباردةبواطن سكان البلاد الباردة ولذلك يكثر أهل الحجاز واليمن والطائف وما يليهم منالبلاد المشابهة لها من الأغذية الحارة مالا يتأتى لغيرهم كالتمر والعسل وشاهدناهميضعون في أطعمتهم من الفلفل والزنجبيل فوق ما يضعه غيرهم نحوعشرة أضعاف أو أكثرويأكلون الزنجبيل كما يأكل غيرهم الحلوى ولقد شاهدت من يتنقل به منهم كان يتنقلبالنقل ويوافقهم ذلك ولا يضرهم لبرودة أجوافهم وخروج الحرارة إلى ظاهر الجسد كماتشاهد مياه الآبار تبرد في الصيف وتسخن في الشتاء وكذلك تنضج المعدة من الأغذيةالغليظة وفي الشتاء ما لاتنضجه في الصيف وأما أهل المدينة فالتمر لهم يكاد أن يكونبمنزلة الحنطة لغيرهم وهو قوتهم ومادتهم وتمر العالية من أجود أصناف تمرهم فإنهمتين الجسم لذيذ الطعم صادق الحلاوة والتمر يدخل في الأغذية والأدوية والفاكهة وهويوافق أكثر الأبدان مقو للحار الغريزي ولا يتولد عنه من الفضلات الرديئة ما يتولدعن غيره من الأغذية والفاكهة بل يمنع لمن اعتاده من تعفن الأخلاط وفسادها وهذاالحديث من الخطاب الذي أريد به الخاص كأهل المدينة ومن جاورهم ولا ريب أن للأمكنةاختصاصا ينفع كثير من الأدوية في ذلك المكان دون غيره فيكون الدواء الذي قد نبت فيهذا المكان نافعا من الداء ولا يوجد فيه ذلك النفع إذا نبت في مكان غيره لتأثير نفسالتربة أو الهواء أو هما جميعا فإن للأرض خواص وطبائع يقارب اختلافها اختلاف طبائعالإنسان وكثير من النبات يكون في بعض البلاد غذاء مأكولا وفي بعضها سما قاتلا وربأدوية لقوم أغذية لاخرين وأدوية لقوم من أمراض هي أدوية لاخرين في أمراض سواهاوأدوية لأهل بلاد لا تناسب غيرهم ولا تنفعهم وأما خاصية السبع فإنها قد وقعت قدراوشرعا فخلق الله عز وجل السموات سبعا والأرضين سبعا والأيام سبعا والإنسان كمل خلقهفي سبعة أطوار وشرع الله لعباده الطواف سبعا والسعي بين الصفا والمروة سبعا ورميالجمار سبعا سبعا وتكبيرات العيدين سبعا في الأولى وقال صلى الله عليه وسلم مروهبالصلاة لسبع وإذا صار للغلام سبع سنين خير بين أبويه في راوية وفي راوية أخرى أبوهأحق به من أمة وفي ثالثه أمه أحق به وأمر النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه أن يصبعليه من سبع قرب وسخر الله الريح على قوم عاد سبع ليال ودعا النبي صلى الله صلىالله عليه وسلم أن يعينه الله على قومه بسبع كسبع يوسف ومثل الله سبحانه ما يضاعفبه صدقه المتصدق بحبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والسنابل التي رآهاصاحب يوسف سبعا والسنين التي زرعوها دأبا سبعا وتضاعف الصدقة إلى سبعمائة ضعف إلىأضعاف كثيرة ويدخل الجنة من هذه الأمة بغير حساب سبعون ألفا فلا ريب أن لهذا العددخاصية ليست لغيره والسبعة جمعت معاني العد كله وخواصه فإن العدد شفع ووتر والشفعأول وثان والوتر كذلك فهذه أربع مراتب شفع أول وثان ووتر أول وثان ولا تجتمع هذهالمراتب في أقل من سبعة وهي عدد كامل جامع لمراتب العدد الأربعة أعنى الشفع والوتروالأوائل والثواني ونعني بالوتر الأول الثلاثة وبالثاني الخمسة وبالشفع الأولالاثنين وبالثاني الأربعة وللأطباء اعتناه عظيم بالسبعة ولا سيما في البحارين وقدقال أبقراط كل شي في هذا العالم فهو مقدر على سبعة أجزاء والنجوم سبعة والأيام سبعةوأسنان الناس سبعة أولها طفل إلى سبع ثم صبي إلىأربع عشرة ثم مراهق ثم شاب كهل ثمشيخ ثم هرم إلى منتهى العمر والله تعالى أعلم بحكمته وشرعه وقدره في تخصيص هذاالعدد هل هو لهذا المعنى أو لغيره ونفع هذا العدد من هذا التمر من هذا البلد من هذهالبقة بعينها من السم والسحر بحيث تمنع أصابته من الخواص التي لو قالها أبقراطوجالينوس وغيرهما من الأطباء لتلقاها عنهم الأطباء بالقبول والإذعان والإنقياد معأن القائل إنما معه الحدس والتخمين والظن فمن كلامه كله يقين وبرهان ووحي أولى أنتتلقى أقواله بالقبول والتسليم وترك الاعتراض وأدوية السموم تارة تكون بالخاصيةكخواص كثير من الأحجار والجواهر واليواقيت والله أعلم
فصل فيهدية في علاج استطلاق البطن
فيالصحيحين من حديث أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري أن رجلا أتى النبي صلى الله عليهوسلم فقال إن أخي يشتكي بطنه وفي رواية استطلق بطنه فقال أسقه عسلا فذهب ثم رجعفقال قد سقيته فلم يغن عنه شيئا وفي لفظ فلم يرده إلا استطلاقا مرتين أو ثلاثا كلذلك يقول له اسقه عسلا فقال له في الثالثة أو الرابعة صدق الله وكذب بطن أخيك وفيصحيح مسلم في لفظ له إن أخي عرب بطنه أي فسد هضمه واعتلت معدته والاسم العرب بفتحالراء والذرب أيضا والعسل فيه منافع عظيمة فإنه جلاء للأوساخ التي في العروقوالأمعاء وغيرها محلل للرطوبات أكلا وطلاء نافع للمشايخ وأصحاب البلغم ومن كانمزاجه باردا رطبا وهو مغذ ملين للطبيعة حافظ لقوي المعاجين ولما استودع فيه مذهبلكيفيات الأدوية الكريهة منق للكبد والصدر مدر للبول موافق للسعال الكائن عن البلغموإذا شرب حارا بدهن الورد نفع من نهش الهوام وشرب الأفيون وإن شرب وحده ممزوجا بماءنفع من عضة الكلب الكلب وأكل الفطر القتال وإذا جعل فيهللحم الطري حفظ طراوته ثلاثةأشهر وكذلك إن جعل فيه القثاء والخيار والقرع والباذنجان ويحفظ كثيرا من الفاكهةستة أشهر ويحفظ جثة الموتى ويسمى الحافظ الأمين وإذ لطخ به البدن المقمل والشعر قتلقمله وصئبانه وطول الشعر وحسنه ونعمه وإن اكتحل به جلا ظلمة البصر وإن استن به يبضالأسنان وصقلها وحفظ صحتها وصحة اللثة ويفتح أفواه العروق ويدر الطمث ولعقه علىالريق يذهب البلغم ويغسل خمل المعدة ويدفع الفضلات عنها ويسخنها تسخينا معتدلاويفتح سددها ويفعل ذلك بالكبد والكلىوالمثانة وهو أقل ضررا لسدد الكبد والطحال منكل حلو وهو مع هذا كله مأمون الغائلة قليل المضار مضر بالعرض للصفراويين ودفعهابالخل ونحوه فيعود حينئذ نافعا له جدا وهو غذاء مع الأغذية ودواء مع الأدويه وشرابمع الأشربة وحلو مع الحلو وطلاء مع الأطلية ومفرح مع المفرحات فما خلق لنا شيء فيمعناه أفضل منه ولا مثله ولا قريب منه ولم يكن معول القدماء إلا عليه وأكثر كتبالقدماء لا ذكر فيها للسكر البتة ولا يعرفونه فإنه حديث العهد حدث قريبا وكان النبيصلى الله عليه وسلم يشربه بالماء على الريق وفي ذلك سر بديع في حفظ الصحة لا يدركهإلا الفطن الفاضل وسنذكر ذلك إن شاء الله عند ذكر هديه في حفظ الصحة وفي سنن ابنماجة مرفوعا من حديث أبي هريرة من لعق ثلاث غدوات كل شهر لم يصبه عظيم البلاءوفيآثر آخر عليكم بالشفاءين العسل والقرآن فجمع بين الطب البشري والإلهي وبين طبالأبدان وطب الأرواح وبين الدواء الأرضي والدواء السمائي إذا عرف هذا فهذا الذي وصفله النبي صلى الله عليه وسلم العسل كان استطلاق بطنه عن تخمة أصابته عن امتلاءفأمره بشرب العسل لدفع الفضول المجتمعة في نواحي المعدة والأمعاء فإن العسل فيهجلاء ودفع للفضول وكان قد أصاب المعدة أخلاط لزجة تمنع استقرار الغذاء فيه للزوجتهافإن المعدة لها خمل كخمل المنشفة فإذا علقت بها الأخلاط اللزجة أفسدتها وأفسدتالغذاء فدواؤها بما يجلوها من تلك الأخلاط والعسل جلاء والعسل من أحسن ما عولج بههذا الداء لا سيما إن مزج بالماء الحار وفي تكرار سقيه العسل معنى طبي بديع وهو أنالدواء يجب أن يكون له مقدار وكمية بحسب حال الداء إن قصر عنه لم يزله بالكلية وإنجاوزه أوهن القوي فأحدث ضررا آخر فلما أمره أن يسقيه العسل سقاه مقدارا لا يفيبمقاومة الداء ولا يبلغ الغرض فلما أخبره علم أن الذي سقاه لا يبلغ مقدار الحاجةفلما تكرر ترداده إلى النبي صلى الله عليه وسلم أكد عليه المعاودة ليصل إلى المقدارالمقاوم للداء فلما تكررت الشربات بحسب مادة الداء بريء بإذن الله واعتبار مقاديرالأدوية وكيفياتها ومقدار قوة المرض والمريض من أكبر قواعد الطب وفي قوله صلى اللهعليه وسلم صدق الله وكذب بطن أخيك إشارة إلى تحقيق نفع هذا الدواء وأن بقاء الداءليس لقصور الدواء في نفسه ولكن لكذب البطن وكثر المادة الفاسدة فيه فأمره بتكرارالدواء لكثرة المادة وليس طبه صلى الله عليه وسلم كطب الأطباء فإن طب النبي صلىالله عليه وسلم متيقن قطعيألهي صادر عن الوحي ومشكاة النبوة وكمال العقل وطب غيرهأكثر حدس وظنون وتجارب ولا ينكر عدم انتفاع كثير من المرضى بطب النبوة فإنه إنماينتفع به من تلقاه بالقبول واعتقاد الشفاء له وكمال التلقي له بالإيمان والإذعانفهذا القرآن الذي هو شفاء لما في الصدور إن لم يتلق هذا التلقى لم يحصل به شفاءالصدور من أدوائها بل لا يزيد المنافقين إلا رجسا إلى رجسهم ومرضا إلى مرضهم وأينيقع طب الأبدان منه فطب النبوة لا يناسب إلا الأبدان الطيبة كما أن شفاء القرآن لايناسب إلا الأرواح الطيبة والقلوب الحية فأعراض الناس عن طب النبوة كإعراضهم عنالاستشفاء بالقرآن الذي هو الشفاء النافع وليس ذلك لقصور في الدواء ولكن لخبثالطبيعة وفساد المحل وعدم قبوله والله الموفق