عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-15-2014, 12:56 PM
 
" عمي اعطيني سيجارة "...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .أود أن أشارككم هذه القصة (وهي حقيقية) والتي اقشعر بدني لها حينما قرأتها .وللامانه منقوله

لا تحرموني من اللايك + تقييم + تعليق
ساعة صباح , وصوت صكيك صادر عن حزمتي الاصفاد التي يحملها السجان المقترب منا, يرميها عند الارض عند اقدامنا , ينطفئ الصوت الذي امتصته ارضية الباطون, فيسود الهدوء الذي لف المكان .
حزمة واحده لتقييد الايدي واخرى بسلاسل اطول لتقييد الارجل, ثمانية اصفاد من كل نوع ونحن سبعة رجال. اقف مع الاخرين وسط ساحة صغيرة يحيطها عدد من زنازين الانتظار , احاول الاتكاء على الحائط فقد انهكني الترحال بين السجون منذ ان بدانا الاضراب المفتوح عن الطعام . استجمع طاقتي واحاول استنشاق اكبر كمية من الهواء تهيئةً لسفر سيدوم ساعات داخل علبة من الحديد التي سرعان ما تتحول في هذا الحر الى فرن لا يطاق.
يغادرنا السجان نحو عربة نقل الاسرى بعد ان انتهى من تقييدنا......
صوت ياتي من الزنزانة خلفي....
" عمي اعطيني سيجارة " اطل في ظلمة الزنزانة فلا ارى احدا, واحسب نفسي للحظة بانني اهذي ,فياتي الصوت مرة اخرى اعلى واكثر رجاءً " عمي..عمي.. اعطيني سيجارة "اطل في الزنزانة مرة اخرى وانادي الصوت ....
" ولك وينك انت .."
" انا هون تحت "..
انظر من فتحة الباب السفلي المخصصة لإدخال الطعام وتقييد الاسرى , فاجد طفلاً لم يتجاوز عمرة الثانية عشر... طفل يطلب سيجارة !..
احترت التصرف معه , هل استجيب لطلبه وامنحه سيجارة ؟, ام ام ارفض ذلك وانهاه عن التدخين كما يفعل الكبار خارج زمان السجون تجاه الصغار؟؟...
" الكبار!!.. اه الكبار " الهذا الحد تقدمت في السن وابدو كبيرا حتى يناديني عمي؟!! اذعرتني مناداته لي بهذه الصفة , فهذه هي المرة الاولى خلال سنوات اعتقالي ال 26 التي التقي بها باحد يخاطبني بهذه المسافة العمرية, فنحن في السجون اعتدنا ان لا نخاطب بعضنا بهذه التسميات الاجتماعية ذات المعنى العمري مهما كان فارق السن , وانما نخاطب بعضنا البعض ب " اخ" او ب "رفيق" ومؤخرا ب يا " مجاهد".
نظرت اليه واحسست بحاجته للسيجارة لا لكي يمتص نيكوتينها وانما ليرتدي معناها.
كان قلقا بحركته يخشى صغر سنه في قسوة السجن فاراد ان يكون رجلا وبسرعه . تماما كما هي رغبتي الان بان يعود بي الزمن الى الوراء حتى اغدو طفلا, او على الاقل شابا كما دخلت السجن قبل اكثر من ربع قرن.
كلانا كان خائفا انا مما انقضى من الزمن وهو مم لم ينقض... انا من الماضي وهو من المستقبل..انا مما احرقة السجن من عمري وهو مما لا ينجح بحرقه بسيجارة..اصبحت الان بين شفتيه يمدها لاشعلها له عبر الشبك العلوي الذي لا ينجح بالوصول اليه وقد اصبح للسيجاره معنى اخر بعد ان نفث دخانها, واستطال واقفا على رؤوس اصابعه فبدا لي اكبر من عمره الحقيقي وغدت اللفافه بيده فانوسا يطرد به عتمة الزنزانه ويبدد خوفه ووحدته .
لم يكن يدخن بل كان يحاول حرق صورة الطفل . فالطفوله عبء عليه في عالم السجن والقسوه والسجان. كان يسعى للتخلص من براءته وهو يقدم على مواجهة سنوات السجن , براءة لم تشفع له حين حكم عليه لاربع سنوات!.
سار السجان باتجاهنا, التقط من الارض القيد الثامن, وصاح بالطفل بان يمد يديه من طاقة التقييد, فمدها وهو يحمل السيجارة بين اصابعه .فصرخ نحوه السجان مرة اخرى كي يلقي السيجارة من يده, وتمتم لنفسه بضع كلمات لنفسه بالعبريه محتجا على التناقض بين كونه طفلا ويدخن, لكنه مع ذلك واصل باصرار تقييده دون ان يشعر باي تناقض بين المعصمين الصغيرين والقيود .حاول ان يغلق القيد مرارا فكان معصماه اصغر من ان يقيدا , فقرر السجان استخدام قيود الايدي لتقييد ساقيه...
اخرج من الزنزانه استعدادا للسفر.. نظرت اليه وتخيلته ابني الذي لم يشأ القدر ا نياتي به الى الحياه بعد . اردت معانقته بشده واجتاحتني مشاعر الابوه ورغبه شديده بالبكاء.
اخفيت مشاعري حتى لا افسد عليه صورة الرجل الذي اراد ان يبدوه..تقدمت نحوه لالصافحه كند وكمناضل من اجل حرية شعبة مخاطبا اياه :-: " كيفك يا مناضل؟"....



وهنا انتهيت ولكن اود ان اذكر ان اصغر سجين فلسطيني سجن كان عمره 60 شهر أي 5 اعوام ولكن اطلق سراحه بعد مده لا اذكر كم امتدت ولكن اظنها كانت 5 ايام ..


ولكم مني ودي وتحياتي..
رد مع اقتباس