عرض مشاركة واحدة
  #121  
قديم 03-09-2014, 07:25 PM
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
Back

/~

مشاعر مبعثرة

المشهد الخامس

نظرت من خلف الستار راقبت بأعين مندهشة انكسارات اشعة النيون الصادرة عن الاضواء المبهرجة على المسرح , تهدجت انفاسي وقد ملأت البهجة روحي كنت استبق الشعور بالنصر فتحقيق حلمي لم يعد يبعد الا خطوات وهذا الحفل كان الخطوة الاولى لذلك ..

التفت الى الوراء نحو مدير اعمالي العجوز الذي اشار لي بيده ان اتقدم , منحني ابتسامة سريعة للتشجيع وقال بصوت مرتفع حتى اتمكن من سماعه

: هيا إلى المسرح ونالي منهم ! .

سحبت نفساً وانا اقاوم التوتر , حركت قدماي الى خارج الستار وانا اشعر بارتعاش ركبتاي , حدقت بصفوف المشاهدين التي بدأت تهلل لخروجي من الكواليس قدمت ابتسامة مهتزة لهم وانا ادرك بارتباك ان وجهي ظاهر على شاشة العرض العملاقة خلفي , كنت ما ازال اهتز خوفاً عندما دست بقدمي على طرف ثوب الكشمير الازرق وسقطت على وجهي ! .

ساد جو من الصمت لعدة ثوان وتمنيت ان يدوم كذلك ولكني ادركت ان الامنيات لا تتحقق دائماً عندما ارتفعت اصوات القهقهة الهازئة , ابقيت رأسي مدفوناً في الارض ان آلم الاهانة اسوأ من آلم السقطة ذاتها , كان الاحمرار الساخن قد غزا جسدي ليعلن عن مدى حرجي .

تأوهت بألم وانا استمع لجملة احد المتفرجين التي صرخ بها ساخراً

: مهنتها الفنية انتهت قبل ان تبدأ حتى .

ارتفع صوت ضحكهم كما لو ان ضياع احلامي هي اكثر النكات اضحاكاً على الاطلاق ..

رفعت نفسي عن الارض بسرعة وقد زممت شفتاي غضباً من انعدام المشاعر التي يمتلكها هذا الجمهور بينما اندلع بريق مندفع في حدقتاي , لحظت بطرف عيني مدير اعمالي الذي لا ينفك يلوح بيداه ويقفز وهو يصرخ بكلام لم استطع سماعه بسبب ضحك الحشد الذي يزداد علواً , بدا كما لو انه يحذرني من القيام بعمل متهور , زفرت بحدة وانا اوجه له نظرة جعلته يدرك ان تحذيره لا فائدة منه .

تقدمت نحو مكبر الصوت بخطوات واسعة , امسكته بيدي اقربه بعنف مني ثم قلت بنبرة جافة حملت تأنيباً ساخر

: تضحكون كما لو انكم لم تسقطوا قبلاً في حياتكم !.

ارتد صدى صوتي في القاعة بصدى مهيب وتابعت بتوتر بعد ان اربكوني بصمتهم المفاجئ

: مهنتي لم تنتهي بعد , انا واثقة !

تجمعت الدموع في عيناي وانا احاول دفن عبرة كانت تهدد بالتحول لنوبة بكاء , تابعت

: حسناً لقد سقطت قبل قليل امام معظم سكان ولاية " تكساس " , ولكن اليس السقوط والنهوض هو مفهوم الحياة ! ..

خنقتني المشاعر وانا اقول بصوت اجش

: السقوط ليس نهايةَ لأحلامي ! .

شعرت بأني كنت احدث نفسي اواسيها بحيث لا افقد الامل كلياً , كنت على وشك الانجراف بالحديث عندما قاطعني صوت الموسيقى التي اندلعت , نظرت الى الخلف نحو مدير اعمالي وراء الكواليس كان يبدو شاحباً كما لو انه كان على وشك التعرض لنوبة قلبية صرخ بانفعال هيستيري وصل الي بسبب هدوء المكان

: فقط غني , لا تجعلي الامور تزداد سوءاً ! .

عضضت شفتاي والتفت نحو مكبر الصوت , انخفض رأسي الى اسفل وقد عاد الاحمرار الى وجهي , التعبير الذي اعتلى وجهه جعلني أعلم ان ما فعلته الان هو اكثر اعمالي طفولية على الاطلاق , قاومت بشدة الدموع التي بدأت تشكل امواجها الساخنة في عيناي فالانفجار بالبكاء امام هذا الجمهور وكاميرا البث الحي الخاصة بالتلفاز المحلي ستكون اسوأ حتى مما فعلته الان ..

سحبت نفساً ارخي به جسدي المتصلب و اغمضت عيناي وانا اعزل بصري عن الحشد الكبير الذي بدا كما لو ان كل فرد منهم يلتهمني بعينيه التي تحمل انتقاداً قاسياً , حاولت ان اقنع نفسي بإصرار اني غير مهتمة برد فعل الجمهور ففي النهاية انا لم اصعد على المسرح لأغني لأجلهم , انا افعل ذلك لأجلي انا ولأجل النار الموسيقية التي تتوهج داخلي ..

تركت كلمات الاغنية تنسل من بين شفتاي تدفقت النوتات الموسيقية كما لو انها تصدر من اعماق قلبي
استسلمت تماماً لشغف الاغنية الذي يشعل الحرارة داخلي ..

فتحت عيناي بروية بعد دقيقة كاملة من الغناء , دهشت لمنظر الجمهور وهم يتمايلون مع الانغام في انسجام كامل كما لو ان ارتباطي الروحي بالموسيقى قد مسهم ليصلوا لذات السلام الداخلي الذي اشعر به عندما اغني ..

انتهت الاغنية , توسعت شفتاي بابتسامة المنتصر حينما ارتفع التصفيق الحار حتى اصبح دوياً يواكب إيقاع دقات قلبي
نظرت لمدير اعمالي مجدداً , كان يبتسم مثلي وقد لاح ما يشبه الفخر في عينيه

علمت ان سقوطي سيكون على كل صحف القيل والقال غداً ولكني ادركت ايضاً
بيقين تام اني لم افقد حلمي البتة ..
هذا الحفل لم يكن
الا البداية ! ..



/~


لي عودة قريبة
في حفظ الرحمن







__________________
Flames just create us but burns
don't heal like before