عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-05-2014, 11:22 PM
 
القيم الاسلامية الجزء الثامن عشر

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الكبير المتعال والصلاة والسلام على سيدنا محمد المتبع في الاقوال والافعال والاحوال وعلى سائر الانبياء وآله وصحبه التابعين له في كل حال . وبعد
4 / أنواع الجمال : الأشياء التي تنتظم هذا الكون الفسيح ، إما أن تكون أجساما ، لها طول وعرض وعمق كالإنسان والحيوان ، والسماء والأرض ، والشمس والقمر ، ونحوها ، وإما أن تكون معان ، كالأقوال والأفعال والأسماء والصفات ونحوها وعلى هذا ، يمكن تقسيم الجمال إلى قسمين : -
أ-جمال حسي : وهو الذي يدرك بالحس ، كجمال الطبيعة في سمائها وأرضها وشمسها وقمرها وليلها ونهارها وبرها وبحرها ، وكجمال الإنسان من حيث تكوينه ، وقد ذكر القرآن الكريم كثيرا من مظاهر الكون مشيرا إلى جمالها الحسي ، كي ينتفع به الإنسان ، ويشكر ربه الذي سخر له الكون وما فيه ، قال تعالى عن الأنعام : { وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } ، { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ } ، { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ }{ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } وقال تعالى عن الإنسان : { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } ثم فسر قوله { أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } بقوله تعالى : { يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ }{ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ }{ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ } فهذه الآية وتلك ، تعبران عن الهيكل الجمالي الذي بني عليه الإنسان . فالجمال سمة بارزه في الإنسان ، مثلما هو مثبوت في الأعيان الأخرى ، وهو في الحقيقة آية عظيمة ، تدل على قدرة الخالق سبحانه وتعالى وإبداعه ، إذ إنه لم يخلق الخلق فحسب ، ولكنه خلق فأحكم ، وبرأ فأبدع ، وصبغ فأحسن ، ولا يستطيع أحد - ولو أعانه أهل الأرض جميعا - أن يأتي بمثل خلقه في الجمال والإبداع .

ب - جمال معنوي : ويتمثل في أمور كثيرة ، لا تدرك بالحس والرؤية ، ولكنها تدرك بالعقل الواعي ، والبصيرة المفتوحة . ويمكن تصنيفها كالأتي : -
- الأقوال : فالجمال المعنوي موجود في الأقوال الحسنة ، والألفاظ الطيبة ، قال تعالى : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } فقد جعل الله الدعوة إلى الإسلام ، والنطق بكلمة الشهادة من أحسن الأقوال وأجملها ، فدل ذلك على أن الجمال موجود في الأقوال التي يقولها الناس ، وفي الألفاظ التي ينطقونها لا من حيث تركيبها اللفظي وصياغتها البلاغية ، ولكن بالنظر إلى ما تحمله من المعاني والمدلولات .
- الأفعال : والفعل قرين القول ، بل إن القول إذا لم يقترن بالفعل ، لا يبلغ الكمال في الحسن ، ولهذا ذكر الله تعالى في الآية السابقة قوله : وعمل صالحا ، إذ القول وحده - مهما كان جميلا - لا يكفي صاحبه ، لاعتباره مسلما ، ما لم ينضم إليه فعل ولهذا أورد أهل العلم تعريفا جميلا عن الإيمان فقالوا : هو نطق باللسان ، وعمل بالأركان ، وتصديق بالجنان وعلى العموم ، فان الجمال يوجد في الفعل كما يوجد في القول .
رد مع اقتباس