جلست الفتاة قرب جدها العجوز قائلة
يا جدي العزيز افدني في حياتي
قال الجد العجوز
دعيني اعلمك يا ابنتي ما عرفته في حياتي
لقد ولدت في زمن عرف معني الوفاء وعشت في منزل شهد معني الصفاء لقد كان الاخ قديماً يضحي بحياته لاجل راحة وسعادة اخوه وكان الرجل يغض بصره أن رأي فتاة في الشارع
كانت الغيرة منتشرة في ذلك الزمان فلم نكن نسمع ما نسمع اليوم عن اغتصاب او اختفاء او اختطاب او هرب
وكان الرجل يخاف علي اخت صديقه كما يخاف علي اخته وكانت الفتاة تتزين بالستر وتتجمل بالاخلاق وتتعطر بعطر سيرة رسول الله _صلي الله علي وسلم _
فكنا يا ابنتي اذا مرض احدنا نزوره ونسهر لراحته واذا مات احدهم نعود اهله وندعو لهم بالصبر وله بالمغفرة
كانت النيران تشهد علي تجمعتنا وعلي حروبنا
فقد كنا يا ابنتي نتجمع كل ليلة ليحكي كل منا قصة يومه حول تلك النيران وفي وقت حروبنا كنا ندافع عن انفسنا وعن بلادنا وتشهد النيران علي دمائنا
وعندما تلد احداهن تنتشر التبريكات والفرحة لانضمام عضو جديد لحياتنا وكنا نفرح لفرح غيرنا ونحزن لحزن غيرنا ففي هذه الايام يا ابنتي انتشرت ما تسمع بمواقع التواصل العالمي والهواتف النقالة التي تجدها في يدك كل يوم واصبحت يا ابنتي السنتنا ساكنة هادئة واصابعنا تتحدث من وقت لاخر افتقدنا جلوسنا حول بعضنا اصبحت بيننا مسافات اكبر من البحار والخلجان اكبر من الوديان والصحاري كنا يا ابنتي برغم صعوبة السفر وصعوبة التواصل نسأل عن بعضنا بعضاً عكس يا ابنتي زمانكم الذي اصبح الاخ يقتل اخوه فقط لاجل منشور سياسي او حتي لاجل مطربة اعجب بها او حتي لاجل ماديات سخيفة
حياتنا يا ابنتي كانت مليئة بالسعادة والفرحة رغم بعد المسافات ورغم ظروفنا القاسية الا انني لم اندم يوما لاني ولدت في ذاك الزمان يا ابنتي
فهل فهمتي ما اريد ان اوصله لكي يا صغيرتي ؟
لا تجعلي التطور ياخذكي لعالمه الوهمي بعيدا عن اسرتك ولا تجعلي الحسد والحقد يعمي قلبك الابيض كوني سعيدة واسعدي الناس من حولك
فنحن في زمن لا يعرف الرحمه اصبح الغني يسرق الفقير والقوي يستقوي علي الضعيف
اصبحنا لا نرحم ولا تساعد غيرنا يا ابنتي مهما اغلقت في وجهك ابواب السعادة احرصي علي فتحها بمفاتيح الحياة
رددت عليه والعبرة تخنقني من هذا العالم
فهمت يا جدي
من تأليفي ......
وصلت المعلومة