عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-06-2014, 06:43 PM
 
فَاســــتَقِمْ كَمَـــــا أُمِـــــــــرْتَ ....



فَاستَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ
عبد الله بن أحمد بيه


كنت في طريقي لقضاء بعض متطلباتي، استوقفني مشهد بين اثنين أحدهما في أوائل العشرينات والآخر يظهر عليه سمات المستقيم، وسمعت الأول رافعاً صوته قائلاً للآخر ” مطوع وتسقط علي ” فأخذ الجدال نصيبه بينهما، لا أعلم من الخاطئ سوى علمي بأن كل واحد منها يخطئُ الآخرَ بين أوساط الفضوليين ـ كعادتهم ـ، لكن تذكرت حينها مشاهد كثيرة تمر علينا ـ مثل هذا المشهد ـ حيث يتصيد الكثير أخطاء المستقيمين ويتخذها فرصةَ نصرٍ له.




وهذا هو السائد في مجتمعنا وللأسف، تعميم وبناء سوء سلوك البعض على المستقيمين أجمع ـ يقولون التعميم صفة الجهال ـ، وإن إطلاق القول على فئة بصفة محددة بعيد عن الإنصاف، فقد يكون من ظاهره الصلاح وقلبه غير سليم، وغيره أقرب إلى الله وأتقى، مع عدم إقرارنا بحسن صنيع الآخر وعدم الالتزام بمظهره كإطلاق اللحية وتقصير الثوب و..و..و..، وقد يكون صالحاً لكنها زلة لسان، وبنو آدم ذوو أخطاء، لكننا نلوم من يتمادى ويسيء التعامل.




إن الالتزام هو التقيد بضوابط ومنهاج محدد بحيث لا يخرج عنها ولا يفتر في التقيد بها، لا نريد منضبطين ظاهراً فقط، بل نحتاج أمثال أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - نحتاج علماء عاملين، يظهر أثر علمهم والتزامهم في حديثهم ومعاملتهم وردود أفعالهم، نحتاج أن نرى الألفة بينهم أيضا حتى تتوق نفس غير المستقيم لتلك الاستقامة التي من خلالها رأى مدى الحب والصلاح والأخوة بين المستقيمين.
هذا طريق السالكين لربهم *** فاسلك حباك الله بالإيمان
ولتتبع هدي النبي المصطفى *** فبهديه تنجو من النيران
وازهد أخي في متاع زائل *** واقهر غرور النفس والشيطان
واعمل لجنات النعيم وطيبها *** فنعيمها يبقى وليس بفان




والله إنه ليضيق الصدر وتدمع العين عندما نرى لمن ظاهره الصلاح ديدناً قد اعتاد عليه فلا نراه محافظاً مسارعاً للصفوف الأولى في الصلاة، بل نراه متخلفاً عن صلاة الفجر أو العصر، ومنشغلاً بالمباحات ولا نراه متورعاً عن الشبهات، ناهيك عن تقصيره في بر والديه محتجاً بانشغاله في الدعوة وغيرها، وكذا من نراه مقصراً في صلة أرحامه، مضيعاً لأوقاته مهتماً بوسائل الاتصال العصرية، متنازل عن مبادئه الأساسية، لا يملك الجدية ومصاب بهزيمة نفسية.




ملتزمٌ جسداً بلا روح، فليس له حظ في القيام والصيام، لا يعرف إلا الذكر بعد الصلوات إن لم يغفل عنها، ورده من القرآن الكهف لا يعرفُ ورداً غيره، تتوق نفسه للطلعات والمناسبات أكثر من حلَقِ القرآن والمحاضرات، مهتمٌ بصلاح ظاهره ومقصرٌ في صلاح قلبه، أين التمسك بالاستقامة الحقيقية؟!، تذكر (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ)، (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ)، (فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا)، أين منهاج محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي قال: (( إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا )).




لا أتحدث كمسيء للمستقيمين بل هم نورٌ بين الفتن وهم أمل الأمة وتاجها، وهم من ثبتوا عند تخاذل الكثير، وهم من يترصد بهم للنيل من الإسلام والمسلمين، نعم.. نؤمن بالتقصير ونؤمن بأن الأغلب هم الأنقياء الأتقياء لكن هنا أتحدث عمن ينسب إليهم وهو من الاستقامة أبعد، با أتحدث مدافعاً عن الصفوة من الخلق، فليسعَ كل من أظهر الصلاح إلى أن يربط صلاح علانيته بصلاح سريرته، وليتق الله ربه وليعلم أنه حامل للواء الإسلام وأنه سفير لمنهج الحق وأهله، وليتخلق بأخلاق القرآن ويستن بسنة المصطفى العدنان - صلى الله عليه وسلم - ولا يسيئن لدين الله ودين الله من سوء خلقه براء.

العلم بالحق والإيمان يصحبه ** أساس دينك فابن الدين مكتملا
لا تبن إلا إذا أسست راسخة ** من القواعد واستكملتها عملا
لا يرفع السقف ما لم يبن حامله ** ولا بناء لمن لم يرس ما حملا






__________________
إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " !
رد مع اقتباس