عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 09-21-2013, 02:06 PM
 











قال ابن الماجشون: سمعت مالكا يقول:

من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة، لأن الله يقول {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فما لم يكن يومئذ دينا، فلا يكون اليوم دينا.



2- أن المبتدع معاند للشرع ومشاق له:


لأن الشارع قد عين لمطالب العبد طرقا خاصة على وجوه خاصة، وقصر الخلق عليها بالأمر والنهي والوعد والوعيد، وأخبر أن الخير فيها وأن الشر في تعديها.. إلى غير ذلك، لأن الله يعلم ونحن لا نعلم وأنه أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، فالمبتدع راد لهذا كله، فإنه يزعم أن ثّم طرقا أخرى.




3- المبتدع قد نزل نفسه منزلة المضاهي للشارع:


لأن الشارع وضع الشرائع وألزم الخلق الجري على سننها وصار هو المنفرد بذلك لأنه حكم بين الخلق فيما كانوا فيه يختلفون وإلا، فلو كان التشريع من مدركات الخلق لم تنزل الشرائع ولم يبق الخلاف بين الناس ولا احتيج إلى بعث الرسل عليهم السلام.

هذا الذي ابتدع في دين الله قد صير نفسه نظيرا ومضاهيا للشارع، حيث شرع مع الشارع وفتح للإختلاف بابا ورد قصد الشارع في
الإنفراد بالتشريع وكفى بذلك.(1)



4- إنه اتباع للهوى:


لأن العقل إذا لم يكن متبعا للشرع لم يبق له إلا اتباع الهوى والشهوة وأنت تعلم ما في اتباع الهوى وأنه ضلال.

ألا ترى قول الله تعالى {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴿٢٦﴾} (ص:26).

فحصر الحكم في أمرين لا ثالث لهما عنده، وهو الحق والهوى وعزل العقل مجردا، إذا لا يمكن في العادة إلا ذلك.

وقال تعالى {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ} ( القصص:50). إلى أن قال والمبتدع قدم هوى نفسه على هدى ربه فكان أضل الناس وهو يظن أنه على هدى.

وعن ابن عباس في قوله {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} (آل عمران:106)

قال تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة.

ومن الآيات قوله تعالى {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿١٥٣﴾} (الأنعام:153) فالصراط المستقيم هو سبيل الله الذي دعا إليه وهو السنة، والسبل هي سبل أهل الإختلاف الحائدين عن الصراط المستقيم وهم أهل البدع ليس المراد سبل المعاصي لأن المعاصي من حيث هي معاصي لم يضعها أحد طرق تسلك دائما على مضاهاة التشريع وإنما الوصف خاص بالبدع المحدثات.



قال شيخ الإسلام رحمه الله:

قال تعالى {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّـهُ } (الشورى:21).

فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله أو أوجبه بقوله أو فعله من غير أن يشرعه الله فقد شرع في الدين ما لم يأذن به الله، ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذ شريكا لله، شرع في دين الله ما لم يأذن به، فمن أطاع أحدا- في دين ما لم يأذن الله به- من تحليل أو تحريم أو استحباب أو إيجاب- فقد لحقه من هذا الذم نصيبٌ كما يلحق الآمر الناهي



البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية:

قال طائفة من السلف – منهم الثوري – البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، لأن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها، وهذا معنى ما روي عن طائفة أنهم قالوا: إن الله حجر التوبة على كل صاحب بدعة، بمعنى أنه لا يتوب منها لأنه يحسب أنه على هدى ولو تاب لتاب الله عليه كما يتوب على الكافر(2).


















(1) هذا من أقوال الإمام الشاطبي، وقد بينت ذلك أول المسألة.


(2)مجموع الفتاوى لابن تيمية (11/685).
__________________
ليلى
رد مع اقتباس