الموضوع: القفص الوردي
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-16-2007, 12:05 PM
 
القفص الوردي

البعض لديه طائر جميل يحبه ويستمتع بالنظر إليه وملاطفته واطعامه.

ويأتي بالأصدقاء لمشاهدة جماله .. ولا بأس من القيام ببعض الحركات

التي تضحكهم - إذا كان ببغاء مثلاً - وحتي نحتفظ بهذا الطائر أطول فترة ممكنة

نصنع له قفصاً.. نزينه بالورود .. نضع فيه جميع وسائل الراحة ..

نهتم بنظافته يومياً.. نوهم أنفسنا بأن هذا القفص لحمايته خوفا عليه من

مجاهل الحياة القاسية.. فلديه كل متطلبات الحياة الاساسيه..وأهم شئ ألا وهو الأمان..

هذه هي حجة السجان -عفوا - مالك الطائر والقفص أيضا , فماذا يريد غير هذا ؟؟

ولكننا لم نهتم أبدا بمعرفة هل هذا الطائر سعيد هكذا أم لا؟.. هل يشعر بالأمان فعلا ؟؟

الإجابة بسيطة وسهله جدا جدا.. تعال معي ولنفتح سوياً باب القفص لأي طائر..

ماذا يفعل حينها ؟؟

إنه يطير.. ويطير.. ويرفرف بجناحيه عالياً.. لا ينظر خلفه ولا تحته

يغدو إلى السماء, إلى أعلى يناطح السحاب , يسابق الريح ..

اذاً .. فهو لم يكن سعيدا أبداً...لا يحتاج للامان المزعوم, لا يحتاج إلى الطعام والشراب

لا يريد أن يبتسم وهو حزين.. يشعر وكأن نظرات الإعجاب به وهو في قفصه

وكأنها سهام تطعنه في كبريائه.. لا تستعجب أو أرى نظرات الدهشة في عينيك

إنها الحقيقة.. فلو كان هذا الطائر سعيدا بقفصك الوردي لما فرح كل هذا الفرح !!

وخرج مسرعا وكأنه يفر من شئ مخيف يطارده .. أو كابوس مفزع كان يعيشه

وأخيرا أفاق منه..لقد باع أمانك بحريته.. برفرفة جناحيه دون قيود أو سلاسل

باستنشاقه هواءاً نقياً غير هوائك الفاسد .

آن الاوان ليغرد وقتما شاء دون أن يجبره أحد على الغناء..أن يضحك دون أن

يضحك احد عليه..أن يشعر بالجوع والعطش , دون أن ينتظر أن تمن عليه بهما

أن يشعر انه ما زال حياً.

إننا مثل هذا الطائر.. وكلنا له قفصه الوردي الذي يعيش فيه , وإن اختلفت أشكاله وأحجامه..

منذ ولادتنا وحتى مماتنا.. نخرج من قفص لندخل في آخر.. نودع سجانا

لنفاجئ بآخر أكثر قسوة من سابقه...منا من يرضى بقفصه ويتقوقع داخله

ويحاول أن يتعايش معه ويقبل بالفتات الذي ترمى له بفرحه غامره.. ومنا من

يصارع الصعاب يحاول أن يجد له طاقة من الحرية يتنفس منها.. يخرج بها أفكاره

ما بداخله من كبت وقهر..ولكنه كمن يحارب طواحين الهواء..كمن يحفر في البحر..

للأسف يوما بعد يوما يضيق علينا القفص .. تقام عليه أسوار وحواجز تحجب

عن رؤية الواقع...تكمم الأفواه حتى لا نصرخ من الألم.. حتى لا نقول لالالالالالا..

حتى لا نحتج على وضعنا بالقفص...والسجان يجلس منتشياً يضحك من بكائنا

وصراخنا وآلامنا.. كلما ازدادت الآلام كلما كان سعيدا..ظنا منه أنها تعبير عن السعادة.

فإلى متى نرضى بالقفص الوردي؟؟ إلى متى نظل قابعين داخله ننتظر مصيرنا المحتوم؟؟

أما آن الاوان لنتمرد عليه..

أما آن الآوان لنقول لا....

أما آن الآوان لنكون أو لا نكون...

أما آن الآوان لنتحرر من القفص الوردي


فارس
رد مع اقتباس