عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 07-03-2013, 03:55 PM
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم

~[ الفصل الثاني]~


انطلق محمد بسيارته بهدوء بالغ يتناقد مع معالم الحزن التي اعتلت محياه ، و بعد مدة ليست بطويلة توقف امام قصر فخم بعد توقفه امام البوابة التي تعيق دخوله للقصر ، برز من ورائها رجل ثلاثيني باسم الثغر يرتدي ملابس الحرس فتح لهم البوابة و لم يبدي اياً منهم اهتماماً له ، اكمل محمد طريقه بهدواء و توقف من جديد امام باب القصر الداخلي و فور توقفه نزلت بسرعة و الدتهما لكي تقول برقة
" خذو كل اللي تبونه من هني ، تذكرو .... حنا ما بنريع ( بنرجع) مرة ثانية "
نزل محمد ورائها ثم اومأ لكي تبتسم له ابتسامة حنونة ثم دخلت الي القصر وشقت طريقها نحو الاعلي غير مبالية باي شئ او شخص قد يعيق طريقها للوصول ، و عندما وصلت للاعلي توجهت نحو مكتب زوجها ، كانت الغرفة في حالة يرثي لها ، حيث كانت تتكون من مكتب كبير في الزاوية اليمنى بُعثرت عليه العديد من الكتب و الاوراق و خزانة صغيرة بجواره فُتحت ادراجها السفلية و الباب العلوي الذي ظهر من خلفه طرف معطف اسود اللون و عدة ارفف من الكتب المرتبة ترتيب دقيق ، بينما علي الارض كان هناك مجموعات من الكتب التي كانت في اماكن مختلفة من الغرفة ، نظرت هي للمكان بإنزعاج لكنها تذكرت كلام زوجها لكي تشعر بالسكينة و تغلق باب الغرفة و تتوجه نحو غرفتهما بخطوات متسارعة ، ثم فتحت باب الغرفة لكي تضيء الانوار و وجدت الغرفة كما تركتها تماماً لا تشوبها شائبة ، السرير الكبير ذو الفراش البني اتخذ مكانه بمنتصف الغرفة ، طاولتان ذهبيتان متكونتان من ثلاثة ادراج بجوار جانبيه ، خزانة عملاقة باللون البني اتكأت على الجدار الايمن للغرفة ، ابتسمت برضى عن اناقة الغرفة الواضحة و التي جعلت منها تصلح لان تكون غرفة خمس نجوم في افخم فنادق العالم ، سارت بخطوات مترددة نحو الطاولة الذهبية القابعة بجوار الجانب الايمن للسرير لكي تحاول فتح الدرج الاول منها لكن فشلت و ادركت انها بحاجة للمفتاح ، اجل .... مفتاح ، لديها المفتاح ، توجهت بسرعة نحو الخزانة و فتحتها لكي تخرج صندوق كبير ازرق اللون ثم وضعته علي السرير و فتحته لكي يظهر ذلك الذهب الذي يجعل العين تلمع له ، بحثت بشغف لكي تجد مفتاح فضي صغير اخذته بحماس لكي تجربه و قد فتح الدرج بالفعل ابتسمت بفرح و هي تنظر لداخل الدرج لتجد اكوام من الاوراق المرتبة ، اخذت كل الاوراق الي كانت بالدرج و وضعتها علي السرير ثم جلست بجوارها و بدأت في الامساك بالورقة الالى ورقة تلو اخرة حتي وقعت عينها علي ملف ابيض تماماً لا يعكر صفو لونه سوى إمضاء زوجها على طرفه الايمن باللون الازرق فتحت الملف و شرعت في قراءة الاوراق التي به بفضول غريب ، بعد انتهائها من القراءة نظرت بدهشة للاوراق ، الان بعد ان ادركت ما هي هذه الاوراق ، يعد ان اصبح كل شئ واضح ، اصبح كل شئ مخيف ، هذة هي الاوراق التي وعدت زوجها بان تحفظها بين ضلوعها ، لكن الان ادركت بأن ( بين ضلوعها ) ليس بالامان الكافي لكي تضع به هذة الاوراق ، هذة الاوراق كل كلمة بها بل و كل حرف قد يسبب دمار شامل للبشرية ، لو كان اخبرها قبل هذا بمدة اطول بقليل ، لكانت ناقشته .... لكانت ادركت الان ماذا عليها ان تفعل بهذه الاوراق و اين تضعها ، بدأت دموعها تسيل وهي تفكر بانه لازال حياً و هي لا تعلم ما العمل فماذا سيحدث بعد موته اذاً ؟! ، " شو راح تسوين الحين يا فاطمة ؟! " طرحت السؤال علي نفسها كما لو كانت سوف ترد عليها نفسها و تعطيها الحل النهائي لمشكلتها ، بدأت تتذكر شجرة الدر ، عندما اتت لمصر كان الحج محمد يتركها وحدها كثيراً فبدأت تقرأ العديد من الكتب ، لكن كتاب شجرة الدر ، انه اكثر كتاب اثار دهشتها ، فشجرة الدر لم تبكي او تحزن على وفاة زوجها و تركت قلبها خلفها و اهتمت لشؤون البلاد و لانهاء ما بدأه زوجها ، مسحت بيدها اليسري دموعها بينما باليمني ضمت الاوراق الي قلبها كما لو كانت تريد حقاً ان تضعها بين ضلوعها
ثم قالت بنبرة حزن تخللتها بعضاً من السخرية
" دوركِ عشان تصيرين شجرة الدر يا فاطمة "
ثم وقفت لكي تمسك الورق بقوة و صاحت بصوتها العالي الرفيع قائلة
" جميلة "
و لم تمضي ثواني حتي اتت فتاة شابة طويلة القامة ترتدي ملابس الخدم و تغطي شعرها الاسود بذلك الطوق الكبير الذي يرتديه الخدم وقفت الفتاة امام باب الغرفة تنتظر ان تستمع جيداً لاوامر السيدة فاطمة حتي تنفذها ، قالت فاطمة بلطف
" جميلة لو سمحتي جمعي ملابسي بالشنطة الكبيرة ، و قولي لعادل يحطها بالسيارة "
اومأت جميلة بسرعة ثم نظرت لفاطمة بفضول لكي تقول
" انتو هتسفرو ؟! "
اجابت فاطمة بنعم ثم انهت الحوار بمغادرتها للغرفة و هي تقول بلطف
" مشكورة جميلة "
ابتسمت جميلة لكنها وقفت مكانها لدقائق تضع كل الروايات الممكن حدوثها بعد ان يتركوها هنا و يرحلو ، ثم اسرعت نحو الخزانة الكبيرة المكونة من ثلاثة ابواب لكي تفتح هي الباب الذي بالمنتصف و تخرج منه حقيبة سوداء كبيرة و تضعها على السرير ثم فتحتها و فتحت باب اخر و بدأت بجمع الملابس و ترتيبها بداخل الحقيبة .


*~*
~*~*~
~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~
و في غرفة محمد كانت غرفة كبيرة بها خزانة سوداء علي الجانب الايمن و بالجانب الايسر مكتب صغير ابيض اللون فوقه رفان رتب عليهما الكتب ترتيب ابجدي ، و توسط الغرفة سرير كبير ابيض اللون كذلك، و كانت الارضية السوداء تعطي للغرفة منظر كما لو كانت غرفة من المستقبل ، و كانت الغرفة تدل علي شدة دقة صاحبها ، و كان محمد يقف امام خزانة الملابس بعد ان وضع حقيبته علي السرير و بدأ بترتيب اغراضه بداخلها لكنه توقف فجأة عندما وجد تلك الصورة المشوشة لفتاة ما ، كانت الصورة مشوشة لا تظهر من ملامح الفتاة شئ لكن ، هو كان يحفظ معالم وجهها عن ظهر قلب ، فقد التقط هذة الصورة فقط لكي يكون معه جزء منها اينما كان ، و مهما حدث ، لا يذهب إلى بلد او إلى عطلة او إلى منزل اخر سوى و صورتها معه ، و اذا كان يستطيع لاخذها معه بكل مكان لكنه كان يخشي ان تضيع منه ، ابتسم بسعادة لكي يضعها بحقيبته ثم اكمل ترتيب الملابس بها .
*~*
~*~*~
~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~


بينما بغرفة مريم ذات الوان الحائط الفسفورية و الديكور المبهرج كانت هي جالسة علي السرير الذي جلس بزاوية الغرفة اليسرى و كان يشبه اسره الاميرات ، و خزانة تشبه صندوق الكنز وضعت بالجانب الايمن من الغرفة بينما امتلأت فراغات الغرفة بالعديد من الالعاب و الدمى ، و كانت هي جالسة علي السرير تنظر للارض و تترك دموعها تسيل ، كانت تفكر ... كيف ستكون الحياة بدون والدها ؟! ، كيف سوف تتعايش مع الوضع ؟! ، و هل سيعودون لمصر مره أخرى ؟! ، ام أن والدها سوف يأتي لهم ؟! ، و هل سوف يأتي لهم حياً ام ميتاً ؟! ، العديد من الافكار تدور بداخل عقلها ، كانت تحسد محمد علي تحمله ، و محاولته للتأقلم ، هي لن تستطيع ان تدعي ان والدها كان لا شئ ، لا تستطيع ، ابتسمت بهدوء و هي تتذكر الاناشيد التي كان ينشدها لها قبل النوم ، اعطاها طوال حياته الكثير من الاهتمام و الكثير من الحنان و ، لا يمكنه ان يصبح فجأة مجرد ذكرة عابرة ، مسحت دموعها بكلتا يديها و لكن بدل ان تمسح دموعها اخفت وجهها بيديها و بدأت في البكاء بشكل هستيري ، و لم تتوقف سوى بعد نصف ساعة ، لكي تمسك بمنديل من العلبة الوردية التي كانت بجوارها علي السرير ثم مسحت به دموعها و تركته علي السرير و وقفت و سحبت من اسفل سريرها حقيبة كبيرة حمراء اللون ، اوقفتها علي عجلاتها و رفعت اليد و بدأت بسحبها خلفها و اوقفتها من جديد بجوار خزانتها ثم فتحت خزانتها و فتحت الحقيبة كذلك ثم وقع بصرها علي قميص كان هدية من والدها فامسكت القميص و بدون شعور ضمته و شرعت بالبكاء و هي تردد " لا "
لم تبكي طويلاً هذه المرة ، فجأة شعرت بيد دافئة علي كتفها لكي تنظر للاعلي فوجدته شاباً طويل القامة انحني قليلاً لها لديه شعراً اسود تماماً تناثر علي جبهته و شعراً طويلاً حيث قد كان يشتت رؤية عينيه النيليتين و كانت تلك الابتسامة الهادئة تسرق القلوب من بين الضلوع قد ارتسمت علي وجهه ، نظرت له مريم بذهول لكي تقف وهي تقول بغضب
" كيف تدخل هني ؟! ، انت انجنيت ؟! "
ابتسم هو ثم قال بهدوء
" اسف ، سمعتكِ بتعيطي ( بتبكي ) ، دخلت اطمن بس "
اشارت هي للباب و هي تقول بغضب
" اطلع برا غرفتي ، و اذا دخلت هنا مرة ثانية بطردك ، تفهم وش يعنى بطردك ؟! "
أومأ هو مبتسماً ثم قال بلطف غير مبالي بما قالته
" مع السلامة "
ثم خرج من الغرفة لكي تقول هي بغضب و صوت منخفض
"
موب ناقصتنك بعد يا عادل "
و ذهبت بانزعاج نحو خزانتها لكي تكمل ترتيب الملابس بداخل الحقيبة .


*~*
~*~*~
~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~


كان محمد قد انتهي تقريباً ثم حمل حقيبته و خرج من غرفته لكي يجد عادل يسير بالجهه الاخر،
فتح فمه و كاد ان يناديه لكنه تذكر ، تذكر بانه لا يمتلك العذر المقنع الذي عليه ان يقدمه له ، فكيف سيخبره بانه سيتركه ؟! ، و انه لن يراه من جديد ؟! ، نظر له بحزن شديد ، فهو يدرك بان عادل سوف يذهب هو و جميلة الي مكان اخر الان ، لن يعودو الي هنا من جديد ، كم هو صعب ان تفترق عن شخص تحبه ، كم ؟! ، انزل رأسه ينظر للارض بشرود و لكنه بعد دقائق شعر بشخص يقف امامه رفع رأسه ليجد عادل يبتسم له بمرح و يقول مدعياً الغضب
" كنت هتمشي و متقولش ؟! ، لالالا ، زعلت منك اوي "
ابتسم محمد بسعادة ثم قال مدعياً الغضب هو الاخر
" و انت يعني كنت هتقول لي انك هتمشي ؟! "
ضربه عادل علي كتفه بخفة ثم قال بغرور
" عادي ، روح امشي ، انا مش عوزك اصلاً "
امسك محمد بكتفه فالضربة " الخفيفة " بالنسبة لعادل ، هي بالنسبة لمحمد " قوية " فعادل يفوق محمد قوة و سناً ، تدارك عادل الوضع لكي ينظر لمحمد بتوتر ثم قال بقلق
" بتوجعك ؟! "
حرك محمد رأسه بالنفي ثم حمل حقيبته باليد الاخرة و كاد عادل ان يطلب منه ان يحملها هو لكن خرجت مريم من غرفتها التي بالجهه المقابلة لغرفة محمد لكي تقول
" عادل ، ممكن تنزل لي شنطتي ؟! "
نظر لها هو ثم اومأ بسعادة و قال لمحمد بلطف
" يالا يا بطل ، هننزل مع بعض "
لكن جميلة كذلك خرجت من غرفة السيدة فاطمة التي بالدور الذي يليهم لكي تصيح بصوت مرتفع قائلة
" عادل "
ادرك عادي ما تريد فنظر لمريم لكي يقول بارتباك
" اسف ، هجيب الشنطة بتاعت الحجة فاطمة ، و هنزل اخد شنطتك "
نظرت له مريم بنفاذ صبر ثم اشاحت بوجهها للجهه الاخرة لكي يركض هو للاعلي بسرعة و يأخذ الحقيبة من جميلة ثم نزل لكي يقف امام مريم التي سحبت حقيبتها و اعطتها له فحملها هي الاخرة ثم نظر لمحمد لكي يقول بحماس
" يالا ، انت واقف ليه ؟! "
اندهش محمد منه ، كيف ركض صعوداً و نزولاً بهذة السرعة ؟! ، و كيف يحمل حقيبتان معاً ؟! ، عادل قوي ... اجل ، لكن جسده الهزيل لا يساعده ليصبح اقوي ، تقدم عادل محمد في السير لكي يتبعه محمد و خلفهما سارت مريم ، و بعد نزول السلالم المتعبة بالنسبة لمحمد ، العادية لعادل ، التي لم تعني شئ لمريم وصلو الي السيارة ، اسرع محمد بفتح صندوق السيارة و وضع حقيبته بالداخل ثم ابتسم بسعادة لما انجزه بينما عادل اقترب ووضع حقيبة السيدة فاطمة ثم ترك حقيبة مريم بجوار السيارة و كان في طريقه للعودة الي المنزل لكن مريم صاحت قائلة
"و منو مفروض يدخلها ؟! "
نظر هو لها ببرود غريب علي عكس ما كان عليه من لطف منذ قليل ثم قال بنبرة باردة
" انتِ "
ثم اكمل طريقه متجاهلاً كل صياحها و تهديدها له

ما هو سبب تغير مزاج عادل المفاجأ ؟!
لا تعلمون ، لكنني اعلم !
لذا تابعوني لتدركو ما هو سبب تغير حالته
و جدياً ... لا تفكرو كثيراً بالموضوع فكل تلك الافكار و التخمينات بعقولكم غير صحيحة .

شكراً للمتابعة


ملحوظة : [ اسرة الحج محمد ( مريم ، محمد ، فاطمة ) دائمي السفر ، لذا فهم يتحدثون باكثر من لهجة ، و اي كلمة غير مفهومة سوف اكتب معناها بين قوسين بجوارها ]



التعديل الأخير تم بواسطة المهندسة منة الله ; 07-03-2013 الساعة 05:20 PM