عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 06-10-2013, 03:33 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://www8.0zz0.com/2015/02/27/17/521660796.jpg');border:3px solid gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

(10)
- العنزة!
تمتم عماد بعدم تصديق ، وهي تقف أمامهم وتوجه نظرات الكراهية نحو لينا . نزل الكثير من الجنود من العربة الخلفية وأحاطو بهم في شكل كالدائرة ..
اقتربت قليلاً ثم نظرت لهاني وقالت :
- لماذا ترافقهم؟
" هذا ليس من شأنك ... " أجاب :
- إنها أوامر ولي العهد ..

نظرت دعاء إلى لينا، واقتربت منها وهي تحدجها بنظرات الكراهية .. ثم انتقلت إلى عماد وهي تقول :
- إلى أين ستذهب؟ لن أرحمك حتى تصلح اخطائك معي! هل فهمت!

حك عماد شعره وهو ينظر إليها بغباء وقال :
- أيُ أخطاء أيتها العنزة؟ ارى أن ذرات جسدك كلها مليئة بالغباء
شعرت دعاء بالغيظ وزمجرت وهي تضرب صدر هاني :
- سأريك أيها الوقح! سأحبسك في زنزانة وأعذبك حتى الموت!

بنظر هاني باستغراب ثم أمسك بذراعيها للتوقف عن الضرب على صدره وتساءل :

- هل تقصدينني؟

انتبهت دعاء وسحبت ذراعيها من بين يدي هاني ثم عاد تتنظر إلى عماد وقالت تأمرُ جنودها :
- امسكو بهذا الشاب الوقح!

وضع هاني يديه على خصره واستل سيفه ليقف مدافعاً عن لينا وعماد وقال بنبرة مخيفة :
- اقتربوا إذاً ! أنا أحذركم !

كانت لينا تقف مذهولة من إصرار دعاء، وعندها تقدمت إلى الأمام وتخطت سيف هاني وهي تصرخ بنفاذ صبر :
- أرى انكِ تعديت حدودك!
توقف الحرس عن التقدم، واتقربت دعاء منها وصاحت :
- لا تتدخلي وإلا صفعتك على وجهك، يا سارقة الرجال!

تقدم عماد بسرعة ليقف بجانب لينا المصعوقة ، وعندها رمقته دعاء بنظرة شريرة وقالت :
- تهمك مشاعرها؟ تهتم لأمرها ...؟

لم يفهم عماد ماذا تريد " يالها من بلهاء؟ ماذا الآن؟ هل أقص لسانها بالمقص وأرميها في قعر الوادي ..؟ "

شعرت لينا بالضيق الشديد من تصرفات الأميرة الغريبة، ونظرت إليها الأخيرة بالكثير من النظرات ثم رفعت يدها تهم بصفعها ولكن عماد أمسك بيديها ليعيدها للخلف وهو يقول :

- هاني، يمكنك قطع يديها الآن!

صرخت دعاء واستنفر جنودها يضربون بسيوفهم فبدأ هاني في القتال، وافلتها عماد بسرعة ثم ركض وهو يجر لينا خلفه ، بينما صرخت بذعر :

- اتركني أيها المزعج! لا تطاق كل المشاكل تأتي من خلف ظهرك! أيها البغيض ..

- اصمتي!
" يالها من فتاة! ادافع عنها ثم تكيل لي الشتائم! سوف انتقم منها بالتأكيد " ركض الاثنان بسرعة بين الحقول ..

بعد الكثير من الركض انتزعت لينا يدها التي آلمتها وجلست بين الحشائش العالية تلتقطُ انفاسها المتلاحقة " يا إلهي .. لماذا يحدث لي كل هذا! بسببه! كل هذا يحصل بسبب ذلك الشاب المعجون بالمشاكل ! سوف انتقم منه "

كان عماد ينظر حوله ببلاهة، ورفع يده يلوح بعيداً ، فتسائلت باستغراب :
- تلوّح لمن ..؟

نظر إليها وهو يفكر ملياً ولكنه أجاب بعد برهة :
- لا أعرف .. فنحن في مكانٍ غريب .. كنتُ أظن أنه رجل ولكن يبدو ....

شعرت بالفزع فانتفضت واقفة وهي تشعر بتنميل في أطرافها، وقالت بجزع :
- يبدو ماذا ..؟

- إنه يرتدي قبعة ..ّ!!
رفعت ناظريها لترى ما الأمر ..! كانت الشمس على وشك الغروب، كما أن طولها لا يسمح لها بالنظر فقالت :
- ماذا؟ من هو ...؟!

صمت عماد لفترة فصرخت :
- من هو! أيها الأحمق!

ابتسم ببرود وقال :
- يبدو مثل فزاعة الحقل ...؟ ربما؟
رمقته لينا بنظرة مليئة بالغضب وقالت وهي تجلس في مكانها :
- فزاعة الحقل؟! بالله عليك هل طار دماغك لكي تلوّح لفزاعة؟
ضحك عماد وقال وهو يلوح مرة أخرى :
- لكن الفزاعة تقترب هل تصدقين هذا؟
وقفت لينا ومعها وقف شعر رأسها من الخوف وصاحت وهي تنظر يمنة ويسرة :
- ماذا تقصد بـ "تقترب"!!

بدأ الظلام يحل شيئاً فشيئاً وعندها اقتربت لينا من عماد وهي تشعر بالبرد وتسائلت بصوتٍ خفيض :
- أيها المزعج، هل مازالت الفزاعة تقترب؟
" ماذا؟ هل هي خائفةٌ الآن" ابتسم ابتسامة شريرة وقال :
- لقد توقفت عن الاقتراب .. تعالي نذهب إليها!
- لا!
صرخت بأعلى صوتها وهي تغمض عينيها وتسحب قميصه بعنف ثم تهزه وتتابع :
- لا أيها البغيض لا! دعنا نرجع إلى هاني ودعاء!
أجاب عماد ببساطة وهو يفكر ملياً :
- أنا متعجب أشد العجب! لأنه لم يجدنا أي من حراس دعاء الأشاوس!
فتحت لينا عينيها وتكلمت وهي ماتزال مخفضة ناظريها بخوف :
- لنعد نحن إذاً ! لنرحل من هذا المكان لقد حل الظلام ..
- هل تظنين أنني أعرف طريق العودة؟ أنها أول مرة لي في هذا المكان العجيب!

تجمعت الدموع في عينيها ثم قالت :
- أحمق! كل المصائب تحدث بسببك! أنت السبب.. !!
عقد عماد ذراعيه أمام صدره وهتف:
- ألست تريدين العثور على جدتك؟! أنا أقوم بهذا الآن .. أبحث عنها مـ ..
ولكن صوت اهتزاز الحشائش بالقرب منهم جعله يتوقف عن الكلام وضع يديه فوق سماعة اذنه وتساءل :
- ماذا؟؟ هل هذا صوت شيء ما يتحرك أم أن سمعي يخونني كالعادة!

ولكنها لم تجبه، فقط كانت تغرق في خيالاتها وتصرخ وتبكي بداخلها وهي متحجرة من الخوف ..
- لينا؟
نظر عماد خلفه فوجد لينا منكمشة على الأرض لوحدها وهي ترتجف خوفاً، ومن بعيد لمح عماد الفزاعة تقترب أكثر وأكثر حتى أصبحت بجانبه تقريباً.
وعندها تكلمت الفزاعة التي لم تكن سوى امرأة عجوز ترتدي قبعة قشيّة :

- هل انت تائه؟!
" الفزاعة مجرّد امرأة عجوز ! يالحماقتي .. ولكن .. لم تنتبه للينا " ابتسم عماد وأجاب وهو يشير نحو لينا المتقوقعة على نفسها :
- نعم نحنُ تائهان !
ثم جذب لينا من ذراعها ليجبرها على الوقوف وهمس بالقرب منها :
- الفزاعة مجرّد عجوز لطيفة !! حمقآء!

تكلمت العجوز :
- لقد حل الظلام، تعالا إلى منزلي أعطيكما شعلة!
سارت العجوز متقدمة، وعندها تكلم عماد بصوتٍ خافت مخاطباً لينا :
- الا تلاحظين أن الناس هنا بخلاء للغاية! سوف تعطينا شعلة فقط؟
ثم أردف وهو يكبت ضحكة :
- لو كانت بيبي، لقامت بدعوتنا على العشاء!
دافعت لينا ضحكتها وقالت متظاهرة بالانزعاج :
- مزعج! ليست مضحكة أبداً!

همس مجدداً :
- اتعرفين؟ في بلادي .. هناك تطوّر كبير، فلدينا كشّاف يعمل بالبطارية! ماذا بشأن تلك الشعلة !
فكر " حتى في بلدة الأمير، كل شيء بدائي للغاية"
تساءلت لينا :
- هيه، ماذا تعني بكشاف البطارية؟ هل تتحدث عن مملكة الجليد؟
في تلك الأثناء كانت العجوز قد اقتربت من منزلها الذي ظهر واسعاً ومضيئاً وسط ذلك الظلام الدامس فهتفت لينا :
- آه! يبدو رائعاً!
فتحت العجوز الباب ودخلت، ولكن عماد ولينا توقفا أمام البوابة ، وعندها أخرجت العجوز رأسها وأشارت لهما بالدخول قائلة :
- ادخلا!
ثم عادت للمنزل تاركة الباب مفتوحاً .. هم عماد بالدخول ولكن لينا أمسكت قميصه بقوة حتى كاد أن يتمزق وقالت :
- لاتدخل ! أيها المزعج .. فربما ...
- ماذا؟
احتشدت الدموع في عينيها وظهر الجزع في ملامحها وهي تقول :
- تلك العجوز التي تأكل الأولاد!

ضج عماد بالضحك، ولكنها صاحت بجديّة:
- أنا لا أمزح أيها المزعج! وإلا كيف شاهدتنا من هذا البعد؟ ربما تشممت رائحتنا ..!
فكر عماد للحظة ثم تكلم وهو يدخل المنزل بثقة :
- هذا في القصص الخيالية فقط .. ثم .. لقد نسيتي بأنني كنتُ ألوح لها لفترة!

صرخت لينا من الخارج :
- تعال أيها المزعج!! اخرج
ولكنها شاهدته يدخل ويختفي عن انظارها بينما وقفت في الظلام خارجاً " سأريك أيها المغفل! سأجعلها تأكلك الآن .. أحمق "
دخلت خلفه بسرعة وسرعان ما شاهدته واقفاً ينظر إليها وعلى وجهه ابتسامة منتصرة أزعجتها كثيراً،، بعد برهة خرجت العجوز من احدى الغرف وهي تبتسم بلطف وتساءلت :
- هل انتما شقيقان؟
" لماذا يعتقد الجميع دائماً بأننا أشقاء! تلك الفكرة تجعلني مجنوناً " أجاب وهو يقترب من لينا :
- لا، نحن لسنا كذلك ..
ضحكت وهي تسحب احدى أخشاب الموقد :
- تبدوان متشابهان ..

" ألم أخبر تلك العجوز الخرفة بأننا لسنا كذلك .. " كانا ينظران إليها ولكن النظرات الحارة كانت تخرج من عيني عماد لوحده، وحلت فترة من الصمت والعجوز البطيئة تمشي جئية وذهاباً قبل أن تقول :
- تفضلا بالجلوس حالما انتهي من اعداد الشعلة ..
همس عماد للينا وهو يلقي بنفسه على الأريكة :
- يالها من بطيئة !
" ماذا أفعل مع ذلك المنزل المخيف وتلك العجوز الغريبة وذلك الأحمق الفضولي بجانبي، يا إلهي لماذا حظي سيء للغاية منذ أن خرجت من البلدة " جلست وهي تضرب الأرض برجلها من التوتر ثم همست بنبرة عصبية :
- سوف تعد الفرن لتلقيك بداخله وتأكلك !
ضحك عماد بصوتٍ عال، ولكنه أخفض صوته عندما تكلم :
- تلك العجوز الواهية ؟ كيف ستمسكني بالله عليك؟ إنها ضربة واحدة من قبضتي وستتحول إلى كومة عظام!
عاد للضحك بينما رمقته لينا بنظرات تفحص وقالت :
- لكنك لا تبدو قوياً ، فانت نحيلٌ للغاية!
ظهر الانزعاج على وجهه وقال معارضاً :
- ماذا؟ إنني قوي جداً لكن انت تحتاجين إلى نظارة ، أجل نظارة طبية!
ضرب جبهتها ولكنها ازاحت يده بسرعة وهي تزمجر غاضبة، وعندها ظهرت العجوز مرة أخرى من نهاية الممر وهي تحمل مصباحاً زيتياً وتسائلت باسمة :

- من أين انتما؟ لا تبدوان من هنا؟
لم يجب عماد، ولهذا نظرت إليه لينا فوجدته يرمق العجوز بنظرة غريبة ولهذا دب الرعب في قلبها وهي تفكر " لماذا يحدق إليها بتلك الطريقة؟ هل هناك شيء ما خاطيء؟ هل اكتشف بأنها عجوز شريرة فعلاً" .. وقبل أن تكمل افكارها وتتوغل ابتسم عماد فجأة وقال :
- نعم نحن من البلدة المجاورة .
وضعت العجوز المصباح الزيتي على الطاولة واخرجت عدسة مكبرة وهي تحاول اشعاله بعصا الموقد .. ولكنها لم تفلح، فوقفت لينا وقالت :
- دعيني اساعدكِ!
ابتسمت العجوز وقالت :
- خذيه يابنتي والمعذرة، فقد أصبح نظري ضعيفاً للغاية ..

اشعلته لينا بسهولة على الرغم من يديها اللتان ترتجفان بسبب افكارها " نظرك ضعيف للغاية؟! وكيف إذا شاهدت عماد وهو يلوَح من تلك المسافة البعيدة؟ لا يمكن لهذا الأحمق أن يكون طويلاً مثل النخلة؟ .. آه أنا حقاً خائفة .. خائفة .. خائفة !!" ، في تلك الأثناء كان عماد يراقب عن كثب، أما تلك العجوز فقد كانت تنظر للينا بعدستها مشدوهة ...

عندما انتهت لينا ، تكلمت المرأة العجوز :
- لينا ؟
ارتدت لينا للخلف، وصرخت بفزع :
- كيف تعرفين اسمي ..؟
وقف عماد وهو يتابع مراقبته للعجوز، ولكنه اقترب من لينا بعض الشيء وتساءل :
- صحيح، هل تعرفينها؟
هرولت العجوز إلى الممر مجدداً وهي تقول :
- انتظراني سوف أحضر لكما شيئاً .
" كيف تعرف اسمي؟ لابد أنها ساحرة شريرة! كما توقعت " نظرت إلى عماد وقالت بصوت خفيض وهي على وشك البكاء :
- دعنا نأخذ المصباح ونخرج من هنا بسرعة ..
" لابد أنها سمعتني أناديها .. هل تحاول الآن فعل شيء ما " أجاب عماد وهو يفكر :
- لا ..
ضغطت على كلماتها بنوع من الرجاء وهي ترجه من قميصه للمرة الثانية :
- دعنا نخرج من هنا بسرعة! أنا لستُ مرتاحة على الإطلاق!
- قلت لا!
- عنيد ! أكرهك ..

نظر إليها عماد مقطباً جبينه، وقال بجدية :
- لن يمسك سوء طالما أنا معك! لكن أنا فضولي وأريد أن أعرف ماذا تخبيء تلك العجوز ..!
هتفت لينا بنفاذ صبر :
- لن يمسني ماذا؟! منذ أن عرفتك و المصائب تتوالى على رأسي الواحدة تلو الأخرى! أيها البغيض المزعج !
أمسكت بالمصباح الزيتي وهمت بالخروج بمفردها ولكنه امسك ذراعها بقوة وقال ببرود :
- هل ستسيرين في الظلام لوحدك؟
- اوف!
تركت المصباح مكانه، ووقفت وهي تتمتم بعصبية .. ولم تمر دقائق حتى خرجت المرأة العجوز تهرول وفي يدها صورة ..
اقتربت من لينا التي تراجعت بخوف، وقالت وهي تقرب الصورة من وجهها :
- انظري يا ابنتي .. أليست هذه الفتاة هي أنتِ؟
اختطف عماد الصورة قبل أن تشاهدها لينا، ونظر مابين الصورة يتأملها ووجه لينا ثم ظهرت علامات الاستغراب على ملامحه ..
تسائلت لينا وهي تشعر بالقلق :
- مالأمر؟ أعطني إياها ..
سلمها الصورة ، ونظرت لتجد فتاة تجلس على كرسي خشبي وترتدي فستاناً عتيقاً ، تشبهها تماماً .. ولكن الصورة قديمة .. ممزقة .. باللونين الأبيض والأسود ..
قذفت بالصورة في الهواء وهي تقول بخوف :
- ليست أنا!! أنا لم ألبس تلك الملابس في حياتي!!
انهمرت دمو ع المرأة العجوز بينما التقط عماد الصورة وسمعها تقول :
- تلك الفتاة ابنتي، التي هربت مع عشيقها منذ واحد وعشرون عاماً!
تعالت نظرات الاندهاش على وجهي لينا وعماد ..
بينما تابعت العجوز تساؤلها بعاطفة بالغة :
- هل يمكن أن تكوني حفيدتي!
راقت الفكرة لعماد الذي هتف على الفور متسائلاً :
- انت! الا تعرفين شكل جدتك؟!
أومأت لينا بالنفي وقالت :
- لا .. لا أعرفها ..
تطلعت قليلاً بوجه المرأة العجوز وهي تفكر " هل يمكن أن تكون تلك الجدة، هي جدتي الحقيقية؟ لكن أمي أخبرتني أنها ماتت منذ زمن .. كيف " انتقلت أفكارها إلى كلام مسموع عندما قالت :
- اخبرتني أمي بأن جدتي توفيت ..
ظهر الحزن على وجه العجوز وارتمت على أحد المقاعد وهي تبكي .. بينما تكلم عماد :

- ربما أخبرتك بذلك لأنها تعلم بأنها تركت والدتها منذ زمن؟ أو حتى تقطع سيل اسألتك ..
ثم تمتم لنفسه :
- أعرف أنك تسألين كثيراً ..!
لكزته لينا في جنبه وهمست في اذنه :
- توقف عن سرد التخمينات أيها المزعج!

لوى عماد شفته وهو يفكر بحيرة .. ثم وضع الصورة على الطاولة أمام الجدة وقال :
- كانت فرصة سعيدة أيتها الجدة .. شكراً لك، لكن الآن يجب أن ننصرف!
رفعت العجوز المسكينة رأسها والدموع تملأ عينيها ، ثم أمسكت بمعطف لينا وتوسلت :
- ارجوكِ لا تذهبي!
نظرت له لينا بحزن نظرة مغزاها " ما العمل " ؟
ولكن نظرات عماد الجامدة لم تعطها أية إجابة وعندها عاد يتسائل بصوتٍ مرتفع :
- أنت متأكدة بأنها ليست جدتك التي تبحثين عنها؟
" ليست عندي جدة أبحث عنها أيها الأحمق!! ماتلك الورطة " ، ربتت لينا على كتف الجدة وقالت بحنان :
- أرجوكِ توقفي عن البكاء، أنا واثقة بأنك ستجدين حفديتك الحقيقية ..!
اجابت العجوز :
- لكنها أنتِ ، لينا ، لقد أرسلت لي والدتك رسالة بعد زواجها بفترة وأخبرتني بأنها سعيدة ورزقت بابنه تدعى لينا !
ثم وقفت وكأنها تتشبث بحبل الأمل الجديد وقالت :
- مازلتُ احتفظ بالرسالة إن كنتِ تريدين رؤيتها ..
لم تعطها الفرصة للإجابة وانطلقت تهرول ببطء في الممر وهي تنظر أمامها، وعندها همس عماد وهو يعقد ذراعيه أمام صدره ويتنهد :
- يبدو بأنك عثرتِ على جدتك الحقيقة! آه كم هذا العالم صغير!
لم تكن لينا مقتنعة، تشوشت أفكارها ونظرت إليه بحيرة وهي تقول :
- عماد!
" ماذا؟ هل قالت اسمي الآن؟ هل نادتني باسمي حقاً !! " شيء مثل الصاعقة أصاب عماد الذي حدق في الفراغ أمامه سارحاً في اللاوعي ..
- أنت أيها البغيض!!
رجته للمرة الثالثة ، وعندها نظر إليها بذهول وقال :
- ماذا قلتِ؟

عضت على شفتها السفلى ثم اخذت نفساً عميقاً وهي تقول :
- لقد أخفيت عنكَ أمراً ما ...
وكأنما أفاق على صفعة فاعتدل قائلاً باهتمام :
- ماذا؟
ترددت وهي تتسائل بخوف :
- لماذا تبدو جدياً للغاية ...؟ لقد أخبرتني بأنه لن يمسني سوء مادمت بصحبتي، صحيح؟
لم يفهم عماد مقصدها جيداً، ولكنه أردا أن تستمر بالحديث وعندها أومأ بالايجاب، فتسائلت وهي تشد قميصه بتوتر :
- هل هذا وعد ...؟
الجملة الأخيرة سببت له صدمة متتالية، فهو لن يعد بشيء لن يستطيع الوفاء به .. " ياله من وعد صعبٍ للغاية " ولكنه أجاب بدون تردد :
- هذا وعد ، ولكن ما الشيء الذي قمتِ باخفاءه عني؟
عادت المرأة العجوز تهرول في الممر، وقالت وهي تمد يدها أمامها :
- هاهي الرسالة، اقرأيها بنفسكِ !
صرفت لينا ناظريها عن عماد وامسكت بالرسالة المهترئة المكتوبة على نوعٍ غريب من الورق الأصفر ، فتحتها بحرص وبدأت تقرأ ..
" هل يمكن أن يكون هذا خطُّ أمي؟ أو حتى أسلوب أمي ... هذا يبدو مستحيلاً إنها مجرّد مصادفة " كانت تفكر بينما تقرأ الرسالة ..
بينما وقف عماد يغلي وهو ينظر بعيداً ويتسائل لنفسه " ماذا كانت تريد أن تقول ياتُرى! ما الشيء الذي تخفيه عني؟ هل هو بتلك الضخامة ..؟ أشعر بالفضول حقاً لمعرفة ما سيكون بأي حال، سوف أتوقع الأسوا .. "
نظرت لينا إلى المرأة العجوز وسألتها:
- منذ متى وصلت إليكِ تلك الرسالة؟
اظهرت المرأة المظروف ووضعت عدستها لدقائق ثم قالت وهي تعطيه لعماد :
- اقرأه يابني إنه هنا فأنا لا أراه جيداً ..
نظر عماد على ظهر المظروف وشاهد التاريخ :
" 13 ابريل،1805"
عاد ينظر للمرأة ببلاهة وتسائل :
- ماهذا؟ هل هذا تاريخ أم رقم الرسالة؟
أجابت المرأة :
- اقرأ التاريخ إنه على ظهر المظروف ..
وقف ينظر إلى المظروف مثل الغبي، وهو لا يدري ماذا يقول .. لهذا انتزعت لينا المظروف من يده وتأملته لثوان .. قلبته عدة مرات لكي تحصل على رقمٍ مفهوم ثم قالت :
- ذلك الجزء الاخير ... لا يبدو كـ تاريخ؟!

قال بشيء من الخوف :
- إذا كان هذا هو التاريخ حقاً، فهذا يعني انها ارسلته منذ ما يزيد على المائتي عام ؟
نظرت لينا إلى عماد بذعر ، ثم قرأت الرقم قائلة :
- هل تعنين العام ألف وثمانمائة وخمسة؟
اومأت المرأة بالإيجاب ...
وعندها ابتعد عماد للخلف وقال :
- هل انتِ شبح امرأة عجوز! اعترفي ..
ارتجفت لينا من جملة عماد الحمقاء وسقطت الورقة من يدها .. وعندها نظرت العجوز لهما وهي لاتفهم شيئاً وتسائلت بقلقٍ وحزن:
- ماذا تقصد يابني؟
امسك عماد لينا من ذراعها وركض للخارج ولكن العجوز امسكتها من ذراعها الاخرى وهي تبكي وتصرخ :
- لا تتركيني! لينا! ابقي معي ..

هتف بانفعال :
- دعيها وشأنها ايتها الشبح اللعينة !
صاحت العجوز :
- اتركها أنت! لماذا تحرمني من رؤيتها قليلاً ...
انتزعت لينا ذراعها من عماد وقالت وهي مشوشة التفكير :
- توقف!
تركها عماد وهو ينظر إليها متعجباً .. وسحبتها المرأة العجوز وهي تقول :
- لقد حرمت من ابنتي بسبب حبيبها! أرجوك لا تحرمني من حفيدتي .. اتركها معي لبعض الوقت ..
أشفقت لينا على المرأة المسنّة ، وربتت على ظهرها وهي تقول لعماد :
- لا بأس فالنبق معها الليلة ..
لم يكن هذا ماتفكر به حقاً، لقد كانت مذعورة أكثر من أي شيء، ولكنها شعرت بالشفقة على تلك العجوز، وأيضاً باتت تشعر بالندم لأنه كان قراراً متسرعاً ..
جلس عماد على رجليه خارجاً أمام الباب وهو يحاول استنشاق بعض الهواء بسبب ما شعر به من ضغط ازاء ماحدث ، كما أنه لا يستطيع الحصول على أي تفسير للموقف " كيف تكون تلك البلاد بهذه البدائية؟ إذا كانت تلك الرسالة من عشرون عاماً في تاريخ ألف وثمانمئة وخمسة .. إذا كم العام الآن ..؟ إنه ليس العام ألفين بكل ثقة .. "
خرجت تنهيدة حارة وهو يشعر بالدوار ، كان يسمع صوت لينا بعيداً وهي تتكلم مع العجوز في المطبخ بينما يعدان العشاء ولهذا سأل نفسه بخفوت :
- هل هي خائفة الآن وتحاول التظاهر كالعادة ..؟
وحتى قبل أن تمر دقيقة واحدة على تساؤله سمع صوت تحطم شيء زجاجي بالمطبخ، ولهذا نهض وركض إلى داخل المنزل بسرعة ..

قبل أن يصل سمع صوت المرأة العجوز تتسائل :
- هل انتِ بخير؟
وعندما وصل كان هناك طبق زجاجي محطم ولينا تحاول جمعه وهي تقول :
- آسفة حقاً ، لم أقصد بأن اسقطه ..
" هي خائفة جداً الآن؟ إذا هل علي البقاء هنا ؟ " جلس على أحد كراسي الطاولة الدائرية في المطبخ وقال باسماً:
- ألا تحتاجون مساعدة من الطاهي عماد؟
رمقته لينا بنظرة ارتياح، بينما تسائلت المرأة العجوز :
- هل تستطيع الطبخ؟
فتح عماد عينيه وقال بشكلٍ مبالغ :
- اوووه! مابك؟ إنني عبقري في الطبخ ..
عادت لينا تنظر اليه ولكن تلك المرة كانت نظرة ساخرة وارتسمت ابتسامة على شفتيها، اما العجوز فقد ضحكت وتسائلت :
- هل انت زوج حفيدتي؟
"يالها من عجوز مزعجة " تغيرت نظرة لينا إلى نظرة عدوانية ولهذا ارتبك عماد قبل أن يقول :
- آه! أجل .. بالطبع بالطبع ..
سحبته لينا من قميصه إلى خارج المطبخ وقالت بغضب :
- لماذا تستمر بالقول بأننا زوجان لكل شخصٍ تقابله! أتعلم؟ هذا لا يعجبني أبداً !! أنت فقط تستمر بتشويه سمعتي أمام الآخرين!
نظر لها عماد قليلاً ثم قال :
- وفيم يشوه سمعتك؟ انه يشوه سمعتي أنا ومع ذلك أنا استمر بحمايتك ..!
- اوه! حقاً .. ماذا إن كان الجميع ينظر إلى على أنني امرأة متزوجة من شاب مجنون بينما لستُ كذلك هذا ليس شيئاً جيداً، وأيضاً ماتلك الحماية التي تدعيها؟ ألا تعلم كم أنت شخصٌ بغيض؟
هز كتفيه بلا مبالاة وعاد يقول :
- لا بأس، اخبري تلك المرأة العجوز بأنه لا تربطنا أي صلة قرابة ثم ستتشبث بك أكثر وسأضطر لمواصلة السفر لوحدي وتركك هنا مع شبح القرن العشرين ..
ضربت كتفه بقبضة يدها وقالت بغيظ :
- لن تستطيع أن ترحل بدوني هل فهمت؟! هل نسيت وعدك؟ آه يا إلهي إنك عديم المسؤولية ..
صمتت قليلاً وهي تفكر بأسى في حالها، وعندما لاحظ عماد تكلم قائلاً :
- أنا لا أخلف وعدي أبداً !
- اعرف!
صاحت بتلك الكلمة قبل أن تركض عائدة الى المطبخ، ولكنها توقفت أمام الباب قبل أن تقول :
- هيه .. الن تأتي؟
ابتسم ولحق بها مستسلماً .

جلس الثلاثة حول مائدة العشاء الدائرية عماد ولينا متجاورين بينما جلست المرأة العجوزة أمامهما ، وقدمت الأخيرة نوع من الخضروات أبيض اللون فتسائل عماد :
- ماهذا؟
اجابت العجوز :
- فاكهة الفلفل .
نظر باستغراب إلى لينا التي هزّت رأسها نفياً وهمست :
- لا تأكل منها .
- لماذا لا اتذوقها ..؟
- لا تبدو كالفلفل .. أ .. آعني هل هناك فاكهة اسمها فاكهة الفلفل؟!
- ولكن .. ربما هي شيء لذيذ!
- يالك من أحمق ..

قاطعتهما العجوز قائلة بحنان :
- فيم يتهامس الزوجان العزيزان ؟ ألا يعجبكما الطعام؟
أكل عماد قطعة من الخضار الغريب " يا إلهي إنه سيء للغاية " ثم قال وعلى ملامحه تعابير غريبة :
- إنه لذيذ للغاية .. !
نظرت لينا إلى ملامحه وشاهدته يبعد الطبق قليلاً وهو يضحك ويأكل من شيء آخر فكبتت ضحكاتها وهي تفكر " أكاد أنفجر من الضحك عليه! هل أحمق إلى هذه الدرجة أن يأكل شيئاً لا يعرفه؟!" ولكن عماد نظر نحوها فجأة وشاهدها تكبت ضحكاتها،فقدم لها بعض الفلفل وهو يقول يصوتٍ عال :
- لماذا لا تتذوقين فاكهة الفلفل ؟؟ إنها لذيذة للغاية !
انقلب وجه لينا السعيد وابعدته وهي تقول :
- كله أنت سمعت بأنه مفيدٌ للرجال النحيلون ..
- آآآه!!! توقفي .. ! أنا لستُ نحيلاً ..!
- بلى ..
ضحكت الجدة وقالت :
- إنه مفيد لكما، كما انه يقوي البدن، وانتما ستذهبان في رحلة شاقة غداً .
ترك عماد الطبق وهو يزفر بضيق بعد أن تورط في أكله بالكامل وظلت الجدة تراقبه وهي تقول كل المزيد، أما لينا فباتت تشجع ضاحكة على ملامح وجهه الضجرة :
- نعم المزيد! هيا كل المزيد حتى تصبح كالعملاق الأخضر ..
- سأصبح العملاق الأبيض !

بعد انتهاء العشاء كان عماد يشعر بالدوار بسبب طعم الفلفل السيء، أما لينا فقد ضحكت حتى دمعت عينيها، وبعد أن قامت بالترتيب مع الجدة عادت إلى الصالة لتفاجيء بأنه يغط في النوم جالساً على الأريكة!
تبعتها الجدة وأحضرت بطانية ثم قامت بتغطيته وهي تقول باسمة :
- يبدو بأنه ارهق كثيراً، وأيضاً أكل كثيراً من فاكهة الفلفل ..

همست لينا ببعض القلق :
- وماذا تفعل فاكهة الفلفل ..؟
نظرت إليها العجوز وعينيها تلمع في الظلام وهمست :
- إنها تجعل الشخص يغط في نومٍ عميق ..
توقفت لينا عن الشعور بأي شيء وبدأت أفكارها تعصف بها " هل تعمدت العجوز أن تتخلص من عماد لكي تأكلني! نعم إنها عجوز شريرة .. لا يمكن أن أن تكون تلك الحركة بالمصادفة سوف ... "
شعرت بالعجوز تمسك بذراعها وتتكلم بخفوت :
- هيا تعالي ونامي في غرفتي .
سحبت لينا ذراعها بسرعة وقالت بصوتٍ مرتجف :
- سأنام هنا!
ثم جلست بجانب عماد على الأريكة، ولكن العجوز امسكت بها وقالت مصرّة :
- لا! سوف تأتي معي .. سوف تذهبون في الصباح وأنا أريد أن اتمتع بك قليلاً ..
:kesha:


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/COLOR][/SIZE]
__________________



اللي يحب أنمي pandora hearts يكلمني في الخاص
وشكراً

التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 02-28-2015 الساعة 10:20 AM