عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-14-2013, 03:48 AM
 
.. الجزء الثاني : (( قصة نايسن أولاف بمخطوط يده )) ..








أني أنا "يانسن أولاف" عالم في علم البحار .. وأني بحار أرجع لأصول " نرويجية " على العلم من أنني ولدت في بلدة (Uleaborg) الروسية الصغيرة .. على الساحل الشرقي لخليج بوثنيا من الذراع الشمالي لبحر البلطيق ..








ووالدي يعمل بحارا على متن سفينة سياحية لصيد السمك في خليج بوثنيا وقد رسا بالسفينة في بلدة (Uleaborg) الروسية .. في الوقت الذي ولدت فيه : وهو في يوم 27 تشرين الأول / أكتوبر بعام 1811 ..








وولد والدي في بلدة رودوج (Rodwig) من السواحل الاسكندينافية بالقرب من جزر (Lofoden) وبعد أن تزوج والدي قرر أن يستقر بمنزلً في العاصمة السويدية " أستوكهولم ".. لأن جميع الذين يقيمون ببلدة رودوج " أميين " ..








وهذا ما جعل أبي يقرر أن ننتقل إلى " أستوكهولم " ومنذ أن بلغت سن السابعة كان أبي يأخذني في رحلات الصيد البحرية على طول السواحل الاسكندينافية ..








وحينما بلغت عمر التاسعة أدخلني أبي في مدرسة خاصة في " أستوكهولم " وأكملت دراستي بها حتى بلغت من العمر " 14 سنه " وبعد هذا ذهبت مع والدي برحلات منتظمة لصيد السمك ..








وقد كان والدي رجلا قويا قادرا على تحمل المشاق أكثر من أي رجلً أخر قد عرفته .. كان طوله ست أقدام .. وكان يتسم بالبخل قليلا.. ولديه همه جبارة لا توصف تجعله لا ينهزم أذا صمم على فعل شيً أرادة ..








وحينما بلغت سن 19 بدأت رحلتي أنا وأبي للسفر واكتشاف الأرض الجديدة ((أمريكا)) والذي أسفرت عن قصة غريبة عجيبة واقعية قد حدثت لي وعاصرت كامل أحداثها من اكتشاف حقيقة هذا الكون العجيب وسوف أبينها لكم وللعالم أجمع بهذا التقرير ..








ولاكن قبل أن أفعل ذالك سوف أخبركم عما حدثت لي من معاناة أليمة .. وأرجوا أن لا تنشر هذه الحقائق لكم في حياتي .. خوفا من المزيد من " الإذلال والمعاناة والتجريح " ..




فأن من أول معاناتي ومن دون أي ذنب وضعني قبطان السفينة الذي أنقذني وإنا على سواحل " القطب الجنوبي" بالسجن " وكبلني بالأصفاد " لا لأي شيء ألا لأنني " ذكرت الحقيقة عن عالم جوف الأرض الحقيقي الواقعي " وقد عُذبت وسُجنت واتُهمت بالجنون ..








وبعد غيابي وتغربي عن وطني " أربع سنوات وثمانية أشهر " وصلت " أستوكهولم " .. فوجدت أمي قد لقت حتفها "وماتت" في العام السابق .. والأملاك التي تركها والدي أصبحت بحوزة زوج أمي .. ولم يعطني شيئا واحدا لي منها ..








فربما كادت كل هذه المصائب والوقائع أن تمحي من ذاكرتي ما جراء لي من الأحداث التي لاقيتها بالعالم الداخلي .. وكانت أكبر مصيبة لي هيا موت " أبي " أمام عيني وغرقه في قاع البحر .. دون أن أستطيع إنقاذه أو انتشاله..








وبعد كل هذا قررت أخيرا أن أذكر كامل قصتي وما حدث لي مع أبي .. للعم : "غوستاف أوسترلند" .. (Gustaf Osterlind ) .. وهوا رجل كبير تاجر صاحب أملاك .. لأحثه ليمول لي لرحلة استكشافية أخرى لهذه الأرض الغريبة المجهولة ..








ففي البداية بدا العم : "غوستاف أوسترلند" مهتما لما أقوله ومنجذبا إلى اقتراحي وما تفضلت به علية .. وقد دعاني للذهاب والإقبال على بعض المسئولين لأشرح وأبين لهم ما حدث لي من ذالك .. كما شرحت له .. وبعد أنتهى سردي لهم "فتخيل خيبة أملي ومعاناتي" ..




فلقد تم التوقيع على أوراق معينه من قبل العم .. ودون سابق أنذار وجدت نفسي مرميا بالسجن .. بحبس كئيب ومخيف لمدة 28 سنة في هذا السجن من سنوات شاقة طويلة ومعاناة مؤلمه مريرة ..







وبعد التأكد من سلامة قواي العقلية .. وأحتجاجي على ظلمي وحبسي ونسياني .. أخرجوني من الحبس أخيرا : في " السابع عشر من تشرين الأول / أكتوبر بعام 1862 " وأصبحت غريبا بعدما بلغت من سني أكثر من خمسين سنة .. وكان سجلي الذي يعرفه ورسخ في أذهان الناس عني .. أنني رجل مجنون ليس لدي أصدقاء ..








فحينما خرجت من الحبس مع المجرمين والمجانين .. بعد التأكد من أن قواي العقلية سليمة .. كنت في حيرة من أمري لمعرفة ما الذي ينبغي لي عملة من أجل كسب لقمة عيشي وقوتي .. فتوجهت غريزيا نحو الميناء حيث ترسوا قوارب الصيد في أعداد كبيرة لأبحث عن عملً لي .. وبعد أسبوع تعرفت على صياد أسمة "يان هانسن " الذي كان يعمل في رحلة صيد طويلة على جزر لوفودين (Lofoden ) ..








وقد أثبت جدارتي وخبرتي في الصيد واستفدت من خبراتي القديمة للصيد لأثبت جدارتي وأجعل نفسي رجلا مفيدا بالصيد أمامه .. وقد كان هذا .. فأقتصدت ما أجني وأربحه .. وفي غضون سنوات قليلة أصبحت عميد صيد .. بعدما عملت خمس سنوات للأخريين وشاركت 22 رجل ..








وخلال كل هذا السنوات كنت طالبا مجتهدا في قراءة الكتب وخلال هذه السنوات من المعاناة والآلام علمتني أن لا اذكر قصتي وما حدث معي ومع والدي لأحد .. حتى أنني أخشى أن يكتشف أحد ما أكتبه وأخفي وأحفظ سجلاتي وتقاريري وخرائطي هذه خشيتا من أن يعرف أي مرء ما حدث معي ..




فكل هذه المصائب والكروب والآلام والمعاناة لتبرر عدم كشفي لقصتي وما قلته لكم .. وأرجوا أن تكشف هذه الحقيقة بأخر يوم من أيامي على وجهه الأرض .. لعدم تعرضي من المزيد من المعاناة والآلام .. وسأترك السجلات والخرائط التقارير هذه " لتنير الطريق " وأمل أن " تستفيد منها البشرية " ..








فأن ذكرى حبسي الطويل مع المجرمين والمجانيين والأحداث الأخرى التي عانيت منها .. علمتني أن لا اذكر قصتي لأحد ..








ففي عام 1889 بعت الكثير من قوارب الصيد وقد تراكمت عندي ثروة كافية لا بأس بها تكفي لما تبقى لي من حياتي ثم هاجرت إلى أمريكا ..








وبقيت بها لأثنى عشر عاما .. وكان بيتي في ولاية إيلينوي (Illinois) الأمريكية .. بالقرب من باتافيا (Batavia) .. وقد كونت مكتبةً خاصة لي هناك وجمعت فيها معظم كتبي .. وبعد ذالك قررت أن أنتقل من ولاية إيلينوي (Illinois) إلى ولاية " لوس أنجلس " ..




حيث استقريت في "لوس أنجلس" بتاريخ " 4 مارس / 1901 " وأني أتذكر هذا التاريخ جيدا .. وهوا في نفس يوم تنصيب الرئيس ماكينلي لرئاسته الثانية .. وقد اشتريت هذا المنزل المتواضع لعزمي على الاستقرار في هذه البلد لأتفرغ لكتابه ما حدث لي وتبيين قصتي الواقعية بالتفصيل والدليل وكتابه قصتي كاملا ..منذ أن غادرنا أنا ووالدي من أستوكهولم إلى أن افترقت عنه بحدث غرق أبي المأساوي العظيم الذي حدث بالمحيط المتجمد الجنوبي :








(( قصة بداية الرحلة للدخول للعالم الداخلي ))






أني أتذكر جيدا كيف غادرنا "أستوكهولم" أنا وأبي بسفينتنا الشراعية , في اليوم الثالث من نيسان / ابريل بعام 1829 وأبحرنا الى الجنوب تاركين جزيرة جوتهلاند (Gothland) الى جزيرة اولاند (Oeland) وبعد أيام وجيزة أستطعنا قطع المضيق الذي يفصل الدنمرك عن السواحل الأسكندافية ..








وفي الوقت المناسب رسونا في بلدة (Christiansand) لنستريح بها يومين .. ومن ثم أكملنا مسيرنا مبحرين حول السواحل الأسكندافية متجهين غربا نحو جزائر " لوفودن " (Lofoden) ..





مناظر من جزر لوفودن الأسكندنافية :









فأكملنا أبحرنا وكان أبي في روح عالية .. وهذا بسبب عوائد بيع السمك الممتازة التي تثلج الصدر .. مما بعناه في " أستوكهولم " وبعض المدن الأسكندنافية الساحلية .. حيث أعرب عن سروره خصوصا أنه باع بعض " أنياب العاج " التي عثر عليها على الساحل الغربي من جزر" فرانز جوزيف " في العام السابق ..




وأعرب عن تفاؤله وأمله في العثور على بعض أنياب العاج مرةً أخرى وتحميل سفينتنا بها بدلا من أسماك القد والماكريل والرنجة والسلمون .








وصلنا لموقع هامرفست ((Hammerfest)) بخط عرض 71 درجة وأربعين دقيقة .. للراحة لعدة أيام والتزود بالإمدادات الإضافية وتعبئة براميلنا بمياه الشرب .. ومن ثم أبحرنا نحو " سبيتزبرغن " ((Spitzbergen)) ..













ففي الأيام الأولى من رحلتنا عبرنا البحر المفتوح وهذا بفضل الرياح الطيبة .. ومن ثم واجهنا الكثير من الجبال الجليدية العظيمة الكثيرة .. حيث تبدوا سفيتنا الشراعية وسط متاهة من الجبال الجليدية الضخمة العائمة ..




فبالكاد تعبر سفينتنا الشراعية من عبر هذه القنوات والمضايق المائية المفتوحة بين هذه الكاتدرائيات الضخمة والسلاسل الجبلية العظيمة الجليدية الرائعة .. التي تقف كأنها حارس صامت كما " أبو الهول " مقاومتا موجات بحرً عبوسا لا يهدأ ..





وبعد أن تجاوزنا العديد من القنوات والمضايق المائية وصلنا الى جزيرة "سبيتبيرجين" ( Spitsbergen) التابعة لجزر "سبيتزبرغن" (Spitzbergen) .. في " 23 حزيران / يونيو " حيث رسونا بخليج ويادي (Wijade) لفترة قصيرة للاستراحة والصيد .. حيث صدنا صيدا وفيرا .. ومن ثم رفعنا المرساة وأبحرنا عبر مضيق "هانلوبين" Hinlopen)) و مضيق "كواستيب" (coasted) على طول شمال شرق الشاطئ ..





وهبت رياح قوية من الجنوب الغربي وقال والدي يجب علينا الأستفادة من هذه الريح .. لنبلغ أرض " فرانز جوزيف " حيث أنه قبل عام عثر عن طريق الصدفة على " أنياب العاج " الذي باع الكثير منها بأستوكهولم بسعر جيد ..








وفي طريقنا رأيت الكثير الكثير من الطيور البحرية المختلفة التي أكتضت وغطت السواحل بحيث أخفت الصخور وأظلمت السماء بكثرتها ..









ومن ثم أبحرنا لعدة أيام وبعد هذا وصلنا أخيرا لساحل صخري من أرض " فرانز جوزيف " حيث أقرت بنا الريح على شاطئ الساحل الغربي .. فأبحرنا وبعد الإبحار لمدة 24 من أرض "فرانز جوزيف " وصلنا الى مدخل مضيق جميل جدا ..

ويمكن للمرء أن لا يصدق أنه في الاراضي الشمالية القطبية .. حيث المروج الخضراء بينما لم يبلغ مساحة هذه المنطقة أكثر من فدانين أو ثلاثة ويبدو الجو فيها حارا وتتسم بالهدوء انها ويظهر لي أنها تتأثر بتيار الخليج ..













وأضاف الكاتب " ويليس جورج أمرسن " هذه الأضافة حيث قال : قال السير " جون بارو بارت " في كتابه (( رحلات الأستكشاف والبحوث في مناطق القطب الشمالي )) حيث ذكر في الصفحة 51 من الكتاب :




((( أشار السيد بيتشي أنه لاحظ الكثير الكثير من الملاحضات من الساحل الغربي لـ"سبيتسبيرجن " (Spitsbergen) حيث أن درجة الحرارة مرتفعه ولا يحس بالشعور بالبرد مطلقا وكأنه في أيطاليا .. على الرغم من أن درجة حرارة " القطب الشمالي " قد تكون هي بضع درجات فوق الصفر فقط.. فكان شعور رائع بالدفئ والحرارة حينما تشرق الشمس على هذه الارض وتبدو السماء الزرقاء الصافية التي تباهي سماء جو أيطاليا ))) .


ويكمل ويقول :





وعلى الساحل الشرقي لجز جوزيف لاند رأينا العديد من الجبال الجليدية تعوم بالبحر المفتوح من غربنا ومع ذالك كنا نرا التلال والسلاسل الجبلية المنخفضة لأكيباكسicepacks ) ) مباشرتا الى الشمال من على البحر المفتوح ..






وكان والدي مؤمنا غيورا بالآلة " أودين وثور " وكان كثيرا ما قال لي أنهم كانوا ألهه قد قدموا من بلاد ما وراء الريح الشمالية .. وكان أبي يؤمن أيمان واضح .. أنه كلما ابتعدنا وتوغلنا شمالاً .. تصبح الأرض أكثر جمالاً .. من أي أرض عرفها بشري حيث أن سكانها من المختارين فقط ..!!





حيث ذكر في "دويستة ميوتهولوجي" ( Deutsche Mythologie ) في الصفــــ778ـــة : (( أن أبناء "بور بنيت " هم في وسط المدينة .. ودعا الكون "أسكارد".. حيث يسكنون الآلهة والذين يشبهونهم .. ومن يقيم هنالك يعملون المعجزات والعجائب .. وهنالك في تلك المدينة مكانً يسمى بــ(Hlidskjalf) حيث أودين يجلس هنالك على عرشه ويرى العالم كله .. ويلمح جميع أعمال العباد ))






فتحمست أشد التحمس .. وأطلق صبى الشباب خيالي لهذه الأرض الجميلة .. وتحمست حماسا دينيا عظيما .. وقلت لأبي صارخا : ((( لماذا لا نبحر إلى هذه الأرض الطيبة .. والسماء العالية .. والرياح المواتية .. والبحار المفتوحة ))) ..؟؟






فتفاجئ والتفت نحوي .. وحتى الآن أستطيع أن أتذكر " مفاجئة تعبير وجهه البادية على محياة " وقال سائلا : (( أبني هل أن على أستعداد للذهاب معي .. لاستكشاف أبعد مكان .. من حيث لم غامر رجل قط )) .. فأجبت بالإيجاب وقلت " جيد جدا " .. فأجاب : (( في " أيار / مايو " أودين الله يحمينا )) ..






وعدلنا بسرعة الأشرعة .. ونظر أبي بالبوصلة ليتجه شمالا .. واتجهنا نحو الشمال عابرين قناة مفتوحة ومن هنا بدأت رحلتنا ..






(( المسير للدخول العالم الداخلي وعبورنا لفتحة القطب الشمالي ))






كانت الشمس منخفضة على مد الأفق البعيد بالقطب الشمالي ومن ثم ارتفعت في وسط السماء كما لو كنا لا نزال في بداية فصل الصيف ..؟؟ وفي الواقع كان أمامنا أربعة أشهر لنشهد ليلة قارصة من برد الشتاء .. وهذا شيئا غريب حدث معنا لم نعهدة ..






صدنا القليل من السمك بسفينتنا الشراعية لنتحرز بالطعام لنواصل رحلتنا الاستكشافية ..ففي غضون 36 ساعة فارقنا جزر " فرانز جوزيف " وقد غابت عن أنظارنا .. متجهين عنها إلى الشمال .. ويبدو لي اننا ركبنا تيارا مائيا قويا متجها نحو " شمال شرق " ..






وكانت أمامنا جبال جليدية تحدنا من اليمين واليسار .. ومضايق مائية ضيقه جدا .. فبعضها نستطيع أن نعبرها والبعض الأخر يصعب على مركبنا الشراعي ذالك .. فكنا ندخل من خلال المضائق والممرات الجليدية تارة ً ونخرج على البحر المفتوح تارة ً أخرى .. فبعض الممرات لا يمكن لمركبنا العبور من خلالها ..





وفي اليوم الثالث وصلنا إلى "جزيرة مجهولة "غسلت شواطئها أمواج البحار .. فعزم أبي على أن نرسي على ساحلها واستكشافها ليوم واحد .. فوجدنا في هذه الجزيرة الكثير الكثير من أكوام الأشجار والأخشاب المكدسة على الشاطئ والكثير من أغصان الشجر .. !! وكان بعض هذه الأشجار طولها أربعين قدم وقطرها قدمان ..




((صور لأشجار عملاقة .. " مجهولة المصدر" .. مكدسة على الشواطئ الشمالية )) :













وبعد يوم من استكشافنا لشواطئ هذه الجزيرة رفعنا مرساة السفينة متجهين نحو الشمال عبر البحر الممتد.. ولا أذكر أيا مني أو أبي قد أكلنا لقمة واحدة من الغذاء لما يقارب لـ 30 ساعة .. وربما هذا سببه التوتر بتأثرنا برحلتنا التي لا نعرف ما هوا نهاية مصيرنا فيها .. وكانت عقولنا ملبدة لنطالب بالاحتياجات المادية ..




ولقد لاحظت أن الجو كان دافئ جدا وممتعا من حولنا حقا .. فبدلا من البرد القارص الذي كانا نشهده "بالنرويج" بالساحل الشمالي من "هامرفست" والذي قد تركناها قبل "ست أسابيع" كان الجو دافئا .. حيث كنت أتوقع أن تكون الأجواء هيا نفسها ..







وأني من ناحيتي فأني أعترف بصراحة أنني كنت جائعا جدا .. وعلى الفور أخذت بأعداد وجبة كبيرة من مخزن حفظ اللحوم .. وأكلت بشراهة .. وقلت لوالدي بعد ذالك : أعتقد أنني سوف أخلد إلى النوم .. حيث كنت بدأت أشعر بالنعاس الشديد .. فقال والدي : حسننا أخلد للنوم " وسوف أضل منتبها للسفينة "






فاستيقظت فجأة .. على خضم ضوضاء وضجة بالسفينة من شؤم عاصفة هوجا عاتية .. ولا أدري كم من الوقت قد استغرقت بالنوم .. لاكني أيقنت أنني أفقت على خضم ضجة رهيبة ضخمة لاهتزاز سفينتنا الشراعية .. فاستيقظت لأرى أبي : فاندهشت منه حينما وجدته "نائما بعمق" .. فصرخت لأوقظه من سبات نومه .. فأفاق فكانت العاصفة رهيبة جدا وقوية .. وكانت أشرعة سفينتنا مفتوحة والريح تلعب بها .. ولم يستطع أبي التحكم بسفينتنا التي ألقيت في وسط أمواج تموج وتغلي بها ..





فكانت العاصفة الثلجية شرسة .. و الرياح تهب على سفينتنا مباشرتا .. وكانت سفينتنا تسير بسرعة هائلة من جراء الرياح .. حيث تهدد الريح في كل لحظة أن تقلب السفينة علينا ..





ومن سوء الحظ أشرعة سفينتنا مفتوحة .. وليس هنالك وقت نضيعه فقاربنا أصبح يتلوى من جراء ذالك .. وبدا لنا أنه يوجد قبالنا جبالا جليدية أمامنا .. ولأكن رأينا قناة مائية مفتوحة من الشمال .. فعبرناها وهذا من حسن حضنا .. وبدائنا نرى الأفق من اليسار واليمين وكان الجو ضبابي .. وانقشعت عنا الجبال الجليدية ..





ولا أدري كيف أفلتت سفينتنا وخرجت من هذه العاصفة بمعجزة .. حيث أننا كنا على وشك التدمير التام .. وأني أتذكر قاربنا والماء يلعب فيه كما لو كان مفاصلة قد تكسرت .. حيث اهتز قاربنا بهزات قوية قدوما وإيابا كما لو أنه فوق دوامة تلوى دوامة ..





ولحسن الحظ لم تسقط بوصلتنا بالمياه التي ثبتناها بأحكام بالمسامير الطويلة .. ومع ذالك قد قلعتها مياه البحر وألقتها على سطح سفينتنا .. ولم نتخذ الاحتياطات لترميم صواري السفينة حيث اجتاحت جلد الصواري مياه البحر ..







وفوق هذه الاضطرابات التي تصم الأذان سمعت صوت أبي يقول لي : (( بني كن شجاعا )) وصرخ قائلا : (( أودين أله المياه .. ومرافق الشجعان .. أنه معنا .. لا تخف ))






وبدا لي أنه ليس هنالك أي أمكانيه بنجاتنا فالسفينة ثقيلة ومشحونة ببراميل المياه .. وكان تساقط الثلج سريع مما يسبب بالعمى وعدم الرؤية جيدا .. كانت الريح تهب بهبوب شديد جدا .. وكانت الأمواج كالجبال .. كانت تغرق سفينتنا بأستمرار في اعماق قاع حوض المحيط حيث كنا على وشك الهلاك ..




كانت هذه المحنة الرهيبة مرهقة للأعصاب .. وأهوالها أهوالً عظيمة .. من الترقب والخوف والجزع والعذاب المتواصل الذي لا يوصف لمدة " ثلاث ساعات متتابعة شاقة " .. ففي نهاية العاصفة أنها كانت تسير بنا وتسوقنا بسرعة شديدة الى الأمام .. ثم فجأة .. هدئت العاصفة قليلا قليلا .. وبدأت الرياح تخفف من غضبها بدرجات متفاوتة .. إلى أن أصبح الجو طبيعيا وهادئا .. واختفى الضباب عنا ..






وأبحرنا نحو الشمال وبعد مسيرنا عبرنا قناة مائية يبلغ سعتها من 10 أميال إلى 15 ميلا تقريبا .. من خلال أحزمة الجبال الجليدية .. ومن ثم نظرت الى والدي فشاهدت والدي وهوا صامتا ورابطا الحبل حول وسطه .. ودون أن ينبس بأيه كلمة .. قام وأخذ يعمل بالمضخات والتي لحسن الحظ لم تتضرر من العاصفة .. وهذا ليخفف ثقل الماء المتدفق من العاصفة بجوف سفينتنا الشراعية .. وقد أخرجناها بخلال المضخات ..



وبعد أن طرحنا الماء عن سفينتنا أخذت تبحر بهدوء .. وقد لاحظنا أن رياح العاصفة كانت تجري لصالحنا نحو الشمال ففرحنا لذالك .. فكانت شجاعة رائعة منا أن نغامر إلى هذه المناطق التي لم يتجرءا أحد على المضي فيها ..



وحينما تفقدنا قاربنا وجدنا أن مخزون الطعام على ما يرام ولا بأس فيه .. ولأكن براميل المياه المخزنة قد اجتاحتها مياه البحر المالحة .. وأصبحت غير صالحه للشرب .. وليس لدينا من مياه الشرب شيء وكان هذا " أمرا سيئا حقا " وقد شعرت بالعطش الشديد ولاحظ والدي هذا وقال : (( نحن في استئمان " أودين الله " وفي أمانه .. يا بني .. فلا تخف ولا تتخلى عن الأمل )) ..




وكانت الشمس تضرب بشكل مائل على خط الأفق ومن ثم ارتفعت مع مرور الأيام فوقنا .. كما لو كنا في جنوب خط العرض بعيدين عن " الأراضي الشمالية " .. حيث كان مدار الشمس مائل على مد الأفق وقد أصبحت مرتفعة فأني ألاحظها أنها ترتفع أعلى فأعلى كل يوم .. مع الضباب الملبد لها .. فتطل علينا من خلال السحب .. وأشعتها تنعكس على الجبال الجليدية مكونتا بذالك منظرا بديعا خلابا بالغ الجمال .. فكانت ذرآت الثلج الجبال الجليدية المنعكسة عليها أشعة الشمس كأنها ذرات من العقيق والماس والياقوت بمختلف الألوان المتعددة المنعكسة عليها .. والسماء كان لونها أرجواني .. فكان منظرا طبيعيا جميلا لا يوصف ..









يتبع _________
رد مع اقتباس