عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-04-2007, 01:11 AM
 
أمريكي يموت وهو أمام الكعبة...

السلام عليكم ورحمة اللهوبركاتهلم يكن يخطر بباله قبل أنْ يأتيإلى المملكة العربية السعودية أن يفكِّر في دين الإسلام، أو يشغل ذهنه بالمسلمينوبما هم عليه من هُدَى الإسلام، فهو موظف كبير في شركة كبيرة، مكانته في عملهمرموقة، وحياتُه حافلةٌ بالعملالجاد الذي مكًّنه من الحصول على عددٍ منالشهادات والأوسمة من كبار المسؤولينفي شركته وفي دولته «العظمى» أمريكا، يقولعن نفسه: «قبل أن آتي إلى الرياض مسؤولاً كبيراً في الشركةالأمريكية لم أكنأشغل بالي بالدين، ونصوصه وتعاليمه، حياتي كلُّها مادةٌ وعمل وظيفي ناجح، وإجازاتٌأروِّح عننفسي فيها بما أشاء من وسائل الترويح المباحة وغير المباحة، شأني فيذلكشأن ملايين البشر في هذا العالم الذين يعيشون حياتهم بهذه الصورة المملَّةمنالحرية المزعومة .
ومرَّت بي شهور في عملي الجديد في مدينة الرياض وأنامستغرق في تفاصيلوظيفتي المهمة في مجال عملي، كان همِّي الأكبر أن أنجح في هذاالعمل حتىأزداد رقيَّاً في الشركة التي أعمل فيها، ومكانةً مرموقة بينالناجحين في بلديالكبير الذي يجوب العالم طولاً وعرضاً مسيطراً متدخلاً بقوتهالعسكرية في شؤون الناس.

وذات يومٍ كنتُ جالساً في مكانٍ، في لحظة استرخاء،ولفت نظري لأول مرَّةمنظر عددٍ غير قليل من المسلمين سعوديين وغير سعوديينيتجهون إلى مسجدكبير كان قريباً من ذلك المكان، وكنت قد سمعت الأذان أوَّل ماجلستُ،وشعرتُ حينما سمعتُه بشعور لم أعهده من قبل - هبَّت من خلاله نسائم لاأستطيع أن أصفها، وانقدح في ذهني سؤال: لماذا يصنع هؤلاء الناس ما أرى،ومن الذي يدفعهم بهذه الصورة إلى المسجد، وكأنهم يتسابقون إلى مكان يدفعلهم نقوداًوهدايا ثمينة تستحق هذا الاهتمام؟؟كان السؤال عميق الأثر في نفسي، جعلنياهتمُّ بمتابعة ما يجري بصورة أعمقوسمعت حركة صوت مكبِّر الصوت، ثم الإقامة،وبدأت أفكَّر بصورة جدَّية،وحينما سمعت الإمام يقول «السلام عليكم»، وجهت نظريإلى بوَّابة المسجدالكبيرة فإذا بحشود المصلِّين ي***ون يتدافعون، ويصافحبعضهم بعضاً بصورة كان لها أثرها الكبير في نفسي، ووجدتني أردِّد بصوت مرتفع «يا لهمن نظام رائع»، وكانت تلك بداية دخولي إلى عالم الإسلام الجميل، وفهمتبعد ذلك كلَّ شيء، ووجدت جواباً شافياً عن سؤال سألته ذاتَ يومٍ وأنا غاضبحيث كنت في سوق كبير من أسواق الرياض وكنت أريد شراء شيء على عجلةٍ من أمريففوجئت بالمحلات التجارية تغلق أبوابها، وحاولت أن أقنعصاحب المحل التجاريالذي كنت أريد شراء حاجتي منه أن ينتظر قليلاً فأبىوقال: بعد الصلاة إن شاءالله، لقد غضبت في حينها، ورأيت أن هذا العملغير لائق، وبعد أن أسلمت أدركتُمدى الدافع النفسي الدَّاخلي القوي الذييمكن أن يجعل ذلك التاجر بهذه الصورة.
أمريكي أبيض أشرق قلبه بنور الإيمان، وعرف حلاوة الإسلام، وبدأ يتحدَّثإلىأصدقائه بالمشاعر الفيَّآضة التي تملأ جنبات نفسه، والسعادة التي لم يشعربهاأبداً من قبل، وبعد مرور شهرين على إسلامه أبدى رغبته في زيارة البيتالحرامللعمرة والصلاة أمام الكعبة مباشرة، وانطلق ومعه صديقان من رفقاء عمله مناسعوديين، وهناك في رحاب البلد الأمين، وفي ساحات المسجدالحرام وأمام الكعبةالمشرَّفة حلَّق بروحه في الافاق الروحية النقيَّة الطاهرة،وقد رأى منهمرافقاه عجائب من خشوعه ودعائه وبكائه، وقال لهما: كم فيهذا العالم منالمحرومين من هذا الجو الروحي العظيم.
أتمَّ عمرته قبل صلاة العشاء، وكانحريصاً على الصلاة في الصف الأوَّلالمباشر للكعبة، وحقَّق له مرافقاه ذلك،وبدأت الصلاة، وكان الأمريكي المسلمفي حالةٍ من الخشوع العجيب، يقول أحدمرافقيه: وحينما قمنا من التشهُّد الأوَّللم يقم، وظننته قد استغرق في حالتهالروحية فنسي القيام، ومددت يدي إلى رأسه منبها له، ولكنه لم يستجب، وحينماركعنا رأيته يميل ناحية اليمين، ولميسلَّم الإمام من صلاته حتى تبيَّن لنا أنالرجل قد فارق الحياة، نعم، فارقالحياة، أصبح جسداً بلا روح، لقد صعدت تلكالروح التي رأينا تعلُّقها الصادقبالله في تلك الرحاب الطاهرة، صعدت إلىخالقها يقول المرافق: لقد شعرتبفضل الله العظيم على ذلك الرجل رحمه الله ،وشعرت بالمعنى العميق لحسنالخاتمة، وتمثَّل أمام عيني حديث الرسول صلى اللهعليه وسلم، عن الرجلالذي يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه إلاذراع، فيسبق عليهالكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها، لقد عرفت هذا الرجلالأمريكي كافراًقبل أن يسلم، ورأيت كيف تغيَّرت ملامح وجهه بعد أن أسلم، ورأيتخشوعهلله في صلاته، ورأيته طائفاً ساعياً، ورأيته مصلَّياً ورأيته ميتاً فيساحة الحرمالمكي الشريف، وودَّعته مشيعاً حيث تم دفنه في مكة المكرمة بعداستئذان أهلهفي أمريكا.
يقول مرافقه: حينما علم زملاؤه الأمريكان وهم غيرمسلمين بما حصل لهقال أحدهم: إنني أغبطه على هذه الميتة، قلت له: لماذا؟قال: لأنه مات في أهم بقعة، وأعظم مكان في ميزان الدين الإسلامي الذي آمنبه واعتنقه .
__________________

ملاْى السنابل تنحني بتواضع والفارغات روؤسهن شوامخ

مع ارق تحياتي

رد مع اقتباس