|
.
.
.
ظل ممسكاً بقنينة البيبسي الباردة وهو يجلس بهدوء في الفناء الخلفي من المدرسة حيث غطت الثلوج البيضاء
بعض المكان واعتلت أغصان الأشجار الشائكة ..
أخفض ناظريه لذلك الوشم الذي على صدره وكفه لينزلق الثلج من على رأسه .. واقعاً على ذلك الوبر الأسود
ظل مونتي يرتجف وهو بين فخذي ماريمو قائلاً بتعجب وسخرية :
- أهذه المرة الأولى التي ترى فيها نفسك ؟! لقد ألقيت بالثلج علي ..؟!!
همهم ماريمو ثم أطال الصمت وهو يتأمل مونتي ليقول بعده :
- ربما لم أرى نفسي بعد .. فمن هو هنري سايمون بالضبط ؟!.. أتعلم ..
همهم مونتي لحثه على الكلام وقد بدا عليه الملل ..
حك ماريمو خده بطرف إصبعه قائلاً بتفكير :
- سأحادث الفتاة المدعوة بأنجيلا بالأمر ..فربما ..
قاطعه مونتي وهو يصرخ بعصبية ملتفتاً إليه وهو يقول :
- مستحيل ..أي أحمق أنت ؟! فإن كنت قاتل أختها .. فستؤكد جريمتك .. وسندخل في دائرة لا مخرج منها..
نهض ماريمو بحماسه لينغرس رأس مونتي في الثلج ..ثم مد قبضته عالياً وهو يقول :
- لابد من خطوة جريئة ..
رد مونتي بصوت مكتوم وخائب :
- ..أعدني لخزانتك .. فأنت تشكل خطراً على حياتي ..
نون وحياتي نور
مسحت أنجيلا سبورة الصف الذي كان فارغاً من أي طالب في فترة الراحة ثم استجمعت نفساً طويلاً وعلت
شفتيها ابتسامة صافية وهي تقول بأمل :
- اليوم سيكون موضوعي الأول والأهم .. أرجو أن يكون إلقائي جيداً ..أمام هيئة التدريس للمراحل المتقدمة ..
نظرت إلى ملف أحمر وضع على درج مكتبها بشيء من الفخر والثقة .. قاطعها صوت لم تكن تتوقعه وهو يقول:
- أنجيلا .. أريد أن أحادثكِ بشيء ما ؟!
التفتت بسرعة ليتطاير من حولها شعره الذي أخفى بعض ملامحها المشدوهة لرؤية هنري أمامها
أرخت الممسحة من يدها ثم قطبت حاجبيها بشيء من الحزن والضيق قائلة :
- أهناك شيء ما .. أستطيع مساعدتك به سيد هنري ؟!
رد ماريمو مباشرة :
- أريدك أن تخرجي معي ..
علت الدهشة وجه أنجيلا ..بينما سقط فرانس وماكس من جانب الباب محدثين فوضى صوتيه وظل فرانس يصرخ قائلاً:
- أيها الأحمق ..ماكان عليك الدفع أكثر .. بجدية.. تلك اللقطة كانت الأفضل ..
ثم انتبه لنظرات ماريمو وأنجيلا التائهة فقال بارتباك :
- تعثرت بماكس ..تعلمون قصر قامته ..لذا لم أره ..
أخذ ماكس يركل فرانس بغضب وهو يشتمه وكذلك الآخر ..
أعاد ماريمو ناظريه لأنجيلا ثم قال بابتسامة وحماسه كبيرة :
- لهذا يجب أن تخرجي معي إلى الفناء حتى لا يشغلنا هذان الاثنان ..
أحست أنجيلا ببعض الراحة لما قاله ولكن شيء ما يوترها فما الذي يريده بالضبط ..!!
أخيراً أومأت برأسها موافقة..
نون وحياتي نور
كان الجو بالخارج بارداً وقد ارتدت أنجيلا معطفها الأزرق الطويل وقد تعالى البخار من شفتيه الوردتين فقالت:
- آسفة .. سأعطيك مهله خمس دقائق للحديث ..لأنني سألقي تقريراً بعد قليل ..لذا أرجو أن ..
قاطعها ماريمو الذي أسند ظهره إلى إحدى الأشجار قائلاً بجدية :
- أنتِ أخت الآنسة جولي فأخبريني عنها رجاءً ..
نظرت إليه بذهول وكأن تلك الكلمة اخترقت شغاف قلبها ثم هزت رأسها ببطء وهو تقول بهمس :
- كيف تجرؤ ؟! أتسألني عنها ..وقد قمت ..
تنهدت بقوة مكونة سحابة من البخار وأشاحت بوجهها وهي تغطي فمها بيدها وتغمض عينيها وكأنها تحاول كبح
جماح نفسها التي تود صرع ذلك الكائن الماثل أمامها ..
فرد ماريمو بهدوء :
- أرجوكِ أخبريني مالذي حدث لها ؟!
رفعت عينيها إلى عينيه وحدقت إليهما وقتاً طويلاً بصمت, ثم قالت بلهجة جادة وهادئة :
- لا داعي لأخبرك ما تعلمه جيداً .. وإن كنت قد نسيت .. فأنت أقذر ما رأيت .. وآسفة لأني ضيعت وقتي هنا ..
أدارت بظهرها مغادرة فأمسك ماريمو بمعصمها فتوقفت فجأة والتفت إليه وقد بدت الدموع تنساب على خديها قائلة بصوت عصره الحزن :
- أتعلم ما معنى أن يموت شخص ما ..شخص تحبه .. تستمع لكلماته الحالمة يوم بعد يوم ..أتعلم ما معنى هذا ؟!
ظل ماريمو ينظر إليها وقد بدا عليه الحزن والاستغراب الكبيرين ثم قال بهدوء :
- أنا .. لا أعلم شيئاً .. أنا ..بحاجة إليكِ ..
ضحكت أنجيلا بسخرية وسحبت يدها من بين أطراف أصابعه بقوة وحدقت إليه بحقد قائلة :
- جيد .. أهذا ما قلته لأختي جولي .. قبل أن تقوم بقتلها ..تصنع البراءة التي لا تليق بك ..
اتسعت عيني ماريمو من الصدمة فهل هو من قام بقتلها .. هل قتلها ..هل قتلها ؟! صوت هامس مرعب تردد في نفسه ..
رمت بكلمتها الأخيرة قائلة بجمود:
- سلطتك .. جعلت منك بريئاً أبدياً ..
ثم غادرت وسط شتات ماريمو الذي أخفض رأسه إلى الأرض وتراجع خطوتين حيث اتكأ على تلك الشجرة ثم انزلق بجسده عليها ليجلس على الثلوج ..
اهتزت الأغصان لتلقي بالثلوج على رأسه ..ولم يبالي لها ..
أطل فرانس وماكس من شجرة بعيده حيث مركز التجسس للصورة لا غير .. قال ماكس بإحباط :
- يارجل ..يبدو بأنها رفضته .. ماريمو المسكين ..يجب أن نواسيه ..
مسح فرانس دموعه الكاذبة وهو يضم نفسه قائلاً بتأثر:
- ما أسوأ هذا الشعور .. ولكن في سبيل الحب ..نضحي بمشاعر الألم ..ونظل نحب ..
ثم رفع قبضته ونفخ صدره قائلاً بجدية وصوت مرتفع :
- لا خيار .. سنبدأ بمشروع تطوير شكل ماريمو بدأً من شعره الأخضر المنكوش ..ربما هو مصدر التقزز ..
قام ماكس بتحية الجنود وهو يقول بحزم :
- حاضر سيدي ..
نون وحياتي نور
لهثت بشدة وهي تركض في الممر متجاوزة وقوف الطلاب وقد عقدت حاجبيها قائلة بضيق في نفسها:
( لماذا أركض .. هل أحاول الهرب منه ؟! )
أبطأت خطواتها ثم استندت على الجدار بكتفها الأيمن وأخذت تلتقط أنفاسها وقد ارتسمت عليها ابتسامة منتصرة
ضمت قبضتها ورفعتها إلى مستوى وجهها قائلة بسعادة وبعض الفخر :
- هذه المرة الأولى التي أعامله بهذه الطريقة .. لقد كنت دوماً كالأمة بين يديه ولكن الآن ..لن أسمح له ..
انتبهت لصوت فتاة قائلاً بلهجة جادة :
- هل لأنه أصبح يبتسم بصفاء ؟!
رفعت رأسها لتفاجأ بكريمسون متكأه على الجدار .. رمقتها لبضع ثوان ثم أدارت بظهرها مغادرة ..
توقفت إثر صوت أنجيلا المرتفع وهي تقول بضيق :
- ومالذي تعرفينه أنتِ ؟!
صمتت كريمسون وكأنها تحاول لم شتات ذكرياتها لتلك المدة القصيرة التي عرفت فيها ماريمو وجذبتها كلمة واحده استقرت في ذهنها ( فأنا رجل )
ابتسمت بدفء ثم حولت ناظريها لأنجيلا قائلة :
- لا أعلم مدى وقاحة هنري سايمون.. ولكنه يريد نيل الأفضل .. ويحاول ذلك وبقوة ..
لم يبد على أنجيلا التأثر مطلقاً بل ظلت تنظر لكريمسون وكأنها تنظر لهنري سايمون نفسه ثم قالت بهمس:
- من الأفضل لكِ ألا تتدخلي .. فهذا أمر شخصي ..
أومأت كريمسون برأسها وقات بهدوء :
- آسفة لذلك .. لم أقصد استراق النظر ..حدث الأمر مصادفة ..
غادرت بعدها متجهة نحو الفصل وظلت ملامح الحيرة على وجه أنجيلا التي فضلت الصمت وقد عضت على شفتها السفلى بحنق
ثم أطلقت تنهيدة طويلة ووضعت يدها على جبينها ودلكته بهدوء قائلة :
- ينبغي أن أركز على إلقاء تقرير اليوم .. وأنسى ما حدث .. لن أدع هنري يفسده أيضاً ..
__________________  صرخت صديقتي في لحظة عتاب بحرقة : " أكرهك " .
فهمت أنها تُحبني جداً و أنها لذلك عاتبتني بشدة و قد صح حدسي فقد اعتذرت مني حين هدأت و أخبرتني بأنها لم تعني ما قالته.
تفهمتها جيداً و قدرت خوفها علي رغم أنه أرعبني .
ما شعرت بشيء حينها لكن و حين أدرت ظهري عائدة شعرت بحرقة في صدري و تلألأت الرؤية أمامي ، أيضا شعرت بقطرة باردة تدحرجت على خدي !!!
كم كانت موجعة .
.. "أميرةالانمي":
. |