عرض مشاركة واحدة
  #352  
قديم 11-01-2012, 11:51 AM
 
Talking


الفصل الخامس "لندن"
الشمس مختبئة خلف الغيوم ، السماء تميل للون الرمادي ، أمواج البحر ليست بهادئة ، رمال الشاطئ الذهبية تفتقد سنا الشمس الذي يعكس رونقها ، لا يوجد أحد على الشاطئ ، سوى شابتين .. إحداهما تسعل بقوة و هي ترتجف من البرد بينما الأخرى جاثية على قدميها تحدق بتلك اللوحة و تلك العبارة .. وبالذات كلمة لندن ..
_آليس وقد بح صوتها من السعال : إلى ماذا تحدقين ؟؟
ابتسمت جيسيكا ابتسامة كبيرة .. ثم أخرجت نفسا عميقا أخرجت معه كل المصائب التي واجهتها لتستلقي على الرمال بلا مبالاة هاتفةً بسعادة : وأخيرا لندن !
انتفضت آليس غير مصدقة لتتأكد من الكلمات المكتوبة على تلك اللوحة و قد تناثرت الرمال الملتصقة بشعرها ، كي تدخل في عيني و فم جيسيكا التي كانت تضحك من مظهر آليس فتحترق عينيها و تبصق اللعاب الذي امتزج مع الرمال ..
لحظات جنونية آليس تدور من الفرحة .. جيسيكا تنعتها بـ الخرقاء ..
_ جيسيكا بتذمر : انظري لعيني أصبحتا حمراوتين .
_ آليس بإستهزاء : و ما أدراك بأنهما حمراوتين ؟ ، أردفت بضجر : انظري لشعرنا الممتزج بالمياه المالحة مع الرمال نبدو كمومياء خرجت للتو من قبرها . ختمت حديثها بعطسة...
_زفرت جيسيكا بضيق قائلة : هل يمكن أن يسوء الأمر أكثر .
سرت قشعريرة في جسديهما بعد هبوب رياح باردة .. نهضتا لتبتعدا عن الشاطئ جريا ..
_ آليس بتوتر : لما يحدقون بنا هكذا ؟!
_جيسيكا بالتوتر ذاته : لانه ليس من الاعتيادي ان تسير مومياء بينهم !
كان المارة يتهامسون فيما بينهم ، مع إرسال نظرات الاستهزاء لهما .
تعددت البنايات بين قديمة و حديثة ، رائحة المطر تملأ المكان ، الارض مبلولة ، تجد المتاجر على جانبيه و أمامك و خلفك .. سواء الباهظة أم الرخيصة .. نظرت جيسيكا لأحد مراكز التجميل فلمعت في عينيها فكرة !
سحبت يد آليس لتدخلا مركز التجميل .. سرعان ما شهق الجميع من مظهرهما لتقفا بإحراج وهما تبتسمان ببلاهة ..
_آليس بهمس : كم أود قتلك على إقحامك لنا في هذا المكان ، لنخرج .
_ جيسيكا : أوافقك الرأي .
همتا بالخروج .. ليمسكهما أحد شعرهما من الخلف .. صدرت صرخة ألم منهما ... لتلفتا الى امرأة تبدو في الأربعين من عمرها ..
_ جيسيكا : أسفتان لن نخيفكما مرة أخرى .
_ آليس : صحيح صحيح فقط اتركي شعرنا.
_ المرأة بغضب : لن تخرجا بهذا المظهر أبدا .
التفتتا الى بعض .. حاولت جيسيكا الابتسام بينما أليس تتمتم و تلعن حظهما
_المرأة : غاضبة مع بلهاء ، هيا يا فتيات ابدأن عملكن .
أسرعت العاملات بإحضار الملابس كان بعضها مبالغا فيه ، أما الاخر قبيحا ذو ألوان غير متناسقة ، و كلها أثواب ..
_ آليس بفتور : كم أكره الأثواب .
_ جيسيكا : هيا انها ليست بهذا السوء .
اختارت آليس ثوبا أسود اللون يصل لــ ركبتيها و أكماما لمرفقيها ، مع جوربين رقيقين طويليين ، اختارت جيسيكا المثل لكن لون ثوبها كان احمرا مع معطف أسود ..
جلستا على الكراسي .. وبدأت العملية التي كانت شبه مستحيلة لمصففات الشعر ، كانت آليس كعادتها تتذمر ، بينما جيسيكا منبهرة بتلك الأدوات التي لم ترى لها مثيلا في حياتها ، فكل ما كانت تستخدمه هو مشط لا أكثر .
بعد مرور ساعتين ..
وقفتا أمام المرآة مذهولتين..
_المرأة : الان تبدوان كفتاتين في العشرين من عمرهما .
_ جيسيكا : لكني في الثامنة عشر ..
_ المرأة : لا يهم .. الآن تستطيعان التجول في شوارع لندن .
_ آليس وهي تحاول الابتسام : شكرًا لكِ سيدتي
_ جيسكا بحرج : لن نستطيع أن ندفع ..
_ قاطعتها المرأة مرة أخرى : ليس عليكما أن تدفعا شيئا لأنها المرة الاولى و أتمنى ان لا تكون الأخيرة .
خرجتا و هما تلوحان للعاملات ، وقفتا مندهشتين .. عج المكان بالناس .. بدأ الثلج بالتساقط .. الجو ازداد برودة
_ آليس : يجب أن نسرع لبيت عمتي ،
_ جيسيكا : هل تملكين العنوان ؟
_ آليس : نعم ، ولحسن حظنا فنحن في المنطقة التي يقبع فيها منزلها..
بدأتا بالسير بحثا عن البناية 118 ، بحثتا كثيرا لكن دون جدوى ، استندت جيسيكا على احد الجدران وقد نال منها التعب و الجوع ، بينما وقفت آليس مع شعور بالخيبة و هي تجول المكان بنظرها
_ هتفت جيسيكا: آليس ، انظري انها البناية 118 !
_ انتصبت آليس فرحة و التفتت لجيسيكا : سأسابقك الى هناك .
عندها بدأت بالركض .. لحقت بها جيسيكا
_ جيسيكا وهي تصرخ : لن تستطيعي الفوز علي ..
_ آليس وهي تضحك : سنرى .،
الهواء البارد المنعش يلسع و جههما .. تشعران بفرحة لا مثيل لها .. تسمعان كلمات مثل مجنونتين .. متهورتين وهما تصدمان المارة .. وقفت آليس أمام المبنى فاصطدمت بها جيسيكا من الخلف لتقعا على الارض و هما تضحكان .. عندها احستا بالفعل انهما مجنونتين ، وقفتا بخجل وهما تنفضان الثلج عن ملابسهما و شعرهما ، أسرعتا بالدخول الى المبنى للتخلص من نظرات الناس .. بينما تصعدان الدرج ..
_ جيسيكا وهي تلتقط أنفاسها : لم أفرح هكذا من قبل..
_ ابتسمت آليس ثم قالت : ولا أنا ، انظري ها هي الشقة .
وقفتا أمام باب الشقة .. تسارعت نبضات أليس فقالت: أنا متوترة ، تجاهلتها جيسيكا و طرقت الباب ، همت آليس لتقول شيئا ولكنها صمتت عندما فتح الباب .. وقف الرجل بإندهاش
_ آليس : هل هذا منزل الآنسة فيكتوريا ؟
أومأ الرجل إيجابا
_ آليس و هي متلهفة للقاء عمتها : أنا آليس ابنة أخيها ، هل يمكنني أن أقابلها ؟
_ الرجل ببرود : أنا آسف ، عمتك رحلت .
ثم صفع الباب بقوة ، ليترك آليس مندهشة تفكر في معنى " رحلت " ماذا يعني بها ، هل انتقلت لمدينة أخرى ،ام انتقلت للسماء ولن تعود !
_ .... : فيكتوريا توفيت منذ شهرين ، وهذا زوجها لم يخرج من منزله منذ وفاتها فهو مازال في حالة نكران .
هذا ما قالته العجوز من الشقة المجاورة و بعدها أغلقت الباب.
انهارت آليس على الارض ، و تذكرت عندما سقطت من شجرة شاهقة الارتفاع .. ثم لم تستطع التنفس و كأن رئتيها تنكمشان و العالم أصبح يصغر من حولها و الظلام يزداد هذا كان شعورها في هذه اللحظة ..
_ جيسيكا بحزن : أنا آسفة .
وقفت آليس مطأطأة رأسها تاركة شعرها الحريري المفحم ينسدل على وجهها .
_ آليس و هي تقاوم البكاء : فلنذهب .
نهضت و سارت خارج المبنى .. لحقت جيسيكا بها .. بينما هما تسيران في الجو المثلج فتحت جيسيكا فمها لتقول شيئا لكنها تراجعت .. عوضا عن ذلك وقفت أمام رفيقتها و عانقتها بقوة ، بادلتها آليس العناق ولم تستطع كبح رغبتها في البكاء فتقاطرت الدموع من عينيها بغزارة ..
_ آليس بإبتسامة : الان علينا البحث عن صديق والدك ، صحيح ما هو أسمه ؟؟
_ جيسكا : اسمه جون ولكن لا أعرف اسمه الكامل ،
_ آليس : يبدو اننا سنبحث طويلا فكم شخصا في لندن يدعى جون !
_ جيسيكا بتفاؤل : لا تقلقي فهو يمتلك مطعما هنا
_ آليس بضجر : هيا فلنبدأ البحث فليس لدينا وقت
ضحت جيسيكا على جملتها الاخيرة
بدأتا البحث بتلك المنطقة عن أي مطعم ، سألتا كل شخص صادفتاه من صغير كبير شاب مسن ، لكن من دون أي جدوى ..
_ آليس و هي تتثاءب : دعينا نكمل بحثنا غداً ، لقد حل الليل و اشتد البرد و النعاس يقتلني .
_ جيسيكا بتعب : حسنا و لكن أين سننام ؟! ثم أردفت بتذمر : اذا نمنا في الشارع فلن نسلم من الشرطة و إذا ...
قبل ان تكمل جملتها سحبتها آليس من يدها .. و دخلت احدى المباني ثم أسرعت بالجري على الدرج من الطابق الاول الى الثاني حتى الثالث الى ان وصلتا للرابع ومن بعده السطح .
_ جيسيكا وهي تلهث: حسنا انه مكان جيد ، صمتت قليلا ثم صرخت : ستموت من البرد هنا !
_ آليس بصوت أعلى : هل لديك حل آخر ؟
_ جيسيكا بصوت أعلى: أنا .. ثم صمتت و أردفت بهدوء : حسنا لا .
استلقيتا على الارض الباردة وهما تحاولان النوم بمعدة خاوية .. تشقلبتا مرارا حتى نال منهما النوم أخيرا .


_ آليس بإنزعاج وهي تغطي وجهها : تبا ما هذا الضوء القوي ؟
_ جيسيكا وهي تتمدد : انها الشمس ، أنسيتِ بأننا على سطح !
نهضتا ثم نفضتا الثلج عنهما ، وهما تسيران على الدرج بكسل سمعتا حديثاً في الطابق الثاني قد يوصلهما لضالتهما .
_ السيدة : جوزفين لا تنسي المرور بمتجر العم جون .
_ جوزفين بمرح : حسنا لن أنسى .

_ آليس وهي تصرخ على جيسيكا : متجر وليس مطعم !
_ جيسيكا ببراءة : و ما الفرق ?
لحقتا بتلك الشابة ..
_ جيسيكا بلطف : عفوا يا آنسة .
_ جوزفين بمرح : هل استطيع مساعدتك ؟
_ جيسيكا وقد ارتسمت ابتسامة على وجهها : هل تستطيعين إرشادنا الى متجر العم جون ؟
_ آليس ببرود : سنكون ممتنين لكِ .
_ جوزفين بمرح طفولي : بالطبع ، ولكن لدي اعمال اقوم بها اولا ، انا سعيدة جداً اليوم سيكون لدي رفيقات أليس رائعا ^^!
_ جيسيكابإستغراب : سنساعدك في أعمالك و بالمناسبة أنا جيسيكا و هذه آليس.
لم تقل جوزفين شيئا فقط اكتفت بالضحك و البدأ بالسير ..
آليس بضجر : يبدو انني لن التقي بآناس طبيعين في حياتي أبدا.
ركلتها جيسيكا بغرض أن تصمت..
_ جوزفين بمرحها المعتاد : سنوصل الدواء لمنزل كلايد ، فأمي تصنع الدواء لوالدته آليس رائعا .
_ جيسيكا بابتسامة : لا بأس ،
_ آليس ببرود : كل شيء رائع بالنسبة لك ، الا يستطيع ان يذهب للصيدلية و يشتري الدواء لوالدته.
_ جوزفين بمرح : أمي تحضر هذا الدواء من الخارج فهو غير متواجد في لندن .
آليس في نفسها " اي نوع من الاشخاص هي ، رفعت ضغطي أراهن على انها ترى قوس قزح فوق رؤوسنا "
هكذا استمروا في السير و جوزفين تحدثهم عن لندن بكل حماس و مرح وكم هي كبيرة بالنسبة لشابة صغيرة !
وصلن الى المنزل كان متوسط الحجم .. أبيض اللون ذو طابقين ، كان للطابق الثاني شرفة ، ويحيط بالمنزل الزهور من كل جانب ، تدعك لا تشعر بصغر حجم الحديقة وقفت آليس في الخارج مسحورة بجمال تلك الزهور التي اختلفت ألوانها و أنواعها ، بينما تقدمت جوزفين مع جيسيكا للأمام ، صعدتا على الدرجتين اللتان كانتا أمام المنزل ، طرقتا الباب بهدوء ... ثم سمعتا صوت وقع أقدام تقترب أكثر و أكثر ، فتح الباب شاب يبدو بالعشرين في عمره ذو عينين خضراوتين و شعر بني يميل للأشقر ، كان يبدو وسيما على الرغم من ملابسه الرثة و التعب البادي على وجهه ، كان يحدق بعيني جيسيكا كانت هي الاخرى مسحورة ببريق عينيه بينما جوزفين تبحث في حقيبتها عن الأدوية حتى وجدتها ، فقالت بمرحها المعتاد لتقطع تلك اللحظة : تفضل ، تقول لك أمي أعطيها هذا الدواء ثلاث مرات في الاسبوع ، ومن ثم زرها .
_ كلايد بلطف : شكرًا لك جوزفين ، سأوافيك في متجر العم جون .
لوحت له جوزفين بمرح ، ثم قالت : هيا بنا يا جيسيكا.
أغلق كلايد الباب ، تمتم وهو يحدق للأدوية : جيسيكا اذا .

_آليس : جميلة تلك الحديقة .
_جوزفين بمرح : اجل كم الزهور لطيفة!
اصطنعت آليس الابتسامة في وجهها.. بينما تسير جيسيكا معم و هي تفكر ببريق تلك العينين ، ولم تنتبه للطريق ولا حديث جوزفين و آليس ، حتى انها لم تنتبه بأنهم وصلوا للمتجر
_آليس : إنه متجر لصنع الكعك ، جيسيكا انظري كم هي شهية .
_ جيسيكا : بالطبع ستكون شهية ، لأننا نتضور جوعا .
_ خرج رجل مسن .. قوي البنية .. طيب الملامح .. بشوش الوجه قائلا: أهلا جوزفين ، من هاتين الجميلتين ؟
كانت جيسيكا واقفة ، وثغرها مفتوح بإندهاش " انه الرجل نفسه " هذا ما قالته في نفسها .


__________________
الى اللقاء
رد مع اقتباس