عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 08-26-2012, 01:07 AM
 


الجزء الثالث ~
[ مَودة ]

.
.
.

دخلَ أيمن ومؤيدْ إلى صفهما بعدما حصلا على كلمةٍ صارمة من المدير , حيثُ أمرهما بأن يأتيا في وقتِ فسحة الطعامْ ..
مرتْ الحصصْ كالعادة عندَ أيمنْ ومؤيدْ, خرجَ المعلمْ قبل خمسِ دقائق من انتهاء الحصة .
تجمّعَ الطلاب حولَ أيمنْ .
ـ غداً سوفَ نجتمعُ عندكمْ .
تكلمَ طالبٌ أخر وهو يضعُ يده على شعره مفكراً :
ـ هناكَ إشاعةٌ تقولُ أنكم تسكنونَ في حي الظلام هل هذا صحيحْ؟ .
اقتربَ طالبٌ بدينْ وأخذ يسأل :
ولماذا أطلقَ عليه حي الظلامْ ؟
تكلمَ طالبٌ أخر وهو يجلسُ على الكرسي بالمقلوبْ :
ـ لقدْ أطلقَ عليه حي الظلامْ , لأن جميعَ إنارته مكسورة ومهما حاولَ الجميعِ إصلاحها تنطفئ .
رفعَ يديه ليرعبَ الطلاب وقْد غطى وجهه الظلامْ .
ـ وأيضاً سمعتُ أنهم في كلِ يومْ في الساعة الحادية عشرْ , يسمعونَ صرخاتِ أناسٍ مرعبة .
ارتعبَ الطلابُ الآخرين بينما تكلمَ الطالبٌ نفسه وهو يبتسمُ بثقة :
ـ إن كنتم تسكنونَ في حي الظلامْ فسوفَ أذهبُ للاستكشاف .
تصببَ العرق من جبينِ أيمنْ وهو يبتسمُ بارتباكْ .
نهضَ مؤيدْ من مكانه حيثُ كان موقعه عند الجدار من جهة اليمين ليلتفتَ الجميعُ نحوه :
ـ نحنُ لا نسكنُ هناكْ , ولنْ يكونَ في البيتْ بل شقةٌ سوفَ نستأجرها .
هدأتْ نفسُ أيمنْ عندما أنقذه مؤيدْ من الموقفْ .
جمعَ مؤيدْ كتبه من الطاولة ووضعها في الحقيبة , التفتَ لأيمن .
ـ هيا فالمديرُ ينتظرنا !
وقفَ أيمنْ وهو يضعُ يده على رأسه مرتبكاً :
ـ آسفٌ يا شباب عليّ الذهاب .
وقفَ مؤيد على باب الصفِ ينتظرُ أيمنْ وعيناه على الصفِ الثاني عشر .
جاءَ أيمنْ وأمسكَ بكتفِ مؤيد:
ـ هيا بنا .
أعقدَ مؤيد ذراعيه ما إنْ رأى الشخص الخارج من الصف الثاني عشر .
ـ أظنّ إنّ لدينا رفقة !
التفتَ أيمنْ , ليرى سلمان يتقدمُ نحوهم .
توقفَ سلمانُ أمامهم ورفعَ نظارته بخفة وأخذَ يمسحها بمنديلٍ أبيض .
سار مؤيدْ بدونِ أنْ يكترثَ له بينما همسَ أيمنْ .
ـ شخصٌ مغرور !

.....


الساعة : 10:15 صباحاً

.
.
.

وصلَ ثلاثتهم لغرفة المدير وتلقوا فيها محاضرة دامتْ عشرَ دقائق لعدمِ التأخرِ مرة أخرى .
تنفسَ مؤيدْ الصعداء ما إنْ خرجَ هو ومؤيدْ وسلمان .
جاء نائبُ المدير نحو أيمنْ وهمسَ له في أذنيه .
ـ أختكَ على الهاتفْ !!
اتسعتْ عينا أيمنْ ما إن سمعَ ذلكَ وكأنّ صاعقة نزلتْ عليه .
ذهبَ نائبُ المدير ليبقى أيمنْ متجمداً.
مؤيدْ متعجبٌ من تصلبِ أيمنْ .
ـ أيـــمن ما بكْ !
ابتسمَ أيمنْ لمؤيد وقالَ بارتباكْ .
ـ سوفَ أذهبُ إلى غرفة نائب المدير .
تنهدَ مؤيد ولوحَ بيده مبتعداً .
ـ إنني عطش سوف أشربُ الماء وأرجعْ .
ذهبَ أيمنْ إلى غرفةٍ نائب المدير , بينما ابتسامةٌ كبيرة ظهرتْ على سلمان وهو يتبعُ أيمنْ .

.
.
.

دخلَ غرفة نائب المدير التي تحملُ لوناً بنياً مع نقوشٍ صفراء حيثُ أعطتِ الغرفة فخامة و لكنها في نظره أقلُّ فخامةً من غرفةِ المدير .
اقتربَ إلى الهاتفِ الموضوع على المكتبِ الخشبي من طرازٍ انجليزي الصنع , رفعَ السماعة وتنهدَ قبل أن يضعها على أذنيه
وهوينظرُ إلى الغرفة .
ـ الحمدُ لله لا يوجدُ أحدٌ في الغرفة .
وضعَ السماعة على أذنيه .
ـ السلام عليكم ورحمه الله وبركاته .
جاءه صوتٌ أنثوي :
ـ أيمـــنْ ؟!
تنهدَ أيمنْ بيأسْ :
ـ ومن غيري يا مودة ؟
في الطرفِ الأخر .
مسحتْ مودة دموعها التي تكادُ تخرجْ .
فتاةٌ في الخامسة عشر , عيناها واسعانِ , لها شعرٌ مموجٌ بني اللونِ كأخيها يصلِ إلى منتصفِ ظهرها.
استغربَ أيمنْ من صمتها :
ـ هيْ, مودة لماذا اتصلتْ على هاتفِ المدرسة أليسَ لدي هاتفْ ؟!
تغيرت ملامحُ وجهه مودة إلى الغضب وهي تكتمُ دمعاتها :
ـ أيهـــــــا الأحمق !!
أبعدَ السماعة عن أذنيه بسبب صراخها ثمّ أعادَ السماعة إلى أذنيه .
جاءه صوتُ مودة الباكي :
ـ لـ..للقد خشيتُ أنكَ ميتْ .
أمالَ أيمنْ رأسه بإحباطْ :
ـ ميتٌ مرة واحدة !
حدّتْ مودة في صوتها :
ـ أتصلُ عليكَ منذُ ثلاثةِ أيامْ على هاتفكْ وأنتَ لا تردْ .
نزلتْ قطرة من شعره وهو يتذكرُ أنّ هاتفه معطلْ وإنّه ذهبَ به ليصلحه وهو اليومْ ذاهبٌ لاسترجاعه.
أرادَ أيمن أن يغيرَ الموضوع فغيرَ نبرةَ صوته للمرح .
ـ أخبارُ أمي هل هي بخير !.
تكلمتْ مودة وقد تغير صوتها بجدية :
ـ إنها بخير , وتريدُ منكَ أنْ ترجعَ في هذا الشهر .
فغر فاه وهو يسمعُ ما قالته, وضعَ يده على شعره مرتبكاً .
ـ كـ ككيف لا أستطيع فقد تبقى لي سنةٌ واحدة للتخرجُ من المدرسة و...
قاطعته مودة :
ـ لقدُ افتتحت مدرسة جديدة في المدينة وأمي تريدُ منكَ أن تكملَ هناكَ .
شعرَ أيمنْ أنّ مودة لا تمزحْ , تكلمّ بجدية :
ـ مودة ! هل حصلَ شيء لأمي !
تغيرَ صوتُ مودةَ فجأة لصوت مرح :
ـ أجل إنــــ ..
صرختْ مودة وهي تمسكُ سلكَ الهاتفْ :
ـ مما هذا يا سلـمــــى ؟!
أبعدَ أيمنْ السماعة عن أذنيه بسببِ صراخِ مودة .
خافَ أيمن من أنّ شيء قد حصلَ لها .
وقالَ بنبرةٍ خائفة .
ـ ماذا حصلَ يا مـودة !
ـ أرجووكِ أرجووكِ دعيني أكلمُ أخي .
ظهرَ على وجهه أيمنْ السعادة .
وأخفضَ نبرةَ صوته .
ـ مودة دعيني أكلمُ سلمى .
فرحتْ الطفلة سلمى أختُ أيمن والتي تبلغُ من العمرِ 5 سنواتْ .
ـ أيمنْ ؟!
ظهرً له صوتٌ طفولي يعرفه ابتسمَ بسعادة وهو يتكلمُ بصوتِ حنونْ .
ـ أختي سلمى لقدِ اشتقتُ لكِ .
ضحكتْ سلمى ببراءة :
ـ إنه مولودٌ جديد .. مولودٌ جديدْ .
أخذتْ مودة السماعة من يدِ سلمى ووضعتْ يدها على شعرها البني .
ـ إنه هاتفُ المدرسة ولا يجوزُ أنْ نتأخر .
كلُ ذلكَ وأيمنْ يسمعْ .
ـ كما سمعتَ يا أيمنْ لقدْ رزقتَ بأخٍ صغير لقدْ أنجبتْ أمي طفلاً صغيراً وإن لمْ تأتي نهايةَ هذا الشهرْ
فإنّ أمي ستغضبُ عليكَ جداً , أمي تريدكَ إلى جانبها فهي قلقةٌ عليكْ وأنت ! , ولمْ تعلمْ مدى فرحتها
عندما سمعتْ بالمدرسة الجديد , قدْ ناقشتٌ الأمر عدةَ مراتْ معه ولكنها ترفضْ وأيضاً هي غاضبةٌ عليكْ لأنكَ لا تردُ على اتصالاتها طوالَ الثلاثةِ الأيامِ التي مضتْ ..
ظهرَ على وجهه مودة المزاحْ وهي تحدُ في صوتها .
ـ وأيضاً خطيبتكَ الحَسناءُ ميساء تبكي طوالَ الثلاثةِ أيامْ الماضية ..
تلونتْ وجنتا أيمن بحمرةٍ خفيفة ثمّ صرخَ :
ـ توقفي يا مودة , لا داعي لهذا الكلامْ .
ابتسمتْ مودة بسعادة :
ـ وداعاً .
ـ هي هي انتظري لقد كانَ هاتفي مـعـ...
أنزلَ السماعة عندما علمَ أنّ مودة قدْ قطعتِ الاتصال :
تنفسَ بعمقْ :
ـ يا إلهي كانَ لا بدّ من أقولَ لها من البداية أنّ هاتفي معطلْ , والآن كيفَ سأسافر لمْ يتبقى إلا القليل على نهاية هذا الشهر .
وضعَ السماعة على الهاتف .
وخرجَ من الغرفة وهو قلقْ ولكنه فوجئ بسلمانْ يقفُ أمامه وهو يضعُ يده على نظارته بثقة .
حاولَ تجاهله ومشى من عنده دونَ أنْ يكترثَ له , فهو الآن قلقٌ بسببِ سفره المفاجئ .
أمسكَ ذراعه بسرعة .
التفتَ أيمنْ لسلمانَ الذي يمسكُ به .
تكلمْ أيمنْ بضيقْ :
ـ اتركني .
ـ أريدُ أنّ أتحدثَ إليكَ في أمرٍ مهمْ .
انصاعَ أيمنْ وأخذَ يستمعُ لسلمانْ .

.
.
.
.

صاحَ أيمن بغضبٍ في وجهه سلمانْ.
ـ أتجسسُ عليّ ! يا لكَ من شخصٍ وقح !
سارَ للإمامِ متجاهلاً ما قاله .
ولكنّ سلمانْ رفع ذراعه مانعاً إياه من المرور .
ـ لا تنسَ ما قلته لكَ , اعلمْ أنني الوحيدُ الذي أستطيعُ مساعدتكَ ولكنّ بـ الشرطِ الذي قلته لكْ .
قطبّ أيمنْ حاجبيه بضيقْ :
ـ لا تفكرْ بذلكَ أبداً , لنْ أفعلَ شرطكَ أبداً وسوفَ أجدُ أنا ولنْ أحتاجَ إلى مساعدتكْ !
ابتسمَ سلمانْ بمكرْ وأنزلَ ذراعه ووضعَ ورقه بيضاء صغيرة في جيبِ بنطالٍ أيمنِ الأيسر .
ـ هذا رقمي , اتصلْ بي إنْ غيرتَ رأيكْ .
جاء مؤيدْ وهو يحملُ قارورةَ ماء بينَ يديه , رأى سلمان مؤيد قادماً فهمسَ إلى أيمنْ:
ـ لا تنسَ أنْ تتصلَ بي إنْ غيرتَ رأيكْ , وداعاً .
ابتعدَ سلمانْ عن أيمنْ بابتسامه واثقة .
استغربَ مؤيدْ ملامحَ وجهه أيمنْ المتغيرة وبادرَ بسؤاله
ـ أيمنْ ماذا جرى لك !
ابتسمَ أيمنْ لكي يبعدَ القلقَ عن وجهه :
ـ ليسَ هناكَ شيء ! هيا لنذهب .
تقدمَ أيمنْ وعادتْ ملامحه بينما مؤيدْ وقفَ متسائلاً
ـ ما لذي حصلْ له ؟! .
ركضَ إليه مؤيدْ وأمسكَ بكتفه :
ـ هل أزعجكَ سلمانْ !
اكتفى أيمنْ بالإيماءِ برأسه بالنفي وسارَ تاركاً مؤيدْ يفكرُ بمشكلته .


عنوانَ الجزء القادم : :wardah:
[ كمنْ فقدَ حناناً ! ]


أتمنى أشوف ردودكم إذا أعجبتكم ~