عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-28-2007, 08:40 PM
 
Thumbs up النية ... ضوابط وآثار

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


موضوعنا لهذه الجمعة عن "النية" ... طريقتي ستكون بداية ً توضيح مفهوم النية ثم أسرد بالترتيب أيات قرآنية مع تفسير لها ثم أحدايث قدسية ثم الشريفة ثم أقوال الصحابة والسلف الصالح وبعد كل منهم توضيح بسيط

نبدأ بعون الله


------------------------------------------------------


بسم الله الرحمن الرحيم

وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين .. سيدنا ونبينا محمد .. وعلى آله وصحبه أجمعين .... أما بعد .

النية .... ضوابط وآثار


ماهو مفهموم النية :

عبر عن ذلك بعض العلماء فقالوا :

النية شرط لتصحيح العمل، والمراد بالنية القصد- يقال: نوى كذا بمعنى قصده، ويراد بالنية في الاصطلاح العزم على الفعل، فمن عزم على فعل من الأفعال قيل بأنه قد نواه، وبعض العلماء يعرف النية بأنها قصد التقرب لله -عز وجل-، وهذا لا يصح؛ لأن النية على نوعين: نية صحيحة بقصد التقرب لله -عز وجل-، ونية التقرب لغيره، وهذه أيضا من أنواع النيات، ولكل حكمه.

وقوله هنا: شرط يراد بالشرط ما يلزم من عدمه عدم الحكم، ولا يلزم من وجوده وجود الحكم ولا عدمه لذاته، مثال ذلك: الطهارة شرط للصلاة، يلزم من انتفاء الطهارة انتفاء صحة الصلاة، لكن لا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة، أو انتفاؤها

------------------------------------------------------

أهمية النية ..

قال تعالى في محكم تنزيله : { وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ }

يقول في تفسير الجلالين : ( والذين صبروا على الطاعة والبلاء وعن المعصية ابتغاء طلب وجه ربهم لا غيره من أعراض الدنيا وأقاموا الصلاة وأنفقوا في الطاعة مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرؤون يدفعون بالحسنة السيئة كالجهل بالحلم والأذى بالصبر أولئك لهم عقبى الدار أي العاقبة المحمودة في الدار الآخرة )

------------------------------------------------------

أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان بالفسطاط، قال: حدثنا محمد بن هشام بن أبي خيرة ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عثمان ، قال: حدثنا شعبة ، قال: حدثنا العلاء ، عن أبيه
عن أبي هريرة قال: قال رسوله الله صلى الله عليه وسلم : : (((قال الله تبارك وتعالى: أنا خير الشركاء، من عمل عملاً، فأشرك فيه غيري، فأنا منه بريء، هو للذي أشرك به)).)

ففي هذا الحديث القدسي تبين أن عدم الاخلاص في النية قد يوقع الانسان في ظلام الشرك ,
------------------------------------------------------

أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبدالجبار ، قال: حدثنا يحيى بن معين ، قال: حدثنا محمد بن بكر ، قال: حدثنا عبدالحميد بن جعفر ، قال: حدثني أبي ، عن زياد بن ميناء عن أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري وكان من الصحابة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسل : (((إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة، ليوم لا ريب فيه، نادى مناد: من كان أشرك في عمله لله أحداً، فليطلب ثوابه من عنده، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك)).).

وهو حديث آخر بنفس المعنى ..و تبرز فيه الأمور التي ستحصل للعبد الذي لم يخلص في عمله بالدنيا

------------------------------------------------------


أخبرنا عبدالله بن محمد الأزدي ، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، قال: أخبرنا الملائي ، قال: حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، قال: : (سمعت جندباً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم أسمع أحداً غيره يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدنوت قريبا منه، فسمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من سمع يسمع الله به، ومن راءى يرائي الله به )) .).

أيضاً يظهر من هذا الحديث ما يحصل للعبد المقصر من ناحية الاخلاص وتعدى ذلك الى الرياء وطلب السمعة .. حيث من يرائي في الدنيا

يرائي الله به أي يفضحه يوم القيامة والعياذ بالله .

------------------------------------------------------


وأيضاً :

أخبرنا علي بن محمد القباني ، حدثنا عبد الله بن هاشم الطوسي ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن علقمة بن وقاص .عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : : (((الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجرإليه)).).

فهذا الحديث المعروف قد برز فيه أهمية النية بشكل واضح تغنينا عن تفسير أسطره

------------------------------------------------------


وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً : { حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا أبو نعيم حدثنا عبادة بن مسلم حدثنا يونس بن خباب عن سعيد الطائي أبي البختري أنه قال حدثني أبو كبشة الأنماري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثا
فاحفظوه قال ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر أو كلمة نحوها وأحدثكم حديثا فاحفظوه قال إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو نيته فأجرهما سواء وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقا فهذا بأخبث المنازل وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو نيته فوزرهما سواء
)
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
قال الترمذي : حسن صحيح }

فبمجرد أن نوى العبد نية خالصة لوجه الله في سبيل القيام بأمر ما كتبت له حتى وان "لم يستطع" القيام بها فيما بعد ... وهذه نقطة مهمة وهذه تعتبر من النعم التي أنعم الله تعالى بها على عباده المؤمنين .. فلله الحمد والفضل والمنة .

------------------------------------------------------


أما ما أثر عن السلف :
أخبرنا عبد الله بن سعيد حدثنا عبد الله بن الأجلح قال حدثني أبي عن مجاهد : ( قال طلبنا هذا العلم وما لنا فيه كبير نية ثم رزق الله بعد فيه النية).

وهنا تبرز أهمية أخرى للنية .. حيث أنه على العبد أن لا يترك العمل الصالح لمجرد أنه لم يشعر بنية كبرى في هذا العمل .. لذا عليه الشروع بالعمل متجازاً وساوس الشيطان وبعدها يفتح الله عليه ويرزقه بالنية التي تعين وتشجع العبد للمواصلة في العمل الصالح .

------------------------------------------------------


أضيف بعد كل هذه الأدلة من الكتاب والسنة وأحدايث السلف بأن أقول أن من ينوي بالعمل الصالح ويجعله خالصاً لوجه الله تعالى فإنه لا يلقى

ذلك فقط في الآخرة ويجازى عليه فحسب .. بل يجد ذلك في الدنيا أيضاً ....

فكم من عبد نوى بأن يسافر الى أرض بغية أن يطلب علماً نافعاً فيها مع قلة مؤنته للقيام بذلك ثم كفاه الله تلك المؤنه ..


ونستدل بذلك بحديث عمر رضي الله عنه : ( عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
من انقطع إلى الله كفاه الله مؤنته ، و رزقه من حيث لا يحتسب ، و من انقطع إلى الدنيا و كله الله إليها
.).

لذا أخي المسلم عليك عندما تعمل أي عمل حتى لو كان دنيوي أن تبتغي فيه وجه الله .. وتذكر دائماً بأن ما تعمله من أعمال دنيوة يمكن أن تحولها الى عبادات عندما تجعلها لله تعالى .. حتى الطعام والشراب .. فإن نويت أن تأكل حتى تتقوى على طاعة الله أصبحت تلك عبادة .. وقس على ذلك ما تشاء



في نهاية حديثي هذا عن النية .. أود أن اتكلم بإيجاز عن البدع والأخطاء التي حدثت حول النية والمفهوم الخاطئ لذلك ...

حيث انتشر بين أوساط الأمة الاسلامية أناس لم يفهموا معنى النية بشكل صحيح فأصبحوا يجهرون بها ... مثل مانراه الآن من تلفظٍ بجمل معينة عند الشروع في الصلاة , كأن يقول أحدهم "
نويت أن أصلي أربع ركعات صلاة العشاء مستقبلاً القبلة متطهراً إماماً أو مأموماً أداءً أو قضاءً ....الخ من العبارات حتى أن بعضهم قد لا يتبقى عليه سوى أن يذكر اسم المسجد والشارع وعنوان الحي الذي يقع فيه !! .

سبب انتشار هذا الخطأ (خاصة عند الشافعية) هو حينما قال الامام الشافعي رحمه الله : تفتتح الصلاة بفرضين وسنة، الفرضان هما: النية والتحريم، والسنة رفع اليدين،
فلما نقل هذا اعتقد الشافعية أنه يريد التلفظ بها، فصاروا يتلفظون بالنية عند الصلاة .. وهذا أصل هذه البدعة ..

ولذلك قيل للإمام أحمد : تقول قبل التحريم شيئاً؟ قال: (لا. إذ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه).
أي: لم ينقل عنهم أنهم كانوا يتلفظون بقول: نويت أن أصلي أربع ركعات صلاة العشاء مستقبلاً القبلة متطهراً إماماً أو مأموماً أداءً أو قضاءً. لم ينقل عنهم ذلك، فلا حاجة إلى ذلك.
ولكن النية محلها القلب، فينوي بقلبه ولو لم يحرك قلبه، وذلك أنه يكفي فيه العزم التصميم على الشيء

------------------------------------------------------

الموضوع يطول في هذا المجال المهم .. والذي يتعلق بأصل عبادتنا .. ولمن يريد الاستزادة , يوجد العديد من المحاضرات والدروس والافتاءات في موقع الشبكة الاسلامية وغيرها ..

نسأل الله العلي القدير أن يرزقنا النية الصالحة والخالصة لوجهه الكريم وأن يبعد عنا حب الرياء والسمعة والشهرة انه ولي ذلك والقادر عليه ..


وأصلي وأسلم على أشرف الانبياء والمرسلين والحمد لله رب العالمين