عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 06-18-2007, 04:13 PM
 
رد: فضائح عملاء حماس

حكومة حماس في غزة
كيف ستوفر الطعام والماء والكهرباء وتسيطر على المعابر وتتواصل مع المجتمع الدولي وتنظم الأمن وحرة نقل الوقود
18/06/2007 |

بات واضحا أن مقاتلي حركة حماس حسموا أمر قطاع غزة عسكريا لصالحهم، وأن جيوب المقاومة المتبقية في بعض المقرات الأمنية التابعة لحركة فتح ستستسلم في غضون أيام، إن لم يكن خلال ساعات معدودة. فقادة الأجهزة الأمنية الكبار غادروا القطاع إلى ملاذ آمن في القاهرة، ولم يعد هناك أي دافع لدى رجالاتهم للقتال دفاعا عن مقرات أمنية لا تشكل أي قيمة معنوية أو مادية.
السؤال المطروح الآن وبإلحاح، هو ماذا ستفعل حماس بقطاع غزة، ومليون ونصف المليون من سكانه، بعد أن تحكم قبضتها عليه، وتصفي جميع خصومها، وتسيطر على جميع المقرات الأمنية؟
كيف ستوفر حركة حماس الطعام والماء والكهرباء، وتسيطر على المعابر، وتتواصل مع المجتمع الدولي، وتنظم الأمن، وحركة نقل الوقود، والإدارة المدنية، وأمور حياتية يومية متعددة الجوانب باتت من صلب مسؤولياتها فور انهيار آخر موقع للأمن العام أو الأمن الوقائي؟
أول خطوة متوقعة في هذا السيناريو هي انسحاب وزراء فتح من حكومة الوحدة الوطنية، وربما يفعل الشيء نفسه بعض الوزراء المستقلين، مثل سلام فياض (المالية) وزياد أبو عمرو (الخارجية) ومصطفى البرغوثي (الإعلام) وهذا يعني انهيار الحكومة وليس السلطة، وفصلا شبه كامل للضفة الغربية عن قطاع غزة.
الخطوة الثانية: ربما تنعكس في انتقال المعارك بين الفصيلين الكبيرين من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، وهناك مؤشرات تصب في هذه المحصلة، حيث شاهدنا عناصر من فتح تسيطر على نابلس ومدن أخرى في الضفة الغربية، وكأن لسان حالهم يقول لكم غزة ولنا الضفة الغربية.
الخطوة الثالثة: ربما تنعكس في إغلاق مصر لحدودها الكاملة مع قطاع غزة، ووقف العالم إمداداته ومساعداته المالية لأبناء القطاع، فمصر لا تريد معسكرات لاجئين على حدودها مرة أخرى، أو داخل أراضيها، وقد تنفست الصعداء بعد إغلاق معسكر كندا المشهور الذي أقيم بعد احتلال عام 1967.
الخطوة الرابعة: تظل حول كيفية تعامل حماس المنتصرة مع الفصائل الفلسطينية الأخرى مثل الجهاد الإسلامي، ولجان المقاومة الشعبية، وكتائب شهداء الأقصى، وكتائب أبو الريش، والجيش الإسلامي. فهل يتم التعايش معها، وإلى أي مدى، وعلى أي أساس؟
الخطوة الخامسة: هل سيتحول قطاع غزة إلى هانوي فلسطينية، أو جنوب لبنان فلسطيني، ويكون نقطة انطلاق لمقاومة شرسة ضد إسرائيل، وماذا سيكون رد فعل الأخيرة، هل ستعيد احتلال القطاع، أم تفعل ما فعلته في السابق أي تقوم بقصف صاروخي عنيف بحجة القضاء على حركة حماس؟
ما يحدث في قطاع غزة حاليا هو قمة الجنون والحسابات الخاطئة من الطرفين، وإن كنا نعتقد أن هناك من أعد فخا نصبه بعناية لحركة حماس، هذه الحركة الوطنية التي تحملت مسؤولية المقاومة وقدمت مئات الشهداء في السنوات الأخيرة.
تهريب الطرفين للأسلحة عبر قطاع غزة، سواء عبر الأنفاق، أو عبر المعابر بعلم الإسرائيليين وموافقة المصريين، لم يكن من أجل استخدام مدافع الهاون وقذائف ال»آر. بي. جيه» ضد الإسرائيليين، وإنما في المواجهات الدموية الحالية لبسط السيطرة والنفوذ.
من المؤكد أن جيش العملاء الذي جندته السلطات الإسرائيلية على مدى سنوات يعيش أحسن أيامه هذه الأيام. فهناك أفعال دموية ترتكب تحت اسم التنظيمين الكبيرين المتقاتلين لا يمكن أن يقدم عليها إنسان مهما تغول في الإجرام، مثل اقتحام البيوت ونهبها وحرقها، وقتل أطفال وشيوخ ونساء.
هؤلاء المندسون يريدون إشعال الفتنة وصب النار على زيتها، وتأجيج المشاعر، من أجل تكريه الفلسطينيين بالمقاومة وفصائلها أولا، وتكريه العالم، والعرب بالذات بالفلسطينيين، باعتبارهم شعبا غير مسؤول لا يستحق الدولة، بل لا يستحق الحياة.
الشعب الفلسطيني يعيش حالة هي مزيج من الرعب والإرهاب والقرف، ولو فتحت له الحدود والمعابر لهرب إلى مصر بل إلى الدولة العبرية طلبا للأمان، بعد أن أصبحت حياة أبنائه مهددة من قبل أناس هم من صلبه، ويعتنقون دينه ومذهبه ويتحدثون باسمه. أناس انتخبهم وأوصلهم إلى السلطة سواء في المرة الأولى أو الثانية.
الرئيس عباس لم يعد مسيطرا على الوضع لأنه لم يعد رئيسا للشعب الفلسطيني، ولا حتى لحركة فتح، لقد فقد ما تبقى من شرعية، وعليه أن ينسحب معترفا بالعجز وعدم القدرة، ولا نعتقد أن قادة حماس في الخارج في وضع أفضل من حيث السيطرة على مقاتلي حركتهم على الأرض.
تظل مسؤولية الرئيس عباس هي الأكبر، فمن المفترض أنه موجود في منصبه من أجل صنع السلام، فإذا كان غير قادر على صنع السلام مع حركة حماس، فهل سيستطيع صنع السلام مع الإسرائيليين؟
الأيام المقبلة مرعبة للجميع، فالعالم الذي حاصر الفلسطينيين وجوعهم، ورفض الاعتراف بنتائج انتخاباتهم، يتحمل هو الآخر جزءا كبيرا من مسؤولية ما يحدث حاليا، فقد كان عليه أن يعطي حماس الفرصة في الحكم ولكنه لم يفعل، وعندما تنازلت حماس عن معظم الوزارات السيادية ودخلت في شراكة مع حركة فتح استمر الحصار بأوامر إسرائيلية وضغوط أمريكية.
قطاع غزة يتحول تدريجيا إلى دولة صغيرة فاشلة، والفلتان الأمني فيه سيتحول إلى مؤسسة. وفي الدول الفاشلة، صغيرة كانت أم كبيرة، ينمو التطرف ويتوسع، هناك أمل واحد للخروج من هذا الوضع المقلق وهو أن تتصرف حماس تصرف حزب الله في جنوب لبنان، أي تدير القطاع بطريقة منظمة وعلمية وتقيم نظاما عادلا منضبطا، وهذا ما نشك فيه ليس لأنها قد لا تستطيع وإنما لأنه لن يسمح لها بذلك.
هذا الانهيار على الصعد كافة في قطاع غزة، والمرشح للانتقال إلى الضفة الغربية، إن لم يكن قد انتقل فعلا، سيعيد الطروحات القديمة المتجددة، بإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عام 1967، أي كونفدرالية مع الأردن وترك غزة تغرق في الفوضى لأن لا أحد يريدها، بمن في ذلك المصريون، بل وأبناء القطاع أنفسهم، بعد أن عاشوا أياما من الرعب والخوف تحت سقف قتال الإخوة الأعداء .
عن القدس العربي وباتفاق مع الكاتب