عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 06-08-2007, 09:34 PM
 
رد: لمحبي القصص الواقعية المفيدة حقا حقا حقا

القصة الثانية

أتمنى أن أكون كذلك

حططنا رحالنا في روسيا ، وفي مدينة موسكو العاصمة كان منظرنا ملفتاً للنظر حقاً ، فجميعنا نلبس مثل لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثياباً إلى منتصف الساق ، ونلف رؤوسنا بالشماغات و المناديل على هيئة العمامة ، ولحانا طويلة إتباعاً لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم .

صحبنا إمام المسجد في جولتنا الدعوية فكان بمثابة دليل ومترجم يطوف بنا أحياء المدينة لعل الله يهدينا ويهدي بنا عباده إلى دينه الذي ارتضاه .

وبينما نحن نسير إذ طلعت في وجهنا فتاة في الثلاثين من عمرها فلما رأت منظرنا صاحت بدهشة : ما هذا أيها المخنثون ، أليس عيباً عليكم أن تلبسوا ثياب النساء و أنتم رجال ؟، ألا تخجلون من أنفسكم ؟! .

كانت ترطن بالروسية بانفعال بدا واضحاً على وجهها ، فأطرق إمام المسجد ، فقلت له ماذا تقول هذه المرأة ؟.

فترجم لي كلماتها بخجل بعد أن حذف كلمة ( المخنثين ) والتي أخبرني بها فيما بعد .

فقلت له أسرع ونادها إلينا .

فلما جاءت طلبت منها إعادة ما قالت ، فأعادت دون وجل ، فقلت لإمام المسجد : قل لها نحن نلبس هذه الثياب تشبهاً بنبينا الذي كان يرتدي ثياباً بهذه الهيئة منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة ، ونحن نلبس لباسه حباً به .

فلما ترجم لها الكلام ، دهشت وقالت : إن ديناً يتقيد أتباعه بلباس نبيهم بعد ألف وأربعمائة سنة حتى وإن كانت ملابس نساء لا بد أن تكون عقيدته قوية ، ما هو دينكم ؟.

فقلت لها والإمام يترجم بيننا – ديننا الإسلام ، وهو الدين الذي ارتضاه الله لعباده ، وأمرنا فيه ألا نكذب لا في المزاح ولا في الجد ، ولا في الخوف ولا في الأمن ، وأمرنا أن لا نعتدي على الآخرين ، وألا نظلم أحداً ، وألا نأكل مالاً ظلماً ، وألا نخون أمانة وألا نسخر من أحد من عباده ، وألا نشرب خمراُ أو شيئاً يفقدنا العقل ، وأمرنا أن نصل الأرحام ، ونقيم العدل ، وننصر المظلوم ، ونؤتي كل ذي حق حقه ، و ..... وحدثتها عن أخلاقيات الإسلام فصاحت بعفوية : آه أنا مثلكم ، أنا أحب أن أكون كذلك ، إذاً أنا على دينكم !!. قلت لها : لا .. لست على ديننا إلا إذا آمنت بما نؤمن به ، وعرضت عليها الإسلام و التوحيد .

فقالت :
آه .. لطالما كنت أفكر بأنه لابد من خالق واحد ترجع إليه جميع المخلوقات ، أنا مدرسة في الجامعة ، وكثيراً ما كنت أناقش طلابي في قضية العبثية التي نشأ منها الكون وأنها مستحيلة ، وكنت أقول لهم دائماً : لا بد أن يصل العلم في يوم ما إلى حقيقة ثابتة هي تلك القوة التي أوجدت ونظمت العلاقات بين أطراف الكون ، وسخرت كلاً منها للآخر ، وسخرتها جميعاً للإنسان.

إنني أؤمن بما تؤمنون به ، علموني كيف أصبح مثلكم ؟.


فعلمناها الشهادتين ونطقت بهما ، ثم قالت : ماذا يترتب علي جراء انتمائي للإسلام ، أنا مستعدة لدفع المبلغ المحدد ( كرسم اشتراك ) سنوي أو شهري .

قلنا لها : ليس عليك دفع أي مبلغ ، وإنما هناك واجبات هي أركان الإسلام سيعلمك أداءها إمام المسجد.
وأعطاها الإمام عنوان المسجد ، فقالت : وهل علي أن ألبس مثل لباسكم هذا ؟.

فضحكت وقلت لها : ملابس النساء ، (وهي العبارة التي قالتها في بداية اللقاء) ، إذ أن الرجال غلب على مظهرهم اللباس الإفرنجي ، أما الثوب القصير لباس النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين فقد تخلى عنه المسلمون ، وقصرت النساء ثيابهن ، فصار غريباً على الرجل لبس الثوب القصير ، إذ أصبح العرف أنه للنساء .

فقالت : لا بل لباس النبي صلى الله عليه وسلم .

قلت لها : لا .. وإنما تلبسين لباس أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين ( الجلباب ) ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) ( الأحزاب 59 ) .

__________________