ما لي وللأنذال والغوغاء
ما لي وللأنذال والغوغاء ** يرمونني بالبغض والشحناء
من غير ذنب غير أني طالب ** للدين أن يعلو على الأهواء
يدعونني للعجز عن طلب العلا ** ودعوتهم للمجد والعلياء
بالأمس كانوا خلتي فأغاظهم ** طلب الهدى فإذا هم أعدائي
ولقد عهدتهم ذوي ود فلم ** أشعر بهم إلا وهم خصمائي
الحق باعد بيننا فأحلني ** في عزة وأحلهم ببلاء
قالوا شديد طبعه ذو غلظة ** فأجبتهم لكن على السفهاء
ولقد خفضت جناح ذل للذي ** أضحى أخا تقوى ورب وفاء
أما العصاة فإنهم ما شاهدوا ** مني سوى الإعراض والبغضاء
من ذاك شق عليهم ما عاينوا ** مني فملوا عيشتي وبقاء
نظروا إلي بأعين دلت على ** خبث الذي ستروه في الأحشاء
قلت اصبروا إن المقدر كائن ** والحق يعلو فوق كل علاء
أولا فكيدوني جميعا واطلبوا ** لي كل داعية إلى إفناء
ولقد سررت ببغضكم إذ أرى ** في بغضكم حقي بغير مراء
ولئن كرهتم حالتي فلمن مضى ** من قبلكم من سائر الغوغاء
ما زاد عن هذا الذي أنتم به ** في خير خلق الله والصلحاء
ولئن جهلتم سيرتي فالحق في** هذا الزمان غدا من الغرباء
قل للألى جهلوا صفاتي عن عمى ** إن الذي أعماكم لبهاء
مثل الخفاش يرى إذا جن الدجى** لكنه يعميه كل ضياء
الله أكرم أن أقيم بلدة ** فيها يكون الأمر أمر ولاء
الله أكرم أم يروني مرة ** من دهرهم في ذلة وبلاء
الله أكرم أن ألاقي دولة** لهم على الأخيار والفضلاء
الحمد لله المعز لمن يشا ** من خلقه ذي الفضل والآلاء