الموضوع: سلام النفس
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-28-2007, 02:09 PM
 
سلام النفس

سلام النفس


كثيرا ما استوقفني قوله تعالى: (فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ)، وفي التفسير أن المعنى: فليسلم بعضكم على بعض، وقال مجاهد: ".. وإذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" وكذا قال قتادة. وهذا بالفعل ما نردده، ومن خلال التشهد أكثر من تسع مرات في اليوم الواحد، وكنت أتساءل: هل يحتاج الإنسان إلى أن يلقى السلام على نفسه؟ هل من المكن أن تحدث حالات من التخاصم وعدم الألفة، بل وربما تصل إلى الشجار، مع النفس؟

نعم من الممكن أن يحدث ذلك!

- إذا لم نرض بما قسمه الله تعالى لنا؛ فإننا لا نعيش في حالة سلام مع النفس.
- إذا صاحب عيوننا دوما قصر نظر، فلم نر إلا عيوب الآخرين، ولم تطرأ حالة من طول النظر، لنرى ما فيهم من جمال ولو للحظات عابرة في هذه الحياة، فإننا لا نعيش حالة سلام مع النفس.

- إذا تردد إرسالك دوما عبر موجات التسخط والنقد الهدام والإسقاط على الآخرين، دون أي محاولة منك لتنقية، بل وإعادة تأسيس، أجهزة استقبالك لتصبح ذات قدرة على "الفلترة"، وتمييز الخبيث من الطيب، ولتعيد الإرسال مرة أخرى بشفرات أكثر وضوحا وإيجابية، فلن تعيش أبدا حالة سلام مع النفس.

- عندما تصبح كائنا كسولا خاملا عقيما أن تلد لهذه الحياة معنىً جديدا، عندما تطرح منها ولا تجمع إليها، تبقى دوما في السفح ضعيفاً هزيلاً مخذولاً، تبني بأحجار الوهم ما تعلم يقيناً أن السيول ستجرفه، ولم تعل همتك يوماً وتروم التشييد في القمم، فأي سلام يمكن أن تحققه لأمتك؟

- إذا طالت وتوازات خطوط التبرير عندك، فأنت دوما المعذور، وأنت المظلوم، وأنت وحدك صاحب الحق، ذو الرأي السديد والقول الرشيد، وتقاطعت تلك الخطوط عندك، فحاصرت الآخرين في مربعات ضيقة، فهم دوما المخطئون، الظالمون، الحمقى، فأي سلام يمكن أن تعيشه مع نفسك فضلا أن تعيشه مع الآخرين؟!

- عندما لا تضبط، ولا تتحكم في عيار القذائف المنطلقة ممن احتاج لديك لطول سجن، ويزيدك تجرؤاً أن لا سبيل لإطلاقه عند الآخرين، فتحدث فيهم آثاراً دامية، تستنزف معها كل معاني المحبة والود والأمان، فأي سلام تصنعه، فضلا عن أن تصدره؟ ولتؤول حياتك كلها وإن كنت مازلت رقما بين الأحياء إلى "الشاطئ المهجور" منها.

- السلام.. قيمة لها محتويات رائعة، إذا لم نتعرف عليها، و نتدبرها من كتاب ربنا، لنطلقها نحن وبقوة من مدارنا، ووفق عالمية - رؤيتنا الإسلامية، قمراً يضيء ليل هذه البشرية الذي احلولك ظلامه.. فأي معنى، وأي فهم قد تَبَقىَ لدينا لخطاب المولى سبحانه وتعالى لنا: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)؟!
فلنعش مع أنفسنا قبل كل شيء بسلام .

--------------------




حتما سنلتقي و لن نفترق

__________________

الوقت يداهمني والعمر يسرقني

لكن لا املك سوى شكر لكل من تقبلني في هذا المنتدى
واتمنى من الله ان يجمعنا في الجنان العليا




اخوكم


سامر البطاوي