عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-14-2012, 03:14 AM
 
بيان الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَهَابَةِ وَالْكِبْرِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَبِهِ ثِقَتِي وَعَلَيْهِ تَوَكُّلِي الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ، وَخَلَقَ لَهُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْقُوَى وَالْجَوَارِحَ وَالْبَنَانَ ، وَشَرَّفَهُ بِمَعْرِفَتِهِ ، وَأَهَّلَهُ لِخِدْمَتِهِ ، وَفَضَّلَهُ عَلَى سَائِرِ الْحَيَوَانِ ، وَاخْتَصَّهُ بِالنَّهْيِ وَالْأَمْرِ ، وَالْوِزْرِ وَالْأَجْرِ ، وَالطَّاعَةِ وَالْعِصْيَانِ ،وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَحَبِيبُهُ وَخَلِيلُهُ ، وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ ، وَشَهِيدُهُ عَلَى أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ ، خُلَاصَةُ الْأَكْوَانِ ، وَسَيِّدُ وَلَدِ عَدْنَانَ ،وبعد

قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَهَابَةِ وَالْكِبْرِ : إنَّ الْمَهَابَةَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ امْتِلَاءِ الْقَلْبِ بِعَظَمَةِ اللَّهِ وَمَحَبَّتِهِ وَإِجْلَالِهِ ، فَإِذَا امْتَلَأَ الْقَلْبُ بِذَلِكَ حَلَّ فِيهِ النُّورُ ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ ، وَأُلْبِسَ رِدَاءَ الْهَيْبَةِ ، فَاكْتَسَى وَجْهُهُ الْحَلَاوَةَ وَالْمَهَابَةَ ، فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ الْقُلُوبِ مَحَبَّةً وَمَهَابَةً ، فَحَنَّتْ إلَيْهِ الْأَفْئِدَةُ ، وَقَرَّتْ بِهِ الْعُيُونُ ، وَأَنِسَتْ بِهِ الْقُلُوبُ ، فَكَلَامُهُ نُورٌ ، وَمَدْخَلُهُ نُورٌ ، وَمَخْرَجُهُ نُورٌ ، وَعِلْمُهُ نُورٌ ، إنْ سَكَتَ عَلَاهُ الْوَقَارُ ، وَإِنْ تَكَلَّمَ أَخَذَ بِالْقُلُوبِ وَالْأَسْمَاعِ .

قَالَ : وَأَمَّا الْكِبْرُ فَأَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْعُجْبِ وَالْبَغْيِ مِنْ قَلْبٍ قَدْ امْتَلَأَ بِالْجَهْلِ وَالظُّلْمِ ، تَرَحَّلَتْ مِنْهُ الْعُبُودِيَّةُ وَنَزَلَ عَلَيْهِ الْمَقْتُ ، فَنَظَرُهُ إلَى النَّاسِ شَزْرٌ ، وَمَشْيُهُ بَيْنَهُمْ تَبَخْتُرٌ ، وَمُعَامَلَتُهُ لَهُمْ مُعَامَلَةُ الِاسْتِيثَارِ لَا الْإِيثَارِ ، وَلَا الْإِنْصَافِ ، ذَاهِبٌ بِنَفْسِهِ تِيهًا ، لَا يَبْدَأُ مَنْ لَقِيَهُ بِالسَّلَامِ ، وَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ رَأَى أَنَّهُ قَدْ بَالَغَ فِي الْإِنْعَامِ عَلَيْهِ ، لَا يَنْطَلِقُ لَهُمْ وَجْهُهُ ، وَلَا يَسَعُهُمْ خُلُقُهُ ، وَلَا يَرَى لِأَحَدٍ عَلَيْهِ حَقًّا ، وَيَرَى حُقُوقَهُ عَلَى النَّاسِ ، وَلَا يَرَى فَضْلَهُمْ عَلَيْهِ ، وَيَرَى فَضْلَهُ عَلَيْهِمْ ، وَلَا يَزْدَادُ مِنْ اللَّهِ إلَّا بُعْدًا ، وَلَا مِنْ النَّاسِ إلَّا صَغَارًا وَبُغْضًا .انتهى

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَحَبُّكُمْ إلَيَّ أَحْسَنكُمْ أَخْلَاقًا ، الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا ، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ } .
الهمنا الله واياكم التقوى وجنبنا واياكم الردى انه قريب مجيب والسلام عليكم ورحمة الله
رد مع اقتباس