عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 04-30-2007, 02:15 PM
 
رد: لعيون أجمل حورية

من المعلوم ان الأدب، كما الفن، ليس خطاباً يدعي لذاته حرية تصوير حقائق ما نعيش ونشهد. والكلام حي يرتقي إلى مستوى الإبداع لا يعقل أن يكون فقاقيع صابون تعوضنا عن الكبت ثرثرة، وعن حقنا في الحياة قناعة بالحرمان منها، بل هو (الأدب كما الفن) بناء عالم على مستوى المتخيل، من أهم معانيه في تاريخنا الحديث، إضاءة الشق المظلم من واقعنا، وبلورة وعي بمأساة الانسان المقموعة حريته، والمغرّب عن ذاته وهويته ووطنه.
ولئن كان الخطاب الثقافي-الأدبي هو، بالنسبة لنا، نحن أبناء هذا العالم الحضاري القديم الذي يسمونه متخلفاً، الخطاب الإنتاجي الأكثر إمكاناً وفاعلية، نسبة إلى حقول الإنتاج الأخرى، فإن الحوار النقدي، لهذا الخطاب، هو يطرح السؤال المشترك بين الكتابة والقراءة والحياة. يطرحه على معنى الجمالي ومعياريته، وعلى علاقة الجمالي بالمعرفة التي ينتجها.
تختلف ولا شك سبل إنتاج المعرفة، وتتنوع جماليات الخطاب الأدب. لكن، يبقى الانسان، باعتبار تاريخه وواقعه وحلمه، محورها.
ويبقى من ثم السؤال:
كيف يمكن لهذا الانسان أن يمتلك وعياً نيراً يحاور به مرآة حياته؟
وهل هو واجد في الخطاب الثقافي-الأدبي هذه المرآة؟
وما هو المنظور الذي يمكن لهذا الحوار أن ينطلق منه؟
كانت الكتابة مرآة لصورة أناس من أهلي قرأت فيها، حين قرأت الكتب، صورة لانسان عربي مسحوق.
كانت الكتابة حاجة في دمي تنتقل داخل القلب من طرف إلى آخر كي تأخذ من الهواء ما تستمر به الحياة.
كانت الكتابة حاجة بحجم الخلية التي تمسك الروح، وصارت حاجة بحجم الكون الذي يضيق، عند الكتابة، عن أحلام هذه الروح.
كانت في مكان حدود البيت والوطن، وصارت إلى مكان أوسع من كل بيت ووطن.