عرض مشاركة واحدة
  #31  
قديم 12-05-2011, 09:21 PM
 

أترككم مع..:
.~ شـيــفرة الــــمـــوت~.
.~الفـــــصـــ(الأول)ــــــــــــل~.



إلتمعت تلك العينان بلونهما الفضي تحت ومضات البرق, وهما تتأملان السماء المظلمة الملبدة بالغيوم السوداء, فشكلت مشهدا مرعبا للمارة, زاده هزيم الرعد رعبا, فبدا جليا أن سيل المطر آت, مصحوبا بعاصفة قوية..
أنزلت عينيها لتجيلهما فيما حولها , وهي ترمق بنظرات هادئة باردة خالية من المشاعر, كل من ينظر أليها وإلى شكلها المثير للريبة والخوف, وكأنما خرجت للتو من مجزرة..
فملابسها الممزقة,المبللة, التي تنتشر فيها الدماء, وملامحها الباردة, تدب الرعب في القلوب, وتجعلها تقرع كطبول ليلة العيد..
أغمضت عينيها لبرهة, تحولت لثوان, ثم دقيقة..
دقيقة مرت وهي ما تزال واقفة على ذلك الحال, كتمثال وسط الطريق, فجأة فتحت عينيها على وت الرعد, فإذا بهما بلون الزمرد الأخضر, المشع, وما هي إلا أجزاء من الثانية حتى تحولتا إلى الفيروزي, وكأن هذا هو لونهما الطبيعي,وكأنهما لم تكونا من قبل ظاهرة غريبة بلون الفضة ثم الزمرد المشع, فدهش كل من حولها لشدة الرهبة التي دخلت قلوبهم , وظنوا جميعا أنما كانوا يتخيلون..
فجأة أطلقت قدميها للريح تقودانها حيث تريدان, وحيث يريد لها قدرها أن تذهب..
ولم تتوقف عن الجري ولو لحظة, فلم تمنح فرصة للناس لإدراك طبيعة هذا الشيء الذي مر من أمامهم بسرعة كالبرق, غير آبه للحادث المأساوي الذي كاد يسببه عندما عبر الطريق العام بدون أن يتوقف عن الركض, وبدون أن يرف له جفن, وكأنما كان فقط يحاول الهرب, بعيدا, وإلى أي مكان يمكن أن يل إليه إنسان...

ولكنها أخيرا توقفت عن الركض, عندما ولت إلى أحد الطرق الفرعية, ليس لتعب منها, فهذا شي شبه مستحيل..
ولكن..
أدركت أخيرا أنها قد ابتعدت بالقدر الكافي, فجلست إلى الأرض, مسندة ظهرها إلى أحد جدران المباني المليئة بمختلف الرسوم والكتابات الغريبة بالطلا الملون, معظم نوافذ المباني مكسرة, والمكان يبعث على الخوف وعدم الطمأنينة..
ولكن بالنسبة لها كان على العكس, مكان يبعث على السكون..
مددت إحدى ساقيها بينما ضمت الأخرى لدرها, لتكتشف, والآن فقط, أن ركبتها تنزف دما ...
ظلت تحدق بها فترة, وكأنما شردت بذهنها, فجأة تذكرت شيئا مما حدث
فقالت مخاطبة نفسها بنبرة يشوبها الحزن:
- لقد كانوا كثيرين .. كثيرين جدا
أسندت رأسها على الجدار المتشقق وأكملت تحاول تحليل سبب إصابتها بهذا الجرح:
- لابد أن رصاصة صائبة من أحدهم قد تمكنت من إصابتي .. ولكن كيف لم أشعر بهذا الجرح من قبل؟؟!
قالت جملتها الأخيرة وهي تخرج شيئا من جيب معطفها الجلدي الأسود, برز عندما سطع البرق في السماء, كان *مسدسا* فضي اللون..
ابتسمت وهي تنظر إليه بامتنان:
- شكرا لك... لقد أنقذت حياتي
أدخلت يدها في جيبها الآخر لتخرج منه خمس رصاصات ذهبية..
فكرت قليلا في نفسها:
- قد أحتاج لها, واثقة بأنها ستفيدني كما أفادتني سابقا
فشرعت في إدخال تلك الرصاصات واحدة تلو الأخرى, ثم أغلقت صندوق الذخيرة وأعادت السلاح مكانه في جيبها..
حينها شعرت بموجة هائلة من الألم تجتاحها, ذلك أن الأمطار, على حين غفلة منها, بدأت بالهطول, وبغزارة, فتغلغلت قطراتها عميقا داخل جرحها المكشوف, واختلطت بدمها, مسببتا لها ألما حادا يمتد من ساقها لرأسها, أحنت رأسها للأسفل في محاولة يائسة منها لإيقاف الألم, فنزلت دموعها من الألم, واختلطت قطرات العرق في وجهها بالمطر..
ظلت على هذه الحال تقاوم الألم قدر المستطاع, فجأة سمعت وت سيارة تقترب منها, والصوت يعلو شيئا فشيئا, ومن ثم توقف الصوت , فعرفت أن السيارة قد استقرت أمامها, واستطاعت تحديد عدد ركابها, كانوا أربع, نزلوا جميعا دفعة واحدة..
قاومت الألم الرهيب الذي يعتريها لتعرف ما يحدث, فرفعت رأسها بتعب ووهن, كانت عيناها مشوشتان فأخذت وقتا حتى استطاعت الرؤية بوضوح تام..
اتسعت عيناها من خلف خصلات شعرها الكستنائية وهي تراهم, وشعور برهبة الموقف طغى عليها, وإمارات الخوف بادية عليها..
ثلاثة منهم ضخام الجثة ويحملون أسلحة, بينما الرابع, ضئيل الحجم, أشقر الشعر, وأعزل..
وجميعهم يرتدون البدل السوداء, التي تبللت بالمطر
نطق الأشقر من بينهم بابتسامة جانبية خبيثة:
- وأخيرا استطعنا العثور عليك.. أتعلمين؟, أنت كالشبح تماما فايبر
صرخت فيه بانفعال:
- إياك أن تناديني بـ(فايبر)
هدأت قليلا لتكمل بحنق:
- أنا لست هي.. وأيا كانت من المستحيل أن تكون أنا
أجابها وهو يرفع حاجبيه بثقة.. وكأنه يعرف الجواب ألا:
- حقا؟! .. من أنت إذا؟؟
ألجمها الصمت التام, فهي لا تعرف الإجابة على هذا السؤال بالذات, للحظة سيطرت عليها فكرة أن تكون هي فايبر, تلك التي لا تعرف عنها شيئا سوى أنها سيئة, لكنها أبعدت هذه الفكرة عن رأسها, وهي تقنع نفسها بأنها لا تمت لتك الـ(فايبر) بلة
- أوه يال الهول.. أأنت مصابة؟؟!
رفعت رأسها لناطق تلك العبارة فإذا به يتقدم نحوها, وقد اعتلت ملامحه إمارات خوف مبتذل, لاشعوريا وجدت نفسها تصوب سلاحها نحوه وهي تأمره ألا يقترب خطوة أخرى, سرعان ما رفع أولائك الثلاثة الضخام رشاشاتهم نحوها..
فحذرها الأشقر قائلا بابتسامة فرا.:
- من الأفضل لكِ ألا تتهوري.. فهؤلاء لن يترددوا بإطلاق النار ما أن يشعروا بالخطر
هدأت قليلا وهي تفكر في عواقب التهور, فقالت مخاطبة نفسها.:
- معه حق على كل حال.. فالمرة السابقة.. كان لدي عنصر المفاجأة لذلك تفوقت عليهم.. ولكن الآن...
نقلت عينيها الفيروزيتين البراقتين من ومضات البرق, بين أربعتهم, قبل أن تقنع نفسها أخيرا بالتراجع وهي ترى الرشاشات المزودة بكاتم للوت موجهة نحوها, وثلاث نقاط حمرا من الضوء صادرة من أسلحتهم قد ارتسمت في صدرها.:
- حسنا إذا.. إذا أردت مني أن أخفض سلاحي فأمرهم أن يفعلوا المثل
أجابها بملل مصطنع.:
- هم لن يفعلوا حتى تخفضي سلاحك أنت أولا..
ملت فتاتنا من هذا النقاش الذي لا طائل له, ورأت أنه لا ضير إن أخفضت هي سلاحها الفضي اللون أولا, ففعلت حين دوى صوت الرعد في السماء, رأت تلك الابتسامة الواسعة ترتسم على شفتيه..

لحظتها أحست بالألم يعود إليها من جديد, بعد أن زال قبل قليل, وهذه المرة عاد أقوى, فشعرت بدوار طفيف يتزايد مع تزايد الألم, فأرخت رأسها على الجدار, ولم تعد قادرة بعد على التركيز فيما يحدث من حولها, فتشوشت رؤيتها من جديد, وعادت لتسقط على الأرض, وكأنما فقدت وعيها..
سمعت صوتا لسيارة أخرى تقترب, ثم توقفت..
- وآخر ما استطاعت أن تبينه هو صوت عيار ناري إنطلق من البعيد, يليه تبادل إطلاق نار..
حاولت فتح عينيها علها تميز شيئا, فرأت شابا يقترب منها ,يرتدي نفس البذلة السودا, أشقر الشعر, وملامحه ضبابية, يقترب منها ويتحدث, ولكنها لم تفهم منه شيئا, فقد كاد رأسها أن ينفجر, فأغمضت عينيها..
وبعدها ... لا شيء..
لاشي أبدا سوى الصمت التام...



مع تحياتي..:
بسووؤؤوووم :glb: إبتسـ(للحياة)ـم:glb: