عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 04-26-2007, 07:23 PM
 
رد: شهداء الله في ارضه ماذا تعرف عنهم

سرية حمزة إلى سيف البحر

ما جرى بين المسلمين والكفار
وبعث في مقامه ذلك حمزة بن عبد المطلب بن هاشم ، إلى سيف البحر ، من ناحية العيص ، في ثلاثين راكبا من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد . فلقي أبا جهل بن هشام بذلك الساحل في ثلاث مائة راكب من أهل مكة . فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني . وكان موادعا للفريقين جميعا ، فانصرف بعض القوم عن بعض ولم يكن بينهم قتال .
كانت راية حمزة أول راية في الإسلام وشعر حمزة في ذلك
وبعض الناس يقول كانت راية حمزة أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين . وذلك أن بعثه وبعث عبيدة كانا معا ، فشبه ذلك على الناس . وقد زعموا أن حمزة قد قال في ذلك شعرا يذكر فيه أن رايته أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان حمزة قد قال ذلك فقد صدق إن شاء الله لم يكن يقول إلا حقا ، فالله أعلم أي ذلك كان . فأما ما سمعنا من أهل العلم عندنا . فعبيدة بن الحارث أول من عقد له . فقال حمزة في ذلك فيما يزعمون
قال ابن هشام : وأكثر أهل العلم بالشعر ينكر هذا الشعر لحمزة رضي الله عنه
ألا يا لقومي للتحلم والجهل

وللنقص من رأي الرجال وللعقل
وللراكبينا بالمظالم لم نطأ

لهم حرمات من سوام ولا أهل
كأنا تبلناهم ولا تبل عندنا

لهم غير أمر بالعفاف وبالعدل
وأمر بإسلام فلا يقبلونه

وينزل منهم مثل منزلة الهزل
فما برحوا حتى انتدبت لغارة

لهم حيث حلوا أبتغي راحة الفضل
بأمر رسول الله أول خافق

عليه لواء لم يكن لاح من قبلي
لواء لديه النصر من ذي كرامة

إله عزيز فعله أفضل الفعل
عشية ساروا حاشدين وكلنا

مراجله من غيظ أصحابه تغلي
فلما تراءينا أناخوا فعقلوا

مطايا وعقلنا مدى غرض النبل
فقلنا لهم حبل الإله نصيرنا

وما لكم إلا الضلالة من حبل
فثار أبو جهل هنالك باغيا

فخاب ورد الله كيد أبي جهل
وما نحن إلا في ثلاثين راكبا

وهم مئتان بعد واحدة فضل
فيا للؤي لا تطيعوا غواتكم

وفيئوا إلى الإسلام والمنهج السهل
فإني أخاف أن يصب عليكم

عذاب فتدعوا بالندامة والثكل
شعر أبي جهل في الرد على حمزة
فأجابه أبو جهل بن هشام ، فقال
عجبت لأسباب الحفيظة والجهل

وللشاغبين بالخلاف وبالبطل
وللتاركين ما وجدنا جدودنا

عليه ذوي الأحساب والسؤدد الجزل
أتونا بإفك كي يضلوا عقولنا

وليس مضلا إفكهم عقل ذي عقل
فقلنا لهم يا قومنا لا تخالفوا

على قومكم إن الخلاف مدى الجهل
فإنكم إن تفعلوا تدع نسوة

لهن بواك بالرزية والثكل
وإن ترجعوا عما فعلتم فإننا

بنو عمكم أهل الحفائظ والفضل
فقالوا لنا : إنا وجدنا محمدا

رضا لذوي الأحلام منا وذي العقل
فلما أبوا إلا الخلاف وزينوا

جماع الأمور بالقبيح من الفعل
تيممتهم بالساحلين بغارة

لأتركهم كالعصف ليس بذي أصل
فورعني مجدي عنهم وصحبتي

وقد وازروني بالسيوف وبالنبل
لإل علينا واجب لا نضيعه

أمين قواه غير منتكث الحبل
فلولا ابن عمرو كنت غادرت منهم

ملاحم للطير العكوف بلا تبل
ولكنه آلى بإل فقلصت

بأيماننا حد السيوف عن القتل
فإن تبقني الأيام أرجع عليهم

ببيض رقاق الحد محدثة الصقل
بأيدي حماة من لؤي بن غالب

كرام المساعي في الجدوبة والمحل
قال ابن هشام : وأكثر أهل العلم بالشعر ينكر هذا الشعر لأبي جهل .
أسماء ممنوعة من التنوين
وقول أبي جهل
وورعني مجدي عنهم وصحبتي
ترك صرف مجدي ، لأنه علم وترك التنوين في المعارف كلها أصل لا ينون مضمر ولا مبهم ولا ما فيه الألف واللام ولا مضاف وكذلك كان القياس في العلم فإذا لم ينون في الشعر فهو الأصل فيه لأن دخول التنوين في الأسماء إنما هو علامة لانفصالها عن الإضافة فما لا يضاف لا يحتاج إلى تنوين وقد كشفنا سر التنوين وامتناع التنوين والخفض مما لا ينصرف في مسألة أفردناها في هذا الباب وأتينا فيها بالعجب العجاب والشواهد على حذف التنوين في الشعر من الاسم العلم كثيرة جدا ، فتأمله في أشعار السير والمغازي تجدها ، وعرضنا في شرح هذه الأشعار الواردة في كتاب السيرة أن نشرح منها ما استغلق لفظه جدا ، أو غمض إعرابه على شرطنا في أول الكتاب .
رواية شعر الكفرة
لكني لا أعرض لشيء من أشعار الكفرة التي نالوا فيها من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شعر من أسلم وتاب كضرار وابن الزبعرى ، وقد كره كثير من أهل العلم فعل ابن إسحاق في إدخاله الشعر الذي نيل فيه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن الناس من اعتذر عنه قال حكاية الكفر ليس بكفر والشعر كلام ولا فرق أن يروى كلام الكفرة ومحاجتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وردهم عليه منثورا وبين أن يروى منظوما ، وقد حكى ربنا سبحانه في كتابه العزيز مقالات الأمم لأنبيائها ، وما طعنوا به عليهم فما ذكر من هذا على جهة الحكاية نظما أو نثرا فإنما يقصد به الاعتبار بما مضى ، وتذكر نعمة الله تعالى على الهدى ، والإنقاذ من العمى .
وقد قال عليه السلام لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا وتأولته عائشة رضي الله عنها في الأشعار التي هجي بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنكرت قول من حمله على العموم في جميع الشعر وإذا قلنا بما روي عن عائشة في ذلك فليس في الحديث إلا عيب امتلاء الجوف منه . وأما رواية اليسير منه على جهة الحكاية أو الاستشهاد على اللغة فلم يدخل في النهي وقد رد أبو عبيد على من تأول الحديث في الشعر الذي هجي به الإسلام وقال رواية نصف بيت من ذلك الشعر حرام فكيف يخص امتلاء الجوف منه بالذم وعائشة أعلم فإن البيت والبيتين والأبيات من تلك الأشعار على جهة الحكاية بمنزلة الكلام المنثور الذي ذموا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا فرق وقول عائشة الذي ، قدمناه ذكره ابن وهب في جامعه وعلى القول بالإباحة فإن النفس تقذر تلك الأشعار وتبغضها وقائليها في الله فالإعراض عنها خير من الخوض فيها والتتبع لمعانيها .