عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 08-10-2011, 08:59 PM
 
التكملة
أجاب مازحاً " لم تصغي الى كلمة واحدة مما قلته ".
" بلى بلى .... لكن .... أنا أيضاً مرهقة في عملي ,, واعتقد أن الحرارة تزعجني "..
" هنا المطر يتساقط منذ ثلاثة أيام . إذاً لا تتذمري من الحر ".
وفي كآبة مريرة حدّقت لورا في الملف الجديد الموضوع أمامها على المكتب . لم يسألها أي شئ عن اعمالها . فقط " لا تتذمري من الحر ......"
" لورا " ؟؟.
تنهدت وأجابت : " نعم " .
" ألست واقعة في غرام مكسيكي ذي عينين متقدتين ؟".
اجابت وقد أغضبتها وقاحته : " في الحقيقة , حتى الآن , لم يتقدم سوى رجل واحد .. إنه جميل المظهر , غني , ودعاني إلى تناول طعام العشاء معه مساء أمس ".
فسألها بسرعه :" وهل لبيت الدعوة ؟".
أخيراً بدأيهتم بها .....
" لا . إني خطيبتك , يا برانت . إذا كنت ما تزال تتذكر هذا جيداً ".
"لا أسمح لكِ أن تنسي ذلك !".
"لا تخف .لا خطر من ههذه الناحية .
لكن , يا برانت , متى سنحدد موعد زواجنا ؟
لماذا الانتظار ؟ ويمكنني أن أظل أعمل بعد الزواج , و ..... "
"إن زوجتي تبقى في المنزل وتهتتم بزوجها وبأولادها , لكن لن نناقش هذا الموضوع الآن , على الهاتف .إن هذه المكالمة تكلفني كثيراً , أريد فقط أن اشرح لكِ لماذا لم يتسن لي الوقت كي أكتب إليكِ .
فأنا أعمل ليل نهار في هذه القضية , متى تعتقدين أنكِ ستعودين ؟".
" لا اعرف بعد ".
انخفض صوته وقال : " أنا مشتاق إليك كثيراً يا حبيبتي ".

وبعدما وضعت لورا السماعه , ظلت جالسة مطولاً أمام المكتب , منغمسة في أفكارها .
أطلقت زفرة عميقة ثم نهض وخرجت من المحل الفارغ وأقفلت الباب وراءها .
الشقة الصغيرة المريحة التي تسكن فيها لورا خلال إقامتها في أكابولكو تقع في الطابق الرابع من فندق بانوراما , حث يقع المحل الجديد أيضاً . تطل الشقة على خليج صغير .
ولا مرة سئمت لورا هذا المنظر المطل على البحر الذي يبدو في النهار وكأنه يعكس بريق الحجارة النادرة . وفي الليل تحت سماء مخملية حافلة بالنجوم .
ومن الشرفة كانت تشاهد الرياضيين يمارسون هواية الهبوط بالمظلات فوق المياه الزرقاء ,
وفي الليل كانت تصغي الى الموسيقى التي يعزفها المكسيكيون على القيثارة والتي يتخللها رقصة الفولادور حيث الرجال يتعلقون بالحبال على عمود متين موضوع في وسط القاعه ويحومون حوله في دوائر تعلو مع ايقاع الموسيقى الصاخبة .
ومن وقت الى وقت يعلو نصفيق حماسي من القاعه إعجاباً وتشجيعاً .
وبلا وعي عمدت لورا الى إغلاق باب الشرفة والنافذة , فصوت الابواق بدأ يزعجها . لماذا هذه الموسيقى الشعبية البدائية تخلق فيها هذا الشعور بالوحدة الكئيبة ؟
ولماذا تذكرها خاصة بالسينيور دييغو راميريز . هذا المكسيكي المتعجرف الزاثق من نفسه ؟
وبعد أن ألقت نظرة سريعة على محتوى برادها في المطبخ الصغير , قررت لورا أن تتوجه الة مطعم الفندق لتتناول طعام العشاء ,
فاخذت حماماً سريعاً ثم ارتدت فستاناً طويلاً معرفاً بالاخضر الذي يشبه لون عينيها . ثم وضعت القليل من مساحيق الزينة على وجهها , الكحل الاخضر على الجفن و أحمر الشفاه بلون المرجان ومسحة بودرة على انفها الصغير و جبينها الناعم .
ولما ظهرت في بهو المطعم , راح بعض السياح يصفرون . وشقت لورا طريقها وسط هؤلاء السياح عندما شعرت بيد قاسية تتأبط ذراعها وصوت عرفته في الحال يهمس في أذنيها .
" كنت في إتظارك . اتريدين تناول العشاء هنا ,أو تفضلين مكاناً حميماً ؟".
وبينما هو يتكلم أبعدها عن المعجبين فقالت بصوت بارد وهي تتخلص من قبضته :
" لا تقلق عليّ سينيور راميريز ,إني قادرة على ان اتولى أموري بنفسي ".
" هل انتِ على موعد مع احد ما ؟".
بدأت لورا تتكلم وهي تخفض رموشها الطويلة : " كلا , كنت ... كنت أتوجه الى فندق المطعم لتناول العشاء . فالجميع تعودوا رؤيتي وحيدة ".
قدّم لها ذراعه في لياقة , مما جعلها تتأبطه بعد لحظة تردد .
استقبلهما مدير التشريفات في الفندق وقال بعدما عرف باستغراب رفيقة السينيور : " آه سينيوريتا ترانت ! ".
ثم أضاف باحترام كبير : " مساء الخير , سينيور راميريز !".
" كيف حالك , يا توماس ؟".
" حسناً , شكراً سأقدم لكما طاولة جيدة ".
قال السينيور وعلى وجهه امارات الأسف :
" لا يمكنني أن أتناول طعام العشاء مع السينيورا هذا المساء , إني مدعو ولا يمكنني أن أرفض هذه الدعوة بالذات ".
أجابت لورا في مرح : " لا داعي للاعتذار , سينيور راميريز . أريد تناول العشاء وحيدة ".
بريق غريب ظهر في الوجه الاسمر والتفت دييغو راميريز نحو مدير التشريفات وتحدث اليه باللغة الاسبانية . وادركت لورا أنها فهمت انه يتكلم عن السينيورا راميريز وعيد ميلادها .
وبعدما اجلسها أمام طاولة تطل على منظر رائع , علىالخليج المضاء , شرح لها توماس أن هذا العيد سيتم الاحتفال به في غرفة الطعام التابعه للفندق .
فقالت لتوماس الذي بدا عليه الانهماك و العجلة :
" كنت أفضل ان اجلس أمام طاولتي العادية ".
اجابها من دون إخفاء شعوره الفضولي :
" إن السينيور راميريز يصرّ على أن اخصص لكِ هذه المائدة , من الآن فصاعداً . لا شك أنه سوف يتناول معكِ العشاء في معظم الاوقات ".!!
فردّت لورا في لهجة لا يمكن مناقشتها :
" طبعاً لا .. هل بإمكاني الحصول على قائمة الطعام من فضلك ؟".
كلمته في هدوء تام , لكنها كانت تغلي في الداخل , وبينما كانت ترمق مدير التشريفات بنظرة عندما كان يعطي اوامره الى الخادم ,
فهمت من دون صعوبة ماذا كان يقول : " ان السينيورا الجالسة وراء الطاولة رقم 14 هي الرفيقة الجديدة للسينيور راميريز , اهتم بها جيداً ".
كانت لورا تود من كل قلبها أن ترفض العشاء وتعود الى شقتها ,
لكنها كانت تخشى إثارة مشاكل جديدة , فاكتفت بان تختار الوجبة البسيطة . لكنها صرخت عندما رات الخادم يجلب لها المشروب المثلج في زجاجة على رأسها وردة حمراء :
"لكن انا لم أطلب ذلك المشروب !!".
" انها اوامر السينيور راميريز ".
" لا أريد أن أشرب شيئاً . أعدها من فضلك ! ".
كانت طاولة السينيور راميريز التي تحتل وسط غرفة الطعام تضم أفراد المجتمع المكسيكي الرفيع .
وكان يترأس الطاولة دييغو راميريز وزوجته التي كانت تشع جمالاً في فستانها المطرز المصنوع من القطن الأبيض وكانت تبدو سعيدة لأن تكون هدف نظرات الإعجاب كلها .
وعندما رفع دييغو كأسه ليشرب في صحة السينيورا وهو ينظر اليها في حنان , وضعت لورا منشفتها وخرجت بسرعه من المطعم . كيف يمكن لرجل يحب زوجته لهذه الدرجة ان يمهد لإقامة علاقة مع امراة اخرى .
ليس في الكون رجل يشبه الرجل اللا تيني الذي يفرض على زوجته القيود .
ويطلق لنفسه العنان في اقامة اية علاقه يريد مع النساء !.

انتهي الفصل الاول
التكملة بعد الردود