عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 03-26-2011, 11:51 PM
 
Talking



ولآية مساشوستيس ,

مدينة بوسطن,
22 سبتمبر 2010
[ قبيل الساعة السادسة صباحًا ]


توقفت تلك السيارة الفارهة أمام أحد القصور الخاصة بأغنى تجار الولايات المتحدة {نيكولاس هوايت }
فُتِحت البوابة الحديدة الكبيرة لنتبين من خلفها حديقة واسعة مليئة بمختلف أنواع الأشجار التي أثارت ريحاً طيبة في المكان , ظهرت فتاة ترتدي زي الخدم تمشي ببطء على ذلك الممر المؤدي للبوابة , تَجُرْ حقيبة كبيرة للسفر و من خلفها فتاة شابة ترتدي معطف أسود طويل مفتوح ليظهر من تحته بلوفر بلون السماء و بنطال من الجينز الفاتح , قد لفت شال بنفس لون البنطال حول رقبتها و استقرت حقيبة صغيرة على ظهرها
..بجوارها , إمرأة في الأربعين ترتدي قميص بنفسجي طويل من القطن تحته تنورة سوداء تصل لركبتيها
كانت الدموع تتلألأ في عينا المرأة الزرقاوات و هناك حمرة خفيفة تعلو وجنتيها و قبل أن يصلا إلى البوابة بقليل قالت بنبرةٍ باكية : سأشتاق إليكِ صغيرتي
التفتت الفتاة الشقراء لها و ضمتها هامسة : كفاكِ بكاءً عمتي
ابتعدت العمة قائلة بصوت حاولت أن يكون ثابتاً : لا أستطيع , آني .
قبلتها آني على وجنتها المحمرة قائلة مبتسمة في اهتمام : اهتمي بنفسك عمتي
و كأنها كلمة سحرية إن عقدت عمتها ساعديها أمام صدرها مشيحة عنها في غرور هاتفة : ابعدي نيك عني و سأكون بخير
ضمت آني كلتا يديها و هي ترفعهما هاتفة بحالمية : كم أتمنى أن أراكِ أنتِ و عمي نيكولاس زوجين طبيعيين
تمتمت العمة في تذمر واضح : مادام نيك هو الزوج فلن يكون زواجاً طبيعياً أبداً
رمقتها آني متعجبة لتبتسم مقررةً استفزازها : جاكلين .. هل عمي مصاص دماء و أنا لا أدري ؟
حدقت بها جاكلين في صدمة قبل أن تتجاهل جملتها لتُمسك أذنها بأصابع يدها اليمنى متوعدةً إياها : ألم أحذرك من قول جاكلين دون عمة ! .. يا لك من مشاغبة كبيرة
تأوهت آني مرددةً في ألم : لن أكررها .. عمتـي سأتأخر على القطار
تركتها جاكلين و في عينيها نظرة عتب تجاهلتها آني و هي تسرع للخروج من البوابة ملوحة بيدها لتودعها : سأتصل بكِ عندما أصل للسكن الجامعي .. اهتمي بصحتكِ .
لحقت بالخادمة لتجدها واقفة بجوار السائق و قد فتح لها هذا الأخير الباب لتقول بنبرة هادئة موجهة حديثها إليه : شكراً .. - نظرت للخادمة - سيلي , اهتمي بعمتي و إن حدث شيء اتصلي بي
سألتها الخادمة في انزعاج : لم تسافرين بالقطار و ليس بالطائرة كما اقترحت السيدة , إن هذا الأمر ضايقها كثيراً
ابتسمت آني بغموض و هي تُجيبها : مزاج !
دلفت للسيارة و هي تشير لها بالوداع قبل أن تنطلق إلى محطة القطار الجنوبية
سرعان ما كانت آني تقف في صالة شحن الحقائب و تملأ البيانات اللازمة لذلك ثم تنتقل لصالة الإنتظار


جلست على أحد المقاعد واضعة حقيبتها على المقعد المجاور
نظرت لتلك القضبان الحديدية الطويلة و .. البعيدة
لا تُصدق أنها عائدة إلى مدينة طفولتها و قد تجلى هذا واضحاً في تفكيرها : " أربع ساعات تفصلني عن الوصول إليكِ !..
هل سأعود لها حقاً ..
إلى هناك ..
إلى البلد الذي شهدت مقتل من أحب
البلد الذي يعيش فيها أخي
البلد الذي أكره من أعماق قلبي
نيويورك . لما أعود إليكِ .. هل تجيبيني ؟
فلتجيبني شوارعك التي لمست أولى خطواتي
فلتجيبني ضوضائك التي أبكتني ..


! أي تفكير مجنون ألقى بي هنا ؟! "


نهضت من مقعدها فجأة لتجلس ببطء من جديد و تكمل تفكيرها في قهر ظهر واضحاً في انعقاد حاجباها : " يجب أن أذهب .. يجب أن أدرس في تلك الجامعة و أن أرى أخي .. كم اشتقت إليه .. ذلك الأحمق ! "
حبست أنفاسها و هي تسمع صوت القطار المزعج في هذا الصباح الهادئ بالنسبة لها
لتأخذها قدماها حيث تلك البوابة التي يتوجه الجميع إليها لتدخل معهم لعربة القطار قبل أن تتوجه للعربة الأخيرة و تستقر بحقيبتها الصغيرة هناك مفكرة : " حتى لو وصلوا هنا فلن يكونوا كثيرين لأنها أول رحلة على هذا الخط ..لأستمتع بالهدوء إذن "
أغمضت عينيها و هي تستعيد صوراً من الماضي من شأنها أن تُجمد الدماء في العروق
و لكن ملامحها الهادئة لم تتغير أبداً
و ابتسامة قاسية ترتسم تدريجياً على شفتيها و كأنها منحوتة منذ زمن بعيد


in my clear eyes, there are only copies of important things
don't get lost in the shallow dream, it's just ahead
eventually sadness will fall asleep
someday, someday if my wish can be granted the many painful days
will all be gone and I'll smile, nothing will be frightening
i hope ..
.

.

عاصمة الولايات المتحدة ,
نيويورك ,
[ الساعة التاسعة و النصف ]

انطلقت سيارة بورش سوداء في مطاردة من أعنف المطاردات التي شهدتها مدينة نيويورك , مستهدفة سيارة حمراء تحوي أربعة من مجرمي البنوك الإلكترونية
أمسك قائد السيارة السوداء بجهاز الارسال قائلاً بنبرة صوته المميزة : الهدف يتجه شمالاً نحو شارع 5
أغلق الاتصال ليسمع الشاب المُجاور له يقول في حماس : أريد أن أوجه لهم الرسالة التالية , كاي
ابتسم كاي مجيباً إياه ببرود : لن تفعل أبداً .. انتبه فقط للدراجتين
تحولت ملامح الشاب من الحماس للملل و هو يقول : ليو و سامنتا سيكونان بخير - صمت لبرهة قبل أن يُردف بسكون مُفاجئ - كلاهما يرتدي السترة الواقية للرصاص .. لا تقلق .
زم كاي شفتيه ليجيب في سُخرية : ليس لنا في هذه المُطاردات من الأساس - قطب حاجبيه لثانية و هو يسأل في شك - مارتن .. ألا يوجد محطة قطار في نهاية هذا الطريق ؟
قطب مارتن حاجبيه بدوره لثوانٍ قبل أن يقول : أجل يوجد محطة .. خط بوسطن - واشنطن
هتف كاي في حنق بالغ : إن كان ما أُفكر فيه صحيحاً فنحن في مشكلة كبيرة - أكمل بلهجة أمر - مارتن اتصل بالمحطة و اسأل إن كان هناك أي قطارات غادرت أو في طريقها للمدينة ..!
أنهي مارتن الاتصال و قال بهدوء : هناك قطار على وشك القدوم و المحطة مزدحمة بالمسافرين
هتف كاي للمرة الثانية : الأوغاد .. لن يُفلتوا مني !
رفع جهاز الاتصال مجدداً متجاهلاً تلك النظرة المحرومة التي أطلت من عيني مارتن و هو يهتف في حزم : إلى جميع الوحدات امنعوا السيارة الحمراء من بلوغ المحطة - حوّل الاشارة - ليو سامنتا توجها للمحطة فوراً و اسبقا البقية .
أجابه الاثنان : عُلِم
مازالت المُطاردة مستمرة حين ارتفع صوت رنين ليمد مارتن يده نحو كاي ممسكاً بهاتف ليرد كاي من فوره : آني أنا مشغول حالياً , اتصلي بي في وقتٍ لاحق
- لا تُغلق كاي إدجار !
توقفت أصابع كاي على ذلك الزر الأحمر ليعيد الهاتف لأذنه مجدداً مجيباً في احترام : آسف عمتي و لكني مشغول الآن و ..
قاطعته العمة بتنهيدة , قائلة في حنان بالغ : لا تُرهق نفسك بالعمل كاي , لقد نست آني هاتفها و يبدو أنها لم تُلاحظ هذا و إلا لعادت و أخذته قبل أن تُغادر
قاطعها كاي بعدم فهم: تُغادر إلى أين ؟
أجابته في تعجب : إلى نيويورك بالطبع !
همس في صدمة : ماذا ؟ - استدرك سائلاً إياها في توجس - ستأتي بالطائرة
قالت معترضة : لا بالقطار .. حاولت معها أن تذهب بالطائرة .. أسرع و أكثر راحة لها و لكنها عنيدة !
عض كاي شفته السفلى و هو يحاول أن يظل صوته ثابتاً : حسناً عمتي , سأذهب لأستقبلها الآن فأنا قريب من المحطة , أحدثكِ لاحقاً

تخللت أصابعه خصلات شعره البنية و هو يفكر : " أي حظٍ تملكين آني !! ",,