عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-09-2011, 02:25 PM
 
و الله ... إنهم لا يقرؤون

_____ و الله ... إنهم لا يقرؤون_____
بقلم: السيد علي جمالو
من غير السقوط في بئر مرض جلد الذات و التبرم من أحوال المجتمع الذي نعيش في رحابه أرى أن العرب عموماً لا يحبون القراءة ولا يرونها تستحق (هدر وقتهم الثمين ) ..! وإذا تأملنا الدراسات الرصينة التي تبحث في هذا الجانب بالاتكاء على الأرقام والدلائل التي تظهرها الإحصاءات فإننا نكتشف –بفزع- الفجوة الكبيرة التي تفصلنا عن المعدلات المنطقية لعلاقة البشر بالكتاب , على سبيل المثال يشكل العرب 5’5% من عدد سكان العالم - ثلثهم لا يعرفون القراءة والكتابة - وإنتاج هذا العالم المترامي قرابة 1% من الإنتاج العالمي للكتب و بالأرقام فإن نسخة واحدة من كتاب ما تصدر لكل 350ألف مواطن عربي في حين النسبة في أوربا هي نسخة واحدة لكل 15ألف مواطن , وعلى صعيد المطالعة معدل ما يخصصه الإنسان العربي للقراءة هو 10 دقائق سنويا في حين أن معدل ما يخصصه الإنسان في الغرب أكثر من ست وثلاثين ساعة , و إذا أخذنا بعين الاعتبار التحول نحو القراءة على الكمبيوتر فإننا سنرى العجب والعجاب , طبعاً حتى الآن لا توجد إحصاءات دقيقة يمكن الركون إليها لقراءة هذه الظاهرة لكن توجد ملامح أولية تدل عليها الإمكانات التقنية وهذه الملامح ( التقنية ) تشير إلى أن القارئ العربي بل المتصفح العربي بذهب في الدرجة الأولى إلى المواقع الإباحية في حين أن ما تتيحه الشبكة من إمكانيات معرفية ليس له حدود , وإذا تابعنا المحتوى المنشور عبر ما يسمى بالمنتديات عبر الشبكة فإن كلمة ضحالة وحدها تليق بالحال و تعبر عنه ,
و بالحقيقة إنني غرقت في بحر من البحوث والدراسات حول هذا الموضوع خلال إجازة عيد الأضحى المبارك بعدما لفت انتباهي أن عدد نسخ التي تطبعها وزارة الثقافة السورية من أي كتاب تصدر لا تتجاوز 2000 نسخة وأفل منها فيما يتعلق بإصدار إتحاد الكتاب العرب وبالطبع فإن نسبة القراءة في سورية تأتي في مقدمة نسب الدول العربية ..(!!!) و هذه ليست مزحة سمجة ,و لكن ثمة إجماع بين المثقفين على أن هذه الإصدارات أنحدر مستواها البحثي و المعرفي في السنوات القليلة الماضية على الحضيض ودليل هذا بقاء هذه الإصدارات ولوقت طويل داخل العلب و على الرفوف , و من بين الكتب التي ترصد هذه الظاهرة على مستوى العالم استناداً إلى تقارير تصدر عن هيئة دولية كتاب حسن آل حمادة المعنون – أمة إقراء لا تقرأ – وفيه أرقام واستنتاجات مخجلة منها أن عشرين مواطناً عربياً يقرأ كتاباً واحداً في كل سنوات العمر بينما يقرأ كل مواطن بريطاني 7 كتب وكل مواطن أمريكي 11 كتاباً , وعدد الكتب المطبوعة في العالم العربي منذ عهد الخليفة المأمون (منذ اثني عشر قرناً ) وحتى اليوم يوازي عدد الكتب التي تطبع في إسبانيا سنوياً , لا يترجم العرب خمس ما يترجم اليونانيون وحدهم من الكتب , مع غياب الترجمات العلمية والفلسفية , وحسب ما جاء في مقال ((لماذا أمة اقر ألا تقرأ , وإن قراءت فبالأذنين )) لكاتبه الدكتور حسيب شحادة في إحدى المجلات الخليجية , فإن عدد الكتب التي ترجمت إلى العربية منذ ثلاثة قرون وصل إلى 6881 كتاباً , وهذا يعادل ما نقل إلى اللغة الليتوانية التي يبلغ عدد الناطقين بها قرابة أربعة ملايين إنسان فقط , لقد صدرت قبل أسابيع قليلة في باريس دراسة هامة
و خطيرة بعنوان ( في سر الرؤساء )للكاتب الفرنسي فنسنت نوزيل عما عاشته المنطقة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق وعن الأحقاد التي دفعت بالرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك إلى اللعب باستقرار سورية ولبنان من خلال (تفاهمات جهنمية ) مع نظيره الأمريكي حينها جورج دبليو بوش وقد نقلت صحيفة السفير اللبنانية مقاطع مؤثرة من حوارات و محاضرات جلسات وأسرار وتلفيقات شيراك-بوش وحسبتُ أن الصحافة والقراء العرب سيعيدون النظر في كل تلك المرحلة و عذاباتها ويستنتجون ما رسم وما خطط و ما لفق و توقعت أن تضج المقالات بما جاء به هذا الكاتب الفرنسي المعروف ولكني كنت واهماً و مازلت واهماً لأن العرب لا يقرءون !! وإذا قرؤوا فإنهم لا يستوعبون وتلك هي المأساة بعينها , قد صدرت في العديد من العواصم الكبرى دراسات ومذكرات وبحوث عن الأحداث الدرامية التي تعيشها منطقتنا ولكن لم يلتفت إليها أحد .. العرب أعداء القراءة ولم يفتحوا كتاباً منذ مئات السنين .
تأملوا فحيح الفتنة في لبنان والعراق وسائر المشرق التعس وستكتشفون أن العقل العربي أعتقل منذ سنين طويلة داخل الوهم والأسطورة والماضي ... والحقد أيضاً ! ولا خلاص في المدى المنظور .

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة تشرين ©
رد مع اقتباس