ذهب رجل الى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليكتب له عقد بيت ، فنظر علي الى الرجل فوجد أن الدنيا متربعة على قلبه فكتب:
اشترى ميت من ميت بيتاً في دار المذنبين له أربعة حدود
الحد الأول يؤدي الى الموت ، و الحد الثاني يؤدي الى القبر ، و الحد الثالث يؤدي الى الحساب والحد الرابع يؤدي اما للجنة و اما للنار .
فقال الرجل لعلي:ما هذا يا علي ، جئت تكتب لي عقد بيت ، فكتبت لي عقد مقبرة ...
فقال له علي :
النفـس تبكـي على الدنيـا و قد علمـت ..... أن السـعادة فيـها ترك ما فيها
لا دار للـمرء بعــد المـوت يسكنـها ..... الا التي كان قبل المـوت بانيها
فان بنـاها بخـير طـاب مسـكـنه .... و ان بنـاهـا بشـر خاب بانيــها
أمــوالنـا لــذوي المـيراث نجــمعها ..... و دورنـا لخــراب الــدهر نبنيــها
*****
أين الملوك التــي كانــت مســلطنــة .... حتى ســقاها بكـأس المـوت ساقـيـها
فكم مدائن فــي الآفاق قد بنيت ..... أمست خــرابا و أفنــى المــوت أهليــها
لا تــركـنن الـى الــدنيـا و مافيــها .... فالـمــوت لاشـك يفـنيـنا و يفـنيها
لكـل نفــس و ان كــانــت علـى وجـل .... مــن الـمـنـية آمــال تقويـها
الــمرء يبـسطها و الــدهر يقبضها ..... و النفـس تنشرهــا و المـوت يطويـها
إن المكارم أخــلاق مطــهــرة ..... الدين أولـهــا و العــقـل ثانيــها
و العلم ثالثها و الحلم رابعها ..... و الجود خامسها و الفــضل سادسـها
و البــر ســابـعهـا و الشـكـر ثامنها ..... والصبر تاسعــهـا و الليــن باقيها
و النــفــس تعـلـم أنـي لاأصـادقــها ..... و لسـت أرشــد الا حين أعصيها
و اعمــل لــدار غد رضـوان خازنها .... و الجار أحمــد و الرحمن ناشيــها
قصــورها ذهــب و المسك طيــنتـها ..... و الزعفــران ربيـع نابــت فيــها
أنـهارها لبــن محض و من عـسل ..... و الخمر يجري رحيقــا في مجاريها
و الطيـر تجــري على الأغصان عاكفة ..... تسبــح الله جهراً في مغانيها
مـن يشـتري الدار في الفــردوس يعمرها ..... بــركعة في ظــلام الليــل يحييهـا
فقال الرجل لعلي: اكتب أنني وهبتها لله و رسوله