عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-21-2007, 08:04 AM
 
كيف تخطط لمستقبل متميز لأبنائك

من منا لا يرغب في أن يرى أبناءه ناجحين، متفوّقين، مبدعين، معتمدين على أنفسهم، صانعين مكانة و تاركين بصمة ترفع أسماء آبائهم و أجدادهم.

فنجابة الأبناء و نجاحهم المشرّف هو مبلغ منى كلّ أب و أمّ و مربّ، كما قال الشّاعر:

نعم الإله على العباد كثيرة . . . . . . . . و أجلهن نجابة الأبناء.


لكن السؤال المناسب:
كيف السبيل للوصول إلى صناعة أبناء بهذا الشّكل الرّائع حقّا؟
أهم شئ في نظر كثير من العلماء و المختصّين لبلوغ هذا المرام، يتلخّص في عنصرين أساسيين:
أولا: التخطيط للوسائل من طرف الآباء.
ثانيا: زرع علوّ الهمّة في الأبناء.

و سنتناول في هذه المرّة موضوع التّخطيط للوسائل.

ما هو المقصود بالتخطيط للوسائل؟
هو أن يضع الوالد أو المربّي جدولا زمنيّا لتزويد ابنه بكلّ الوسائل و المهارات المختلفة التي يحتاجها في المستقبل، و التي تشكّل في النّهاية شخصيّة الإنسان المبدع المتميّز النّاجح، و هي:

أ) المهارات الذّاتيّة:

أي تعليم الطّفل كيف يتعامل مع المحيط و الآخرين و مع متطلّبات الحياة و هو ما يسمّى بمهارات الحياة و التي يلخّصها د. طارق السويدان في أربع مجالات:

1- الأخلاق: كيف نعلّم الطّفل القيم؟ مثلا الصدق ( الاعتراف بالخطأ،و أنّ الصّدق منجاة، إذا اعترفت بخطئك فلن نعاقبك ..) الأمانة، التّواضع، الشّجاعة، الطموح، عزّة النّفس، العفّة.
و من أهمّ الأشياء لتعميق القيم إعطاء القدوة أنت في سلوكك، و سرد قصص و سير الرسول صلى الله عليه و سلّم و الأئمّة و القد وات التي تجسّد كل قيمة على حدى.

2- الأدب: كيف يكون بشوشا؟ كيف يتحكّم في غضبه؟ كيف يعبّر عن غضبه؟ كيف يتعامل مع الصغير، مع الكبير، مع الفقير المسكين، مع الضّعيف، مع من يتواضع، مع من يجسّد سلوك عزّة النّفس؟
كيف يجسّد سلوك الحلم، الكلمة الطّيّبة؟ و هكذا.
يقول عبد الله بن وهب إمام مصر في عصره، و أحد تلاميذ الإمام مالك: " صاحبت الإمام مالك عشرين عاما، تعلّمت منه العلم في عام، و تعلّمت الأدب في تسعة عشرة سنة، و يا ليتها كانت كلّها في الأدب".
و يقال أيضا:" خذوا العلم من أفواه الرّجال حتّى إذا لم ينلك علمهم، ينلك أدبهم".

3-العلاقات: كيف يبني علاقات مع الآخرين، كيف ينتقي أصحابه من المتخلّقين و المتميّزين؟ كيف يصلح هذه العلاقة إذا فترت؟ كيف يتعاون مع الآخرين و يتعامل معهم بعقليّة " أنا أكسب و أنت تكسب و الكلّ يكسب "؟ بعقليّة الوفرة: كلّنا ننجح، كلّنا نتعلّم، نحن سعداء بنجاحنا معا".

4- بناء الشخصيّة: كيف يكون مبدعا؟ كيف يقود الآخرين نحو الأفضل؟ كيف يؤثّر إيجابا في الآخرين؟ كيف يكون قدوة رائعة للآخرين؟ كيف يتعلّم فن اتّخاذ القرار، كيف يكون مستمعا ( فنّ الإنصات )؟ كيف يحلّ مشاكله و يدير أزماته؟ كيف يتّخذ من القراءة و المطالعة ركنا أساسيّا في حياته؟ و يتلهّف دائما لتطوير نفسه و زيادة معارفه ( زوّده بالمفاتيح و دعه يعتمد على نفسه تدريجيّا ). كيف يلجأ إلى الله في كلّ أمر استصعب عليه؟ كيف يعيش معيّة الله معه في كلّ خطوة يخطوها؟ كيف يدعوه ليساعده في تجاوز مصاعبه و تحقيق أمانيه و أحلامه؟ و يقول د. طارق أنّ هذه المعاني ينبغي ترسيخها في الطّفل منذ مرحلة الرّوضة و خاصّة قبل سنّ 7 سنوات.



ب) المهارات المعرفية:


التّحكّم في اللّغات الأساسيّة قراءة و كتابة، و التّحدّث بها بطلاقة ( و هي: العربيّة، الفرنسيّة و الإنجليزيّة ) تعلّم الإعلام الآلي إلى أحدث شهاداته و مستوياته، تعلّم البحث في الإنترنيت، تصميم المواقع على الإنترنيت، صيانة أجهزة الكمبيوتر و غيرها ممّا يمكن استشارة المختصّين في أهمّيّتها من العلوم، و يتماشى مع ميول الطّفل و رغباته.



ج) مهارات مهمّة أخرى: المهارات الاقتصادية:


- علّّمه كيف ينفق أمواله: يبدأ هذا بمصروف أسبوعي أو شهري حتّى و إن كان رمزيّا، و لكن يجب أن يكون ثابتا، يعتبر بمثابة فكرة مبسّطة عن الرّاتب، و تقوم بتعليمه كيف ينفقه من خلال إبداعات و طرق متنوّعة- سنذكر مثالا لها-حتّى إذا كبر و بدأ يشتغل أصبح مهيّأ لتسيير أمثل لدخله، و لم يصطدم بأن يأتي منتصف الشّهر و قد انتهى دخله بسبب سوء تصرّفه.
هناك فكرة إبداعيّة في مجال الادخار تسمّى " الحصّالة الثّلاثيّة ": " قليل من الادخار، قليل من الإنفاق، قليل من العطاء"، يتحدّث عنها أحد الآباء: " أعطيت ابني ثلاث حصالات من ثلاث أحجام مختلفة، الحصالة الكبيرة للإنفاق، الحصالة الأصغر منها للادخار، و أصغر واحدة للإحسان". و يمكنكم أن تعكسوا بين الادخار و الإحسان.

- علّّّمه الاستثمار: كيف ينمّي رأس مال رمزي، كيف يتفاوض مع العميل لينهي عمليّة البيع، كيف يسوّق لمتوجه، اجعله يرافقك في صفقاتك، في عمليّة التّسوّق، اجعله يراقبك و أنت تتفاوض مع عملائك، خذه يوما للبنك و دع متخصّصا يشرح له و كرّر أخذه ليراقب سير العمليّات.
أعطه فرصا بمشاريع صغيرة في العطلة تتسوق معه، و تقف معه في اليوم الأوّل و تراقب سير الأمور، و تعطي له ملاحظات ثمّ تابع سير مشروعه من بعيد، دعه يتّخذ القرارات بنفسه، وجّهه فقط. و في مراحل متقدّمة من عمره، اجعله ينوب عنك لأسبوع في عملك، أي في إدارة شركتك أو نشاطك التّجاري و هذا بعد تدريبه و إعداده.



د) المهارات الرّياضيّة:


قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم: " علّموا أولادكم السّباحة و الرّماية و ركوب الخيل". تعلّم الرّياضات البدنيّة لا يمكن تجاهله في تنمية شخصيّة المبدع و المتميّز، فهو يقوّي جسمه و يمدّه بالطّاقة و المهارات الحركيّة المختلفة و من الرياضات المفيدة أيضا الجيدو، الكاراتيه، التّايكوندو، و هي رياضات لها انعكاس على الصّحّة البدنيّة و النّفسيّة و العقليّة للطّفل فإلى جانب أنّها تعلّمه الدّفاع عن النّفس، فهي تنمّي التّركيز و الثّقة بالنّفس و تكسبه التّنفّس السّليم، و غيرها من الفوائد.



هـ) الحرف:


الحرف على أهمّيّتها للأسف نجدها مهملة، و لا تحظى بأهمّيّة اجتماعيّة كبيرة، خاصّة لدى فئات المثقّفين، حيث لا يلجأ إليها إلّا بعد أن يرسب الطّالب أو يفقد الأمل في الشّهادة الأكاديميّة لكن هذا خطأ استراتيجي في نظر الكثيرين.
فما الذي يمنعك أن ترسم لابنك جدولا زمنيّا ليتعلّم على الأقلّ حرفتين أو ثلاثة: كالتجارة، الصّياغة، نجارة الألمنيوم، إصلاح السّيّارات، البناء، الحلاقة، إلى جانب تعليمه و شهادته، فهي فعلا أسلحة للمستقبل المهني لأبنائنا.
ما رأيكم في أن يحمل كل صاحب شهادة جامعية معه حرفة قد تنفعه يوما.
حتّى إذا لم يجد عملا في تخصّصه بعد تخرّجه، أو لم يحقق طموحاته و توقعاته من تخصصه و شهادته، أو نقصت رغبته تجاهه بمرور الوقت، فوجد حرفته التي يتقنها و يميل إليها ليبدع فيها فيكون آمنا من الضّياع و الحاجة.
و كلّنا يتذكّر قصّة ذلك الأمير الذي خرج يوما للصّيد مع مرافقيه، و فجأة ابتعد عنهم و تاه في الغابة المتوحّشة؛ و إذا بلصوص يقبضون عليه و يسرقون متاعه، و يسجنونه في كهف بعيدا عن أهله و قصره و حشمه، فاقدا أيّ اتّصال بمركزه كأمير، أخذ الأمير يبحث في مصادره الشّخصيّة، فتذكّر حرفة صناعة السّيوف التي يتقنها، فاقترح على هؤلاء اللّصوص مشروعا يدرّ عليهم الأموال الوفيرة، فصنع لهم سيوفا كثيرة ليبيعوها في سوق المدينة، و بين كلّ تلك السّيوف صنع سيفا واحدا مرصّعا بالذّهب و الجواهر الثّمينة، عرف أن لا أحد يشتريه سوى الملك، فكتب بجانبه رسالة عن حالته و مكان وجوده و فعلا كان ما خطّط الأمير فاشترى والده السّيف و وصل إلى الرّسالة، فتوصّل إلى مكان الأمير، و أنقذ بفضل حرفته التي كانت أفضل سلاح لاحقا. نعم.
و الآن هل فكّرت بالحرف التي ستقترحها على أبنائك؟
من خلال ما سبق، نقترح عليك جدولا نموذجيّا لتعليم المهارات المختلفة، بشكل يتناسب مع عمر الطّفل، و قدراته في تلك المرحلة.






و سندع خطة الجامعة لابننا الذي قد تعلّم التخطيط الإستراتيجي و أصبح معتزا باستقلاليته إلى حد بعيد.
و لكن نقترح عليه في فترة ال 4 سنوات الأولى، المشاركة بأسهم في شركة بعد عمل عدة عطل ( 3 عطل) أو عمل مرافق للدراسة الجامعية، أو إدارة مشروع تجاري أو ورشة أثناء دراسته، و هذا ليس بمستحيل فكم من رجال أعمال اكتسبوا خبرتهم من أعمال أداروها منذ الدراسة الثانوية فكيف بالجامعية !