عرض مشاركة واحدة
  #61  
قديم 08-22-2010, 01:14 PM
 
بعد الغياب/ الجزء الحادي والستون..

#أنفاس_قطر#




الليلة السابقة
في منطقة قريبة من بغداد..

كانت المهمة الأخيرة لعبدالعزيز تنتهي على خير..
بعد ما أنهى توزيع جميع التبرعات
كان يقول لـنصّار مندوب بيت الزكاة في بغداد واللي كان يسوق السيارة بصوت متعب: الحمدلله يا نصّار اللي خلصنا على خير..
بكرة أبي أحجز للدوحة أرجع على أول طايرة..

نصّار بود: إيه الحمدلله..

عبدالعزيز: الطريق بعده مطول؟؟

نصّار بشوي تردد: أني دا أحجي لك الله يهديك
أنا كايل لك أنه احنا تاخرنا هوايا في هالروحة..
هسه الدنيا ليل.. لو خليناها باجر جان زين..
الله يستر بس من السلابة وإلا غيرهم اللي لابدين بهالسكك..

عبدالعزيز بلهجة مطمئنة: صار لنا اسبوعين ماحد تعرضنا..بالعكس الوضع كان أمان جدا

وبعدين كمل عبدالعزيز بعيارة: وبعدين أنا رجّال وراي عرس عقب 3 أسابيع
حد يسوي لي شيء أسيل دموع عليكم أكثر من دجلة والفرات وشط العرب سوا..
أغرقكم وأخليكم تندمون على اليوم اللي جيتوا جنبي فيه..

نصّار بود كبير: أنته مافيه مثلك آغاتي..والله هالعروس ماتلاكي مثلك بكل هالدنيا يامعود.. شقد امها داعيت لها والله

وعبدالعزيز ونصّار مستمرين في حوارهم الودي، برز شيء أمامهم بسرعة..

نصّار برعب: باوع عزيّز باوع..


************************


اليوم في مدرسة ديمة..
ديمة اللي منهمكة في مهمتها الخطيرة اللي محتاجة دقة وتركيز.. وتقريبا كانت انتهت..

ما أنتبهت للعيون اللي كانت تلتهم ملامحها : عنقها وصدرها بلونهم البرونزي المختلف، عيونها بلمعتها المثيرة.. شفايفها الناعمة..

الوقت صار متأخر، والمدرسة شبه فاضية..
ولاب الحاسوب مبطن بالكامل بعوازل صوت.. يعني حتى لو صرخت واستنجدت واستغاثت ماحد راح يسمعها..

وهو يراقبها بحذر صدر عنه صوت خافت جدا..
لكن الصوت كان كافي جدا عشان ديمة بذكائها تنتبه وتسوي روحها ما انتبهت..
دقت موبايلها على أخر رقم.. رقم عزوز..

حطت يدها على فمها وكلمت عزوز من سماعة البلوتوث، بصوت واطي مرعوب حاولت تتماسك فيه:
عزوز الحقني الحقني.. الولد الصايع اللي في grade12 هنا في اللاب وقاعد يطالعني بنظرات تخوف..

عبدالعزيز حس كأن قلبه انخلع من مكانه من الخوف على ديمة
قال لها وهو يركض بكل سرعته: الحين اطلعي من اللاب بسرعة وانا جاي لج..


*******************


دلال خذت التلفون بتردد من أم جاسم، وقالت بصوت خافت: نعم أستاذ ماجد؟؟

ماجد بثقة (بايعها): فيه مرة تقول لزوجها أستاذ، قولي لي ماجد، أو أبو فيصل على اسم ولدنا اللي بيجي قريب..

دلال كحت بحرج ووجهها صار أحمر قاني وشعر رأسها وقف من الخجل: عفوا أستاذ ماجد أنت شارب شيء؟؟

ماجد بثقة بعد ماخذ الأخبار كلها من جاسم: إذا كان المرحوم اللي يرحمه يشرب
فأنا ولله العظيم ماعرفتها وحتى الزجاير ماعمرها طبت ثمي

وإذا كان الله يرحمه ماكان يعرف طريق المسجد
فأنا الفرض مايفوتني في المسجد مع الجماعة..

وإذا كان الله يرحمه نفسه سمحت له أنه يمد يده عليج كل يوم والثاني
فانا تنقص يدي لو رفعتها عليج يوم..


دلال اللي هزها كلام ماجد بعنف، ماعرفت شتقول
رجعت التلفون لأم جاسم وعيونها شاردة، وانسحبت لغرفتها..


******************



سارة راجعة من زيارة سالم..

منيرة اللي ماوقفت دموعها من يوم عرفت بالخبر.. بتموت تبي تسأل سارة عن سالم.. بس مالها وجه..

تحس إن اللي صار لسالم كله من سبتها.. إن الله أستجاب دعواتها على سالم..
عشان كذا ربعه (أصحابه) كلهم طلعوا سليمين إلا هو..

ظلت تدور في الغرفة مثل الشاة المذبوحة اللي تنازع انتفاضة قطرات دمها الأخيرة..

في الوقت اللي سارة تناولت المصحف بهدوء بدون ما تكلم منيرة..

منيرة الكلام ميت على لسانها..
ما تبي تفتح موضوع مع سارة.. لأنها تخاف من لسان سارة الحاد الموجع..
وتعرف إن سارة بتلاقيها فرصة عشان توجعها بالكلام مثل اليومين اللي فاتو..

اليومين اللي فاتو كانوا عذاب مستمر لمنيرة اللي اضطرت تحمل كل كلام سارة الحاقد المؤلم الموجع بدون ماترد عليها بكلمة وحدة..

نزلت منيرة تحت لقت أبوها يستعد لصلاة العصر، قربت منه بتردد: يبه بتروح لسالم؟؟

أبوها بحزن: بأصلي وبأروح له..

منيرة برجاء موجع: تكفى يبه بأروح معك..

أبوها باستغراب: أنتي تبين تروحين له.. غريبة؟؟

منيرة بثقة مترددة: مهوب رجّالي؟؟.. لو أنا مارحت له الحين.. متى بأروح له؟؟

أبوها المصدوم: أنتي واعية يا بنتي..؟؟

منيرة بثقة خجولة: أنا توني وعيت يبه..


*****************


عبدالله بود كبير: هلا والله بأبو منصور.. أكيد تبلغنا بموعد وصولك.. الأسبوعين خلصوا.. خلاص مالك عذر

التلفون طاح من يد عبدالله
ورجع يلقطه برعب وهو يقول بصدمة مرعبة :


شنهو؟؟؟؟؟؟؟؟


عبدالله سحب نفس عميق، وقال بصوته القوي اللي يستخدمه للسيطرة على خصومه: عطني واحد منهم أكلمه..

........................................

عبدالله بنفس صوته القوي المدروس، وفي جملة واحدة قاطعة : كم تبون؟؟
..............................

عبدالله بقوة حازمة: لا لا.. هذا الكلام مايمشي.. (لأنه يعرف إنه إذا وافق على عرضهم الأول مباشرة، بيعرفون إنه مستعد يدفع أكثر.. عشان كذا لازم يفاصلهم عشان يكون المبلغ نهائي)


جواهر اللي كانت تسمع مفاصلة عبدالله الحادة مع الخاطفين واتفاقه معهم.. وفهمت أن عبدالعزيز مخطوف في العراق من خلال كلام عبدالله معهم.. ورود كلمات مثل نسلم المبلغ في بغداد.. وأشلون أضمن سلامتهم..

أحست كأن صدرها شُق بسكين صدئة
وانتزع قلبها من مكانها بكل وحشية بيد باردة حديدية
ليُهرس هذا القلب بكل سادية الكون ودمويته
ثم يُداس أشلاء متناثرة على الأرض دون رحمة..

انهارت على الأرض مغمى عليها.. دون أن ينتبه عبدالله اللي كان كل مشاعره وأحاسيسه مع المكالمة اللي كانت تسير باتجاه هو متخوف منه..

والاتفاق تقف في طريقه عثرات عن كيفية توصيل المبلغ للخاطفين حتى يقوموا بإطلاق سراح عبدالعزيز..

اتفق عبدالله معهم على اتصال آخر..
في الوقت اللي كان تفكير عبدالله يسير في عشرات القنوات الأخرى
وفق تفكير منطقي عقلاني تمرس فيه لطول خبرته في الحياة والمفاوضات وحتى التعامل السياسي..
لعمله فترة في مجال التمثيل السياسي حين عمل في سفارة قطر في واشنطن..

كان تفكيره يطالبه بعشرات التحركات..

تبليغ دولي هنا في قطر وهناك في العراق..
بدء تحويل المبلغ المطلوب لحساب موجود في العراق، حتى يتم تسليمه فور الاتفاق..
إيجاد قنوات آمنة لتسليم المبلغ
التأكد من ألتزام الخاطفين بتسليم عبدالعزيز وزميله فور تسلمهم المبلغ...
إبلاغ جهة عمل عبدالعزيز..
إبلاغ خاله فهد..

و..

و......

و..............


.................جواهر..


*****************



سعود طالع من الحمام متوضي لصلاة العصر اللي باقي عليها نصف ساعة..

دانة كانت تتغدى مع البنات وأمهم تحت.. فلما رجعت ماكانت تدري إن سعود موجود..

جلست على التسريحة، تعدل مكياجها.. في الوقت اللي سعود طلع من الحمام، ووقف على باب الحمام يتأملها.

دانة برقة: لا يكون فيني شيء غلط مهوب عاجبك؟؟

سعود وهو يقرب منها بابتسامة: إلا قولي شنهو اللي فيش مهوب صح، وشاللي فيش مهوب عاجبني..؟؟
انتي كلش على بعض تتأكلين أكل..


دانة بابتسامة: ماشاء الله حضرة الملازم مروق..

سعود بحب وهو يقرب من دانة ويوقفها بحنان.. ويحضنها حضن عميق جدا: اللي يشوف دندونته الحلوة ومايروق.. بصراحة ماعنده سالفة..

دانة وسعود يفلتها بالراحة: والله أنك تجنن وقلبك مافيه أطيب منه..
أبي أعرف خواتك ليه مرعوبين منك كذا.. لادخلت البيت كأنه قائدهم العسكري دخل عليهم.

سعود يضحك: خليهم.. البنات لازم يخافون عشان يتأدبون..
بس أنا والله العظيم أحب خواتي مثل بناتي بالضبط..
بس أنا بصراحة ما أعرف أفتح حوار معهم..
أنا بس من أشوفش أنتي.. أحس أنه ودي أتكلم ولا أسكت..

دانة بحب: فديت روحك والله.. ودامك ماشاء الله مروق وتشوفني تبي تتكلم ولا تسكت... تعال أقول لك شيء..

قالتها وهي تشده من يده وتقعده على السرير وتجلس جنبه،

سعود بمودة: ذا المقدمة والقعدة مالي بها.. شام ريحة خيانة..

دانة باستجداء أنثوي لطيف: فديتك سعود.. إجازتي خلصت.. ولازم أرجع شغلي بكرة..

سعود من سمع طاري شغلها أعتفس مزاجه فوق حدر..
لكنه رد عليها بلهجة هاديه تحتها بعض غضب: دانة أنا وعدتش ما امنعش من شغلش..
بس دانة حبيبتي أنا والله ماشبعت منش ولا من القعدة معش

مالحقنا تراضينا إلا حادث العيال صاير، وتوني راجع من كم يوم..

والحين أنا مداوم.. ودوامي زامات..
يعني ممكن أغيب يومين واجي يومين، أحيانا 3 ب3
يعني أيام ما أنا موجود بالبيت بتكونين في المستشفى، وانا ذابحني شوقي لش من الأيام اللي قبلها..
خذي إجازة لو شهر واحد.. وخلينا نسافر أسبوع فيهم أي مكان مثل باقي الأوادم..

دانة باستجداء: سعود أنا صار لي تقريبا شهر ماخذة إجازة..
مالي وجه أطلب إجازة بعد.. وخصوصا أني توني طبيبة جديدة..
مايصير.. والله مهيب حلوة في حقي..
يقولون أني ماني بقد الشغل..

رغم أن السبب اللي قاله سعود سبب حقيقي فعلا لكن فيه سبب ثاني أهم
سعود يشعر بغيرة جنونية على دانة، وفكرة أنها ممكن تشتغل في أسنان رجّال أو شاب.. كانت ذابحته وقاتلته..

سعود بثقته المعتادة : أنا موافق ترجعين شغلش.. بس بشرط..

دانة بحذر: اللي هو؟؟

سعود بجدية: تتركين مستشفى الرميلة.. وتطلبين نقل للصحة المدرسية.. عشان أضمن أنه أنتي ماتعالجين إلا أسنان البزارين وبس..

دانة ماكانت مرتاحة لطلب سعود وخصوصا أن الصحة المدرسية أبعد بكثير والمشوار مهلك..
وجو العمل فيها غير تنافسي بالمرة بالنسبة لطبيبة شاطرة مثلها..

لكنها ماحبت تزعله عشان ذا الموضوع، قالت له باستسلام: اللي تبيه..

سعود كان وده إنها عندت شوي ورفضت
عشان يحلف عليها تترك الشغل بالمرة..
لكن بما أنها وافقت بذا السرعة على قراره.. ماراح تكون أحسن منه..

(خلها تروح الصحة المدرسية الحين.. وشغلها ذا دواه عندي)


*************


عبدالله اللي ألتفت يدور على جواهر.. شافها طايحة على الارض مغمى عليها.. حس بخوف مرعب عليها..

شالها بخفة من الأرض.. وحطها على السرير..
رش شوي عطر في يده وحطه على أنفها..

جواهر اللي شمت ريحة العطر عطست..
وعقب جلست..
كانت نظرتها ميتة بكل ما تحمله الكلمة من معنى..
عبدالله كان يطبطب على خدها بحنان.. يحاول تخليها تنتبه له.. : جواهر.. جواهر ياقلبي.. ردي علي .. ردي علي حبيبتي..

#أنفاس_قطر#
__________________
أفضل تعـريف لذاتك ..
أنك لست أفضل من أحد ، ولسـت كأي أحد و لست أقل من أحد!