عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-27-2010, 01:02 PM
 
من عـلامـات التغـيير : القـلب الحـي

النفس المطمئنّة






من علامات التغيير : القلب الحي .









إن حياة القلب تعني تجاوبه مع ما يقوله اللسان بالخفقان والإحساس والشعور ، ولقد جاء وصف القلب الحي في القرآن والسنة بجملة من الصفات التي تساعده على التغيير إلى الأفضل ، ومن هذه الصفات نجد انشراح الصدر ، صاحب هذا القلب يكون منشرح مطمئن دخل النور في قلبه ، فعم ابن مسعود رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله ، قوله تعالى : ( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ) الزمر 22 ، كيف انشرح الصدر ؟ قال : إذا دخل النور القلب انشرح الصدر وانفتح ، قلنا : يا رسول الله وما علامة ذلك ؟ قال : الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزوله . أخرجه الحاكم والبيهقي .
ومن صفات القلب الحي الخوف والوجل من الله تعالى وخاصة عند سماع الذكر وهذا ما أكده قول الله تعالى : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) الأنفال 2 ، والوجل هو الخوف والاضطراب والفزع وزيادة خفقان القلب وسرعة ضرباته ، ويشعر الرباني بذلك عند ذكره ، وقالت أم الدرداء : إنما الوجل في القلب كاحتراق السعفة .

ومن صفات القلب الحي الذي يساعد على التغيير ما بالنفس هو الخشوع ، والخشوع كما عرفه ابن رجب يقول : ( وأوصل الخشوع هو لين القلب ورقته وسكونه وخضوعه وانكساره وحرقته ، فإذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء لأنها تابعة له كما قال صلى الله عليه وسلم : ( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) متفق عليه .
فإذا خشع القلب خشع السمع والبصر والرأس والوجه وسائر الأعضاء وما ينشأ منها حتى الكلام ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه : ( خشع سمعي وبصري ومخي وعظمى ) رواه مسلم والترمذي .

وفي قوله تعالى : ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) المؤمنون 2 ، يقول ابن عباس رضي الله عنه : " أي : خائفون ساكنون " ، وهذا ما أكده قول ابن رجب رحمه اله تعالى : أنه " متى تكلف الإنسان تعاطي الخشوع في جوارحه وأطرافه مع فراغ قلبه من الخشوع وخلوه منه كان ذلك خشوع نفاق ، وهو الذي كان السلف يستعيذون منه كما قال بعضهم : استعيذوا بالله من خشوع النفاق ، قالوا وما خشوع النفاق ؟ قال : أن يرى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع .
فمن أظهر للناس خشوعا فوق قلبه فإنما هو نفاق على نفاق ، وأصل الخشوع الحاصل في القلب إنما هو من معرفة الله تعالى ، ومعرفة عظمته وجلاله وكماله ، فمن كان بالله أعرف كان له أخشع " . انتهى كلامه .

ومن صفات القلب الحي أيضا سرعة التأثر بالموعظة ، وهذا التأثر يبدأ في القلب فيزداد لينه وخشوعه ثم يفيض على الجوارح فتقشعر الجلود وتدمع العيون ، كما قال تعالى : ( فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين ، الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) الزمر 22، 23 .
وهذا يكون مع المواعظ بصفة عامة ، أما مع القرآن فالتأثر يكون أشد كما قال تعالى : ( إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ، ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ) الإسراء 107 ، 109 .
وكلما اقترب العبد من ربه قويت معرفته به فازدادت معرفته به ، فيشعر العبد أن الله عز وجل أقرب إليه من زوجته وولده ووالديه وأصدقائه المقربين ، وهذا الشعور لا تنال العبارة حقيقته ويتجلى بوضوح في حب مناجاته سبحانه والتلذذ بذكره وحب الخلوة به ، كما قال موسى : ( وعجلت إليك رب لترضى ) طه 84 .

يقول الحسن البصري فيقول : " إن أحباء الله هم الذين ورثوا طيب الحياة وذاقوا نعيمها بما وصلوا إليه من مناجاة حبيبهم ، وبما وجدوا من حلاوة في قلوبهم ، لا سيما إذا خطر على بالهم ذكر مشافهته وكشف ستور الحجب عنه في المقام الأمين والسرور ، وأراهم جلاله وأسمعهم لذة كلامه ورد عليهم جواب ما ناجوه به أيام حياتهم " .



لا تنسونا من صالح دعائكم
رد مع اقتباس