عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-22-2009, 08:46 AM
 
أسباب الفلاح في القرآن الكريم


بسم الله الرحمن الرحيم



- القرآن العظيم سطر لنا أسباب الفلاح فيما عرضه لنا من آيات الأحكام وآيات العقيدة ومن خلا ل عرض النماذج الإنسانية التي حملت على عاتقها انقاذ البشرية من الضلال والسير بها في طرق السعادة في الدنيا والآخرة .
ويأتي في طليعة قصص نماذج المهتدين ما بينه القرآن من شمائل وأخبار سيد المرسلين محمد-صلوات الله وسلامه عليه - حيث خلد القرآن أخبار هذا النبي ،وغزواته، وإسرائه ،وهجرته، وسيرته ومسيرته ؛لتكون معروضة بوضوح أمام من أراد أن يسلك سبيل الهداية .
ومن تلك الأحداث التي خلدها القرآن الكريم هجرة النبي محمد - صلوات الله وسلامه عليه - قال تعالى :''إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ''((التوبة :40) قال الناظم: الهجرة رحلة هادينا حمل الإسلام لنا دينا فسلام الله على الهادي والكون يردد أمينا إن دروس وفيوضات الهجرة وإشراقاتها كثيرة وفيها دروس تعيها أذن واعية، ومن تلك الدروس الآتي :
1-أخذ النبي - صلوات الله وسلامه عليه - بالأسباب، فجعل عليا - رضي الله عنه - يبيت في فراشه، واتجه فور خروجه من مكة إلى جهة الجنوب؛ لإيهام الأمر على المشركين وكانت المعلومات عن تحركات المشركين تصل إليه مدة بقائه في غار ثور، أليس في ذلك كله دعوة للمسلمين للأخذ بالأسباب العلمية والبعد عن الفوضى وهم يواجهون تحديات الحياة .
2- أهمية العنصر الشبابي في نجاح الهجرة، فالشاب علي رضى الله عنه يفدي النبي - صلوات الله وسلامه عليه - بنفسه وينام في فراشه غير آبه بكيد المشركين ومكرهم، والفتاة أسماء بنت الصديق ضربت أروع الأمثلة في تضحياتها وما فعلته عندما قسمت نطاقها إلى قسمين فجعلت أحدهما لربط الزاد الذي كانت تعده لتذهب به إلى غار ثور لتؤمن الطعام لرسول الله ووالدها الصديق، فلقبت بذات النطاقين وقامت بواجبها بوعي وحكمة ،وفي هذ ادروس للشباب أن يوظفوا طاقاتهم في الخير، وفيه درس للقائمين على توجيه الشباب أن يعملوا على اكتشاف مواهبهم ودمجهم في برامج علمية واجتماعية تخدم الأمة وتبني الوطن .
3- وفي الهجرة نرى تناغم مفردات الكون وفرحها، فالعنكبوت ينسج بباب الغار، والحمامتان البريتان تضعان بيتهما أمام الغار، وشاة أم معبد تدرلبنا من ضرعها عندما وضع النبي - صلوات الله وسلامه عليه -يده على ضرعها، والمهاجرون والأنصار يستقبلون رسول الله -صلى الله عليه وسلم -بقولهم:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة مرحبا يا خير داع
والمستغرب أن البعض يحاول التشكيك بهذه الروايات مع أنها مذكورة في كتب السيرة كسيرة ابن هشام حيث ذكر مخرجها وأسانيدها، أما من حيث صحت هذه الرويات ،فقد بين ثبوتها الدكتور البوطي في كتابه فقه السيرة، وكذلك الدكتور محمد الصادق عرجون - رحمه الله - وهو من علماء الأزهر الشريف في كتابه القيم محمد رسول الله ، وهو كتاب فريد وقف فيه المؤلف مع أحداث السيرة النبوية وقفة الرائد الذي لا يكذب أهله
4- مناسبة الهجرة تدعو المسلمين لمزيد من الثقة بدينهم ومستقبله الحضاري ،مستمدين طاقات الأمل من قوله تعالى :''لا تحزن إن الله معنا'' (التوبة:40) فلا يتأثرون بالإحباط واليأس، ويتحلون بالأمل مع الأخذ بأسباب الحضارة، حذرين من آفات السقوط الحضاري، وهي التي كان النبي صلوات الله وسلامه عليه يتعوذ منها بقوله: ''اللهم إن أعوذ بك من العجز والكسل والهم والحزن والجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال'' (رواه النسائي في السنن الكبرى)

د. هاني خليل عابد

رد مع اقتباس