عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 12-07-2006, 04:31 PM
 
رد: الأناشيد ضوابط ومحاذير ..

الأدلة الشرعية في حكم الأناشيد الإسلامية

بسم الله الرحمنالرحيم
السلامعليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد ،،،
الأدلة الشرعية في حكم الأناشيدالإسلامية

فقد شاعت الأناشيد المسماة – خطأً وبهتاناً – إسلاميةبين المسلمين عموماً ، وشباب الاستقامةخصوصاً ، وامتلأت التسجيلات الإسلامية منها ، وكثر المنشدون المحسوبون على أهلالاستقامة والديانة ، بل صار من بينهم أئمة مساجد ومصلحون ، وازداد البلاء بما علممن فتنة الفتيات بأصوات هؤلاء الناعقين ، والتحدث بهم في المجالس والتجمعات بينالعالمين ، ونشر هؤلاء المنشدين أرقام هواتفهم مع إنشادهم وأخشى أن ينشروا فيالمستقبل صورهم ، فلما كان هذا كله وزيادة كان لزاماً شيوع إنكارها بين مريدهاومبتغيها بالكلمة والكتابة حتى يظهر الحق فيهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيّ عنبينة.

وقد جعلتهذا الرد فصولاً :
الفصل الأول / ما الأناشيد المعنية في هذا الرد ؟.
الفصل الثاني / شبهات المنشدين وردها .
الفصل الثالث / بعضفتاوى العلماء المعاصرين .

الفصل الأول / ما الأناشيد المعنية في هذاالرد ؟
ليستالأناشيد المصحوبة بالدف معنية بهذا الرد لوضوح حرمتها ، لأن الدفوف من جملةالمعازف، والمعازف محرمة لقول رسول الله صلى اللهعليه وسلم :" ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " رواهالبخاري من حديث أبي مالك الأشعري . وروى ابن حزم في المحلى وصححه "أن أصحاب ابن مسعود كانوا يستقبلونالجواري في المدينة معهن الدفوف فيشققونها " .

وللأسف لقد انتشر هذا النوع من الأناشيد فيالتسجيلات الإسلامية ، وكثر استماع بعض شباب الاستقامةلها ، وهم في استماعهم وطربهم مستحلون غيرشاعرين بالحرمة والإثم فصدق الرسول صلى الله عليه وسلم :" ليكونن أقوام من أمتييستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " .

وليس المعني بهذا الرد ـأيضاًـ تلك الأناشيدالمتضمنة كلاماً محرماً كالإنشاد بالاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلملكون بدعية هذا النوع ظاهراً عند كثير من شباب الاستقامة .

وإنما المعنيبهذا الرد الإنشاد المجرد المتخذ وسيلة لهداية الخلق ودعوتهم. ومعنىاتخاذها وسيلة دعوية أن المنشد يرجو الأجر بإنشاده لأنه يتسبب في جلب الشباب إلىأماكن تجمعات الخير ، وعدم إملالهم منها ، وأيضاً هو يريد جعل الأناشيد بديلاً منالغناء المحرم وهذه وسيلة دعوية لترك الغناء وهكذا ... وفي هذا الرد التدليلوالنقل عن العلماء الراسخين بحرمة الأناشيد الإسلامية الشائعة – الآن – مطلقاً سواءاتخذت وسيلة دعوية أو لم تتخذ لأنها على ألحان الأغاني الماجنة فهل من مدكر ؟ .

الفصلالثاني / شبهات المنشدين وردها :

تتلخص شبهات المنشدين في ثلاث شبه :

الأولى / أنه ثبت عن الصحابة الإنشاد في مواطن مختلفة ، منها ما رواه الشيخان عن أنسبن مالك – رضي الله عنه – في قصة حفر الخندق قال : فلما رأى رسول الله صلى اللهعليه وسلم ما بنا من النصب والجوع قال :
اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصاروالمهاجرة
فقالوامجيبين له:
نحنالذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا أبداً
وروى البخاري عن سلمة بن الأكوع قال: خرجنامع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ، فسرنا ليلاً ، فقال رجل من القوم لعامربن الأكوع: ألا تسمعنا من هنيهاتك ؟
- قال – وكان عامر رجلاً شاعراً حداء – فنزليحدو بالقوم يقول :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا … الحديث .
وروى الشيخان عنأنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، وكان معه غلام له أسود يقالله : أنجشة يحدو ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ويحك يا أنجشة ، رويدكسوقاً بالقوارير "
قالوا : فدلت هذه النصوص وغيرها على جواز الإنشاد ، وهل إنشادنا إلا هذا ؟! .
الثانية / أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا بدليل ، وهذه الأناشيد على هذا الأصل إلا بدليلينقلها عنه ، وليس هناك دليل شرعي ناقل عن هذا الأصل ، وكل ما هو مباح فيجوز اتخاذهوسيلة من وسائل الدعوة ، فإن وسائل الدعوة غير توقيفية .
الثالثة/ أنه ثبت في الصحيحين منحديث أبي هريرة أن عمر بن الخطاب مرّ بحسان وهو ينشدفي المسجد فلحظ إليه فقال : قد كنت أنشدفيه ، وفيه من هو خير منك .
وجه الدلالة / أن حساناً تعبد الله بإلقاء الشعر ، وفي بيت من بيوت الله ،ورسول الله - صلى الله عليه وسلميسمعه ولا ينكر ذلك .
جواب الشبهة الأولى/
إن غاية ما تقررهالأدلة المذكورة في الشبهة الأولى أن الأناشيد من جملة المباحات ، وهذا لا نختلففيه وليس هو مورد النزاع ، وإنما مورد النزاع في جعل الأناشيد وسيلة من وسائلالدعوة إلى الله.وهذا مما يجعلنا ننتقل إلى جواب الشبهة الثانية المتضمن جواباً علىالشبهة الأولى .
جواب الشبهة الثانية /
مبني على مقدمتين :
الأولى : أن البدع تدخل في وسائلالعبادة كما تدخل في العبادة نفسها( كالدعوة إلى الله ) ، ومن الأدلة على ذلك مارواه البخاري في قصة جمع المصحف وأن عمر بن الخطاب أشار على أبي بكر بالجمع ، فقالله أبو بكر : كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبمثل هذاأجاب زيد بن ثابت أبا بكر الصديق لما عرض عليه جمع المصحف . ففي هذا دلالة واضحةعلى أن البدع تدخل في الوسائل كما تدخل في العبادة ذاتها ؛ وذلك أن جمع المصحف منالوسائل ، ومع ذلك احتجوا بعدم فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم . فإن قيل : لماذا –إذاً- جمعوا المصحف مع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الله عليه وسلملم يفعله ؟ فيقال : لأن مقتضي ( أي: سبب ) الجمع وجد في زمان أبي بكر- رضي الله عنه - ولم يكن موجوداً في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ هو حي بين أظهرهمفبوجوده لا يخشى ذهاب القرآن.
ومن الأدلة أيضاً : ما ثبت عند الدارمي وابنوضاح أن ابن مسعود أنكر على الذين كانوا يعدون تكبيرهم وتسبيحهم وتهليلهم بالحصى ،واحتج عليهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يفعلوا مع أن عدَّالتسبيح راجع للوسائل . وكن – أخي القارئ – على علم بأن كل ما روي في التسبيحبالحصى من حديث أو أثر فإنه لا يثبت كما بين ذلك العلامة الألباني – رحمه الله، والشيخ بكر أبو زيد - شفاه الله .

تنبيه /كثيراً ما تجوّز البدعوتستحسن باسم المصلحة ، قال ابن تيمية :والقول بالمصالح المرسلة يشرع من الدين مالم يأذن به الله غالباً . وهي تشبه من بعض الوجوه مسألة الاستحسان والتحسين العقليوالرأي ونحو ذلك – ثم قال – وكثير مما ابتدعه الناس من العقائد والأعمال من بدع أهلالكلام وأهل التصوف وأهل الرأي وأهل الملك حسبوه منفعة أو مصلحة نافعاًَ وحقاًوصواباً ولم يكن كذلك ا.هـ

الثانية : هل وسائل الدعوة توقيفيةأم لا ؟ وجواب هذا راجع إلى معرفة الفرق بين المصالح المرسلة والبدع المحدثة . وخلاصة ذلك أمران :

الأول / أن ينظر في هذا الأمر المراد إحداثه لكونه مصلحة ، هل المقتضي لفعلهكان موجوداً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والمانع منتفياً ؟

أ/ فإن كانكذلك ففعل هذه المصلحة – المزعومة – بدعة إذ لو كانت خيراً لسبق القوم إليه فإنهمبالله أعلم وله أخشى وكل خير في اتباعهم فعلاً وتركاً .
ب/ أما لو كان المقتضي (أي: السبب المحوج ) غير موجود في عهدهم أو كان موجوداً لكن هناك مانع يمنع من اتخاذ هذه المصلحة فإنهلا يكون بدعة بل يكون مصلحة مرسلة ، وذلك مثل جمع القرآن في عهد رسول الله صلى اللهعليه وسلم فإن المقتضي لفعله غير موجود إذ هو بين أظهرهم لا يخشى ذهابه ونسيانه أمابعد موته فخشي ذلك لأجل هذا جمع الصحابة الكرام القرآن .

ومن الأمثلةأيضاً : الأذان في مكبرات الصوت ، وتسجيل المحاضرات في الأشرطة السمعية ، وصلاةالقيام في رمضان جماعة ، فكل هذه الأمور كان يوجد مانع في عهد رسول الله صلى اللهعليه وسلم من فعلها . أما الأمران الأولان : فعدم إمكانه لعدم وجودها في زمانه ،أما الأمر الثالث : فإنه ترك الفعل خشية فرضه ، وبعد موته لم يكن ليفرض شيء لم يكنمفروضاً من قبل
الثاني / إن كان المقتضي غير موجود في عهد النبي صلى اللهعليه وسلَّم فيُنظر فيه هل الداعي له عندنا بعض ذنوب العباد ؟ فمثل هذا لا تُحَدثُله ما قد يسميه صاحبه مصلحةً مرسلةً بل يؤمرون بالرجوع إلى دين الله والتمسك به ؛إذ هذا المطلوب منهم فعله، والمطلوب من غيرهم دعوتهم إليه. ويمثل لهذا بتقديمالخطبة على الصلاة في العيدين لأجل حبس الناس لسماع الذكر فمثل هذا من البدعالمحدثة لا من المصالح المرسلة . وإليك كلام الإمام المحقق ابن تيمية في بيان هذاالضابط قال ابن تيمية " والضابط في هذا – والله أعلم – أن يُقال : إن الناس لايحدثون شيئاً إلا لأنهم يرونه مصلحةً إذ لو اعتقدوه مفسدةً لم يُحدثوه ، فإنه لايدعوا إليه عقلٌ ولا دينٌ فما رآه الناس مصلحةً نظر في السبب المحوج إليه ، فإن كانالسبب المحوج أمراً حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلَّم من غير تفريط منا فهنا قديجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائماً على عهد رسولالله صلى الله عليه وسلَّم لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلَّم لمعارضٍ زال بموته .
وأما ما لم يحدثسببٌ يحوج إليه أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد فهنا لا يجوز الإحداث فكلأمرٍ يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم موجوداً لو كانمصلحةً ولم يُفعل يُعلم انه ليس بمصلحةٍ وأما ما حدث المقتضي له بعد موته من غيرمعصية الخلق ، فقد يكون مصلحة .
ثم هنا للفقهاء طريقان :
أحدهما :أن ذلك يفعل ما لم يُنه عنهوهذا قول القائلين بالمصالح المرسلة .
والثاني :أن ذلك لا يُفعل إن لميُؤمر به وهو قول من لا يرى إثبات الأحكام بالمصالح المرسلة وهؤلاء ضربان :
منهم من لا يثبتالحكم ، إن لم يدخل في لفظ كلام الشارع ، أو فعله ، أو إقراره وهم نُفاة القياس. ومنهم من يثبته بلفظ الشارع أو بمعناه وهم القياسيون فأما ما كان المقتضي لفعلهموجوداً لو كان مصلحةً ، وهو مع هذا لم يشرعه ،فوضعه تغييرٌ لدين الله وإنما دخلفيه من نسب إلى تغيير الدِّين ، من الملوك والعلماء والعباد أو من زلَّ منهمباجتهاد ، كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلَّم وغير واحدٍ من الصحابة " إن أخوفما أخاف عليكم زلَّة عالم ، وجدال منافقٍ بالقرآن ، وأئمةٌ مضلُّون " فمثال هذاالقسم الأذان في العيدين ، فإن هذا لما أحدثه بعض الأمراء ، أنكره المسلمون لأنهبدعةٌ ، فلو لم يكن كونه بدعةً دليلاً على كراهيته ، وإلا لقيل هذا ذكرٌ لله ودعاءٌللخلق إلى عبادة الله ، فيدخل في العمومات .كقوله ) اذكروا الله ذكراً كثيراً ( وقوله تعالى ) ومن أحسن قولاً ممن دعآ إلى الله وعمل صالحاً ( -ثم قال -ومثال ماحدثت الحاجة إليه من البدع بتفريطٍ من الناس تقديم الخطبة على الصلاة في العيدينفإنه لما فعله بعض الأمراء أنكره المسلمون لأنه بدعةٌ واعتذر من أحدثه بأن الناس قدصاروا ينفضُّون قبل سماع الخطبة ، وكانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلَّملا ينفضُّون حتى يسمعوا أو أكثرهم فيُقال له سببُ هذا تفريطك فإن النبي صلى اللهعليه وسلَّم كان يخطبهم خطبةً يقصد بها نفعهم وتبليغهم وهدايتهم ، وأنت قصدك إقامةرياستك ، وإنقصدت صلاح دينهم ، فلا تعلمهم ما ينفعهم فهذه المعصية منك لا تُبيح لكإحداث معصيةٍ أخرى بل الطريق في ذلك أن تتوب إلى الله وتتبع سنة نبيه وقد استقامالأمر وإن لم يستقم فلا يسألك الله إلا عن عملك لا عن عملهموهذان المعنيان منفهمهما انحلَّ عنه كثيرٌ من شبهِ البدع الحادثة"ا.هـ
وبعد هاتين المقدمتين يقال: إن اتخاذالأناشيد وسيلة من وسائل الدعوة بدعة لأن وسائل الدعوة فيما وجد مقتضاه عند رسولالله – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه مع انتفاء المانع توقيفية بخلاف ما عدا ذلك .فهي بهذا محدثة داخلة في عموم ما أخرجه مسلم عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليهوسلم - قال :" فإن كل بدعة ضلالة " وما أخرجه الترمذي وصححه ابن عبد البر عنالعرباض بن سارية أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" وكل محدثةبدعة " وما رواه الشيخان عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :" منأحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وما رواه الدارمي عن ابن مسعود أنه قال :" كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير وينشأ فيها الصغير تجري على الناسيتخذونها سنة إذا غيرت قيل : إنها غيرت السنة أو هذا منكر " وما روى الدارمي عنحسان بن عطية التابعي الجليل أنه قال :" ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع منسنتهم مثلها " وما روى اللالكائي عن سفيان الثوري أنه قال :" البدعة أحب إلى إبليسمن المعصية ، المعصية يتاب منها ، والبدعة لا يتاب منها " .

فإنه لو كاناتخاذ هذه الأناشيد وسيلة من وسائل الدعوة خيراً لرأيت رسول الله صلى الله عليهوسلم وأصحابه أسرع الناس إليها إذ لا مانع يمنعهم من اتخاذها وهم أحرص على هدايةالخلق كما قال تعالى في رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم :" لقد جاءكم رسول منأنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم " لا سيما والأناشيدمعروفة عندهم - كما سبق -، قال ابن تيمية: وأما سماع القصائدلصلاح القلوبوالاجتماع على ذلك إمانشيداً مجرداًوإما مقروناًبالتغبير ونحوه مثل الضرب بالقضيب على الجلود حتى يطير الغبار ومثل التصفيق ونحوهفهذا السماع محدث في الإسلام بعد ذهاب القرون الثلاثة وقد كرهه أعيان الأئمة ولميحضره أكابر المشائخ – ثم قال – فتبين أنه بدعة ولو كان للناس فيه منفعة لفعلهالقرون الثلاثة .
ولم يحضروه مثل ابن أدهم والفضيل ومعروف والسري وأبي سليمان الداراني والشيخعبد القادر وغيرهم وكذلك أعيان المشائخ .ا.هـ فليتق الله امرؤ بتقدمه بين يدي رسول صلىالله عليه وسلم وأصحابه بما يزعمه خيراً ، أكانوا له جاهلين وأنت به عارف ؟ أمكانوا به عالمين وأنت لهداية الخلق منهم أحرص؟
جواب الشبهة الثالثة /
إن الشعر الذيكان يلقيه حسان بن ثابت شعر يرد به على المشركين ، ويدافع به عن رسول رب العالمينكما ثبت في الصحيحين أن أبا سلمة بن عبد الرحمن "سمع حسان بن ثابت ينشد أبا هريرة : أنشدك الله هل سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول : يا حسان أجب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، اللهم أيده بروح القدس . قال أبو هريرة : نعم ". فأينالإنشاد ( الذي هو رفع الصوت بالشعر –كما سبق - ) بالرد على المشركين من شعر ملحنيقصد من ورائه هداية الضالين ، وإرشاد الغاوين ؟ ففعل حسان وإن كان فيه التعبدبالرد فإنه لا يصح أن يقاس عليه جعل الأناشيد وسيلة دعوية لأنهما متغايران ؛ لكونفعل حسان رداً على الكافرين وفعل هؤلاء جذباً للفاسقين ، ثم على فرض – جدلاًالتساوي بينهما فإن ترك الرسول صلى عليه وسلم وأصحابه لهذا العمل وهو المسمى بالسنةالتركية مقدم على القياس بل ويحكم عليه بالفساد كما بين ذلك المحققون كابن تيميةوابن القيم.
قال الشاطبي : منها المنافحة عن رسول اللهصلى الله عليه وسلم – وعن الإسلام وأهله ، ولذلك كان حسان بن ثابت –رضي الله عنهقد نصب له منبر في المسجد ينشد عليه إذا وفدت الوفود ، حتى يقولوا : خطيبه أخطب منخطيبنا ، وشاعره أشعر من شاعرنا ، ويقول له عليه السلام :" اهجهم وجبريل معك "،وهذا من باب الجهاد في سبيل الله ، فليس للفقراءمن فضله في غنائهم بالشعر قليل ولا كثيرا.هـ
وبعد تفنيد هذه الشبه يتبين أن هذهالأناشيد محرمةتحريماً شديداً لما يلي :
1) أنها بدعة محدثة – كما سبق - .
2) أنها تصد الناسعن القرآن وذكر الله فمن اعتادها ثقل القرآن على قلبه، وهذا شيء ملحوظ ملموس ذكرهكاف عن البرهنة عليه . قال الشافعي : خلفت ببغداد شيئاً أحدثته الزنادقة يسمونهالتغبير يزعمون أنه يرقق القلوب يصدون به الناس عن القرآن "
وهذه الأناشيد يزعمأصحابها أنها ترقق القلوب وصدوا بها الناس عن القرآن ، لا سيما أولئك الذين أقامواالمهرجانات الإنشادية، وجمعوا الناعقين من أماكن مختلفة ، وحاكوا في فعالهم المغنينالماجنين ، فيا إلهي ما أحلمك وأشد صبرك لمن زعم هذا الفعل إسلامياً وتدين به لك !!
أما الأناشيدالمنتشرة -الآن - في التسجيلات الإسلامية فكثير منها تلحن تلحين الأغاني المنصوصعلى حرمتهافهذه محرمة على كل حال لما فيها من التشبهبالحراموالفساق ، فإذا اتخذت وسيلة دعوية زادتحرمتها حرمة ، فكيف إذا كان المنشدون مرداناً وفتيات وأصحاب أصوات فاتنة قد زادهاأصحابها فتنة بالتمطيط والتمييع ؟ أم كيف إذا كان المنشد الناعق يخرج نفسه منشداًفي أفلام مرئية متنقلاً بين الأزهار والأشجار والأحجار تشبهاً منه بالمغنيينالفاسقين الماجنين ؟ فما أشد الخيبة والعار إذا كان هذا كله يصدر من أناس ظاهرهمالهداية والاستقامة !! ألا تابوا وأنابوا ومن ربهم خافوا .
الفصلالثالث / بعض فتاوى أهل العلم المعاصرين :
قد تواترت فتاوى كثير من علماء العصر علىتحريم هذه البدعة ، والتحذير منها . ومن هؤلاء العلماء :
1 - الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدينالألباني – رحمه الله -: قرر بدعيتها في كثير من مسجلاته الصوتية ،وفي كتابه تحريمآلات الطرب 58.
2- الشيخ المجاهد حمود التويجري –رحمه الله – : له في ذلك رسالة بعنوان (إقامة الدليل في المنع من الأناشيد الملحنة والتمثيل) بين فيها كونها من البدعالصوفية .
3- الشيخالفقيه العلامة الفهامة محمد بن صالح آل عثيمين – رحمه الله -: قال في فتاوىالعقيدة 51 : الإنشاد الإسلامي إنشاد مبتدع مما ابتدعته الصوفية ولهذا ينبغيالعدول عنه إلى مواعظ القرآن والسنة، اللهم إلا أن يكون في مواطن الحرب ليستعان بهعلى الإقدام والجهاد في سبيل الله تعالى فهذا حسن . وإذا اجتمع معه الدف كان أبعدعن الصواب ا.هـ ولا تنس أن الشيخ في إنكاره على المدعو مساعد الراشد – كما سبقنقله- حرم ما كان على ألحان الأغاني ، ثم إن له كلاماً آخر جوز فيه بعض صورالأناشيد فليجمع مع كلامه هذا ثم يطبق على واقع الأناشيد الحالية .
4- سماحة المفتيالعام الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ – حفظه الله – : فقد نص على بدعيتهافي عدة فتاوى . راجع شريط أقوال العلماء في الأناشيد والتمثيل.
5- الشيخ العلامة صالح الفوزان – حفظه الله- : قرر في بحث له مفيد أنها بدعة صوفية محرمة .
6- شيخي الفاضل عبد الرحمن البراك – حفظه الله -: سمعتهينص على أنها بدعة صوفية
7- الشيخ بكر أبو زيد – عافاه الله - : كما في حاشية كتابه تصحيح الدعاء11 .
8- فضيلةالشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله - : نص على حرمتها ، راجع شريطأقوال العلماء في الأناشيد والتمثيل .
9- شيخي عبد الله بن صالح العبيلان – حفظهالله – لما سألته عن حكمها أملى عليّ ما نصه: لا يخلو حكمها عن أحوال ثلاثة : الأولى : أن يكون على وجه التدين فهذا محرم ، لأنه من عمل النصارى في كنائسهموالرسول صلى الله عليه وسلم قال :" من تشبه بقوم فهو منهم ".
الثانية : أن يتخذوسيلة للدعوة فهذا محرم أيضاً ، وذلك لأن وسائل الدعوة التي يتعبد الله بها لابدفيها من التوقيف .
الثالثة : أن لا تفعل على وجه التعبد فلا بأس من فعلها بشرط ألا تغلب على ماأمر به العبد من ذكر الله .
أبعدَ هذا هل لا يزال طائفة من الناس مصرينعلى استخدام الأناشيد وسيلة من وسائل الدعوة ؟ هذا ما لا أرجوه .لأنه أقل ما يقاللمن لم يقنع بهذا الكلام -: إنها من جملة الشبهات وطريقة أهل الإيمان تجنبها كماقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث النعمان بن بشير :"ومن اتقى الشبهاتفقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام " . علماً أن كثيراً منهؤلاء العلماء كان كلامهم هذا عن الأناشيد قبل حدوث التطورات الجديدة فيها خلال هذهالسنين المتأخرة وقبل توسع المنشدين –هداهم الله-حتى إن بعض الأناشيد صاحبها دفنسأل الله السلامة – وإن للأناشيد مفاسد أخرى تركتها اختصاراً تجدها مذكورة في كتابالقول المفيد في حكم الأناشيد – جزى الله المؤلف خيراً -.

خلاصةالبحث : إنّ الأناشيد إنْ كانت على ألحان الأغاني فهي محرمة مطلقاً – وهذا هوواقع أكثر الأناشيد اليوم – وإن لم تكن على ألحان الأغاني فإن المحرم منها ما جعلوسيلة دعوية فمن سمعها تسلية غير داخل في الإثم مع كون المنشد نفسه آثماً لأنه فيالأصل لم ينشده إلا دعوة .

ختاماً :
فإني أدعو المنشدين ، والمستمعين لهذهالأناشيد ، والبائعين لها في التسجيلات أن يقلعوا عن هذا الفعل الوخيم ، وأنيستشعروا معصيتهم للرب العليم ؛ إذ هي أشد إثماً من الأغاني الماجنة .قال العلامةفضيلة الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله -: إن هذه الأشياء – أي الأغاني الماجنة – لايجوز سماعها والاشتغال بها ، لكن ليس البديل منها أناشيد أخرى قد يكون استماعها أشدإثماً إذا عددناها دينية ، وسميناها إسلامية ، لأن هذا يعد ابتداعاً وتشريعاً لميأذن الله به . والبديل الصحيح هو تسجيل القرآن الكريم والأحاديث النبويةوالمحاضرات في الفقه والعقيدة والمواعظ النافعة . هذا هو البديل الصحيح ، لا أناشيدالصوفية وأشباههم ا.هـ وما ذكره الشيخ حق لا مرية فيه فإن البدعةأشد من المعصية بالإجماع.
قال ابن تيمية " أهل البدع شرٌ من أهل المعاصي الشهوانية بالسنة والإجماع ا . هـ، وقال ابن القيم " بل ما أكثر من يتعبدالله بما حرمه الله عليه ، ويعتقد أنه طاعةٌ وقربةٌ ، وحاله في ذلك شرٌ من حال منيعتقد ذلك معصيةً وإثماً ، كأصحاب السماع الشعري الذي يتقربون به إلى الله تعالى ،ويظنون أنهم من أولياء الرحمن ، وهم في الحقيقة من أولياء الشيطان " ا . هـ .
ثم إني أحذر من يخشى الله واليوم الآخر أنيسوغ لنفسه إعداد وبيع وسماع هذه الأناشيد البدعية بحجة أن هناك من يفتي بجوازها ،فإن الخلاف لم يكن ولن يكون دليلاً ترد به الأدلة بل إنه ضعيف مفتقر إلى الدليل كماقال تعالى :" وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله " والأدلة الشرعية الصحيحة علىحرمة هذه الأناشيد قد أبرزت لك ، فبادر- مبتغي الجنان – هجرها استجابة لقول اللهتعالى :" وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة منأمرهم ، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً " وإياك والرخص فإنه من تتبعهاتزندق كما قاله إبراهيم التيمي– رحمه الله-.
ثم أنبه الأخوة الأفاضل إلى أن الأناشيدالمتخذة وسيلة من وسائل الدعوة هي مما اشتهرت به جماعة الإخوان المسلمين (المعروفة) التي أسسها حسن البنا – رحمه الله – ذلكم المؤسس الذي جمع - وللأسف – بدعاً شتىكالبيعة على الطريقة الصوفية الحصفيةوشد الرحال إلى بعض القبوروموالاة اليهود والنصارى بزعم أن الدينالإسلامي الحنيف لا يعاديهم ديناً وأنهم إخوان لنا وأن عداوتنا مع اليهود عداوة أرضفحسب، وهو من دعاة القوميةالعربيةومن دعاة التقريب معالشيعة وهو الذي بنى جماعته على قاعدة " نتعاونفيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا" هذه القاعدة التي فندها علماءالسنة الأجلاء كابن باز والألباني وابن عثيمين – رحمهم الله رحمة واسعة وجعلالفردوس الأعلى قرارهم –كما تجد ذلك في كتاب " زجر المتهاون بضرورة المعذرةوالتعاون " .أكتب هذا والقلب يتقطع حسرة كيف يعظم ويلمع من جمع هذه المخالفاتالعظام عند أبناء التوحيد ؟ أم كيف لا يرد عليه ويشهر به حتى يكون جيل التوحيدوالسنة على معرفة وحيطة ؟
وإن لمن الحرمان ومتابعة الشيطان أن ترى أناساً جعلوا ديدنهم الدفاع عنأمثال هذا المؤسس معاندة منهم لإخوانهم الناصحين ، أو تميعاً للبدع الهادمة للدين ،وكأن الحياة دائمة أبد الأبدين ، وإني لأستثني من لم يكن على دراية – وهم كثرلكنهم إذا تبين لهم سارعوا بالبراءة منهم لبدعهم وزللهم تقديماً لمحبة الله على كلأحد وخوفاً من عذاب الله الأحد ، قال تعالى :" من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساءفعليها وما ربك بظلام للعبيد " وقال :" واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفىكل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون " .

وسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد العزيز بن ريسالريس22 / 3 / 1422 هـ
__________________

قول الشيخ أنباني فلان*****وكان من الأيمة عن فلان

إلى أن ينتهي الإسناد أحلى***لقلبي من محادثة الحسان

فإن كتابة الأخبار ترقى***بصاحبها إلى غرف الجنان
رد مع اقتباس