عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-10-2009, 04:14 PM
 
وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُم


بسم الله الرحمن الرحيم

وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا

وقيل : انقطع الإخبار عن الجن هاهنا فقال الله تعالى : " وأنه كان رجال من الإنس " فمن فتح وجعله من قول الجن ردها إلى قوله : " أنه استمع " [ الجن : 1 ] , ومن كسر جعلها مبتدأ من قول الله تعالى . والمراد به ما كانوا يفعلونه من قول الرجل إذا نزل بواد : أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه ; فيبيت في جواره حتى يصبح ; قاله الحسن وابن زيد وغيرهما .

قال مقاتل : كان أول من تعوذ بالجن قوم من أهل اليمن , ثم من بني حنيفة , ثم فشا ذلك في العرب , فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم . وقال كردم بن أبي السائب : خرجت مع أبي إلى المدينة أول ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم , فآوانا المبيت إلى راعي غنم , فلما انتصف الليل جاء الذئب فحمل حملا من الغنم , فقال الراعي : يا عامر الوادي , [ أنا ] جارك . فنادى مناد يا سرحان أرسله , فأتى الحمل يشتد . وأنزل الله تعالى على رسوله بمكة : " وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا " أي زاد الجن الإنس " رهقا " أي خطيئة وإثما ; قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة . والرهق : الإثم في كلام العرب وغشيان المحارم ; ورجل رهق إذا كان كذلك ; ومنه قوله تعالى : " وترهقهم ذلة " [ يونس : 27 ] وقال الأعشى : لا شيء ينفعني من دون رؤيتها هل يشتفي وامق ما لم يصب رهقا يعني إثما . وأضيفت الزيادة إلى الجن إذ كانوا سببا لها . وقال مجاهد أيضا : " فزادوهم " أي إن الإنس زادوا الجن طغيانا بهذا التعوذ , حتى قالت الجن : سدنا الإنس والجن . وقال قتادة أيضا وأبو العالية والربيع وابن زيد : ازداد الإنس بهذا فرقا وخوفا من الجن .

وقال سعيد بن جبير : كفرا . ولا خفاء أن الاستعاذة بالجن دون الاستعاذة بالله كفر وشرك . وقيل : لا يطلق لفظ الرجال على الجن ; فالمعنى : وأنه كان رجال من الإنس يعوذون من شر الجن برجال من الإنس , وكان الرجل من الإنس يقول مثلا : أعوذ بحذيفة بن بدر من جن هذا الوادي . قال القشيري : وفي هذا تحكم إذ لا يبعد إطلاق لفظ الرجال على الجن .

__________________
[
رد مع اقتباس