بغداد مدينة علمتنا ان نحلم
كلهم تطاولوا على بغداد حتى اولادها وابناء جلدتها لم تسلم من غدرهم امنا بغداد. بغداد مثل كل مدن الدنيا تبحث عن حقوقها التاريخية والاخلاقية وحتى الانثوية !!! واعتقد ان التطاول على بغداد غير مقبول وكان دائما غير مهذب ، هذه المدينة كانت نموذجا للعمران الثقافي للطيبة للالفة لسلام اهلها ومحبيها ، وكانت تختصر الدنيا ،وتؤومها الرؤوس الباحثة عن المعرفة والحكمة والعلم .. ولكن بالمقابل كانت بغداد من اكثر مدن الدنيا عرضة للخراب السياسي والعسكري ،عبرها الغزاة من كل لون لاكثر من اربع عشرة مرة !! لم يتركوا نهرها لجريانه ونساءها لمرآياهن ! ومكتباتها لفيض المعرفة !! كل الغزاة يتشابهون !! لكن المدن تختلف ،وتجعل من اختلافها علامة على حيويتها ،، واحس ان بغداد من اكثر مدن الدنيا اختلافا ... رغم تاريخ هذه القسوة الذي وطأ المدينة ، ورغم كل ما فعلته السنابك والدبابات .. فانها ظلت تملك اسرارها في الحلم وصناعة القوة العميقة ،والفكرة الطالعة ، مبدعوها كانوا يصنعون عالما استثنائيا للحياة ، غير معنيين بالفقر الاجتماعي ، وتكوم الطبقات على حافة النهر !!! لكن ما فعله بها السياسيون والعسكريون وانصاف المحاربين والمثقفين يعادل مافعل بها المغول والامريكان !! لانهم حولولها الى مدينة للمؤامرات والخيانات والاخطاء !! تناهبوا زواياها كالتكايا !! اغتصبوا انوثتها ، وسوادها ، وتركوها دائما لاحتمال الغزو !! عسكروا وعيها ومكاتيبها، طردوا (الرشيد والمأمون) من بيوتها واسكنوا مكانهم غليظي القول والسلوك ! وتركوا الزهاوي لاوهامه والرصافي لفقره ،والكاظمي لغربته ، انها بحق مدينة ضاجة بالاحلام الباهضة ،ومن يعش ايام شارع الرشيد ،ومقاهي البرازيلية والبرلمان وحسن عجمي والشابندر وشارع المتنبي وليالي شارع ابي نواس وشارع النهر وشيوخ نادي العلوية يدرك جيدا ان هذه المدينة كانت تصنع لها ذاكرة وحياة عميقة لاشأن لها بكل تاريخ الانقلابات التي تعد بغداد واحدة من اعظم مدن الدنيا عرضة للانقلابات العسكرية والحزبية !! اعتقد ان مدينة بهذه المواصفات وهذا العمق تستحق ان ندافع عنها جميعا ،لاان نكون اولادا عاقين ،نضحك بسخف وببلاهة على جروحها واحزانها واحتلالها ، ما ينبغي لنا ان الان وبعد فشل السياسين والعسكريين في الدفاع عن بغداد وحماية ذاكرتها ،ان يقف المثقفون العراقيون وحتى العرب الذين شربوا من ماء دجلة ووقفوا بين يديها ذات قصيدة !! ان يهبوا للدفاع عنها لانها مدينة كونية ومدينة قومية ومدينة معرفية ومدينة جمالية ومدينة مائية ومدينة شعرية ،نعم المطلوب الدفاع عنها من الاحتلالات المعقدة ،الاحتلال الامريكي ،الاحتلال السياسي ،والاحتلال الميليشياوي والحزبي .. ليس لكي نجعلها عاصمة للثقافة وهذا حق لها ، ولكن حماية لذاكرتنا البيضاء،وحماية لذكريتنا وشغبنا وطفولتنا واعمارنا التي تهرب دون جدوى في المنافي ومجارير الخوف .. ارجو ان يتوقف اصحاب السخرية واصحاب البدع عن سخريتهم تلك !! وان يعودوا الى مراياهم ، ليروا انفسهم جيدا ، وليتذكروا تبغددهم القديم !!!!لان بغداد ليست مدينة امريكية او مدينة خارج الزمن ، انها مدينة عربية واسلامية وشعرية ايضا !!! مدينة علمتنا ان نحلم ،وان نركض الى جنون القصائد ،ونشتري بكل جيوبا كتابا يحرضنا على التوهج .. لا يا اهلها لايااولادها لا يااحبتها !!! وانتما اعرف ببغداد التي طالما اشعلت في قلوبكم الفوانيس ...حاولوا ان تدافعوا عن بغداد ،ان تحرضوا الجميع للدفاع عن هذه المدينة التي تركها الجميع للغزاة والعابثين ....ايها الاصدقاء والمحبون والعاشقون والبكاؤون لاتتركوا بغداد لاحزانها الطويلة .. منقـــــــــول