عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-09-2009, 09:41 PM
 
صراع هيئات أم صراع حضارات

بسم الله الرحمن الرحيم





المختصر / هيئة حقوق الإنسان مؤسسة رقابية تعنى بالمحافظة على قيام المبادئ الليبرالية في العالم ، ومتابعة أو معاقبة من يخل بهذه المبادئ أو ينتهكها .

والتعبير عن المبادئ الليبرالية بحقوق الإنسان ، ليس فقط لأن هذه المبادئ تقدس الإنسان وتعطيه حق الألوهية المطلقة في الأرض . بل كذلك لأنها ثورة وتمرد مطلق على حق الله تعالى في التشريع ، وفي توجيه الحياة الإنسانية من خلال الأديان والشرائع السماوية في جميع شئون الحياة الإنسانية ؛ السياسية منها ، والاقتصادية ، والاجتماعية .

وقد كانت ( هيئة حقوق الإنسان ) قاصرة على البلدان التي تدين بالليبرالية ، لأنها جزء من المنظومة التشريعية الليبرالية ، فهي الجزء الرقابي في هذه المنظومة التي أعطت ( الإنسان الفرد) حق التمرد المطلق على الدين والأخلاق ؛ باسم ( الحرية ) . بينما فرضت عليه العبودية الكاملة للدستور الليبرالي ، والقوانين المتفرعة عنه .

فلما قرر الغرب بزعامة أمريكا فرض مبادئهم الليبرالية على العالم باسم ( العولمة ) . بدأت الدول الغربية بما أوتيت من قدرات مادية بالضغط على بلدان العالم وخاصة ما يسمى بالعالم الثالث ، في تحويل نظمه السياسية إلى النظام ( الديمقراطي ) ، والاقتصادية إلى ( الرأسمالية ) أو ما يسمى بالسوق الحرة ، والاجتماعية إلى ما يسمى ب ( الحرية الفردية ) أي حق الانفلات والتمرد الكامل على الأخلاق والقيم الدينية . ولحماية هذه النظم الليبرالية نقلت ( هيئة حقوق الإنسان ) من المستوى الإقليمي الغربي إلى المستوى الأممي ، فأصبحت إحدى هيئات الأمم المتحدة ، التي يقوم الغرب بتركيع الدول الأخرى بوسائله المتعددة في الضغط للمصادقة عليها والتوقيع على المعاهدات الملزمة بها .

بل أصبحت عصا الغرب الليبرالي التي يشهرها في وجه كل من تسول له نفسه عدم الانصياع للمدّ الليبرالي المسمى ب ( العولمة ) . فهي ( هيئة الإلزام بالمبادئ الليبرالية ) ، أو على الأقل الإخضاع لها .

وتصطدم هذه الهيئة الليبرالية العالمية ، في بلد يدين بالإسلام ويحكّم الشريعة الإسلامية كالمملكة العربية السعودية بهيئتين إسلاميتين يقوم عليهما النظام الإسلامي ، ويدين المسلمون لهما بالولاء والاحترام ، هما : ( الهيئة القضائية ) ، الممثلة في القضاء الشرعي الإسلامي ، الذي يحكم بما أنزل الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، من إقامة الحدود ، وتطبيق الأحكام الشرعية الإسلامية في العبادات والمعاملات والأخلاق .

و ( هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )، وهي الهيئة الرقابية التي تعنى بالمحافظة على القيم والأخلاق الإسلامية ؛ أي أنها في مقابل ما يسمى ب ( هيئة حقوق الإنسان ) بالنسبة للنظم الليبرالية .. ففي حين أن مهمة الهيئة الليبرالية المحافظة على ( حقوق الإنسان التي شرعها لنفسه ) ، فإن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في البلد الإسلامي مهمتها المحافظة على ( حقوق الله التي شرعها لعباده ) من وجوب طاعته ، والالتزام بشرعه ، والتخلق بأخلاق الإسلام وآدابه .

إن قيام هاتين الهيئتين ( القضائية الشرعية ) و(هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) في بلد إسلامي ، يعني سد الطريق على التسلل الليبرالي ، أو قل إعلان الرفض للهيمنة الليبرالية على هذا البلد . ومن هنا يتبين لماذا يعلو صراخ ( هيئة حقوق الإنسان ) ، ويزداد عويلها ونحيبها على المبادئ الليبرالية المهدرة ، كما تزداد شكواها من صلابة التشريع الإسلامي ، وصرامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، في منع المبادئ الليبرالية من التغلغل في المجتمع المسلم ، وترقيقه حتى يصل إلى درجة الذوبان في المنظومة الليبرالية الغربية .

ومن هنا أيضاً يتضح الدور الذي يمارسه الطابور الخامس للغزو الغربي الليبرالي في بلادنا ، ممثلاً في شراذم من الإعلاميين الصحفيين ، وعصابات القنوات الفضائحية ، وبعض المتنفذين من مخرجات الجامعات الغربية ، وصنائع سفاراتها في البلدان الإسلامية .

إنهم وبكل شراسة يهاجمون ( الهيئة القضائية الشرعية ) و (هيئة الأمر المعروف والنهي عن المنكر ) لا لإصلاحهما ، بل لتحطيمهما ، وإزاحتهما من طريق الطوفان الليبرالي الذي اجتاح العديد من البلدان ، ولا زال يتعثر ، وتتكسر أمواجه على صخرتي القضاء الشرعي ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بلادنا منبع الإسلام . ومهد الرسالة المحمدية العظيمة .

ولسنا نغفل الطريق الثالث للتسلل الليبرالي إلى مجتمعنا المسلم ، وهو الدعوة إلى ما يسمى بتحرير المرأة ، وإخراجها للاختلاط بالرجال ، في أماكن العمل أولاً ، ثم في الاحتفالات والمناسبات ، ثم في الملاعب والملاهي والحانات .

هذا الطريق الثالث تقف على بوابته الرئيسية كما نعلم ( هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) لتمنع دخول التغريب ، والتذويب الليبرالي من جهته ، ولهذا فإن الطابور الخامس المتنفذ والإعلامي لا شغل لهم ، ولا هم ، ولا مناكفة إلا مع ( هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، تلك الشوكة الحادة في حلوق الليبراليين ، والند المنافس لهيئة المبادئ الليبرالية المسماة ( بهيئة حقوق الإنسان ) .

فإذا أدركنا هذه الحقائق فإننا سنعي كثيراً مما يدور حولنا ، من الصراخ والعويل ، والنقد والتجريح . والتباكي على حقوق الإنسان ، والدعوة لتحرير المرأة ، وعمل المرأة ، ولباس المرأة ، ورياضة المرأة .. وما إلى ذلك من دعاوى الهدم والتخريب والتضليل .

كما ندرك السبب الحقيقي وراء مهاجمة ( القضاء الشرعي ) و ( هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) بمثل هذه الشراسة والتشنج غير المبرر ، وغير المفهوم لدى كثير من الناس .. وندرك كذلك أن بين أظهرنا كتيبة ليبرالية مدربة على الكلام والجدل ، والدعاوى الكاذبة والخصام ، والتظاهر بالدعوة إلى التحرر والتقدم والانفتاح .. وهي في الحقيقة الخنجر المسموم الذي صوبه أعداؤنا إلى مجتمعنا العظيم الذي يحمل راية الإسلام ، ويتصدر الأمة الإسلامية المجيدة.

إن تلك الحفنة الليبرالية وإن كانت تستند في دعاواها وخصوماتها إلى بعض المخالفات التي هي من طبيعة البشر في أي مجتمع من المجتمعات ، بل إن مجتمعنا قطعاً أقل المجتمعات الإنسانية اليوم في مشكلاته الاجتماعية وغيرها ، بسبب التزامه بشرع الله وأخلاق الإسلام، إلا أن النظريات المستوردة ، والمبادئ المنحرفة ، في الحقيقة ليست حلاً وإصلاحاً ، بل هي الخرق في السفينة ، وإغراقها في المد العلماني الليبرالي ، الذي يدين بالحرية الشيطانية ، ويتمرد على العبودية الربانية .. وهنا يمكن أن نقول: إن خصومة هؤلاء هي في الحقيقة مع الله ، قبل أن تكون مع المتدينين من عباده .

ومع كل هذه المكائد فإن الثقة في الله تعالى ، ثم في أبناء هذا المجتمع المبارك الذي يحمل رسالة الإسلام ، ويحمي مقدساته وشعائره الكبرى من علماء وعامة ، أن يجهضوا هذه الحملة الشنعاء على بلاد الحرمين ، ويظلوا الأمناء على دينه وأخلاقه ومقدساته ./ محمد آل عثمان

المصدر: شبكة ألقلم الفكرية
رد مع اقتباس