عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 03-31-2009, 10:12 PM
 
رد: حقيقة عالم التوبة المستقر الثاني (الأجزاء 1-4)

التوبة



إن النظرة الدينية لموضوع خلق الإنسان هنا في عالم الدنيا وبأشكال مختلفة وظروف متباينة هي نقطة الخلاف بين جميع الديانات من حيث تعريف عدل الله, بل وأن تلك الظروف المتباينة لهي السبب الأول لخروج العديد من الناس عن الإيمان بفكرة الدين إلى الإلحاد والعلمانية, أو الإيمان بفكرة الخلاص والشفاعة, وأنه لو تخيلنا أن هناك ذرية للإنسان في عالم ما بعد هذه الحياة, في الجنة أو في الجحيم, فما ذنب الأطفال الذين سيولدون في ذلك العالم الجديد, ولماذا لم يكن لنا هذا الحق في الولادة في عالم الجنة, بدلاً من البدء من هذه النقطة الحرجة التي هي هنا في هذا العالم, ويقول البعض أن من يموت وهو طفل سيصبح في الجنة ومن غير حساب, فهل قتل الأطفال عمداً أو في الحروب والكوارث الطبيعية هي رحمة وخلاص لهم, أم أنها جريمة يعاقب عليها القانون؟


لنبدأ من نقطة خلق الله للبشر الذي كان (يسفك الدماء ويفسد فيها ) ... إلى أن اصطفى الله (آدم) الإنسان (وخلقه خلقاً آخر ).
(تك-2-7: وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ تُرَاباً مِنَ الأَرْضِ وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْساً حَيَّةً) تكوين الإصحاح الثاني جملة رقم 7 ترجمة فانديك




إن العلم الحديث اليوم قد أقر بأن “الإنسان” قد تطور من “إنسان بدائي” :
حيث جاء في كتاب ا"لبيئة الجغرافية لعصور ما قبل التاريخ" التالي :


أثارت الأكتشافات الأولى للهياكل العظمية والأدوات الحجرية التي حصلت منذ القرن الثامن عشر, الفضول لدى الكثيرين من العلماء، وأصطدم النقاش حول تقويمها (أي معرفة أعمارها) ومدى علاقاتها بالإنسان, فبعضهم قال :إن الجماجم المتحجرة تعود لحيوانات منقرضة, وإن الأدوات الحجرية التي رافقتها ما هي الا من صنع الصواعق والعوامل الطبيعية الأخرى, وأعتبرها أخرون شواهد على وجود أنسان ما قبل التاريخ, ولكن مع تدخل البحث العلمي الجاد والمتطور في القرن العشرين وبداية إطلالتنا الى القرن الحادي والعشرين أي بعد الوصول إلى مخابر تحليل الحموض الأمينية (الإطار الكرونولوجي العام والرئيسي) الذي يسمح للمؤرخين أن يعيدوا تأليف العناصر الهائلة للمعطيات المتعلقة بأصولنا.



الإنسان القديم





وأكد رواد العلم اليوم ما وصل إليه رواد العلم الأوائل بأمور كثيرة, وصححوا لهم زلاتهم وسهواتهم التي تشابهت عليهم حينها وخرجوا بالنتائج التالية :
1.أن عمر الانسان أقدم بكثير من الألف الخامس قبل الميلاد, وهي الإعتبارات المستنتجة من التوراة, التي اهتمت بكتابة أعمار الأنبياء المتدرجة من سلالة أدم, والتي حصرت عمر الإنسان بسبعة آلاف سنة، وأن هناك أدلة كثيرة تدعم بطلان الفكر الديني التوراتي, بعد العثور على أسلحة الإنسان الأول القديم وهياكله العظمية الأولى في طبقات جيولوجية ترجع إلى أقدم بكثير مما قالته تلك الكتب الدينة الخرافية، ورافق تلك الإكتشافات العثور على عظام حيوانات تعود إلى مئات الألوف من السنين والتي تنقض فكرة تكون الكون في ستة أيام.



جمجمة تعود إلى أكثر من 200,000 سنة


2.أن الأنسان الاول قد ظهر منذ أكثر من مليوني سنة ، ولكنه لم يخترع الكتابة الحرفية الرمزية فعلاً إلا في الألف الرابع قبل الميلاد وأنه في أماكن أخرى ظهرت بعض الرسومات التي تعود إلى أكثر من خمسين ألف سنة.

رسم يعود إلى 50000 سنة


الأقسام التي عاش فيها الانسانما قبل التاريخ : أي البشر.
القسم الأول:
القسم الباليوليت: (من مليون إلى 250000 سنة خلت: الباليوليت القديم الأدنى)
فكان القسم الأطول من تاريخه المسمى بالعصر الحجري القديم متنقلاً خلف الصيد والالتقاط للثروات الحيونية والنباتية الطبيعية.
وهذا ما شرحناه في فصل التطور من هذا الكتاب (بالبشر) الذي خلقه الله قبل إصطفاء آدم.
القسم الثاني:
القسم الحجري الوسيط قسم الموزليت: (من 2500000 إلى 50000 قبل الميلاد.)
كان أكثر استقراراً وأكثر تنظيماً وفاعلية في الحصول على غذائه اليومي .
القسم الثالث:
القسم الحجري الحديث قسم النيوليت: (ترجع لمرحلة النيوليت من 50000 إلى 7500 سنة قبل الميلاد)
أقام هذا الأنسان (البشري) القرى الثابتة الأولى وعرف الزراعة وتدجين الحيوانات وحقق بذلك انعطافاً جذرياً، أقتصادياً وأجتماعياً واضعاً الاساس المباشر للحضارة البشرية الغنية.


يعود هذا التطور الفيزولوجي للجنس البشري والذي يعود جذوره إلى أكثر من مليون سنة والتي عاشت في الزمن الثالث إلى أنواع انسانية أنتقلت عبر الزمن الرابع من أشكال بدائية إلى أخرى أكثر تعقيداً وتطوراً فظهر التالي :
1-الهرموهابيل:
وهو الأنسانالأول ذوالصفات الفيزيولوجية والدهنية البسيطة .
2-الهومواكتوس:
3-النياندرتال الأخير:
هو الانسان العاقل سلفنا المباشر, صاحب القدرات المادية والفكرية, النياندرتال هو المرحلة الاولى, من القسم الأول والأطول من للرباعي "البليستوسن" تميزت هذه الفترة بدورها بحدوث تقلبات تتابعث فيها عصور جليدية باردة فصلتها عن بعضها عصور أخرى جافة.

فإذا قارنا هذه المعلومات مع ما أخذناه من الدينيين السلفيين حتى اليوم بأن الله :
(صنع الله تمثالاً من طين ونفخ فيه فأصبح آدم, ثم وضعه في حالة نوم فأخذ ضلعاً من أضلاعه وصنع له حواء, وأنها بهذه الإسطورة بدأت القصة)
( فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ سُبَاتاً عَلَى آدَمَ فَنَامَ فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلَأَ مَكَانَهَا لَحْماً.
تك-2-22: وَبَنَى الرَّبُّ الإِلَهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ.
تك-2-23: فَقَالَ آدَمُ: ((هَذِهِ الْآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هَذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ)).
تك-2-24: لِذَلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَداً وَاحِداً.
تك-2-25: وَكَانَا كِلاَهُمَا عُرْيَانَيْنِ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ وَهُمَا لاَ يَخْجَلاَنِ. ) تكوين 2 / 22-25
إن صدقنا هذا الكلام نكون كالطفل الذي قيل له قصة “سانتا كلوز”, “بابا نويل” وصدقها, وبعد أن كبر مازال يصدقها.


إذاً,...... من أين جاء الإدعاء بأن الله خلق البشر من سلالة من الأطوار .................. ثم اصطفى آدم ؟
(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) 71 / 14
(ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين) 23 / 12
ويجيب القرآن على ذلك السؤال مما سأعرضه من شواهد, وسأضعها أولاً كما أتت في تسلسل القرآن من أول الكتاب إلى آخره :
1. 1 / 30
2. 2 / 34
3. 15 / 28-29
4. 38 / 71-74
5. 61 / 17
6. 50 / 18
ولكن إذا حاولنا أن نُفَعِّلْ عامل الزمن (الترتيل) في هذه الآيات سنجد أنه يجب علينا أن نرتبها على الشكل التالي :


1. كان رقمها 3 وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌبَشَرًامِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ )15/28-29
نلاحظ أنه بعد تفعيل الزمن أن :
الله قد أعلم الملائكة بأنه سيخلق في المستقبل بشراً من صلصال من حمأ مسنون.



2. كان رقمها 1 وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌفِي الأَرْضِ خَلِيفَةًقَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )2\30
لاحظ أن الفعل الآن هو” جعل” وليس “خلق”.
وأنه سيجعل “خليفة” ولم يقل “إنسان” أو “بشر”.



3.كان رقمها 2 وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)2/34
الآن قد دعاه باسمه (اسم علم ... “آدم”). (علماً أن “آدم” تعني النواة أو الوحدة الصغرى للأشياء بأغلبية لغات العالم).


4.كان رقمها 5 وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا 17/61
هذه الآية تشرح موقع إبليس أنه من مجموعة الملائكة وأنه فسق عن أمر ربه.


5.كان رقمها 4 إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ38/71-74
هذه الآية تعلمنا بالأمر من أوله إلى آخره من لحظة الخلق إلى التسوية ونفخة الروح ,"الإصطفاء للخلافة" إلى إستكبار إبليس.


6.كان رقمها 6 وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا )18 / 50


هذه الآية تظهر سبب فسوق إبليس, وكونه من الجن, ويستغرب الله من الإنسان الذي يظلم نفسه باتخاذه إبليس بدلاً عن طاعة أمر الله وعدم الوقوع في العصيان, ويعرفنا الله تعالى ويحذرنا من ذريته, ويذكرنا بعدواة إبليس لنا.


نجد مما سبق أن الله قد أعلم الملائكة : بأنه سيخلق في المستقبل بشراً من صلصال من حمأ مسنون, وعندما أصبح “البشر” واقع موجود, قال للملائكة الخبر الثاني : أنه سيجعل منهم “الخليفة” من مجموعة “البشر” سيصطفي الله الخليفة, فقالوا له (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ). لم يكن جوابهم بهذا الوجه لأنهم يعلموا الغيب, بأن الإنسان سيصبح مستقبله هكذا (إفساد وسفك دماء) بل لأنهم راقبوا ذلك البشري من لحظة تطوره من لحظة خلقه من الحمأ المسنون إلى شكله البشري النهائي, والذي استغرق مليوني سنة بالنسبة لنا نحن البشر وقبل إنتقالنا إلى حالة الإنسان (آدم).
آدم الذي إصطفاه الله من البشر أي “خلقه خلقاً آخر” بقوله :
(ان اللهاصطفى ادم ونوحا وال ابراهيم وال عمران على العالمين ) 3/33
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَمِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًاثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ )23/12-14
والإصطفاء كما عَرَّفْنَاه هو إنتقاء(واحد من مجموعة) أو (مجموعة من مجموعات).
و “الخلق الآخر” هي عملية تعديل وتسوية للمخلوق الأول : ( فاذا سويته ونفخت فيه) 38/73
والتسوية هي تعديل وتحسين أي (أحسن تقويم).
ثم سجدت الملائكة كلها إلا إبليس.
ولكن لاحظ هنا أن كل هذه الأحداث مازالت قبل طرد الله للإنسان من الجنة.
تعالوا نحاول تحليل الحوارالتالي بين الله وابليس :


(قَالَيَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ *قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ *قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَإِلَى يَوْمِ الدِّينِ * قَالَرَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ *قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَوْمِالْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَرَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَهَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) 15/30-41




لننظر إلى ترابط التسلسل الزمني للآيات العشرة السابقة :
ماذا حدث بعد أن رفض إبليس السجود ؟
قال له الله : (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ)
فماذا قال الشيطان ؟ ( قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)
أي أن :
1.البعث هي نقطة معلومة موجودة في مصطلحات علم الله لخلقه في ذلك الوقت في الجنة (المستقر الأول)الذي سكن فيه آدم قبل ان يأكل من الشجرة. (خطيئة آدم التي طرد بسببها من الجنة).
2. أن إبليس سيبقى في ذات المكان (المستقر الأول) مكان وجود الإنسان الأولآدم وزوجه قبل الإقتراب من الشجرة وقبل أن يأكل من الشجرة. (لأن فكرة "الزمان والمكان" هنا بالذات جداً حساسة في معرفة حيثيات الحقيقة المبهمة).
3. أن الله قد قبل بعرض إبليس (العرض الغريب) .... لقد أجل عمليه طرده إلى "يوم البعث".
4. لقد طلب إبليس تخفيف العقوبة وتأجيل طرده من يوم الدين إلى يوم البعث ! (لاحظ أنه هناك فرقاً بين اليومين, ولاحظ أن ثمن فسوقه أنه سيقدم لله خدمة مجانية لإمتحان الإنسان بما أعطاه الله من قدرة على (الإغواء) " (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِيلأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْأَجْمَعِينَ ).
هل رضى الله بقاء إبليس في ذلك المستقر(الأول)؟ (قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) أي أن يوم البعث هو يوم معلوم بالنسبة لله وإبليس, وأن الإنتظار هو إلى ذلك اليوم فقط.

ثم قال الله مخاطباً آدم وزوجه :
( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ )2/35
وكما شاهدنا فإن آدم وزوجه قد سكنا الجنة (المستقر الأول) والزوجيةهي من أجل الإستخلاف والذرية وإلا لخلق الله آدم فقط ولا داعي للزوج في المستقر الأول, ولظهر ذكر الزوج بعد الطرد فقط.
فماذا فعل إبليس وهل نفذ وعده ؟
( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَافَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ )2/36
ما الذي تغير ؟ :
1. إبليس أصبح اسمه (شيطان) لأنه لم ينفذ أمر الله بالسجود "فسق عن أمر ربه".
2. أكل آدم وزوجه من الشجرة. (أي أنهما قد وقعا في معصية الله).
3. طرد آدم من المكان الذي كان فيه ينعم بخيرات الله. (الخروج من المستقر الأول)
4. هبط هو وزوجه وقرينه الشيطان وأصبحوا أعداء إلى أرض ثانية لها مستقر ومتاع إلى حين.(الذهاب إلى المستقر الثاني)
5. الأرض الثانية أي المستقر الثاني يشترك مع الجنة الأولى(المستقر الأول) بأن كل منهما له يوم بعث معلوم.
6. وسنرى كيف أن يوم بعث المستقر الأول يصب في المستقر الثاني.
7. ذهاب هناء المستقر الأول وظهور شقاء المستقر الثاني.


كيف غفر الله لآدم ؟ :
( تَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُالرَّحِيمُ )2/37


من هذه الشواهد نستطيع أن نربط موضوع خلق الله الإنسان الأول من جده البشري الإنسان الأول ( النياندرتال ).


(لقد خلق الله البشر, مع مجموعة الحيوانات فأثبت البشر تفوقه في الصيد لكنه أساء باستعماله لقوته القادرة على التطور بإختراع السلاح فأصبح يقع في الحروب التي أودت بشعوب وقبائل, بوقوعه بفخ الكبرياء والغرور والعظمة فأصبح (يسفك الدماء ويفسد فيها ) ... ولقد اصطفى الله الإنسان (وخلقه خلقاً آخر )).
طلب منه الحياة وبكل حرية وأسجد له كل ما في السموات من طرائق في الخلق, فأبى إبليس أن يسجد, فأمره الله بالخروج من الجنة لرفضه امر الله وفسوقه, لكن الشيطان الذي يعلم أنه لم يطع كلام الله وأمره, طلب من الإله أن يؤجل طرده من الجنة إلى يوم البعث, وهذا دليل على أن فكرة البعث موجود في مستقر عالم الجنة (الأول)وموجود في مستقر عالم الدنيا (الثاني) أيضاً.
قبل الله طلب الشيطان وقبل وجوده في الجنة إلى يوم البعث.
أتى الشيطان إلى الإنسان وغواه وقربه من الشجرة, ولما ذاق الإنسان الشجرة سقط عنه ريشه كله وأصبح كالطير الذي سقط عنه الريش فراح يغطي جسمه بأوراق الجنة.
(يا بني ادم قد انزلنا عليكم لباسا يواري سواتكموريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من ايات الله لعلهم يذكرون )7 / 26
(يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) 7 /28
(فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سواتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما الم انهكما عن تلكما الشجرةواقل لكما ان الشيطان لكما عدو مبين )7/22
لاحظ الله ذلك فسألهما (ألم أنهاكما عن تلكما الشجرة) فتأسف الإنسان وطلب المغفرة.
لكن الله طرد الإنسان والشيطان من الجنة (المستقر الأول) طرد الإنسان لأنه عصىكلام الله, وطرد الشيطان لأنه غوى الإنسان وأن يوم البعث قد حدث فعلاً, (لأن طرد آدم وزوجه من المستقر الأول هو موت, وهبوطه إلى المستقر الثاني هي ولادة وبعث جديد في المستقر الجديد),ولقد طرد الله الشيطان مع الإنسان لتثبيت عداوته للإنسان, وطلب من الإثنين أن يعيشا معاً حياةً جديدة على أرضٍ فيها تعب وشقاء وعري, فيها عداء وجوع وكراهية, ومع ذلك على الإنسان أن يحاول أن يصل إلى توبته, من دون أي تدخل من الله, عدا أنه وعده بأنه سيرسل له كلمات تذكره بمعصيته تلك, فإن تذكر وطلب المغفرة, عندها فقط سيغفر الله له.
(فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَفَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى ) 20 / 117-119


من تسلسل الحياة ومن البديهي أن آدم وزوجه قد عاشا فترة طويلة قبل أن يأكلوا من الشجرة, ويجب أن نمحي فكرة التمثال الطيني المنفوخ في إنفه نفخة الروح, كما يجب أن نمحي فكرة ظهور حواء فجأة بإستئصال ضلع من أضلاع آدم وهو نائم, وبعد ذلك جعل تلك الضلع تنمو بشكل سحري وخلال دقائق أصبحت فتاة تدعى حواء, ويجب أن نعود إلى وعينا الواقعي العلمي.
أعلمنا الله أن آدم هو الذي تم تعديله, أما حواء فهي الرحم الذي سيحمل بذرة آدم في الخلق الجديد, لهذا زوجهم الله أصلاً, وأن الشجرة ليست رمزاً للعملية الجنسية كما يعتقد بعض الناس, وحتى لو أنها كذلك فإن هذا دليل آخر على وجود نسل لأدم في (المستقر الأول), بل أن نسل وذرية آدم قد حدثت من قبل لحظة النهاية, لحظة عصيان آدم لأمر ربه, ومن ثم طرده, هو وزوجه وقرينه, لأن الطرد حدث بعد أن كان آدم يافعاً متعلماً لأسماء الأشياء منذ طفولته, التي رعاها الله فعلمه ودربه وأنشأه إنساناً آخر طيلة عمره, وأنه في ذات الحين طلب منه إختيار زوجة له, فزوَّجَهُ وطلب منه إطاعة أمره, وقد تمتع آدم بتلك الطاعة طيلة حياته الهنيئة, البعيدة عن الشقاء والجوع والعري والخوف والمرض والزعل والحزن والكرب,... وأخيراً إنتصر الشيطان عليه فغواه.
أما من هي زوجة آدم؟ إنها "الرحم" الأم البطن الذي حمل مستقبل سلالة الإنسانية.
حتى إنني أعتقد أن البشر لا يزالوا موجودين في الغابات والصحاري النائية, وبإستطاعة الله أن يطورهم أو أن يصطفي منهم من يشاء, ويمكن الزواج منهم وتعليمهم والنهوض بهم من مرقدهم إلى مقدمة العلم فإن البشر قادر على التطور والتحسين والتهجين.

مسرحية تقليدية يعرضها فرقة من شعب أستراليا كطقوس دينية موسمية, تعبدية.



لقطة حقيقية لشعوب الأمازون.



لقطة من فيلم, يحاول المخرج إظهار وحشية شعوب الأمازون ولكننا نرى شعوب الأمازون الحقيقيين في الصورة السابقة ولهذا اليوم.


قال الله تعالى:
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَالِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ )7/189
لقد اتت هذه اللآية في القرآن فأرجوا التفكر بها ولما جاء بها, والتي تتكلم عن بداية خلق الإنسان من نفس واحدة ثم تتكلم عن وظيفة الزوج في بث الذرية فلما حدث الحمل طلبوا من الله أن يجعل لهم في ذريتهم إبناً صالحاً ليشكروا الله على هذه النعمة, وبغض النظر عما فعلوه من إشراك فإننا هنا نحاول أن نستدل على التالي :
1- وظيفة التزاوج في المستقر الأول هي من أجل الذرية.
2- إثبات أن الذرية أتت قبل العصيان والإشراك والطرد إلى المستقر الثاني.


إن سلالة الإنسان في (المستقر الأول) مازالت تعيش فترة الإمتناع عن العصيان, ومازال نسل وذرية الشيطان هناك يحاول إغواء أبناء وذرية آدم ليطردهم منها, فكل من يذوقها يسقط ريشه فيطرد منها, ويبعث هنا في (المستقر الثاني) مع قرينه الجني متلازمين مطرودين معا.
ويؤكد كتاب التوراة عملية التوالد والنسل والذرية (في المستقر الأول) حتى قبل وقوع آدم في العصيان :
(تك-1-27: فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.
تك-1-28: وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: ((أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ وَأَخْضِعُوهَا وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ)).
(وَأَنْبَتَ الرَّبُّ الإِلَهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ لِلأَكْلِ وَشَجَرَةَ الْحَيَاةِ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ وَشَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. ) تكوين 2 - 9
(وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلاً: ((مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً
تك-2-17: وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ)). تكوين 2 17 /18
وإن الآية القرآنية التي خاطبت بني آدم وأمرتهم بعدم الوقوع بالعصيان الذي وقع فيه آدم, وعدم الأكل من الشجرة لهي دليل قرآني آخر على وجود ذلك النسل والذرية في (المستقر الأول) :
(يَا بَنِي آدَمَ لاَيَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) 7 /28


لقد سألني إستاذي ووالدي المفكر الإسلامي نيازي عز الدين السؤال التالي :
اقتباس:
ما المانع من ان الأرض واحدة وأن الطرد قد تم بالهبوط من مكان إلى مكان آخر ولكن ضمن الأرض ذاتها كقوله :
(قال اتستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خيراهبطوا مصرا فان لكم ما سالتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بانهم كانوا يكفرون بايات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) 2 / 61
إن نظرية : الكلمة الواحدة في القرآن تخص وتفرد حالتها الواحدة في المعنى ككلمة, وأخذنا مثال على ذلك كلمة (أنزلنا) التي تعني هبوط "من خارج الشيء إليه" واعتبرناها آية تتكلم عن عملية "إنزال" كإنزال الماء والكتاب والحديد, وهذا كله ينحصر في إنزال الشيء من خارج الشيء إليه.
أما الهبوط فإنه تحرك من مكان لآخر كما جاء في الآية أعلاه.
إذا لماذا تصر على أن الهبوط الذي أتى في الأية :
(قالاهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين )7/24
أي تحرك ضمن الشيء من دون أي نزول أو تبديل للأرض.
وأيضاً : (قيل يا نوحاهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى امم ممن معك وامم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب اليم ) 11/48
أي أن الهبوط من السفينة إلى اليابسة وكلها ضمن الأرض كما نرى.



الذي ينقض هذا الإدعاء هو نقطتين هامتين :


النقطة الأولى :
نظرية إدراج الكلمة في التخصيص الواحد في الدلالة, قد تنطبق على بعض الكلمات وليس جميعها كالكلمة التي تعني صفات الأشياء : كالطويل والقصير, والكبير والصغير, أو صفات الشعور كالهناء والشقاء, أو للنوع : الخير والشر, أو للحالة النفسية : حزن, فرح, خوف, محبة كره غضب.
وقد تدخل بعض الأفعال في زمرتها لكننا يجب أن لا ننسى أننا أستطعنا أن ننظر إلى الوعاء الذي يحتوي الكلمة,فرأينا أن الفعل ضرب قد أتى في أكثر من معنى :
ألقى : (فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا )2/60
وجاءت بمعنى أدلى بالشيء وفرضه نصيحة :
(ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون ) 14/24
كما جاءت بأكثر من ثمان معانٍ
الإلقاء, والتخلي, والستر, واللفظ , والإقرار, والتسديد , والفرض, والسعي.


كما نرى في النهاية فإنها تصب في وعاء الجزر البلاغي الحاوي لجميع تعبيرات الكلمة الفعلية الواحدة. ( ضرب ).
أما بالنسبة للكلمة الفعلية “هبط و نزل” فإني أيضاً أقرأ الآية التالية :
(الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناءوانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون ) 2/22
بأنها إنزالمن أعلى إلى أسفل,أي من خارج الشيء إليه, وأرى أن الآية التالية والتي أتت بالفعل هبط وتحدثت عن الهبوط للخير من السماء أي أنها تشترك في دلالتها على ذات المعادلة المشار إليها, لنقرأ الآية , قال تعالى:
( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد قسوة وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون ) 2/74
أنا لا أحاول نقض نظرية الدكتور الشحرور, بأن الكلمة الواحدة في القرآن تستخدم في حالة خاصة بها, ولكنني أرغب بالتحذير على أن الأفعال جميعها لاتندرج تحت تلك النظرية كما شاهدنا فالفعل يأتي بأكثر من معنى, وسأثبت لكم أيضاً أن هناك العديد من الأسماء التي ستحمل أكثر من دلالة حتى من الأسماء مثل : (السماء الماء الأرض الجبال الرجال النساء الأطفال) فالمعنى لا ينحصر للحالة الواحدة لجميع الأسماء والأفعال مستثنين فقط الصفات كما قلت لاحقاً.
وكما رأينا أن الله قد استخدم فعل الهبوط للدلالة على نزول الماء من السحب., أي من خارج الشيء إلى داخله.
بعد أن نظرنا في الأفعال التي تأتي بأكثر من معنى لننظر إلى الأسماء التي تأتي بأكثر من معنى أيضاً, قال تعالى :
(يوم تبدل الارضغير الارض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ) 14/48
لاحظ ان الله استخدم كلمة الأرض الأولى التي لونتها بالأحمر في هذا المثال ليس من أجل تحديد كوكب الأرض بل لمجموعة السموات والأرض أي أتت بمعنى الكل أي (أرضية الكون) المسرح كاملاً, أي أن المسرح سيتم تبديله بمسرح جديد.
ونجد أن الله قد استخدم الإسم (أرض) هنا أيضاً لتعريف مكان وجود الإنسان, وليس إسم علم لكوكب فريد أسمه “الأرض” :
(واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون) 2/30
وأنا أقول أن المسرح هنا في هذه الآية يدل على المستقر الأول, أما آية تبدل الأرض بغير الأرض, والتي أتت في آية تبدل المسرح بآخر جديد ودعتها بذات الإسم كما رأينا, واستخدمها الله لتعريف عالم الجنة التالي, ووصف لنا جماله المليء بالأشجار والغني بمياهه.
كما استخدم الله كلمة الجنة في تعريف أي مكان جميل وبغض النظر عن موقع المستقر الأول أو الثاني أو الثالث كقوله سبحانه :
(لقد كان لسبإ في مسكنهم اية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور )34/15
(ولمن خاف مقام ربهجنتان ) 55/46


لقد كان سؤال والدي السابق يحاول تخصيص الإسمفي كلمة الأرضلكوكب الأرض, الذي جعل به الخليفة آدم أساساً ومن بعده أتينا نحن جميعنا من سلالته.
فرأيت التالي :
إن كان المكان واحد أساساً أي أن المستقر الأول والثاني, فأين تكمن جنة آدم في الأرض بعد ان أصبحت اليوم قرية صغيرة وجميع أماكنها معروفة للجميع, أم أن وجودها هو أيضاً خرافة كخرافة مثلث برمودة.
وبما أن كلمةالأرض هي ذاتها التي استخدمت للتعبير عن المستقر الأول والثاني, ونراها أيضاً تطرقت إلى المستقر الثالث بعد عملية التبديل المستقبلية للبعث الجديد.


النقطة الثانية:
1.تبدل حالة الإنسان من الهناء إلى الشقاء.
2.تبدل لباس الإنسان من الريش إلى الجلود والأنسجة.
3.تبدل حالة إبليس إلى حالة شيطان.
4.لا تزر وازرة وزر أخرى, كما سنرى.

فإني أرى أن العاصون هم الذين يطردوا من المستقر الأول فيبعثوا في المستقر الثاني.


فالقصة ليست قصة آدم وحواء, فكلنا آدم وكلنا حواء وكلنا أكلنا من الشجرة وكلنا طردنا من ذلك (المستقرالأول) إما أن نعود إليها..... قف لحظة, نحن لن نعود إلى (المستقر الأول) بعد يوم الدين ولكننا سنذهب إلى جنة الخلد (المستقر الحسن الثالث) يقول الله :
, وقال أيضاً :
(قل اذلك خيرام جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا ) 25 / 15
وإما أن نذهب إلى جحيم مابعده جحيم (مستقر السوء):
جنة الخلد : (اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسن مقيلا ) 25/24
جهنم (انها ساءت مستقرا ومقاما ) 25/66
أي أن الذين ما زالوا في الجنة, (المستقر الأول) ولم يأكلوا من الشجرة, سيذهبوا إلى جنة الخلد بعد بعثهم, والفرق بين (المستقر الأول والثاني والثالث), أن المستقر الأول هو عالم الإبتعاد عن الشجرة (العصيان) والحياة الهنية والمستقر الثاني أي عالم التوبة, عالم الشقاء والتعب وطلب الغفران والمستقر الثالث هو عالم الفوز أو الخسارة الخالدة,والفرق بين عبارةالأبدية والخالدة, ان الخلود مرتبط بوجود المستقر وينتهي بإنتهاءه, أما الأبدية فهي عبارة غير قرآنية وجاءت فقط لتحدد فترة زمنية معينة كعبارة (أبد من الزمن) أي له بداية ونهاية قد يكون مربوط بمستقر كعبارة : (خالدين فيها أبداً ) أي ينتهي الخلود بإنتهاء الأبد المشار إليه, يقول الله :
(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ) 11/106-107
(وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ )11/108




وإن الذين هم في (المستقر الأول) ولم يقعوا في معصية الله ولم يصغوا لوساويس الشياطين, ما هو مصيرهم ؟
(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ) 7/22
فكل من يأكل من الشجرة يختفي أين يذهب لا أحد منهم يعلم (بأنه سيبعث هنا في المستقر الثاني) لأنه يوجد برزخا وحاجزاً بين المستقر الأول والثاني ولا يعرف أحد ماذا يوجد هنا كما لا يذكر أحد ماذا يوجد هناك, ويعلمنا الله أن فئةً من "الجن" من سكان(المستقر الأول) يحاولوا أن يسترقوا السمع لما يحدث هنا مع سكان المستقر الثاني :
(وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ * إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ ) 15 / 16 -18
فسمعوا بالقرآن وراحوا يقصون أخباره العجيبة للجن الذي يسكن هناك, فمنع الله ذلك الإستراق وأصبح يرصد تحركات الجن وينسفها بالشهب النارية.
(قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرانا عجبا ) 72 / 1


* هذا النفر من الجن هم من الجن الذين يسكنون هناك في (المستقر الأول) عالم الشجرة.
لأن الجن الذين طردوا إلى (المستقر الثاني) على علم بوجود القرآن تماماً أما مسترقي السمع من (المستقر الأول), هم الذين يتكلم الله عنهم في هذه الآية.
ملاحظة : أي أن الزمن واحد بين المستقرين, فهذه اللحظة موجودة ايضاً لسكان المستقر الأول.

تعالوا نلقي نظرة على المواثيق التي أبرمت معنا ومع الله قبل أن نأتي إلى هذا العالم لا نذكرها ولكنه يحاول أن يذكرنا بها من خلال القرآن.
(واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين ) 7 / 172
هذه الشهادة قد تمت قبل أن يبعث الإنسان هنا في عالم التوبة (المستقر الثاني).
(واذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم واخذنا منهم ميثاقا غليظا )33 / 7
من آية الشهادة و الميثاق الغليط يتبين لنا أننا كنا من المطرودين الشاهدين على الله قبل مجيئنا إلى هذا العالم, ويتبين لنا أن الأنبياء قد كانوا من من الأخيار المنتقين لأجل إيصال الكلمات لنا حتى نؤمن بها فيتوب علينا الله تماماً كما فعل مع آدم أي أن الأنبياء الأخيار هم ليسوا من عصاة المستقر الأول بل هم من الأخيار أي المختارين لعملية إيصال الرسائل لنا :
ذكر الله 25 نبي في هذه السورة ونهاها بهذه الآية :
(وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِوَكُلٌّ مِّنْ الأَخْيَارِ ) 48/38
(فتلقى ادم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم ) 2 / 37




النشور



إن الإنسان الذي يعيش هنا في أرض التوبة (المستقر الثاني) ثم يسقط في الموت قبل أن ينهي إمتحانه يعود فيخلق من جديد بجسد جديد كالأطفال والمعاقين ومسلوبي الحرية, تعاد تجربتهم مرة أخرى وفي ثوب جديد, حتى تكتمل حياتهم بشكلها الكامل لينهوا فترة التوبة, ولكن تضاف حياتهم السابقة وإن كانت قصيرة لحياتهم الجديدة مع كل سلبياتها وإيجابياتها بعدالة إلهية رائعة (بالقسط) ولقد دعاها الله بالنشور.
(من اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر اخرىوما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) 17 / 15
إن قضية النشور يا أعزائي هي قضية حساسة جداً لا أستطيع طرحها على إسلوب البيان, وإن رغبت بطرحها فإني أطرحها بإسلوب الرأي الشخصي البحت الذي لا ألزمه أحد, أؤمن أنا به وأدعوه لنفسي ولا أفرضه على أحد, مثله مثل موضوع الصلاة, والتي هي علاقة الإنسان الفرد بربه.
إنطلاقاً من نظرية الدكتور محمد شحرور القائلة أن الله تعالى في كتابه القرآن, دقيق العبارات ولا يستخدم كلمتان مختلفتان في ذات الدلالة أبداً, ولقد رأينا أننا نستطيع أن نستثني من هذه القاعدة بعض الأفعال والأسماء أما الصفات والمصادر, فإن كل كلمة منها فعلاً تخصص الدلالة لكل كلمة كما جاء في نظريته, وأن النظر إلى الوعاء الحاوي للكلمة يأتي بسياق الجملة.
وإذا حاولنا النظر في الآيات التي تتكلم عن النشور في مثالنا التالي نجد التالي :
قال الله تعالى في كتابه العزيز(ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ )80/21-22
إن قضية النشر عائدة لله تعالى وهي حالة لا تأتي إلا لسبب معين وأهم هذه الأسباب هي:
1.الفترة الزمنية التي تعيشها النفس في الجسد, في المستقر الثاني.
2. علاقة النفس بالمحيط, وعلاقة المحيط بها.
3. كون النفس حرة أم مقيدة.
4. إضطراب الجسد مما يؤثر على النفس.
5. إضراب العقل مما يؤثر على القرار.
6. وصول البلاغ للنفس أثناء حياتها في عالم التوبة.
هذا يعني أنها حق عليها العذاب أو العكس فيقول الله تعالى في هذا الصدد :
(فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة انهم اتخذوا الشياطين اولياء من دون الله ويحسبون انهم مهتدون ) 7 – 30
فمن هم الذين حق عليهم الضلالة, هل هم الأطفال الذين قتلوا أو ماتوا وهم ضعفاء وقبل سن الرشد ؟ أم هم الضعفاء الذين لا يملكون قرارهم, أم هم مريضوا العقل والجسد, أم هم ممن لم يسمع بكلام الله بعد ولم تأتيه الرسالة بعد ولم يسمع بها ابداً ؟
(واذا اردنا ان نهلك قرية امَّرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا )17/16





فماذا عنالأطفال الذين يسكنون هذه القرية ما مصيرهم ؟ ولماذا حق عليهم الدمار بذنوب أبائهم ؟
(وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم ان الله يفعل ما يشاء )22/18
(ووصينا الانسان بوالديه احسانا حملته امه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى اذا بلغ اشده وبلغ اربعين سنة قال رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه واصلح لي في ذريتي اني تبت اليك واني من المسلمين )46/15


إن الله لم ينسى ان يذكر الأطفال بإحترامه للآباء, فلماذا يعذب الله الأطفال بأخطاء الأباء إذا ؟


من الآية السابقة نجد أن الله يخصص للإنسان فترة نموه الفكري 40سنة كما يعتقد البعض, ولكن ماذا عن الأطفال الذين يموتون كل يوم من كوارث اللإنسان من قتل وتدمير وحروب ومن الكوارث الطبيعية التي يوقعها الله بالبشر من زلازل وإعصارات, فماذا عن الأطفال الذين لم يبلغوا سن الرشد هذا ... ؟ أم أن الجميع سيمرون تحت ذات المظلة ؟؟؟








إن الله تعالى في القرآن الكريم لم يذكر أبداً أنه عادل, علماً أن السلف قد قالوا أن واحداً من أسماء الله الحسنى بأنه عادل, فأين العدل في كل هذا ؟
الإنسان الملون الأسود والأصفر والأحمر والأسمر والأبيض وإختلاف الألوان هل هذا عدل عندما يبدأ الإنسان بظلم نفسه من اجل لون بشرته :
(ومن الناس والدواب والانعام مختلف الوانه كذلك انما يخشى الله من عباده العلماء ان الله عزيز غفور )35-28
(يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير )49/13
حتى أن الإنثى والذكر ليسوا متساويين وفي بعض البلدان يعاملون الأنثى معاملة البهائم ومعاملة الدون فأين العدل في هذا ؟
وقالت إمرأة عمران في خطابها التالي :
(فلما وضعتها قالت رب اني وضعتها انثى والله اعلم بما وضعت وليس الذكر كالانثى واني سميتها مريم واني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) 3/63
ناهيك أن هناك الأعرج والأكتع والأعمى فهل يستوي الأعمى مع البصير والله يعلم أنهم لا يستوون؟
(قل هل يستوي الاعمى والبصير افلا تتفكرون )6/50


وهناك الأبله والذكي والمعتوه والعبقري والمسكين فهل هناك عدل في هذا ؟


وهناك الأبن اليتيم, والإبن المحروم من العطف والإبن الذي يولد وفي فمه معلقة من ذهب وهناك الفقير, وهناك من يولد وهو مريض بمرض خبيث وهناك من هو إبن زنى فما ذنبه هو إن أخطأت أمه وأبيه وهناك من يولد في أثناء المجاعات الكبرى.



الجوع

مرض التوحد



الأعمى


أين العدل والله لم يقل ولو مرة واحدة في القرآن أن الله عادل فمن أين قيل عن الله انه عادل وما هو مصدرهم ؟
قال الله تعالى :
(ان الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه اجرا عظيما )4/40
وقال أنه يعامل بالقسط :
(شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم )3/18
إن الله لا يظلم أحد إختار هذا الإنسان مصيره ولم يظلمه الله ولكنه هو الذي ظلم نفسه فحق عليه العذاب, ولكي نفهم كيف ظلم الإنسان نفسه قبل أن يولد يجب على كل إنسان ان يتذكر عصيانه في (المستقر الأول) وسبب طرده من هناك فإن تذكر فهم , وبسبب جهله وعدم طاعته وعصيانه قد تم طرده من مستقر الهناء إلى مستقر الشقاء.
(فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون )9/70
(ولو ان لكل نفس ظلمت ما في الارض لافتدت به واسروا الندامة لما راوا العذابوقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون )10/54
فكيف يقضى بين الناس (بالقسط) والعذاب يأتي على الجميع الصغير والكبير ؟
يجب علينا أن نتذكر قوله تعالى :
(وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين)2 / 35
وربط ظلم الإنسان لنفسه بمصيره هنا في عالم التوبة هنا في(المستقر الثاني), وربطه أيضاً بقوله (وقضي بينهمبالقسط وهم لا يظلمون ).
والكافرون بما أنهم لا يروا عدل الله فيزيدهم هذا كفراً فيكفروا بالنشور أي بعودة من لم تكتمل عليهم وتحق عليهم كلمته فإنهم يؤمنون بأن هي حياة واحدة وان كل من يموت لا يعود فيحيى حياة جديدة, ونشر جديد فيقولون :
(ان هي الا موتتنا الاولى وما نحن بمنشرين )44/35
هل هذا يعني أن هناك موت ثاني وربما أكثر !
وبعضهم يتخذ بعض الألهة التي تؤمن بالنشور ولكنهم لا يؤمنون بالله تعالى خالقهم الأول:
(ام اتخذوا الهة من الارض هم ينشرون ) 21/21
قد نفهم هذه الآية بأكثر من معنى :
1. الألهة التي يتخذها الإنسان (من الأرض... من الخلق... مما خلق الله...) وهذه الألهة هي التي تنشر الناس أي تعيد خلقهم من جديد, يؤمن بهذه الديانة المصريون القدماء و بعضاً من البوذيين والدروز.
2. أي أن الآلهة ذاتها التي يتخذها الإنسان والتي تموت (الطاغوت) فتعود فتخلق من جديد في جسد جديدة فيتخذوها الهة ويبحثوا عنها ليعرفوا من هي, ويؤمن بهذه المعتقدات الكثير من الأديان الهندية والصينة القريبة من البوذية ومن الأديان العربية هي الديانة العلوية التي تؤمن (بسليمان الراشد الإله) الذي يموت جسده ليعود فيخلق من جديد في جسد آخر.
ولنفهم معنى كلمة النشور نجد أن الله تعالى يمثلها لنا بإعادة إحياء الأرض الميتة من جديد بإرسال ماء الغيث عليها:
(وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد ) 42/28
(والذي نزل من السماء ماء بقدر فانشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون )43/11
ويذكرنا الله تعالى ويشبه هذه العملية بخروجنا نحن البشر :
(واتخذوا من دونه الهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا )25/3


إن الأديان جميعها تؤمن باليوم الآخر وتؤمن بالحساب ولكن أين العدل في الحساب إذا كان الإنسان تختلف طبيعية حياته من واحد إلى آخر فهناك من يولد عربي مسلم من أب وأم ينفقان عليه بكل إستطاعتهم ليعلموه كل ما لديهم من أخلاق ودين وأعراف, وهناك ملايين من البشر من الذين لا يتكلمون العربية, وملايين منهم أيضاً من الذين حرموا من الأب أو الأم أو كليهما, ومنهم أيضاً من وُلِدَ من أب أو أم مجرمين كفرة فسقة, أو أنه يتيم الأب و الأم, أو أن ظروف حياته كلها وكأنها الجحيم, كأطفال الإنتفاضة أو الإحتلال أو العبودية, فأين العدل في هذا ؟
كيف يفسر الله لنا أنه يعامل الناس (بالقسط) والتي فسرت بمعنىالعدل ؟
كيف يفسر الله لنا أنه لا يظلم مثقال ذرة ونحن نعلم أن كل إنسان له ظروفاً مغايرة ومختلفة عن الآخر في الجمال أو المال أوإنسان قبيح مشوه بليد ولد هكذا فكانت حياته جحيماً ولم يفلح فيسقط في قاع المجتمع, أومخلوق جميل راح ضحية الإعتداء فقتل واغتصب ونهب فكان جماله نقمة فأين العدل ؟



طفل في السادسة أغتصب وقتل.



طفلة في الرابعة عشر حامل بإبن الخطيئة.



مظاهرات لحماية حق الإجهاض وقتل الجنين.


حتى لو تخيلنا أسرة رائعة تتألف من أب وأم وأبناء كلهم يعملون فينفقون أموالهم في الخير لهم وللجميع, فوقعوا في مصيبة المرض الخبيث أو اتى عليهم الزلزال فأخذهم جميعاً وترك أصغرهم يتيماً ذهب ليعيش في الملجأ.


(ومن الناس والدواب والانعام مختلف الوانه كذلك انما يخشى الله من عباده العلماء ان الله عزيز غفور )35-28
(وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا )4/9
(اذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله او اشد خشية )4/77
الخلاصة :


هل الله عادل في التوزيع؟ :
1. للمال.
2. والجمال.
3. والجاه.
4.والجنس.
5. والصحة.
6. والذكاء.
7. والظروف الإجتماعية.
8. والمصائب.








لكن الله لا يظلم الإنسان مثقال ذرة والله بريء مما اختار الإنسان لنفسه, من معصية أو إيمان ومن خير وشر, ومن اتباعه لشهواته وملذاته دوناً عن الحب والخير لوجه الله, ولكن هذا الإنسان الذي اختار بنفسه يجب أن يكون :
بالغاً.
عالماً.
مدركاً.
على دراية برسالة الله.
لم تجبره الظروف القاسية على الإنصياع.
يؤكد الله لنا ان نعم الله كثيرة في الأية التالية :
(واتاكم من كل ما سالتموه وان تعدوا نعمت الله لا تحصوها ان الانسان لظلوم كفار )14/34
(وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ان الله لغفور رحيم ) 16/18
إن نعم الله كثيرة فهو من خلق لنا الشمس والقمر وهو من خلق لنا الليل والنهار, وهو الذي خلق لنا البحر والشجر والجبال, وهو الذي رفع لنا السماء من دون أعمدة, وهو الذي زين لنا السماء بمصابيح, وهو الذي حلل لنا الطيبات, وهو الذي خلقنا من ذكر وأنثى وهو الذي...... الخ.
وإن الذي يحاول أن يكفر بهذه النعم فإنه يظلم نفسه, ولكن ماذا عن الأشياء الأخرى والتي تعد من النقمات, والتي شرحناها فليس كل البشر أيتام, وليس كلهم بهم مرض, أو عاهة أو سبب إجتماعي قد يدفع بهم إلى الرذيلة والتشرد والسرقة والقتل, والكره..... الخ. وليس كلهم يعيشوا حتى يبلغوا سن الأربعين, وليس جميعهم سواسية كأسنان المشط حتى تنطبق عليهم قاعدة واحدة.
وهل من العدل أو القسط أو من عدم الظلم بأن يموت الإنسان في عمر الورد في العاشرة أو الخامسة أو الثامنة عشرة فيذهب هؤلاء إلى الجنة من غير حساب, وتعيش أنت إلى عمر الثمانين فتحاسب على كل همزة ولمزة, فأين العدل؟








لهذا يقول الله :
(ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ )80/21-22
أي أنه تعود النفس فتولد في جسد ثانية ليكتمل عليها ما اكتمل على الجميع ولتمر بذات الظروف لتذهب إلى الحساب.
وإذا نظرنا إلى الآيات في سورة الكهف التي تصف الطفل (النفس الزكية) التي قتلها الرجل الصالح هل قتله لأنه طفل سيمضي إلى الكفر أم لأنه كافر وعاصي ومازال طفلاً, هل دخل الشيطان إلى ذاته ولن يخرج حتى لو أراد الله أن ينجيه منه وهل هناك طريقة أخرى غير قتله لخلاص أبويه من هذا الطفل تعالوا لنقرأ ما جاء في هذه الآيات :
( فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا )18/74-76


(وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا) 18/80-81
فالطغيان والكفر ليس من الطفل وإنما من الحالة الإجتماعية الخاصة جداً للأبوين الذين لم يكن لهم الجاهزية الكافية لتربية هذا الطفل, وكلمة يبدلهما الله خيراً منه, زكاة وأقرب رحماً فما دخل الزكاة وقرب الرحم بالموضوع ... ؟
الزكاة لها علاقة بالمال, وقرب الرحم لها علاقة ببقاء الأم والأب في ذات المكان مع بقية العائلة فلا يضطر الأب والأم إلى الهجرة وإنقطاع صلة الرحم فيما بينهم لأنه إن حصل هذا لوقع الأب والأم المؤمنين بالإرهاق في الحياة والهجرة والغربة لبلاد الكفر والطغيان, وإن النفس الزكية لهذا الطفل يمكن أن تعاد وتنتشر وبعدها تدخل إلى الحساب, وإن تفاسير السلف لهذه القضية نراها قد حكمت على الطفل بالكفر والطغيان, علماً أنه مازال طفلاً لم يقع بعد بأي معصية تجبره بالذهاب إلى الجحيم فهل يعقل أن الله الذي لا يظلم مثقال ذرة أن يبعث بهذا الطفل إلى جهنم لأنه كان سيرتكب المعاصي, عندما يكبر, لأن الملك الذي نزل عليه وهو في بطن أمه فقدر الله له (سعيد أم شقي) كافر أم مؤمن, وهو في يومه الأربعين داخل الرحم, فلماذا خلقنا الله ولماذا يحاسبنا الله على أمور كتبها الله لنا وقدرها لنا حتى من قبل أن نأت إلى هذا العالم ؟
إن الله لا يتدخل أبداً بسبب أن الحياة بعد البعث هنا في (المستقر الثاني) اساساً هي إمتحان من أجل التوبة, وأن سبب الشر الموجود هنا أساسأ هو نتيجة عصياننا وظلمنا لأنفسنا وخروجنا عن وصية الله لنا من عدم الإقتراب من شجرة الفاكهة, التي أكلنا منها في (المستقر الأول).
أما بالنسبة للإنسان الذي مازال يعيش هناك في (المستقر الأول) فإمتحانه يكمن في اتباع وصية الله بأن لا يقرب تلك الشجرة المجهولة, وطاعة الله ووئد الفضول من ذات الإنسان الفضولية أساساً.


الله خلق الإنسان فضولي, فمنهم من رضى ومنهم من حاول أن لا يرضى, فقرر أن يعرف ما هو سر هذه الفاكهة, وأين يختفي الجميع ؟
أراد أن يعلم هل يصبح الإنسان ملاكاً خالداً كما قال له إبليس.؟


هذا هو سر ما حصل, وما يحصل, ولماذا الله لا يتدخل.
ولهذا يرسل الله لنا الأنبياء والرسل ليعلموننا أنه الحل الوحيد للعودة إلى جنة الخلد هي شيئان لا ثالث لهما :
1- الإيمان بالله غيباً وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
2- العمل الصالح (والعمل هو الجهد المبذول في الحصول على الأكل والشرب واللباس, والمأوى).


إن المؤمن سيقع في الإشراك لذات الأسباب :
الأكل والشرب واللباس والمأوى, سيأتي الشيطان ليقدم هذه الأشياء للإنسان من أجل ضلاله, ولكي يتخفى الشيطان وراء حجابه يجب أن يأتي ومعه جمال ومحبة وروعة مابعدها روعة ليغوي بها الإنسان.


العلاقة الجنسية بين الجنسين هي نشوة ونقطة ضعف لدى الإنسان, يفتقدها الإنسان بعد الزواج وتصبح عادية تماماً حتى أن المتزوجين الذين يدخلون في عقدهم الثاني لا يذكرون مدى نشوتها الرائعة التي بدأت في أيامها الأولى, ولكنهم لا يزالون يتكلمون عن القبلة الأولى ولمسة اليد الأولى والعملية الجنسية الأولى.
فيأتي الشيطان ليريهم أن الزنا مع العشيقة والعشيق لهي تجدد دائم لهذا الشعور الذي لا ينتهي إلا إذا رغب الزناة بالزواج الفعلي, والإرتباط من أجل الأطفال والحياة, عندها فقط يقف الإنسان ويقول (أين ذهبت النشوة) فيعود إليها بعلاقة جديدة لأنه قد أدمن على النشوة ولم يكن يهمه الشخص الذي يمارسها معه حتى وإن تحولت إلى الجنس المثلي الذي أصبحوا يطالبون باعتراف به رسمياً في معظم البلدان العلمانية اليوم.



زواج الرجال في معظم البلاد الغربية قد أصبح حقاً شرعياً.


ثم ياتي الشيطان فيري الإنسان كيفية الحصول على المال بالغش والخداع والكذب والرياء والإضرار وتجارة الممنوعات, فيري الإنسان أنه يستطيع أن يحصل على أضعاف مايريد من مال إذا أراد أن يبيع ضميره للشيطان فيفعل.


إن الله يرى هذا ولكنه لا يتدخل للأسباب التالية :
قال الله تعالى لنا إذا أكلنا من الشجرة سيحدث التالي:
1- سيجوع الإنسان ويعرى ويتعب.
2- سيكون الشيطان له عدو, وسيصبح الإنسان عدو للإنسان.
3- ستصطدم الإنسانية بعضها ببعض بحروب ومجاعات.
4- سيتخذ الإنسان بعضه سخرياً وسيستعبد بعضه الآخر.
5- سيفرق الإنسان بينه وبين أخيه الإنسان ويميز بين الرجل والمرأة والأسود والأصفر والأبيض والفقير والغني والقوي والضعيف.


السؤال الذي يطرح نفسه :
ماذنب الإنسان :
1.الطفل الجائع, اليتيم, الذي يموت صغيراً, ابن الزنا.
2. المرأة المظلومة, المغتصبة, الضحية.
3. العبد (الرق)
4. المعاق, السفيه, الأعمى, والأطرش, الأخرس, الكسيح, المريض.
5. المسروق, المقتول, المغشوش.
6. الأسود, الأحمر, الأصفر, الأبيض, الأسمر.
7. البوذي, اليهودي, المسلم, المسيحي, اللاديني.
8. المقتول أو المشوه بالكوارث الطبيعية.


إن سببه هو أنه إلتهم مذاق الشجرة حتى ملئ منها البطون قبل أن يأتي إلى عالم التوبة هذا (المستقر الثاني), الذي هو هنا في هذه الحياة, وبما أن الجنة فيها مراتب كثيرة للمتقين والمؤمنين والمقربين المقربين, وهكذا هي أيضاً في جهنم فمنهم من حق عليهم غضب الله ومنهم من أصبحوا بغضب على غضب ومنهم من يذيقهم الله ضعف الحياة وضعف الممات, ومنهم من هو أسفل السافلين, وهنا على الأرض, "أرض التوبة" الناس أيضاً ليسوا سواسية لأنهم أتوا إلى هنا بأسباب مختلفة موزعة على درجات ومدرجات الحياة, بقسط إلهي لا مثيل له, لو أننا عرفنا ما هو سبب توبتنا هنا في عالم التوبة لبطل العجب.


هل الحب والمحبة هي طريق النجاة ؟
الحب والمحبة هي خلاصة التوبة والرجوع عن الخطيئة والإيمان الكامل والقيام بالعمل الصالح والإبتعاد عن الشيطان.
والحب هو شعور داخلي لا ينعكس على الواقع إلا بالأعمال.


1.إن الحب وحده قد يختفي وراء النشوة الجنسية لدى الزاني المدمن على الجنس.
2.إن الحب وحده قد يكون واجهة للشر يأتي من أجل الأطفال والنساء والأبرياء وكأنه يأتي ليدمر الشر الذي يعذب به الأطفال (كما يفعل الشيطان اليوم في العراق, ليظهر المحبة للشعب من جهة واضحة ويسرق خيرات البلاد من جهة مستترة, يأتي ليعطي إسرائيل حقها في الوجود, ويموت آلاف أطفال الفلسطينيين الأبرياء يومياً بعذر مخاض وأوجاع حرية وديموقراطية فكرة شعب الله المختار ووعدهم بأرض الميعاد.
3.الحب وحده يأتي بين الأديان ليحرفها جميعاً ويرمي الإنسان في وادي الإشراك بين الله الحبيب والإنسان المحبوب, فيصور صورة التساوي بين الإثنين.
هل الله يحب الإنسان حباً آخر غير محبته للذباب, فالله خلق الإنسان وخلق الذباب, لكن الذباب حشرات أما الإنسان فهو: إبن الله بالروح, وهنا يبدأ طريق الإشراك, إن كنا نحن أبناء الله, هل هذا يعني أننا سنصبح ألهة هناك في ملكوت أبينا السماوي.
4.الحب وحده ممكن أن يكون القناع الذي يختفي وراءه الشيطان من أجل ضلالة الإنسان (حب الرياء والنفاق).
(ثم قفينا على اثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم واتيناه الانجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رافة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم الا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فاتينا الذين امنوا منهم اجرهم وكثير منهم فاسقون ) 57 / 27


عندما ينبع الإيمان والعمل الصالح من ذات الإنسان العاقل ومن تلقاء ذاته, وبغض النظر عن موقعه الجغرافي أو بعده الزمني الفاصل بينه وبين الأنبياء فينتش عن ذلك الإيمان وذلك العمل البسيط الصالح براعم الحب الجميل , الذي لا يدنسه الغش والخداع, بعيداً عن الكذب والسرقة والقتل والإيذاء.
عندما يعلم الإنسان أنه في أرض التوبة, عندها سيفكر بالتوبة وسيضاعف أمله بالجنة والثواب, وسيحثه هذا الإبتعاد النفور التام من الشيطان عدوه الأول, عندها سيبتعد الإنسان عن شياطين الإنس الذين هم عدوه الثاني, ومن هنا يبدأ طريق التوبة.


الكلام الجميل والنثر الرائع والرسم بالألوان أو بالكلمات كله من طرائق الإنسان للتعبير, فهذا كله جميل ولكن على الإنسان أن يعلم أنه هنا فقط من أجل شيء واحد فقط, هو التوبة, ومن خلال التوبة يمكن أن يبدع الإنسان ويمكن أن يكتب أروع القصائد, ولكنه بجميع قصائده يجب عليه أن لا ينسى أنه تائب.


الإنسان الذي لا يرغب بالتوبة يفعل كل شيء, يذوب بالنشوة الجنسية إلى حد الثمالة وإلى غير حد فيدخل في العلاقات الجنسية المثلية, ثم يدخل بها مع الحيوانات والبهائم ثم يتمادى ويتمادى إلى أبعد الدرجات, هكذا الإنسان الذي لا يرغب بالتوبة تراه ينام مع الشيطان ويأكل مع الشيطان ويرتدي ما يلبسه الشيطان.


نحن هنا لأن جميعنا مخطئين وليس بسبب خطأ آدم وحواء أجبرنا إلى الدخول إلى عالم الشقاء, وإنما بسبب عصياننا نحن جميعاً, طردنا جميعاً من (جنة البعث المستقر الأول) وسنذهب إلى جنة الخلد إذا اعترفنا بخطأنا الذي ما زلنا ننكره, لكنه حصل ولهذا نحن هنا فالله لم يرسلنا إلى هذا العالم بسبب خطيئة آدم وحده فكلنا آدم وكلنا حواء وكلنا مخطؤون. فأين التائبون.
(قل اغير الله ابغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس الا عليها ولا تزر وازرة وزر اخرى ثم الى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ) 6/164
سألني أحدهم أنه لا يذكر أبداً أنه كان هناك (في المستقر الأول) وأنه لا يذكر أنه قد أكل من الشجرة, وأنه لا يذكر حتى طعمها, وأنه لا يصدق أنه كان هناك ومن أجل خطيئته أتى إلى هنا.
قلت له التالي :
1. إن كلمات الله للإنسان هي للذكر أي للتذكر, لأن النفس التي تخلق أو تنشر في الإنسان تخلق بشكل طفلٍ لا تعلم شيئاً.
2. الطفل الوحيد الذي أتت نفسه وهي تذكر تماماً مهمتها ونطقت وهي في المهد هي نفس النبي عيسى عليه السلام
قال الله تعالى :
(ذلك نتلوه عليك من الاياتوالذكر الحكيم ) 3 / 58
(افمن يعلم انما انزل اليك من ربك الحق كمن هواعمى انما يتذكر اولوا الالباب )13 / 19
(ومن كان في هذه اعمىفهو في الاخرةاعمى واضل سبيلا ) 17 / 72
(ويكلم الناسفي المهد وكهلا ومن الصالحين ) 3/46


ولكن إن لم نتب فإلى أين ؟
سنذهب إلى تعاسة مابعدها تعاسة وإلى جحيم مابعدها جحيم وإلى عذاب ما بعده عذاب, وسيكون هناك طبقات فالمذنب الذي أكل مال اليتيم لن تتم عقوبته مثل من قتل نفساً ولن تكون عقوبته كمن زنى, ولم تكون عقوبته كمن ذبح بلداً كاملاً كالعراق من أجل نهب كل خيراتها وتعذيب كل أهلها, فهناك طبقات وهناك قسط ما بعده قسط, لأن الفرق بين العدل والقسط كبير, حيث أن العدل هو التوزيع بالتساوي أما القسط فهو التوزيع حسب ظلم الإنسان نفسه لنفسه.
(اليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا انه يبدا الخلق ثم يعيده ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب اليم بما كانوا يكفرون ) 10/4
(ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين ) 21/47
والإنسان الذي يخلق هنا على أرض (المستقر الثاني) في مجاعات السودان أو في رفاهية البلاد الإسكندنافية, هل يستوي هذا مع ذاك ؟
إن السجين الذي ينام في زنزانة ويأكل الطعام إنه أفضل ممن يموت جوعاً في دارفور, فكيف للإنسان أن يتذكر ما حدث له في الحياة السابقة من دون نذير ومذكر ؟


كيف للإنسان أن يعلم أنه يجب عليه الصحوة والتوبة لينال جنة الوعد ؟
رد مع اقتباس