لم أتدارك ذاتي حين وجدتني أذوب بين ثنايا الكتاب .. أنهل من فيض الكلمات بعطش مستطير .. أمتزج بالحروف ونسبح سويا ً فى أمواج العباب .. تولدت بيني وبينها مشاعر غامضه .. مزيج مختلط من عصاره نقيه .. محبه قديمه قدم الزمان .. روحها زكيه أعرفها منذ زمن .. لكني أعجز تماما ً عن تحديد متى سمعتها تشدو .. متى رأيتها تترنم ؟؟ أوااه من التألم الناتج عن التأمل ؟؟ حين يدق باب العقل متسربا ً فى طريق مرسوم للقلب ليحدث به هزه عنيفه .. يضطرب القلب المسكين بين أيدي العقل المسيطره .. يهتز بعنف .. يئن فى ضراعه .. يلتجأ لحرم الكلمات ويقذف بنفسه ملتاعا ً بين أحضانها .. يلثم بفمه المرتعش ثدي السطور الذى نبت فى نضج مبكر
---------------------
حين توصلت للسطر الأخير ف الكتاب السحري الذى حصلت عليه فى ليله ماطرة مبللاً بماء السماء الطاهر المقدس .. تذكرت الجنيهين الذين أوديت بهما فديه هذا الكتاب ..ضممته لصدري ليبعث الحراره فى نفسي .. حنين غريب تولد بيننا منذ الأزل العتيق .. ابتسمتْ النقطه الأخيره فى وداع اشتاط له غيظي فقمت أقلب فى الصفحات لأعود لنقطه البدأ .. وأشهد إنطلاقه الحياه وتولد النفس مع أول حروف الكتاب
---------------------
بعدما انقضي الليل وتغلب عليه النعاس فسقط نائما ًمحتضنا الكتاب بذات الحنين العجيب .. استيقظ فزعا ً هربا ً من
أشباح الكابوس المريع ..ثم لاذا بالكتاب ومده أمام بصره متشبثا ً بكلتا يديه به كتعويذه لطرد هؤلاء الملاعين الذين تسللوا من عقله الباطن المزدحم إلى حلمه البريئ النقي فعاثا فيه الفساد .. سكب الماء على وجهه فى عجاله ثم عاود الكره مع ذات الصفحات .. عجيب هذا الكتاب !! له قوه سحريه تجتذبك من كل ما يحيط بك لتودعك إياه .. للمره السابعه قلب صفحاته بعدما وصل للصفحه السبعين بعد المائه وتأكد من الإسم / نور الصباح
---------------------
لم يشفى هذا الإسم القميء فضوله الجنوني فى التعرف على ساحرته المشعوذه التى خلقت له عالم من نور تسبح فيه
الفراشات متعانقه مع الملائكه المجنحه فى كبد السماء .. كأنه أحجيه , أحكم قبضته على قلمه الرصاص ثم شرع فى تحليل الإسم .. دون جدوى .. وضع احتمالات ثم مارس التقليص حتى تبخرت كلها ولم يبقى له سوى الوهم يصطك مع أسنانه فى إيقاع رتيب مؤلم ليعادل بروده الجو الخارجي مع شبوره الصباح وليده الضباب الليلي..الليله الأوله مع الكتاب
بذات القلم الرصاص نسخ الكتاب .. ارتسمت ابتسامه على وجهه مالبثت إن انتشرت فى أرجاء الوجه كافه .. غشيته بنور أرجواني ساحر .. زاده حماس فوق حماسه المتولد بالطاقه السحريه من جنبات الكتاب .. كتاب منتصف الليل الذى يبادله الحنين الغريب .. اممم نور الصباح
تنبه أنه صنع كتابا ً بدوره بعدما لطخ الصفحات البيضاء لكشكول الفيزياء باللون الرمادى .. وتلاقى نصفه الخلفي مع المعادلات الجافه للقوانين المتحجره بلا عيون التى تمتد فى تطفل من النصف الأمامي
-----------------------
طغى نور الصباح على مصباحه البرتقالي المتأرجح يضفي خيالات على حائط الغرفه الرطب .. تماما ً كالكوابيس المريعه التى تطارده فى نومه ..فتح النوافذ وأطفأ المصباح .. خالط الدنيا فى روتين قاسي ثم عاود الإرتماء فى أحضان الكتاب .. ثم ..تولدت فكره عبقريه فى عقله دخلت حيز التنفيذ بسرعه .. تنقل بين بائعي الأرصفه ودور الكتب سائلا ً عن نور الصباح بلا جدوى .. كأنها جنيه من العصور الوسطى بلا هويه .. ترسبت حبيبات الإحباط في أرضيه عقله الباطن فكونت ملح الدمع الحزين , أحرق الأشباح اللزجه .. فصارت أحلامه ورديه كما الصباح المضيء
---------------------
كانا في الحلم سويا ً تناقشا فى أفكار الكتاب .. سارا بمحاذه النيل .. تنسما الهواء المعبأ بحبيبات الندى
يداخلني شعور أنى أعرفك منذ زمن -
أنتى تعرفينني أليس كذلك ؟؟ -
هل لي بإسمك الحقيقي ؟؟ -
البطل فى كتابك المسحور يحكيني بتفصيل ممل كأنه يعيش بداخلي ؟؟ -
لم لا يجيبني هذا الطيف ؟؟ لم لا تبادليني الكلام ؟؟ -
اهتزت الصوره فى عنف .. تشويش أصاب المجال البصري بيننا .. ذابت وسط الخيوط ..بقيت أنا
والكتاب
----------------------
بلغ بي اليأس مداه .. تحولت الحياه لكآبه حزينه .. قديما كنت أسمعهم يقولون : الكأبه جدار بين بستانين .. لم أفهم حينها .. لكني اليوم أقول : الكآبه بوابه بين جنه ونار .. قالوا : أن الوحده عاصفه صماء تقتلع جذور الذات من شجره الحياه .. اليوم وبكل إصرار أقول : هم على حق
جمعت الأوراق المتناثره من كشكول الفيزياء وضممتهم فى حنان عتيق مع كتاب النور وبحبل متين أوثقت رباطهما وألقيت بهما فى اللهيب كى يبتلع كل الذكري الأليمه التى تولدت عن الحلم الجميل .. وبقى الهشيم المحتضر .. ..وضعته بين راحتي ..فتحت نافذتي ... نثرته فى الفضاء السرمدي من حولي
إنما أنا اثنان : غافل فى وهج النور ومستيقظ في عتمه الضلمه..!