عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-27-2009, 12:47 AM
 
شكرا يا هلال شكر يا نصر



لملمت نفسي وأجزائي المهترئة, رمقت ساعتي فإذا بالموعد يقترب!.

يمه.. يمه أنا طالع قلتها قاطعاً صوت ضجيج المعلق التليفيزوني وهو يقول "يدخل الآن الفريقان الملعب" وأنا أردد بيني وبين نفسي "شايفنا عميان يبو!".

ركبت سيارتي التي قطعت عهداً بعدم تسخينها منذ رأيت مديرنا صاحب البانورما "يدق سلف ويمشي طوالي" بعد الدوام ! بينما أنا المسكين لا زلت أسخن.

حركت السيارة ..تجولت .. شوارع المدينة المتجعدة خالية من الزحمة كخلوها من التفاصيل .. لم أصدق أن تؤول الأمور لهذه الدرجة !صحيح أنني توقعت خلوها لكن ليس لدرجة اختفاء اي مخلوق, حتى القطط بدا لي انشغالها في متابعة الديربي المجنون.


ودون أي تفاهم اتجهت لأكبر مغاسل السيارات ورميت له المفتاح ورمقته بنظرة تفيد بأنني زبونه الوحيد خلال الساعتين القادمتين ..وأنه سيغسلها هذه المرة بشروطي !.لم يطل انتظاري حتى إلتفت على صوته قائلاً "كلاص صديك"!.

لألتقط مفتاحي وأهب مسرعاً لحلاق تركي .. وبنص البلد أيضاً !, فتحت الباب لأرى أعينهم شاخصة على شاشة التلفاز لأحمل جسدي على الكرسي بعدما انخدشت وطنيتي قليلاً فحتى الأجانب شدهم الديربي وأنا ابن الوطن .. ما عندك أحد!.

اشترطت عليه اقفال التلفاز لعيون زبون الغفلة الوحيد خلال الساعتين القادميتن..اقفله وراح يصب حنقه على بوهتي !.


وبعد نصف ساعة من الشيل والحط رحت أتفقد الجميع بعد هذه المعركة ..
الخشم "حاضر"
العين "العيون يالحبيب ترانا اثنين"
اللي هو .. "حاضرين!"
الشنب "بصوت مشذب جداً ردد حاضر إلا شوي !"
لم أتفقد الفم .. بالعكس كم أتمنى أن أصحى وأن لا أجده !
حاسبت رفيقي الحلاق, واتجهت تواقاً لل لازحمة.


فرفرت قليلاً لإتجه بعدها للمطعم الذي طالما أصابني بالسقم من طول الإنتظار!, دخلت وطلبت وجبتي المعتادة لتمر ثوان قليلة جاء بعدها بالطلب (حتى خيل لي أنه قد جهزه قبل مجيئي).


كانت الساعة تشير إلى نهاية الشوط الأول بلغة الديربي .. وإلى الوقت الحرج بلغتي الخاصة ففيه يهب الجميع لتقضية أشغالهم بأقصى ما عندهم طمعاً في حضور الشوط الثاني مع بدايته.


عاد للمدينة صخبها قليلاً .. اللهم أنه بسرعة مجنونة هذه المرة.


حمدت الله على بقائي في المطعم بعدما رأيت حادث .. وشبه حادث وأشياء أخرى مع زجاج المطعم لأُغِير ببصري على قسم "السفري" وأجد الجميع يلهثون بينما تتعالى صرخاتهم بالطلبات .. تذيلها كلمة "بسرعة" حتى اعتقدت لوهلة أنها وجبة يشتهر بها هذا المطعم وليقمع اعتقاداتي صوت داخلي يقول "اطلع برا".


كنت أجلس وحيداً أستمتع بعشائي بينما كان الكل يرمقني في لحظات الإنتظار .. كقرد اجتمع حولة المارة في حديقة.
قرأت في نظراتهم كل شيء تقريباً..
أحدهم يقول .. وش يحس به ذا الموسوس!.
وآخر يقول .. مسكين!.
والثالث لم أقرأ نظراته جيداً لإنعكاس أنوار المطعم على نظارته!..لكن لم أجد صعوبة في تمييز أن ما كان يقوله هو شتيمة مقدعة!.


خرجت من المكان ووقت ما بين الشوطين يلفظ أنفاسه والجميع يتسارع وأنا أسير ببطء شديد في انتظار نوم المدينة مجدداً.


جلست في سيارتي .. تناولتني خيالاتي قليلاً..ورحت أتمنى لو كنت مريضاً في هذا الوقت لأدخل المستشفى دونما أي سرا بغيض.

وفكرت .. ماذا لو كانت المباراة مقامة نهاراً .. كم من معاملة سأنجزها . لأتذكر أن موظفينا بيروقراطيين دون أي عذر مقنع! ماذا لو كان في الأمر مباراة ؟.

لأستعيذ بعدها من الشيطان الرجيم!.


تحركت بعد أن سكنت الشوارع مجدداً ورحت أدخل دواراً تلو الآخر بكل سلاسة.. وطفقت أسير بدون نور أمامي وأنا أبحث عن مرور سري لكن ما من مجيب !.


لتأتيني فكرة مجنونة بأن أعكس الدائري .. سرعان ما استعذت منها مجدداً لأكتشف أنه لا يوجد الا أنا وابليس .. بينما البقية تسمرت خلف الديربي.


قارب الشوط على الإنتهاء.


كنت بعيداً عن المنزل .. لكني لم أجزع فالمشوار الآن خمسة دقائق بتوقيت الديربي ! بعدما كان ساعة بتوقيت أشياء أخرى.

عدت للمنزل وبين يدي اقتراح لتخفيف ازدحام المدن!!!.

لماذا لا يتم اقامة ديربي في أوقات الذروة