عيون العرب - ملتقى العالم العربي

عيون العرب - ملتقى العالم العربي (https://www.3rbseyes.com/)
-   خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية (https://www.3rbseyes.com/forum49/)
-   -   مساكن الآخرة والطريق إليها (https://www.3rbseyes.com/t60715.html)

كادي يوسف 05-27-2008 05:21 AM

مساكن الآخرة والطريق إليها
 
مساكن الآخرة والطريق إليها
خطب للشيخ/ إبراهيم بن صالح العجلان

يجهد المرء في دنياه ويسعى، ويكد ويشقى، يجمع ويدخر، ويوقر ويقترض, من أجل أن يؤمِّن لنفسه مسكنًا, يبذل في سبيل هذا الهدف ماله وصحته، وفكره ووقته، تراه يخطط ويرسم، ويُشيِّد ويصمِّم، من أجل إظهاره على أحسن حال، وأجمل مثال.
حتى إذا ما تمَّ بناؤه، بدأ بعد ذلك عناؤه! في اختيار أثاثه، والتنسيق بينه وبين ألوانه، ثم بعد ذلك هذا كله - فإن هذا البيت الذي بُني على عينه حتى كمل مُعرَّضٌ للبِلَى والتغيُّر، والتشقُّق والتصدُّع، وإن سلم البيت من ذلك فلن يسلم صاحبه من آفاق الزمان وحوادث الدهر.

هذه حال منازل الدنيا، وهذا حال أهلها, فما حال منازل الآخرة؟ كيف هي شأن مساكن الآخرة؟
نحن - عباد الله - مع موعد في رحلة إيمانية إلى هناك، حيث مساكن الآخرة، مساكن لا تعتريها العوارض، ولا يغيرها الزمان, باقيةٌ على نظرتها وبهائها، ورونقها وجمالها، دائمة ما دامت السموات والأرض، بيوتٌ لا نَصَب فيها ولا وَصَب، ولا همَّ معها ولا تعب، منازلٌ بناها الذي خلق كل شيء، فأحسن كل شيء خَلَقَه، ثم زينها لأحبابه وأهل رضوانه، فقال عنها: {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ} [التوبة: 72].
بيتٌ في الجنة... دعوةٌ سألتها المرأة الصالحة التقية امرأة فرعون؛ {إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} [التحريم: 11].
بيتٌ في الجنة... بشارةٌ زفَّها المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لأمِّ المؤمنين خديجة - رضى الله عنها - بأن لها في الجنة بيتًا من قَصَب، لا صَخَبَ فيه، ولا نَصَب فيه.

فيا أخي المبارك:
أرع لنا سمعك، واستجمع معنا قالبك وقلبك؛ لنحلِّق بأرواحنا إلى هذه المساكن، نقترب من بنيانها، نسمع شيئًا من أخبارها وجمالها، وحسنها وبهائها، وقبل ذلك كله: كيف نُشيِّد تلك المنازل بأقوالنا وأفعالنا؟

حدِّثنا عن الجنة؛ ما بناؤها؟ حدثنا عن الجنة؛ ما بناؤها؟
بهذه الكلمات يسأل الصحابة - رضى الله عنهم - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأتيهم الجواب: ((هي لَبِنَةٌ ذهب، ولَبِنَةٌ فضة، ومِلاطُها المسك الأَذْفَر))؛ والملاط: هو الطين الذي يُطلى به الحائط.
ومن مساكن أهل الجنة: قصورٌ فارهة، مرتفعه شامخة، لا مثيل لها ولا نظير؛ رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة قصرًا من ذهب؛ فقال: ((لمَنْ هذا القصر؟))، قالوا: لشابٍّ من قريش؛ فظنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه هو الشاب، فسأل عن صاحبه؛ فقالوا: لعمر بن الخطاب.فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بذلك، وقال له: ((لولا غيرتك يا عمر؛ لدخلتُ القصرَ))؛ فبكى عمر - رضى الله عنه وأرضاه.
ومن مساكن الجنة أيضًا: غرفٌ شفافة، يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، وغرفٌ أخرى فوقها غرفٌ، لا ضجيج حولها ولا صَخَب، وإنما هو صوت المياه العذبة تتدفق في الأنهار، قال تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} [الزمر: 20].
غرفٌ فيها الأمن والطمأنينة: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37]، ومع الأمن والأمان تتوافد إليهم التهاني: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا} [الفرقان: 75].


الساعة الآن 04:23 AM.

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011