عيون العرب - ملتقى العالم العربي

عيون العرب - ملتقى العالم العربي (https://www.3rbseyes.com/)
-   نور الإسلام - (https://www.3rbseyes.com/forum5/)
-   -   خريطة الحياة (https://www.3rbseyes.com/t603538.html)

مملكة الاسلام 03-04-2020 12:19 PM

خريطة الحياة
 
خريطة الحياة
عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: خط النبي e خطاً مربعاً، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه، وخط خُططاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: (هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به -أو قد أحاط-، وهذا الذي هو خارجٌ أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا) رواه البخاري.

وهذا تمثيل لحال الإنسان، فالأجل محيط به، وهذا الخط الطويل الذي خارج من المربع هو الأمل، وهو ما يرجوه الإنسان ويؤمله، من الملذات، والطموحات والخطط المستقبلية، وما إلى ذلك، لكن الأجل محدود وهو أضيق وأقل من أن يتسع لآمال الإنسان.

والخطوط الصغار المذكورة في الحديث هي الأعراض، أي ما يعرض للإنسان في حياته من حوادث، وكل إنسان لا تخلو حياته من حوادث ومصائب، فإذا أخطأه هذا، نهشه هذا.

فعبر النبي e بالنهش، وذلك إنما يكون للحيوانات المفترسة، وذوات السموم كالحيات، ونحو هذا، فهذه الأعراض تعرض للإنسان وتهدد حياته، فمرة ينقلب بالسيارة، لكنه يخرج من الحادثة سالما، فهذا عرض من الأعراض عرضت له، والمرة الأخرى قد ينجو أيضا لكن قد يصاب ببعض الإصابات، وفي المرة الثالثة يصيبه مرض شديد، لكنه يتعافى منه بعد العلاج والتداوي، إلى أن يأتيه وقت أجله الذي يدركه وينهي حياته في الأجل المحتوم.

فإذا جاء الأجل قُطعت الآمال، فهؤلاء الناس الذين ماتوا، كانت حيواتهم مليئة بالآمال، ولم يكونوا يضعون لها حدا زمنيا، لأنهم لا يعرفون وقت موتهم.

كانت عندهم خطط كثيرة ومشاريع وبرامج، بل بعضهم لربما كان يؤمل أنه سيتوب وسيعمل أعمالا صالحة وطيبة، وسيتفرغ لعبادة الله في أوقات تالية، ثم جاء أجله قبل التوبة وانتهى كل شيء.

وهذا مثل واقعي للدنيا، فحياة كل إنسان مليئة بآمال متتالية متجددة لا تنتهي، لكن فترة وجوده في هذه الدنيا لا تكفي لتحقيق كل آماله العاجلة بتمامها وكمالها، فضلا عن العبادات والأعمال الصالحة التي قد لا يرى مبررا للعجلة في إتمامها، وقد تكون نهايته أقرب مما يتخيل، وآخر صفحات حياته على وشك أن تُطوى، قبل أن يفعل ما يريد في دينه أو حتى في دنياه.

داء طول الأمل
طول الأمل المذموم هو التعلقُ بالدنيا ونسيانُ الآخرة، هو الذي يحمل على الغفلة والتفريط وتسويف التوبة وتأخير الأعمال الصالحة، أما مجرد الأمل والنظر إلى المستقبل بنظرة التفاؤل، دون الغفلة عن الآخرة، فهذا أمر مشروع ومعقول، مشروع شرعه الله، ومعقول يدلّ على كمال عقل صاحبه وفطنته، فالنبي e كان يدخر لأهله قوت سنة حين يتمكن من ذلك، كما ورد في صحيح البخاري.


الساعة الآن 01:09 PM.

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011