عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة

Like Tree3Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 05-02-2017, 01:17 AM
 
البارت الخامس (بعنوان (الفتاة المزعجه)

فتاة مزعجة

[frame="1 80"]أشرقت شمس الصباح على تلك المياه المتألقة بلونها الأزرق الأخاذ،وأخذت الطيور تنشر زقزقاتها على طول الشاطئ البديع ،وقف يتأمل ذلك المنظر والنسمات الممتزجة برائحة البحر تتلاعب بشعره الأشقر وتبعثره بطريقة أضفت على وجهه المبتسم جاذبية مضاعفة .

_هل ستبقى واقفا هنا ؟
جاءه صوت عميق من خلفه ،فالتفت وعلى ثغره ابتسامة عذبة ينظر لوالده الذي وقف على مقربة منه وأجاب:
_بالتأكيد لا يا أبي

نظر والده باتجاه المحيط وقال بهدوء:
_أتعلم لقد بدأت أشتم رائحة المشاكل
نظر إليه (نيكول) بسخرية وهو يقول:
_بوجود دايزي وأندريس تحت سقف واحد فهذا يعني أن حربا عالمية ثالثة ستقوم

تألق شعر السيد (بروس) القاتم والذي تخلله الشيب تحت ضوء الصباح ،أخذ نفسا عميقا ومن ثم نظر إلى نيكول بنظرة يمكن من خلالها أن تدرك الشبه الكبير بينهما :
_لا أدري يا بني ،ولكن كنت أقصدك أنت وليس دايزي وأندريس

[img]http://img104.***********/2010/05/01/168811516.gif[/img]


_هيا إلى الفطووووووووووووووووووووور
صاحت بالأطفال بصوتها الحاد العالي وهي تطرق على قدر حديدية بملعقة ، نهض الأطفال من مضاجعهم يتذمرون ويشتكون ،بعضهم يشد شعره وبعضهم يتثاءب والبعض الآخر يسير وهو نائم .خرج أندريس من بين الأطفال وهو يحاول أن يعيد ترتيب شعره بأصابعه الطويلة السمراء،شاهدته دايزي فاتجهت نحوه تسأله بسخرية:
_ماذا؟ هل عاقبك السيد هاري بالمبيت معهم لأنك لم تكن مهذبا البارحة

تثاءب وهو يرد عليها قائلا:
_لا أعلم السبب ولكنك تبحثين عن المشاكل وستجدينها
نظرت دايزي إلى شعره المشعث وملابسه غير المرتبة ذات الألوان غير المتناسقة ،بنظرة تقيمية ساخرة ومن ثم شخرت بازدراء:
_ألم يعلمك أحدهم أنك إن لم تهتم بمظهرك فلن تتزوج أبدا
أجابها بهدوء:
_عندما أختار زوجة لي سأختارها فتاة جميلة ،ذكية وفوق هذا وذاك زوجة تحبني لنفسي ولا تهتم بما أرتديه،وهذا يعني أنك خارج قائمة المرشحات
_ومن قال بأنني أريد أن أكون على قائمتك،هذا إن كان لديك قائمة أصلا!!!

جاءها صوت صوفيا المرح يقول:
_صدقيني لديه واحدة ،وإلا لما كانت الجميلة لوسيتا تركض وراءه كالمجانين
التفتت إلى أندريس وألقت عليه تحية الصباح ،بينما اغتنم الأخير الفرصة ونجا بجلده ،ومن ثم التفتت إلى دايزي الغاضبة وقالت وهي تلوح بيدها بخفة:
_هوني عليك ،ثم على حسب علمي أنت من بدأ تلك المشادة
دايزي والغضب لازال يعتمل في داخلها:
_في صف من أنت؟؟ كنت أظنك ضمن فريقي
أخرجت صوفيا لسانها بمرح ،تقول:
_آسفة ،ولكن لا يمكنك إنكار جاذبيته
شهقت دايزي بدهشة:
_جااااااااااااااااااااااااذبيته،لا تقولي لي أنه استولى على دماغك أنت أيضا
_دايزي، نحن أصدقاء منذ الصغر ولم نفترق إلا السنوات الثلاث الأخيرة ، وبالتأكيد لن أذمه ،إن أردت الحقيقة أنا اعتبره أخي الأكبر فلطالما ساعدني
قالت دايزي وكأنها أدركت للتو أنها لم تر أيا من ساندرا أو النيكول اليوم:
_أين ساندرا وشقيقها اللطيف
أطلقت صوفيا ضحكة خفيفة :
_شقيقها اللطيف،كنت أظنكما تشاجرتما في أول يوم رأيته فيه
_أجل ،لكنها كانت سحابة صيف عابرة ،أنا وهو متفقان
والتهبت عيناها وهي تكمل:
_أما أندريس فأنا وهو كالماء والزيت مهما حركتنا فلن نتوافق أبدا
_أفضل تشبيهكما بالنار والبارود فهذا يصف الوضع بطريقة أفضل
تنهدت دايزي وهي تقول :
_حسنا دعينا من الجدال علي أن أذهب لتفقد الأطفال


[img]http://img104.***********/2010/05/01/168811516.gif[/img]


صراخ وفوضى وأحاديث بريئة خالطت النسمات الدافئة والتي تهب على غرفة الطعام ذات الجدران الخشبية المزينة ببعض الأعمال الفنية والتي أبدعتها أيدي نقية ،بريئة ،صغيرة .وقف كل طفل يشير إلى اللوحة التي رسمتها يداه بفرح والغبطة تملأ وجهه وتزين ملامحه البريئة بنوع من الجمال لا تراه إلا في الأطفال.
إنه يحسدهم ،لا شيء يهمهم ،ليست لهم شركات يقلقون بشأنها ولا أسهم يهتمون بارتفاعها وانخفاضها ،ليس عليهم أن يتابعوا أخبار ((البورصة)) ولا أن يمضوا ساعات يخططون للاجتماعات ،وفوق هذا وذاك ليس لديهم
من يتقاتل عليهم ،إنه واقع بين جديه كل منهما يريده لنفسه،فجده لأبيه ((ريتشارد)) يرى أنه أحق به ذلك أنه ابن ابنه الوحيد - رغم أنه تخلى عنه في أول فرصة سنحت له بذلك- أما جده لأمه((ليونيداس)) فيرى أنه الأحق برعايته لأنه من رباه واعتنى به ،وكل منهما نسي أنه تجاوز المراهقة منذ زمن يمكن أن يقال عنه أنه بعيد،فبعد
قرابة الأسبوعين سيبلع 27 من عمره ما يعني أنه يستطيع الاعتماد على نفسه.

تنهد أندريس بعمق محاولا طرد الأفكار التي استولت على رأسه فجأة مذكرا نفسه بما ينتظره بعد أن ينتهي من ارتداء ملابس ((لائقة)) –على حد قول دايزي- وبما أنه قرر إعلان الحرب عليها ،ارتدى بنطالا باهت اللون
ممزق من الأسفل وارتدى فوقه قميصا لا أعرف بالضبط ما لونه ، فهو مزيج من الأخضر والبني ،لون غريب إلا أنه أظهر جمال جبهته العريضة التي لوحتها الشمس و خديه البارزين وأنفه الأرستقراطي الشامج وخطوط فمه القاسية.

وقف ينظر إلى نفسه بسخرية ويفكر:
_لنرى الآن ماذا ستكون ردة فعل الآنسة أناقة على هذا الموديل الجديد
بالتأكيد لن يعجبها الأمر ،إنه لا يبدو سيء المظهر ولكن هذه الألوان....... إن أقل ما يمكن أن يقال عنها هو أنها ليست متناسقة البتة


[img]http://img104.***********/2010/05/01/168811516.gif[/img]

دخل أندريس إلى غرفة الطعام متبخترا ،يلقي بنظراته الساخرة في كل مكان ،ولكنه ألقى نظرة واحدة محملة بالحنان خص بها تلك الطفلة الشبيهة به ((تانيا)) تهللت عيناها فرحا عندما رأته وأسرعت إليه تحتضنه وتثرثر بلغة غريبة غير أن أندريس كان يجيد تلك اللغة ،حيث رفع الطفلة بين يديه وأجلسها في حضنه وراح يستمع لكل ما تقوله ويضعي إليه أشد الإصغاء .دخلت دايزي بشعرها الطويل المسرح بعناية وبنطالها الغالي الثمن وقميصها ذي اللون الزهري والذي جذب أنظار الفتيات الصغيرات اللواتي تحلقن حولها ينظرن إلى ذلك الجمال الذي بدا وكأنه أضفى رونقا مميزا إلى هذا اليوم العادي.
من عند الباب وقفت كل من صوفيا ذات الشعر الأحمر وساندرا ذات الشعر الكستنائي تراقبان الوضع ،قالت صوفيا موجهة حديثها لساندرا:
_انظري أنا متأكد من أنهما سيتشاجران الآن ،لقد طلبت منه أن يحسن مظهره قليلا ولكنه عنيد
عبست ساندرا وقالت:
_ليتها رأته في بذلته الداكنة ،أو ذاك البنطال الكاكي !!
لكزتها صوفيا تقول:
_لا تتحدثي عن أخي بتلك الطريقة
ردت لها اللكزة وهي تقول بمكر:
_منذ متى كان أخا لك
احمرت صوفيا خجلا ،لكنها سرعان ما تداركت الموقف لتجيب بهدوء مزيف:
_منذ زمن بعيد

أطلقت ساندرا تنهيدة تدل على الضيق وقالت :
_صوفيا،أعلم أن جد أندريس طلب منك مراقبته ولكنه لم يعد طفلا عدا عن أنه يفوقك سنا
ومن ثم أردفت بفظاظة :
_بصراحة أنا أعتبر جديه غبيين ،ألا يدركان أنه ليس طفلا ،حتى عندما كان طفلا لم يكن يحتاج إليهما

دخل نيكول بشعره المشعث وعيناه اللتان تلمعان جدية _ولأول مرة_ وقال:
_الحقيقة أنهما من يحتاج إليه وليس العكس ولهذا ترين كل واحد منهما يخاف على أن يسرقه الآخر منه

قالت الفتاتان معا بحزن:
_أنت محق

تحول البريق الذي في عينيه إلى بريق تسلية وقال يشير إلى غرفة الطعام :
_تعاليا وانظرا لقد تشاجر الثنائي المخيف

ركضت الفتاتان لتقفا بجانبه تحدقان بالجدل القائم بين أندريس ودايزي.
صرخت دايزي بأعلى صوتها باشمئزاز:
_ما هذه الألوان؟؟؟ هل عملت زبالا يوما
أجاب والنظرات العابثة تلوح في مقلتيه:
_لا،لما تسألين؟
أجابت بسخرية مشيرة إلى ملابسه:
_لأن هذه الملابس تبدو وكأنها التقطت من هناك

اقشعر جسد نيكول وهو يقول للفتاتين اللتين أخذتا تشجعان دايزي :
_ألا تلاحظان ما أحدثته دايزي من تغيير على نمط حياة أندريس ،لقد كان يستيقظ صباحا بوجهه البارد ويلقي تحية الصباح الجليدية تلك ومن ثم ينصرف إلى عمله بهدوء ولكن منذ وقعت عيناه على دايزي و شعلة النشاط تدب فيه ،أتساءل عن الشيء المميز الذي وجده أندريس فيها؟؟

قالت صوفيا بمرح وهي تدور حول نفسها:
_لقد وجد نصفه الثاني

تجمد نيكول ،ونظر إلى صوفيا نظرة تائهة وهو يقول:
_أنت تمزحين صحيح؟؟
هزت الأخيرة راسها ببراءة وهي تقول:
_هذا قدر الجميع فأندريس لم يعد صغيرا وقد آن له أن يستقر
نظر إليها مشككا وقال:
_أندريس لم يقل هذا ،صحيح؟
ارتبكت قليلا وقالت بعد تردد بسيط:
_ليس تماما!!
_وماذا تعنين بليس تماما؟؟
نكست رأسها إلى الأسفل وقالت:
_هو لم يقل شيئا ولكن أنا وبمعرفتي وبالعقل الراجح الذي أملكه استطعت أن أتكهن بذلك
ضحك نيكول بخفة وقال:
_حسنا كل ما أرجوه ألا أكون على هامش حياة أندريس ،وأن يبعث لي ببطاقة دعوة عندما يقرر الزواج


[img]http://img104.***********/2010/05/01/168811516.gif[/img]

مسحت تلك الفتاة قطرات العرق المتناثرة على جبينها بمنديلها الحريري المطرز ،رفت شعرها عن عينيها وعدلت نظارتها في أعلى رأسها ،ومن ثم وقفت تنظر بهدوء إلى اللافتة الخشبية التي حفر عليها بضعة حروف
كونت اسم المخيم (( البلاد السعيدة )).
اجتازت الفتاة البوابة الرئيسية المصنوعة من الخشب الثقيل والتي فتحها لها الحراس الذين وقفوا يحرسون المكان، بدا لها المكان لأول وهلة كالسجن لكن كلما تقدمت خطوة تبين لها أن ما أمامها ما هو إلا جنة حيث الأشجار الشاهقة ذات الثمار الغريبة الأشكال والألوان ،والأزهار المختلفة الأحجام والأشكار ذات الروائح العطرة التي تضفي رونقا مميزا لذلك الجو الذي يعبق بشذا مئات الأنواع من الزهور.
نظرت إلى البيوت الخشبية المسقوفة بالقش والتي أنعشت ذاكرتها وأرجعت إليها ذكريات طفولتها التي كانت تقضيها على الشاطئ عندما تزور جزر الكاريبي .سارت في الطريق غير المعبد وإعجابها باتقان بناء تلك البيوت المزينة بالشرفات المتعددة المزينة بالأزهار المتسلقة التي تزين الأعمدة يبدو في وجهها ،تراه في نظراتها التائهة وخطواتها المتعثرة .
وصلت إلى ذلك المبنى الكبير المزين بالقرميد ،إنه الوحيد على هذه الشاكلة غير أن له نفس طريقة البناء،صعدت الدرجات الخشبية الثلاث ،وقفت أمام الباب الخشبي المزين ببعض النقوش النباتية وأمسكت بالحلقة الحديدية المعلقة على الواجهة وطرقت بها الباب بلطف ،لم تنتظر إلا لحظات قليلة إذ سرعان ما طالعتها نظرات متعبة لعجوز غزا الشيب رأسه وعلامات الإرهاق بادية على وجهه ،بيد أنه ابتسم عندما ما رآها وأسرع يرحب بها قائلا:
_أهلا وسهلا يابنتي ،تفضلي تفضلي
وأفسح لها المجال لتعبر ،تبعته إلى مكتبه الذي يقع في آخر الممر ،وقفت في منتصف الغرفة وعيناها تلتهمان تلك الكتب المصفوفة على الجدران ،رأى تلك النظرات في عينيها فابتسم وقال:
_صدقت دايزي عندما قالت أنك لا تشبهينها!!
[/frame]
__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 05-02-2017, 01:21 AM
 
تابع

[frame="5 80"]التفتت ميديا إلى السيد هاري وهي تبتسم بعتاب :
_ماذا قالت عني؟؟
_لقد قالت أشياء كثيرة من بينها أنك فتاة مثقفة وهادئة ومحببة للنفس
ابتسمت بدفء وهي ترد:
_صحيح أنه يمكن أن يقال عني أني مثقفة ولكنها تفوقني ثقافة ولطالما تفوقت علي في المدرسة
_أنا لا أشك في قولك هذا فالذكاء ينضح من عينيها
تقدمت وجلست إلى المقعد الذي يقابل مقعد السيد هاري ،فقال:
_كم ستبقين هنا يابنتي؟؟
قالت وهي تسوي ثيابها:
_7 أو 8 أيام
ظهرت علامات الدهشة على وجهه وهو يقول:
_فقط !!
فأجابت بابتسامة:
_فقط ،سيكون علي أن أعود فلقد وعدت شقيقتي أنني سأكون وصيفتها يوم عرسها
تنهد متفهما وقال:
_حسنا لا بد أنك تريدين مقابلة دايزي،صحيح؟؟
هتفت بفرح:
_بالتأكيد
_حسنا هيا بنا

]

جلس إلى طاولة الطعام بعد تلك المشادة الصغيرة مع دايزي ،تقدمت الأخيرة منه وهي تحمل طبق الطعام فقال بسخرية:
_ألا يفترض بأن ترتدي العاملات زيا موحدا
طالعته بنظرة حادة ومن ثم ألصقت الطبق بالطاولة بقوة
نظر لما في الطبق باشمئزاز ومن ثم أبعده مبديا ازدراءه :
_ما هذا؟؟ أهو بقايا طعام؟؟
توجهت إلى مائدتها وجلست على الكرسي ،رفعت منديلا صغيرا ووضعته في حضنها ،ثم نظرت إلى الصحون وقالت :
_لا أستطيع أن أعد لك فطورا خاصا عليك أن تتناول ما يقدم إليك
قال بملل:
_وما هو هذا الذي في صحني ؟؟أنا لا آكل شيئا لا أعرفه!!
_إنه بطاطا مسلوقة مهروسة وعلى وجهها القليل من البقدونس ،وصحن من الأفوكادو بالإضافة إلى كأس من الحليب وموزة

قال ببطء:
_حسنا ليس هذا ما كنت أتوقعه ،فأنا لا أتبع حمية وأريد خبزا محمصا وعجة وبعض البيض المقلي
نهرته قائلة:
_هذا للعشاء
_وماذا ستقدمين لنا على الغداء؟؟
نظرت في طبقها وقالت:
_بالتأكيد لا تتوقع مني أن أقدم لك الكافيار وبعض الشامبانيا ؟؟
نهض من مكانه وذهب ليقف خلف مقعدها ثم انحنى وهمس في أذنها :
_لماذا ؟ هل يفوق هذا قدراتك؟؟

نظرت إليه باستعلاء وقد لمعت النظرات الماكرة في عينيها فالتفتت للأطفال الذين يشاهدون الموقف بدهشة:
_لقد قررت ماذا سنلعب اليوم
نظر إليها الجميع بترقب ،فقالت:
_سنملأ البلالين بالطلاء ونقذفها إلى لوحات بيضاء ومن يقدر أن يعطي تصميما مشابها لتصميم قميص أندريس فسينال مكافأة
قال أندريس من خلفها بحقد:
_لماذا تحبين افتعال المشاكل؟؟
اهتزت لنظراته التي أصابت أعماقها وبعثت القشعريرة في بدنها،إن له جاذبية مدمرة وهي لا تنكر هذا فهي تخاف من نظرات عينيه الجليدية وكلماته التي تقع عليها كالسوط ولكنها لن تستسلم ولن تنهار أمامه ،رفعت رأسها إليه فالتقت نظراتهما، أشاحت بعينيها بعيدا وقالت بهدوء يناقض الاضطراب المتولد داخلها:
_أنا لا أرفض التحدي وأنت من بدأ فلا تتوقع مني أن أسكت

[img]http://img104.***********/2010/05/01/168811516.gif[/img]

ارتدى الأطفال ما يقي ملابسهم وأمسكوا تلك البلالين فرحين بما اقترحته دايزي ،أما أندريس فقد توجه إلى غرفته وأخذ يراقب المنظر من نافذته .

أمسك نيكول بالونا ً وأراد قذفه إلى اللوحة البيضاء أمامه إلا أن البالون انحرف ليصيب القادمة الجديدة والتي صرخت حالما اصطدم بها البالون .
أخذت ميديا تنظر إلى نفسها ،يالهذه المهزلة لم يمض على وصولها سوى نصف ساعة وها هي ملوثة بلون بني يثير الاشمئزاز .
تقدم نيكول منها يريد الاعتذار غير أنها دفعته بعيدا وصرخت به قائلة:
_لماذا فعلت ذلك؟؟
رد بارتباك:
_أنا آسف يا آنسة لم أقصد
لكن أعصابها كانت منهارة جراء المحادثة التي تلقتها منذ دقائق قليلة حيث أبلغت أن والديها تعرضا لحادث سير،فتجمعت الدموع في عينيها وأخذت تضربه بقبضتيها على صدره حتى تأوه من الألم .
جاءت دايزي تستطلع سبب الصراخ فرأت ميديا منهارة بين يدي نيكول فاتجهت إليها وضمتها وأخذت تهدهدهاحتى توقفت عن الارتجاف وانتظم تنفسها فسألتها :
_عزيزتي ميديا ما الأمر؟؟
ردت ميديا من بين شهقاتها:
_أنا آسفة ،كان يفترض أن آتي للاطمئنان عليك وليس العكس
ابتسمت دايزي لصديقتها تنبئها بأن كل شيء سيكون على ما يرام ،ومن ثم ساعدتها على المسير واعتذرت لنيكول الذي وقف لا يعلم ما عليه أن يفعل .
تقدمت ساندرا منه بقلق ووضعت يدها على صدره تسأله عن حاله ،فأبعد يدها عنه وعاد أدراجه إلى البيت .
***
ابتسمت والدته (السيدة بروس) في وجهه فرد عليها بابتسامة مغتصبة وسأل :
_هل أبي هنا؟؟
فأشارت إلى المكتب،توجه إليه ثم أخذ نفسا عميقا وقرع الباب بهدوء,رد عليه من الداخل صوت عميق طلب منه الدخول ففتح الباب على مهل ثم دخل وأغلقه بهدوء
رفع السيد بروس نظره إلى ابنه وقال:
_حسنا
فقال نيكول وهو يبتسم:
_كنت محقا يا أبي لقد وصلت اليوم فتاة مزعجة إلى المخيم
_وهل تشاجرتما

تقدم نيكول بخطوات سريعة وقال بصوت مرتجف:
_ لقد ضربتني بدون سبب،هل تصدق هذا؟؟
أخذ يذرع الغرفة بخطوات سريعة وهو يقول:
_لقد كانت تبكي ،لكن ذلك لا يعطيها الإذن بضربي وتفلايغ غضبها في
_لم أنت غاضب هل آلمتك؟؟
وضع يده على صدره وأجاب :
_قليلا
_لا تقسو عليها يابني ، إنها فتاة وقد جاءت وحدها من بلاد بعيدة ولا بد أنها منهارة قليلا
قال بهدوء:
_لا أعلم ولكن يهيأ لي أنني أعرفها
داعبه والده قائلا:
_ه هل نقول الحب من أول نظرة

شكا نيكول بتعب:
_الأمر ليس مضحكا
_تحلى بالصبر بني

استدار نيكول وخرج من المكتب يشكر والده على النصيحة،ثم اتجه إلى غرفته وارتمى على سريره وهو يضع يده على صدره ،إنها فتاة مزعجة ولا مجال للشك بذلك ،ومهما قال والده فإنه لن يقتنع ،والحب من أول نظرة........... إنه لا يؤمن بهذه الرومانسيات ،حسنا إنه الآن لا يلوم أندريس على شجاراته مع دايزي فقد أدرك أنه في بعض الأحيان يسيطر شعور غريب عليك يقودك إلى أماكن لا تعرفها ويجبرك على تغيير تصرفاتك .



_آووووووووووووووووه دايزي لا بد أنه يكرهني الآن
_هوني عليك نيكول شاب مختلف عمن تعرفين إنه متسامح إلى أبعد الحدود

نهضت ميديا وأخذت تجول في أنحاء المكان وهي تردد بارتباك:
_لا أدري دايزي ما كان علي ضربه فما دخله بالحادث هو لم يقترف أي ذنب
والتفتت إلى دايزي تقول بحرارة:
_أرجوك دايزي أعتذري له نيابة عني ،أنا متعبة
_حسنا اخلدي إلى النوم وأنا سأكلمه

أوت ميديا إلى فراشها وسرعان ما غطت بنوم عميق فأطفأت دايزي النور وتمنت لميديا نوما هنيئا وأغلقت الباب، صديقتها حساسة جدا ولا تحب أن تجرح أحدا لكنها واثقة من أن نيكول سيسامحها فهي لم تكن واعية لما تقوم به.
ليس عليها أن تقلق ستصلح كل شيء على الغداء واليوم .
[/frame]
__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 05-05-2017, 04:30 PM
 
البارت السادس بعنوان شكر جزيلا

جلست ميديا تسرح شعرها بعناية وهي تنظر للمرآة بشرود ،لم تنتبه لدايزي التي دخلت إلى الغرفة واتجهت لنقف بجانبها إلا عندما سمعت ذاك الصوت المألوف يقول لها بقلق:
_لقد قيل لك أنهما بخير وأنهما لم يصابا بأذى فمالذي يقلقك.

توقفت ميديا عن تسريح شعرها قليلا ومن ثم وضعت الفرشاة على الطاولة أمامها ،وأخرجت شريطة وردية اللون وربطت بها شعرها ،بعد ذلك التفتت إلى دايزي وهي تقول بقلق بينما ملامح الخوف والارتباك واضحة على وجهها:
_هل تظنين أنه أصيب بأذى ؟؟
كورت يديها في حضنها ثم أكملت:
_ليتني لم أتعلم الكاراتيه!! على الأقل كنت أضمن أنه لن يصاب بأذى.

كتفت دايزي يديها وقالت بنفاذ صبر:
_قلت لك أنه سيكون بخير، ثم إنه ليس من ذاك النوع من الناس الذين ينزعجون بمجرد ضربة ،يحتاج نيكول لقذيفة مدفعية لينزعج.

حولت بصرها للنافذة وقالت:
_إنه لا ينزعج من أندريس فكيف سيفعل منك.
_آااااااه دايزي أنت تعلمين أنا دائما أتفق مع من لا تفعلين.

بان على دايزي الغضب ونفاذ الصبر ،فسارعت ميديا تمسك بيدها ومن ثم تجرها وراءها وهي تردد:
_عليك أن تطعمي الأطفال هيا.

اجتازت الفتاتان الطريق الترابي المؤدي إلى الغرفة الرئيسة للطعام ،ومن ثم صعدتا الدرجات الثلاث الخشبية المؤدية إلى بهو الغرفة، دخولهما لفت الأنظار فكما هو معتاد ،فتيات لندن الثريات يرتدين أفخر الملابس غير أن ملابس ميديا كانت أقل لفتا من تلك التي ترتديها دايزي ،تولت الأخيرة القيادة فأمسكت بيد ميدي وسارت بها إلى طاولة فارغة متجاهلة انتقادات أندريس وتعليقاته الساخرة حول تأخرها وعن كونها قدوة سيئة .
جلست الفتاتان إلى المائدة وميديا تكافح لكبت ابتسامتها ،لاحظت داي ذلك فتنهدت وقالت بهدوء:
_هيا ميدي أفصحي عما في داخلك.
اقتربت ميديا منها وهمست لها قائلة:
_قلت لي في أول مكالمة أن أندريس شخص غبي ،دميم ،متوحش وأن شخصيته أبعد ما تكون عن الدماثة.
ابتعدت قليلا ،ثم قالت وهي تميل رأسها ناحية أندريس الذي ظهرت تقطيبة ما بين حاجبيه وهو يستمع لأنيتا التي تربعت على عرش حضنه:
_هذا الوجه الإنجليزي اليوناني أبعد ما يكون عن الغباء.
قالت دايزي بملل:
_إذن لقد لاحظت؟!!
ابتسمت ميديا وقالت:
_أوه أجل رغم أن ملامح وجهه يونانية، إلا أن ذلك البرود الإنكليزي يجري في دمائه، ثم انظري إليه إنه يجيد الإنجليزية ويتحدث بها بطلاقة تامة.
قالت ذلك وهي تشير لدايزي إلى الملاحظات التي ألقاها حالما دخلتا،ثم تابعت:
_أما عن القبح فتعلمين أن ذلك ليس صحيحا البتة ،ولو كان متوحشا كما قلت لما كانت تلك الطفلة التي تبدو وكأنها ابنته تجلس في حضنه !!
دايزي ببرود:
_سيكون مخيفا لو كانت تلك ابنته ألا تعتقدين ذلك؟؟
ضحكت ميديا ضحكة موسيقية وأجابت:
_أنت لم تعطني الفرصة لأرى إن كان شخصا جيدا أم لا.
قفزت دايزي بفرح وقالت:
_هل ستحللين شخصيته؟؟ أنا واثقة من أنك ستصلين إلى نفس استنتاجاتي.

جاءها صوت ساخر من خلفها يقول:
_لسوء حظك أيتها العجوز الشمطاء ،لست فأر تجارب تلقين عليه تعاويذك لاختبارها .
استدارت دايزي وقالت بازدراء:
_حتى الفئران تخجل أن تشبه بها سيد سو.
قطب أندريس وردد :
_سيد سو ...... سيد سو........
دايزي ببرود:
_اسم عائلتك طويل لهذا اختصرته.
وخلافا لما توقعته تجاهلها، والتفت إلى ميديا مبتسما،ثم انحنى وأمسك يدها ولامسها بشفتيه وقال بدماثة:
_حمدا لله أنه يوجد آنسات يعرفن معنى الأنوثة على هذا الكوكب ،أهلا وسهلا بك آنستي.
اعتدل في وقفته وقال:
_آنسة ميديا راسل على ما أعتقد؟
ابتسمت ميديا بخفة وهي ترد على استقباله اللطيف بابتسامة مهذبة دون أن يخفى عليها غضب دايزي ،
ولكن ونظرا لأنها تعرف طبع دايزي ردت على تحية أندريس قائلة برقة:
_شكرا لك سيد سوفاكيس.
رد عليها بلطف:
_نادني أندريس فلا داعي للرسميات ميديا.
غمزته قائلة:
_كما تريد أندي.
شعر أندريس بالخطر يحيط به ،فتلك الشرارات التي تنطلق من عيني دايزي لا تنبئ بالخير ،وكما توقع لم تنس دايزي أن ترميه بإحدى تعليقاتها اللاذعة :
_لربما من الأفضل أن تناديه ديدي فهذا الاسم يليق به.
ظهرت علامات الاستياء على وجه أندريس الذي قال:
_أترين أنك من يسعى اإلى المشاجرات دائما أيتها الفأرة؟؟
اهتزت دايزي غضبا لهذا النعت، فرفعت إصبعها ناحيته وهي تقول باشمئزاز:
_أنت أيها الغول ،يا وحش المستنقعات ماذا تظن نفسك؟؟
رد هازئا:
_أظن نفسي غولا يتغذى على الإنكليزيات المغرورات!!

استمر هذا النقاش الحاد وارتفعت أصواتهما تملأ المكان وميديا واقفة تنظر إلى الوضع ببلاهة ،وتفكر: لم أكن أتوقع أن دايزي يمكن أن تصبح بتلك الوحشية إلا عندما تواجه سيلفيا .......سيلفيا يا إلهي عليها أن تخبر دايزي عن الأمر ، أخذت نفسا عميقا ومن ثم جهزت قبضتها وقامت بضرب الطاولة ،فحطمتها إلى نصفين .نظر لها كل من في القاعة بخوف وكذلك دايزي وأندريس اللذان توقفا عن الشجار يحدقان بما فعلته ميديا ،فكرت دايزي :يا إلهي لقد أصبحت قوية!! وسرعان ما افتر ثغرها عن ابتسامة وهي تقفز إلى صديقتها تحتضنها بسعادة و تقول بفرح:
_هل حصلت على الحزام الأسود أم ماذا؟؟
ميديا بخفوت:
_بلى، لقد كان كما قلت ،سهلا ولا يحتاج إلا إلى القليل من الشجاعة وأنا حقا شاكرة لك على التدريب .

تحولت نبرتها إلى الجدية وهي تقول :
_علي أن أقول لك شيئا مهما والآن!!

خافت دايزي قليلا ،أيكون قد حدث شيئ لوالدها؟؟شهقت بصوت عال وأخذت تحث ميديا على إكمال كلامهاوهي ترتجف،لاحظت ميديا ارتجاف دايزي فأحطاطتها بذراعيها وأخذت تربت على ظهرها قائلة :
_لا تقلقي لم يحدث أي شيء لوالدك ،و إن كان يهمك فكايل بخير أيضا.

رفعت دايزي رأسها دهشة لذكر ذلك الاسم والتفتت إلى ميديا كأنما تسألها إن كان الموضوع بخصوص، كايل أومأت ميديا برأسها إيجابا و قالت ترد على تساؤلها:
_أجل الموضوع بخصوصه وسيلفيا كذلك.
تمالكت دايزي نفسها عند سماعها لاسم كايل ،لم يجرؤ أحد غير ميديا على التفوه بهذا الاسم ،هذه الصراحة التي تتمتع بها صديقتها مخيفة.

أمسكت دايزي يد ميديا تريد أخذها إلى مكان آخر ليتحدثا غير أن نيكول صاح من خلفهما:
_إلى أين؟؟ إنه وقت الغداء.
واتجه مسرعا إلى دايزي وانتزع يديها من يدي ميديا وهو يقول :
_لا يجب على الأميرات أن يسرن مع الساحرات ،فقد تنقلب الساحرات عليهن في أي وقت.
لم تخف لهجته المبطنة بالسخرية على أي من الذين كانوا في القاعة،أحنت ميديا رأسها بحزن بينما التفت له دايزي وقالت بغضب:
_ما هذا الكلام ؟؟ نيكول اعتذر حالا؟؟
رد بغرور:
_ولم علي أن أفعل ذلك؟؟
_لأنك أسأت لها !!

ودخلا في مشادة عنيفة بينما ميديا محنية رأسها تراقب المشهد بحزن ودموعها بدأت تنهمر كحبات لؤلؤية ،
أخذت شهقاتها تعلو وتعلو حتى تحولت لآلئ الدموع إلى شلالات والبكاء الصامت إلى بكاء عال مرير تتبعه العديد من الشهقات .توقفت دايزي عن مشاجرة نيكول واتجهت بسرعة إلى ميديا تحتضنهاوتواسيها ،ورويدا رويدا بدأت شهقاتها تقل ودموعها تجف، ولم تعد ترتجف كما في السابق ،ضمتها دايزي في حنو وهي تقول:
_لا بأس ميدي ،اهدأي كل شيء بخير.
رفعت ميديا رأسها والدموع لا تزال معلقة برموشها وأومأت بهدوء،نظرت إلى نيكول وقالت بخجل وارتباك:
_أنا آسفة لم أكن أقصد ما فعلته معك صباحا، الأمر هو أنني كنت منهكة ومتعبة ،هل أنت بخير؟؟
ارتبك واحمر وجهه فاستدار وأعطاها ظهره ليغطي خجله وهو يفكر: يا إلهي إنها تبكي وهو يكره دموع الفتيات إنه ضعيف أمامها ماذا عليه أن يفعل الأفضل له أن ينسحب حاليا،قال بهدوء وهو يعطيها ظهره:
_أجل.....أنا بخير .
نظر إليها ولاحظ الدموع في عينيها فتنهد بتعب و قال ببطء:
_أنا آسف إن كنت قد آذيتك ،أتمنى لك إقامة سعيدة معنا .
قال جملته الأخيرة وهو يبتسم ثم أكمل طريقه وأخذ ذراع أندريس يجره وراءه وقال بصوت عال:
_الأميرات لديهن كلام يردن التحدث به ،ونحن ليس علينا أن نقترب حتى ينتهين.
غمزهن بلطف وسار يدفع أمامه أندريس الذي كان يطلق العديد من الشتائم باليونانية ،آخرها جعلت الفتاتين تحمران خجلا،بحيث صرخت عليه دايزي :
_ألم أقل لك لا تكرر هذه الشتيمة؟؟
التفتت إلى الخلف تنظر بشر إلى ميديا التي بدأت تضحك بخفوت ثم أخذ صوت ضحكاتها يرتفع ويرتفع،
انتظرتها دايزي حتى انتهت ثم قالت لها بعتاب مصطنع:
_وأخيرا انتهيت !!
تنفست ميديا بعمق وابتسمت باشراق ثم قالت:
_أنا متأكدة أن العطلة التي سأقضيها معكم ستكون ممتعة جدا.
كورت يديها وقالت بارتباك:
_ونيكول يبدو لطيفا أيضا.
دايزي بسخرية:
_لطيفا فقط؟؟
غضبت ميديا وقالت:
_منذ ثوان كنا نتشاجر.
قاطعتها دايزي :
_تقصدين: كنتما تتشاجران فأنا من كانت تصيح ،إن كنت تذكرين؟؟
توهج خدا ميديا بلون وردي خفيف وقالت بخفوت:
_دايزي ، أنت تشبهين نيكول تارة غاضبة، وتارة أخرى سعيدة يبدو أن لديكما انفصاما في الشخصية.
حدجتها دايزي بنظرة نارية أسكتتها وجعلتها تتراجع عن كلامها.

جلسا بعيدا عن الفتاتين يراقبانهما ،كان نيكول ينظر لميديا ووجهه محمر بشدة ،نظر أندريس لحيث ينظر هو ثم تمتم بكلمات غريبة،التفت إليه نيكول يسأله عن المعنى ،فقال أندريس بكسل:
قلت الحب من أول نظرة.
ارتبك نيكول وازداد احمرار وجهه ،فأشاح بنظره بعيدا عن أندريس الذي تنهد وقال بهدوء:
_عندما دخلت كنت أظنك مقبلا على حرب، ولكن أن تؤول الأمور لهذه النتيجة بسبب دموع فتاة ،واااااااااااو هذا فوق التصور .
لكزه نيكول ،وقال بارتباك ظاهر:
_عندما قدمت كان كل همي أن أزعجها ولكن المشكلة ليست فيها أو أنني أحبها كما تقول أيها الغبي، وإنما أنا ضعيف أمام دموع الفتيات بشكل عام.
أندريس بمكر:
_إذا لماذا كنت تنظر لها؟؟
نيكول ببلاهة:
_أيها الغبي!! كنت أنظر لدايزي وليس لميديا ،لقد كانت الأخيرة تريد أن تقول لها شيئا مهما.
تنهد أندريس وأراح رأسه لمسند الكرسي وقال مراوغا:
_مهما قلت فلن أصدقك .
_لا يهم سواء صدقتني أم لا.

قالها وهو مغمض العينين وعندما لم يجبه أندريس شعر بأن الصمت طال ، ففتح عينيه ينظر إلى القاعة التي اكتمل عدد الأطفال فيها وانتظموا في أماكنهم ،ثم حول نظره إلى أندريس الذي تبدو التسلية جلية على وجهه،فكر في نفسه :لقد عرفت ،معركة أخرى بالتأكيد .وهذا ما حدث بالضبط ،إذ صاح أندريس بصوت عال :
_أيتها الخادمة !!هلا أحضرت الطعام نحن جياع؟؟
شيء سريع مر بجانب نيكول واتجه ناحية أندريس الذي أمسكه بسهولة ،نظر الجميع إلى دايزي التي تقف في نهاية القاعة تشتعل غضبا ،فكر أندريس بسخرية :لقد عرفت نفسها ،ولم تخف عليه تلك النظرة الحاقدة في عينيها فقال :
_لأنني رجل لطيف وسمح فسأسامحك لأن هذا الصحن أفلت من يدك ،أنا أعلم أنك تعانين من مرض ما يجعلك غير قادرة على التركيز.
مع آخر كلمة قالها انهالت عليه الصحون واحدة تلو الأخرى بينما كان هو يلتقطها ويجمعها كلها, واحدة فوق الأخرى.وعندما انتهت حمل كومة الصحون واتجه ناحيتها وأراد أن يعطيها إياها ،لكن النظرة المتمردة التي بانت على ملامحها منعته، وأخبرته شرارات عينيها أنه إذا اقترب فسوف تحطم الصحون فوق رأسه ولذلك أوقع الصحون التي تحطمت واحد تلو الآخر لتملأ الأرض بالزجاج المهشم المكسر، صرح أندريس بحزن زائف:
_آاااااااااااااااااااسف دايزي. هلا جمعته ؟؟
وجهت إليه نظرات حاقدة حارقة ،ولكنها لم تقل شيئا وإنما انحنت ببطء وأخذت تجمع الزجاج ،وشعرها يغطي على عينيها ، أثناء جمعها للزجاج جرحت إصبعها فسارعت ووضعته داخل فمها . انحنى أندريس حتى وصل مستواها، وأخرج إصبعها من فمها ونظر إليه ،وقال بهدوء:
_الجرح ليس خطيرا .لا تقلقي دايزي .
أومأت برأسها ونهضت بدون أن تقول أية كلمة واتجهت إلى المرحاض المرفق بالمنزل وغسلت إصبعها ونظفته من الزجاج العالق فيه . أغلقت الصنبور والتفتت إلى الخزانة الصغيرة المعلقة على الحائط خلفها ،فتحت بابها بهدوء فصدر عنه أزيز مزعج ،أخرجت مطهرا أصفر اللون موضوعا في زجاجية ذات لون داكن وبعض القطن وضمادة.فتحت علبة المطهر ،ووضعت القليل منه على القطن ثم وضعته على إصبعها وضغطت عليه بقوة ، نظرت إلى القطن نظرات فارغة ،سارحة.

كايل........لقد اختفى منذ عدة سنوات ...... 3سنوات بالتحديد لسبب تافه .........على أية حال هذا ما اعتادته ،فقد كان طفلا مشاكسا في صغره وتسبب لوالده بمشاكل كثيرة ،وبعد كل مشكلة كان يختفي تاركا والده ووالدها يواجهان ما خلفه وراءه بإهمال .......لربما كان يشعر بالفراغ لأن والدته توفيت أثناء ولادته ،ولأن والده كان يعمل طوال النهار،لكن هذا لم يكن خطأ والده فقد أراد أن يلبي كافة احتياجات ابنه ،ولو لم يعمل بجد لما دخل كايل أفضل مدارس إنجلترا ،ولما حصل على درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي من جامعة أوكسفورد.

ابتسمت دايزي لهذه الذكريات التي أخذت تداعب ذهنها فجأة ، حملت الضمادة وخرجت إلى الغرفة المجاورة، وهي غرفة صغيرة ذات جدران عالية وسقف مزخرف ،فيها نافذة واسعة أسدلت عليها ستائر بنية ثقيلة ، تحجب ضوء الشمس بصورة شبه جزئية عن الغرفة، حيث استطاعت أشعة الشمس اختراق هذه الستائر بشكل قليل معطية بذلك ضوءا خفيفا للغرفة ومضفية عليها جوا ثقيلا يبعث على النعاس،ولكنه رغم ذلك مريح. يوجد في الغرفة العديد من الرفوف المحملة بكتب مختلفة الألوان ،كل منها يتناول موضوعا مختلفا عن الآخر ،وهي مرتبة حسب مجالاتها ،فهناك قسم للطبخ ، وآخر للتاريخ ،وغيره للجغرافيا ،والأدب ........والعديد العديد من المجالات المختلفة.
تجاوزت دايزي الرفوف متجهة إلى أريكة مريحة ذات لون تبني لطيف ،نفضتها من الغبار ثم جلست على طرفها وأبعدت القطنة ولفت يدها بالضمادة.

صوت كسول نبهها إلى أنها ليست وحيدة في الغرفة، حين قال:
_ لماذا تهولين الموضوع؟ إنه مجرد جرح صغير !!
ابتسمت بهدوء ،ورفعت يدها تغطي عينيها من أشعة الشمس التي مالت قليلا ملقية بتلك الأشعة الباهتة عليها،وقالت بهدوء:
_كايل كان يفعل هذا لي دوما عندما كنت أقع أو أجرح ،كان يخاف علي كثيرا وأظن أن هذه أصبحت عادة.
ابتعد عن إطار الباب الذي كان يستند إليه ،واقترب منها بهدوء ،وقال بحذر منتقيا كلماته عالما أنه يخوض في شيء خطر:
_هل يمكن أن أسأل :من هو كايل؟؟

لاحظ أن قسمات وجهها لانت قليلا عند ذكر اسمه وأن ابتسامتها قد اتسعت ،رفعت عينيها إليه وقالت باسمة:
_إنه الشخص الذي قضيت معه طفولتي ،وهو الشخص الوحيد الذي استطعت الاعتماد عليه ،بالتأكيد لا أنسى ميديا ولكن ....ميديا أعرفها منذ الصف السادس بينما كايل......

صمتت قليلا كأنما تتذكر كل الأيام التي قضتها مع كايل ،في حين تجهم وجه أندريس يفكر بهذا الشخص الذي استطاع أن يأسر دايزي بسحره ،شعر كأنما طعنه أحد في صدره ،فمجرد التفكير بأن دايزي تحب ذاك الذي يسمى كايل يؤلمه.....ولكنه لا يعلم السبب !!
جلس بجانبها ورسم على وجهه ابتسامة حذرة مرتبكة ، ولم يفت هذا الارتباك دايزي ،التي سرعان ما قطبت حاجبيها ونظرت إليه بتصميم ،قطب أندريس كذلك ونظر إليها متجهما وقال :
_لا تقطبي . من علمك هذه التقطيبة؟؟
كانت إجابتها أن مدت يدها وفرقت حاجبيه ، ابتسم قليلا لحركتها ثم أخذت ابتسامته تتسع وتتسع حتى تحول الأمر إلى قهقه عالية ،خلفت صداها في أرجاء الغرفة.

ثم ..............هدوء تام.........هذا ما كانت عليه الغرفة بعد أن أنهى أندريس ضحكة ،اعتدلت دايزي في جلستها وتململت قليلا،التفت أندريس إليها وقال بلطف:
_هل كايل حبيبك؟؟
هزت رأسها نفيا ،فقال :
_عشيقك؟!
احمرت وجنتاها وهزت رأسها بقوة نافية ذلك الادعاء،ابتسم برقة وقال وهو يمسك يديها بين يديه:
_صديقك؟!
قالت بهدوء:
_إنه أقرب ما يكون إلى الأخ ،إنه أخي بالرضاعة ،فقد توفيت أمه بعد ولادته مباشرة ،فقامت أمي بإرضاعه .

أخذت نفسا عميقا وأكملت:
_أنا وهو في نفس العمر،أنا أكبره بأسبوع كامل .
صمتت من جديد ثم عادت وأكملت وقد شقت ابتسامة فاتنة طريقها إلى ثغر دايزي:
_رغم أنه ليس شقيقي إلا أنه يشبهني ،لنا نفس الطباع وكذلك شكل العينيان ولكن عيناه خضراوان وشعره أغمق من شعري فهو بلون العسل .

شعر أندريس بأن ثقلا انزاح عن صدره بعد أن عرف هذا الذي يدعى كايل ومن يكون بالنسبة لدايزي،وقد عزى ذلك لرقة قلبه وتأثره الذي ورثه عن والدته !! ولكن ...........................
نهض أندريس ،ثم جذبها لتقف وقال بمرح أضاء عينيه :
_قلت أنكما عشتما زمنا طويلا ،وأنا متأكد بأنه لن يستغني عن الذكريات التي قضاها معك ،ولن يجعلها تذهب مهب الريح بسبب خلاف بسيط بينكما.

رفع يديه إلى وجهها ورفعه لتقابل عيناه عيناها ،فدايزي وإن كانت طويلة ذات 175 سم إلا أن أندريس يفوقها طولا ويشعرها بالضآلة ،ابتسم في وجهها بسخرية كسرت ذاك الجو الساحر الهادئ الذي كان بينهما وقال:
_يالك من مربية سيئة !! لقد تركت الأطفال جوعى وهم في أمس الحاجة إلى الغذاء، فلديهم مسابقة اليوم.
في البداية ذهلت دايزي للتحول الذي طرأ على أندريس ولكنها ابتسمت بتحد بعد ذلك ،وأبعدت يديه عنها،وقالت مشيرة إليه :
_لا تنس نفسك سيد سو ،فأنت مشرف على الأطفال وهاقد تركتهم ولحقت بي .
كتفت يديها وقال بخبث:
_لربما على السيد هاري أن يعاقبك بالنوم في مهجع الأطفال مجددا؟؟
قهقه أندريس بصوت عال ،وقال:
_لقد كنت نائما عند أنيتا لأنها طلبت ذلك ،وليس لأنني كنت معاقبا .
استدار عنها ومشى بخطوات ثابتة راسخة على الأرضية الخشبية متوجها إلى الباب ذي اليد الذهبية ،وضع يده على اليد ،وضغط قليلا ،ثم التفت إلى دايزي وقال مبتسما:
_لديك صديقة لطيفة .
تبعته إلى حيث توقف ،وضعت يدها على كتفه وشكرته باليونانية لاستماعه لها والتخفيف عنها،لم يجب وإنما أمال رأسه بخفة ،وفتح الباب وخطا خارجا ودايزي تتبعه مبتسمة.

وصلا صالة الطعام الكبيرة ،وما إن أطل أندريس حتى هرعت أنيتا إليه تحتضنه بشدة ،رفعها أندريس عاليا وأخذ يكلمها بينما التفتت دايزي لبقية الأطفال وقالت:
_والآن سنتناول الطعام وهو عبارة عن: سلمون مدخن ،سلطة خضراء ، الكاري بالأرز واللحم المشوي.
اهتزت القاعة فرحا ،في حين أكملت دايزي:
_المقبلات :خبز محمص والقليل من العصير ،أما الحلوى فكعكة الفراولة.

تعالت صيحات الأطفال تشكر دايزي في حين هرع نيكول إلى دايزي واحتضنها بقوة ،وعندما سألته عن سبب ذلك،أجابت ساندرا ضاحكة من خلفه:
_نيكول وأندريس يحبان كعكة الفراولة كثيرا .
وافق نيكول بحماس بينما أشاح أندريس بوجهه واتجه ليجلس في مقعده،نظرت دايزي إلى الأخير بسرور وابتسمت بود قائلة في نفسها:
_شكرا جزيلا لك. ش
__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-05-2017, 04:35 PM
 
البارت السابع بعنوان المكالمه الهاتفيه

[frame="3 80"]ضاع صوتها الرقيق الحاد في ثنايا الهتافات، التي تعالت حالما أعلن السيد هاري عن ابتداء المهرجان السنوي ((للبلاد السعيدة)) ، حاولت أن ترفع صوتها قليلا لكن عبثا تحاول ، ففرح الأطفال طغى على رغبتها بإسكاتهم ،
حتى أنيتا العابسة دوما ابتسمت وراحت تصرخ كبقية الأطفال ، فما كان منها إلا أن ابتسمت بهدوء واتكأت إلى الطاولة الخشبية الموضوعة خلفها ، نظرت إلى الأطفال بحنان وراحت تحسدهم على براءتهم ، وسرعان ما غزت الذكريات رأسها ،ذكريات عنها وعن كايل عندما ذهبا إلى مدينة الألعاب وضاعت هناك ، وذكريات عن عيد ميلادها 16 وكيف حاول كايل أن يحمل تلك الكعكة الكبيرة ،و انتهى الأمر بوقوعها فوق دايزي التي قذفته بالكريما جزاء لفعلته ،والعديد العديد من هذه الذكريات.
_بماذا تفكر الأميرة؟؟
التفتت إلى نيكول الذي همس لها بهذه الجملة ،وعلى وجهها ابتسامة مشرقة وهي تقول:
_لا شيء ،كنت أفكر فقط بطفولتي وكيف قضيتها واستمتعت بها .
ابتسم باشراق هو الآخر ،وقال:
_هـــــــــــــــــا ، سأكون سعيدا بالاطلاع على بعض هذه الذكريات التي لا تنفك تسرقك منا .
اتكأ إلى الطاولة بجانبها وراح يتطلع إلى الأطفال بابتسامة غزت ثغره الرقيق :
_بالنسبة لطفولتي فقد أمضيتها في مضايقة ساندرا وتعذيبها ، كما كدت أصيب أمي بالجلطة مرتين أو ثلاثة، وكنت سأذهب إلى السجن وذلك لدخولي في قتال شوارع.
_كـــــــــــــــــــــــــــــــــاذب.
هذا ما صرحت به ساندرا وهي توجه نظرات عينيها اللوزيتين إلى شقيقها الذي قال متحديا:
_ألم تهربي من الصف أنت وسوزي الغبية ،عندما وضعت ذلك الضفدع بين كتبك؟؟
اهتزت ساندرا للذكرى وصدت عن شقيقها بقرف ، استندت إلى الطاولة على الجهة الأخرى لدايزي بعيدا عن نيكول، الذي أخذ يضحك بشماتة ،نفضت ساندرا يديها كأنما بفعلتها هذه تتخلص من تلك الذكرى المقززة التي أثارها نيكول ، التفتت إلى شقيقها وقالت معاتبة:
_لا زلت ترفق لقب الغبية بسوزي، على الرغم من كل الوقت الذي قضيتماه معا .
التمعت عينا دايزي بالمكر وهي تهز رأسها بخبث وتهمهم بالإيجاب ، في حين اقتربت سان منها وأخذت تتلو عليها العديد من المواقف التي مرت بنيكول ولوسي ،وعلى الأغلب أنها لا تشمل أي شيء ذكرى صحيحة، لكن دايزي كانت تستمع بإنصات ،وتهز رأسها وفجأة رفعت رأسها وصوبت نظراتها النافذة نحو عيني نيكولوس، وسرعان ما أمسكت بياقة قميصه وجذبته لتصطدم عيناها بعينيه ،اللتين أخذتا تبحثان عن مهرب من نظراتها الخبيثة ، سألت دايزي بهمس:
_كيف كانت قبلتك الأولى نيكول؟؟
احمر نيكول خجلا واضطرب ،ولكنه قال :
_أنا لم أنلها بعد .
أمعنت دايزي النظر في عينيه أكثر وهي تعيد:
_كيف كانت قبلتك الأولى نيكول ؟؟
بدى الإصرار جليا في عينيها ،مالذي تريده منه ؟؟ ولم لا تصدقه ؟؟ أمسك بيديها وأبعدهما برفق عن قميصه، وقال بثقة :
_أقول لك لم أنلها بعد !! ألا تصدقين ؟؟
تنهدت دايزي بأسف وهي تقول بخيبة:
_ يا إلهي ،تجاوزت الثانوية ولم تنل قبلتك الأولى بعد!!
رفع نيكول حاجبيه باستغراب وسأل بهدوء:
_وهل نلتها أنت ؟؟
صرخت به دايزي وهي تجيب بعاطفة جياشة صادقة:
_لن يقبلني سوى زوجي ،فهمت؟؟
تراجع قليلا للخلف ،وقال بارتباك :
_أجل فهمت .
_ياله من تعيس حظ ذاك الذي سيتزوجك .
صوته الساخر ولكنته المتقنة ،وتلك النبرة الكسولة في صوته تثيرها وتحفز روح القتال لديها ،وتفجر كل الطاقات المخبأة المخفية خلف وجهها الجميل الساحر وعيناها الواسعتان الخلابتان ، وجسدها الرقيق الممشوق وصوتها الهادئ و الحاد في نفس الوقت:
_مالذي تريده سيد سو؟؟
سألته بهدوء وهي تدقق النظر بملابسه ، يبدو مختلفا اليوم فشعره مرتب على غير العادة، وهويرتدي قميصا قمحي اللون وعليه العديد من الخطوط المتداخلة باللون الأسود ،كما أنه وأخيرا يرتدي بنطالا استطاعت التعرف على لونه إذ أنه باللون الأسود الحالك ،على الرغم من أن ملابسه كانت جيدة إلا أنها لم تستطع أن تمنع لسانها من إطلاق تعليق ساخر :
_هل أخطأ أحدهم ونظف فرشاة الدهان بقميصك؟؟
بان على وجهه السخط ،لقد استيقظ صباحا وهو مصاب بصداع رهيب إذ كان عليه أن ينجز بعض الأعمال الخاصة بالشركة مساء أمس ، ولكن يبدو أن الأمور معقدة جدا، فهو في إجازة و الشخص الوحيد الذي يعتمد عليه في إنجاز أعماله - ابن خاله ( ليسندر) – سافر إلى جزر الكاريبي لإنجاز صفقة مهمة من ثم سيأخذ إجازة،وهو لا يملك شخصا آخر ليعتمد عليه ،فما كان منه إلا أن أقام اجتماعا الساعة 12 ليلا ، انتهى الساعة 4.5صباحا ، وكانت كل العثرات قد أزيلت ووضعت خطط مستقبلية ،كما أمر بعقد اجتماع كل ليلة يبدأ الساعة 11 ليبقى مطلعا على كل مايجري.
نظر إليها بملل وهو يقول:
_لا أيتها الفأرة ،لقد ظننت أنه سيعجبك لهذا ارتديته !!
حدقت في عينيه بتمعن،ثم مدت يدها إلى جبينه في حين أنه قطب حاجبيه فرفعت يدها الأخرى وفرقت حاجبيه، ومن ثم أزالت يديها معا ،وقالت متسائلة وقد قطبت كما فعل أندريس قبل قليل:
_حرارتك معتدلة ، كنت أظنك مريضا بحيث أنك تريد أن ترتدي شيئا يعجبني .
مد يده وفرق حاجبيها ،فابتسمت وقد تسللت حمرة الخجل إلى خديها ،في حين نظر نيكول إليهما وهو يهز رأسه بمكر ويهمهم بكلمات غريبة .
التفتت إليه دايزي تسأله عما يقول ،فهز رأسه موحيا إليها ألا تهتم ،لكن أندريس قال بوضوح:
_لا تفكر حتى في ذلك نيكول .
التفتت إليه متسائلة:
_ماذا تعني؟؟
وضع أندريس يده على رأسها وبعثر شعرها وقال مبتسما:
_ أنت لازلت فتاة ساذجة .
لم تنتبه إلى ما قاله وإنما تركيزها كان منصبا على يده التي تبعثر شعرها ، كانت تحس بشعور قوي ...............
شعور يدفعها لأن تثور وتصرخ في وجهه وهذا بالضبط ما فعلته أمسكت بيده وأبعدتها بقسوة عن شعرها وراحت تصيح:
_أتعلم كمية الجهد الذي تكبدته هذا الصباح لأقوم بتنسيق شعري ؟؟ بالطبع لا !! لقد كان علي أن أضع عليه حوالي 50 مادة حتى أستطيع ضمه لبعضه .
ساندرا ونيكول ...... الصدمة........خيبة الأمل ......لم يكونا يتوقعان هذه النتيجة على عكس أندريس الذي يبدو أن النتيجة أسعدته إذ افتر ثغره عن ابتسامة جذابة وهو يراقب تصرفاتها الطفولية ،كيف تقفز ؟ كيف تصرخ؟ كيف تعاتبه وتؤنبه ؟ يبدو أن إزعاجها يسعده .

صوت ضعيف محبب للجميع جذب انتباههم وهو يقول:
_أندريس هاتفك النقال يرن،وأنت دايزي لديك مكالمة من والدك.
قالت دايزي ببكاء مصطنع:
_لماذا يحق له أن يحمل هاتفه النقال بينما لا يسمح لي بذلك؟؟
أبدى السيد هاري أسفه لهذا الأمر،وقد لانت ملامحه،وقال:
_والدك طلب ذلك ،أما عائلة أندريس فلم تشترط شيئا !!
بان على دايزي خيبة الأمل ،ولكنها أخفتها خلف ابتسامة رقيقة رسمتها على ثغرها الصغير الذي يعلوه أنف صغير شامخ ،وسارت خلف السيد هاري إلى منزله الصغير الدافئ المكون من غرفة نوم واحدة وحمام ومطبخ صغير عصري وغرفة جلوس ومكتب .
أشار لها على هاتف أسود اللون موضوع على منضدة مكتبه ،سماعة الهاتف موضوعة على المنضدة وهناك أصوات خافتة ومشوشة تصدر منها ، أومأ لها السيد هاري مبتسما ثم انسحب،أغلقت الباب الخشبي الثقيل خلفه ثم سارت إلى المنضدة ،توقفت لبرهة تستجمع أنفاسها الخائفة ،تحس بأن الهواء سيتلاشى وأنها ستختنق ،صرخت لنفسها:تمالكي نفسك يا فتاة إنه والدك ، وليس من المفترض أن يتصل عندما يحدث سوء فقط ،أنتما على علاقة جيدة وأنت ابنته الوحيدة وهو يريد أن يطمأن عليك وحسب .
رفعت السماعة بيدها الرقيقة حتى وصلت إلى أذنها التي زينت بحلق فضي اللون كان مخفيا خلف شعرها الذهبي، الذي تركته ليسترسل على ظهرها بعد أن بعثره أندريس ويئست من إعادة رفعه مرة أخرى، مررت لسانها على شفتها السفلية التي كانت تهتز باضطراب ،وقالت :
_مرحبا .
جاءها ذلك الصوت الرجولي الدافئ، الذي لطالما اعتادت عليه في صغرها يقول بوضوح يوحي بأن صحة والدها في تحسن:
_ فتاتي الصغيرة ،كيف حالك يا ابنتي ؟؟ تتركين والدك هكذا من دون أن تتصلي به ؟!
اضطربت في البداية ولكنها سرعان ما تنهدت براحة للتحسن الذي طرأ على والدها ، جلست إلى كرسي المكتب المريح وردت براحة بلغت مسامع والدها:
_أنا بخير ، ميدي هنا ،وأنت تعرف مادامت ميديا هنا فأنا بخير حتما.
على الطرف الآخر جلس رجل قوي البنية ذو شعر أشقر تخلله الشيب وعينان بنيتان ، إلى كرسي مريح يبدو قديما وفخما ، الحطب يحترق أمامه في الموقد المذهب الذي يعتليه تلفاز ذو شاشة مسطحة ، كان يحمل في يده كوبا من القهوة الساخنة التي يتصاعد بخارها ويدخل إلى رئتيه مانحا إياه شعورا بالدف، وباعثا في نفسه بعض الذكريات عن زوجته الجميلة، التي كانت تعد له القهوة كل صباح قبل ذهابه إلى العمل ،وتحضر له كوبا آخر عندما يعمل في منتصف الليل ، جاءه صوت ابنته الرقيق الذي يذكره بصوت زوجته الراحلة يقول:
_ أنا بخير ،ميدي هنا وأنت تعرف مادامت ميدي هنا فأنا بخير حتما.
ابتسم برقة ووقار ،ولكنه أخذ يتصنع الحزن وهو يقول:
_إذا أنت لا تحتاجين إلى رجل عجوز مثلي هذا!! ما تريدين قوله ،صحيح؟؟
ها قد عاد حس الفكاهة إلى والدها الذي لطالما امتاز بمرحه وحبه للجميع ،قالت بدلع وغنج:
_ أبي لازلت في 45 من عمرك ، لست كبيرا إلى ذاك الحد ، وأنا في الحقيقة أفكر في تزويجك .
قهقه والدها من الجهة الأخرى ثم قال وعيناه تلتمعان ببريق خافت:
_ هذه هي ابنتي إنها تفهمني تماما.
شهقت دايزي ،وقالت بفرح وحماس:
_أنت صادق أبي !! كان عليك أن تتزوج قبل عدة سنوات عندما كنت في الثلاثينات من عمرك .
وصلتها تنهيدة والدها المتعبة عبر الهاتف ،ثم صوته الحزين يقول:
_كان صعبا عليدايزي، أنا ووالدتك تزوجنا عندما كنا في 20من عمرنا وعندما بلغنا 23 من العمر وهبنا الله فتاة بالغة الجمال والرقة هي أنت ، لكن والدتك لم تستمر كثيرا لقد تركتني بعد 6 سنوات دايزي أي عندما كنت في الثالثة،لقد كنت أحبها ،هي الوحيدة التي وصلت إلى قلبي واستطاعت فتحه ،هي من علمني كيف أحيا وأستمتع بالحياة ،لقد كانت أجمل هدية في حياتي ،وعندما رحلت تركت لي أجمل هدية مشتركة حظينا بها ألا وهي أنت .

سالت دموع دايزي على وجنتيها ،وصبغت خدودها باللون الوردي اللطيف بدت كدمية بل كأميرة قادمة من بلاد الأحلام البعيدة بشعرها المتهدل على وجهها وجلستها الرقيقة الواثقة ، ردت دايزي على والدها من بين شهقاتها :
_لا زلت أبكي كلما سمعت هذه القصة منك أبي ،رغم أنك قلتها لي مرارا ،إلا أن دموعي تنسكب حالما أسمع هذه الكلمات تنساب من بين شفتيك .
جففت دموعها بأطراف أصابعخها المرتجفة، وهي تقول:
_ربما لأنك أحببت أمي بحق !! إنني أستشعر الصدق في كلماتك وهذا ما يهز كياني .
جاءها صوته الحنون بعيدا وهو يقول:
_دايزي يا ابنتي ، إن أردتني ألا أتزوج فلن أفعل ؟؟
وعلى الفور جاءه الرد بالنفي، إذ قالت:
_لا أبي ، أنا حقا أريدك أن تتزوج وتعيش حياتك ،يكفيني أن أعلم أنك أحببت أمي.
_وسأظل أحبها حتى آخر نفس لي .
قالها والدها بهدوء ، ناقلا ذلك الهدوء الذي يشعر به لابنته الغالية .
همست بهدوء:
_أحبك أبي.
فقال بهدوء يشع حبا :
_وأنا أحبك يا فتاتي الصغيرة .
صمت قليلا ، ثم وضع كأسه على الطاولة الزجاجية أمامه وهو يقول:
_كيف هي الحال مع السيد سوفاكيس ؟؟ سمعت من السيد هاري أنكما على خلاف دائم !!
قالت دايزي بتعجب:
_أندريس ؟؟ تقصد أندريس ؟؟
تمتم والدها بموافقة فتابعت:
_إنه شخص مزعج يعتبر الجميع أقل منه شأنا ، لا يهتم إلا لكبريائه اللعينة لقد وصفني بالمدللة.....
قاطعها والدها:
هذا ما أنت عليه!!
صرخت بعتاب:
_أبـــــــــــــــــــي !!
لم يقل شيئا فأكملت :
_ إن لديه ذوقا سيئا في اختيار الملابس ،لا يجيد ترتيب شعره فهو مشعث دائما على الرغم من أنه يبدو ناعما فهو يتحرك كلما هبت نسمة هواء ولو كانت بسيطة ، ثم.....هل تصدق لقد دعاني بالفتاة الساذجة قبل قليل؟؟
بدت على ثغر والدها ابتسامة غامضة وهو يقول:
_لو لم يكن أندريس عندك لكنت مللت منذ زمن .
صمتت قليلا تفكر فيما قاله والده فاستنتجت أنه صحيح ،فهي تملأ وقتها بالشجار معه ومعاتبته وتأنيبه ، استغل والدها الصمت وقال :
_صفيه لي .
_لم أفهم .
فقال :
_أقصد شكله :طويل ، قصير ، نحيف ، سمين............
وضعت دايزي قدمها اليمنى على اليسرى وأغمضت عينيها وهي تقول:
_ حسنا ، إنه طويل حتى بالنسبة لي بحيث يتوجب علي أن أرفع نفسي عند مخاطبته ،جسده مفتول بالعضلات ولكن ليس بشكل مبالغ فيه ،مما يعني أنه معتدل البنية ولكنه مع ذلك قوي !! له شعر أسود حالك كالليل ،وجبهة سمراء عريضة، وعينان زرقاوان حادتان كعيني الصقر ، له أنف مستقيم أرستقراطي شامخ وفم قاس ، عندما يغضب تصبح تقاطيع وجهه قاسية وحادة وأحيانا ساخرة ،وعندما يكون مسترخيا وهذه حالة نادرة تكون تقاطيع وجهه لينة ومسترخية ، هو وسيم لا أنكر ذلك ولديه جاذبية كبيرة ولكنه مع ذلك .........أكبر مزعج، غبي ،أحمق
منحرف، ساخر رأيته في حياتي .
ردد والدها من خلفها:
_(( وعندما يكون مسترخيا وهذه حالة نادرة)) كيف تريدينه أن يسترخي دايزي، وأنت تحومين خلفه على الشاردة والواردة ؟؟
دلكت جبينها بتعب وهي تقول:
_حسنا سيد مارك ،هل لي أن أعلم لم تدافع عنه؟؟
أجاب مارك بهدوء:
_لقد التقيته ،وهو شاب نبيل وقوي ويعتمد عليه .
تنهدت دايزي بغضب وهي تسأل :
_ما دمت التقتيت به فلم تسألني عنه؟؟
مارك مراوغا:
_لا شيء دايزي .
_أبــــــــــــــــي!!
مارك متجاهلا نبرة العتاب في صوتها :
_ اذكري لي صفة حسنة واحدة فيه.
قطبت دايزي بتركيز وهي تقول:
_ إنه حنون ،حسبما أظن !! متفهم وصبور ، فعلى الرغم من أنني أزعجه إلا أنه لا يغضب ويثور بسرعة وإنما يبتسم بهدوء ، ابتسامته دافئة نوعا ما وهو يحب الأطفال جدا.
مارك بلهجة ذات معان كثيرة لم تخف على دايزي:
_ قلت لك صفة واحدة ،فإذ بك تذكرين الكثير !!
دايزي باتهام :
_ أبي أنت تعرف أنه عندما أبدأ بالكلام ،فإن أحدا لا يستطيع أن يوقفني ؟!
كل ما سمعته كان قهقهة خافتة ، لم يرقها المسار الذي آل إليه الحديث فقالت :
_ حسنا أبي دعنا من أندريس المتوحش ، وحدثني عن الصفات التي تريدها في عروسك المستقبلية .
نظر مارك إلى كوب القهوة الفارغ أمامه ثم حول نظره إلى إناء الأزهار الذي يحتوي أزهار ذات لون أحمر وأبيض منسقة باتقان ،وأجاب:
_أريدها أن تكون في نفس عمري تقريبا أي لا يقل عمرها عن 37 سنة ، معتدلة القوام لا طويلة ولا قصيرة ، لها شعر أسود طويل وعينان عسليتان ،ليس شرطا أن تكون إنكليزية ، وأريدها أن تكون هادئة ومتزنة ،رقيقة لطيفة،
وتحب الأزهار .

صفرت دايزي بإعجاب، وهي تقول:
_ هل علي أن أقول لك أنك تحسن الاختيار، وأن لك ذوقا رائعا؟؟
مارك بتفاخر :
_ماذا علي أن أقول ؟؟هذا ما تعلمته من عيشي مع فتاتي الصغيرة !!
دايزي برقة :
_ أرى أن صحتك تحسنت أبي .
مارك براحة:
_ هذا كله لأن فتاتي الصغيرة كبرت و بدأت تسمع الكلام.
عادت الدموع تنسكب بغزارة على خديها الرقيقين ،وهي تقول:
_لقد اشتقت إليك أبي ،ألم تشتق إلي؟؟
قبض بهدوء على يد الكنبة وهو يقول بتأثر:
_ آآآه يا حلوتي ، كبف تقولين هذا ؟؟ ولكن أرجوك لا تبكي ، لا تهدري تلك الحبات اللؤلؤية إنها غالية جدا .
صمت برهة ثم تابع بحب :
_ ليتني بجانبك لأمسح هذه الدموع وأمنع انسكاب المزيد منها !!
جففت دايزي دموعها ،وقالت بهدوء:
_لا تقلق أبي ، سأكون بخير وعندما أعود سأجد لك زوجة مناسبة ،أحبك أبي إلى اللقاء.
_وأنا أحبك أيضا ، إلى اللقاء.
قالها وأغلق سماعة الهاتف بعدها وجلس يحدق بالنار التي تلتهم الحطب محولة إياه إلى دفء ، سمع صوتا عند الباب فنهض مسرعا وأمسك هاتفه النقال ،و مفاتيح سيارته في الوقت الذي طرق فيه الباب ،فأجاب :
_ تفضل.
أطلت سيدة معتدلة القوام ذات شعر أسود طويل فيه بعض الخصلات البيضاء التي تضفي على شعرها مزيدا من الجمال ،بحثت بعينيها العسليتين عن مصدر الصوت، حتى وصلت مارك الذي كان يرتدي البالطو الأسود الخاص به فوق بذلته الرسمية ،ابتسمت بود وهي تقول:
_سيدي أنا ذاهبة ، تريد شيئا؟؟
التفت إليها وعلى ثغرة ابتسامة لطيفة ،وقال:
_لا يا آنسة أنا خارج أيضا .
قالت باسمة:
_حسنا جدا .
وخرجت وهي تجر الباب حتى أغلقته ، أما هو فارتدى وشاحا أسود اللون وحمل ساعة يده ،وأسرع يجري حتى يلحق بها ،سار بهدوء في الممر حتى وصل آخره حيث وجدها تباشر بارتداء معطفها ، وقف خلفها وتناوله من يدها ثم قال بدماثة:
_ اسمحي لي آنستي .
أومأت بهدوء باسمة ،وتركته يساعدها ، انتظرها حتى أنهت إغلاق أزرار المعطف ثم سألها بسلاسة:
_ كنت أتساءل يا آنسة أوليفيا إن كانت لديك مشاغل هذا المساء؟؟
هزت رأسها نافية ، فبلغت ابتسامته عيناه اللتان تألقتا ببريق خافت ، وقال:
_إذا ، هل تشرفينني وتقبلين دعوتي لتناول العشاء معي هذه الليلة؟؟
بدى الارتباك على وجهها وهي تقول:
_لا يا سيدي ، لا أريد أن أشغلك عن أعمالك .
قال بمكر:
_ليس لدي أعمال وإنما كنت أفكر بأخذ نزهة ،وذلك أن فتاتي الصغيرة عودتني على ذلك، وبما أنها في أستراليا فلم أخرج منذ مدة ،فما رأيك ؟؟ هل تقبلين الخروج مع عجوز وحيد مثلي ؟؟
صرخت محتجة:
_أنت لست عجوزا !!
أدركت ما قالته متأخرة ، إذ بان الانتصار في عينيه وهو يقول :
_حسنا هل هذه موافقة أم ماذا؟؟
حاولت التهرب قائلة:
_ لا أستطيع الذهاب بهذه الملابس؟؟
نظر لها بهدوء وتقييم ،ثم قال:
_إنها مناسبة تماما .
قالت مراوغة:
_أنا متعبة .
فقال مضللا :
_لو كنت كذلك ،لما كنت واقفة تجادلينني هنا،صحيح؟؟
لم تعد تعرف مالذي عليها فعله ،فانتهز هو الفرصة ووضع ذراعه على حافة الباب متكئا إليها حابسا أوليفيا بين جسده وبين الباب ،هتفت بغضب جعل وجهها يحمر وينتفخ :
_ سيد بريسكوت ،نحن لسنا أطفالا .
أجاب بتسلية،وقد أعجبه وجهها الغاضب :
_بالتأكيد لا ،ولسنا عجائز كذلك!!
لم تجد مهربا فرضخت للأمر الواقع ،ابتسمت ابتسامة جعلت قلبه ينبض بقوة ،فيما هي تقول:
_حسنا سيدي ،أنا موافقة .
قال بشرود وهو يحدق في عينيها :
_مارك .
قال مستغربة:
_ماذا؟؟
أفاق من شروده واستقام في وقفته وهو يقول:
_نادني مارك .
تنهدت بعمق وقالت:
_حسنا ........مارك.
ابتسم وقال:
_جيد جدا.......أوليفيا.
فتح لها الباب وقال بوقار تفضلي آنستي ،مرت أمامه وهي تبتسم لحركته فيما تذكر هو قول دايزي (( عندما أعود سأجد لك زوجة مناسبة )) ابتسم وهو يقول في نفسه :
_لا تتعبي نفسك دايزي ،لقد وجدتها كل ما عليك أن تأتي فقط.



جلس أندريس إلى مكتبه الفخم وهو يضع هاتفه النقال على أذنه ويستمع للطرف الآخر بانصات ،وفي الوقت نفسه يبحث بين أوراقه ، ويبدو أنه وجد تلك الورقة التي يبجث عنها ، فأبعد باقي الأوراق من أمامه ثم أرخى نفسه إلى ظهر كرسي المكتب ذي اللون الأسود ووضع الورقة لتنتصب أمامه وقال :
_وجدتها ليسندر .
رد الطرف الآخر:
_حسنا على ماذا ينص العقد ؟؟
بعثر أندريس شعره وهو يقول:
_إنه ينص على تزويدهم بمركب بحري صغير، يكون مجهزا لنقل الركاب وحسب ،يتسع لسبعة أشخاص ، ويحتوي على غرفة نوم ،وحمامين ،وغرفة طعام صغيرة باللإضافة لحجرة القيادة ، وسأرسل لك نسخة عن العقد لترى الأمور الباقية .
أجاب الطرف الآخر :
_حسنا أندريس ، هل انتهينا الآن؟؟
ترك أندريس الورقة تسقط على الطاولة أمامه ،وقال براحة:
_أظن ذلك .
ليسندر وقد بدت الراحة جلية في صوته :
_حمدا لله على ذلك، يا إلهي !! يفترض أننا في إجازة ؟؟
أجاب أندريس:
_نحن الاثنان نشكل العقل المدبر والمنفذ للعائلة ،ولا يمكن أن يستغنوا عنا أبدا .
ليسندر يدرك هذا الأمر، لذا ما كان منه سوى أن حول دفة الحديث ،وسأل:
_كيف هي أنيتا ؟؟
أندريس بحنان:
_لديك شقيقة رائعة ياابن الخال ، ولكن ألا تظن أنها هادئة أكثر من اللازم؟؟
وصلته ضحكة عالية من بعيد ، قال ليسندر من بين ضحكاته:
_ أنت تعلم أنها دائما هادئة عندما تكون بعيدة عني ، ولكن عند حضوري لا تبقي شيئا إلا وتقوم به.
ابتسم أندريس وهو يجيب بهدوء:
_تريد أن تجعلك فخورا بها .
ليسندر وقد أدرك أن حزن أندريس الدفين قد تحرك من جديد:
_ أنا فخور بها حقا يكفيني أنها شقيقتنا .
أغمض أندريس عينيه وقد خنقته العبر :
_أنت أفضل شقيق قد يحظى به المرء ،ليسندر .
ابتسم ليسندر وهو يقول:
_ ولأنني كذلك فإنني سوف أزورك، فاستعد للزيارة .
تهلل وجه أندريس فرحا وهو يسأل :
_متى ؟؟ متى ستأتي ؟؟
_لا أعلم حتى الآن ،ولكنني سأعلمك حين أقرر السفر .
أندريس بحبور:
_حسنا إذا ،أراك لاحقا يا شقيق.
_أراك لاحقا ،ولا تنس أن تسلم لي على دايزي .
_في أحلامك أيها الغبي.



_لا تنسوا أن تخبروا أندريس ودايزي .
هذا ما قاله السيد هاري لنيكول ،ساندرا ،صوفيا وميديا بعد أن شرح لهم فعاليات الاحتفال والواجبات المفروضة على كل منهم .
أومأ نيكول بالإيجاب ،فابتسم السيد هاري وانسحب للخارج ، سألت ميديا وهي تلقي نظرة على العدد الكبير من العمال والأشخاص الذين يهتمون بالأطفال ويعتنون بهم :
_ سان ما هوعملكم هنا؟؟
سان بود:
_ نحن نشرف على الاحتياجات العامة ، بإمكانك القول أننا نمثل الإدارة هنا ، نحضر الأساتذة المختصين،
الطباخين والمهرجين في الاحتفالات ،نوفر الأسرة والمقاعد والغرف والبيوت حتى تكفي جميع الطلاب ،
أنا أشرف على الطبخ والديكورات، أمي على النظافة وكل ما يتعلق بالأمور الصحية ،أما أبي فيهتم بالحدائق والأزهار وتنسيقها ،ونيكول يشرف على الأمور برمتها الحسابات،الهندسة ، عملي،وعمل والدي كذلك ،تسجيل الأطفال وتحقيق متطلباتهم.
نظر الجميع إلى نيكول الذي أشاح بوجهه وهو يقول :
_لا تهولوا الأمر ، إنه شيء بسيط!!
سان بتقدير :
_لا تصدقوه إنه عمل متعب ،فيوم مرض السنة الماضية سهرنا أنا ،وأمي ،وأبي، والسيد هاري كذلك لننجز العمل الذي يقوم به ، وقد نال التعب منا تلك الليلة ،أنا حقا لا أعلم كيف يقوم بكل ذلك ؟؟
صوفيا بحماسها الاعتيادي:
_نيكول ،أنت رااااااااااااااااااااااائع رااااااااااائع ،لا بد أن والديك فخوران بك .
تمتم نيكول بهدوء:
_نعم صحيح.
سان وهي تتفاخر بشقيقها:
_لا تعلمان كم كنا سعداء، عندما نال شهادة الماجستير في إدارة الأعمال !!
هتفت صوفيا :
_ هو وأندريس درسا نفس التخصص ،ولكن أندريس نال شهادة الدكتوراة .
نيكول بخفوت :
_أنا أسعى للحصول عليها ،وسأفعل بإذن الله .
كانت ميديا تحدق بنيكول مشدوهة ودون علمها ،ابتسمت بهدوء ولم يلحظ أحد ابتسامتها سوى دايزي التي أقبلت من بعيد وهي تقول:
_ سأعطي الشخص الذي جعل ميدي تبتسم ما يريد.
حدق الجميع بميدي التي سرعان ما احمرت وجنتاها، وراحت تردد بارتباك:
_ماذا بكم ؟؟
صوفيا باندفاع :
_لقد كنا نتحدث عن نيكول .
_ حسنا إذا ،لقد عرفنا السبب .
هذا ما قاله أندريس الذي انضم إلى الاجتماع الصغير المقام ،التفتت إليه ميدي وخداها يشتعلان وقالت بغضب:
_أندريس هلا احتفظت بكلامك ؟؟
أندريس بهدوء:
_حسنا حسنا ،اهدأي ،أنا أعتذر ،حسنا؟؟؟
تدخل نيكول وعلى ثغره ابتسامة جذابة وقال لميدي:
_أعذريه لم يقصد شيئا .
ازداد احمرار خديها فاتسعت ابتسامته وهو يكمل:
_حسنا أندريس ،دايزي لقد قررنا أن نضيف لعبة جديدة إلى قائمة الألعاب المقترحة في المهرجان وهي لعبة الحقيقة ،سنجمع الأطفال في حلقات وسيطرح كل واحد سؤال والسؤال الواحد سيجيب عليه كل أعضاء المجموعة، وكذلك سنفعل نحن ،وهذا حتى نتعرف على بعضنا أكثر ،موافقون؟؟
أندريس بهدوء:
_لا مانع لدي .
دايزي وهي تهز كتفيها:
_لا مانع لدي كذلك.
صوفيا بحماسها الدائم:
_هذا راااااااااااااااائع.
ساندرا بابتسامة:
_سيكون الأمر رائعا.
نيكول محدثا ميديا:
_ماذا عنك ميدي؟؟
ارتبكت ،وتعثرت في الحديث ،ولكنها في النهاية قالت :
_حسنا.
نهضت وهي تحاول لملمة شتات نفسها ،وقالت بهدوء:
_ علي أن أذهب أعذروني .
وانطلقت في طريقها ،في حين ابتسم أندريس واقترب من نيكول وهمس له :
_ رفقا بالفتاة، ألا ترى مالذي تفعله بها؟؟
ابتسم نيكول مجددا ولم يعلق .




ارتمت ميدي على سريرها الواسع ودفنت رأسها في الوسادة ،وهي تحاول التقاط أنفاسها ، فكرت باضطراب:
_ ماذا بي ؟؟ لم يحدث لي هذا كلما ابتسم؟؟ لماذا يضطرب قلبي بهذا الشكل؟؟ هل هذا شيء عادي؟؟ لا ...يستحيل أن يكون هذا عاديا !! لم يحدث لي هذا من قبل ، كلما رأيته يضحك أو يتحدث أشعر أن قلبي سيخرج من مكانه ،أشعر بالضياع ،ولا أعود أشعر بكياني ، فهل هذا الأمر طبيعي ؟؟ فليخبرني أحد، رجــــــــــاء!!

[/frame]
__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 05-05-2017, 04:41 PM
 
البارت الثامن بعنوان الحب المفقود

[frame="5 80"]نائمة بهدوء في أحضان سريرها الدافئ ، وتلك الأحلام اللطيفة التي تجسد لها الماضي المفقود ،وتتركها لتعيش الدور مرة أخرى ،تداعب ذهنها الرقيق، صوت طرقات قوية وصراخ عال أيقظاها من غفوتها ، ويبدو أنهما أخافا أحلامها البريئة التي سارعت للتلاشي لتهرب إلى ذهن آمن بعيدا عن هذه الفوضى وهذا الضجيج .
تقلبت بانزعاج ظاهر انعكس على ملامحها الرقيقة ،استمر الطرق يعلو ويعلو ،حتى وصل إلى درجة لم تستطع معها متابعة النوم ، أبعدت الغطاء الرقيق عن جسدها ،أبعدت قدميها عن السرير ، وضعتهما على الأرضية الخشبية التي أدفأتها أشعة الشمس ،تلك التي دخلت غرفتها دون استئذان وألقت بخيوطها الذهبية على كل ما أمكنها لوصول إليه ، ارتدت حذئها الخفيف ، فتحت باب غرفتها وأغلقته خلفها وهي تتثاءب وتطلق سيلا من الشتائم على الطارق ،الذي لم يكف حتى الآن عن طرق الباب ،حتى أنها صارت تشك بأن الباب لا زال صامدا، وصلت إلى الباب ،وفتحته بقوة كبيرة وهي تصرخ بانزعاج:
_ما هذا الازعاج؟؟؟ إنها السادسة صباحا أيها.................
أسكتها الواقف ،بأن وضع يده على فمها ، حدقت باليد السمراء الموضوعة على فمها ،وأخذت نظراتها تصعد رويدا رويدا ، حتى وصلت وجهه ،وأصابها اكتئاب ،إنه أندريس ،مالذي يريده ؟؟
قال بهدوء محذرا:
_ لست في مزاج لسماع إهاناتك!!
أزاحت يده بهدوء ،فقالت متذمرة:
_يا إلهي ،لماذا يبعثون بك أنت؟؟ لماذا لا يبعثون نيكول ، صوفيا أو ساندرا ؟؟؟
رفع حاجبه باستفسار ساخر :
_أفهم من هذا أن وجهي لا يعجبك ؟!!
أخذت تدلك جبينها بتعب ،وهي تردد:
_رجاء !! هذا ليس وقت مزاحك ،أنا متعبة وأريد أن أنام ،فما الذي تريده؟؟
اتكأ إلى الباب وقال بكسل:
_عندما كنت قادما إلى هنا كنت أريد شيئا واحدا ،لكن بعدما فتحت لي الباب ،أصبحت أريد.....
ورفع ثلاث أصابع دلالة على أنه يريد منها ثلاث أشياء ،قالت بأسى :
_حسنا ،ما الذي تريده؟؟
رفع سبابته وهو يقول بجدية ، أضفت طابعا مميزا على وجهه الرجولي ،ذي التقاطيع الحادة:
_الشيء الأساسي الذي جئت من أجله ،وهو أن أخبرك أن وقت القيلولة ،والحلم بفارس أحلامك ،
الذي سيصطحبك على فرسه البيضاء ويطير بك خارجا إلى هاواي ...............قد انتهت !! وأن عليك أن تنهضي وتذهبي لمساعدة بقية الطاقم لأن المهرجان الداخلي سيبدأ بعد عدة أيام .
انتهزت فرصة صمته ،وقالت وهي تجاهد لضبط أعصابها:
_هل لك أن تكمل ،وباختصــــــــــــــــــــار ..........رجاء؟؟!
هز رأسه إيجابا ، ثم قال بلهجة تحمل الكثير من المعاني التي لم تفهما دايزي :
_هل كنت تنتظرين أحدا البارحة ؟؟
هزت رأسها بلا وهي مقطبة غير واثقة من أنها أجابت بطريقة صحيحة،فتابع :
_السؤال الأخير : هل تستقبلين الزوار عادة بهذه الملابس؟؟
قالها وهو يحدق بها من أعلى رأسها وحتى أخمص قدميها ، استغربت من نظراته واستغربت أكثر من سؤاله ،
نظرت إلى نفسها .........وسرعان ما غزا الاحمرار وجهها ، أسرعت إلى الداخل وصفقت الباب خلفها بقوة ،
واجتازت الدرج صاعدة إلى غرفتها و وجهها يكاد ينفجر من شدة الخجل .
وصلت غرفتها الواسعة ذات الجدران السكرية اللطيفة ،اتجهت إلى خزانتها الصغيرة ،أخرجت بنطالا واسعا من الجينز الأزرق ،وقميصا عاديا أبيض اللون ،لا رسومات عليه ،واتجهت إلى الحمام ،فتحت الصنبور ، وسرعان ما امتلأ الحمام بالبخار ، وقد غزا الضباب جميع المرايا لدرجة أن الشخص لا يستطيع رؤية صورته فيها ، خلعت ثوب نومها الأزرق الرقيق ،المصنوع من الستان ، رفعته أمامها وحدقت به ،إنه فاضح جدا ،قصير جدا ورقيق جدا ،قذفته على الأرض ووقفت في حوض الاستحمام ،والماء ينهمر على رأسها ، وهي تهزه بقوة علها تمحو ذلك المشهد من رأسها ،ولكن أفكارها أبت أن تطيعها هذه المرة إذ بقيت صورته وهو يسألها بسخرية ، إن كانت تنتظر أحدا ،وإن كانت تستقبل الضيوف بهذه الملابس تلمع في رأسها ، عادت تهز رأسها بقوة ،وصرخت بحقد :
_سأريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــك!!


[img]http://img104.***********/2010/07/18/988361145.gif[/img]

نعود إلى أندريس الذي ،وقف يحدق بالباب بجمود:مالذي دفعه لقول هذا ؟؟ ألأنه يحب ازعاجها واستفزازها؟
أم لأنه يهتم حقا ،ولأن الإجابة تهمه؟؟
كان سيغوص في بحر لا بل محيط من الأسئلة المعقدة والمحيرة، ولكن صوت أزيز الباب وهو يفتح أيقظه من الغرق في ذلك المحيط المتلاطم الأمواج ، حدق بالباب وهو يفتح ،وكان يتمنى أن تطل عليه دايزي بوجهها المتورد مجددا ،ولكن خاب أمله إذ جاءته تحية رقيقة ولكن غير تلك التي تمناها ، حدقت ميديا بأندريس بعبوس، وسألته:
_هل تشاجرتما مجددا؟؟
أجاب وكأن الأمر لا يعنيه:
_لقد سألتها فقط إن كانت بانتظار أحد الليلة الماضية.
أفسحت له المجال ليدخل وهي تضع يدها على فمها لتمنع قهقهتا من ملئ أرجاء المخيم ،قادته إلى غرفة الجلوس، ودعته ليجلس على إحدى الأرائك ذات اللون السكري ،جلس بهدوء وهو يقول:
_لم يقل لها أحد أن تفتح الباب وهي ترتدي تلك الملابس !!
نظر إلى ميديا التي اتجهت إلى المطبخ المفتوح على الغرفة التي جلس فيها ،وأخذت تعد له كوبا من القهوة الصباحية ،ثم تابع وهو يشملها بنظرة:
_أنت وهي من نفس البلاد وتمتلكان نفس الثقافة ،ومع ذلك أنت لا ترتدين مثل ملابسها.
قال ذلك مشيرا إلى ملابس نومها ، والتي هي بنطال طويل باللون الرمادي ،وقميص أبيض ،رسمت عليه العديد من الرسومات بالرمادي ، والزهري ،والأحمر .
ضحكت بلطف وهي تسأله :
_كيف تحب القهوة ؟؟
أجاب باسترخاء:
_بدون سكر ، وملعقة صغيرة من الحليب .
وضعت القليل من الحليب في كوبه ،حركته قليلا ،ثم ناولته إياه وهي تقول:
_تفضل قهوتك .
شكرها ،في حين جلست قبالته وسألته بهدوء:
_حسنا أندي مالذي تريده ؟؟ أنا أعلم أن دايزي لم تسمح لك بقول كل ما تريده !!
ابتسم مؤيدا ،ثم شرع يقول:
_اسمعي ، أنت تعلمين ..................نحن في مقاطعة نيو ساوث ويلز ،ونحن على مقربة كبيرة من سيدني ،أكبر مدن أستراليا وأقدمها ، لقد اعتاد السيد هاري وزوجته الراحلة هيلين على إقامة مهرجانين ،واحد داخلي ،للأطفال فقط ،يلعبون فيه ويستمتعون ،والآخر يكون عاما مفتوحا ، وقد لاقى هذا المهرجان تشجيعا كبيرا حتى أصبح كعادة سواء للأطفال ، سكان البلاد أو حتى السياح الذين يزورون سيدني ومن ثم ينزلون هنا حيث يستضيفهم السيد هاري، ونظرا لأن المخيم يطل على المحيط الهندي ، فإن الرياضات البحرية يتم ممارستها وبكثرة.

صمت قليلا ، يستمع لصوت خطوات غاضبة ،رفع رأسه وحدق بالسقف ، فهزت ميديا يدها مشيرة له ألا يهتم ، وحثته على المتابعة ، استجاب لها وتابع:
_ونظرا لهذا سيكون عليك أنت ودايزي بالإضافة لسان وصوفيا ،القيام بجولة تسوق كبيرة ، لشراء بعض الملابس الملونة ،تلك التي يتهافت السياح عليها .
_أهناك أمر آخر؟؟
سألته ميدي ، فهز رأسه ونهض وعيناه معلقتان بالسلم ،نظرت ميديا لحيث ينظر ،وابتسمت لدايزي التي كانت تقف هناك ، قال أندريس بصوت عال:
_ أخبري دايزي بالأمر حسنا؟!!
أشاحت دايزي رأسها بقوة ، فابتسم وقد كشفت تلك الابتسامة عن صف مرتب من الأسنان ناصعة البياض ، استأذن بهدوء من ميديا ،ثم اتجه إلى الباب ،وخرج.

نزلت دايزي الدرجات الخشبية ،ونظرة الشرود بادية في عينيها اللتين خبا ضوؤهما قليلا ، اقتربت بهدوء وجلست في نفس المكان الذي جلس به أندريس ، تقدمت منها ميديا وجلست بجانبها ،وقالت بحنية:
_دايزي ، هل هناك ما تريدين قوله؟؟
عدلت دايزي شريطة شعرها ،وأزاحت تلك الخصلات التي سقطت على جبهتها البيضاء ،ثم قالت وهي ترتجف:
_ لا أعلم !! ذلك المخلوق يشعرني بشيء غريب، شيء غير مألوف ،عندما أراه أشعر بطاقة غريبة تتفجر في داخلي ،ولكنني للأسف...........لا أعلم ما هي؟؟!!
قالت تجملتها الأخيرة بخيبة كبيرة ، لكن ميديا كانت تشعر بأن لدى دايزي كلاما كثيرا ،فسارعت تسألها:
_ كيف هي هذه الطاقة؟؟ أقصد هذه الطاقة لم تدفعك ؟؟
صمتت قليلا تنتقي كلماتها ،ثم تابعت تدعي الاستغراب:
_أتدعوك لكرهه ، للضحك عليه ، للاقتراب منه ؟؟ إلى ما بالضبط؟؟
أبعدت دايزي خصلات شعرها المبللة عن عينيها ،بأصابعها الرقيقة المرتجفة ، وقالت بقوة:
_ إنها تدعوني ،للإمساك بعنقه ...........
رفعت يديها وشبكتهما ببعضهما البعض وراحت تهزهما إيابا وذهابا ،وهي تقول بشر :
_ وهزه هكذا حتى ينقطع الأكسجين عن رئتيه ، وتتخلى روحه عنه ، وكذلك تدعوني للصراخ في وجهه كلما رأيته ،و.......................
لم تكمل كلامها إذ أوقفتها ميدي والخيبة جلية على وجهها ، وهي تقول بأسى:
_ لم أكن أظنك بهذا الغباء ديدي !!
تلعثمت دايزي ،و بدا أنها أضاعت الكلمات ،وقد احمر وجهها ، سألت بحذر متجنبة قول شيء يوصلها لمناطق وعرة :
_عن ماذا تتحدثين ميديا ؟؟ هل أنت واثقة من أننا نتحدث في الموضوع نفسه ؟؟
ميدي بهدوء بدا غريبا لدايزي :
_ أجل .
تابعت دايزي بحذر:
_إذا ، لم تقولين بأنني غبية؟؟
وضعت ميديا فنجانا كبيرا من القهوة أمام دايزي ،ثم اتجهت إلى السلم وراحت تصعد درجاته وهي تقول :
_لأنك غبية !!
تطلعت دايزي إلى الوائر البنية التي تكونت داخل فنجان القهوة ، رفعت الكوب عن الطاولة ، وحركته بهدوء ،
ثم شربته دفعة واحدة ، واتجهت لتغسله وهي تفكر في تلك الأسئلة الغريبة التي طرحتها ميدي .
[img]http://img104.***********/2010/07/18/988361145.gif[/img]

بدت جميلة ، بشعرها المتشابك ،وعينيها الناعستين ، وصوتها المنزعج، وذلك الثوب !! حتى وإن كان وجهها خال من ذلك الجمال المصطنع المسمى بزينة الوجه، فهو جميل ،حتى وعينيها خاليتين من الكحل ، فإنهما تستمران باللمعان بذلك البريق الفيروزي الجميل ، النظر إليهما يجعلك تشعر أنك تغرق في مياه المحيط الهندي الصافية ، وعندما تغضب......... يتحول ذلك الهدوء في عينيها إلى أمواج متلاطمة ،متكعرة اللون ، تضرب الشطآن بقوة وعتو . مزاجها ........خليط من الأمزجة ، تارة سعيدة ، وتارة أخرى غاضبة ، تارة ساخرة ، وتارة أخرى ساخطة ، لا أعلم ما يفرحها ولا أعلم ما يزعجها ،بل لا أكاد أعلم عنها شيئا سوى ما قالته لي في ذلك المكتب القديم ،عندما جرحت يدها ......................... ولكنني أقطع وعدا على نفسي ،بأنني سأعلم كل شيء عنها ،وسأكون أقرب الناس لها ، سواء كان برضاها أو بممانعتها ، فأنا أعلم أنها ليست غبية ولكن يلزمها بعض الوقت لتتنبه للوضع ...................

[img]http://img104.***********/2010/07/18/988361145.gif[/img]

_تفضلن أيتها الأميرات ،سنذهب في رحلة تسوق كبيرة ،على حساب أندريس ،صاحب المليارات الثلاثة !!
كان هذا نيكول ،قال هذا بمرحه الاعتيادي وهو يقود الفتيات الأربع ،إلى خارج حدود المخيم ، كان يمسك بيد سان ودايزي ، في حين تعلقت ميدي بيد دايزي ،وصوفيا بيد سان ، رفعت دايزي عينيها وسألت نيكول بشك ،
كأنما لم تصدق كلامه :
_صاحب المليارات الثلاثة ؟؟ هل هذ صحيح ؟؟
أجاب نيكول بهدوء مبديا عدم اهتماه بالرقم :
_هناك بالتأكيد بعض الملايين بالإضافة لهذا المبلغ ،ولكن أظن أن المليون غير جدير بالذكر في حضرة السيد المليار .
ضحكت دايزي برقة ، وسألته
يكول بعدم اكتراث ، وهو يقودهم خلال تلك الطريق المعبدة ، التي حفت بأشجار النخيل والموز وألقت بظلها على الممر ، حامية بذلك السائرين في ظلها من خطر الإصابة بحروق الشمس وضرباتها :
_لدي 2 مليون وأظنهما كافيان .
صرخت دايزي بدهشة:
_ مليونان !!!
نيكول بهدوء:
_أجل ! هل هناك شيء ما؟؟
تدخلت صوفيا بحماسها المعتاد وسألت :
_كيف حصلت عليهما نيكول؟؟
توقف نيكول قليلا ونظر إلى إحدى الأشجار المثمرة ،حدق فيها فترة ثم قال :
_ أتعرفون الشركة العالمية لتصنيع الإلكترونيات ؟؟
ميدي بخفوت ،وقد بدت لهجتها حذرة:
_تلك الشركة الأمريكية التي حازت على المركز الأول عالميا؟؟
ابتسم نيكول بحب لدى سماع صوتها وسرح يتأمل ملامح وجهها المرتبك ، وأخذ يتذكر كلمات أندريس (( حب من أول نظرة )) من كان ليصدق هذا ؟؟
لاحظت ساندرا شروده ، ولاحظت ارتباك ميدي التي أوشكت على البكاء من فرط الإحراج ، فضربت شقيقها في خاصرته بمرفقها ، تأوه بصوت عال ،وقال متألما :
_ هذا مؤلم !! ما الذي فعلته؟؟؟
حولت نظرها إلى ميدي ذات الوجه المحمر والعينين الدامعتين ،وقالت بهمس:
_ الفتاة حساسة ورقيقة ، فلا تحدق بها هكذا مرة أخرى ،سمعت؟؟؟
تمتم بهدوء مشيحا بنظره عن ميديا:
_حسنا ، حسنا .............أتمنى أن أراك خجلة يوما ما؟؟
داست على قدمه بقوة ،فصرخ وامتقع وجهه ، وأغمض عينيه من شدة الألم :
_ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــاندرا ............سأقضي على حياتك البائسة القصيرة .
أمسكت سان بيد ميدي ،وقالت بلا اكتراث :
_أنت تردد هذا مذ كنا في الحادية عشر من عمرنا ،ولم تنفذ هذا التهديد حتى الآن .
نهض ، وأمسك يد ميديا الأخرى وجذبها بقوة ، وهو يردد:
_اتركيها ، أيتها البلهاء.
عاودت سان جذبها وهي تقول:
_أنت الأبله !! وميدي ستذهب معي .
عاود جذبها وهو يقول:
_لا .
فجذبتها مجددا وقالت تستفزه:
_بلى !

_لا
_بلى
_لا
_بلى
_لا
_بلى

وهكذا استمر الشجار بين الشقيقين ،في حين وقفت دايزي وصوفيا جانبا ، تحت أحد الأشجار ، تمتمت دايزي بهدوء:
_ وأخيرا ، قام نيكول بشيء ما، ولكنني أخاف أن يخلع كتف صديقتي هو وشقيقته الغبية ، وهما يتجاذبانها هكذا.
ردت صوفيا بحماس متقد:
_ياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه ،رااااااااااااااااااااااااائع ، نيكول وميديا ثنائي رااااااااااائع .
هزت دايزي رأسها مؤيدة .

نيكول بغضب والعرق يقطر من جبينه الأسمر :
_قلت لك اتركيها !!
سان ،وهي تجذب ميدي مجددا :
_وإن قلت لك أنني لن أفعل ؟؟
نيكول وبريق غريب يلتمع في عينيه :
_سأقوم بذلك.
وقام بجذب ميدي بقوة ،ما أدى إلى تعرثهما ، فوقع على الأرض وميديا فوقه .
انتبهت دايزي للأمر فهرولت مسرعة إلى ميديا ،وصاحت بقلق:
_أنت بخير؟؟
رفعت ميدي نفسها عن نيكول ، وجهها يشتعل و عيناها الدامعتان تنذران بسقوط دموعها ، لسوء حظها
انزلقت يدها من جديد ،فوقعت على نيكول مرة أخرى ، لم تعد قادرة على احتمال الأمر ، فبكت ........
وانسابت تلك الدموع على خديها ، أرادت إخفاء تلك الدموع عن دايزي، التي بدا القلق جليا على وجهها ، فقامت بدفن وجهها في صدر نيكول بتلقائية .

نيكول الذي لم يكن يعلم شيئا سوى أن الفتاة التي اخترقت الحواجز التي بناها حول ذاك الشيء الذي ينبض في داخل جسده،المسمى بالقلب ، قلبه الذي أحيط بطبقات عدة من الجليد الصلب ،بعد أن ذاق مرارة الخيانة ، قد وقعت عليه ، ليس مرة واحدة ؟؟............بل مرتين ..................وهي الآن تبكي ،بل وتدفن رأسها في صدره ، نهض بهدوء عن الأرض وميديا التي لم تتوقف عن البكاء بين ذراعيه ، أبعدها عن صدره ورفع وجهها بهدوء ، أزاح خصلات شعرها المجعدة عن عينيها البنيتين ، جفف دموعها بأطراف أنامله ،وهو يردد:
_حتى هذه الدموع الرقيقة ،ليست أهلا لتنساب على خديك الناعمين ، لأنها وبكل بساطة ستجرحهما .

نظرت إليه بدهشة خالطها ارتباك عكسته عينيها ،فابتسم تلك الابتسامة التي تجعل قلبها يخفق ،وتشعرها بأن عددا من الفراشات الملونة تدور في معدتها مسببة لها بعض الانقباضات ، حدق بوجهها المتورد المستغرب ،ثم عاد وأحاط كتفيها بذراعيه وجذبها لحضنه ، بينما اكتفت هي بإحاطة خصره بذراعيها ، بقيا على تلك الحالة مدة من الزمن ويبدو أنهما لم يرغبا بالانفصال ، لكن دايزي قاطعت عناقهما ،بقولها:
_احم احم ، روميو ،هلا أبعدت جولييت عنك ؟؟ إذا كنتما تذكران ،فنحن ذاهبان للتسوق وليس إلى قاعة الزفاف؟!

أبعد نيكول ميديا عنه مكرها ، ونفض الغبار عن ملابسه ،ثم حول نظره إلى سان التي يبدو أنها استمتعت بالعرض:
_ هل أنت راضية الآن ؟؟
سان برضا وهي تصفق :
_ من الجيد أنك تحركت قليلا ،كانت الفتاة ستضيع من بين يديك ،أيها الشقيق !
دايزي بتكشيرة :
_إنها هنا ، وهي على وشك البكاء مجددا .
هتف نيكول غاضبا:
_ساندرا ،توقفي عن مزاحك الثقيل !!
تجاهلت ساندرا شقيقها واتجهت إلى ميديا ، أحاطت كتفي الفتاة بذراعيها ،وقالت تنصحها:
_شقيقي ليس لطيفا دائما ،وأنت فتاة رقيقة جدا على ما يبدو ،فأنا أنصحك بأن تجدي شخصا آخر يكون .......
لم تكمل كلامها إذ أن نيكول صرخ برعب:
_آاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه ،سيقتلني أندريس هيا بنا .
وأمسك بيد شقيقته ،و يد يميديا ،وصرخ بدايزي وصوفيا ، طالبا منهما أن تلحقا به وبسرعة.

في آخر الطريق المظللة ،وقف أندريس بكامل أناقته ، متكئا إلى سيارته اللاندروفر السوداء الفخمة ، وهو ينظر إلى ساعته والانزعاج باد على تقاطيع وجهه الوسيمة ، أبعد نظارته الثمينة عن عينيه الزرقاوين اللتين التمعتا
حالما شاهد ذلك الفريق القادم بسرعة . ثبت نظارته على رأسه ، وشبك يديه على صدره ينظر إلى الفتيات المتعبات اللاتي تهالكن واحدة تلو الأخرى ما إن وصلن ، سأل أندريس بهدوء متجنبا النظر إلى دايزي :
_لماذا تأخرتم؟؟
أجاب نيكول بهدوء ،وهو يربت على كتف أندريس :
_حصل حادث غير متوقع.
أجاب أندريس وهو يبتسم بسخرية:
_أنا متشوق لمعرفة كنة هذا الحادث.
تغير لون وجه نيكول ،وهذا ما لم يخف على أندريس الذي أشار على ميديا ،ثم على نيكول ،ثم هز رأسه بهدوء :
_ حسنا من تحرك في البداية ؟
تقدمت ساندرا ،وهي تقول بفخر متجاوزة ،نيكول لتقف بجانب أندريس:
_أنا ،لقد أفلتت ميديا لتقع على نيكول .
تابعت بعد تنهيدة حالمة خرجت من بين شفتيها القرمزيتين :
_لقد كان مشهدا رااااااااااااائعا ، ليتك رأيت نيكول عندما عانقها ،كان الجو حارا وخانقا بالنسبة لي ، وأنا أتساءل الآن ،كيف كان شعور ميديا المسكينة؟؟؟
_بالتأكيد كانت محرجة ،خصوصا أن الأمر حصل على مرأى من نظركم جميعا .
ذلك التعاطف الذي بدا في صوته أدهش الجميع بالأخص دايزي ،التي بدأت تضحك بهستيرية .
_هل هناك شيء مضحك،آنسة بريسكوت؟؟
سأل أنديس مستفسرا ، فأجابته وبقايا ضحكتها تتردد في أذنيه :
_ذلك الوجه العطوف لا يليق بك سيد سوفاكيس ، فنصيحة مني لك لا ترتدي قناعا لا يلائم مقاس وجهك .
رد لها لاصاع صاعين ،عندما قال:
_وأنت كذلك دايزي لا ترتدي فستانا لا يلائمك لأنك ستبدين بدينة فيه ، وقبيحة أيضا .
صرخت به بغضب وحرقة:
_كيف تجرأ؟؟
لم يعرها انتباها وإنما التفت إلى سيارته الفخمة وقال آمرا:
_إلى السيارة جميعا.
بدا أندريس حازما جدا في قراره فلم يرد أحد أن يجادله بل سارع الجميع بالذهاب إلى السيارة ، وعندما وصلوها
أمسك نيكول يد ميديا وقال بمرح :
_نحن سنجلس في الخلف وحدنا .
وجذب ميديا لتجلس بجانبه ، في حين ركبت الفتيات الثلاث أمام نيكول ، وتركوا أندريس وحيدا ،ويبدو أن الوضع لم يعجبه إذ قال متذمرا :
_أنا لست سائق العائلة ،هلا تكرم أحكم وجلس بجانبي ؟؟
لم يكن هناك أي أمل يرجى من نيكول وميديا ، كما رفضت كل من صوفيا وساندرا الجلوس بجانبه رفضا قاطعا، بحجة مزاجه المتعكر ، فما كان من دايزي إلا أن نزلت ، واتجهت لتجلس بجانبه ، وهي تجاهد لإبعاد نظرها عنه، كان رائعا في بدلته السوداء ،وقميصه الأبيض الذي يناقض سمار بشرته ، وشعره الغزيز كان يتطاير بفعل نسمات الهواء التي تضربه ، كان يبدو أن خصلات شعره توجه دعوة صريحة لدايزي ،حتى تغلغل أصابعها الرقيقة فيها وتبعدها عن جبينه الأسمر الذي علته تقطيبة ، كان يمثل رمزا للرجولة الكاملة ، ورائحة عطره القوي تملأ السيارة وتشعر دايزي بدوخة خفيفة.

أمسك نيكول بيد ميديا ،لكنه لم يكلمها وإنما كان سارحا بالمناظر التي يراها بشكل دائم ، أما ميديا وعلى الرغم من ارتباكها لجلوسها مع نيكول ،إلا أنها كانت مستمتعة للغاية بتلك المناظر الفريدة التي تراها ، أشجار النخيل منتشرة على طول الطريق ، وغطاء ملون بديع الألوان افترش الأرض على الجانبين ، وقنوات مياه عذبة
يلعب بها الأطفال ،كل شيء بدا هادئا ،لطيفا، و بريئا ،هكذا فكرت دايزي التي فتحت النافذة وتركت خصلات شعرها الذهبية لتتطاير من حولها ........لكن كل تلك السكينة وكل ذلك الهدوء اختفيا ،بمجرد دخولهم حدود سدني، بدا المشهد مؤلوفا لدايزي ، العديد العديد من السياح ، ناطحات سحاب زجاجية فائقة الارتفاع والجمال ،العديد من المراكز التجارية ،والمطاعم والفنادق ،وأكثر ما أعجب دايزي كان فندقا مبنيا على الطراز الفكتوري ، حيث كان عبارة عن قلعة كبيرة ذات بروج و قلاع وحصون ، كان متوجا بالقرميد ،وبعض المداخن الحجرية ،وقد أبت دايزي إلا وأن تدخل وتستطلع الفندق من الداخل ،وقد بهرت بما رأت ،لقد رأت العديد من العاملات يرتدين ملابس تشبه تلك التي كان الناس يرتدونها في عهد الملكة فكتوريا ، فساتين طويلة باللون الأخضر الزيتوني ،تعلوها قطع من القماش الأبيض ، وبعض الدانتيل يزين ياقة الفستان ، كما ويرتدين قبعات قماشية خضراء .
ذهلت دايزي بكل هذه المعالم ، دار الأوبرا المشهورة كانت رائعة بحق ، وكذلك الحديقة المركزية ، وهي مساحة واسعة من المروج الخضراء ،والأزهار الملونة ،وبعض النوافير اللطيفة ، كان مكانا هادئا ومناسبا جدا للراحة بعد رحلة تسوق شاقة ،خاصة بالنسبة لأندريس الذي دفع ثمن كل المشتريات .
عن عمد:
_ حسنا نيكول ، يبدو أن أحدهم يغار

جلسواإلى إحدى الطاولات في الحديقة المركزية ، وأخذوا يتناولون الغداء الذي اشتراه أندريس ، سألت دايزي مستفسرة :
_نيكول ، أرى أن سكان سدني يتكلمون الإنكليزية ،فلم يا ترى؟؟
ابتلع نيكول اللقمة ،ثم أجاب بدراية:
_على الرغم من أن أستراليا ،قارة و دولة ،فهي لا تمتلك لغة رسمية ، قد تستغربين ،ولكن هذا صحيح ،
فاللغة الأسترالية ليست اللغة الرسمية ،بل يمكن القول أن الإنجليزية هي الرسمية وذلك أن كل المعاملات ، تجري بالإنجليزية.
هزت دايزي رأسها دلالة على الفهم ، ثم رفعت الملعقة إلى فمها لكنها استذكرت أمرا ما، كان نيكون يتمنى ألا يتذكره أحد ،لكن لسوء حظه أن دايزي لا تترك أحدا يفلت من بين يديها :
_صحيح نيكول أنت لم تخبرنا ،كيف نلت المليونين؟؟
علق أندريس بسخرية :
_أخبرها وإلا أخاف أن يقل وزنها من شدة الفضول .
رمته دايزي بنظرة حارقة كانت كفيلة بإسكاته ولو لفترة قصيرة من الوقت ، في حين شبك نيكول يديه بهدوء على الطاولة وقال بإيجاز كأنما يكره تذكر تلك الحادثة :
_ هل تذكرون الأزمة التي مرت بها الشركة؟؟
هز الجميع رأسهم إيجابا ،فأردف :
_لقد كنت من حلها لهم ، وهذا هو كل ما أستطيع قوله ،وفقط...................
دايزي والتي كان الفضول يتآكلها ، قالت محاولة اجتذاب الحديث منه:
_هيا نيكول ،لا تكن لئيما !!
تقلصت عينا نيكول ،والتمعتا ببريق من الجدية حينما قال:
_لم لا تتناولون طعامكم ؟؟
عادت الابتسامة المشاكسة لتشق طريقها لفيه وهو يتابع:
_إن لم يعجبكم الطعام ،فلا مانع لدي من التهامه !!
_حقا؟؟
رد باستهزاء على شقيقته:
_أنا جاد سان.
قالت سان بمكر، وقد راودتها فكرة :
_حسنا إذن .
جذبت صحن ميديا وملعقتها وناولتهما لشقيقها ،وقالت له بدهاء :
_تفضل إذن.
لكن نيكول لم يعر الأمر أهمية بل تناول الملعقة ،وأخذ يأكل من الصحن حتى أفرغ محتوياته ، ثم أراح نفسه إلى ظهر الكرسي وهو يقول براحة:
_ لقد شبعت .
سان ........ تدمرت نفسيتها ، دايزي ............. انصدمت، أندريس .........لم يعر الأمر أهمية ، صوفيا ..............اتقد حماسها ، أما ميديا المسكينة ،فحالتها لا توصف .
وضعت دايزي يدها على كتف ميديا وقالت تخفف عنها :
_ هذا لا شيء عزيزتي .
قالت ميديا بخجل ، وهي تبعد عينيها عن نيكول :
_صحة وعافية .
لم تستوعب دايزي الأمر في البداية ،لكن بعدما فهمت مقصد ميديا تنهدت بغباء ، ثم نهضت وقالت بهدوء :
_هيا بنا لم يعد لي رغبة بالأكل .
لكزتها صوفيا ،وهي تقول بحذر :
_دايزي .
لم تعرها دايزي اهتماما وإنما تابعت بحماس :
_أريد أن أزور جسر هاربور ،و مبنى الملكة فكتوريا .
عاودت صوفيا لكزها وهي تقول :
_دايزي .
ومرة أخرى تجاهلتها دايزي وتابعت ،غير مدركة لما يجري من حولها :
_ثم أريد أن أتناول بعض المثلجات أثناء عودتنا .
وللمرة الثالثة لكزتها صوفيا ،وهي تردد بخوف:
_امم ،دايزي ..................
صرخت دايزي بها مقطبة:
_ماذااااااااااااااااا؟؟
أشارت صوفيا بيدها لأندريس الذي تناول صحن دايزي ،وأكله بالكامل ، اتسعت عينا دايزي ،وأصيبت بصدمة ، ثم رويدا رويدا بدأ دمها يغلي ، وثارت ثائرتها ،وأفرغت غضبها بصرخة:
_مقززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززز ز.
أندريس وكأن الأمر لا يعنيه :
_أنا من دفع ثمنه ولن أدعه يذهب هدرا ،كما أنك صرحت بأنك لا تريدينه .
هتفت دايزي بيأس:
_أنتما مقززان .
قالتها وهي تشير إلى نيكول وأندريس اللذين حدقا بها ببلاهة ،جعلتها تترك المجموعة وتسير غاضبة في أرجاء الحديقة وهي تطلق سيلا من الشتائم ، وبعد فترة من الزمن انتبهت دايزي إلى أنها ابتعدت عن الفريق ........لا بل ضاعت!!!


[/frame]
__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ماسك طبيعى لمشاكل البشرة صيفا جمالك مهم أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 3 08-30-2014 05:07 AM
رواية جديدة للدكتورة ناعمة الهاشمي 2012 تعالوا يا بنات رواية شما وهزاع احلى رواية florance أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 02-26-2014 02:28 PM
نصائح ووصفات للعناية والمحافظة على شعرك صيفا اياامنا الحلوة حواء ~ 3 09-07-2012 01:36 AM
وكان لقاء عبر الهاتف.. وكان حمد الكاتب قصص قصيرة 4 10-17-2007 12:22 AM


الساعة الآن 08:24 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011