عيون العرب - ملتقى العالم العربي

عيون العرب - ملتقى العالم العربي (https://www.3rbseyes.com/)
-   روايات طويلة (https://www.3rbseyes.com/forum29/)
-   -   المُغتَرِبون / Expatriates . (https://www.3rbseyes.com/t528839.html)

يُونا . 02-17-2017 01:16 PM

المُغتَرِبون / Expatriates .
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://www.up-9.com/uploads/148732407775547.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
http://www.up-9.com/uploads/148732407751331.png


http://www.up-9.com/uploads/148732407760342.png


إسم الرّوآية : المُغتربون .
المؤلِف : ف.ج. زيبآلد / w.g.sebald .
ترجمة : أمآني لآزار .
عدد الصفحآت : تحتوي على 155 صفحَة .

عدد الفصول : غير مُحدد ..
موعد التنزيل : يوم الجُمعَة ، على الأغلب .


http://www.up-9.com/uploads/148732407763193.png



يسرِدُ لنا زيبالد بلُغة أنيقة خالية من التنميق ، ليبنيَ شخصيّات نكادُ نُحسّ بكُل الآلامِ والتجارِب التِي عاشتها ، فمن خلال تأمُّلاتٍ في الذاكرة ، يُعيد زيبالد خلق حيوات أبطال روايته عبر سَرد قصصهم وذكرياتهم ، يستحضِرُ زيبالد هؤلاء الرجال أمامَ أعيُننا فقط كي يجعلهم يتَلاَشون في شوقٍ إلى الاندثار ، ينتحِر اثنان منهما ويموت الثالث في المَنفى ، وأما الرابِع فلا يَزَال يعيشُ في ظِلال البُغض والحِقد حتى بَعد مُرور أكثر من أربعينَ عامًا علَى وفاةِ والديهِ في ألمَانيا النازية .


http://www.up-9.com/uploads/148732407766194.png


( 1 ) - [ د.هنري سِلوين ، من كُتِبت لهُم النَّجاة أهلَكتْهُم الذَّاكرة ]

أواخِر شهر أيلول عَام 1970 ، قُبيل إستلامي وظيفتي في - نوريتش - ، إنطلقتُ بالسيّارة إلى - هينغام - بصُحبة كلارا ، بحثًا عن مكان نسكُنه . إمتدّ الطريق مسافة خمسة وعشرينَ كم تقريبًا وسَط الحُقول وأسيجة من الأشجار ؛ تحتَ أشجار البلّوط المُنتشرة ، مرورًا ببعض الضِّياع المُتناثِرة ، إلى أن تبَدَّت - هينغام - أخيرًا ، بجملوناتها غير المُتماثلة وبُرج الكنيسة وقِمم الأشجَار التِي لا تكادُ تعلو عن الأرض المُنبسِطة .
كانت ساحة السُّوق الفسيحَة موحِشَة تصطَفّ فيها واجِهَات واجِمَةٌ ، لكِن مع ذلِك وجدنا المنزل الّذِي وصَفَه لنَا سمَاسِرةُ العَقارات سريعًا . أحَد أكبر منزِل القرية ، يقعُ عِند شَارِع فرعيّ هادئ بالقُرب من الكنيسة بمقبرتها المكسوّة بالعُشب وأشجار الصنوبر الإسكُتلَنديّ وشَجَر الطّقوس . كان المنزل مُخيفًا ، خلف جِدار بارتِفاع مِترن وجَنَبَات كثيفة مِن الإيلكس والغار البُرتغاليّ . سِرنا على الدَّرب الخَاص الفسيح المُنحدِر قليلًا وعبَبَرنا السَّاحة الأماميّة المُمهّدة بالحَصَى . إلى اليَمين ، ورَاء الإسطبلات والمَباني ، تسَامَقت عِدّة شجَرات مِن شَجَر الزَّان نحو سَمَاء الخَريف الصَّافية ، كانت مُستعمَرة توالد غربان الروك فيهَا مهجورة في ذلِك الوقت المُبكِّر من الأصيل ، وحدَها كُتَل الأعشاش المُعتمة في ظِلَّة أوراق الشَّجَر اضطربت بين الفينة والأُخرى .

كانَ نبَاتُ فرجينيا المُتسلّق يُغطّي واجِهة المَنزل الكَبير النيو - كلاسيكي . والبابُ مطليّ باللون الأسوَد وعليه مَقرَعَة نُحآسيّة لها شكلُ سَمَكة . طرقنَا عِدة مرّات ، إلّا أنّه مامِن عَلامة حياة داخل المَنزل . تراجَعنا قليلًا ، تلألأت النَّوافِذ ذات الإطارين المُنزلقَين حاجبةً الرؤية ، كُل إطار مُقسَّم إلى اثني عَشَر لوحًا زُجاجيًا ، يَظهر أنهَّا مصنوعة من زُجاج عَاكِس قاتِم . المَنزل يُعطي انطباعًا بأنَّه غير آهل بالسُكّان . وتذَكَّرتُ القَصر في مُقاطَعة الشارانت مِن إنغوليم الذي زُرتُه سابِقًا . شيَّد أمامه أخوَان مجنونَان - واحِدٌ برلمانيّ ، والآخر معماريّ - نُسخة مُطابقة لواجِهة قصر فرساي ، تقليد لا مَعنى له على الإطلاق ، ولو أنَّهُ يتركُ أثرًا قويًّا مِن بعيد .
كانت نَوافِذ ذلِك المنزل تلمَعُ مُبهرة العَين ، تمامًا كتِلك التِي للمنزل الذي كُنَّا واقفين أمامَهُ الآن . لا شَكَّ أننا كنا سنعودُ بخُفّي حُنين لو لم نستجمع شجاعتنا ، مُتبادلين واحِدة من تلك اللمحات الخاطِفة ، لنُلقي على الأقل نظرةً على الحديقة . سِرنا باحتراس حول المنزل . على الجآنب الشّماليّ ، حيث كان القرميد مخضرًّا بالنَّداوة وباللبلاب الموشَّى الّذي غطَّى الجُدران تقريبًا ، يوجد ممرّ مكسوّ بالطحلب يُحاذِي مدخل الخَدَم وسقيفة الحَطَب . مِن خلال ظِلال عميقة ، تنكشِف ، كما لو عِند منصَّة على مصطبة ذات درابزين حجريّ ، تُطِلّ على مرجةٍ فسيحة تربيعيّة الشكل ، تُحيط بها أحواض الزّهور وشُجيرات وأشجار . إلى الغَرب وراء المرج ، انكشفَت السَّاحات على مشاهد رحبةٍ تتناثر فيها فرادى أشجَار الزيزفون والدردار وبلّوط الزّينة ، ووراء ذلك امتَدَّت تموّجات الأرض الزّراعيّة الرّقيقة وجِبال مِن السُّحُب البيضاء نحو الأُفُق . حدَّقنا بصمت إلى هذا المَشهد الّذِي يجذب العَين نحو البَعيد وهو يهبِط ويعلو بالتدريج . نظرنا لوقت طويل ، وفي ظنّنا أنَّنا بمُفردنا تمامًا ، إلى أن لاحظنا هيئةً ساكِنة مُستلقية في ظلٍ رمتهُ على المرج أرزةٌ باسِقة في زاوية الحديقة الغربيّة .
كان رجُلًا مُسنًّا يوسِّد رأسه بذراعيه ، وقد بدا مُستغرقًا تماما في تأمُّل رُقعة الأرض الواقعة أمام عينيه مُباشرةً . خطونا بخفّة رائِعة على العُشب وعبَرنا المرج باتجاهه . ما إن كدنا نصلُ إليه حتّى لمَحَنَا فنهَض مُحرَجًا إلى حدٍّ ما . مع أنه كان طويل القامة وعريض المنكبين ، إلا أنه بدا مُمتلئ الجِسم تمامًا ، بل قصيرًا ، رُبما مردُّ هذا الإنطباع يعود إلى طريقتة في النَّظر ، خافض الرَّأس ، من فوق قمّة نظّارة القِراءة الذهبية الإطار . عادةٌ منَحَته مظهرًا مطأطئًا بطادُ يكون توسّليًّا . كان شعرُهُ الأبيض مُسرَّحًا إلى الخلف ، لكن ظلّت بعض الخُصل الطائِشة تسقُط على جبهته العالية المُلفِته .

قال مُعتذرًا عن ذهوله : " كُنتُ أعدُّ أنصال العُشب . إنّها طريقتي في تزجية الوقت . أخشى أنَّها مُزعجة إلى حدٍ ما " . ردَّ إلى الخلف إحدى خُصلات شعره الشائِبة . بدَت حركَاتُه خرقَاء ومُتّزنة في آن ، وكان هُناك كيَاسة مُماثِلة ، بأُسلوبٍ لم يعُد معمولًا به منذ زمنٍ بعيد ، في طريقة تقديمه لنفسه على أنّه الطَّبيبُ هنري سِلوين . تابَع مُستأنفًا كلامه ، إنَّنا لا شكَّ أتينا من أجل الشَّقة . بقدر ما أكنه القول ، أوضَح أنَّه لم يتِم تأجيرُها بعد ، لكِن علينا انتِظار عودة السيّدة سِلوين . بما أنَّها المالِكة ، وحسبه أنّه يعيش في الحديقَة ، أشبَه بناسكٍ للزينَة .
تجوّلنا أثناء المُحادَثة الّتي تبعت هذه الملحوظات الإفتتاحيّة ، على طول الدرابزين الحَديد الّذي يفصل الحديقة عن المُتنزّه المَفتوح . توقفنا مؤقتًا . كانت ثلاثة خيول رماديّة ثقيلة الخطو تدور حول خميلة صغيرة من شجرِ جار الماء ، تصهل وتطوِّح تُربة المرج في خببها .وقَفَت إلى جانبنا مُترقّبة ، قدَّم لها الدكتور سِلوين الطَّعام من جيب سِرواله ، مُلاطِفًا خطومها فيما هو يفعل ذِك . لقد أحلتها عن التقاعُد ، قال : " اشتريتُها العام الماضي من مَزَادٍ لقاء مبلغ صغير . وإلّا كانوا بِلا شكّ سيذهبون بها رأسًا نحو حظيرة تاجر الحيوانات . أدعوها هيرتشل ، همفري ، وهيبوليتس . لا أعرف شيئًا عن حياتها السّابِقة ، لكِن عندما اشتريتُها كانت في حالة مُزرية . كانت جُلودها موبوءة بالقمل ، وعيونها كليلة ، وحوافِرها مُتشقِّقة تمامًا من طول الوقوف في حقل رَطب . لكِن الآن ، تماثلت للشفاء إلى حدٍ ما ، وربّما لايزال أمامها عام تقريبًا " . بذلك ودَّع الأحصنة الّتي كان ولَعَهُ بها بيّنًا ، وتجوّل معنا نحو الأجزاء الأبعد من الحديقة ، متوقّفًا بين الحين والآخر ، وبقد أصبَح أكثر صراحَة وتفصيلًا في حديثه . عبر شُجيرات على جانب المَرج الجنوبيّ ، أفضى درب إلى ممشى تصطفّ فيه أشجار البُندق ، حيثُ كانت سناجِب رماديّة تتشَاقى في ظِلال الأغصان العُلويّة . كانت أصداف البُندق الفارِغة مُبعثرة بكثافة على الأرض ، وزعفران الخَريف استولى على الضور الواهِن المُتغلغل في الأوراق اليابِسة التي تُحدِث حفيفًا . أفضى ممشى أشجار البُندق إلى ملعَبٍ للتِّنس يحدُّه جِدار قرميديّ مُبيّض .
قال الدكتور سِلوين : كان التّنِس شغفي العظيم . لكِن المَلعب الآن بحاجة إلى ترميم ، مثله مِثل الأشياء الأُخرى هُنا . إنّها ليست مُجرّد خديقة مطبخ " ، تابع مُشيرًا إلى البيوت الزُّجاجيّة الفيكتوريّة الطِّراز المُتداعية والتعريشَات المُفرطة في النموّ ، تلك التي تبدو على الرَّمَق الأخير بَعد سنواتٍ من الإهمال . قال إنّه أحسَّ على نحوٍ مُتزايد بأنَّ الطبيعة نفسها كانت تتأوَّه وترزح تحت وطأة ما أثقلنا به عليها . حقًا ، كانت الحديقة مُعدَّة في الأصل لتسدَّ حاجات أُسرةً كبيرة ، وبالفعل وفّرت للمائِدة الفاكهة والخُضار على مدار السَّنة ، بواسِطة المَهارة والدأب ، ولا تزالُ رُغم الإهمال تُعطي الكثير ، حتّى إنه كان لديه ما يفوق حاجته من المُتطلّبات بكثير ، مُتطلّبات كانت باعتراف الجميع تزدادُ تواضُعًا أكثر فأكثر . كان لِترك الحديقة المُعتنى بها جيدًا في السّابِق ، على هواها ، فائدته العرضيّة ، قال الدكتور سِلوين ، كان للأشياء الّتي لاتزال تنمو هُناك ، أو لما بذره أو زَرَعه كيفما اتّفق تقريبًا ، نكهة هو شخصيًّا وجدها لذيذة دائمًا على نحو إستثنائيّ . مَشينا بين أحواض الهليون بسيقانها الخضراء الطّويلة حتى ارتفاع الكَتِف ، وصفوف من نباتات الأرضي شوكي الضَّخمة ، نحو مجموعةٍ صغيرة من أشجر التُّفاح وفيرة الثّمار بلونيها الأحمر والأصفر .
وضع الدّكتور سِلوين دزينة من تُفاح حكايات الجِنّ هذا الّذي يتمتّع حقًا بمذاق أفضل من أيّ تُفاح سَبَق أن تذوّقته ، على ورقة راوند ، وأعطاها لكلارا ، مُشيرًا إلى أنّ هذا النّوع يُسمّى " جمال باث " على نحوٍ يستحقّه . بعد يومين من لِقائنا الأوّل هذا مع الدّكتور سِلوين انتقلنا إلى منزل - برايورز غيت - . دلّتنا السيّدة سِلوين مساء أمس على المَسكن المؤثّث على طِراز خاص ، في الطابق الأول من الجناح الشرقيّ ، لكنّه بخلاف ذلِك بهيجٌ وفسيحٌ . قرّرنا على الفَور إمكانيّة قضَاء بِضعة أشهُر هُناك ، طالمَا أنّ المَنظر مِن النّوافِذ العالية عبر الحديقة الرَّحبة والغيوم المُحتشِدة في السَّماء كانت جميعُها أكثر من تعويض جزيل عن الدَّاخِل المُظلم . ليسَ على المرء سوى أن يتطلّع إلى الخارِج ، حتى يكُفَّ صوان السُّفرة الضخم والقبيح على نحوٍ مُروّع عن الوجود ، ويتلاشَى الطِّلاء الأصفر الحردليّ اللون في المَطبخ ، ويبدو أنّ الثلاجة فيروزيّة اللون المُزوَّدة بالغاز الّذي له مَخاطِر رُبما ، تتبدّد في اللامكان ، كما لو بمُعجزة .

كانَت إيلي سِلوين ابنة لمَالِك مصنع من - بييل - في سويسرا ، وسُرعان ما أدركنا أنها كانت موهوبة في إدراة الأعمال التِّجاريّة . سَمَحَت لنا بإجراء تعديلات بسيطة على الشقّة ، لتتناسَب مع ذوقنا . ما إن تمَّ طِلاء الحمَّام باللون الأبيض - كان يقعُ في بناء مُلحَق ومقام على أعمدَة من الحديد الصَّلب ولا يُمكن الوصول إليه إلّا من خلال جِسر للمُشاة - ، حتّى جاءت أيضًا لتُعبِّر عن استحسانها لصنيعنا. حفَّزها المنظر غير المألوف على الإدلاء بتعليق مُلغز عن أنَّ الحمام الّذي لطالما ذكَّرها بالبيت الزُّجاجيّ عتيق الطِّراز ، ذكَّرها الآن ببرج حمَام مطليّ حديثًا ، مُلاحظة علِقَت في ذهني حتّى هذا اليوم كحُكم مدمّرٍ على أُسلوب حياتنا ، ولو أنّي لم أكُن قادرًا على إجراء أيّ تغيير عليه . لكِن هذه فِكرة خارجة عن الموضوع .
كان دخولنا الشقّة إما من خِلال دَرَج حديد قُمنا بطلائه بالأبيض ايضًا ، يصعدُ من الباحَة إلى جِسر الحمّام ، أو عبر باب مُزدوج - في الطابق الأرضيّ - يفضي غلى مَمرٍّ عريض ، كانت جُدرانه مُزيّنة ، تحت السَّقف تمامًا ، بظام أجراس تشدُّ بالحبال . نظام مُعَقّد مُعدٌ لاستدعاء الخَدَم . من ذلِك المَمرّ يُمكن للمرء أن يتطلّع إلى المَطبخ المُعتم ، حيثُ سيكون في أيّ ساعة من ساعات النّهار وجه أنثوي يتعذّر تحديد عُمره مُنشغلًا دومًا بحوض الجَلي . إيلين ، وهذا اسمُها ، قصّت شعرها قصيرً حتى العُنُق ، كما يفعلُ نُزلاء المَصحّات النفسيّة . كانت ملامحُ وجهها وحركاتُها تمنحُها مظهرًا ذاهِلًا ، وشفتاها نديّتين دومًا ، وترتدي مِئزرهَا الرَّماديّ الطويل الّذي يصلُ حتى كاحليهَا . ظلَّ العَمَل الّذي تقوم به إيلين في المطبخ ، يومًا بعد يوم ، لُغزًا بالنّسبة لي ولكلارا . على حدِّ علمنا ، ما من وجبة ، كانت تُطهى هُناك .
عبر الرُّواق ، على ارتفاع قَدَم تقريبًا عن الأرض الحجريّة ، كان هُناك بابٌ في الجدار . يدخُل المرء من خلاله بيت درج مُعتم ، وعلى كُلّطابِق تجري ممرّات مخفيّة مُتشعّبة خلف الجُدران ، كي لا تتقاطَع دروب الخَدَم الّذين يهرعون جيئةً وذهابًا من دون انقطاع محمَّلين بدلاء الفَحم وسلال الحَطَب وموادّ التنظيف ومفارش الأسِرَّة وصواني الشّاي ، مع دروب أسيادهم أبدًا . حاولتُ كثيرًا أن أتخيّل ما يدور داخل رؤوس النّاس الّذين يعيشون حياتهم وهم يعرفون أنه خَلف جُدران الغُرَف الّتي يشغلونها ، كانت ظِلال الخَدم على الدَّوام تُرَفرِف بمُحاذاتِها . تخيّلت أنهم لابُد أن يكونوا خائِفين من تيلك المخلوقات الشَّبَحيّة الّتي قامت بالمُهمّات الشّاقّة واجبة الأداء يوميًّا مُقابل أجور ضئيلة .

كان المَنفَذ الأساسيّ إلى غُرَفنا عبر هذا الدَّرَج الخَلفيّ ، عِند أسفله صادف وجود الباب المُقفل دومًا لمَسكن إيلين . هذا أيضًا منَحَنا شعورًا بعدم الإرتياح إلى حدٍّ ما . تمكَّنت مرةً واحِدة فقط من إلقاء نظرةٍ خاطِفة ، ورأيت أنَّ غُرفتها الصَّغيرة كانت مليئَة بدُمى لا تُعَدُّ ولا تُحصى ، مكسوَّةً بدقّة بالِغة ، تعتمر مُعظمها القُبّعات ، واقِفة أو جالِسة أو مُمَدّدة على السَّرير حيث تنام إيلين شخصيًّا ، إذا نامَت ، ولم تمضِ الليلة بطولها تدندن بهمس وهيَ لتعبُ بدُماها . أحيانًا في الآحاد والعطل رأينا إيلين تُغادر المنزل في الزيّ الخاص بجَيش الخلَاص . كانت غالبًا ما تلتقي بفتاة صغيرة ستمشي حينئذٍ إلى جانبها ، وتُمسِك بيدها مطمئنة . استغرقنا فترةً من الوقت كي نعتاد على إيلين . ما وجدناه مكدرًا على نحوٍ خاص كانت عادتها المُتقطِّعة ، أثناء تواجدها في المطبخ ، بالإنفجار في ضحك غريب كالصَّهيل ، بلا سببٍ ظاهِر ، يبلغ صوته الطابِق الأول .
أمَّا غير ذلِك ، فإنّ إيلين ، في ما عدانا ، كانت لشَّغِل الوحيد للمنزل الضَّخم المتواجِد دومًا . كانت السيّدة سِلوين تُسافِر بين الحين والآخر طوال أسابيع في كلّ مرة ، أو كانت مُنشغلة بعملها ، بالنَّظر إلى العدد الكبير من الشُقَق الّتي تؤجّرها في البلدة وفي القُرى المُجاورة . كلما بمح الطّقس ، يخرُج الدكتور سِلوين إلى الهواء الطّلق ،ولا سيمَا نحو صومعَة مشيّدة من حَجَر الصّوان في زاوية قصيَّة من الحَديقة ، سمَّاها " حماقته " وأثّثها بالأساسيّات . لكِن ذات صباح ، تمامًا بعد أسبع تقريبًا على إنتقالنا ، رأيتُهُ واقِفًا إلى جانِب نافذة مفتوحة في إحدى غرفه المُطلّة على الجانب الغربيّ للمنزل . كان يضع نظَّارته ورتدي جلبابًا من قُماش الترتان ولفاعًا أبيض اللون .
كان يُسدّد بُندقيّة ذات سبطانتين طويلتين طولًا استثنائيًا نحو السَّاء . عندما أطلق النار أخيرًا ، بعد وقت بدا لي طويلًا كالأبَد ، تردَّى الإنفجار على الحديقة مُحْدِثًا صوت تحطّم ساحِق . شَرَح الدكتور سِلوين لاحثًا أنّه كان يُحاول معرفة ما إذا كانت البُندقيّة المُعدة في الأصل لصيد الطرائِد الكبيرة والّتي اشتراها من سنوات عدّة عندما كان شابًا ، لا تزال صالِحة بعد عُقود من الهَجْر في غُرفة ملابسه . منذ ذلك الوقت ، بقدر ما استطاع أن يتذكّر ، نظَّفها وفَحَصها بضع مراتٍ فقط ، قال لي انه اشترى البُندقيّة إبَّان ذهابه إلى الهِند لتسلُّم عمله الأول كطبيب جرّاح . في تلك الأثناء ، كان امتلاك مثل هذه البُندقيّة واجِبًا بالنسبة لرجُل من طبقته . حملها إلى الصيد مرة واحِدة فقط ، مع ذلِك ، تقاعس عن تدشينها في تلك المُناسبة ، كما كان ينبغي عليه أن يفعل . لذا كان يتساءل الآن ما إذا كانت لاتزال تعمل ، وقد أثبتت أنّ الإرتداد وحده كان كافيًا لقتل إنسان . خلافًا لذلك ، كا قلت ، كان الدكتور سِلوين بالكاد يتواجد في داخل المَنزل . عاش في صومَعته ، مانحًا عنايته الكاملة ، كما قال لي مرارًا ، للأفكار الّتي من ناحية زادت غموضًا يومًا بعد يوم ، ومن ناحسة ثانية أصبحَت أكثر دِقّة ووضوحًا .


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]


يُونا . 02-17-2017 01:17 PM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://www.up-9.com/uploads/148732407775547.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

بعضُ المَعآني :

نوريتش : هيَ مدينة تقعُ على نهر وينسوم شرق إنكلترا وتُعتبر مدن مقاطعة نورفولك ومركزها .
هينغآم : بلدة ريفية تقع في قلب مُقاطعة نورفولك .
الروك : نوع من الطيور تنتمي إلى فصيلة الغربان .
الشارانت : مقاطعة تقع جنوب غربي فرنسا سُميت على اسم النهر الذي يمر فيها ، وعاصمتها إنغوليم .
بآث : بلدة تقع جنوب غربي انكلترا .
برايورز غيت : وتعني بوابة رئيس الدير ، لا يتضح من النّص مالمقصود من الإسم ، ربما يكون اسم الشارع الّذي يقع فيه المنزل .
حمآقته : Folly : في العمارة ، نوع من المباني تم بناؤه بالأساس بغرض الزينة والديكور ، وذلك اما عبر إيحاثه بمظهره أو بمجرّد ظهوره ليكون مسرفًا بحيث ينجاوز المكان الذي ينتمي إليه المبنى .



http://www.up-9.com/uploads/148732407767945.png

السلآم عليكم ورحمة الله وبركاته ،
كيفكم يا شعب ؟ :نفسية:
تقريبًا هاي أوّل مرة أدخل هالقسم وحط شي xD ،
بين أيديكُم روآية المُغتربون ، حيثُ التّشويق والهدوء !
قرأت للآن 23 صفحة بس ح1قلب7 ، طبعًا الرواية كانت بصيغة PDF وأنا كتبتها ع الوورد :يب: ،
نقلتها بمعنى آخر xD انا شخصيًا تحمست وأنا أقرأ دايخ3ق1ق1
الرواية خلتني سعيدة فعلًا ، أحداثها تحس أنها حقيقيّة - إذا ما كانت حقيقية أصلًا - !
عفكرة هالفصل اللي فوق عبآره عن جُزء من اول فقرة ف الروآيه xD
هذي حقّت هِنري سِلوين ، وحكملها ف الفصل الثآني بإذن الله ق1ق1 ، اللي بعدها بتكون لـ بول بيرايتر ،
م ابي أحرق xD يلا مع السّلآمة وذء ، عطوني رأيكم ف الرواية *^*ق1ق1
عشآن أعرف استمرّ بنقلها ولا ؟ .


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]



سون هاك 02-17-2017 01:53 PM

متشوقة لقراءة التكملة اسرعي اعجبتني تلك المعاني اظن ان القصة ستكون خيالية ارجو ان تكملي بسرعة

Snow. 02-17-2017 05:26 PM

[cc=رجعت]دقيقة و راجعةة :55:[/cc]

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كيفك ي فتاة؟ أخبارك و أحوالك؟ ق1

عساك بخير و ما تشتكين من شي و كل أمورك تمام التمام hug1

أوه ماي قود تأخرت كتير في الرد مو ؟ كل دقائقي أنا تصير ساعات و حظك ما صارت أيام خخ3

زمان عن الروايات العالمية ما قريتها ، هلأ أنا مهتمة بالأساطير أكتر :55:

بس معليش ما في ضير نرجع شوي لروتيني القديم هع1

أول شي بدي أقوله نورتي القسم ي فتاة ، هالأيام ما في نشاط كبير حوله ، جميل منك التفاتتك اله حب0

الرواية مبينة جميلة من بدايتها ياي1

يعني لما قرأت فكرتها جذب جذب خصوصا أنو الروايات تتحدث عن عدد من الأشخاص مو مركزة في شخص واحد :نفسية:

لما قرأت الفصل جاني تساؤل هل يترى في كل مقطع عن شخصية من الشخصيات يبقى نفس الراوي ذا الرجل زوج كلارا أو يتغير ؟ ف1

أسلوب الكاتب خوقااقي خنفوشاري ، وصف دقيق و جميل و كلمات جزلة و سلسة د3

الصراحة وقعت في حب الرواية ق1 ق1

أصلي نطيت عليها مباشرة من دون دعوة لما شفت عنوانها " المغتربون " د3 فما بالك هلأ لما قرأت الها

تنسيقك و تصميمك رهيب غلا رقص5

شكرا جزيلا لنقلك لذي الرائعة ، تسلم أناملك ق1

استمري و أنا معك و2

امير الصبر 02-18-2017 03:23 PM

جميل شكلها مشوقة

لي عودة بعد القراءة


الساعة الآن 05:59 PM.

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011