عيون العرب - ملتقى العالم العربي

عيون العرب - ملتقى العالم العربي (https://www.3rbseyes.com/)
-   روايات الأنيمي المكتملة (https://www.3rbseyes.com/forum183/)
-   -   قلمٌ ذهبي ~ الجانب الآخر (https://www.3rbseyes.com/t507767.html)

وردة المـودة 05-26-2016 11:38 PM

قلمٌ ذهبي ~ الجانب الآخر
 

[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339730161.png');"][cell="filter:;"][align=center].






























.[/align]
[/cell][/tabletext][/align][align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339734242.png');"][cell="filter:;"][align=center].



[/align]
[/cell][/tabletext][/align][align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339734242.png');"][cell="filter:;"][align=center]
[/align][/cell][/tabletext][/align]
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339734242.png');"][cell="filter:;"][align=center]


http://up.arabseyes.com/uploads2013/...5199171741.gif
نجمه4نجمه4نجمه4نجمه4
مباركٌ لكِ ،
أنت تتحسنين للأفضل

- فاطِمةه

http://up.arabseyes.com/uploads2013/...0861617973.png


حكاية طواها الزمن منذ أعوام خلت، و أيام تصرمت..

صنفها... شريحة من القلب!

لا أكذب و لا أبالغ...
فهل يعيش الإنسان دون قلب...
قلب ينبض استنشاقا لعبير حنان أم..
قلب ينبض لريح يحمل صدى الأخوة...
قلب ينبض افتقادا لعمود الأبوة. ..
قلب ينبض لتتخالط انفاسه مع الروح بخجل..

وقلب يتيه بحثا عن الإنسانية ...

الإنسانية...؟!
ما أصعب أن تفتقد من القريب قبل بعيده...

الفئة العمرية...
كل قلب يعي معنى التشتت حين يطرق أبواب العقل...

و فحوى سطوري...
أهديها لكم بعد أمد من تأليفها...



http://up.arabseyes.com/uploads2013/...1322493471.png

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع

الفصل الثامن

الفصل التاسع

الفصل العاشر

الفصل الحادي عشر

الفصل الثاني عشر

الفصل الثالث عشر

ليس سوى شُكر





http://up.arabseyes.com/uploads2013/...0861617052.png


أناملها البيضاء باردة كبرودِ الثلج......
قدميها تتحرك على تلك الأرض المبسوطة بتثاقل....
يديها ترتعش بشدة بينما هيَ تحركها بين خصلات
شعرها المتطاير مع نسماتِ الهواء....
خوفٌ استولى قلبها و تشتتٌ طغى ذهنها بيأسٍ سيغير حياتها.....
كيفَ لا ,و الخبر الصاعقُ الذي سمعته يكادُ يهدُّ ركن حياتها...
و "ليتني أملك النقود" كلُّ ما يدور في رأسها الآن.......
توقفت مع تنهدٍ خرجَ من أعماقها لتعيدِ في ذهنها صورة والدتها العليلة ,فكيف
لها أن تتصوَّر العيشَ دونها و كيف تجمع النقود الكافية لعمليَّتها الجراحية قبل ثلاثة أشهر.....
ها قد طرقت أبواب أملها في إيجادِ عمل يساعدها في محنتها دونَ جدوى.....
أفكارها المتشتتة أخذتها بعيداً عن الواقع الذي يحويها.......
لم تنتبه إلاَّ و هي ترى أمامها شابٌ مصاب في قدمه بسببها بعدَ صرخةٍ أخرجتها من حالةِ الشرود ,فنهضت فزعة برؤيتها ذلكَ الشاب الواضع يده فوق قدمه اليمنى المصابة و بان قلقها عليه بقولها: هل أنتَ بخير؟!
اعتدل الشاب بجلسته دون أن يظهر آثار الألم على ملامحه و أجابها بقليلٍ من الانزعاجِ و الغضب: لو لم تكوني شاردة الذهن لكنت كذلك , كيف تمشين وسط الشارعِ هكذا أيتها البلهاء؟..
حاولت تدارك الأمر بمساعدته : أنا آسفة, لم أكن أقصد..كنتُ شاردة قليلاًَ.
نهض الشاب دون إعطاءِ إجابة مع قليلٍ من الألم تاركاً خلفه فتاةً مع إحراجٍ و قلق....
كانت تلك الفتاة ستذهب لمساعدته.. للاطمئنان عليه لكن وجهه الصارم و الغاضب لم يسمح لها بالتقدم خطوةً نحوه.....
عادت لطريقها دونَ هدفٍ أو مقصد...
و في طريقها..... قادتها قدميها أو بالأحرى "القدر" نحو متجرٍ ضخم....
باتت تقلب بين البضائع علَّها تجد شيئاً مناسباً يبهج أمها الحنون لتشتريه بنقودها التي جمعتها راجيةً ظهور الابتسامة على شفتيها..
لفتها صوتٌُ من اتجاه المحاسبة يساراً...: ألم تجد بديلاً إلى الآن؟!
صوت المحاسب بتوتر: ليسَ بعد سيدي.
اعتلى صوته بغضب و القليلِ من الحدة:... ألم تكن ثلاثةُ أسابيع كافية لإيجادِ عاملٍ مناسب؟... لا فائدةَ ترجى منكم..
صمت للحظات و أتم بقليل من الهدوء: ... على هذا المنوال سأقبل أي طلبٍ للعمل ... ائتني بأي شخص يطلب العمل إلى مكتبي , أفهمت ؟
أجابه المحاسب ببعضِ التلبك: أ..أمرك سيـ..سيدي.
ذهبَ ذلكَ الرجل الصارخ الذي بدا صوته مألوفاً للفتاةِ الواقفة خلفَ بعضِ الثياب المتراكمة, لكنها لم تبالي بل شدَّها الحديث لتخرج متقدّمةً نحو المحاسب المتذمر : .." من يظن نفسه... شخصٌ يطلبُ العمل , و من أين ؟... فكل العاملين حتى أنا أتيت بدعوةٍ خاصةٍ منه للعمل هنا... يا لهُ من شابٍ متعجرف....."
لم يكد ينهي جملته حتى بدأت الفتاة بالحديث مع ابتسامةٍ لطيفة مرسومةً على وجهها: عفواً سيدي, لقد سمعتُ بحديثك مع ذلك الرجل دونَ قصد... هل يمكنني طلبُ العمل هنا؟
نظر لها المحاسب نظرةَ تفحصٍ لمظهرها المتواضع و أجابها بتكبرٍ ظاهر وهو يقول لنفسه (لحظة...من أين أتت هذه ,هل هي مجنونة؟!..): آسف, لا أظن أن هذا مكانٌ مناسبٌ لأمثالك.
لم تبالي بل أجابته بما أثارَ تعجبه :هل لي أن أجرب حظي أيها السيِّد؟!
قالتها بمظهرٍ لطيف و واثق مع أنَّ اليأس قد طغى قلبها و هي لا تستطيع أن تتأمل بحصولِ عملٍ في متجرٍ ضخمٍ كهذا و لكن هي ستحاول و لو بطرقِ بابٍ مغلق...
تنهد المحاسب منزعجاً تاركاً مكانه: لا بأس, على الأقل سيقل تذمره المتواصل.
نهضَ من مكانه ليقول لإحدى العميلاتِ هناك: كلوديا, خذي مكاني قليلاً من فضلك.
..................بعد قليل...................
لم تكن الصدمة هينة برؤيةِ الشاب ذاته جالسٌ على مقعدِ الرئاسةِ الفخم, أجل .....ها هو الشاب المصاب في قدمه بسببها اليوم جالسٌ أمامها مرةً أخرى و بعدَ ساعاتٍ قليلة مظهراً بعض التعجب على ملامحه....
أشار لها بيده برسمية و سخريةٍ تحت حروفِ كلماته: تفضلي بالجلوس, لم أكن أتوقع ملاقاتكِ هنا و بهذه السرعة
الفتاة تمتمت بهدوءٍ و خجل: لقد أتيتُ لموضوعِ العمل.
توجهت بؤبؤتي الشاب نحوها للحظات قائلاً: أليست من الجرأةِ أن تأتي طالبةً العمل من من كُسِرَت ساقه بسببك؟!!
نظرت الفتاة للمقاعد الثمانية المتقابلة و اختارت أبعدها للجلوس مع فقدانها الأمل بتاتاً للحصول على عملٍ الآن, أحنت رأسها مرةً أخرى لتظهر امتنانها و أسفها: أنا أشكرك لإنقاذي....
صمتت للحظة بإحراج و أتمت بتماسك أعصابها...: أنا آسفة حقاً...
رفعت رأسها مع قليلٍ من الانفعال: هل كُسِرَت؟!!!!
نظرَ لها بغباء: هذا ما تفوهتُ به تواً يا آنسة....لقد عدتُ تواً من المشفى... دعينا من هذا الآن ,كيفَ علمتِ أننا نحتاج موظفاً؟
أحست الفتاة بسرعةِ نبضاتها من شدَّةِ الإحراج و ودَّت لو نهضت بسرعة خارجةً من هذا المكتب...لكنها تشجعت و أجابته مع مراوغة عينيها: في الحقيقة ,لقد سمعتُ حديثك مع المحاسب قبل قليل....
وضعً الشاب كفيه المتشابكتين على الطاولة الفضيةِ أمامه و ارتسم ابتسامةً جادَّة: و الآن, دعينا ندخل لصلب الموضوع....هل أنتِ مستعدَّة لأيِّ عمل؟ أو بالأحرى...ماذا تستطيعينَ أن تفعلين؟
أجابته فوراً دونَ تأنٍ: أيَّ شيءٍ تطلبه , حتى لو كان عاملةَ تنظيفٍ فقط.
مدَ الشاب يده اليمنى نحو أحد أدراجِ طاولته و أخرج منها بعضَ الأوراق البيضاء ليمدها نحوها: أنتِ محظوظة لأني بحاجةٍ لموظف...لكن ماذا عن دراستك ؟! فيجب عليكِ أن تكوني هنا في العاشرةٍ صباحاً...و عملكِ سيكون تحت مسيرةٍ تجريبية لمدةِ شهر و بعدها سيتقرر توظيفك بشكلٍ دائمٍ أم لا.
أخذتها دونَ وعيٍ و تفكير و هيَ تردد حروف الأملِ منذُ الآن.....لكن لم يخفى عليها أن ترك دراستها يعني حزنُ أمها و ربما عدم قبولها و هذا ما رسم بعض الحزن على وجهها....
نهض الشاب ليجلس على المقعدِ المقابلِ لها: هل أنتِ مستعدة لسماعِ شيءٍ مهم؟
استغربت تصرفه الغريب و قالت: ماذا هناك؟
نظرَ لملامحها البريئة بابتسامة: لقد خُدعتِ.
لم تعي مقصودة فاستفسرته بسؤال: ما تقصد؟!
اعتلى صوته بالضحك فجأة و هوَ يقول: يبدوا أنَّكِ لستِ من هذه النواحي يا آنسة ....فهذا المتجر لا يُفتح الصباح البتة.
كادت تطير فرحاً لكنها تمالكت نفسها و قالت برزانة مع ابتسامةٍ لطيفة تظهر زوالَ قلقها: هذا رائع.... و متى أستطيع بدء العمل؟
نظر لها براحةٍ في قلبه لرؤيتها مبتهجة: تستطيعين ذلك منذُ الغد ,هل هذا يناسبك؟
بدأت بملأ استمارة عملها : أجل.
أنهت كتابتها و أعادت الأوراق له....
نظر للأوراق للحظات ثم وجه بؤبؤتيه نحوها: اسمكِ ميرنا؟
ابتسمت ابتسامةً خفيفة و أجابته: أجل سيدي.
حرك يده لتترك الأوراق على الطاولة الشفافة و المحاطة بزخارف رائعةٍ المنظر: لا تنادني هكذا, فأنتِ لم تبدئي عملكِ حتى هذه اللحظة.
بدأت تحرك بعض خصلاتها بخفة قائلةً بلطف : أتمنى أن يرضيكَ عملي,هل لي أن أعرف لمن سأعمل؟
أجابها: تتكلمين بلباقة... أنا ساي..ساي شيوكي.
نهضت ميرنا مودِّعةً مدير عملها الجديد عائدةً للمنزل لكن أوقفها المدير الشاب بنهوضه فاتحاً باب مكتبه و هوَ يقولُ لها: أنتِ فتاةٌ غبية حقاً يا آنسة.
فهمت ميرنا ما يرمي إليه هذه المرة فها هوَ واقفٌ على قدميه السالمتين فقالت بغضبٍ واضح: أنتَ بالفعل...
قاطعها ساي بقوله: ستُطردين إن أكملتِ.
خرجت من مكتبه و كلُ ما يشغلها جملةٌ واحده" إنهُ فتىً مخادع بمعنى الكلمة ,و أنا الحمقاء التي لم تلاحظ ذلك رغم تحركاته أماي بوضوح"

................منزل ميرنا................
ما أن دخلت حتى أطلقت عنان صوتها ليعم أجواء المنزل بروح مرحها: لقد عدتُ أمي.
اتجهت نحوَ الغرفةِ اليمنى في ذلكَ الممرِ الضيق لتدخل و تجلس قربَ والدتها الهزيلة: مبتسمةً مستبشرة بالخبر الذي تحمله: أتيتُ لكِ بمفاجأة.
مدت يدها الدافئة لتضعها فوق وجه ابنتها مبعثرةً خصلاتها بخفة مع ابتسامةٍ خفيفةٍ قد علتها و قالت بصوتٍ حنون: ماذا هناكَ ميرنا؟...تبدين سعيدةً اليوم.
بادرت ميرنا بإخراج هديتها: إنَّ هذا لكِ.
بدا التعجب جلياًّ على وجه الأم: لي!!
أخذت الأم هديتها و فتحتها لترى ما زادَ من عجَبِها...حذاءً أرجواني اللون مرصعٌ ببعضِ الكريستالاتِ في مقدمته....بقيت صامته تنظر للحذاء دونَ تعليق...
سألت ميرنا أمها: ألم يعجِبكِ؟!...كما ظننت...ذوقي ليسَ جيداً كفاية لإرضائك.
رفعت الأم بصرها عن ذلكَ الحذاء فوراً : لا ,إنه بالفعل جميل....من أين لكِ النقود؟!!
مرحها بان في لكنةِ جوابها: لا تقلقي أمي ,فأنا لم أسرق.
تأوهت الأم و وضعت الحذاء جانباً: أشعر و كأنني عالة عليكِ لتقنعينني بهذه الأمورِ البسيطة....لا يجب عليكِ أن تسرفي النقود هكذا فأنتِ بحاجةٍ لها.
وضعت ميرنا يدها فوقَ يدِ والدتها : ليسَ إسرافاً أمي...هذه النقود ليست أغلى منكِ...مهما فعلت لكِ لن يكونُ كافياً ...
بدأت كلماتِ الطبيبِ التي أخفتها ميرنا عن والدتها تتكرر في ذهنها فلم تتمالك نفسها عن البكاء.....
نظرت لها أمها نظرةَ حزنٍ واضحة و كأنها تعلم ما يجول في خاطر ابنتها و احتضنتها بدفء في حجرها: لا تقلقي ميرنا ,كلُّ شيءٍ سيكون بخير.
نطقت ميرنا بكلَّ ما تستطيع قوله: كلَّ شيءٍ بخير ما دُمتِ أنتِ معي أمي.
أحست ميرنا بقطرات الدموعِ الباردة التي سالت على كتفها فأبعدت نفسها موقفةً دموعها عن الجريان محركةً أناملها البيضاء لتمسح تلكَ الدموع الجارية : يا لي من فتاة...لقد جعلتكِ تسكبين الدموع.
أعادت لكنتها المرحة لتقول: لن تصدقي أمي, لقد حصلتُ على عملٍ اليوم.
الأم بعدَ لحظةِ صمت: عمل...أين؟!
ميرنا بعد تفكير: حسناً...مكانٌ لم أتصور العمل به بتاتاً ,مركزٌ تجاري ضخم.
الأم: و ماذا عن محيطه ؟..هل هوَ مناسب؟
أجابتها ميرنا بعدَ تذكر ما جرى بينها و بين المدير بابتسامة تخفي ورائها ضحكةً خفيفة: لولا المدير المخادع لقلتُ رائع.
خرجت كلمةَ معاتبة من الأمَّ لميرنا: مخادع!! ما تقصدين؟!
حاولت ميرنا تدارك الموقف بتحريك يديها بسرعة قائلة: لا...ليس كما تتوقعين أمي,لا شيء يُذكر.
.................لدى ساي.................
دخلت تلك الفتاة دونَ أن تطرقَ باباً أو تسأل إذناً بالدخول لتجعل ساي الواقف بجانب مكتبه ينتبه لها للحظة و يبعد رأسه عنها بانزعاج: هللا طرقتِ الباب قبل دخولك, هذه ألف مرة.
كانت إجابة الفتاة لا تظهر مبالاةً بما سمعته: سأحاول تذكر ذلك سيدي.
أغلقَ ساي الملف الذي بيده متوجاً نحوها: لا تسخري مني فيونيكا.
وجهت تلك الفتاة ضفرها الطويل نحوه جبين ساي لتضربه بخفة و تذهب جالسة : هل لديكَ وقتُ فراغٍ غداً؟
لم يكن ساي غائباً عن تفكيرها الغبي في نظره فأجابها بما أغاضها قليلاً: لا بالطبع, فوضع المركز التجاري متدهورٌ كلياً بعد رحيل ريوكي.
وضعت رجلاً فوق الأخرى و أظهرت اعتراضها على ملامحها: ألا يجب أن تهتم لحياتكَ الخاصةِ أيضاً؟...ها قد مرت حدود ثلاثة أسابيع من رحيل ذلكَ النائبِ المزعج ,ألم تجد شخصاً مناسباً للعمل بدلاً منه؟
خطى خطواتٍ معدودة نحو النافذة و في طريقة رمى الملف على طاولته و بدأ بالتحديقِ خارجاً: بلى, وجدتُ فتاةً أظنها مناسبة لذلك.
أظهرت فيونيكا انزعاجها الشديد بتقطيب حاجبيها بوضوح: فتاة....هل أعرفها؟
أدار ساي جسده ليكون نصف جالس على حد النافذة الصغير: يبدوا أنَّ لها قابلية للتعلم بشكلٍ جيد...و على ما أرى إنَّ وضعها المادي ليس جيد على ما يبدوا و هي بحاجةٍ لهذا العمل.
" آهٍ من قلبكَ الرءوف...لماذا تحشر نفسكَ مع الفقراءِ القدرين"
هذا ما طرأ على أذنه ليرد عليها بسخرية: فقراء!..هذا ليسَ هوَ المهم فيونيكا, بل المهم كونها فتاة .. ألستُ محقاً ؟
صمتت مع غضبٍ دفينٍ بداخلها فها الشخص الذي تظهر له حبها لا يكترث بمشاعرها و لا يعير رأيها أيَّ أهمية...
عاد ساي مقترباً منها معَ ابتسامةٍ قد زادته وسامةً في نظرها و انحنى أخذاً بيدها مقبلاً: لا تقلقي...فتلك الفتاة ليست بالشيءِ المهم...أنتِ كلَّ شيءٍ بين هاتين العينين التي ترينها.
بدا الارتياح بسماع هذه الكلمات عليها و بدأت بكلماتٍ تبدأ حديثها ليجاريها ساي أيضا و بعد مدَّة خرجت لتتركَ ساي يتأوه قائلاً: لا أصدِّق أني مقيَّدٌ بين أغلالِ هذه الفتاةِ المزعجة...متى سينتهي هذا الوضع.
..............في اليومِ التالي..............
عبرت ميرنا بوابةَ الدخول متجهةً نحو الطابقِ العاشر حيث يقع مكتب المدير لكن ما أن توقفت بجانب المصعد حتى اعتلى صوت المحاسب : أوي...أينَ أنتِ ذاهبة ؟؟ ممنوع ارتقاء هذا المصعد للزبائن يا آنسة.
نظرت نحوه لتعرف أنَّه المحاسب المتكبر بالأمس فعلتها ابتسامةً تسبق كلماتها الساخرة: هذا أنت...ألم يخبركَ السيد شيوكي أنني أستطيع العمل هنا منذ اليوم؟ لا بأس...أنا ذاهبةً إليه الآن, أراكَ لاحقاً.
لم تكد تتحرك من مكانها حتى أوقفها مرةً أخرى: لحظة..
انتبهت له : ماذا؟
لم يعرف كيف يقول له ما يجولُ بخاطره لكنه بدأه على أي حال: أنتِ تعلمين....بالأمس....
فهمت ميرنا ما يريده فأدارت جسدها نحو المصعد و أجابته: حسناً , لن أخبره.
لم تعرف ميرنا السبب الحقيقي لقوله ذلك فهيَ موظفة$ٌ مثله و ربما يأتي يوم تتذمر هيَ أيضاً.........
لكن بعد لحظات رُفِعَ السِتار لتعرف السبب و بحق كانت متفاجأة ...فهيَ لم تكن تتخيل أنَّها ستدخل مكتباً و ستجلس على طاولة...!!!
لاحظ ساي تفاجئها بما تراه لذا تقدمها للدخول إلى المكتب: لقد كنتِ متلهفة جداً للحصول على عمل و لم تسألي أيَّ شيءٍ عن طابعِ عملك أو راتبك.
دخلت ميرنا و هيَ تحدَِق بالمكان الذي بالكاد تستطيع وضع قدميها به من شدَّةِ الفوضى العارمة: ما الذي جرى في هذا المكان؟
انحنى المدير ساي على تلك الأرض المغطاةِ بأوراقٍ و ملفات ماداً يده يلتقط بعضها: لا شيء ذو أهمية..استخدمتُ طريقاً مختصراً لاستخراج بعض الملفاتِ المهمة.
رفعت كتفيها متنهدة باستنكار: لا ينتظَر أفضل من هذا من الصبيان.
نظرت له بجدية بعدها لتسأله عن ما يهمَّها الآن: ما العمل الذي يجب عليَّ فعله هنا؟
نهضَ ساي من على تلكَ الأرض المغبرَّة و بدأ بتنظيفِ نفسه من الغبار: في الوقتِ الحالي, يجب أن ترتبي الملفات بترتيبِ قدمها فما كانَ قديماً ضعيه في جهة و ما كان حديثاً ضعيه في جهةٍ أخرى....و عن عملكِ الرئيسي فهوَ المحاسبات للبضائع و غيرها من الأمور التي ستألفينها بمرور المدَّة و كذلك الذهاب لإجراءِ بعضِ الصفقاتِ بتوكيلٍ مني.
صمتَ مقترباً منها و بعدها أتم: و إدارةَ المركز في غيابي ستكون إحدى وظائفك و آخر شيء يجب أن تجلبي لي كلُّ ما يحتاج توقيعي.
باتت تنظر له بصمت دونَ إبداءِ أيِّ ردة فعل فقال لها ببراءة: ماذا هناك؟...ألم يعجبكِ العمل؟
أجابته ببرودٍ واضح: و ما الذي تفعله أنت إذاً ؟
أصبحَ المكان هادئاً و لكنه مليءٌ بأجواءِ انزعاج الفتاةِ ميرنا و كأنها ترى استغلالها له منذُ البداية...لكن جملة ساي المنفعلة
" أنتِ نائبتي يا هذه!!" أخرجتها من شعورها لصدمة و كلُّ ما استطاعت التلفظ به " نائبة"....!!!
تقدم ساي نحو باب المكتب : ابدئي بالعمل و إلا تفضلي بالخروج لأبحث عمن هوَ أجدرُ منكِ..
توقف لدى الباب للحظة و أدار رأسه: قبلَ أن أنسى ,لقد نسيتٍ تدوين رقمكِ المحمول....
كان من الواضح تغيَّرها فقد أشاحت بوجهها عنه و بدأت بترتيب المكان: أنا لا أملكُ ذلك.
توسعت عيناهُ للحظة ( أوضعها سيء لهذه الدرجة) لكنه قال لها جملته علَّها تُذهب الحزن الذي بانَ على ملامحها قليلاً: لا بأس ,إنَّهُ ليس بالأمرِ المهم.
غيرت ميرنا منحنى الحديث فجأة بسؤالها: لماذا تعتمد على فتاةٍ مثلي لتكون نائبةً لك...فلا خبرةَ لدي و أنا لا أناسب هذا العمل بتاتاً... و الأهم من هذا كلُّه كيف تأتمنني على إدارةِ هذا المكان ...؟!
لم يعرها أي انتباه حتى بطرفِ عينه : أنا من أعين أنَّكِ مناسبة أم لا و لا تنسي أنَّكِ تحت التجربةِ فقط و كذا ..قد أخبرتكِ من قبل أنكِ ستألفين أمور العمل شيئاً فشيئاً.
تركَ ساي ميرنا تفكر بجوابه الغير منطقي فجلست على تلك الأرض المكومة بالأوراق المتناثرة( لم أتصور رؤيةً غبيٍ كهذا أبداً)

...............بعد ثلاثةِ أيام..............
عمَّ المكانُ حركةِ الزبائن.....
أحاطت جميعُ الأنحاءِ أصواتٌ مختلفة.....
لكن الأمر معاكسٌ حينَ تصل ميرنا لمكتبها فالهدوء تام و لا حركة طفيفة تستطيع رؤيتها,حتى أنها تستطيع سماع صوت خطواتها بوضوحٍ جلي...
لاحظ المدير وصولها فخرج من غرفته لينظر لها مستدعياً: أنتِ....تعالي هنا.
انعطفت ميرنا فوراً لتتجه نحو مدير عملها الشاب: هل هناكَ أمرٌ ما سيدي؟
دخل ساي المكتب و كانت ميرنا خلفه و اتجه نحو مكتبةٍ بيضاء مزخرفةٍ على الجوانب باللونِ الأزرقِ السماوي المبهج مخرجاً ملفاتٍ أمامها: أريدُكِ أن تحققي في أمر هذه الشركات....
كلماتٌ واضحة كانَ خلفها الغموض بالنسبةِ لميرنا التي لم تألف العمل بشكلٍ جيدٍ بعد: أي ماذا؟!
رفع يده لتصل لخصلاتِ شعره الأشقر, و حرك أنامله بين تلكَ الخصلاتِ بحركةِ يأس: يبدوا أن لابد من مباشرةِ تعليمكِ بنفسي.
فتح الملف الأول الذي بيده : أي يجب أن تتبعي بعض الخطواتِ بالبحثِ على الانترنت عن الاسم الموجود في أعلى الصفحةِ الأولى و يجب أن تكون هذه المعلومات معلوماتٍ تفيدنا بصفقاتٍ تجارية ٍ مربحة....و هنا تأتي الخطوةُ الثانية بالذهاب لتلك الشركاتِ و التدقيق على أسلوب عملهم و جودةِ بضاعتهم...
رفع نظرته الرئاسية ليوجهها نحوها: ..مفهوم.
أجابت بعدمِ قناعةٍ نوعاً ما مع بعضِ التوتر: مفهوم سيدي.
لم يخفى ذلك على المدير الحاذق: هل هناكَ خطبٌ ما يا آنسة؟ أغلقت عينيها و بدأت تحرك يديها نفياً: كلا...فقط..
توقفت مع صمتٍ لم يدم..: أشعر أنَّ هذا العمل كثيرٌ نوعاً ما ,لا أعرف كيفَ أكمله اليوم.
وضع ساي الملفاتِ بشكلٍ مفاجئ بين يدي ميرنا التي حاولت أن لا تفقد توازنها : ذلكَ لا يعنيني... أنا أودُّ رؤيةً هذهِ الملفات على طاولتي قبلَ نهايةَ دوامِ العمل.
تنهدت ميرنا بيأسٍ و إحباط: سوفَ أحاول سيدي.
جلسَ ساي على إحدى المقاعد الفرعية مشيراً على المقعدِ المقابل: اجلسي...ألم يُنهكك الوقوف؟
تصنعت ميرنا الابتسامةَ و خلفه نوعٌ من الغضب: لا أستطيع... فأنا يجب أن أنهي هذه الملفات بسرعة.
قابلتها ابتسامةٌ دافئة قطعت كلَّ الصرامة السابقة : لا تفكري بذلكَ الآن....اجلسي ,أودُّ أن أعطيكِ شيئاً.
أخذَ ميرنا بعضَ الفضول لمعرفة ما سيعطيها المدير أكثر مما بيدها لكنَّها امتثلت بصمت جالسة ً مقابله واضعةً ما بيديها على الطاولة....
أخرج ساي ورقةً نقدية((شيك)) و مدَّهُ نحوها: إنَّ هذا لكِ.
كانت تصوُّراتِ ساي منحصرة بردّةِ فعل مثل "ما هذا؟" أو "رائع" لكن آماله خابت بعد نهوضها المباشر بانفعالٍ و انزعاجٍ واضح: أتيتَ بي لتستصغرني و تريني مدى فقري بصدقتكَ هذه ؟!!....لن أقبلها و لن أسمح لك بتحقيري مهما كنت مديراً أو ملكاَ...ليسَ لك الحق بهذا أيها الفتى...
حاول إصلاح سوءُ فهمها: إنَّهُ راتبٌ شهري مقدَّمٌ فقط!!
توجهت للخروج دون إعارةِ كلامه اهتماماً: أنتَ مخطئ ٌ أيها السيد ,لستُ بحاجةٍ لهذه النقود الآن...انتظر حتى أنهي عملي كالآخرين فقط.
..........................
أغلقت الباب و بدأت تهمر الدموع بصمتٍ على وجنتيها المشوبان بحمرةٍ خفيفة: لماذا يجب أن أتحمل هذا؟..لماذا يجب أن أُستحقر لأجل بعضِ الأوراقِ المسمَّاةِ بالنقود....
أكملت حديثها بصمت بين ثنايا الفكر(هل أنا إحدى سلعه الرخيصة يتسلى بها حتى تتلف...؟ هل سيفعل هذا مرةً أخرى ليظهر استعطافَ رجلٍ غنيٍ نبيل؟... لكن لا أستطيع تركَ هذه الوظيفة لأجلِ شيءٍ كهذا...يجب أن أنقذَ أمي...)
أجبرت نفسها على الهدوءِ و مسحِ الدموع ( كفى...كفي عن هذا الضعفِ هينا...يجب أن تنهي عملك ,فعلى ما يبدوا لن ينتهي بسهولة)
لكنها حين انتبهت لنفسها اكتشفت.....
....................
لم يستطع الجلوس تاركاً قدميه تتمشى يمنةً تارة و يسرةً أخرى ..( ربما أسلوبي هوَ السبب...كانَ عليَّ صنع بعض المقدِّمات ...ما الذي يجب عليَّ فعله؟)
جلسَ أخيراً على مقعده الرئاسي ( يا الهي ,هذه هيَ أوَّل مرَّة أُعامّل فيها بفظاظة..ها قد سببتُ مشكلةً لنفسي....)
قاطع أفكاره دخول تلك الفتاة ذو مظهر الثراء دونَ طرقِ البابِ كعادتها: أهلا ساي.
كان جوابه بارداً كالثلج: أنتِ.
اقتربت منه بحركاتها المرحة و وضعت يدها حول عنقه بخفة: يبدوا خاطبي مشغول البال اليوم...هل سرقت أفكاره حوريةٌ غيري؟
أظهرَ الابتسامةَ على وجهه قبل أن يواجهها بوجهه: بالضبط...من أينَ لكِ الخبر؟
أبعدت يديها و قالت له بلكنةِ ضجر: أنتَ لئيم...كيفَ لكَ أن تمزح معي هكذا؟
نهض ساي ليكون معها وجهاً لوجه: لأنَّ وجهكِ الغاضب أجمل بكثير من ابتسامتِكِ الغبيةِ هذه.
انفعلت قليلاً: ابتسامتي غبية!!
أمسكت بساي من قميصه بقوة و بدأت بجره: لن أسامحكَ إلا إن تنزهتَ معي و اشتريت لي بوظتي المفضلة.
بدأ يعتري الألم قدمه المصابة التي أخفى ألمها و فيونيكا لم تكن تعلم عنها شيئاً : حسنا حسناً...توقفي قليلاً.
توقفت و أظهرت ملامحَ حدَّةٍ مُفتعلة: ماذا؟
بدأ يرتب ساي ثيابه المبعثرة الشكل: يبدوا أنّكِ بالفعل مصممة على عدم مسامحتي ولو وقعتُ على قدميكِ.
و حقيقة ما يجول بخاطره( من طلب مسامحتك...إنما أنا مجبور)
مدت يديها نحو ربطة عنقه لإحكامها: لا..أي لا.
أبعد يديها قائلاً: استسلمت...سآتي معك, لكن انتظريني في الأسفل لحظة.
خرجت بعد أن قالت بجوهرٍ واضح: حذارِ أن تخدعني.
خرج بعد اطمئنانٍ و تيقظ من ذهابها متوجها نحو مكتب نائبته الآنسة ميرنا ( لا أصدِّق أني سأعيشُ مع فتاةٍ مثلها...أكره نفسي غنياً برؤيتها)
طرق الباب و دخل بعد سماع صوت ميرنا المشبع بغبنةِ الحزن: تفضل.
كانت ميرنا جالسة على مكتبها دونَ فعل أيُّ شيءٍ و بعض الحمرةِ جليٌ على ملامحها...
اقترب ساي منها قائلاً ببعضِ اللطافةِ و المرح المتصنع واضعاً الملفاتِ على طاولةِ مكتبها:هاهيَ الملفات يا نائبتي .. على الأقل , لم يكن عليكِ نسيان ملفاتِ عملك....هل نسيتها تهرباً من العمل ؟
لم تجبه بل ظلّت صامته تنظر للملفات التي وضعها....
....: لم أكن أقصد...حقاً لم يكن غرضي سيئاً فهو ليس من حسابي الخاص حتى بل هوَ من حسابِ الشركة.
أجابته ...: لا فرق.
وضع ساي الـ"شيك" على الطاولة و بجانبه هاتفٌ محمولٌ أيضاً: أنا مضطرٌ للخروج أيضاً فتدبري أمور المركز في غيابي.
نهضت من مكانها كردةِ فعل: لكن عملي....
أجابها برزانة: أنا واثقٌ أنَّكِ تستطيعين تدبر الأمور....اتصلي لي إن استدعى الأمر فرقمي مدوَّنٌ بهذا الهاتف.
باشرته ميرنا: ألم أقل لك...؟
قاطعها خارجاً: آسف, قلتُ لم أقصد...أعيديه لاحقاً لو أردتِ.
توقف للحظة مطلاً عليها بنظرة: على الأقل لا تبكي كالأطفال...كنتُ أظنُّكِ فتاةً ناضجة.
أغلق الباب و ميرنا تشتعل غضباً ...ها هوَ يزيدها مصيبةً أخرى برئاسةِ المركز, و ما يزيدُ الأمر سوئاً في نظرها كيف لمدير أحمقٍ مثله أن يدع فتاةً مثلها تدير مركزه التجاري في أيامها الأولى....مدير غير مسئولٍ حقا...
وضعت يدها فوق الهاتف المحمول الذي تمسه أوَّل مرَّة في حياتها رغم أن لا طفل يمشي في مجتمعها دونَ هذا الجهاز الصغير ...بدأت تتساءل عن صدقِ حديثه و عن تصرفها الغير لائق معه ...ربما لحساسيةٍ مفرطة....
..........في مكانٍ آخر........
أقمشةٌ حريرية لامعة باللون الفضي تغطي ببراقها جميع الطاولات....
زخارفٌ و أحجارُ كريمة من شتى الأنواعِ و أفخمها تملئ تلك المقاعد السوداء....
مطعمٌ فاخر يكادُ يشع مما ضمه من أمور...
ضمَّ هذا المكان بين زواياه ساي و مخطوبته الشابة "فيونيكا"....
اكتفى ساي بالجلوس و النظر لها بينما هي تأكل بوظتها المحببة (بدأتُ أجهل كيفية التعامل معها...بدأت تتجه للأسوأ مع مضي الزمن..)
تركت فيونيكا بوظتها للحظة محركةً يدها أمام وجه ساي علَّهُ يخرج من هذا الشرود...: ساي!!
تحركت بؤبؤتيه لتعلن حضور وعيه فبادرته فيونيكا بالسؤال: ما بك؟...لم نخرج معاً منذُ زمن و ها الآن تتجاهلني.
اصطنع ابتسامته المعتادة" ألا تعرفين بما يفكر الرجل بهذه اللحظات؟"
صمتت لتعلن فضولها للاستماع فقالها بحزنٍ خفيٍ لكذبه على نفسه: ما أجمل ملامح الفتاة الجالسة أمامي الآن .... ليتني أستطيع النظر لها هكذا للأبد...
ظهرت حمرة الخجل على وجنتي فيونيكا قبل أن تلفظ بجملتها القصيرة: أنا محظوظةٌ بك ساي.
بادر ذهن ساي العكس تماماً( و أنا التعيسُ هنا )....
لكن الواقع ضم جواباً مختلفاً: أتمنى ذلك عزيزتي...


.............لدى ميرنا..........
المهمة الأولى كنائبةِ رئيس مركزٍ تجاري حسن السمعة زادها توتراً و هذا ما يزيد من غضبها تحت هذا الضغط المفاجئ الذي اكتسبته في لحظة لا تعرف متى كانت فتوقفت معتلياً صوتها بتذمر: لماذا سيد شيوكي؟
و على هذا المنوال يجب أن تنسى شيئاً باسم الواجبات المدرسية اليوم.....
أنهت البحث عبر الإنترنت كما أوصاها المدير و بدأت تمدد ذراعيها المنهكتين من التصلب الذي أصابها بشكلٍ طفيف و نهضت من مكانها استعداداً للخروج: يجب أن أخرج الآن.
خرجت تاركةً أمور المركز التجاري حيثما تتفقد الشركات المطلوبة و لم يأتِ بذهنها سوى استئجار سيارةٍ لهذا الغرض.....
عملٌ صعب على عكس المتوقع فهذا يجيب بالمراوغة و هذا يدعي عكس ما تراه و القليل يكونُ صادقاً صريحاً معها....
عادت عند الغروب مرهقة بشدة تودُّ أن تأخذ قسطاً من الراحة لكنها رأت أن هذه الأمنية لن تتحقق فما أن دخلت مكتبها حتى رأت ساي واقفٌ بالقرب من الملفات التي أتمتها ينظر لها بتمعن....
اقتربت و أدت الاحترام: مرحباً سيدي.
لم تسمع رداً لتحيتها بل..: و ماذا عن الشركات؟
كانَ ذلكَ مزعجاَ لكنها تغاظته لرغبتها بالاستمرار بهذا العمل فقامت بوظيفتها بالإجابة بالتفصيل: إنَّ شركتي ميزوشي و كواناي هما الوحيدتان المناسبتان لعقد صفقاتٍ معها أمَّا الباقي فإما أن يكونوا غير مراعين للجودة أو أنَّهم يخفونَ أسرار أعمالهم بكذبٍ واهية و شركةٍ منهم لن تجلب ربحاً بل ستجلب بعضَ الخسائر .
جلب تعجبها ظهور ابتسامةٍ طفيفة على شفتيه مما شدها للسؤال: ما الذي يجعلكَ تبتسم هكذا؟
....: ألم أقل لك أنَّكِ ستكسبين الخبرة بسرعة؟....لقد نجحتِ بالامتحان ,لقد كنتُ أعلم ذلك تقريباً لكني وددتُ الاطمئنان و رؤية ِ مدى جدارتكِ بهذا العمل.
رمت بجسدها على مقعدها متوجهةً بنظرتيها المنهكتين نحوه: لماذا تحب إيذائي سيد شيوكي؟
أجابها ببراءة و هو يجول المكان: فكرةٌ خاطئة ...لقد أردت إثبات جدارتكِ لنفسك و للاطمئنانِ بأنَّكِ خيرُ من أثِقُ به...و عن النقود فتستطيعين إعادتها الآن و الهاتف هوَ لحاجتكِ له وقت العمل و سيُسحبُ منكِ إن خرجتِ.
وقف على الجانبِ الأيسر لطاولتها واضعاً كفيه مبسوطتين عليها: هل توضحت الصورة؟
" واو...ظننتطَ أحمقاً و أنتَ تخطط لهذا"
سألها بجديةٍ أخافتها نوعاً ما: أحمق..؟!!
حاولت تدارك الأمر..: .أ..أنا..لم أقصد.
توجه للخروج بهدوء مما زاد خوفها: لا بأس.
( ماكرٌ ليسَ أحمق...ما ذا يخطط هذا الشاب للغد؟)


قراءة ممتعة،،،،




http://up.arabseyes.com/uploads2013/...0861618974.png


.
[/align][/cell][/tabletext][/align]




yuky 05-26-2016 11:48 PM

شكرا لكي يا عزيزتي شكرا على البارت القصة رائعة كال معتاد كنت انوي ان افتح القصة فقط للتسلية لكن ما شدني اليها هو اسمك الموضوع عليها فشعرت بالفضول و قررت متابعة القصة و كعادتك ابدعتي ارجو لا تتأخري في انزال البارت القادم لكن لدي سؤال يحيرني هل ستكمل قصة قدر مخطوط على صفحات الزمان ام لا

اون شان. 05-27-2016 03:02 AM

السﻻم عليكم ورحمه الله وبركاتة
كيف حالك...ان شاء الله بخير وصحه
وعافية وحالتك عال العال
في البداية اسفة على دخولي المتطفل
واوووووووو تعجز الكلمات عن الخروج تمنعني
العبرة من ان اجمع افكاري ويالها من فكرة عظيمة
وقصة جميلة جدا اهنئك عليها وعلى تلك اﻻنامل الذهبية
لديكي عزيزتي انا من مشجعيكي دائما واعتبريني من المتابعين
لنتقل لداخل تلك القصه

السرد
من اجمل القصص التي رايتها وقراتها للان اهنئك
فانا بالنسبة لدي السرد هو اﻻهم احسنتي عزيزتي

المقدمة
جميلة جدا بحيث اعجبتني وجعلتني استفاد منها كثيرررا
احسنتي عزيزتي تستحقين اجمل عبارات الثناء واﻻطراء

الشخصيات
ميرنا / عزتها بنفسها وجمال نفسها واﻻحترام الذي وضعته
لها ومن تلك الصغيرة التي تكافح من اجل المعيشة

ساي my love /حسنا احب هذة الشخصية المخادعه والماكرة
هههاي احبك حسنا هو ينجذب لميرنا صح ﻻاستطيع وصف شخصيتة
سوء بالشاب الخرافي هاااااااااا

فيونيكا / اممم لم احبها قط ولكن شخصيتة جميلة تدل كانها طفلة

تسلسل اﻻحداث
مدهش وهو رائع ومشوق
امممممممممممممم لم اعد احتمل ارغب حقا بروية
المزيد متي البارد الثاني هياااااااااااا متشوقة والحماس
ضاربني روايتك مدهشة جدا هيا يافتاة ابهيرنيا انا من متابعيك
وسانتظرك دائما ﻻتنسئ ارسال الرابط لي اريد الثرثرة ولكن
في الفصل الثاني ستريني ثرثرة عن اﻻحداث ام اﻻن فدعيني مع
شخصيه ساي المدهش ♥♥♥♥
ﻻتنسئ ارسال الرابط
اتركك في رعاية الرحمن
في امان الله

وردة المـودة 05-27-2016 10:20 AM

مرحبا yukyأو للأقل
متابعتي الأولى...
يسرني أن يكون اسمي علامة جيدة لك...
و أعلمك أن هذه القصة كاملة منذ زمن لأني كتبتها قبل ستة او سبعة اعوام...هههه

لذا قد تلاحظين نقاط ضعف في السرد...
و كذا أخبرك أن هذه القصة لن تعيق كتابتي أبدا بعون الله...



و عليكم السلام و الرحمة
الحمد لله بخير، كيفك انتي؟
عساكي بخير وعافية....
شكرا لهذا الإطراء حقا، أتمنى أن تكون حروفي عند حسن ظنك....
و الشخصيات، حسنا...لكل طابعه الخاص أليس كذلك؟


أشكركماعلى دخول صفحتي

Arij* 05-27-2016 11:36 AM

اعجبني ما خطته يداك اختاه
بالتوفيق وانا هنا للمزيد من القراءات والتعليقات و اللايكات
باي

صَاعِقَةٌ 05-27-2016 12:04 PM

مرحبًا...
كيف حالك وردة المودة؟؟
حسنًا شكرًا لكِ وجزيل الشكر لدعوتي...
ما شدني هو اسمك فأنتِ إحدى متابعات روايتي http://3rbseyes.com/t506222-new-post.html
.
.
حسنًا إن كنت قد كتبتها قبل 6 أو 7 أعوام هذا يعني أنكِ أكبر مني بكثير...
لندخل لصلب الرواية...
المقدمة (البداية):جذبتني...كنت لن أكمل القراءة لضيق وقتي وأؤجل القراءة لوقت لاحق .... لكن...عندما بدأت القراءة لم أستطع التوقف...حقًا لم أستطع...
طريقو سردك:أظنها مختلفة وجاذبة ورائعة...
الشخصيات:
ميرنا:تبدو شخصية رائعة ... حنونة متحدية تحب والدتها مكافحة ولها كبريائها...
.
.
ساي:تعلمين أحد أبطال روايتي اسمه "كاي" لا أعرف ولكن هذا أحد تلذي جذبني لساي..خداعه .. وسامته..خبثه..وأظن ورائه أمر ما...

.
أم ميرنا:أظن لديها مرض خطير وستموت بسببه -أنا شريرة صح😆😈-...
.
.
المحاسب:مممم لم يظهر كشخصية رئيسية أو ثانوية أظنه شخصية ظمساعدة بالرواية مع أنني أظن أنه ثانوية (أي له قصة) الشيء الوحيد تلذي أخذته عنه أنه لطيف ومتذمر ربما..

.
.
كلوديا:كالمحاسب الذي لم أعرف اسمه بعد أظن أن قصتها معه...
.
.
.
أخيرًا الشخصية التي كرهتها وأبقيتها للنهاية بسبب ذلك فيونيكا:حسنًا خطبها ساي من أجل الثراء وما إلى ذلك..من شخصيتها إما متسلطة قوية..إما غبية بابتسامة أغبى..لم أستلطفها..
.
.
.
وإلى اللقاء بالبارت القادم...

وردة المـودة 05-27-2016 12:27 PM

[center]اهلا اهلا بالفراشة...

كيف الحال حبيبتي، سرني تواجدك و ماخطته اناملك. ..
شكرا لك...



و مرحبا بصاحبة السطور التي شدتني بعنوانها

كيف لي أن أنسى من تكونين..؟!

أشكرك لتلبية دعوتي المتواضعة...

و يسعدني أنها نالت إعجابك...

حسنا، للشهرة فوائد على مايبدوا...هههههه
[/ce
nter]

avine 05-27-2016 02:09 PM

السلام عليكم ورحمه الله وبركاتة
كيف حالك...ان شاء الله بخير وصحه
وعافية
في البداية اسفة علىالتاخر في الرد
واوووووووو تعجز الكلمات عن التعبير عنى مدى جمال هذه الرواية ابداااااااااااااع من بين اناملك الذهبية
قصة اكثر من روووووووووووووووعتة تجننن
انا من مشجعيكي دائما وساكون من متاعبعي القصة باذن الله
قصة تجنن سواءا من ناحية
السرد
المقدمة
الشخصيات
ميرنا / عزتها بنفسها وجمال نفسها واﻻحترام الذي وضعته وكرامتها بنت على نياتها
لها ومن تلك الصغيرة التي تكافح من اجل المعيشة

ساي /حسنا احب هذة الشخصية المخادعه والماكرة
هو ينجذب لميرنا صح ﻻاستطيع وصف شخصيتة لانها اكثر الشخصيات المحببة الي

فيونيكا / لا احبها واثقة وابصملك بالعشرة انها حتحاول تخرب على ميرنا
تسلسل اﻻحداث
امممممممممممممم لم اعد احتمل ارغب حقا بروية
المزيد متي البارد الثاني هياااااااااااا متشوقة والحماس
ضاربني روايتك مدهشة جدا ننتضر ابداعك على احر من الجمر
في امان الله[/quote]

وردة المـودة 05-27-2016 02:58 PM

عليكم السلام استر، عيني على الحماس...
و أنا من مشجعيك على الدوام...

لعينيك غاليتي سأنزل البارت الثاني بعد قليل

بامسي 05-27-2016 04:10 PM

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يا الله على هذه الرواية روعة ما شاء الله ، تجنن تحفة قمة في الروعة ايه دا ممتعة اتعرفين اعجبتني روايتك كثيرا لها طعم مختلف ساي احببته انه رائع و شخصيته تحمل اشياء اعجبتني ، اعجبتني : ان اكملتها ستطردين هههههه حلوة فكرتك روعة انا تشوقت لمعرفة الباقي اكيد راح يكون روعة مثل صاحبته ، مقدمة رائعة جدا كلاماتك مميزة ، اما الشخصيات ميرنا فتاة رائعة لحسن اخلاقها و جعل لها مكان محترم شخصيتها بالمختصر محترمة و رائعة لا يخاف عليها ، ساي ياعيني عليه احببته ، اما المحاسب يكبر و يتعلم ان لا يخطا مع بطلتنا الحبوبة ، و السخصية الاخرى لا اريد ذكر اسمها غيورة ما حبيتها اكيد هي الشريرة هنا بس متشوقة لليوم الذي راح تشوف فيه بطلتنا .
تابعي روايتك الحلوة و لك من اطيب التهاني على هذه الرواية الرائعة ، بالتوفيق مشكوووووورة ،والله يعطيك الف عافيه
في امان الله

Snow. 05-27-2016 04:26 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كيفك غلاتي؟

أخبارك؟

إن شاء الله بخير

ياااااااايااااااااه من الجميل وجود رواية ثانية لك تسمح بمتابعتك

فحقيقة أنا أستمتع كثيرا برواية قدر مخطوط على صفحات الزمن

لا ضير بأن أستمتع بروايتك هذه

أتعلمين تشبهينني كثيرا أكتب رواية و أتركها مدة تحتويها خزانتي ثم أخرجها للعلن

من الرائع بالفعل رؤية أن روايتك هذه مع هذا الأسلوب الممتاز في السرد و رغم قدمها و ربما صغر سنك حينها

إلا أنها رائعة بشكل غير متوقع

ينقصك فحسب بعض الوصف لأشكال الشخصيات

أنت لست من النوع الذي يبقى مرتبطا بنفس الأسلوب

فأسلوبك هنا مغاير جدا

تبدو القصة مثيرة جدا

الشخصيات رائعة

ساي:يخفي طيبته وراء غروره و بحكم غناءه فهو مرتبط بفيونيكا

فيونيكا:النوع الذي أكرهه من الشخصيات،لا أود حتى الكلام عنها

ميرنا:تبدو فتاة لطيفة و لاذعة اللسان أيضا لو اقتضى الأمر ههههههه

العنوان أيضا جميل أتسائل ما الذي يخفيه

متشوقة لقادمك هنا عزيزتي

وردة المـودة 05-27-2016 05:04 PM

اهلا محلا امالي..
أصبحتي أحلا آمالي...
شكرا لردك الجميل حقا، سررت به..
و انتظري البارت الثاني بعد لحظات...



و عليكم السلام كرميلا. ...
حسنا، لابد من التغيير أليس كذلك...
احم، و لكل اسلوب ميزة و ذكرى...

شكرا لتواجد الرحب غلا

وردة المـودة 05-27-2016 05:06 PM

[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339730161.png');"][cell="filter:;"][align=center].






























.[/align]
[/cell][/tabletext][/align][align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339734242.png');"][cell="filter:;"][align=center].



[/align]
[/cell][/tabletext][/align][align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339734242.png');"][cell="filter:;"][align=center]
[/align][/cell][/tabletext][/align]
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339734242.png');"][cell="filter:;"][align=center]




http://up.arabseyes.com/uploads2013/...0861617052.png


" واو...ظننتكَ أحمقاً و أنتَ تخطط لهذا"
سألها بجديةٍ أخافتها نوعاً ما: أحمق..؟!!
حاولت تدارك الأمر..: .أ..أنا..لم أقصد.
توجه للخروج بهدوء مما زاد خوفها: لا بأس.
( ماكرٌ ليسَ أحمق...ما ذا يخطط هذا الشاب للغد؟)

...........في اليوم التالي..........
خطى ببطء و هدوء مع رزانةٍ واضحة نحو مكتب الوافدة الجديدة لتفقد الوضع ....
أوقف جسده و رفع سبابته اليمنى لطرقِ الباب ...أثار عجبه عدم الجواب فأمسك بالمقبض فاتحاً له.....
ها النائبةُ المعتمدُ عليها قد غطت في نومٍ عميق......
اقترب بخطىً خفيفة مقرراً إخافتها موقظاً لكن قاطعته فكرةٌ أخرى....
نظر لها بعطفٍ و حنانٍ للحظة...تلكَ الملامحُ الهادئةُ الجميلة التي استقرت بنومٍ هادئ....و لونُ شعرها الذهبي الذي بطوله يغطي ظهرها بخفةٍ و تناثرٍ خفيف....لكن مع هذا لم تختفي ملامح الهم الجلي حتى في هذه اللحظات....
(إنَّها ما تزالُ صغيرة على متاعب الحياة..)

...........بعد قليل...........
أعلن تثاؤبها استيقاظها ...
فاعتدلت بجلستها تفرك عينيها لتعود للملفاتِ الناقصةِ بعد....
أنهت ذلك العمل و قررت أخذها لمديرها ليتم عملها على أكمل وجه بتوقيعه و ما أن نهضت حتى رأت نفسها غير قادرة على ذلك و هذا لأنَّ.....
شعرها مربوطٌ بإحكام من الخلف بمقعدها......
اشتعلت غضباً هذه المرة فهيَ تستطيع معرفةَ الفاعل على الفور....
فكَّت شعرها بصعوبة مقررة عدم الصمت هذه المرة( كيف يجرأ!!...ذلك الفتى...مديرٌ مزعج..)
لحظاتٌ و هي واقفة في المكتبُ المجاور تستمع لسخريةِ المدير ساي: هل أعجبتكِ مزحتي الصغيرة؟
وضعت الملفات أو بالأصح تركتها بغضب فوق طاولته مجيبة : هل تودُّ الانتقام مني لقولي بأنَّكَ أحمق أم ماذا؟!
تجاهل النظر لها آخذاً قلمه الأسود المجاور ليده و فتح الملف الذي أمامه ليقرأه: الخطأ خطأكِ بالنوم وسط دوامِ العمل.
أقبضت يديها لتضربها بقوة على طاولته مخرجةً جزئاً من الغضب الذي اجتاحها: لا تنسى يا سيِّد أنها كانت غلطتك بتسليمِ الأمورِ لي و الخروج للهو...بفضلك لم أستطع النوم و أنا أحل فروضي.
أجابها و هوَ ملتهٍ بالتوقيع و التدقيق: يجب أن تذَكريني أن أزيدَ العمل لألا تسهرين على الواجباتِ المدرسية....
أتمَّ بلهجةٍ إدارية صارمة: و ما شأني بهذا؟...العمل يبقى عملاً و له قواعده التي يجب مراعاتها.
أغلق فمه و نظر لها بحدة أوقفتها عن الحركة: لديكِ بعضُ الأخطاء.
ملامحُ تعجبها أخفت علامات الغضب و باتت تستفسر لهذا الأمر الغريب: أين؟!!
أشار المدير على موظفته بالجلوس على أقرب مقعدٍ لمكتبه و بدأ يشرح لها بجدِّية المنحنى الخاطئ الذي اتخذته و لم ينسَ تحذيرها و إيضاح سبب هذا التحذير بذكر النتائج و بعد مدَّة لا تقل عن نصف ساعة أبعدَ ساي يديه عن ذلكَ الملف و تركهما تستريحا على جانبيه بالهبوط: لقد تعبت, سآخذ قسطاً من الراحة ....هل تودينَ فنجاناً من الشاي؟
لسانها كانَ يجيبه بصوتٍ يشعره بالاطمئنان نوعاً ما دونَ أن يعرف سبباً واضحاً ,و يديها كانت تتحرك كجناحي الملاك لترتب خصلاتها الذهبية التي تساقطت على جوانبها: لو سمحت...
تجمَّد للحظة و لكنه سرعان ما تمالك تصرفاته طالباً الشاي ليصل بعدَ ثوانٍ قليلة...
يديها تحركت بخفةِ لترفع ذلكَ الفنجان و عينيها كانت تحوي بين ثناياها استهزاءاً جلياً ظهر بين كلماتها: يبدوا أنَّك سيدي تتعب بسرعة ,أما أنا فعملت الأمس بأكمله دونَ أن أشكُ شيئاً.
نهض متجهاً نحو المقعد المقابل ليطبع أثراً أقوى لمحادثتهما و هو يشرب فنجانه الممتلئ: يبدو أنَ جديدتنا تفكر بردِّ الصاع بالصاع..
تحولت جلستها المتواضعة لنوعٍ من التكبر و الغرور الواضحين: بصراحة,تستطيع أن تفكر بهذه الطريقة.
سادَ الصمت معلناً عدم علم كلٍّ منهما بما يجب قوله أكثر لكن بعد دقائق........
بدأت ميرنا الحديث على سجيتها المؤدبة و اللبقة: كيف حصلتَ على مقعدِ الرئاسةِ هذا سيدي ؟.. فعلى ما يبدوا ,أنت ما تزال في أوائل الشباب.
وضعَ يده اليسرى تحت الفنجان بوقار مجيباً: حسناً ,لأجلِ النقود...
نظراتها كانت مرتكزة عليه دونَ إظهارِ أيِّ تعبيرٍ مميز مما جعله يظن أنَّها منزعجة من إجابته فحاول تدارك هذا التفكير الخاطئ: لا تسيئي الفهم فالنقود لم تجعلني براحةٍ و أنس...لكن والدي جهزَّ لي هذا المكان كهديَّةِ ميلادي السادس عشر و رتب لي عملي هذا لأبدأه منذ ذلك الوقت...
رفع يده اليمنى التي تحمل الفنجان مشيراً لها بابتسامةٍ خفيفة:...على كلَِ حال...هذا ليسَ سيئاً ,خاصَّةً بالنسبةِ لكِ أنتِ.
فهمت مقصده لتُظهر ضحكةً خفيفة أبهجت قلبه: بالطبع.
بدأ يجاريها بالضحك بلحظاتٍ أنسته بعضَ الهموم و بعد أن توقف نظر لها نظرةَ ارتياحٍ جعلتها تأنس لراحته الظاهرة: أنا حقاً سعيد لوجودكِ هنا يا آنسة...فوجودكِ....
لم يستطع إتمام جملته التي كانت ستكون "فوجودكِ قد جعلَ أمور المركز تترتب بسرعة"...
فصرخةِ تلك الفتاة قد أفزعته حين دخلت صارخة: ساي ,كيف تجرأ على فعل هذا بي؟...أنتَ حقاً..
قطعت جملتها لتبدأ بالأخرى متجهةً نحو ميرنا المصدومةِ دونَ أن تعي أيَّ شيءٍ مما يحدث: و أنتِ ...ما الذي تفعلينه بجلوسكِ هكذا؟...هل أعجبكِ تبادل الحديثِ اللطيفِ مع خاطبي؟...
حاولت ميرنا تبرير موقفها بسرعة: لا..أنتِ مخطئة يا آنسة ...نحنُ فقط...
أوقفتها صرخةِ فيونيكا المشتعلةٍ ناراً من الغضب: اخرسي...من تكونين لتتدخلي بحياتي...
( أتدخلُ بحياتك!!..ما بالُ هذهِ الفتاة..؟!)
أطلق ساي صوته علَّه ينهي هذا الموقف المحرج دونَ فائدة: فيونيكا..دعيني أشرح لكِ , الموضوعُ ليسَ كما تظنين...
لم تبالي تلك الفتاة لكلماته التي خرجت بانفعال و خرجت بتعجرف لتتركه محطم الأعصابِ مصفرَّ الوجه...
كادت تخرج ميرنا خلف فيونيكا لتنهي سوء الفهم الحاصل بينهما لكن صوتَ ساي المبحوح أعادها بسرعة: اتركيها...
توجهت نحوه بنوعٍ من الفزع دونَ مماطلة : ما الذي جرى لك سيِّد شيوكي؟!
أشار بسبابته نحو برادِ المياه الموضوع في الزاويةِ اليسرى و أجاب: اجلبي لي كأسَ ماء....
أطاعت ميرنا الأمر و أعطته الكأس و لكن الأسئلة التي سبقها التعجب لم تتركها(مخطوبته!!!)
دقائقُ و هيَ تنظر لمديرها المتعب بقلق حتى توجه نحوها مظهراً بعض التحسن: شكراً لكِ...أنا أفضل الآن.
أخرجت تأوه راحة مبتعدةً عنه لتعود جالسة: لا شكر على واجب...لم أتصوَّر أنَّ لديك مخطوبة لطيفة كهذه!
" لطيفة...!!بفضل لطفها لم أذق طعم الحياةِ الحقيقية".
كلماتٌ خرجت بانزعاجٍ شديد لم تكن تعلم ميرنا له سبباً سوى ما حدث قبل دقائق فقالت له : لا تهم نفسك بما حدث ,ردَّةُ فعلها تدل على حبِّها البالغِ لك..
أكملت بمرحٍ خفيف و رمشةِ عين: أنتَ لا تفهمُ الفتيات أكثر مني.
نهضَ مقترباً من النافذة واضعاً يده على ستارتها البيضاء المملوءة بورود ملونة:لا تكوني بلهاء فهي لا تفكر سوى بالمال فلا عقل لديها كالآخرين و لا قلب كالفتيات.
حركاته كانت بتعبٍ و إرهاقٍ جليين لذا فهي كانت تبادله الحديث مع نظراتٍ ثابتة على كل تحركاته: يبدوا أنَّكَ تكرهها كثيراً.
نارُ حزنٍ تشتعل في داخله و لا أحد يستطيع فهمه : لم أكِن لها حباً يوماً ,لكن الكره هو ما أنتجته هيً بتصرفاتها فأنا لم أكن كذلك ...كلَّ ما تفعله هوَ إزعاجي ..المال..المال..المال ,ليتني لم أكن غنياً و لم أرها أمامي لحظةٌ واحدة...
أتم بصوتٍ خافت مسموع قليلاً: أ يجب عليَّ تحملها طيلةَ حياتي؟
فتحت ميرنا شفتيها الصغيرتين لتجيب لكنَّها رأت أن لا شأنَ لها بالتدخل أكثر فاكتفت بالنهوض قائلة: أظن مدَّةً بسيطة مع بعضِ الهدايا الثمينة كفيلةٌ بتهدئتها....
أحنت رأسها مبديةً الاحترام الرسمي: و الآن, يجب عليَّ العودةُ للعمل.
أدار ساي جسده تجاهها: أشكركِ مرَّةً أخرى.
.....لدى ميرنا.....
نظراتها تجول و تجول...يمنةً تارة, يسرةً أخرى... لتريها كلَّ ما هيَ في الحرمانِ منه بين أحضانِ تلكَ المتاجر...
كانت تتوقف قدميها أمام كلَّ ما يبهج فؤادها فكانت تتأوه بحزن و تكرر أمنيتها بالحصولِ عليه...
آهٍ لو كان لديها النقود...
سعادتها راحتها عدم اضطرارها للعمل...
حياةٌ كباقي الفتيات...
كلماتٌ متقطعة لو جمعتها وجدتها ( النقود هيَ طريقُ سعادةِ البشرية..)
لم يكن لهذه الفتاة التي لم تعاني مشاكل غير فقدانٍ و حرمان لعدم وجود المال أن تعي ما يعنيه المدير الذي يشكو من وجودِ المال لديه...
ربما هيَ محقة ,فهيَ فهمت الحياةَ بهذا الأسلوب و باتت تربي نفسها على أمنيةِ امتلاكه للوصول لأحلامها منذ الطفولة...
فباعتقادها كلُّ ما تلفظ به ساي كانت كلماتُ غضبٍ عابرة سيندم عليها بعد أن يهدأ...
و من جهةٍ أخرى لم تتناسى ميرنا كونها السبب في مشكلة ساي و فيونيكا فحصرت تفكيرها في كيفيةِ حلِّ هذه المشكلة بأيِّ شكلٍ من الأشكال لكنّها لم تكن تعلم عن تلك الفتاةِ الغريبة أيَّ شيء, لا رقم و لا عنوان فكان عليها أن تنتظر لوقتٍ مناسب ترى به الفتاة....
باتت تردد متمتمة بصرامة: سأحل للمشكلة..سأحلُّ المشكلة...ز
توقفت و أحكمت قبضتها قائلة بصوتٍ مرتفع..: بالتأكيد سأفعل....سأصلح بينهما..
أحسَّت ميرنا بحرارةٍ شديدةٍ قد اعترتها و كيف لا و ها قد تجمَّع الناسُ حولها بسبب صرختها الغير معقولة وسط شوارع المدينة يحدقون بها كفتاةٍ مجنونة فقدت عقلها...
بدت ميرنا بالانحناء صوب الناس بوجهها المحمر خجلاً: آسفة..آسفة حقاً , اعذروني..
ابتعد الناس عنها لكن أصوات همساتهم المنتقدة لا زالت تدور في أذنيها..


........لدى ساي.........
ألمٌ لا يمكن تجاهله...
ربما الموت أهون من حياةٍ أشبه بالجحيم...
دميةٌ متحركة يديرونها الآخرون لأهدافهم و غاياتهم التي ستنتهي بتدميره....
يكادُ ينفجر رأسه من الواقع المرير المجبر على تقبُّله....
مازالَ يحسُّ ساي بالحرج من الموقف الذي سببته فيونيكا مع تلك النائبة الحديثةِ القدوم..: متعجرفة.
(لن أستمر بلعبةٍ أنا ضحيَّتها...سأوقف هذه المهزلة بأقرب فرصة , مدَّةٍ و سينتهي كلُّ شيء).

.........بعد أسبوعين.........
توترٌ دائم استولى على ميرنا...
عملٌ مناسب, راتبٌ مناسب...لكن ماذا لو أخطأت خطأً في هذا الشهر التجريبي....
عواقب أعمالها ربَّما لا تكون محمودة....و هذا ما يزيدها حافزاً نحو الجهد و الكدِّ في العمل لإرضاءِ مديرها الصعب...
كانت هذه الفترة كفيلة بجعلها متعِّرفة على تفاصيل العمل...
و كان للمدير أثرُ كبير بمدِّ يد المساعدة استعطافاً على الفتاةِ الفقيرة...
على الأقل هذا ما كان يجول في خاطرِ ميرنا...
أنهت عملها المعتاد و خرجت من مكتبها ذاهبةً للمكتبِ المجاور و ما فاجأها و أدخلَ بعضَ الراحةِ في قلبها وجود مخطوبةٍ السيد شيوكي في ذلكَ الممر....
اقتربت منها بعد خطوات:مرحباً بك, آسفة لو سببتُ لكِ سوء فهم حول السيد شيوكي .
لفت ميرنا فستان فيونيكا الأخضرِ اللامع:يبدوا رائعاً عليكِ.
أشاحت فيونيكا استعلائاً و تكبُّراً: من الجيِّد قلتي ذلك, لن أضطر لرميه بعيداً بعدَ الآن ما دامَ هناك من أستطيع إعطائه إياه.
جملةٌ كافية لتجعلها مليئة بالكثير من المشاعر من حزنٍ و غضبٍ و غيض لكنها لم تشأ أن تفاقم المشكلة أكثر فها ذي فرصةُ إصلاحِ الأمور قد واتتها فابتسمت قائلة: ما رأيكِ بمفاجأةِ السيد شيوكي بمجيئك ؟..سيفرحُ بالتأكيد..لا تعلمين كم كان مملاًّ هذه الأيام.
لم تكن تكذب فالروتين اليومي جعلها تفكِّر بهذه الطريقة ضانَّةً أنّه استوعب خطأ كلامه نحوها...
أماَّ فيونيكا باتت تفكِّر ثوانٍ دونَ أن تظهر استيائاً من الموضوع و أجابت بعدها ببرود: حسناً , لنرى ردَّةَ فعله.
........................
طرَقت ميرنا باب المكتب لتدخل و ترى المدير الجالسُ على جهازِ الحاسوبِ عاملاً:يبدوا أنَّكَ متعبٌ اليوم سيدي...
بقى ساكناً لا يرفع بؤبؤتيه عن الحاسوب:قليلاً..
ألقت الملفاتِ على طاولته: ألم تتعب بالنظر لهذا الحاسوبِ منذُ الظهيرة؟
بدأ يفرك عينيه المنهكتين: و ماذا تفعلين أنتِ غير هذا؟
انحنت ميرنا قليلاً قائلةً بصوتٍ منخفض: ألا يجب عليكَ أن تريح هاتين العينين بالنظر إلى جميلته؟
شدَّه الفضول لفهم ما تعنيه هذه الفتاة التي لا تتحدّث بهذه اللهجة أبداً : ماذا تق....
لم يتم سؤاله بل نهضَ من مكانه منذهلاً: فيونيكا!!!
(تباً..كنتُ مرتاحَ البالِ لفترة...سأبدأ بالمجاملاتِ مرَّةٍ أخرى)
ارتسم الابتسامة التي تدَّعي الشوق و الفرح: أطلتِ غيابكِ ...لم أتصوَّر أنَّكِ ستجعلينني أعاني بعُدكِ طيلةَ هذه المدَّة الطويلة .
أمسك يدها و أجلسها بجانبه و هيَ ما زالت صامته..:هل أعجبتكِ هدايايَ المتواضعة؟
نظرت لخاطبها الجالس في الجهةِ اليمنى و قد وضعت يديها على فخذيها برقة: هل افتقدتني حقَّاً؟
أنزل رأسه قليلاً ليكون مقابلاً لها تماماً و قال بلهجةٍ هادئة و لكن مسموعة: : قلبي كادَ يتوقف شوقاً حبيبتي... كيف استطعتِ أن تمنعيني من رؤيةِ ملامحكِ الجذابةَ هذه, حتى أنكِ منعتني من سماعِ صوتك ...كررتُ نبرتكِ المطمئنة في كلِّ هذه الثواني على أملِ أن تعود حقيقة.... كنتِ قاسيةً علي كثيراً بتجاهلكِ رسائلي و مكالماتي ... لا تقولي لي أنَّكِ كنتِ حقاً ستتركينني أموت بعذابكِ هذا.
رفع يدها و بدأ بتقبيلها ببطء: هل سامحتني أميرتي..؟
كانت فيونيكا كحبَّةِ طماطم لكن قلبها كان يطمئن بسماعه هذه الكلمات الشفهية ,فعلى ما يبدوا لن يستبدلها الحبيب بفتاةٍ صغيرة فقيرة...
أسرعت ميرنا المحرجة بالنطق لألا تتصاعد الأمور بين هذين الاثنين مع وجودها: حسناً ,أظن أنَّه يجب عليَّ الذهاب الآن سيدي.
نظر لها بحدَّةٍ بدت لها تاركاً تلكَ الفتاة المتجسِّمة في مكانها لكن ما زالَ محتفظاً بتلك الابتسامة: لا ,لا بأس... آسف لقد نسيتُ وجودكِ هنا بالبته من شدّةِ فرحتي.
أشار عليها بالجلوس: اجلسي و تعرفي على فتاتي فيونيكا ... و ذكِّريني أن لا أنسى تقديم الشكر لكِ على هذه المفاجئة السارة.
ابتعدت عنهما قليلاً : في وقتٍ لاحق سيِّدي, لديَّ الكثير من الأعمال.
كان منظره هادئاً لكنّ غضبه الدَّفين كان واضحاً لها و كأنّها تشعر بهالات الغضب المنبعثةِ منه..
(يبدوا أنَّها تودُّ زيادةَ غضبي... ماذا لو جلستِ تلهي هذه الفتاةَ قليلاً..لا بأس ,سترين كيفَ سأردُّ هذه المفاجأة..)
........مكتب ميرنا أو نائبةِ المدير........
( ما به ذلك المدير..كانَ فرحاً بالفعل و بعدها نظر لي نظرةً حادة أخافتني لوهلة...كلُّ ما رأيته و يدّعي أنَّهُ يكرهها...إمَّا أن يكون مخادعاً أم ذو شخصيتين و هُوَ الأرجح..)
ساعاتٌ و ترى مديرها يفتحُ البابَ دونَ سابقِ إنذار ليدخل و هو يستشيط غضباً...
فزعت و نهضت من مكانها لتتجه نحوه : هل هناكَ خطبٌ ما سيدي؟
( جن جنونه اليوم)
فاجأها صراخه بوجهها لأول مرة: لماذا ساعدتِ تلك الفتاةَ الحمقاء على الدخول؟
كانت بالفعلِ مستغربة منه لكنها رفعت يدها لتحركها باستنكارٍ و تأوه: ما خطبك؟...ألم تكن فرحاً بدخولها؟!
عضَّ شفتيه غضباً: سخافة..!!
( لا يهم ,فهي كانت ستدخل على أيِّ حال و هذه الفتاة لا تعلم شيئاً عن معاناتي معها و لا شأنَ لها أيضاً)
كانَ اصفرار وجهه واضحاً لكنَّه صمت و حاولَ أن يهدأ ليعتذر بعدها و يعود لمكتبه....
دقائقُ لم تخلوا من التفكير و القلق حول ذلكَ المدير المحيِّر ما جعلها تأخذ كوباً من الشاي بنفسها مع بسكويتٍ عادي له...
...........................
رفعَ ناضريه نحو ما أتت به لأجله: لم يكن عليكِ أن تتعبي نفسكِ بشيءٍ كهذا؟
وضعت الشاي و البسكويت على طاولةِ المدير ثمَّ جلست على المقعد الجانبي الذي اعتادت الجلوسَ عليه: لن يزيدني إحضار كوبِ شاي إرهاقاً على ما أنا عليه على كلِّ حال.
كانت تحاول انتقاءَ الجملِ المناسبة لإخراجه من الحزنِ الطابعِ على وجهه لكنَّ ملامحه التي أخفت ملامحَ أريحيته المعتادة و ابتسامته الساخرة في أغلب الأحيان جرتها للقول بصوتٍ خافت مع حزن: يبدوا أنَّكَ تكرهها حقاً.
أشاحَ بعينيه للأسفل لتظهر لها صورةُ جزءٍ من واقعه...
عيناها كانت تنظر له بحزنٍ و حنان و انكسارِ قلب.. لأوَّلِ مرَّة ترى ضعفَ رجل لهذا الحد...أين الكبرياء و الغرور الصبياني ؟...أين القوة التي تبقى جليَّةً في عيني الرجال...؟!
بلعت ريقها قبل أن تحاول مواساته ببعضِ الجمل دونَ أن تعي أنَّ كلَّ حرفٍ تلفظ به كافٍ لجعلِ أنفاسِ ساي المتعبة تعودُ لأفضل مما كانت عليه فبات صامتاً يصغي لحديثها و هيَ رافعةً رأسها نحو الأعلى بعفوية:لن أسألك عن المشكلة التي تعانيها أو سبب عدمِ مصارحتكَ لها لمشاعركَ هذه... فلا علاقة لي بهذا إطلاقاً ,لكن لا تجعل عقلكَ حبيسَ هذه الأفكارِ ما دامت تزعجك, فالجميع يعاني شيئاً و مشكلة في هذه الحياة و أنا غيرُ مستثناةً من المشاكل التي تؤرقني و تعتصر قلبي ...
غيرت لهجتها متمة بمرحٍ مراوغ: تجاهل هذه الحياةَ فقط...هذا أفضل حلٍّ جزئي أيُّها المدير الأحمق.
أظهرت الشدة على الكلمتين الأخيرتين قاصدةً إظهار ردةِ فعلٍ من قِبَلِه لتغيير الأجواء و هذا ما حصل ...
لم يكن ساي جاهلاً بما تنويه ميرنا أو غبيّاً لكنَّه أرادَ أن يُخرج نفسه و لَو للحظات من التفكير بمعضلةٍ لا فائدةَ منها...
" أنا أحمق!!..بالطبع لأني وضعتك في المكانِ الخاطئ..لا أحد يقول هذا و ينجوا بسهولة"
مدَّ يده نحوَ أحد الملفاتِ التي فوقَ طاولته و رماهُ تجاهها لكنَّها تفادت تلك الرمية....
ابتسمت بخبث لتظهر ملامح مختلفة نوعاً ما لم يألفها ساي من قبل و تحركت من مكانها منحنيةً على الأرض على الأرض لتلتقط ذلك الملف لتعاودَ رميه نحو ساي...
حرَّكَ ساي سبابته نفياً: لن تكونَ هناكَ مسامحة إن فعلتِ..
لكن ميرنا باشرته بالضربة قبل أن تجيب: لن تتكرَّر بعدَ اليوم سيدي.
حاولَ ساي أن يتفادى الملف الطائر نحوه لكن لم يفلح فأخذ بيده ملفَّاً آخر ليرميه ناهضاً من مقعده: يا لكِ من نائبةٍ مشاكسة.
استمرَّ هذا المنوال وقتاً ليريحَ قلبَ ساي و تعودُ بسمةٌ تظهر تلك الراحة على وجهه.....
عندما وقعت نظرتها على تلكَ البسمة الخفيفة على شفتيه علمَت أنَّها نجحت في إخراجه من ذلكَ الحزن و لو لدقائق.....
كانَ المدير الموقَّر منهمك بتلك اللعبةِ الطفوليَّة حتى انتبه بعدَ وضعه يده على الطاولة أنَّ الملفات التي بحوزته قد نفذت...فما كانَ منه إلاَّ أن يتفادى ضربة نائبته و لسوءِ حظه لم يفلح أيضاً.....
تركَ قدميه تتحرَّكان ليجلس على تلك الأرضِ المبسوطة بكومةِ أوراقٍ و ملفات واضعاً يده فوقَ رأسه: لم أتصوَّر أنَّكِ بهذا الطبعِ المرح.
جلست ميرنا من جهتها و أخذت تتصعدُّ الأنفاس و هيَ تنظر للأرض: بعضُ الأحيانِ لا غير.
هذه المرَّة لم يصمت ساي بل أرادَ بالفعل أن يستشيرها و أن يسمع منها ما يعيدُ قوَّته و أمله فبسطَ كفيه على الأرض و قال: كيفَ يمكن تجنُّب المشاكل؟
نظرت له بعطفٍ بريء و رمشةِ عينٍ بطيئة زيّنتها ابتسامةٌ دافئة: أغمض عينكَ ...
حتى لم يتبادر في ذهنه سبب ما قالته ,كلُّ ما فعله هوَ التسليمُ و تطبيقُ ما تلفظ به حرفاً بحرف....
..." خذ نفساً عميقاً بينَ فترةٍ و أخرى .. أبعد ذهنكَ عن الضوضاء و أصواتِ الشوارع...تجاهلَ وجوهَ الناسَ التي تراها في حياتك بقدرِ ما تستطيع....اجلب طموحك و أهدافك و كلُّ آمالكَ أمامَ ناظريك... اصنع بين أفكارك تغيراتِ حياتكِ للمنحنى الذي تود.. تخيَّل جمالها دونَ متاعب...ركِّز على العالمِ الذي صنعته في ذهنِكَ الصافي.."
اختفى ذلكَ الصوت عن مسامعه لكنَّ الصورةِ التي رسمها لم تبتعد بل بقيت لمدَّةٍ لا يعرفها قبلَ أن يفتح عينيه المستقبلتانِ الواقع الخارجي و يرى ميرنا جالسة تجمع تلكَ الأوراقِ المتكدِّسة على الأرض...
همسَ ساي بشفتيه لافتاً نظرها: شكراً لك.
اعتلى صوته بجوهرٍ واضح: جيِّد مؤقتاً...
لم تترك انشغالها بتلك الأوراق و هيَ تجيبه: سعيدة لأنَّهُ أعجبك...هذه أوَّلُ مرَّة أنصح أحداً بهذا الأسلوب.
نظر لها بتعجبٍ خفيف: عجيب ,كنتِ تبدينَ واثقة من أثره!
أجابته بما فتحَ لغزاً آخر في ذهنه: هذا لأنِّي أكثر استخدامَ هذا الأسلوب لنفسي.
(هل مشاكلها عويصة لتبتكر عالماً خياليَّاً لها ؟!...)
نهضَ ماداًّ يد العون لترتيب مكتبه و هوَ يسمع صوتَ نائبته المتذمِّرة: بفضلِكَ سيدي سنحظى بعملٍ مضاعف.
" لو لم تردي الضربة لما حصلَ هذا. "
"...عفواً ,عفواً..لا تلقِ اللومَ علي كعادتك."
"و على من يجبُ أن ألقي بالنتائج السيئةِ إذاً..نائبتي الصغيرة"
" على الرأسِ المدبِّر أيُّها المدير المغرور"
أجواءُ مرحٍ عمَّتِ المكان تمنى ساي دوامها أكثر و أكثر...كانَ الشعور بتلكَ الأجواء ممتعاً...
( على ما أرى...لا حاجةَ لحبوبِ الأعصابِ ما دامت هنا..)



............................
تحرَّكت قبضةُ ذلكَ الباب ببطء و خفَّة قبلَ أن يُفتح....
تحركاتُ ذلكَ الشاب كانت مملوء بحذرٍ شديد قبلَ أن يصل لفراشها و يجلس بجانبها رافعاً بيمناه خصلاتها الذهبية اللامعة عن أذنها قائلاً: هناكَ صرصار....
كانت كلمةً كافية لتنهض و تقطع كلامه بصرخةِ فزعٍ واضحة: صرصاااار!!
تمسَّكت بالشاب خوفاً من اقترابِ تلكَ الحشرة المزعجة:أين..؟!
انتبهت فجأة لملامحه التي ظهرَت لها بعد أربع سنوات معَ تغيُّراتٍ تُظْهِر النُّضج و الرجولة :أخي..!!
بدا شوقها بانهيار دموعٍ فوقَ تلكَ الوجنتين الصغيرتين ..دموعِ فرحٍ احتبستها عينيها لتُخرجها في هذا اليوم الذي طالما انتظرته بلهفة...احتضنته بشدّة لتخرج ما في صدرها..: اشتقتُ لكَ كثيراً هاجي.
بادلها بوضعِ يديه بدفءٍ و حنانٍ لم تتلمسه منذ زمن: أنا أيضاً كذلك...
أبعدَ وجهها قليلاً و باتَ ينظر لها : لم أتصوَر رؤيَتَكِ هكذا...كبرتِ كثيراً عزيزتي.
حاوَلَت رسمَ ابتسامةٍ و رفعت أناملها نحو تلكَ الدموع لتمسحها : و هل كنتَ تتصوَّر رؤيةَ تلكً الطفلة التي فارقتها قبل أربع سنوات؟
كانت تنتقل لأسمى مراحل الطمأنينة و الراحة حينَ تسمع صوته بجانبها و هذا كانَ هدف هاجي من جملته: اطمئني..لن أرحل عنكم بعدَ الآن...أتيتُ لأبقى هنا للأبد.
أحكمت يدها بقميصه: أتمنى ذلك.
نهضَ واقفاً بجانب مكتبتها الصغيرة مشيحاً بوجهه: ما هوَ الجديد في حالتها؟
سؤالٌ جعلَها في حيرةٍ و صمتٍ في لحظات ,كيفَ لها أن تخبره بتلكَ الحقيقةِ المرَّة ..
لكِّنَّها في النهاية كسرت صمتها: ساءت بشدَّة ,و الطبيب يقول أن لابدَّ من إجراءِ العمليَّة خلال ثلاثةِ أشهر.
شدَّ على قبضته و قالَ بنبرةٍ يملأها الحزن: آسف ,الخطأ خطأي لأنِّي ذهبتُ نحو ذلكَ الأملِ الواهي نحوَ النجاحِ و كسبِ الكثير من المال...كانَ عليَّ أن أبقى بجانبكما و أعمل لأجلكما هنا دونَ طمعٍ لا فائدةَ منه.
لم تشأ أن تزيدَ الأمرَ سوءاً لأخيها الذي يؤنب نفسه على فكرةٍ كانت تحكي الأمل و السعادةِ التي رسمها في ذهنه لعائلته فهوَ قد عادَ خاويَ اليدين مصفرَّ الجبين من العمل الذي لم يجني منه سوى المهانةَ و المذلَّة...
فتحرَّكت من فراشها قائلة: لا بأس ,المهم أنَّكَ هنا الآن.

.........وقت الغداء........
سعادةٌ لا تضاهى جعلت تلكَ الأم تتحرَّك بحيويةٍ و نشاط و كأنَّ علَّتها طابت بما طابت لهُ روحها..لم تكن تصدِّق بسهولة عودة ابنها الغائب عنها مدَّةً طويلة من الزمن...ابنها الذي أصبحَ شاباً يافعاً في الثالثةَ و العشرينَ من عمره...
طبخت أفضل ما تملكه في ذلكَ المنزلِ البسيط لتقدِّمهُ أمامَ طفليها الجائعين...
كانَ هاجي سعيداً لأنَّه سيتلذَّذ بطعامِ والدته الحنون التي بذلت جهدها لإظهارِ سعادتها بعودته في هذا الطبق فبدأ بالأكل: من حسنِ حظي أني سأذوق طعامَ والدتي اليوم ,مللتُ طعام المعلباتِ و المطاعم الفاشلةِ هناك.
الأم و صوتها مفعمٌ بالنشاطِ الذي يظهرُ عليها بندرة: أظُنُّ أنَّهُ قد حانَ الوقت لتتذوق طعامِ أختِكَ ميرنا ,أصبحت طباخةً ماهرة و لعلَّها تفوقني في المستقبلِ القريب.
كلماته كانت تستهدف إغاضةَ أخته: مستحيل..أن تفوق أمي!! إن رأيتُ ذلك في حلم يوماً ما سيكون أسوء كابوسٍِ في حياتي..أنا أرى منذُ الآن زيادةَ الفلفل و إحراقِ الكعك.
لم تحاول أن تعيره الكثير من الأهمية لكنَّها قالت ببرود: هاجي..
أتمَّ دونَ مراعاةِ شيء: لستُ مهتماً على كلِّ حال فلستُ أنا من سأبتلي بتذوق طعامك السيئ طيلةَ حياتي بل المجنون الذي سيختاركِ زوجةً له.
رفعت يدها و أعطته ضربةً قويةً خلفَ ظهره ليختنق باللقمةِ التي أدخلها في فمه للتو: م..مااا..ء.
أتتُ الأم فوراً بكأسٍ من الماء و هيَ لا تكادُ تفعل من التوترِ و التعبِ الذي بدا عليها فجأة بصفرةِ وجه: خذ بني.
هدأ هاجي بعدَ لحظات لكن حزنه تهيَّج لرؤيةِ حالِ والدته التي لم تعد تستطيع تحمل أبسطِ الأمور و أتفهها...
لحظاتٌ و وجه هاجي حديثه لأخته: قلتي أنَّكِ حصلتِ على عملٍ مناسب.
لم تشأ أن تسهب في الإيضاح أبداً فاكتفت بالقول: أجل , إنَّهُ عملٌ إداري.
نظراته لم تكن واضحة فقد كانت مجهولةُ الهدف بالنسبةِ لميرنا لكن جملته التي تلتها سببت صدمةً لها: أودُّ أن أطَّلع على محيطِ عملك ميرنا.
أبدت الاعتراض بشدة : مستحيل..لن تذهب هناك.
هاجي بنضرةٍ جادة و رجوليَّة: لن أسبب لكِ المشاكل ...أريدُ فقط أن أرى مكانَ عملكِ المناسبِ هذا.
نهضت ميرنا غاضبة: أنت تسببها على كلِّ حال هاجي..اترك نطاق العمل هذا لي فقط , حسناً.
هاجي نهض مفضفضاً ثيابه عن الطعام: متى موعد عملِك؟!
ميرنا باستنكار: لكن هاجي...
نظر لها نظرةً رأت من خلالها الإصرارَ و العناد اللذان لن تجاريهما في هذا الوقت الضيق التي تسابقه للذهاب قائلاً لها: أخبريني متى ما أردتِ الذهاب لأحَضِّر نفسي.
نكسَّت رأسها مستسلمةً بيأس : إنَّه الآن..


السؤال الوحيد: توقعاتكم لنتيجة هذا اللقاء..
و عذرا لا وقت لدي الان لارسال الرابط

يتبع.....





http://up.arabseyes.com/uploads2013/...0861618974.png

.
[/align][/cell][/tabletext][/align]

yuky 05-27-2016 05:36 PM

شكرا لكي على البارت الرائع يا عزيزتي كالعادة ابدعتي و جعلتني اعيش في الاجواء بالنسبة للقاء اعتقد ان هناك كارثة ستحدث ما هي لا اعلم لكن حقا متشوقة حقا لاعلم لذا رجاء لا تتأخري علي بالبارت و الى اللقاء في البارت القادم

بامسي 05-27-2016 06:33 PM

اهلا و سهلا بوردتي اصبحت احلا امالي هذا شرف لي يا روحي فرحتيني كثيرا ،
ياعيني على الاحداث الجديدة روعة ياي ساي المرح و ميرنا لك تسيلملي على الحل تبعها و اخوها واو ليس لدي ما اقول عن ابداعك
في امانhappy1 الله

εмεяүs✿ 05-27-2016 09:24 PM

[cc=قبل دقائق]لي عودة بعد القراءة ق5 ق5[/cc]


السلام عليكم
ارجو ان تكوني بخير وردتي الجميلة ق4 ق4
لا تتصورين مدى فرحتي برؤية جديدك ..و وردتك التي ستتفتح قريبا باذنه تعالى flower
صحيح ان الفرصة لم تسنح لي لأكون من المتابعين الدائمين لروايتك السابقة و لكنها اعجبتني بحق
و هذه قد تجاوزت السابقة حقا ..!
سواء من ناحية الوصف و السرد الذي كان كافيا و وافيا و قد تطور حقا ..!
أنا أميل الى الروايات الواقعية أكثر و هذا ما جعلني أتهاون في متابعة السابقة ..اعذريني على هذا
انا أشعر بالذنب لأنني لم استطع الرد في الفصل الأول و لكنني لم أكن متواجدة اليوم و هذا بسبب عقوبة والدتي
قبل أن أبدأ بالحديث عن المضمون ..لا بأس ببعض التنبيه لبعض الأخطاء التي من غيرها سيكون البارت مثاليا
ضفرها ..تكتب بالقرن "ظفرها"
رءوف ، ..تكتب الهمزة على الواو لان ما قبلها مفتوح و هي مضمومة"رؤوف"
مسئول ...تكتب الهمزة على الواو كذلك لان ما قؤلنا ساكن و هي مضمومة"مسؤول"
سوئا ..تكتب "سوء" تكتب الألف على السطر في آخر الكلمة اذا كان ما قبلها ساكن و لا تضاف الألف للهمزة
و عدى هذه لم انتبه ..أرجو ان تتقبلي هذه الملحوظات فقط و انا على يقين انها كانت مجرد اخطاء نتيجة لسرعتك في الكتابة..!!
أتوجه الى الاعنوان الذي بدى غامضا حافلا بحمل الكثير ..
توقعت ان يكون لرواية في عالم آخر ..تخمين غريب صحيح ؟! ههه
ربما يتحدث عن ساي ..رغم كونه احتمال مستبعد !!
على العموم أعجبتني الأحداث ..و راقتني الفكرة
فالفتاة الفقيرة التي تطلب عملا طلبا للمال
تظن ان ما يسمى بالنقود هو سبب سعادة الناس في حين هي مجرد وسيلة و مجلب متاعب للبعض الآخر ..!!
سحقا لساي المدير الأحمق مراعي المشاعر ..انه يزيد الطين بلة ..و يجعل تعلق خطيبته به يزداد
لما لا يصارحها و ينهي الأمر ..هذا نفاق يا فتى ..و لن يسبب لك غير المشاكل
لذا تخلص منه <<اصبحت مقدمة نصائح هع2
لعب الأطفال بالملفات شبيه بالوسائد حقا هههه..لقد أضاف هذا الموقف ..شيئا من الكوميديا اللطيفة ملطفة الأجواء
غير هذا فأنا لا أعلم دافع الأخ الأكبر ..و الذي احببته من اول وهلة ..
آسفة لا استطيع توقع ما سيحدث و لن استطيع الاجابة عن سؤالك..
متشوقة للقادم ..تقبلي ردي القصير ..لا احب التعريف عن الشخصيات ..فأظن ان صورتهم التي حاولت ايصالها قد وصلت ..!
ليس لدي الوقت لكتابة المزيد..فالوقت الذي منحتني اياه امي لم يتبق منه غير ثلاث دقائق ..!
تحياتي ق2ق2

Snow. 05-27-2016 09:25 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كيفك غلاتي؟

أخبارك؟

إن شاء الله بخير

رجعت مرة تانية :coolcool:

يا بنت شو سريعة أنتي بتنزيل الفصول

يا بنت قسم أنتي مبدعة

يعني بجد هاد الفصل قمة في الروعة

لا أكتر،كتلة جمال هي الوصف المناسب

الأحداث جميلة جدا

يعجبني تأنيك في الأحداث

واااو لميرنا أخ؟

هاجي،أمممم عجبني للإسم بحسو فريد من نوعو ههههه

شو علينا من الإسم،المهم هي الأحداث

بجد أحداث مميزة خصوصا المرح يلي جوى مكتب المدير

بجد ميرنا بنت مميزة

بحس بشرارة حب تلوح من بعيد

كعادتك لا خطأ إملائي،أحسنتي

أطلبي تصميم للرواية يا بنت

هيك رح تصير أجمل و أجمل

الفصل كان رائع

في إنتظار القادم

Arij* 05-27-2016 09:27 PM

اعجبني هذا البارت وزاد اعجابي بالشخصيات كثيرا + شكرا على الرابط حبيبتي + تم اللايك + القراءة + بالتوفيق + لا تنسي ترسلي رابط البارت الجاي ولا تتاخري لانو رح يجيك وجع رأس اسئلي ايستر وتقولك ماخليتهاش بحالها حتى قالت البارت غدا
باي
انا اسفة على الثرثرة الزائدة

صَاعِقَةٌ 05-28-2016 12:48 AM

مرحبا
كيف الحال؟؟
بارت رائع كالعادة..
السؤال الوحيد: توقعاتكم لنتيجة هذا اللقاء..
و عذرا لا وقت لدي الان لارسال الرابط

لقاء هاجي بساي وفيونيكا...
لا بأسظ..
عذرا لقصر الرد فهذا وقت النوم

avine 05-28-2016 12:58 AM

السلام عليكم ورحمة الله
بارت رائع كسابقه

السؤال الوحيد: توقعاتكم لنتيجة هذا اللقاء..
لقاء كارث وواثقة ان اخاها سيسبب لها المشاكل مع المدير الاحمق والمسكينة لا ينقصها مشاكل حرام عليه


في امان الله

اون شان. 05-28-2016 03:25 AM

السﻻم عليكم ورحمه الله وبركاته
كيف حالك...ان شاء الله بخير وصحه
وعافية وحالتك عال العال
في البداية شكرأ عزيزتي yuky على ارسال الدعوة
فلولكي لم قرات اجمل القصص في المنتدي
ياعزيزتي ورده الفصل سوبر دبل خنفشاري بجنن
سردك رائع ووصفك جمييييييل جدا لم اعد اعرف
ماالذي ساقولة ولكن حقا اعجبتني قصتك كثيررررا
كثيرا وحبيته خاصة الجو المرح بين ساي وميرنا
هذة فرنيكا لو بيدي لمسحت بها ارض مكتب ساي كم تزعجه
كيف تقول هذا وتفهم الموضوع خطا أي خطا كانا جالسان
مع احلاهم مع بعض ولكن تلك ال.....المهم كان قد ارتاح
منها ساي ميرنا ماالذي فعلتة كحلتها فاعميتها عزيزتي ولكن
هذا هو قلب بطلتنا النقي حين تفوهت تلك فرينكا بتلك العبارات
مع ميرنا اردت ضربها بشد بحيث الشرطة لم تتعرف على وجهه
ارجعي لاطار الموضوع اون شان
اوكي حسنا غضب ساي منها متوقع ولكن مايحزنني هو
الكذب على نفسة المسكين ولكن احسنتي ميرنا الطفتي الجو
ياصغيرتي لقد ارتاح ساي قليلا عراكهما مدهششششششش
هاجي اممممم ياجميل متاكده بان لديه شخصيه مدهشة
قلقه كثيرا على والدتهما التي اشك باي لحظة قد تفارق
الحياة اممممم حقا متشوقه للقادم وخاصة اللقاء الذي
سيحدث لم لدي احساس بانهما صديقان
يافتاه اسرعي فالفضول يقتلني جدا لمعرفة التفاصيل
اعذريني على ثرثرتي ولكن الفصل يستحق اكثر من هذا
حقا بالمناسبة انتي مدهشة يافتاة احيي عقلك المتزهر
ﻻتنسينئ بالرابط
اتركك في رعاية الرحمن
في امان الله

وردة المـودة 05-28-2016 10:51 AM

واااااااااااااااو
كثير من الردود المشجعة، لا أصدق نفسي...

دعني ارد عليكن عزيزاتي..




عفوا yuky الغلا...
شكرا لله اني استطعت لأجرك لأجوائي



اهلين و سهلين غاليتي...

الشرف الي و الفرح اكبر بوجودك...





و عليكم السلام

تواجدت لؤلؤتي البراقة لإسعادي ...
حقا شعرت بالخيبة نوعا ما ...
قصة الفتها قبل ستة اعوام تفوق ما اكتبه!

حقا هي خيالية في المطلع لاغير، لكن اعترف ...
جهدي بتلك لاتساوي ذرة بهذه ، فقد كنت الفتها لمسابقة...و ربحت فيها...ههههاي

اما نصائحك القيمة، شكرا لكن حقا في الوقت الحالي لاوقت لدي للتدقيق الإملائي عليها...
فالمعذرة..
غدا لدي بحث يجنني. و بعدها سفر يعوقني..

على كل سعدت بإشعاعك الضاوي على صفحتي..





و عليكم السلام و الرحمة غلاتي...

سأبشرك، مادامت هذه القصة تامة سأنزل فصولها كل نهار و مساء لتكتمل قريبا...

أه، و على التنسيق...لقد طلبته بالفعل ...
لكنهم لم يضعوه، قريبا سيتم اابداعهم ابداعي..ههههه
انتظري...





اهلا فراشتي الحبيبية
لاتقلقي كل نهار و مساء سأتحفك يببارت ...
يسرني تقييمك غلا...





اهلا ليلي روز...
الحمد لله..بخير بعد رؤية ردك..
انتي كيفك؟
عساكي بخير..
وجودك المشجع كاف لاتهتمي...






و عليكم السلام والرحمة و الاكرام

اهلا بالعزيزة استر...
سرني توقعك الذي ستظهر نتائجه بعد قليل...




ا[COLOR="Grayاونشان"]هلا شان
اعجبتني ثرثرتك المميزة...هع
و أشكر yuky على ارسال الرابط بدوري...
عن حقدك الظاهر لفيرونيكا...ما أدراكي..قد تتغير مع الأحداث...ههههه

و أنا أحيي السطور المبهجة لفؤادي


و في الختام أشكركم جميعا أعزائي على التواجد ....
و لاعدمت وجودكم الطيب[/COLOR]

وردة المـودة 05-28-2016 12:49 PM

[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339730161.png');"][cell="filter:;"][align=center].









































.[/align][/cell][/tabletext][/align][align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339734242.png');"][cell="filter:;"][align=center].



[/align][/cell][/tabletext][/align][align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339734242.png');"][cell="filter:;"][align=center]
[/align][/cell][/tabletext][/align]
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339734242.png');"][cell="filter:;"][align=center]




http://up.arabseyes.com/uploads2013/...0861617052.png



هاجي نهض مفضفضاً ثيابه عن الطعام: متى موعد عملِك؟!
ميرنا باستنكار: لكن هاجي...
نظر لها نظرةً رأت من خلالها الإصرارَ و العناد اللذان لن تجاريهما في هذا الوقت الضيق التي تسابقه للذهاب قائلاً لها: أخبريني متى ما أردتِ الذهاب لأحَضِّر نفسي.
نكسَّت رأسها مستسلمةً بيأس : إنَّه الآن..
...............
خوفٌ يزداد بكلِّ خطوة تعلن الاقتراب من المركز التجاري .....
أفكارٌ مشوشة لا تعرف أيها صحيحة و أيُّها وهمٌ فارغ....
( ماذا لو لم يعجبه مكان عملي؟....ماذا لو أغضب ساي أخي؟...ماذا لو تصرف هاجي بجنون كعادته فأطرد؟...يا إلهي..)
عينيه كادت أن تخرج من مكانها لشدَّةِ التعجب فهو لم يكن يتصوَّر أنَّ أخته ستحظى بعملٍ في مكانٍ كهذا: وااااو....رائع.
قالت ميرنا بابتسامةٍ مفتعلةً واضحة: حسناً ,ها قد رأيتَ ما كنتَ تريدُ رؤيته..عد للمنزلِ الآن.
تجاهلها و كأنَّهُ لم يسمع شيئاً و هو يدخل المركز: أين موقعكِ الإعرابي في هذا المكان ميرنا..؟
تمالكت غضبها دونَ أن تجيبه .....
تتحرك بؤبؤتيه البنيتين لتستكشف كلَّ زوايا ذلكَ المكتب الفخم مع تعجب جليِّ على ملامحه فهو لم يكن يتصوَّر جلوسها على مقعدٍ إداري و العمل على ملفاتٍ تجارية...
سمح لأقدامه أن تقوده نحو المقعد الرئيسي الكستنائي اللون في هذا المكتب و جلسَ براحةٍ مبعداً قديميه عن بعضها واضعاً يديه على جانبي المقعد: يبدوا أنَّكِ مرتاحة بالعمل هنا.
كانت ميرنا واقفة أمامَ مكتبةِ الملفاتِ الناقصة لتستخرج بعضاً منها مجيبةً ببرود: ليسَ سيئاً.
غيَّر هاجي جلسته سائلاً بانزعاج: لما تعاملين أخيك الأكبر بهذا الأسلوبِ الجاف ؟..يجب عليكِ أن تكوني لطيفةً معي و لو ليوم بعدَ أربعةِ أعوام.
أدارت جسدها ناحيته: و كأَنَّكَ لا تعرفُ الإجابة...أنا مستغربة من أنَّكَ حتى لم تأخذ قسطاً من الراحة منذُ أتيت ,لقد وصلت تواً يا رجل..!
قالَ لها بروية: من قالَ هذا ,لقد وصلتُ البارحة لكني لم أشأ أن أوقظكِ و أنتِ منهكة من العمل فأنا لم أكن أتصوّر أنَّ عملكِ بهذه البساطة.
أخرجت شهقةً بعدَ سماعها هذه الجملة: بساطة!!..أيُّ بساطةٍ تقصد؟! يجب عليكَ أن تأخذ ساعةً واحدة لتندم على ما تقول.
جلست على مقعدٍ فرعي و بدأت تفتحُ تلكَ الملفات و تنظر لها بعنايةٍ و دقة: لم أرَكَ صباحاً و أمي لم تنطق بشيء !
أجابها و هوَ يتحرك بالمقعدِ يمنةً و يسرة: كنتُ نائماً طيلةَ الوقت و أوصيتُ أمي أن لا تخبركِ لأرى ردَّةَ فعلكِ برؤيتي...
أكمل بخبث: و يا لها من ردَّةُ فعل...احتضنتني فوراً.
كانت تحاوره ببرودٍ و جفاف للغضبِ الذي يجتاحها كلَّما تصورت وصول المدير ساي و رؤيته هاجي جالسٌ في هذا المكان بهذا الأسلوب..: أمازلتَ تحبُّ المقالب؟ كنتُ أظنُّ أنَّ أخي الأكبر أصبحَ ناضجاً.
أجابها بمرحٍ غير مبالي بأسلوبها: و ظننتُ أنَّ أختي الصغيرة تحمل روحَ اللَّطافةِ و الفكاهة.
تقلِّب الصفحات: ليسَ فكاهتك.
كانت ميرنا تترقب ما يدورُ في ذهنها من ردَّةِ فعلِ السيد شيوكي و تحاول طردَ هذه الأفكارَ المشومة من ذهنها لكن كما يُقال "تمشي الرياح بما لا تشتهي السفنُ" فما هيَ إلاَّ عشر دقائق و هيَ تنظر لمديرها الواقف بتسمر حيث ترى خلالَ عينيه المُضيَّقتين الحدَّةَ و التأنيب الشديدين: من معكِ اليوم؟..هل هوَ صديقك؟!
نهضتْ بسرعة لتؤدي أداءَ الاحترام الذي اعتادت أن تفعله كلَّ يوم بشكلٍ رسمي و حاولت أن توصل إجابتها لولا أن منعها التلبك: إنَّهُ...
تركَ هاجي الظاهر عليه الكبرياء و الجرأة مقعدِ المكتب الرئيسي متقدِّماً نحو المدير الشاب: و ماذا في ذلك؟
أجابه ساي بحدَّة و جدِّية: لا شيء , فقط لم أتصوَّر أنَّها ستأتي بشخصٍ هنا و خاصَّةً في أيامها الحاسمة.
لم يعي هاجي ما يرمي إليه ساي لكنَّه مدَّ يده مسلِّما بابتسامة: أنا هاجي.
مدَّ ساي يده برسميه لتتم المصافحة: سررتُ بلقائك.
كان يخرج تلكَ الكلمات رغمَ انزعاجه و عدم ارتياحه لهذا الفتى الذي بدا للحظة متعجرفاً يرمي لشيءٍ ما...
استولى هاجي سؤالٌ لم يمسك لسانه حتى أطلقه بينَ شفتيه: هل أنتَ تعمل هنا أيضاً؟
تعجب ساي قليلاً لكنه عبر مرور الكرام : أجل ,أنا كذلك...
تعقب بعينيه ميرنا التي تسمرت مكانها متفحمة: كانَ يجب عليكِ أن تخبريه بالأمورِ المهمة يا آنسة.
تلبكها كان واضحاً في تصرفاتها و عبثها بأناملها تارة و خصلاتِ شعرها أخرى و انحنت معتذرة عن الموقف الذي حصلَ توَّاً: آسفة سيدي.
"سيدي!!"
كلمةُ تعجب تطلبُ توضيحاً...
تغيرت ملامحه لأكثر أريحية : هل هناكَ خطبٌ ما سيد هاجي؟
نظر له بطرف عينيه المنحدرتين قليلاً: إذاً أنت مدير هذا المكان.
أجابه: أجل.
نظرَ له بجدية و مباشرة وجه لوجه: مازلتَ طفلاً.
كانت هذه الجملة كفيلة لزيادةِ انزعاجه من وجوده في هذا المكان...
(رغم هدوءه إلاَّ أنه يزعجني..)
جلسَ ساي على أحد المقاعد الستة الموجودة هناك و أشر بيده على المقعدِ المقابل ليفهم هاجي أنَّ ساي يطلب منه الجلوس...: و أنتَ كبيرٌ على أن تتخذ صديقةً صغيرةَ السن كالآنسة ميرنا.
همَّت ميرنا لتجيب رافعةً سوءَ التفاهمِ هذا لكن سبقها هاجي بما صدمها: هل تظنُّ هذا حقاً؟...لكنَّها مناسبة ,المهم أن تشعر بالراحة بجانبِ من تحب.
(من أينَ أتت هذه الجملة السخيفة ؟..أمام السيِّد شيوكي أيضاً..)
شعرت ميرنا بحرارةِ شعلةِ النار المتوقدة في قلبِ ساي فهوَ يعاني من هذهِ النقطةِ تماماً و كأنَّ هاجي كان يتقصد الوتر الحساسِ دونَ أن يعلم...
أجابَ ساي: أنا أوافقكَ بهذه النقطة...لكن لم أكن أظن أنَّ الأخبار تتناقل بسرعة.
فهمت ميرنا ما يرمي إليه فقالت بسرعة غير واعية: أنتَ مخطئ سيدي..أنا لم..
قاطعها ساي بإتمامِ حديثه مع هاجي بهزلٍ صبياني: و متى تخطط لبدايةِ مسيرة حياتك معها؟
احمر وجه ميرنا كالطماطم و كذا لم تكن تريد استمرار هذا الوضع السخيف فنهضت منفعلة صارخة لإنهاء هذه المهزلة...
أمسك هاجي يدها و توجه بسؤاله نحو ساي: ماذا تقصد؟
ساي يغيِّر نحوَ جلوسه: واضحٌ يا رجل.
أبعدَ هاجي يده عن أخته مبدياً ضحكةً خفيفة: بالفعل هيَ عزيزةٌ علي و أنا أحبها و أشعر بالراحةِ معها لكنَّها ليست صديقتي.
شعورٌ بغباء و بلاهة استولى عليه: إذاً..!!
عادت ميرنا للجلوس قائلة بإحراجٍ واضح: إنه أخي.
بدأ ساي بتحريك يده شعره : أشعر بالغباءِ فجأة...
شعرت ميرنا بالشماتةِ قليلاً ( هكذا أحسُّ بعضَ الأحيان..)
أتت القهوة التي طلبتها النائبة بعدَ مدَّة و جلسَ الجميع يشربها و من بدأ كانَ هاجي و ما أن قرَّبَ الفنجان من فمه حتى أبعدها مقطباً حاجبيه: ساخن..
شعر ساي ببعض الغبطة حينَ نظر لميرنا تقول لأخيها بعطفٍ أخوي: انتظر قليلاً حتى يبرد قليلاً أخي.
لكنَّه لم يترك استجوابه الذي لم يتممهُ بعد: ما الذي جعلَ نائبتي أن تأتي بأخيها لهذا المكان؟
أجابه هاجي و هو يضع فنجانه على الطاولة: بصراحة ,وددتُ أن أستطلع محيط عملها بعدَ أن عدتُ من استراليا.
" استراليا !!ظننتُ أنَّ الآنسة ميرنا من عائلةٍ فقيرة"
لاحظ ساي غضبَ هاجي بعدَ سماعه تلكَ الجملة لكنَّة ظلَّ منتظراً إجابته بهدوء و رزانة فسمعَ الإجابة بعدَ لحظات من الصمت و تمالك هاجي لأعصابه: بعثةٌ دراسية..استغللتها للعمل هناك.
اكتفى بقول: اها.
عينا ميرنا كانت تنظر لهذين الشابين بدقة و حذر لتترقب أيَّ مصيبةٍ قد تحصل منهما فابتسم ساي قائلاً: ما بال هذه النظراتِ الغريبة يا آنسة؟
أجابته بابتسامةٍ مفتعلة: لا شيء سيدي.
" هل ستبقينَ صامتة تنظرينَ لنا فقط؟"
" لا أعرف ما الذي يجب عليَّ قوله سيدي"
" تسهبينَ بالكلامِ تارة لتفجرينَ رأسي و تارةً تشعريني بغرابةِ صمتكِ الطويلِ يا آنسة"
تغيرت قليلاً لتجيبه : أسهب بالكلامِ إذاً!!..يبدوا أنَّكَ نسيتَ مشاكلكَ التي تقحمني بها بينَ آونةٍ و أخرى لأسهبَ بالحديث التافه معك.
تقدَّم قليلاً مبتعداً عن مسندِ الكرسي: أنا من أقحمكِ؟!..عفواً آنسة ميرنا لكن إنَّكِ أنتِ من يتدخل في أمورٍ لا تخصك.
" أنا من أتدخل؟!..أنتَ ناكرٌ للجميل أيها المدير الأحمق"
كانت المحادثةُ لن تنتهي لولا أن سمعا ضربةَ هاجي على الطاولة..: طفلانِ ثرثاران.
صمتَ الاثنين و عيناهما متوجهتان نحوه و هوَ يقول بتعجبٍ و فكاهة: آنسة...سيدي...لم أر في هذا المكان أكثر رسميةً منكما..من في هذا القرن يقولُ هذه الكلمتين؟!
ساي: و ما يجب أن أناديها؟
هاجي بنيَّةِ خبث يخفيها: ميرنا فقط..هذا هو الطبيعي.
صمتَ ساي متجاهلاً كلامه بينما هوَ يتوجه لأخته : و أنتِ أبعدي هذه الكلمة المزعجة عن حديثك.. لا أحد يستخدم كلمةَ سيدي الآن.
بدأت تفكِّر ميرنا لحظات بنت آمالاً في قلبِ هاجي ثمَّ أجابت: حسناً, أنا أناديه سيد شيوكي أيضاً.
نكَّسَ رأسه بيأس و قالَ لساي: ما اسمك يا فتى؟
..: ساي.
قالَ له: ما دمتَ مديراً لا تتحدَّث معها باحترامٍ كبير..قل لها ميرنا.
" مستحيل.."
"لماذا؟..ما الضير؟!"
" لم أنادي أحداً بالاسمِ من قبل"
" و أنتِ ميرنا"
" أنا..لا تفكر بذلك, كيفَ أجرأ على مناداته بالاسم؟!"
" أحمقان...أكرهُ أن أُنادى سيدي يوماً"
" و من قالَ أنَّ هذا يريحني..؟سيد شيوكي ستكون كافية"
أنهى هاجي هذا الموضوع ليبدأ بآخر: حسناً ,أيها المدير الطفل كيفَ هوَ عمل ميرنا؟
اصفرارُ وجهها كانَ حافزاً لجوابه المهدئ : ممتاز.
وضعَ قدميه فوقَ بعضها ليغير وضعية جلوسه مرَّةً أخرى: لم تمضِ فترةً طويلة منذُ أن أتت لكنَّها تعلَّمت أغلب أسسِ العمل و كذا فهيَ تجيدُ إدارةَ المركزِ في غيابي ..هذهِ ليست بالأمورِ البسيطة التي يستطيع أيُّ شخص التسلُّطِ عليها.
أتمَّ هاجي: جيِّد بشرطِ أن لا تزيدَ الأعمالِ على عاتقِ أختي..
ميرنا تنظر له باستنكار: أخي..!
أجابَ المدير بما أخرج ميرنا عن طورها : لا تقلق عليها فهيَ تستطيع تدبر أمور عشرةِ مدراء مثلي.
نظرت له فوراً مع غضبِ مصطنع: و لا تظن أنتَ أيضاً أنَّكَ تستطيع إلقاء تلكَ العشرة علي.
ضحكَ الشابان لسماعهما هذه الجملة.....
بعدَ مدةٍ من تبادل أذيالِ الحديث و تعرفهم على بعضهم البعض نهضَ هاجي خارجاً تاركاً ساي و ميرنا لوحدهما...
عادت الجدية و الصرامة في أسلوبه و هوَ يتمشى بخطواته في ذلكَ المكتب و نبرته مليئةٌ بالاستفزازِ الواضح: اليوم أخيكِ...و غداً يجب أن أنتظر والدك..و بعدها أمك ...و بعدها خالكِ أو عمك...ما رأيُكِ؟..أيهما أفضل؟
كانت ميرنا مستغربة فقبلَ دقائق كانَ يجلسُ يمزح و يسخر و الآن يؤنبها لكنها أجابته: لقد كنتُ مضطرة سيدي..لقد أصرَّ علي.
ازدادَ حدَّة و ارتفعت نبرةُ حديثه قليلاً: كانَ عليكِ أن تتركيه في طابقٍ آخر على الأقل و ليسَ في مكتبكِ الذي يضم كلَّ هذه الملفاتِ المهمة.
شعرت ميرنا بالاستياء حقاً و ظهرَ هذا في إجابتها: إن كنتَ خائفاً على ملفاتكَ هذه فأخي شخصٌ مضمون ,لكن كما تشاء..لن يتكرر هذا مرَّةً أخرى.
............................
ضيقٌ يكادُ يفجر رأسه...
الدنيا تدورُ في رأسه و كأنها ستنقلب رأساً على عقب....
يحسُّ و كأنَّ حرارته ارتفعت فجأة...
بدأ مستقبله يُمحى من شيءٍ يطلق علي " السعادة"..
خبرُ مجيء والد فيونيكا و ذلكَ لتحديد موعد زفافه معها يجعله في دوامةٍ من الصعب الخروجِ منها...
مرَّتِ اللحظاتِ ببطءٍ شديد و هو مازالَ يفكِّر بطريقةٍ تمنع هذا الزفاف المشئوم أو على الأقل تؤجله حتى حانَ موعد إغلاقِ المركز التجاري و خروج جميع العملاء و آخرهم المدير و نائبته..
توجهت ميرنا نحوَ مكتب المدير : أنا ذاهبة سيدي ,هل تأمر بشيء؟
لم يكن يود أن يتوقف هذا الصوت الذي يؤنسه دونَ أن يعي ذلك لكنه أجابَ بالنفي: لا ..
قالت له : إلى اللقاء إذن.
خرجت و هيَ تفكر بملامحه التي بدا عليها الإرهاق مرَّةً أخرى لكن لم تكن لديها الجرأة للعودة و السؤال عن حالته الصحية أو عن الجديد الذي أساءها فتقدمت للخروج للشارع العام متجهةً نحوَ طريقِ منزلها....
كانَ ساي قد صعدَ سيارته و هو ينظر لخطواتِ ميرنا المبتعدة شيئاً فشيئاً ..كانَ يعلم أنَّها ستخرجه من هذه الحالة على كلِّ حال بل ستنسيه ما يدور حوله بحديثها مرَّةً أخرى فكل ما يرغب به الآن الحديث معها...في أيِّ شأن ,سخيفاً كانَ أو طفولياً ,المهم أن يسمع صوتها يتبادل الحديث معه...فتقدم بالسيارةِ نحوها متوقفاً مما أثار تعجبها نوعاً ما لتوقف سيارة غريبة أمامها ...
نزلت نافذة السيارة المظللة لتعرف ميرنا أنَّهُ ساي: سيدي!!...هل هناكَ شيءٌ ما؟
أجابها ساي ببرودٍ و جفاف: اصعدي..سأوصلك.
ابتسمت مُجاملة كما تفعل الناسُ عادةً: حسناً ,شكراً لك سيدي..لكن لا داعي لأن تزعج نفسك.
نظر لها بصرامة قائلاً: قلتُ اصعدي..لا تجعليني أعيدُ ما قلته ,أنا لم أستشيرك.
بدأ قلقها يزداد فهيَ تراهُ يلفظ أنفاسه بصعوبة و حالته تسوء لحظةً بلحظة لكنَّها صعدت كما أمر و كأنَّها منقادة و مجبورة على فعل ذلك ..لكنَّها تعلم أنه يريدُ أن يقول شيئاً و من السهلِ معرفةِ نوع ما يريد قوله لها فلا شيء يتحدث عنه سوى العمل و جزءٍ بسيط من مشكلته مع مخطوبته...
من أفضل ما تستطيعُ فعله أن تزيلَ جزئاً من همه ببعضِ الحديثِ المرح لكن وضعية ساي الجامدة هذه المرة منعتها من الحديث بتاتاً...
بدأ القيادة قائلاً: خذي راحتك..أنا لستُ مديركِ هنا..
( تصرفاتك تنبئ عن ما تقول..)
اكتفت بالقول: أنا كذلك سيدي..
قال: لا تقولي سيدي هنا..قلت أنني لست مديرك في هذا المكان ,ألم تفهمي؟
أجابته باستدراك: أوه..آسفة سيد شيوكي.
لم يكن يستطيع التخلص من الجدية و الجفاف و هوَ يحمل في قلبه أكبر هموم العالم كما يظن لكنَّه حاول ببعضِ الكلمات شدَّها للمرح لاستدراجِ الحديث: كم بقيَ على مدَّةِ عملِكِ المؤقت؟
سؤاله لم يكن نذيرَ خير لكنها كانت مضطرة للإجابة: خمسةِ أيام على ما أظن.
كان يرَكِّز على قيادته كأيِّ سائقٍ آخر: ماذا لو قلتُ أن لا داعي لإتمام هذه الخمسةِ أيام فالمدة التي مضت كانت كافية؟
هذه المصيبة التي تصورتها بعد مجيء أخيها : أنتَ تمزحُ معي! أليسَ كذلك؟
أتم بأسلوبه و كأنه يريد منها مجاراته الحديث: ماذا لو قلتُ أن تتمي عملكِ لخمس سنينَ أخرى؟
استوعبت ميرنا هذا لكنها هذه المرَّة قررت أن تحلَّ مشكلته من جذورها لرؤيتها أن لا فائدة من موضوعه الذي يكاد يجعله ينهار بينَ آونةٍ و أخرى فحاولت التلاعب بالكلام لاستدراجه : و ما يجب عليَّ أن أقول؟...ربما سأتشرف برؤيةِ الشيب على رأسكَ هذا بهذا المنحنى الذي أنتَ عليه؟..سيكون جيداً.
علته بسمةٌ خفيفة مراوغاً : أظنُّ أن الشيب سيكونُ مبكراً على فتىً في الرابعةَ و العشرينَ في عمره ,إلَّا إذا كنتِ أنتِ من سيقودني للمشيب فهذا أمرٌ آخر.
وضعت يدها على حدِّ النافذة و هيَ تنظر للخارج: ألا تظنُّ أنَّ من سيقودك للمشيب هو أنتَ نفسك؟
سمحَ ساي لبؤبؤتيه بالنظر لها بشكلٍ مباشر مما جعلها تلتفت له و تعود للنظر نحوَ الأمام بسرعة خجلاً...
قال لها:ما بالك؟..الشعر الأبيض يليقُ بك.. ألا توافقينني الرأي؟
لم تتمهل لتجيب فهيَ لن تستلم بسهولة : إنَّ ذوقكَ سيءٌ بالفعل...أنتَ سيءٌ في كلِّ شيءٍ على ما يبدوا ,الذوق ,الفكاهة و حتى إخفاء ما بداخلك.
" هل تعرفينَ ما يجولُ بداخلي؟"
" تلكَ الفتاةُ مرَّةٌ أخرى"
شعورٌ لا تستطيع ميرنا تغييره ....
استياءِ شاب من رفيقةِ دربه حتى أنه يريدُ الانفصالَ عنها على ما يبدوا ,من المستحيل أن يكون هذا لعبث أو لمشكلةٍ سطحيةٍ كهذه...ما المشكلةُ في حبها للمال؟..ميرنا بذاتها تعشقُ المال لأنه سيحل مشاكلها و يزيل صعوباتِ حياتها...
توقفت السيارة بعدَ قليل لتنتبه لصوت ساي: ها قد وصلنا.
وقعت أنظارها للمكانِ الهائلِ خارجاً: لماذا أتيت بي لهذا المكان؟... ألم تقل أنَّكَ ستوصلني للمنزل؟
ابتسمَ مجيباً: وهل أخبرتني أين يقع؟!..و ما أدراني بعنوانه؟
ترجلت ميرنا متجهةً نحو المكان المقابل الصاخب...
ذهبَ ساي خلفها : إلى أين؟
أدارت ميرنا جسدها نحوه بمرحٍ طفولي : إلى حيث وجهتني ..لا تقل أنَّكَ أتيتَ لتعود هكذا...ما دمنا هنا دعنا نلعب إذاً..
حركاتها هذه كانت تزيل عبئ َ التفكير بفيونيكا و المشاكل التي تصاحبها فكلُّ ما تقوم به يقول له " أنا أهتم بما تريد"...
بدأت تدورُ و تدور لتظهر الفرحةِ التي غمرت قلبها: رائع .
كانت فتاةً ساحرة في كلِّ تحركاتها و سكناتها...ليس لمظهرها بل لنظراتها الحنون التي تكاد تضمّه بين ثنايا عطفها اللامتناهي, فهي لم تصمت حينَ حزنه و لم تتجاهله لحظاتِ إخفائه حاجته لأنيسٍ يحكي له ما بقلبه ...أجل ,من يحكي له عن جروحِ روحه ....هوَ أتى بها لهذا الغرض من الأساس و هيَ منذ صعدت تلك السيارة تحاول أن تجد ثغرةً تضمد بها هذه الجروح....
وضعَ يديه في جيبي بنطاله : تتصرفين و كأنكِ تأتين لمدينةِ الملاهي لأول مرة.
سبقت خطواتها صوتها: إنّهُ كذلك.
سألها باستغراب: لماذا؟!
نظرت له و هيَ تفكر بالإجابة التي ستخرجها من فمها: ليسَ لدي الوقت و يجب أن أبقى مع أمِّي و أرعاها فهي مريضة.
..: مريضة..ما هوَ مرضها؟
( يبدوا أنَّ ثمن راحةَ أعصابه تحطيم أعصابي)
لم تجبه بل أعطت للصمت مكاناً ثم قالت بتلهف و هيَ تنظر لأحدِ الألعاب: يااااه كم أتمنى أن أصعد تلك اللعبة.
أجابها: لكن تلكَ اللعبة ليست مناسبة للفتيات مثلك.
ميرنا بانزعاجٍ متصنع بادٍ عليها: لا أسمح لك بهذه الإهانة.
أخرج ساي يده اليمنى من جيبه مشيراً على تلك اللعبة: إذاً تريدين صعودها؟
أجابته بابتسامةٍ لطيفة و إغماضِ جفنين: أهم...
استمتعا بوقتهما باللعب و أكلِ البوظة و الفشار و ركوب قطار الموت السريع و في النهاية....
جلسَ كلٌّ منهما على كرسيٍ يلفظ أنفاسه لأخذِ بعضِ الراحة...
أنفاسها العميقة كانت تدل على شدة إنهاكها: تعبت.
لم يكن حال الشاب الذي بجانبها يفرق عنها: لكن الأمر ممتع..لم أحس بمتعةٍ كهذه من قبل.
رفعت يديها البيضاء لتلملم خصلاتها المتناثرة على جانبيها: لو سمحت سيد شيوكي...لا أرغب بالمزيد من الصراخ.
قال ساخراً: إنَّ من تحمل صراخكِ طيلةَ تلك الفترة كانَ أنا..حتى كادت تنفجر طبلةُ أذني.
نظر لها نظرةً خبيثة نوعاً ما: لدي فكرة.
أخذتها الريبة و قليل من الخوف: ماذا في ذهنكَ مرَّةً أخرى؟
نهض ممسكاً بيدها جارياً نحو مكانٍ مجهول: لا تقلقي ,سيعجبك.
كانت ميرنا تجاريه بصمت لأنَّها لم تشأ أن تعارضه بأي شيء ما دامَ مستمتعاً و متجاهلاً تلكَ المشاكل التي لا تعرف منها سوى القليل....
علوٌّ يضاهي ناطحةَ السحاب ....
كأنهما يلامسان غيوم السماء...
أو يطيران محلقين مع بقية الطيور...
مكانٌ يظهر خفايا هذه المدينة بقصورها و خرابها ,شوارعها و أزقتها....
برجٌ لم تتخيل ميرنا صعوده أبداً إلاَّ أنَّ بفضل محطم الأعصابِ ساي تحققت أحد أحلامها....
بادر ساي بالسؤال: هل أعجبكِ هذا المكان؟
طغى نبرتها المرح و الانفعال: لا تعليق البتة...منظرِ الغروبِ المذهل جلي كوضوح الشمسِ من هذا المكان.
نظر لها للحظات ثمَّ انفجر بالضحك....
قطبت حاجبيها بانزعاج: ما المضحك الآن؟!...دائماً ما ترغب بأذيتي بتصرفاتك.
هدأَ بعدَ ثوانٍ: آسف...لكن ما قلته كان غريباً نوعاً ما.
" و ما هوَ الغريب؟!"
اكتفى بالسخرية: غروب الشمس يحدث في كبد السماءِ فبالفعل هوَ جلي كظهورها أيتها البلهاء.
أخذتها الضحكة لكنها تمالكتها بالابتسامةِ فقط: لم أكذب .
رفعَ ساي سبابته مشيراً نحوَ مبنىً ضخم فائقِ الجمال: هل تعرفين هذا المكان؟
تأملت ذلك المبنى للحظة : لا..
قال لها : هذا هوَ مكانُ عملك.
توسعت عيناها الأرجوانيتان تعجباً و دهشة: جميل!!...يبدوا مختلفاً ...من المتيقن صرف مبالغ طائلة في بناءه.
جلسَ ساي على أرضيةِ البرج لتجلس هيَ أيضاً بعدَ أن رأت ملامحه المتغيرة: هل مشكلتكَ عويصة..؟
شدَّ قبضةَ يده على الأرض دونَ أن يُسمعها إجابته....
استندت على الحائط الحديدي لتكمل: أنا لا أفهمُك ,ليسَ لأني لا أريد لكن مشكلتي هيَ ما تملكه..أي النقود.
عيناهُ كانت تحوم بحزن: لماذا تريدين النقود؟..أقصد..ما هدفكِ من اكتسابها؟
شبكت أناملها ببعض و هيَ تجيبه: شفاءُ والدتي متوقف على ذلك.
تأوه بحزنٍ أكبر و كأنَّ هماً آخر ازدادَ الآن: لكنها لم تنقذ أمي...نقود أبي الطائلة كانت سبباً في موتها بالأساس.
إدراكِ الألم الذي يعتصر قلبه لم يكن سهلاً بعدَ أن علمت بوجودِ ألمٍ آخر تخافه قد تملك وجوده ..تخافُ أن تنهض يوماً لترى أنفاسِ أمها انقطعت و تركتها...أن تعيشَ يوماً محرومةً من مناداتها و سماعِ صوتها الرءوف يجيبها ...حتى تخيل هذا المنظر يجعل ميرنا تأن حزناً فماذا عن هذا الشابِ الذي يحس بهذا الفقدانِ ..أخرجت كلماتها بصدق ليتقبلها ساي : آسفة حقَّاً..لم أقصد أذيتك ,كلُّ ما هنالِك أنَّ ظروفي تفرض عليَّ هذا.
حرَّك رأسه نافياً: لا بأس..لن يزداد حزني أو تتغير حياتي للأسوأ بهذه الكلمة.
حرَّكت شفتيها بهمس: لكن الألمِ الذي لا يزداد يضمحل و يمحوا إن أردت.
رفعت صوتها قليلاً: أليسَ كذلك؟
سرحَ الاثنين قليلاً بأفكارَ مجهولة حتى حاولت ميرنا إعادة المرح كعادتها لهذا الوضع الكئيب و هيَ تنظر لحواف هذا المكانِ الرفيع: ما رأيك لو نقفز من هذا المكان؟...ستزدادُ متعتك لكن قبل أن تصل أجسادنا على الأرض ستطفو أرواحنا نحو السماء.
اكتفى بالتحديقِ بها معَ ابتسامةٍ ارتسمها بخفة ...
أشاحت ميرنا ناظريها بحمرةِ وجنتيها الخجلتين و بحزنٍ عميقٍ استولى قلبها على ساي الذي بدا كالطفل الذي يسترجي العطف الذي حرم منه بهدوءٍ و صمت : ماذا هناك؟
على ما يعتقد ,هذه الفتاة هيَ الملاك التي تحتضنه بجناحيها البيضاويين لتسمع حديثَ قلبه فمدَّ يده نحوَ يدها المبسوطةِ على الأرض ليشدَّ قبضته عليها قليلاً: أتعلمين؟
نبضاتها بدأت بالتسارع و لكن قلبها كانَ مليء بالاطمئنان و الراحة و معَ هذا ودَّت لو تستطيع إبعادِ يده لكنها لم تستطع و يده قد أحكمت الشد عليها: ماذا؟
" تلك الفتاة ستأخذ روحي"
حروفٌ هزَّت كيانها...
تمالكت دموعها التي كادت أن تهطل على وجنتيها و حاولت أن تدقق على حديثه علَّها تجد ثغره تستطيع منها إنهاء هذه المشكلة...
بدأ ساي بصلب الموضوع: أتذكر ذلكَ اليوم جيداً..حينَ كنتُ في الرابعةَ عشرة ,أتى والدي إلي قائلاً " لقد كبرتَ بني و يجب أن تخطط و تؤمن مستقبلك"...كنتُ حدثَ السن لا أعي ما حولي و لا أختلف عن باقي الأغنياء في تفكيري...اختارَ لي أبي الفتاةَ المناسبةَ في وجهةِ نظره ...فالمصلحة المالية و التجارية هيَ أساس حياتنا ...لم أعارض في بدايةِ الأمر....فإدراكِ معاني الحب و العاطفة أو حتى التعامل الإنساني كانَ سيظهر بعدَ الارتباطِ بها بحسبِ الأساس الذي تربيتُ به...لكن منذُ أول يوم و سؤالها كانَ عن مدى ثرائي و كيفيةِ عملي و كلُّ ما سيؤمن الراحةِ لها .. همها الوحيد التسوق من مالي و السفر للدول المحببة من ثروتي.
وضعَ يده على فمه للحظة و هو يبلع ريقه..: يقولون أنَّ الخطوبة هيَ فترةُ الحب و الاهتمام لكني لم أرها يوماً تزورني في مرضي حتى...لم أطلب منها البقاء و الاهتمام بي ,زيارةً قصيرة كافية لإسعادي.
حيرةٌ في ذهنها من هذه المشكلة...كلُّ ما يتعلق بها العواطف فقط لا غير : حسناً ,بما أنَّكَ كنتَ في الرابعة عشرة فهي كانت طفلة أيضاً...دع الزمن يُكسبها بعض التجارب و تحدث معها.
"كلُّ ما اكتسبته المزيدَ من الغيرة...تحدثتُ معها كثيراً و بجيدة ,حاولتُ وضعها تحت الأمرِ الواقع لكن لا جدوى...كلُّ ما تعلَّمته تهديدي بوالدها الموقر كلَّما رأتني أتكلم مع أحدى الفتيات ..و ها الآن أتى لتحديد موعد زفافي معها..كيفَ لوالدي أن يرمي بي لهذا المصير؟!"
" حدِّث والدك و اطلب منه مساعدتك..هذه وظيفته كأب"
أبعد يده ليحركها دونَ توازن مما أقلق ميرنا: أتعلمين ما هوَ جوابُ والدي حين أخبرته بقراري بالانفصالِ عن فيونيكا ؟...قال لي لو فعلتُ هذا فالأنسَ وجود أبٍ لي...أتستوعبين معنى هذا؟!...رغمَ أني لم أطلب سوى حريتي في حياتي الخاصة.. من فتاةٍ تقول لي بوقاحة " لو لم تكن غنياً لما سنحتُ لعيني أن تلقيا نظرتيهما عليك"....
بدأ يرتجف بشدَّة مما جعل ميرنا تقطع كلامه واضعةً يديها على كتفيه : توقف عن الكلام...كفَّ عن هذه التفاهاتِ التي تضرُّ صحتك هكذا.
أخذَ نفساً ليقول: ألا ترين أني سأكون أكثر ارتياحاً بإغماضِ عيني هاتين دونَ أن أفتحهما مرَّةً أخرى؟....سأتخلص من كلِّ هذه الأمور التافهة بسهولة في ذلكَ الحين.
توترها لم يترك لها مجالاً للتفكير لكنها ما زالت تحت تأثير فكرتها بتغير الجو للمرح: أصمت فقط..كيفَ تجرأ على التلفظِ بهذا
أمامي...ألا تعرف أنني لن أسمح لك بالرحيل..إن متَّ من سيعطيني فرصة عمل؟هل فكرتَ بهذا؟
علته بسمةٌ خفيفة لم تُذهب اصفرار وجهه : لا داعي لكلِّ هذا القلق..ليسَ سوى ضعفِ أعصابٍ بسيط ,لحظاتِ و أكون بخير...عملكِ محفوظ نائبتي.
"أعصاب؟!"
بدأ بتحريكِ يده حول رقبته: لقد لاحظتِ سوء حالتي ,فلا داعي لإخفاءِ الأمر ...كلُّ ما في الأمر أنِّي ضعيفُ الأعصابِ قليلاً و هذا ما يجرني لهذه الحالة.
نهضت ميرنا و هيَ تجرَّه من يده: إذاً عليكَ أن تراجع الطبيب سيد شيوكي.
حاول ساي التثاقل: قلتُ سأكونُ بخير بعدَ لحظات.
لم تتركه بل بدأت بجرِّه بقوَّةٍ أكبر: لا تكن عنيداً...
لم تتمم جملتها حتى سقطت من حافةِ ذلكَ البرج المرتفع ليهم ساي بمدِّ يده بفزع.......

قراءة،ممتعة ،،،،،

تعليقات مفتوحة..

http://up.arabseyes.com/uploads2013/...0861618974.png

.
[/align][/cell][/tabletext][/align]



Arij* 05-28-2016 01:05 PM

ما شاء الله اختي كل يوم تزداد الرواية حماس بالتوفيق للمزيد من الابداع
واو انا اول من يرد هاي هاي

silent__love 05-28-2016 01:12 PM

رائعه جداااااااااااااا

avine 05-28-2016 01:45 PM

روووووووووووووووووووووعة يجنن ماتركتيلنا مجال للتعليق ابدا عن جد تعجز الكلمات عن التعبير ساي وميرنا وااااااااااااااااااااااااااااااااااااو

Snow. 05-28-2016 01:53 PM

السلام عليكم وةرحمة الله و بركاته

كيفك غلاتي؟

أخبارك؟

إن شاء الله بخير

كيااااااااااااااااااااااااا >>صرخة حماس لامتناهي

بجد البارت أروع ما يكون

يعني قسم أبدعتي

عشت الفصل بكل أحداثه و تفاصيله

كنت متشوقة للقاء هاجي و ساي

و كان الأمر مثيرا جدا

أعني طريقة كلامهما و حوارهما المشتعل أشعل قلبي

فيونيكا تلك البقرة الثرثارة محبة المال

أصبحت أكرهها بشدة مع العلم أني لم أحبها منذ ظهورها

كيف لها أن تقو ل لساي أنه لو لم يكن غنيا لما سمحت لعينيها بالنظر له

كيف تتجرأ منحطة مثلها على قول شيء كهذا

مرض ساي أحزنني فعلا كما أغضبتني أنانية والده

كان ممتعا مرحه هو و ميرنا في مدينة الملاهي

كياااااااا يا الهي البنت سقطت،يا رب يمسكها ساي

يعني ليش توقفتي في لحظة حماسية متل هاي؟

اااه و قبل ما أنسى أريجاتو على البشارة،فرحتيني

بالمناسبة روايتك قدر مخطوط على صفحات الزمن مكتملة لو جارية الكتابة؟

استمتعت بقراءة الفصل

أبدعتي

دمتي متألقة

وردة المـودة 05-28-2016 02:47 PM

مرحبا فراشة...
شكرا لتواجدك...


Silent love
شكراااااااجدااااااااا جدااااااااا


استر شكرا لإبدائك حماسك النشيط دوما...


عليكم السلام غلا
و عنكcaramella ..

اردت ابداء شعوري عندما اقرأ شيئ و ينقطع في مكان حماسي..هههه
أما جواب سؤالك...لو كانت مكتملة لارتحت ،جاري الكتابة...
صدقي جاري الكتابة...
و المفاجأة، ورائي سفر قد يعوق وضعي البارتات...

صَاعِقَةٌ 05-28-2016 06:02 PM

وااااااااااو بارت رائع...
أفضل بارت للآن...
بانتظار جديدك...

yuky 05-28-2016 10:29 PM

شكرا لكي على البارت يا عزيزتي بأفعل يوكي ان قرأته كان سيعجبها

yuky 05-28-2016 10:55 PM

شكرا لكي على البارت الرائع يا عزيزتي لقد عدت

وردة المـودة 05-28-2016 11:14 PM

[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339730161.png');"][cell="filter:;"][align=center].









































.[/align][/cell][/tabletext][/align][align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339734242.png');"][cell="filter:;"][align=center].



[/align][/cell][/tabletext][/align][align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339734242.png');"][cell="filter:;"][align=center]
[/align][/cell][/tabletext][/align]
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339734242.png');"][cell="filter:;"][align=center]




http://up.arabseyes.com/uploads2013/...0861617052.png



[/align][/cell][/tabletext][/align]
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451339734242.png');"][cell="filter:;"][align=center]
نهضت ميرنا و هيَ تجرَّه من يده: إذاً عليكَ أن تراجع الطبيب سيد شيوكي.
حاول ساي التثاقل: قلتُ سأكونُ بخير بعدَ لحظات.
لم تتركه بل بدأت بجرِّه بقوَّةٍ أكبر: لا تكن عنيداً...
لم تتمم جملتها حتى سقطت من حافةِ ذلكَ البرج المرتفع ليهم ساي بمدِّ يده بفزع......
من حسنِ الحظِّ العجيب أنَّ ساي استطاعَ بسرعته الإمساكِ بشعرِ ميرنا المتطايرِ من هباتِ الهواء ليقول بعدها مباشرة: يدك.
فهمت ميرنا أنَّها يجب أن ترفع يدها ليمسك بها و فعلت .....
لحظاتٌ أشعرته بالخوف....هلعٌ جعلهُ يتمسك بها بكلِّ قوته ...كلُّ جوارحه تحثه على رفعها الآن...خاصةً و بؤيؤته تنظر لعينيها الأرجوانيتين مباشرةً من هذه المسافةِ القريبة لأوَّلِ مرة ...حتى لو انقلبت الدنيا فلن يدعها...
إنَّها أوَّلُ مرَّة تلاحظ ميرنا لون عيني ساي العسليتين ..كانت تلمع بالدموعِ المحتبسة كلمعان الشمسِ التي بدأت تخفي نفسها فباتت سارحة بما تخفيه هاتين العينان حتى نسيت وضعيتها الخطرة...
لحظة أو بالأصح ثانية من ثواني القدر جمعت بين أنفاسهما المتقابلة بوسيلةِ نظرة.... يا لغرابةِ هذه اللحظة..!
رفعها بعدَ جهدٍ جهيد ...لتجلس غيرَ مصدِّقة نجاتها من ذلكَ الارتفاع المهيب ....
ساي و قد وضعَ يده فوقَ صدره يأخذ أنفاساً عميقة من الجهدِ المفاجئ الذي حصلَ له: هل أنتِ بخير؟
أجابته و هيَ بالحالةِ نفسها: أجل ,أنا ممتنةٌ لك ..لكن ماذا لو سقطتَ معي؟!
بدء ينفض ملابسة المتسخة بالغبار: لا تحاولي أن توهميني أني كنتُ بطلاً مغواراً....لو حدثَ هذا فكانت ستحقق أمنيتي التي قلتها قبلَ لحظات.
نهضت ميرنا من مكانها بانزعاجٍ مفتعل: لا تستحق المديح...
نهضَ هوَ الآخر: أظنُّ أنَّ الوقت بدأ يتأخر .
اتجه صوب السلالم لكنَّ ميرنا أوقفته: ماذا تريد أن تصنع الآن؟
أجابها دونَ أن يعيرها التفاتة: لا أعلم ,المهم أنَّ الحديثَ معكِ أراحني قليلاً...شكراً لك.
تقدَّمت نحوه : سأساعدك.
ربتَ على كتفه الأيسر لينفض الغبار المتراكم عليه: ماذا ستفعلين؟ أنا لا أود البقاء معها لساعة فكيف بالعيش معها لبقيةِ عمري.
صمتَ لحظة ثمَّ قال: إن كنتِ تودين المساعدة فحاولي إبعادها عني فقط.
أبدت بعضَ الاعتراض: ألا ترى أنه ليس من العدل أن ترى كلَّ شيءٍ بنظرتكَ أنتَ فقط؟...أعطها فرصة لبرهانِ حبها لك على الأقل...تصوَّر لواحدٍ بالمائة أنَّها لا تعرف كيفَ نبين لك حبها أو توضيح ظروفها التي تمنعها من البقاء بجانبك في ظروفك الصعبة.
تأوَّه تأوُّه يأس: يبدوا أنِّي كنتُ مخطأً بالتحدث معكِ بهذا الشأن..أنتِ حسنةُ الظن كثيراً.
حرَّكت يديها بتفاعل لتجعله يرفع عينيه نحوها: لا بأس من المحاولة ,سأحاول كلَّ جهدي لإصلاح الأمور.
نظر لها لتعودَ المشاعر المجهولة التي أحسَّ بها منذ قليل فراوغ بعينيه كما فعلت هيَ أيضاً و كأنها تبادله الشعور الذي لا تفهمه : افعلي ما تشائين ,لكن ماذا لو باءت محاولتكِ بالفشل؟
أبدت الإصرار و العزم الواثقين : لن أخسر و سوف أريك.
ابتسم ابتسامةَ تحدٍ واضحة: و ماذا لو خسرتِ؟ما الرهان بيننا؟
أجابته بالأسلوبِ ذاته: ليسَ لديَّ شيءٌ أعطيكَ إيّاه للمراهنة...لكن ..ما رأيك بتحقيق أمنية؟هل هذا يرضيك؟
"أمنية..شيءٌ مغرٍ..أمَّ إن نجحتِ فلكِ ضعفي الراتب ,جيد؟"
صرخت بفرحة: ممتاز.
بدأ ساي بالنزولِ من تلكَ السلالم لتلاحظ ميرنا أنَّهُ لم يستعد قوته بعد فهوَ ليسَ كعادته بل يمسك بسورِ السلَّمِ و ينزل ببطء فتقدمت لتمسك بيده عوناً له مما أبهجه للغاية حتى قال : أتسمحينَ لي بقولِ شيءٍ آنسة ميرنا؟
أجابته و هيَ لم تكن تتصور ما سيُسمعها:قل.
" دفءُ يدك يُشعرني بالطمأنينة بعضَ الشيء.."
توقفت للحظة من دهشتها لكَّنها عادت لخطواتها دونَ أن تنطق بشيء إلاَّ أنَّه أجبرها بالإجابة حين قال: هل ستمدين هذه اليدَ نحوي حينَ أحتاجها؟
أجابته ببرود يخفي خلفه مشاعر متزلزلة: سأمدَّ يد المساعدة بالتأكيد متى ما استدعى الأمر.
.......................
يدي ساي ممسكتان بمقودِ السيارة: أعطني عنوانَ منزلكِ الآن.
أمَّا ميرنا فهي تمر بيدها تدلِّك رقبتها التي تؤلمها جرّاء جرِّ ساي لشعرها: لقد آلمتني.
بدأ بإغاظتها : لقد كنتُ أتساءل عن منافع الشعرِ الطويل إلَّا أني اكتشفتُ أنَّه وسيلة فريدة في الإنقاذ.
لهجتها مليئةٌ بالاستياء و يدها تمر بين خصلاتها بخفة: إيَّاكَ أن تلمسَ شعري مرَّةً أخرى.
وصلا لذلكَ الحي البادي عليه الانحطاطُ و الفقر لتكون بين أزقته منزل ميرنا الذي لا يفرق عن البيوتِ التي تجاوره....
ترجلت ميرنا من السيَّارة مودِّعة ليوقفها ساي بجملته: شكراً لوجودِكِ بجانبي اليومَ آنسة ميرنا...استمتعتُ كثيراً.
حاولت تدارك نفسها مبتسمة: لا تشكرني ,لم أفعل شيئاً مهماً.
كانَ سيرحلُ ساي لكن ابتسامتها جرَّته للقول بهمسٍ مع نظرته التي يعلوها العطف: أنتِ جوهرةٌ رائعة.
حرَّك السيارةَ بسرعة لألا تقع عينيه عليها مرَّةً أخرى بعدَ أن نطقَ بجملته الأخيرة ..كلُّ ما فعله اليوم لم يكن منطقياً... ( ما الذي يجري لي؟...هل كانت جملتي في محلِّها؟..لماذا أتصرَّف هكذا؟.. ما الذي جرَّني للنطق بهذه الجملة؟!..)

سهت ميرنا قليلاً عن حوادث هذا اليومِ الغريبة بالنظر لباب منزلها و ترقب توتر و خوف والدتها لهذا التأخير الغير متوقع...لم يكن الوقت متأخراً كثيراً لكن أمَّها اعتادت أن تراها عائدة بعدَ العملِ مباشرة لتعتني بها فبالطبع سوف تقلق بمغيب ابنتها لثلاثِ ساعاتٍ أخرى...
فتحت الباب لتدخل: لقد عدت..آسفة للتأخير.
تعجبت لهدوءِ المكان و هبَّت مسرعة لغرفةِ الجلوس بخوفٍ امتلكها للحظة للذي قد يكون حصل لأمها لكنَّها رأت أمها جالسة بهدوءٍ و طمأنينة ترد عليها: أهلاً بك..
كتمت استغرابها متوجهة نحو غرفةِ أخيها..
فتحت الباب بمرح : هل تسمح لي؟
أجابها و هوَ مضطجعٌ على سريره: ادخلي.
توجت نحو أخيها : كنتُ أتصوَّر ردَّةَ فعلٍ مختلفة من أمي!
قطب حاجبيه : لو لم أخبرها أنَّكِ أخبرتني بتأخرك لكانت الآن في المشفى.
نظرت له: لكنّك لا تعلم متى ينتهي عملي بعد أخي.
بادلها النظر بحدَّة: ردَّةُ فعل والدتك كشفت لي عن وقته.
جلست على حافةِ سرير أخيها: أها..هكذا إذاً.
جلسَ هوَ الآخر لترى الجدية واضحة على ملامحه : أينَ كنتِ ؟
حاولت أن لا تعير هذه الجدية اهتماماً: حسناً..عن المكانَ الذي كنتُ به ,لقد كنتُ مع إحدى أصدقائي..لماذا تسأل؟
لم تتغير تعابيره: تكذبين..هذا واضح.
نهضت تدورُ في تلكَ الغرفة و تمسك ببعضِ الأدواتِ و تتركها مكانها ثانيةً: أنا لستُ صغيرة أخي...أنا لستُ تلكَ الفتاة التي فارقتها قبلَ أربع سنوات ,لقد كبرت و تغيرت ..أعرف أين أذهب و أتجه...حسناً ,سأخبرك عن المكان الذي ذهبتُ إليه لكن في الوقتِ المناسب و ليسَ الآن.
حاول استفزازها: هل هوَ لقاءٌ عاطفي؟
صرخت في وجهه: بالتأكيد لا أيها الأبله.
ابتسم متماً أسلوبه الاستفزازي: لحظة..هل هذا الانفعال هوَ ما تريدينَ به إخفاء سرٍّ ما؟ أهوَ متعلقٌ بذلك الفتى المدير؟
أجابته بغضبٍ فوراً: لا تذهب بفكركَ عريضاً يا هذا..إنَّ السيد شيوكي يمتلك مخطوبة.
أخذته الدهشة بسماعه هذا ( نظراته الغريبة نحو ميرنا جعلتني أتوهم غرامه بها)
.........................
تتقلب على فراشها يمنةً و يسرة لعلَّها تنجح في الوصول للنوم لكنَّ الأفكارَ لم تتركها فذهنها يكرِّر ما حدث لها مع ساي لحظةً بلحظة و أذنيها تعيدُ سماعَ كلماته الغريبة ..( دفءُ يدها يشعره بالاطمئنان...جوهرة رائعة ,شدُّ قبضته على يدها..!)
إنَّ ما قاله كانَ ينطبق على شعورها حينَ أمسكَ بيدها لكنَّ لسانها لم يكن لينطق بتلك الكلمات أبداً بل بدأت تكذِّب قلبها لتنسى ما جرى في هذا اليوم....
حاولت أن تقنع نفسها ببساطةِ نفسها ( ألا تذكرين؟..إنه يتلاعب بالألفاظ كما يفعل معَ مخطوبته...لكن عينيه و الحزن العميقِ بداخلها يقولُ شيئاً آخر...)
ها قد أصبح لديها حافزٌ آخر لمساعدةِ المدير ساي و هوَ ردُّ الجميلِ له لإنقاذها....
كانت تعتقد أنَّ هذا الشاب متهاونٌ في الاهتمام بنفسه و بمخطوبته...فهيَ فتاة و تعلم أنَّ الغيرة هيَ نتيجةَ الحب الجم ...
لو انفصل ساي عن فيونيكا فهوَ سيخسر حبها الذي لم يشعر به حتى الآن و سيخسر فتاةً جميلة و غنية أيضاً...
لكنَّها قررت حقاًّ أن تقدم كل ما تستطيع لمساعدته فهو شابٌ طيب ساعدها للبقاء في عملها الذي يساوي حياةَ والدتها .. لذا فمنذُ الغد سوفَ تتخذ حلَّ هذه المشكلة من مهماتها أيضاً....
.....................
إنسانةٌ رائعة بدأت تأخذُ مكاناً مميزاً في قلبه...للحق كانت خير أنيسٍ لقلبه المرهق فبنظراتها تجعل للراحة و الانبساطِ مكاناً و بصوتها تجلب التقائل و الأمل مما يجعله لا يمل من الحديثِ معها أو من سماعِ صوتها الرنان....
لكن مشاعره و لسببٍ مجهول لم تكن هذه فقط فهوَ لم يستطع أن يبعد صورتها حينَ كادت تسقط متجهةً بعينيها نحوه...لم يستطع تجاهل سماعه لنبضاته في تلكَ اللحظة...
نهضَ من أريكته الخضراء متجهاً لأحد النوافذِ من تلكَ النوافذ الخمسِ في الغرفةِ التي لا يكادُ يبانُ نهايتها...
لكنَّ أفكاره لم تتجاهل التحدي الذي بدأه معها من ناحيةٍ أخرى :إنها ساذجة.


.............اليوم التالي............
تتحرَّكانَ تلكَ اليدين في ظلِّ أجواءِ العملِ الرسمية لتدير عمل شخصين...عملها كنائبة و كمديرةٌ للمركز مؤقتاً...
سمحت ليديها بضرب طاولتها بخفة و لكنتها مغطاةٌ بالغضبِ و الانزعاج: استغلالي...يظنُّ أنَّه سيقنعني بكلامه التافه...
غيَّّرت صوتها ساخرةً منه" ليست سوى ساعاتٍ قليلة..تستطيعينَ تدبُّر الأمر.."
دخولٌ غير مفاجئ أفزعها قليلاً فوضعت يدها على قلبها بسرعة قائلة: أفزعتني!!
لم تبالي تلكَ الفتاة و جعلت خطواتها السريعة تتقدم نحو ميرنا ضاربةً بقوة على تلك الطاولة: أينَ ساي؟
اسمٌ غريبٌ على مسامعها لم تعتد على سماعه جعلها تنطق بجملةٍ زادت من غضبها: من تقصدين؟
ملامح فيونيكا كانت تحكي ما بداخلها لكن ميرنا تداركت الأمر بملامح بريئة: أها..آسفة, سيد شيوكي ليسَ هنا...تفضَّلي اجلسي أظنُّ أنّهُ سيكون هنا بعدَ قليل.
جلست بتكبر : مجبرةٌ على الجلوس ما دامَ قد أقفلَ مكتبه.
عينيها كانت تحدِّق في أرجاءِ المكان دونَ أن ترمق ميرنا بنظرة ....
فرصةٌ جيِّدة لمعرفة المزيد عن مشكلةِ ساي معها ...فشرعت هيَ بالحديث محاولةً الاقتراب منها : للسيِّد شيوكي ذوقٌ جيد باختيارك.
أجابتها بحدَّةٍ و ببرود نوعاً ما: و هل تناسبه غيري؟
ابتسمت و هي تقول: أظنُّ أنَّكِ على حق.
نهضت من مكانها رافعةً بيدها صندوقاً مزخرفاً باللونِ الموفي و الأزرقِ السماوي من أمامها لتتقدَّم نحوَ فيونيكا مقدِّمةً بعضَ الشوكولا : تفضَّلي.
برزت على شفتيها ابتسامةٌ ساخرة: تريدينَ ضيافتي بما هوَ ملكي.
لم تكن ميرنا مكترثة لما قالته فهيَ منذُ البداية جهزت نفسها للطباعِ التي وصفها ساي بل بدأت بالجملةِ التي ستفتحُ طريقاً لمبتغاها: أظنُّ أنَّ اسمكِ فيونيكا...
وجهت نظرةً حادة : و ماذا في ذلك؟...
وضعت ميرنا الصندوق الذي بيدها فوقَ الطاولةِ الزجاجية الصغيرة التي كانت في يمينها: لا شيء..إنَّهُ اسمٌ لطيف...يناسبك.
بدأت فيونيكا حركاتها المتكبرة بتحريك خصلاتها بأناملها الرقيقة: يبدوا أنَّكِ تريدينَ التودد و التقرُّب مني.
أجابتها ميرنا: لا أمانع لو اتخذتكِ صديقة عزيزتي.
أجابتها بأسلوبٍ مزعج: أنا أتعجبُ بالفعل مِن مَن لهم الجرأة على تخيُّل هذه الأمورِ السخيفة...هل نظرتِ لملابسِكِ أمامَ المرآةِ ؟ ..إنّني لا أضع ثوباً من ثيابي مع إحدى ملابسك هذه فكيفَ تودِّين مني أن أجلسُ و أصادقكِ كالسذج؟!...
شحب لونها و بقيت صامته ممسكة بأعصابها كي لا تفعل ما يزيدُ هذه المعضلةَ سوءاً....و كذا فلا يجب لها أن تبدي استسلامها من الجولةِ الأولى....
كانت فيونيكا تمر بأصابعها على طلاء الأظافرِ الزهري الذي تغطي به أظافرها الطويلة و كأنها تمشي على أعصابِ ميرنا....
حدَّقت فيونيكا بها لفترة ثمَّ قالت بأسلوبٍ عادي: آسفة لو ضايقتك...لكن أنا لا أستطيع إقناعِ نفسي بالحديثِ مع من هم أقلُّ ثراءً فكيفَ بنفاياتِ المجتمع.
(نفاياتِ المجتمع!!)
باتت ترجُّ برجلها على الأرضِ بسرعة متفاديةً القيام بأيِّ حماقة فقد كانَ بودها أن تبدأ بإطلاقِ العنانِ للسانها بالإهانة كما تلقتها.....
من حسنِ الحظ أو سوءه وصلَ ساي في تلكَ اللحظات و ما شدَّه لمكتبِ نائبته هوَ بابها المفتوح لكن ما أن وصل و شعر بتلك الثاراتِ المشتعلة بينهما حتى خطت قدمه خطوة للخلف دونَ وعيٍ منه.....
قالَ بنبرةِ سعادة ظاهرة و كلمات مخادعة: وااااو...جميلتي في هذه الغرفة.
رمقته ميرنا بنظرة و كأنه يرى التردد في صدقِ حديثه الذي صارحها به و غضبها المتزايد الذي تشير به نحوه...
و حقاً لم تكن تفكر بشيءٍ غير ذلك(أشعر أنِّي غبية تدور حولَ نقطة...)
نهضت بتبجح لتقترب منه ببسمةِ رضا: لقد انتظرتكَ كثيراً ساي.
وجهت نظرتها المستحقرة لميرنا : أنتَ غير دقيق في اختيار العملاءَ كعادتك, إنَّ البعض لا يعرفونَ حدودهم هنا.
خرجت من ذلكَ المكتب و هيَ تتم: لا يمكن تصور الكثير ممن عاشَ التخلف على أيِّ حال...
رفعَ بصره نحوَ الفتاة الجالسةِ بصمت تنظر لهما ليريها نظرةً دافئة قبل أن يرحل هوَ الآخر....
أغلقت الباب و جلست خلفه تبكي بصمت...بالكادِ أخفت شهقاتِ جنانها المتعالية ....
لم تشأ أن يصل صوتها الذي يعلن الانكسار و قبول الإهانة لتلك الفتاة المملوءِ غروراً و تكبراً..
جعلت تلكَ الدموع تسلك طريقها الممتد حتى الوجنتين دونَ أن تحاول ميرنا مقاومتها أو منعها من الخروج..
كانَ الحزن يتلاعب بأفكارها التي كانت تلاحق مخرجاً لا يعيدها لهذه المتاهةِ البائسة...

......معاناة ساي......
لهجتها مليئةٌ بالاستغرابِ و التعجب و هيَ تحكي ما حدث: فتاةٌ وقحة..! كيفَ لها أن تصرِّح لي بكلِّ جرأة أنها تود صداقتي؟!!...تتعامل معي بغباء و تضيفني أيضاً و كأني قد دخلتُ منزلها, لا تعرف أنّني أنا من يجدر به فعل هذا .. لقد بدأت تجد نفسها ذو مكانةٍ بالفعل..أتصدِّق هذا؟!
كانَ قد جلسَ على حاسوبه متجاهلاً النظر لها فهوَ يعلم أنَّها ستستمر بهذا التبجح و إظهارِ الغيرة اللامتناهي من النائبةِ المسكينة إلى أن تصل بكلامها إلى ما هوَ مجهولٌ حتى الآن, فلجأ لأسلوبه الخاص الذي يتخلص منها به بشكلٍ مؤقت في بعضِ الأحيان..لم يكن مهماً فهي ليست سوى بعضِ الصراحة...: لا تبالغي عزيزتي فهيَ لم تفعل شيئاً خاطئاً...كلُّ ما هنالك أنَّها طلبت صداقتك ,إنَّ من طبيعةِ الحياة أن تتعرفَ الناسَ على بعضها البعض .
رمقته بنظرةِ عتاب: لا تقل لي أنَّه كانَ عليَّ الجلوس مع تلكَ البلهاء و تبادل الحديث بابتسامةٍ تظهر المودة ؟!...تخيل هذا المنظر فقط يثير اشمئزازي.
يده كانت تتحرَّك لتكون رمزاً لتصفحه عبر الانترنت و هوَ يجيبها : أعترف أنها بلهاء بعض الشيء...لكن لا أوافق فكرتكِ الغريبة بعدم مجالستها أو شيءٍ من هذا القبيل, لا ضير من الجلوسِ معها على كلِّ حال...لا أرى خطاً في الأمر.
وضعت يدها بجانب رقبتها و هي تنظر له بجديةٍ تامة: أنت تدافعُ عنها!
لم يسمح لبؤبؤتيه بالحراكِ حتى: من قال أني أدافع عنها؟!..الأمرُ فقط أنني لا أرى من الخطأ طلب فتاة صداقتكِ.
نهضت متوجهةً نحو صاحب الجمل التي بدأت تغيظها: هل بدأت تلك الفتاة تؤثر عليك؟!
سكتَ فجأة و كأنَّهُ سمع ما لم يتوقع سماعه لكن سرعانَ ما أبعدَ يده عن الفارة ناظراً لها: أنتِ التي بدأت بالتوهم من شدةِ غيرتها ...أخبرتكِ برأيي فقط عن هذا الموضوع لا غير..يجب أن تفهمي أنَّ نظرتكِ نحوَ هذا المجتمع هيَ نظرةٌ قاصرة .
انفعلت قليلاً بكلامها: و تلكَ الفتاة تملك نظرةً جيدة ..
نهضَ هوَ متحركاً من ذلكَ المقعد: تفسرين كلَّ شيءٍ كما يحلوا لكِ فيونيكا.
أخذت معطفَ الفرو الموضوع فوق المقعدِ المجاور : اسمع ساي ,إمَّا أن تطرد تلك الفتاةَ المزعجة أو تنسى وجود فيونيكا من حياتك.
ذهبت ضانةَّ ًأنها أثَّرت به لكن في الحقيقة كان سعيداً يمني نفسه بتلك اللحظة( الباب مفتوحٌ آنستي..)
.........................
يكادُ يجزم أنَّها ليست بخير بعدَ محادثتها مع فيونيكا لكنَّه رفع يده و طرقَ الباب ...
كانَ ينتظر هذا الصمت ليقرِّر فتحه لكنَّه لاحظ ثقل الوزن الذي يمنعه من تحريكِ الباب..عرفَ أنَّها ميرنا التي أثقلها همُّ كلام تلك الفتاة المتعجرفة..
انحنى جالساً مستنداً على الجانب الآخر للباب : هل لكلامها قيمةٌ كبيرة لكِ؟...أنا لا أراها سوى فتاةٍ مخلولةِ العقل لا يُعتمد على كلامها.
أطبقَ فاه علَّها تسمعه حرفاً لكن لم يحدث ذلك...
تنفس الصعداء: لا أعرف ,ربَّما حدثَ هذا لتفهمي جزءاً مما أعانيه في هذه السنين ...فكلُّ ما كنتُ أسمعه و أراه لم تكن سوى لغةٍ جارحة قد تعلَّمتها لتجرحني و تكسر كبريائي.
حينها سمعً صوتاً مبطناً بغبنةِ بكاء هادئة: ليسَ أن تقول لك نفايةَ المجتمع..
اهتزَّ كيانه للحظة فمع كلِّ ما رآه إلاَّ أنها كانت أوَّل مرَّة يسمع هذه الكلمةَ الجارحة بحق ...فحينَ وصل المكان لم تطرأ على مسامعه هذه الكلمة.. شعرَ بالأسى و الحزن و مزجهما بشعوره الخاصٍ لنفسه و هوَ شعور الغضبِ و الاستياء...
رفعَ رأسه ليضعه على الباب كظهره الممتد عليه: نفايةُ المجتمع...لم أسمعها من قبل.
صمتٌ للحظات تعقب جملته الأخرى: لكني أذكر يوماً لن أنساه البتة... كنتُ ذاهباً معها للتنزه حين سمعتها تقول و هيَ تبتسم بسخرية " الأوراقَ التي تسقط من الشجرةِ و تتغير ألوانها يجب إبعادها عن الطريق فلا تحاول أن تذبل لألا أضطر لإبعادك باحثةً عن ورقةٍ أخرى"..كانت ترمي لنقودي التي تطمع بها فقبولها بي لم يكن سوى لأجلِ كومةٍ من الأوراق ..أتفهمين كم سماع هذا من الفتاة التي يفترض أن تكون شريكةَ حياتك و من ستبقى معكَ طيلةَ عمرك صعب ؟
قالت شيئاً واحداً لتتخذ الصمت عنوانها بعد ذلك: لا أعرف كيفَ أنسى ما قالته..
بقيا مدَّةً غير بسيطة على ذلك الحال حتى وصلَ عامل التنظيفِ مارَّاً بجانبه ,وقف عامل التنظيف بتعجبٍ من المنظرِ الغريب الذي لم يسبق له أن رآه فالمدير جالسٌ على أرضيةِ المبنى بشكلٍ يدل على الضعف نوعاً ما على عكسِ عادته الصارمة و المهيبة...
تقدَّم العامل نحو ساي: هل هناكَ خطبٌ ما ؟!
نهضَ ساي فوراً و هو لأول مرة يشعر بهذا الحرج: ليسَ بالمهم ,لقد أقفلت الآنسة ميرنا الباب و لم تستطع فتحه إلى الآن.
ترك العامل أدواتِ النظافة جانباً ليحاول بدوره مساعدة المدير بفتح الباب....
أمسكَ ساي يد العامل قائلاً: لا تتعب نفسك ,إن لم يفتح سآتي بمصلح أقفال...ربما كانت مشكلةً بسيطة.
حاول العامل أن يصرَّ قليلاً: دعني أفحصه فقط..أنا جيِّد بهذه الأمور نوعاً ما.
أخذته الحيرة للحظة قبلَ أن تفتح ميرنا الباب مجاريةً ساي الذي سمعت حديثه مع العامل: لقد فُتِح أخيراً.
قال ساي بلكنةِ مزاح: إن كنتُ سأبقى خلفَ الباب هكذا فلا داعي لإغلاقِ الباب آنسة ميرنا.
ابتعدَ العامل بصمت و هو مازال ينظر للوضع الغريب....
دخلَ ساي مغلقاً البابَ خلفه : لأوَّلِ مرة أقع في موقفٍ محرجٍ كهذا مع أحد عملائي...و الأسوأ ,عامل نظافة!!
وجه نظره نحو ملامح ميرنا المحمرة من البكاء لحظة: بكيتِ؟!
لفتته بنظرة ذاهبة لتجلس على أقرب مقعدٍ فرعي منها فذهب ساي جالساً قربها يحاول أن يخرجها من هذه الحالة: لا يجب على الفتاةِ أن تكون سريعةِ البكاء ..فذلكَ يبعد الشبانَ عنكِ يا آنسة فالشبان لا يحببن من تذرف الدموعِ بسرعة.
هاجمته ميرنا بقولها بضيقٍ واضح و هي توجه وجهها صوبه: هلا أوقفت هذا الكلام التافه.
أصبحت ملامحها واضحة ليرى مدى الأثر الذي أثرته تلك الكلماتُ عليها فعيناها تكادُ تكون كالجمرة من حمرتها و تقطيب حاجباها بحدة زاد من بيان انكسارها ,بات يدقق النظر على تلكَ الملامح التي كانت بعيدةً عن تصوره: يبدوا أنَّكِ مخزنٌ للدموع.
كانت محتفظة على تلك الحدة : و ماذا إذاَ؟
وضع يده على رأسه: لا شيء ...لم أتصور حظي السيئ سيقودني اليوم للجلوس مع فتاةٍ مزعجة و أخرى مخزن دموع تسكبه من حينٍ لآخر.
قالت له : أنت سيئ للغاية بمواساةِ الآخرين.
أجابها بتحديقٍ من تلكَ العينين و ابتسامةً لسماعه هذا: أعترفُ لكِ بهذا...لكنَّكِ أفضل من تجيد المواساة.
و كأن لسانها قد ربط و لم تعد قادرة على الكلام أو الحراك و هيَ تنظر لعينيه الصادقان المفعمتان بعطفٍ و حنان, و قد ذهلها
جمالُ تلكَ العنين التي لم تزل تحدِّق بها و حزنها العميق و كأنَّه احتفظ بألم الكون جلُّه في صدره ...
أتم ساي :أريدُ منكِ أن تظهري بعضَ المواساةِ بإخفاء هذه الدموع التي تجلب الحزن لي,حسناً؟
نظراتها الهائمة و المجهولة شدته للسؤال: ماذا بي؟!
أنزلت عينيها فوراً لخجلٍ و حياء من الجواب فهيَ لا تقدر أن تقول له أنَّ ما تبادر بذهنها( ما أجمل هذه العينان العسليتان...)
مسحت دموعها فوراً و رسمت الابتسامة على شفتيها الورديتان : لا شيء.
ساي مع بعضِ الارتياح: شكراً لكِ لهذه الابتسامة ..هذه هيَ النائبة التي أريدها.
أجابته بما لم يتخيله بعدما بدأت بمقدماتٍ و حديثٍ يبين امتنانها: أنا من يجب أن تكون ممتنة هنا. ..أنا ممتنةٌ لإدخالي في هذا العمل دون أي تجربة..أنا ممتنةٌ لعطفك و حنانك الذي غمرتني به.. لمحاولتك التخفيف عني و تناسي آلامك الشخصية..لكن أنا حقاً قررتُ قراري.
ضيَّقَ عينيه قليلاً: قرار؟!
صارحته بأقسى شيء يمكن أن يتقبله في هذا الوقت: أرى أنَّه من الأفضل أن أرحل من هنا.
أخذ ساي الأمر على محمل الجد فوراً مع قليلٍ من التلبك: ما..م..ماذا تقولين؟!!
حاولت أن تفسر له موقفها: اسمع سيد شيوكي..إنَّ مشكلة فيونيكا الأساسية هي أنا على ما أظن..لذا لا يجب أن أحطم حياتكما بمجيئي لعمل.
استشاطَ غضباً و بدأ بالصراخ المنفعل: هل أنت بهذه الدرجة من الحماقة لتستنتجي هذا؟...ليست هناك حياةٌ مع تلك الفتاة ,أتفهمين؟..و هل استسلمتِ لكلمتين بسيطتينِ كهذه؟..كنتُ أظنكِ أكثر عزماً و إصراراً على مساعدتي.

نهضت لترتب بعض الملفاتِ المبعثرة على مكتبها: لم أقل أني سأتوقف عن مساعدتك..أنا أحاول أن أحل المشكلة بأسلوبي الخاص و سوف أبدأ به خارج نطاق هذا المركز التجاري,هذا كلُّ ما في الأمر .
فقد سيطرته على التفكير فحاول أن يدعها بجانبه بأيِّ حجةٍ واهية و أن يحول عن رحيلها المبكر: و ماذا عن علاجِ والدتك؟
" سأحصل على عملٍ كما حصلتُ على هذا"
" أنتِ لا تفهمين ما تتفوهينَ به"
" بل أعرف حقَّ المعرفة معنى ما أقوله"
" مستحيل أن تذهبي بهذه السهولة "
" هذا لصالحك ,يجب أن تعي ما أقصد"
" قلتُ لكِ لن تذهبي ,و أنا من يقرِّر ما هوَ الأفضلُ لي ..أفهمتِ؟"
" سأذهب "
" لن تذهبي"
" قلتُ سأذهب"
كانَ يعتلي الصراخ بالتدريج حتى باغت ميرنا سقوط ساي منهكاً يخرج أنفاسه و لا يكادُ يفعل : لن تذهبي ميرنا..لا يجب أن تذهبي الآن..
فزعت ميرنا و توجهت إليه بسرعة: سيدي!!
بقيَ ساي يتم حديثه: لن تتركيني الآن ...ليسَ منَ العدل أن تفعلي هذا بي.
لم تفهم ميرنا ما يجب أن تفعله و هوَ في هذا الوضع : حسناً, دعنا نتحدث عن هذا لاحقاً..هدئ من روعك.
بالكاد رفع بصره نحوها: يجب أن تبقي..أتفهمين؟..سأتوسل إليكِ لو أردتِ.
أتت له بالماء بسرعة و بدأت برشِّ القليل منه على وجهه: لا تكن عنيداً..ارتح الآن لنكمل بعدها....
صوت ارتطامه بالأرضِ ممدداً بتلك الحالة صدمها و أذهلها فهيَ لم تكن تنتظر وصول الأمر من مناقشةٍ هادئة لإغمائه مغمض الجفنين هكذا...
بدأت تضرب خديه بخفه علَّه يتحرك لكنَّ ذلك لم ينفع...
جرَّها الخوف إلى إخراجِ أي كلمة : انهض سيد شيوكي..سيد شيوكي أنا لن أذهب لأي مكان..أنا هنا سيدي...أتسمعني؟! قلتُ لن أذهب...
..................
حرَّك تلكَ الجفنين المغلقة ببطء ليدقق بعدَ لحظاتٍ من ظهورِ الضباب لصاحبة الصوت المغمورةِ فرحاً و هي ممسكةٌ بيده الباردة قليلاً: أخيراً استيقظت, أفزعتني سيد شيوكي!
أبعد يده عنها ليحاول الجلوس بصعوبة و هوَ ينظر لنفسه بإرهاق: أما كانَ من الأفضل أن تتركيني هناك و ترحلي قبلَ أن أستعيد وعيي و أُسمعكِ معارضتي مرَّةً أخرى؟
مدت ميرنا يديها نحوَ كتفيه لتمنعه: استرح قليلاً..ما هذه التصرفات الصبيانية التي تفعلها ,هناكَ وقتٌ طويل للحديث .
جال لزوايا المكان لثوانٍ بسيطة: أين نحن الآن؟
نهضت مبتعدة عنه لتخرج : في المشفى المجاور سيدي.
نظراته كانت تراقبها حتى في هذا المكان : إلى أين؟!
بادلته نظرةً خاطفة: سأعود بعد لحظات.
أغلقت الباب خلفها و توجهت ناحيةَ الاستقبال مخرجةً ورقةَ صغيرة من جيبها سائلةً عن الإذن باستخدامِ الهاتف... رفعت السماعة و ضغطت أزرار الرقم الذي أخذته خلسةً من هاتفه النقال....
أجابها صوت تلك الفتاة التي لم تكن قد نست إهانتها بعد:نعم.
قالت ميرنا: أهلا فيونيكا ,هذه أنا ..ميرنا.
ظهرَت بعضُ الحدَّةِ في الجواب: ماذا تريدين؟!
" في الحقيقة لقد وددتُ أن أخبركِ أنَّ حالة السيد شيوكي قد تدهورت نوعاً ما ..."
سمعت تلك المقاطعة المهاجمة قبل إغلاقِ الخط: لا أظن أنَّ هذا الرقم خاصٌّ بمشفى يا فتاة...و أنا لستُ ممرضته الخاصة .
أغلقت الهاتف هيَ الأخرى مهبطةً رأسها ( حقاً ,أشعر بالأسى لأجله...)
كانت تخطط للعودة لساي لولا أن وقف أمامها طبيبٌ في الثلاثين من عمره برسمية: هل أنتِ مرافقةَ السيد ساي شيوكي؟
أجابت بالإيجاب ليومئ لها بسبابته بالذهابِ خلفه: هناكَ موضوعٌ يجب أن أناقشه معكِ يا آنسة.
كانت تشعر بالاستياء نحو ما سيقوله الطبيب و يزداد استيائها و تشاؤمها المخيف بكلِّ خطوة تعلن الاقترابَ من مكتبه...
مكتبٌ متواضع نسبةً لمكتبها لكنَّ تنظيمه المرتب و نظافته يدل على حسنِ ترتيب الطبيب....
جلست ميرنا و الطبيب جلسَ على مقعده بيدين متشابكتين يوضح بعضَ الأمور: دعيني أتحدَّث معكِ بصراحة.
دقاتُ قلبها كانت تتسارع في هذه اللحظات فهذه الجملة كانت مقدِّمةً واضحة مازالت تدور في أذنها منذ ذلكَ اليوم المرير...
بدأت تدور الدنيا لتضاربِ كلماتٍ تنتظر سماعها وهيَ تحارب نفسها على صدقها ...
أجبرت نفسها على السؤال: ماذا هناك أيُّها الطبيب؟!!!
كان الجواب: للأسف ,هذا الفتى لا يهتم بنفسه بتاتاً و النتيجة أنَّه بدأ يتجه للأسوأ تدريجياً...هناك ضغطٌ عصبي شديد عليه و إن لم يسترخِ مدَّةً من الزمان فسيتأثر دماغه و قلبه أيضاً.
(الدماغ و القلب!!)
كان سينفجر حزنها المكبوت بسماعها كلمات الطبيب المفاجأة فهذا هو ما لم تود أن تسمعه مرَّةً أخرى...:و ماذا يجب أن أفعل؟
اقتلعَ الطبيب ورقةً من أوراقه المصفوفة جانباً مع قلمٍ أزرق ليكتب وصفته الطبية: يجب أن يبتعد_ و أؤكِّد على هذا_ يبتعد عن كلِّ ما يثيره أو يدعوا به إلى الغضب..كلُّ ما أستطيع فعله كتابة أدوية مهدئة كالعادة ليستمر عليها و هذا إن أصغى إلي لكن هذا ليس سوى علاج ثانوي فالعلاج الأساسي هوَ الابتعاد عن المشاكل.
يديها ترتعش بشدة..خوفاً..صدمةً أو غير ذلك من الأمور التي لا تدركها في الوقتِ الحالي و لا تفكر بها فهيَ الآن تحاول استيعاب الجمل التي تبادرت بأسماعها منذُ قليل..."قلب!"...سيعاني هذا الشاب ما تعانيه والدتها..!
شدت بيمناها على قميصها الأبيض بقوة و هي تردد تلك الكلمات القاسيةِ عليها...
ربما هيَ السبب...؟
ربما صراخها في وجهه بتلك الطريقة العفوية جرته لهذا...؟
ربما لو لم تتحدث معه بتلك اللهجةِ و الصرامة لما حدث هذا..؟
ربما عدم صبرها على إهانةِ تلكَ الفتاة المتعجرفة كان طريقاً ليوصله إلى هذا الطريق...؟
ربما تداولات تلك الفتاةِ الأنانية ستقوده لعواقب غير محمودة...؟
ربما وجود تلك الفتاة في حياته قد أوجد هذه العلة و السقم به منذُ البداية...؟
ربما اختيار والده لفيونيكا كان بدايةَ آلامه...؟
كانت تنبشُ بين أفكارها للخلفِ و الخلفِ لحظةً بلحظة و يوماً بيوم لتتوقف لدى نقطةٍ أساسية و مذنبٍ حقيقي خلفَ هذا الكابوس المريع....
تنهدت و ارتسمت ابتسامتها المعهودة قبلَ أن تمسكَ بمقبضِ الباب لألا تزيده مصيبةً على مصائبه....
فتحت الباب و أدخلت رأسها قبلَ جسدها:هل تأخرت؟
بدت على نظرته الراحة و هوَ ينظر لها و هيَ تدخل: ظننتكِ رحلتِ.
بدأت تتظاهر بالمرح في مشيتها مقتربةً منه: و ماذا ستفعل لو فعلتها و ذهبت؟
صمتَ لحظة ثم أجابها بهدوءٍ حزين: لم أكن لألومك..فأنتِ لستِ مكلَّفةٌ بي على كلِّ حال.
أبدت انزعاجاً طفيفاً : ما الذي تقوله؟...أيَّ شخصٍ ذو ضمير لن يتركك بتلك الحالة و يرحل ,و الآن خذ قسطاً من الراحة لتستعيد قواك و نشاطك .
التفت بوجهه للناحيةِ الأخرى و هو يتلفظ بهذه الكلمات : يبدوا إنَّ الطبيب ثرثر كعادته و أخبركِ عن حالتي الصحية... ألم يخبركِ لأيِّ مدىً ساءت حالتي؟
راوغت بعينيها بصمت ليفهم أنّه ليسَ على ما يرام بتاتاً...بالطبع, هذا لم يخفى عليه لكنه لم يتصوَّر أنَّ أوَّل من سيعلم عن علَّته هي هذه الفتاة....
رفعت الكيس الذي يحوي بعضَ الأدوية ليراها ساي بتعجب: كلُّ هذا لي أنا؟!
أجابته ميرنا: بل لي أنا..لا تكن سخيفاً و لا تحاول أن تتهرب من شربها فأنا سأراقبك جيِّداً.
أخذ نفساً عميقاً : طبيبٌ مبالغ و ممرضةً على المجان أيضاً.
رفع يده ليضعها فوقَ جبينه: أتمنى لو تأتي فيونيكا هنا...سأحس باهتمامها قليلاً على الأقل و سأبدأ بإقناع نفسي بخطأ تفكيري كما أفعل عادةً.
أدار عينيه نحوها: أليست من الحماقة التفكير بهذا الأسلوب؟
حاولت أن تعيدَ بعضَ الأملِ الذي تعرف أنَّ واهٍ: لا, فأنا أعتقد أنَّها كانت ستأتي لو علمت بأنَّك لستَ على ما يرام.
حاول الجلوس و ساعدته ميرنا على ذلك: كفاكِ مهزلة, فأنا أعلم أنَّها لن تأتي.
لم تتحدَّث أكثر في هذه اللحظة فهيَ تعلم أنَّها لن تتحمَّل و ستجهش بالبكاء إن نطقت بحرفٍ الآن....ما هذا الفتى؟!
لديه كلَّ شيء لكنَّه لم يرَ شيئاً من هذه الحياة...إنَّهُ كالطفل الذي يطلب منها حنانُ أم ٍّ و عطفَ أب ٍ و حبَّ شخصٍ صادق لا تشوبه طمع مال أو استغلالٍ لجاه....
كانت شاردة حتى أيقضها من شرودها يده التي أمسكت بيدها مرَّةً أخرى: لم أقصد إزعاجك ميرنا.
لم تجب بل جلست تنظر لعينيه الرءوفتين اللتين بدأتا تخففان عنها بدلاً من تخفيفها عنه...
أتمَّ ساي دونَ أن يعير اهتمامًا لصمتها: في هذه الفترة البسيطة كنتِ أنتِ دوائي ميرنا..كلماتك ِ كانت تهدئني و تجلب لي السكينة ....ابتسامتكِ تجلب لي الأمل و التفاؤل...لا أريدُ أن أفقدكِ الآن ميرنا...كيفَ لي أن أتخلى عن معنى وجودي بهذه البساطة..أرجوكِ افهمي هذا؟..على الأقل ليسَ الآن.
لم تكن تفكر بعواقب كلامها خاصةً و هيَ تنظر لعينيه المترجيتان : حسناً..لكن لا تسقط بهذا الأسلوب المفزع مرًّ أخرى.
جلا السرور قلبه و بان على أسلوب كلامه: أنا ممتنٌ لقراركِ هذا..لن تندمي.
توجهت ميرنا لهدفٍ آخر بعدَ أن استولى ساي على جزءٍ ليسَ بسيط من قلبها ,فهذا الهدف يعني إسعاده و إخراجه إلى صفحةِ حياةٍ جديدة يستحقها .. و هذا يستدعي إصلاحِ فيونيكا و تغيير أساسياتِ فكرها فمعَ كلِّ هذا, تمنيه لوجودها هنا و لو للحظات يجعلها تفكر أنَّه يحبها و لكن لا يستطيع التأقلم مع سلوكياتها....
ستفعل ميرنا أيَّ شيء لترسم ابتسامةً الرضا على شفتيه ,ابتسامة ٌ تُذهب الحزن الطاغي على عينيه.....

قراءة ممتعة،،،،،،



[/align][/cell][/tabletext][/align]




yuky 05-28-2016 11:25 PM

شكرا لكي يا عزيزتي البارت رائع كالعادة ارجو ان ننزلي البارت القادم سريعا

Snow. 05-29-2016 12:00 AM

حجز

اون شان. 05-29-2016 03:14 AM

السﻻم عليكم ورحمه الله وبركاته
كيف حالك ... ان شاء الله بخير وصحه
وعافية وحالتك عال العال
اشكرك عزيزتي على ارسال الدعوة
استمتعت كثيرا وانا انقل عيناي من سطر ل اخر
احببت اسلوبك كثيرا فهو مدهش بل خرافي جعلني هذا
وكاني في داخل روايتك وساعدني وصفك كثيرا على تخيل
اﻻمور بعد تفكير شعرت باحساس بان تلك فرينكا سوف تحب
هاجي ﻻاعلم لماذا كم احببت طرافه موقف ساي وهاجي
وعراكهما اللطيف ياااااااااي اشعرني هذا بالحماس القاتل
مااااااااذااااا اقترب الموت اعني زفاف ساي فؤادي تحطم
المسكين ماالذي سيحدث ساقتل والد ساي وينتهي الموضوع
ولكن رغبه بالحديث مع ميرنا لتريح قلبه اشعرنتي بنفسي
المهمم ذهابهم لمدينة المﻻهي كان رائع لعبهم وبرائتها ياااااي
ميرنا كم أحببت شخصيتها وخاصه العراك بينهما هههههه
وحين بدء ساي بالحديث عن معاناته حسنا لن اكذب وأقول
لم ابكي فقد دمعت عيناي المسكين يعاني من مرض باعصابه
حسنا اندمجت بالمواقف كثيرا وحين امسكت بيده وهو اكتفي
بالكسل وحين سقطت سقط قلبي معها ايضا حسنا وبدات
بانزال الفصل ولكن النهاية
ﻻاااااااااااااااااااااااااا
ايها العالم القاسي
ارجوكي عزيزتي ﻻتنسئ ارسال الرابط ابدا
واﻻ سوف اشتعل غيظا
المهم عزيزتي هناك انتقاد واحد ﻻغير
ﻻحظت تكتبن باﻻلوان حولت بالصفر وارجو ان
ﻻتكتبي بالالوان الفاتحه لو سمحتي
واعذريني اذا ازعجتك
اتركك في رعاية الرحمن
في امان الله

اميره الدجي 05-29-2016 04:33 AM

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اهلا عزيزتي انا متابعه جديده للروايه
قراتها فاعجبتني
عشت معها فعايشتني
كنت معهم في الاحزان
كم احزنني طبع فيونيكا
ان تحب المال فقط ان تحتقر ميرنا
وكم احببت شخصيه ميرنا ومرحها الذي يقلب اجواء الحزن الي. فرح
وساي انه شخصيه مكسوره
ولاكن لقد وقع لحبها بسرعه
لا اعرف كيف اعبر عن شعوري
لا تنسيني من رابط البارت القادم عسا ان اكون متابعه وفيه لك
ولكن اخر ما اتمناه لك عمر طويل

وردة المـودة 05-29-2016 11:23 AM

سلام yuky..حسنا..
قليلا فقط و سيكون بيدك...

قراءة ممتعة كاراملا...


عليكم السلام اون شان...

واو...فيونيكا تحب هاجي... قد يكون و قد لايكون...شدني هذا التوقع..
و على انتقادك...حسنا سأراعي...


عليكم السلام و الرحمة اميرة...

يسرني أن تنظمي لقائمة المتابعين..


شكرا لإخلاصك مقدما

وردة المـودة 05-29-2016 11:27 AM

[align=center][tabletext="width:70%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451093973761.png');"][cell="filter:;"]http://up.arabseyes.com/uploads2013/...0861613081.png

http://up.arabseyes.com/uploads2013/...0861617973.png
البارت الخامس


توجهت ميرنا لهدفٍ آخر بعدَ أن استولى ساي على جزءٍ ليسَ ببسيط من قلبها فهذا الهدف يعني إسعاده و إخراجه إلى صفحةِ حياةٍ جديدة يستحقها و هذا يستدعي إصلاحِ فيونيكا و تغيير أساسياتِ فكرها فمعَ كلِّ هذا تمنيه لوجودها هنا و لو للحظات يجعلها تفكر أنَّه يحبها و لكن لا يستطيع التأقلم مع سلوكياتها....
ستفعل ميرنا أيَّ شيء لترسم ابتسامةً الرضا على شفتيه ,ابتسامة ٌ تُذهب الحزن الطاغي على عينيه.....
دخلَ الطبيب في تلك اللحظات قائلاً: يبدوا أنَّ مريضنا بخيرٍ الآن.
ساي و قد علاهُ التذمر: ما بالك مايك؟...هل تريدُ التخلص مني بأدويتك الغريبةَ هذه؟ أنتَ طبيبٌ مبالغ.
علته البسمة التي لم تمحوا ملامحه الشبه باردة: حقاً تبدوا بخير؟و ماذا تنتظر مني حين تتجاهل كلامي ساي؟..هل تنتظر كلمات الثناء التي سأسقطها فوق رأسك و أقول لك أحسنتَ عملاً بإهمال صحتك؟
ساي: على الأقل راعيت وجود هذه الفتاة معي و تكلَّمت معي مباشرة عوضَ أن تتحدَّث معها.
رفع الطبيب كتفيه: أنظري له...يحاول أن يلومني بأيِّ شكل..
أتمَّ و هو يوجه كلامه لساي : ألا تخجل من نفسك تتصرَّف كالأطفال؟...على الأقل تظاهر بالرجولة أمام مخطوبتك.
أحسَّت ميرنا بحرارةٍ مفاجأة في داخلها لكنَّها لم تجب ...
نظر لها ساي بضحكةٍ خفيفة: ما الذي تتفوه به..؟ لقد أحرجتها..إنَّها ليست مخطوبتي مايك ,إنَّها تعمل لدي كنائبة في المتجر.
مايك : آسف يا آنسة..فأنا لم أرَ مخطوبته من قبل فأشتبه عليَّ الأمر.
أجابته بتقبُّلٍ واضح: لا بأس..إنَّه ليسَ بالأمرِ المهم...لكنَّ هذا غريب فكما يبدوا أنتما على معرفةٍ جيِّدة.
أجابها ساي الذي نهضَ من ذلكَ السرير: ما شرفنا بهذه المعرفة حالتي هذه فأنا هنا كلَّ أسبوعٍ تقريباً.
أتمَّ الطبيب بأسلوبه: لذا يجب أن أعطيه علاجاً مضاعفاً لألاَّ يعود و يزعجني مرَّةً أخرى.
ساي: تتحدّّث و كأني مسرور بالمجيء لحضرتك .
الطبيب بنوعٍ من الحدة: كفَّ عن العبثِ ساي..حالتكَ خطرة بالفعلِ منذُ الآن ,يجب أن تأخذ هذا على محملِ الجد..أقول هذا كطبيب و ليْسَ كصديقٍ يستعطفُ على حالك.
ساي: حسناً ,حسناً..وصلت المعلومة.
ميرنا مستفسرة: و هل يجب على السيد شيوكي البقاء هنا؟
اختفت تلك الجدية و الرسمية الباردة بضحكةٍ عالية: سيد شيوكي..لحظة ,هل أنتِ جادة بمناداته بهذا الشكل الرسمي؟ لم أتصوَّر أنَّك ذو أهمية ساي.
ساي أضيقَ عينيه ببعضِ الاغتياظ : و ماذا في هذا؟..الجميعُ في المركز التجاري يناديني بهذا الاسم.
مايك بسخرية: لا تكذب عليَّ فأنا أرى عملائك ينادونكَ سيد ساي لا غير.
بقيَ ساي صامتاً مع انزعاجٍ واضح عليه... أوقفَ مايك نفسه عن الضحك: عفواً لم أقصد الإهانة ,إنَّما الأمرُ غريبٌ نوعاً ما فعندما تقول سيد شيوكي يتبادر للجميع والد ساي و ليس هو بالذات.
أعادت ميرنا سؤالها بتجاهل: هل يحتاج السيد شيوكي للبقاء في المشفى سيد مايك؟
أجابها بهزل: ألا ترين أنّهُ يستطيع القفز كالحصان؟..لا داعي لبقائه .
توجهت بنظرةٍ مزجتها ببسمةٍ خفيفة نحو ساي ليبادلها هو النظرةَ ذاتها قائلاً: أرأيتِ, كلَّ شيءٍ بخير؟


......نهاية دوام العمل......
أتَمَّت ميرنا عملها لليوم و اتجهت نحوَ السيد شيوكي لترى إن كانَ لديه أمرٌ ما و لكنَّ هذه ليست سوى حجة لتطمئن عليه...
" هل تأمرني بشيء سيدي؟"
أجابها بوضوحٍ جوهري أذهب عنها قلقها: لا..ليسَ هناك شيء..تستطيعينَ الذهاب.
رفعت ميرنا حقيبتها الفيروزيةِ ِ التي في يدها لتضعها فوق كتفها: إذاً..أراكَ لاحقاً.
أوقفها ساي للحظة: ألا تمانعين بإيصالك؟
صمتت للتفكير لحظات...لكن ساي قطعها بقوله: كشكرٍ لما فعلته لهذا اليوم لي.
أجابته بابتسامة: حسناً ,لكن...
نهضَ آخذاً معطفه: لكن ماذا؟
ابتعدت لتفسح مكاناً بجانبها له: لكن لا تأخذني لمدينةَ ملاهٍ اليوم.
جعلَ يده تستقر خلفَ رأسه: لن أفعل..فأنا أحسُّ ببعضِ الراحة.
بدأت تخطوا مع خطواته: و ما سبب هذه الراحة بينَ ما حدث اليوم؟!
أخذته بسمةٌ خفيفة و هو يقول: لقد أغضبتها قليلاً..أراحني هذا.
حرَّكت رأسها مستنكرة: مسكينةٌ فيونيكا.
.......................
ترجلت ميرنا و حركت رأسها بامتنان: شكراً لك .
أجابها بلطفٍ و ملامحُ خالية من صرامةِ المدراء...ملامحُ مختلفة لفتىً عادي في أوائلِ الشباب: أراكِ غداً..لا تتأخري.
رفعت يدها على حدِّ النافذة المفتوح: لا أتقبَّل الأوامر خارج نطاق العمل سيدي..فلا يهم لو تأخرت قليلاً.
استغلَّ ساي الفرصة لمحو صورة المدير في ذهنها و خلق علاقةٍ خارجية عن العمل و الأوامر: إذاً ميرنا..هللا أقلعتِ عن مناداتي بهذا النحو أيضاً.
باتت تُحدِّقُ به مستوعبةً للتو أنَّها سمعته يلفظ هذا لاسم بهذه الراحة عدَّةَ مرات...كانت للتو تتذكر أنَّه ناداها بالاسم و أحسَّت بشعورٍ غريبٍ في داخلها كما لو أنَّ حواجز عديدة بدأت بالاضمحلالِ بينهما..أحسَّت أنَّهما اقتربا من بعضهما البعض بمئات الخطواتِ الطويلة و هذا لم يكن مزعجاً بل العكس كان يُشعرها براحةٍ مؤنسة بشكلٍ عجيب...
ظهرَ صوتُ الشاب المقترب منهما ببعضِ الهزل و السخرية في أسلوبه: تبدوا متأقلماً معها ساي..لم أتصوَّر أنَّ أختي جيدة في خطفِ قلبِ فتىً ثري مثلك...أ أنتَ أبلهٌ لهذه الدرجة؟
اعتراها الغضب من بدايةِ أخيها هذه: ما هذا هاجي؟!
بدا على ساي الاستنكار في إجابته متهرباً: مرحباً..لقد أوصلتها فقط..لا ضير ,أليسَ كذلك؟
لم يكن هاجي مهتماً لانزعاجهما بل أتم بالأسلوبِ ذاته: لا بأس ,فليسَ من عادتي أن أتدخل في حياتها الخاصة...فأنا أعرف شبابَ هذه الأيام جيداً و كيفَ أنَّهم يفضلونَ البقاءِ معاً ...أنتَ تفهمُ ساي.
صرخت ميرنا صرخةً ثائرة في وجه أخيها و حمرةِ خجلها كانت واضحة لكلٍّ من ساي و هاجي: هاجي, سأقتلك..انتظر فقط.
ابتسم هاجي متماً: أرأيت؟..هذه هيَ حقيقةُ الفتاةِ التي تقفُ أمامك ,كالبركانِ الثائر الذي ينفجر بأيِّ آن...نصيحةٌ مني, لا توقع نفسكَ معها.
ميرنا تشدُّ على حقيبتها الفيروزية: أقسم أنَّكَ ستكون منصهراً بعدَ لحظات.
كانا مندمجين بالشجار حتى أوقفهم سماعِ ضحكةِ ساي التي شعرت بها ميرنا كأوَّلِ ضحكةٍ تسمعها من أعماقِ قلبه...
نظرَ هاجي و ميرنا له بثوانٍ من الصمت لتعتلي أصوات ضحكاتهم المجاريةِ له.....
نظرَ لهما ساي براحةٍ عابرةٍ على قلبه: تبدوانِ لطيفين.
وجَّه هاجي نظرة لأخته بمباشرتها وجهاً لوجه: ألم تعرضي عليه الدخولِ ميرنا؟
أشاحت بوجهها عنه بانزعاجٍ لم ينمحي بعد: لا ,لم أفعل.
قالَ معاتباً: ظننتكِ كبرتِ و تعرفين التصرُّف مع الآخرين.
أجابته بتأوه: يبدوا أنَّك متتوِّقٌ للجدالِ هذه الليلة.
أدار ساي مفتاحَ المحرك ليتحرَّك ذاهباً: أنا ذاهبٌ على كلِّ حال فلا تتعب نفسك.
اتجه هاجي ناحية ساي و فتح الباب ليجر يده: مستحيلٌ أن أدعك تذهب بهذه السهولة أيُّها الصغير.
حاول ساي أن يجيب بكلماته المتقاطعة: لـ..كنـ...
حاولت ميرنا تشجيعه أيضاً: لا ترفض سيد شيوكي ,لن يضرُّكَ الجلوس في بيتٍ عتيق لليلةٍ واحدة.
سماعُ هذا جعله يظهر بعضَ الانفعال: لم أقصد هذاـ..
.....................
منزلٌ ظاهرٌ عليه التواضع و بساطةِ المعيشة أوَّله ممرٌّ ضيق خلفَ بابِ الدخول و بعدها الغرفة الصغيرة التي بالكادِ حوَت أساسياتِ المعيشة التي تبدي حالتهم السيئة....
جلسَ ساي على تلكَ الأرضِ الخشبية القديمة دونَ تعليق لكنَّه أحسَّ بغربةٍ بين ثنايا البيتِ الذي تطأه قدمه لأوَّلِ مرَّة....
اعتلى صوت هاجي قليلاً: أمي, هناكَ ضيفٌ اليوم.
لحظاتٌ مضت قبلَ دخولِ تلكَ المرأةِ الهزيلة الشاحبة الواضحِ عليها سيماءِ المرض لتجلس قرباً منه...
أحسَّ بهالةِ عطفٍ و حنانٍ لا متناهيين منها ...عطفٍ و حنان لم يتسنى له أن يتخيَّله من قبل ...
رنَّ صوتها الدافئ في أذنه: أهلاً بك.
انتابهُ الخجل نوعاً ما من هذه المرأةِ الغريبة و طأطأ رأسه مجيباً: مرحباً سيدتي, تسرني رأيتك.
أجابته بأريحيةٍ وصوتٍ هادئ يظهرُ منه التعب و الإرهاقِ الشديدين: تبدوا شاباً لطيفاً ,هل أنتَ صديقُ هاجي؟
منعه حياءه منها و توتره من الإجابة عليها كطفلٍ جالسٌُ على ركبتيه أمام غريب فأجابت ميرنا بمرحٍ لتهيئ له أجواء المكانِ الجديد: إنَّه السيد شيوكي الذي أخبرتكِ عنه أمي.
علت ملامحها الدافئة بسمةً خفيفة و هي تنظر له لترتكز هذه البسمة في ذهنه لتُخرجه من قفصِ الجسد لحظات يطير بروحه كالطائرِ من شدَّةِ سروره.... حينَها قالت: إذاً أنتَ مدير ميرنا, لم أتصوَّر أنَّكَ صغير السن هكذا!
انتقى الكلماتِ التي تبدي أدبه و احترامه: لقد أخبرتُ الآنسة ميرنا أنني وصلتُ لهذا العمل عن طريقِ والدي و مساندته.
لا يخفى أنَّه ينتظر كلماتها القادمة بفارغِ الصبر و لم يكن انتظاره طويلاً حينَ قالت: على ما يبدوا,إنَّ والدك يهتمُّ بكَ كثيراً.
كانت ميرنا تنتظر مراوغةً واضحة منه لتتمها هي بالابتعادِ عن هذا المنحنى المزعج..فهو على ما يبدوا لا يحب التحدث عن والده كثيراً...
لكنه لم يظهر ردَّةَ فعل بل أجاب مع عدم قناعةٍ في نفسه و خجلٍ ظاهر في تصرفاته: تستطيعين قولَ هذا.
ضحكت ميرنا ضحكةً خفيفة شدَّت نظر ساي و الأم لها فقالت له بابتسامةٍ ساخرة: لم أكن أظن أنَّك خجول.
بدا عليه التوتر محاولاً الإنكار رغم وضوح الأمر للجميع: أنـ..أنا...
أشار هاجي له ساخراً: عفواً, أكلت لسانه القطة.
ميرنا: لو كنتُ أعلم أني سأراك بهذا الشكل لكنتُ أتيتُ بك في وقتٍ أبكر.
لم ينزعج بل شعر و كأنَّ هذا الخجل يعني الألفة َ الروحية التي لم يحس بها من قبل ,لكن شعرَ بالراحة حين رأى تلكَ المرأة تدافع عنه معاتبةً طفليها: كفا عن الاستهزاءِ به...من الطبيعي أن لا يألف الجلوس هنا من الدقائق الأولى...قليلٌ من الوقت و سيكون بخير ..
تاحت لعينيها بالنظر له مرَّةً أخرى: أليسَ كذلك؟
وضعَ يده خلف رأسه مبتسما ليجيبها باختصار: أجل ,بالطبع.
هاجي و هو لا زال ساخراً: و كأنَّكَ فتاةٌ تمت خطبتها ساي...
نظرت الأم بحدَّة لاينها ليتوقف فوراً بالعاً ريقه معتذراً: حسناً...أظن أنني آسفـ..حقّاً.
مرَّ وقتٌ قصير مع حديثٍ متوالٍ جعله يتخلَّص من شعوره بالغربة و يدرك الكثير من الأمور التي لم يدركها من قبل..شجارِ الأخوة..حنان الأم و عطفها الذي لا يعوَّض..دفء الأسرة..اجتماعُ عائلة...
عيناهُ كانت تدورُ لهم لتستوعب هذه المفاهيم الغريبة التي لم تمر عليه طيلة ال19عاماً التي عاشها....
نهضت الأم لطبخِ العشاءِ بعدَ فترة و معها ابنتها لتساعدها و هاجي أخذَ ساي لغرفته و أجلسه على سريره الذي يكادُ أن يتهدم بأيَّةِ لحظة من عدم ثباته و كثرةِ تصدعاتِ خشبه القديم....
تأمَّل ساي صوتَ الأرضيةِ المزعج و النوافذِ النصف متكسرة قبلَ أن يجلس لكن مع ذلك قال جملته المبينة لرؤيته السعادة في هذا البيت الصغير: أغبطك على هذه الأسرة هاجي.
جلسَ هوَ الآخر مرتسماً ابتسامته بسماعِ ذلك و قال بصوتٍ فتىً يُظهر النضج و التفهم: أعلم هذا..أنا أعترف أني محظوظ بامتلاك عائلةٍ رائعة.
كانَ ينظر ساي له و هو يتحدث فلو كانت ميرنا من سمعت قوله لأبدت رأياً آخر بتاتاً....
لاحظ هاجي نظراته الغريبة: ماذا؟
" أختكَ مختلفةٌ عنكَ تماماً."
" مثلُ ماذا؟"
"كلُّ شيء ,أقصد..الآراء و طريقةُ التفكير...الشكل و الطباع.."
ضيَّقَ عينيه ليتم بجدية: لا أؤيدك بكلِّ شيء فتفكيرها مقاربٌ لتفكيري كثيراً إلاَّ أنَّها فتاة و تظهر مخاوفها بسرعة...فالآن مثلاً هي تخافُ دوماً من عدم إجراء عمليَّةِ القلب لأمها في الوقتِ المناسب.
ظهرت نبرةُ الاستغرابِ و الدهشة بين طياتِ لسانه: قلب..!
تأوه للحظة: أجل...لذا فهيَ ليست مثلي تسيطر على نفسها بإظهار العقلانية فتراها دائماً ما تعود لنقطة واحدة و هي الحصول على النقود..لو كانَ لديها النقودـ..
قاطعه للحظة بغضب دفين: هذه هيَ النظرةُ الخاطئة..النقود لا تحل المعضلات...من الحماقة الاعتقادُ بهذا.
أجابه بكلمةً وافية لفهمه: أوافقك.
نهضَ هاجي و بدأ يتحرك في تلكَ الغرفة ليجلس على الأرضيةِ الخاوية من أيِّ بساطٍ بسيط : لا أستطيع تفهم تفكيرها..لا أعلم ربَّما لأني لستُ أخيها الحقيقي.
لحظةُ صمت لتعلن استيعابه للموضوع: لستَ أخيها..!!
أجابه بحزنٍ واضح بينَ ثنايا عينيه: أنا ابن خالتها..لقد توفي والداي و أنا في السادسة من العمر و لذا فقد أخذتني خالتي لرعايتي تحت كنفها ..إنَّها رائعة بالفعل فرغم وضعهم السيئ لم تحاول التفريق بيني و بين ابنتها بأبسطِ شيء حتى لم أشعر للحظة بلوعةِ اليتم...
ظهرت نبرةِ الحزن و التأوه بشكلٍ أقوى في تتمة حديثه بعد صمت: لكن أنا لم أكن فتىً يستحق كل هذا العناء و لم أستطع حتى أن أجمع النقود لعمليتها الجراحية أو أن أكون جليساً جيدا لميرنا.
كان ساي صامتاً يرى في نفسه الكأس الذي يجب أن يحمل همَّ غيره الآن ليهدئه و هاجي نهض عائداً ناحيته بنظرةٍ و ملامح خاليةٍ من المرح أو المزاح و اضطجع على سريره : أتعلم...إنَّ مشكلتي هيَ ميرنا.
حاول ساي إبقاء ملامحه الباردة رغم اضطراب داخله: ميرنا!
كان هاجي يحرِّك بؤبؤتيه بعدمِ ثبات و استقرار: إنَّها لطيفة حقاَّ.
ركَّزَ نظره بعيني ساي : أتعرف؟..كلَّما تتحدَّث تشدني للإصغاءِ لها دون ملل من الاستماع لحديثها و صوتها و بسمتها الخفيفة التي ترتسمها في العادة تجعلني أنسى همومي .
كان ساي يشعر بغيظٍ شديد و شعلةِ غضبٍ مديد: و ماذا؟
لاحظ هاجي تغيراً طفيفاً على ملامحه فجلس ليباشره وجهاً لوجه: ألا تخشى أن أسلبها منك ساي؟
ساي بحدة واضحة في حديثه: لا أظن أنَّ لي علاقةٌ بالأمر...فأنا لديَّ من يشغل تفكيري منذ مدَّةٍ طويلة.
أخذ هاجي نفساً ليبدي الارتياح: ظننتُ أن لدي رقيبٌ في حبِّها..كم كنتُ أبله .
ساي ما زال بحدَّته: أبله لتتكلَّم دونَ علم.
نظر له نظرةً جادة: دونَ علم!!..و هل رأيتَ تصرفاتكَ أيُّها الفتى؟!و كأنَّكَ مفتونٌ بها..أخبرني..إن لم يكن ذلكَ لحب إذاً فلماذا....؟
قاطعه ساي ناهضاً من مكانه: آسف, أود الخروج قليلاً.
قال هاجي: يجب عليَّ أن أعرف الحقيقة...أنا لا أريدُ أن أفقد من أراها معنى وجودي, أتفهم؟
جملةٌ جعلته يكاد يفقدُ صبره فمشى خطواتٍ و أمسك مقبض باب الغرفة لكن أوقفه هاجي بنهوضه قائلاً بابتسامة: ما بك يا رجل...؟! لا تغضب .
ساي: لمَ يجب عليَّ أن أغضب..قلتُ لكَ أن لا علاقةَ لي بالأمر.
خرج ساي تاركاً خلفه هاجي الذي استند على الحائط الأيسر: ليسَ مقنعاً...
....................
كان ساي يودُّ الخروج من المنزل و ليس تلك الغرفةِ فقط فذلكَ الحديث لم يرقه أبداً...ازدادَ استيائه لهذا الفتى الذي باتَ يعرف أنَّه ليسَ أخ ميرنا بل عشيقاً قريباً منها...لكن لماذا هذا الانزعاج فهي لا تمته بصلة على كلِّ حال...
"أه..من الجيد رأيتك, هل تستطيع إخبار هاجي أن الطعام أصبح جاهزاً؟"
تلكَ كانت الأم التي أوقفت جسده بصوتها...كانَ يريدُ المعارضة و عدم العودة لذلك الشاب لكنه لا يعلم سبب عدم تمكنه من ذلك...و كأنَّه أصبح خارجاً عن سيطرةِ نفسه حينَ رآها أمامه...كلُّ شيء سينفذ لأجلها..و بسهولة...لكن سرُّ هذا الحب الساري في قلبه لهذه الدرجة لم يكن معروفاً له...لكنَّه أجاب مطيعاً: بالطبع.
عادَ الجميع لغرفةِ الجلوس ملتماً بجلسةٍ متواضعة حولَ الطعامِ البسيط الذي لم يكن سوى حساءَ احتوى بعضَ الخضار و سلطةٍ موزعة في عدَّةِ أطباق....
لم يُبعد ساي عينيه عن تلك الأطباق إلاَّ حين قالت ميرنا بخجلٍ و إحراج: آسفة ,نحنُ لا نملك أفضل من هذا سيد شيوكي.
أجرى بسمةً خفيفة على شفتيه: ليسَ مهماً..لا تهتمي لهذا الأمرِ البسيط.
كانَ بالفعل يعني ما نطق به لسانه فهو كان ينظر لدفءٍ كانَ سيذوقه بعد لحظات في لقيماتٍ من هذا الطعام...
بدأ هاجي بالسخرية: مؤدَّبٌ للغاية..
أتمت الأم وضعَ الأطباق و جلست بجانب ساي الذي امتلئ سروراً و توتراً و هي تقول لابنها: ألن تتوقف عن هذا هاجي؟
ساي: لا بأس, إنَّه لا يزعجني.
وضعت طبقه أمامه: لكنه يزعجني,فأنا لا أحبُّ أن يسخر أحد من ضيفٍ دخل باب منزلي.
كانَ ذلكَ الطعام ألذُّ طعامٍ تذوقه على البسيطة ..ممزوج بحبٍ و دفٍ أموي ...حلمٌ يتمنى لو يدوم لأبدِ الدهر...إنَّه مستعد ببيعِ كلِّ ما يملكه و أكثر للحصول على هذه اللحظة...
كسر ساي صمته: لذيذ.
ابتسمت و هي تجيبه: سعيدةٌ لأنَّهُ راقك بني..كل كما تشاء فهناك المزيد أيضاً.
قالت للتو(بني!)...يا لها من لحظة..كيفَ له أن يتناسى هذه الجملةِ التي سمعها بعد طولِ انتظار, بدأ يأكل و يمني نفسه بسماع هذه الكلمة العظيمة بالنسبةِ له مرةً أخرى....
جمعَ ساي جلَّ شجاعته قائلاً: عفواً سيدتي..لم أتشرَّف حتى الآن بمعرفةِ اسمك.
"مادونا و لكن نادني كما تريد"
بدأ الأخوان يتهامسان و يضحكان بصوتٍ خفيف و ما كانَ يدور بينهما...
هاجي يهمس في أذن ميرنا: هل يتحدَّث بهذه اللباقة معكِ ميرنا؟
أجابته: معي!!..تمزح من المستحيل أن يفعل ذلك ..لكنَّه جيد بالتلاعب بالكلمات بل ماهر بذلك.
قال لها: هل يتلاعب بالكلمات مع أمي إذاً؟
أجابته بابتسامةٍ ساخرة: لا أظن فوجهه كالطماطم كما أرى.
انتبهت مادونا لابنيها: هل بدأتم بأحاديثَ تافهة مرَّةً أخرى..؟
مدَّ هاجي طبقه الفارغ مراوغاً: لا..أريدُ المزيد أمي.
وجهت مادونا الكلام لابنتها: إذاَ ميرنا قومي أنتِ بهذا.
احتجاجٌ واضح في نبرةِ كلامها: لماذا أنا؟ ألا يستطيع فعل ذلك بنفسه؟أنا لست بخادمته..
ضرب بطبقه على الأرض: و من قال أني أحتاجُ لفتاةٍ مثلك؟
ميرنا بحدة: ماذا لو أرحتنا ببقائك في أستراليا أيها الغبي؟
(إنَّهما مندمجين مع بعضهما البعض...)
قاطعت ميرنا فكره الذي ذهب بعيداً و هو ينظر لهما: ما بكَ سيدي؟ هل هناكَ خطبٌ ما؟!
أجابها بتحريك رأسه نافياً: لا شيء.
حاولت مادونا فتح باب الحديث معه: لم تحدثنا عن نفسك و عائلتك ساي.
أخرج ساي تنهداً ضعيفاً لم يلحظه غير ميرنا التي لم يخفى انكسارها لأجله فأجابت فوراً: و ما الذي تتوقعينه أمي؟..عائلةٌ غنية و مترفة لا تشكو من مشاكل كفقراءٍ مثلنا.
ودَّ ساي أن يجيبها من كلِّ قلبه لكنه توقف......

..........بعدَ العشاء........
جلسَ ساي بجانبٍ منعزل ينظر لميرنا التي أتت بكتبها المدرسية لتحل فروضها مستعينةً بهاجي الجامعي....
كان يحترق ساي من الداخل و هوَ يرى تفاوتَ حياته و حياةِ هاجي الذي يبتسم بسعادة مع ميرنا لكنَّه لم يكن يتمنى زوال هذا الشعور من هذين الاثنين بل كان يتمنى لهما السعادة رغم حزنه....
كانت مادونا جالسة قريباً منه تحيك بخيطين ثخينين أحدهما أبيض و الآخر رمادي: لم أكن أعتقد أنَّ حسائي سيعجب فتىً مترفٍ مثلك.
كانت أعصابه تسترخي كلَّما نطقت مادونا ببعضِ الحروف: أقولها بصدق ,لم أتذوق ألذ من هذا الحساء من قبل.
أبعد هاجي عينيه عن كتاب ميرنا رافعاً رأسه: بالطبع, ليسَ هناك ألذُّ من طعام أمي.. أليسَ كذلك ميرنا؟
أجابته و هيَ منهمكة في دروسها: أوافقكَ الرأي.
ابتسمت مادونا بلطف و هي تقول: جميعُ الأبناء يرونَ طبخَ أمهاتهم أفضل من طبخ الباقي من الناس..ألا ترى أنَّ طبخَ أمِّكَ الأفضل ساي؟
اصفرَّ لون ميرنا و هيَ تنظر له يقول بحزن: لا أعلم..فأنا لم أتذوق طعمَ طهيها منذ طفولتي و لا أذكرها...لقد توفيت أمي مذ كنتُ طفلاً.
أنزلت مادونا يديها لتدع الخيط يمشي على الأرض و هيَ تنظر له بعطف: لابدَّ أنَّك تفتقدها كثيراً...
مدت يمناها نحو وجنته اليسرى لتحركها بحنانٍ لا متناهٍ نحوه خاصة: لا بأس بني..اعتبرني والدتك و نادني كأمِّكَ أيضاً...سأكون سعيدة بأن يكون لي ابنٌ رائعٌ مثلك.
نقصٌ واضح قد بانَ في حياته...
واضحٌ أكثر من أيِّ وقتٍ آخر....
هذه اليد التي تتحرَّك عطفاً قد أخرجت هذا النقص بحلَّته الحقيقية....
تخدَّر جسده للحظات و دموعه كانت ستجاري يدها النازلة لكنَّه سرعان ما نهضَ قائلاً ببرود: آسف ,لقد تأخرت كثيراً..يجب عليَّ الذهاب الآن.
لم تتصوَّر ميرنا استياءه لهذه الدرجة فتركت كتابها فوراً:أينَ أنتَ ذاهبٌ بهذه السرعة؟!
بدأ هاجي بحديثه الفارغ الذي يزيد تحطمَ أعصابه: هل ستشتاقين له بهذه السرعة؟..لا تستعجلي كلَّ هذا الشوق ميرنا...فهو لن يغيب سوى ساعاتٍ حتى الغد.
توجه نحو المخرج قائلاً بجفافٍ واضح: لديَّ بعض الأعمال التي لم أتمَّها.
نهضت ميرنا خلفه لتودعه...
كانت تقف بجانبه خارج المنزل: هل أزعجك ما قالته أمِّي؟
تقدَّم ساي نحو سيارته المركونة قريباً: لم تقل شيئاً مزعجاً.
وقفت ميرنا أمام سيارته البيضاء قائلة : لماذا خرجت من فوركَ إذاً؟
لمحها بنظرةٍ جدية للحظة: قلتُ السبب, و لا أظنُّ أنِّي مكلَّفٌ بالتوضيح لك..ابتعدي فقط.
كانت تخشى الجدال معه و خاصَّةً بعد ما حصلَ في هذا اليوم فابتعدت : حسناً إذاً..أراكَ لاحقاً.
ركب ساي السيارة و حرَّكها قليلاً: أرى أن عليكِ الدخول الآن؟
ابتعدت ميرنا أكثر: تصبح على خير.
جوابٌ بارد طرأ على مسامعها كبرود الثلج: و أنتِ.
قالت له جملتها الأخيرة قبل أن تدخل: انتبه لنفسك.
ابتعد فوراً دونَ أن يزيد في كلامه أكثر...
ربما كانَ هذا الابتعاد على أمل الابتعاد عن النقص الذي طالما شعر به في داخله....
ربما كان هروباً من اللحظاتِ التي لن يحصل عليها مهما حصل...
و ربما هروباً من أمانٍ زائف..و مشاعره المتأججة التي لا يعرف سبباً لها و لا مستقراً...


........اليوم التالي.......
صوتُ ارتطام شيءٍ خفيف على الطاولة شدَّه لرفع عينيه ليرى صندوقَ طعامٍ صغير قد وُضع من قبل ميرنا....
"ما هذا؟"
أدارت جسدها و جلست على مقعدٍ هناك: من أمي ,أظن أنَّها سترسل لك وجبةً يومية منذ اليوم.
"تبا"
هيَ الكلمة الوحيدة التي طرأت على مسامعها لتعرف انزعاجه فلم تخفي تعجبها من ذلك: ما بك؟..لقد قالت أمي أنَّ هذا كاعتذارٍ لإزعاجك البارحة.
أجابها ببرود: أبلغيها شكري و أخبريها أن لا داعي أن تجهد نفسها .
حركت ميرنا بؤبؤيها يميناً قليلاً: لا أعرف ما الذي يزعجك سيد شيوكي؟!
قال بحدةٍ خفيفة: أتودينَ أن تعرفي ما بي ؟..حسناً سأخبرك ,كلُّ ما هنالك أنني لا أستطيع تقبُّل استعطافها و طيبتها الزائدة لي كطفلٍ يتيم يحتاج الرعاية.
نطق بهذا متذكراً ما قاله هاجي عن كونه يتيماً رعته خالته, مما زادَ يقينه بعقيدته التي باتت تأخذ مأخذاً من تفكيره...
قطبت حاجبيها :إنَّ... إنَّ أمي حاولت أن تظهر محبَّتها و تبين أسفها ولم تقصد أن تجرح مشاعرك...استعطاف؟! أنتَ مضحك بالفعل .
أحسَّ ساي ببعضِ الاستفزاز من نائبته فقال لها مشيراً بالخروج: اذهبي لعملك و اتركيني وحدي.
بانَ غضبها أكثر بشدِّها لتلك اليدين فوق فخذيها: أنت تهوى المشاكل!..أليسَ كذلك؟!
حاول تجاهلها بتشغيل زر حاسوبه.....
لكنَّها نهضت لتقف أمامه بجرأة معاتبة: ألم ترَ حالتها الصحيَّة؟
اكتفى ساي بالصمت ليسمع تتمة حديثها..: هل تستطيع إقناع نفسك أنَّ هذه المرأة بالرغم من إنهاكها و تعبها الشديدين قد قامت بإجهادِ نفسها لصنع طعامٍ لتستعطف عليك؟!
" ليسَ لدي الوقت لسماع كلامك المنطقي ,دعيني أنهي عملي"
أرخت ميرنا أعصابها قائلةً بحزن لتجعلها كلماتها تستقر كالسهام الحادَّة في جنانه: أنتَ لا تفهم..كانت قلقةً عليكَ كثيراً و على مشاعركَ التي جرحتها دونَ قصد ...لقد أحبَّتك كثيراً و لم تتوقف عن التحدث عن حسن لباقتك و حديثك معها..حتى أنَّها استطاعت أن ترى الحزن الذي لا يعرف سببه سواي في عينيك....تجاهلت ابنيها لأجلك..
مدَّت يديها بوثوق لترفع صندوق الطعام قائلة: مادمتَ لا تريده فأنا هنا..لن أفوت هذا الطهي الرائع.
كانَ ساي ينظر لشاشةِ حاسوبه لكن ذهنه و جوارحه كانت تتبع ميرنا التي وصلت للباب فأوقفها : أظنُّ أنَّ ما تحملينه خاصٌّ بي و لم آذن لكِ بأخذه..ضعيه فوق الطاولة و اذهبي حيثُ ما تريدين.
كبرياء يرفض المحبة ...هذا ما يوهمه ساي لنفسه..لكنَّه قد أخفى فرح و ولعَ صغيرٍ تحت قناع الحدَّة و تقطيب الحاجبين هذا....
لكن في أفكار ميرنا تستطيع جرَّه إلى واقعه فلا بأس أن ينكسر هذا الكبرياء قليلاً...
أعادت ميرنا صندوقَ الطعام قائلةً بشقاوةٍ مرحة: لا تكن عنيداً في فهم الجانب الآخر للحياة..
أعاد ابتسامتها بمثلها: أنتِ خبيثة...
أتمَّ بأسلوبٍ آخر ممزوجٍ بالبرود و النضج: و هل تفهمينه أنتِ؟..أنتِ أجهلُ مني ميرنا.
وجهت حدقتها للأسفل: ربما..
....................
حبٌّ جم قد تركَّز في كرياتِ البطاطةِ تلك...غريبٌ حبُّ قد استقر في قلبيهما في ساعاتٍ قليلة...قليلة!!
لا ,بل أطول ساعاتِ الدنيا بالنسبة لساي ...تلك هيَ الساعاتِ التي تلاقت بها الأرواح قبل الأجساد....
انتهى ساي ليعيد صندوق الطعامِ لميرنا و حينَ أعاده....
كادت عيناها تخرج ذهولاً و تأسفاً على الصندوقِ الخاوي تماماً: آآآآه...التهمته التهاماً؟!...أعطيتكَ إيَّاه من عشر دقائق فقط!
أجابها ببراءة: آسف ,لقد كانَ لذيذاً.
تأوهت بتأسف: لقد كنتُ أؤمل نفسي بلقيماتٍ قليلة على الأقل, كنتُ أتضوَّر جوعاً.
قالَ لها: هل تودِّينَ أن أطلب لكِ غداءً من المطعمِ المجاور؟
بتذمر..: و هل تركتَ لي خياراً؟..ذنبكَ و يجب أن تدفع عليه حساباً.
" ذنب!"
استمرت بتذمر أكثر: و ما خلته؟
خرجَ قائلاً: لا يهمني الدفع على كلِّ حال.
......أجواء العمل.....
فترةٌ قد عمَّ الهدوء بها و ذلك لعدم مجيء فيونيكا في هذه الفترة و هذا ما ساعد ساي على التحسُّن و الاستقرارِ النفسي و معَ هذا فلم تترك ميرنا فكرة حل هذه المشكلة التي تزعج السيد شيوكي فلابد لها من إيجاد طريقة لتجعل فيونيكا تظهر مشاعرها المخبوءة خلف هذه التصرفاتِ الغريبة ....
مشكلة المركز التجاري الوحيدة كانت الملل و الروتين اليومي ..فلا دموعَ حزن أو ضحك فرح يظهر تحت أجواء هذا العمل المتثاقل لكن هذا الروتين لم يبقى كما هوَ فقد غيَّره ساي بدخوله صارخاً تعتليه ملامح الغضبِ الجامح...
..: ما هذا الخطأ الفادح ميرنا؟
نهضت من ذهولها بما سمعته لكنَّها لم تستطع أن تقول شيئاً و هي لا تفهم ما الذي جرى .....
كانَ ساي يحرِّك يده التي تحمل ملفاً بانفعال: لم أتصوَّر أبداً أنَّكِ ستقعين في خطأٍ كهذا.
توجهت نحوه بتردد واضح: لقد ركزتُ على كلَّ شيءٍ بدقة.
وجه نظرته المشتعلةِ غضباً نحوها: إذاً, من أين أتت هذه المصيبة أيتها الدقيقة؟
حاولت ميرنا تهدئته : هدئ من روعك و أخبرني ما الذي يجري هنا؟..ستؤذي نفسك بهذا الأسلوب.
حاولَ أن يسيطر على تحركاته الغير موزونة جالساً على أحدِ المقاعد: خيبتِ أملي و خنتِ ثقتي بك .
سكبت كأسَ ماءٍ لتقدمه له: خذ...حاول أن تهدأ..ألم يقل لك الطبيب أن تبتعد عن الانفعالات العصبية؟!..سيطر على غضبك الآن.
أخذَ كأس الماء ببطء إنهاك دونَ أن يتمتم بحرف لكنَّها جلست قربه محاولةً كسر صمته الذي كانَ يزيد قلقها و شحوب وجهها بكلِّ ثانية: ألا تخطط أن تخبرني بجريمتي المجهولة التي أغضبتك مني؟
انفجر ساي ضحكاً: غبية..غبية..بالفعل غبية..كادَ يُغمى عليكِ من الدهشة.
"أه!"
سكب كأس الماء على وجهها: ما هذه الأه ميرنا ؟..لقد خدعتكِ كالعادة.
نهضت ميرنا من فورها و هي تمسح الماء عن وجهها: ما أسخفك ,لقد خفتُ عليكَ كثيراً ..ظننتُ أنَّه سيغمى عليكَ أنت.
حاول الصمت بصعوبة: اتضح لي العكس؟
قالت و الاغتياظ بادٍ: إذاً ,ما مناسبة هذه المزحة السخيفة التي سقطت من السماء لذهنك؟
كانَ فرحاً لهذا الانتصارِ الجزئي و أجابها بمرحٍ صبياني: تغيير أجواءٍ و حسب.
سمحا لبعضِ الصمت أن يعتري المكان قبل أن يقول: كيفَ حالُ والدتك؟..هل هيَ بخير؟
ارتسمت ابتسامةً خفيفة لفكرةٍ داهمتها: أنت تفكِّر بها إذاً.
راوغ بعينيه: و ماذا بذلك؟.. طبيعي و أنا آكل طهيها يومياً.
أجابته: صحَّتها سيئة نوعاً ما و هاجي يحاول أن يجد عملاً ليساعدني بجمعِ المالِ لعلاجها..
ضيَّق عينيه بجدية: لو لم أكن أعرف رأيك لطرحت اقتراحَ المساعدة و لكن...
لم تترك رسمةَ تلك البسمة و هي تقول: شكراً لاهتمامك سيد شيوكي.
كانَ هناكَ شيءٌ آخر يضايقه أفصح عنه بأسلوبه: و عن هاجي...كيفَ هوَ حاله؟..ماذا يفعل الآن؟
نهضت و فتحت النافذة الكبيرة هناك لتتطاير خصلاتها الذهبية :أخي بخير أيضاً و كما قلت فهو يبحث عن عمل...لكني لا أتمنى أن تجتمعا مرَّةً أخرى.
" لمَ؟"
توجهت نحوه لتواجهه منحية وجهاً لوجه: لأنَّكما تسببان لي الصداع و تجراني للجنون.
ضحكَ ضحكةً خفيفة ليخفي وراءها ارتياحه النفسي: عفواً لكنَّكِ لستِ بعيدةً عن هذه الحالة النفسية.
صرخت ميرنا متصنعةً الغضب: سيد شيوكي.
" هل تحبينه؟!"
صُدِمت بحق حين سمعت هذه الجملة فأجابت: بالطبع ,فهو أخي الأكبر.
"أنا أعرف أنَّه ليسَ كذلك ميرنا.."
اقتربت منه ساخرة: إذاً من يكون..؟
أبدى انزعاجاً: كفي عن التغابي فقد أخبرني عن كلِّ شي.
" من أخبرك بهذا الشيء السخيف ؟!"
" هاجي بنفسه. "
" و هل صدَّقت؟!"
أغمض عينيه للحظة ليجيبها" لقد صرَّح لي بأمرٍ جعلني أصدِّق"
وجهت نظرةَ بلاهةٍ له : أتعلم ما هو تخصص أخي؟..
ضلَّ صامتاً ليصل لما تهدف إليه من سؤالها....
أتمت بنفسِ الأسلوب..: إنَّهُ في كليَّةِ الآداب و بالتخصيص قسم التمثيل و قد ذهب ببعثة أي أنَّه يجيده...لأقول الصدق لقد خدعك فلو أردت آتيك بجوازه لتتأكد...إنه أخي و خليصي و ليسَ لي خالة من الأساس...
أخذت نفسَ ضجر: لا فائدةَ منه..لقد كذب عليك كذبةً أخرى من كذبه ,هوَ يستخدم هذا الأسلوب ِ لاستدراج الآخرين لقول ما يريد سماعه...لا أعلم ما الذي أراد سماعه منك لكن أنت أبله لتصدِّقه.
أخذَ نفساً عميقاً بارتياح لسببٍ مجهول أو بالأصح ما يتجاهله قبل أن يطلق عنان صوته المرتاح: أظن أني أشعر بالغباء الآن أكثر من أيِّ وقتٍ مضى..
سألته بفضول: إذاً ما الذي قاله لك أيضاً؟
تغيرت ملامحه لبرودٍ و شرود: اسأليه بنفسك.
( استدراج!...ما الذي كان يطمح له ذلك الفتى المخادع؟...كنتُ غبياً يفكر بمساعدته تواً..هل يظنُّ أنَّه سيفلت مني؟)
ميرنا باحتجاج طفولي: قل لي..هيا..أنا أريد أن أعلم كيفَ خدع داهيةً مثلك.
أجابها: لا تحاولي استدراجي لقول ما أفصح به فمن المستحيل أن أفتح فمي بذلك الكلامِ الفارغ.
صرخت بطفوليةٍ عشوائية: لا أرضى بهذا..لقد كنتُ أساساً بخدعته التي انطلت عليك بغباء سيد شيوكي.
ضحكَ بخفة قائلاً بخبثٍ مبطن: ألا ترين أنَّ حديثَكِ غير متوازن ؟..تنعتينَ رئيسكِ بالأحمق و الغبي و الأبلهِ أيضاً ثم تضيفين عليها..سيد شيوكي...أنتِ غريبة حقاً ميرنا,إن كنتِ تتحدثين معي كرئيس هذا المركز التجاري فلابدَّ أن تعرفي نتيجة هذه الإهاناتِ الصريحة.
تلعثمت بتوترٍ واضح : أنا آسفةـ..لن أنعتك بهذا مرَّةً أخرى..سامحني على سوءِ أدبي.
استند بظهره مستقيماً على المقعد: لم أقصد هذا ,فأنتِ لا تتحدثين مع رئيسكِ الآن..هل تفعلين؟...أنتِ تتحدثين مع الفتى الذي يبادلك الحديث عن عائلتك و ظروفكِ الشخصية.
أعجبتها الفكرة دونَ وعي لأنَّ هذا سينقذها من الطردِ المباشرِ على الأقل فأجابت بتحريكِ رأسها بسرعة متفاعلة: أجل ..أجل..بالطبع أنا أتحدَّث معَ فتىً في التاسعةَ عشر من عمره فقط..و هو ليسَ الرئيس بل شخصٌ أتبادل معه حديثٌ عن عائلتي..بالتأكيد, هذا كلُّ شيء.
أمسكَ يدها و أجلسها: إذاً لا يجب عليكِ أن تنادي فتىً في التاسعةَ عشرةَ من عمره بالسيد..ألا تظنين أنَّ هذا ليسَ منطقياً؟
أجابته و هي تفكر :أمممم...أظنُّ أنَّك على حق لكن الأمر أنَّـ....
قاطعها: إذاً أنا مديرك.
أحست نفسها في زقاقٍ مسدود فلا خيارَ لها سوى تقول بنفيٍ شديد: لا...
"أنا اسمي ساي فقط فيجب على فتاةٍ تقاربني في العمر أن تناديني بساي..."
انفعلت قليلاً"ماذا؟!..مستحيل"
أشاحت بوجهها في الجهة المقابلة لكنه أعاده ببعضٍ من القوة.." ليسَ مستحيلاً..انطقي بكلمة واحدة...ساي"
احمرَّ وجهها كالجمرة الملتهبة لكنَّها حاولت تلبية طلبه...:سا..س...
انفعلت قائلة لتزيد من يأسه: لا أستطيع..
كانَ في قمَّةِ الأمل حين نطقت بالحرف الأول من اسمه لكنَّها قلبت هذا بانفعالها ذاك فهبَّت رأسه بنوعٍ من الإحباط : هاه...إنَّها ثلاثُ حروفٍ فقط.
أبعدت يديه عنها ببطء: لماذا أنتَ مصر؟..هل هذا الأمر مهم كثيراً؟..هل تودُّ إجباري؟
أجابها بسؤالٍ آخر أخرجها من نوعٍ من الغفلة: و أنتِ لماذا تعاندين؟..هل اسمي صعبٌ لهذه الدرجة؟!
(صعب..لا..ليس كذلك, إذاً لماذا؟حقاً لما لا أستطيع..)
لكنَّها قالت بنوعٍ من الجفاف: لم تجبني.
أجابها بلهجةٍ واثقة: ليسَ هناكَ شيءٌ أهم أفكِّر به في هذه اللحظة.
"لكن أنا حقاً.."
كانَ غاضباً نوعاً ما لتصرفها فهوَ بالنسبةِ له لم يطلب الكثير فهل هيَ مستعدَّة لمعارضته لكي لا تلفظ باسمه فقط...ما هذا, هل هوَ الأسوأ أم ماذا؟!!
كيفَ يستطيع كسرَ هذا الحاجز...وضعَ يده بينَ ثنايا خصلاتها ناضراً لبؤبؤتيها بحدَّة و صرامةٍ واضحة: أقول و تكررين.
نظرت له نظرةَ تساءل لكنَّه أفهما بإصراره أنَّه لن يترك قراره: قلت أقول و تكررين ما تسمعيه...سين...
تلفظت بتوتر و استغراب من أسلوبه: سين...
"...ألف.."
"..ألف.."
"..ياء.."
"..ياء.."
" اسمي متكون من هذه الحروف و يُنطق ..ساي"
احتفظت بالصمت حتى قال لها بصوتٍ مرتفع عن طبيعته: ماذا ينطق..؟؟؟
أجابته بصوتٍ منخفض لا يكاد يسمع يدل على شدَّة حياءها: سا..ي.
رفع صوته أكثر قائلاً: ماذا قلتِ؟..لم أسمعكِ جيِّداً.
قالت بتسلِّط أكبر و صوتٍ أعلى و جوهرٍ أوضح: ساي.
دقَّ قلبه دقةًّ جعلته يحدِّقُ بها بابتسامةٍ عريضة..
لكن ما أثارَ العجب دموعه التي كانت تهبط كالسيلِ بواديها الفسيح: تبكي!
بدأ يمسحها بكلتا يديه: إنَّهُ بكاءُ الفرح ...لم أتصوَّر أني سأشعر بهذا الشعور المبهج لنطقكِ باسمي.
كان لسانها مربوطٌ عن الكلماتِ المناسبة لكنَّ ساي كانَ يتصرَّفُ بغرابة بوضعه إصبعين من يمناهُ فوقَ شفتيها: قولي لي.. هل نطقَ هذا الفم باسمي أنا؟..هل ما سمعته أذني كان صحيحاً؟..أم كان وهماً فقط...ميرنا أسمعتني اسمي.
(لماذا هوَ فرحٌ لهذه الدرجة ؟...لقد كنتُ مجبرة على نطق اسمه !..)
لكنَّه أبعد يده عنها مسترخياً: أهديتني أجمل لحظة في حياتي..أنا ممتنٌ حقاً.
وقفت غاضبة: أهديتك!!..أنتَ من أجبرني على هذا سيد شيو...
تلعثمت و هي تحاول تدارُكَ الأمر: أق..صد سا..ي.
نطقت بها مرَّةً أخرى مما جعلَ ابتسامته أعرض قليلاً براحة و هو ينهض: آسف لإزعاجك.
أدارَ جسده للخارج: لكن لا أظن أنني من أجبرك على التلعثمِ مرَّةً أخرى لقولها...بل أنتِ من أجبر نفسك ...مشكلتكِ أنَّكِ تحبين إرضاءَ الجميع.
رجع برأسه لطرفه الأيمن ليسمح لبؤبؤته بالنظر لها و هيَ واقفة : مرَّةٌ واحدة كفيلةٌ بإسعادي..لا بأس الآن..أنا كنتُ أريد تجربة سماعه منكِ لا غير و كانت تجربةً مذهلة لكني لن أجبركِ على فعلها مرَّةً أخرى, اطمئني.
خرجَ لترمي نفسها على المقعدِ بإنهاك و كأنَّها عملت لشهرٍ متواصل فالضغطُ الذي أحسَّت به تواً لم يكن بسيطاً لكن معَ هذا أحست بأمانٍ في داخلها فكرَّرته بين سرائرها بخفوت: ساي..
لكنَّ الأيام التالية لم تكرِّر هذا الاسم على مسامعه و ميرنا كانت تنتظر ردَّةَ فعله لكنَّه أظهر عدم لا مبالاته التي كانت تزيدها تأنيباً للضمير فكلَّما نظر لها أو حدَّثها كان يبدوا عليه الشوق لذلكَ الوقت....


......بعد عدةِ أيام......
كانَ ذلكَ الشاب مضطجعاً على فراشه العريض واضعاً يده فوق عينيه التي غطتها بعضُ الخصلاتِ البنية المتناثرة و الذي كانَ مبعثراً بعدمِ ترتيبٍ على وسادته....
كانَ منشغلاً بالتفكيرِ بعمق.....
بالحوادث التي يحاول حلَّها....
بالفتاةِ التي بدأت تأخذ أفكاره جلَّها....
أجل..تلك الفتاة التي ما إن توجه نظرةً بسيطةً إليه و كأنَّها تعيده للحياة و تشرحُ صدره .....
الفتاة التي سرقت مشاعره الغريبة و المجهولة تجاهها...و سيطرت عليه بنطق تلك الحروف...
كانت هيَ السعادةِ التي ينشدها....لكن السعادة الواهمة لم يكن لها لتدوم...و الذي أعلن عن زيفِ هذا الوهم هوَ صوت الباب المطروق....
تقلَّب يمنةً و قال بصوتٍ مبحوح و انزعاج: ماذا؟ أليسَ اليوم عطلة؟
أجابه صوت فتاةٍ شابة خلف الباب بأسلوبِ احترام شديد: أجل سيدي..لكنَّ السيِّد شيوكي قد أتى للمنزلِ اليوم.
نهضَ ببرود و غوغاءٌ قد ظهرت في داخله فهوَ يعلم أنَّ سبب مجيء والده ليس سوى موضوعٍ عقيم... جهَّزَ نفسه ليمتثل أمام والده بكلِّ احترام: مرحباً أبي.
كانت ملامحُ والده الجميلةٌ مغطاةٌ بالحدة على غيرِ العادة و هذا ما جعله متيقناً أنَّ عليه الصبر و تهيئة نفسه ليجيب والده بعذرٍ موجه...
لم يجب السيد شيوكي التحية بل أشار لكرسيٍ يقابله: اجلس ساي.
احتسى شيئاً من قهوته بحركةٍ رزينة تظهر ثراءه و كبر
ازدادت حدَّةُ لكنته: أ لهذا اتصل بي والدها؟
حاول ساي التوضيح: كلُّ ما في الأمر أنَّها بدأت تغار من مساعدتي في المركز.
لم يكن والده سيئاً في التعامل لكن للأسف لم يكن يحاول تفهم ابنه بل كانَ يقنعه بأخطائه فقط ...
نهضَ السيد شيوكي من مكانه ليجلس بجانب ابنه: أخبرني ما الأمر.
قال الأساسيات بشفافية و وضوح و أتم بعدها:..أنتَ تعلم ما هو رأيي بها أبي ,لما يجب علَّي أن أتحملها طيلةَ حياتي؟!
وضعَ السيد شيوكي يده على كتف ساي برفق قائلاً: مازلتَ لا تعي حقيقةَ الأمورِ ساي, ما تتحدث عنه ليست سوى ذرائع طفولية تلقنها نفسك....فلا حبَّ حقيقي و لا حياةَ لعائلتنا دونَ الحفاظ على موقع العائلةِ الاجتماعي...أتفهم؟ إنَّ فيونيكا فرصةُ عمرٍ لا بديلَ لها و لو كنتُ مكانك لما سنحتُ لأفكارٍ كهذه أن تحول بيني و بين السعادةِ التي تنتظرني.

كما توقع, نقاشُ ينتهي بما بدأ أو بالأصح لا بداية له و لا نهاية........



[/align]
[/cell][/tabletext]
[aldl]http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146450861618974.png[/aldl]

[/COLOR]

yuky 05-29-2016 12:27 PM

شكرا لكي على البارت الرائع يا عزيزتي لقد اعجبني كثيرا و ميرنا رائعة فعلا ارجو الا تتأخري في انزال البارت القادم فأنا متحمسة لمعرفة ما سيحدث

اميره الدجي 05-29-2016 04:17 PM

حجز
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اولا لقد كان البارت في غايه الروعه
اتمني ان كنت في مثل مستواكي
روايتي لا تقارن شئ بك
ساي انا احبك
فيونكا انا تكرهك
النائبه اه لقد نسيت اسمها المهم انها رائعه
لا تعليق لي اكثر من ذلك فقد اسرتني كلماتك
وابدعتي في اسلوبك
في امان الله ولا تنسيني من رابط البارت القادم


الساعة الآن 08:47 AM.

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011